السبت، 24 ديسمبر 2011

دمعة تائهة

ما عاد يملك غير الصياح... ما عادت تدمع عيناه...ما عادت رياح الهوى تحتضن ريشه المبلول....
اتراه قادرا على التفكير؟؟؟
سمعته يجيب وشاهدت فى عينيه حنينا لما مضى من ذكريات
يا كروان الخير يا عصفور الجنة ارى قلبى متلهف لسماع ماضيك
اجابنى يا فتى..نسيم الروض اراه يعانق اغصان  الزيتون ,, وها هو والدى يقبل يقبل ترابها ااطاهر النقى - المتوشح بذلك الوشاح الاخضر- لتعطيه مع الحبة عبق التاريخ التليد ويعطيها هو رسالة الامان على ارض الامان
وها هى امى ارى فى حضن جناحيها دفاء الاحلام الوردية
انظر يا فتى الى اخوتى الصغار وقد ضربوا طائرين يبحثون لا عن قمح او شعير بل عن مزيد من اسرار الجمال فى لوحة الحب والجمال
فهممت مسرعا لاستفسر عن عبارته ومقصده فاسرع هو بالاجابة وكانه يقرا افكارى
لوحة الحب والجمال كانت موطنى..موطنى وذكرياتى عشقى واهاتى انها لوحة ما رسمها فنان بل ان عناصرها تكونت كما تشاء ..ااحدثك عن صفاء سمائها ؟ ام زرقة مائها ؟ ام تلالؤ شمسها ؟ ام حلاوة جوها ؟ ام تريدنى ان اصور لك مشهدا لعرض الازياء وكل عارضة قد اتت وتحسبها ملكة متوجة على عرش الجمال والاناقة والواحدة منهن لوحة فنية تتمايل وترقص كاروع ما يكون الرقص ؟ انهن الفراشات راقصات البساتين وقد تجمعن حول عطر الزهور يتعطرن ويتجملن استعدادا لبدا حفلة ما ينبغى لها ان تنتهى
يا صديقى العزيز هل تسمعنى ؟ هكذا اراد ان ينبهنى حتى لا تفوتنى كلمة فاجبته ملبيا نعم يا كروان الخير فكلى اذان صاغية ولوع بما تقول فكلمنى باستفاضة وحدثنى باسهاب عن اسرار هذه اللوحة
انظر الى صفرة البيداء وما فيها من اعلام وسفن كالاعلام ... بل انظر الى وهداتها ورباها
اترى تلك الانوار وقد نمت بين الرمال والواحدة منهن على ضعفها وصغر حجمها عليها من الانفة والكبرياء كانها عذراء المحراب فى محرابها ؟
ام ترى تلك الانوار وقد نمت بين بساتين الفردوس كانهن الحور العين على ارائك الفردوس ؟
وبين صفرة البيداء وخضرة الجنان لا سرادق تجد ولا ردم ترى حائر انت يا قطر السماء على ايهما تنزل والى ايهما تسير؟
اكمل يا كروان الخير ماذا ترى؟
انظر يا فتى
ها هو الليل اسدل خيوطه على احلامنا وخيم الصمت على المكان كما يخيم السكون على اجسادنا الا ان معارج السماء كاحلامنا ابت الا الافضاء عن مضمر دروبها وخفى اسرارها
انظر الى سماء ليلنا وكيف تبدو تزينت النجوم وعلى سناها وتراها سابحة فى صحون الفضاء كراقصات الباليه على ملعب من اليم
الا تراهن يرقصن ويغنين ويشاركهن بدر السماء
انه لمشهد عرس لا تستطيع ان تحدد من الداعى ومن المدعو ... ومع انحسار خيوط الليل ومع بزوغ شمس النهار يذهب العروسان الى عشيهما وهما ينتجيان دفاء الشمس وثارها لتزيد مشاعرهما دفئا وحبا وحنانا
نعم يا فتى اكان ذلك عرسا ام انه محراب المتبتلين ؟
الا ترى معى تلك القطرات الى نزلت على تلك الوريقات الخضراء وكانها تغسل عنها جهد السجود؟... اكانت تلك القطرات الا دموع المتبتلين فى محراب السماء
ربى سبحانك ماذا رايت ؟ .. اكان ذلك تفردك الاعجازى؟
ام انى فى عالم الغيب؟... اصور لى عقلى ما رايت ام ان ملحمة الابداع تشكلت على ارض الابداع؟؟؟؟؟....
انظر يا فتى .. فرح فى السماء وفرح فى الارض... تبتل فى السماء وتبتل فى الارض... وهو بينهما رافعا هامته ساجدا لربه..... انظر اليه يا فتى واقفا شامخا بين هذه وتلك يسترجع ذكريات الماضى ويستحث بيديه بصمة لا يمحوها مرور الزمن ولا تداول الايام
قاطعته اكان سعيدا؟
قاطعنى هو صه يا فتى اغيب عقلك ام انت من اللاعبين؟
سامحنى يا كروان الخير لم اقصد ذلك ولكنى اردتك ان تستزيد فى الوصف وتسترسل فى المعنى.. هكذا بررت موقفى حتى ازيل من عليه بعض اثار الضيق الذى سببته له
فاجاب بسماحته التى رايتها عليه من اول وهلة
اتعلم يا فتى لقد كان عريسا
مهيبا كملك على عرشه
جميلا كعروس ليلة زفافها
مضيئا كالشمس فى وضح النهار
منيرا كالبدر فى ليل العاشقين
وفوق ذلك كله كان لابسا ثوب الخشوع كانه نبى فى محرابه مرتديا زى الابا كمجاهد الشهادة مناه
اما عن المهنئين والمدعوين فحدث ولا حرج.... لقد جائو من كل حدب وصوب وكل لبس افض لثيابه وتزين بافضل زينة
هنا اجتمع المكان مع الزمان
هنا التقى الماضى السحيق مع الحاضر السعيد ليقدم الزمان تهانيه غير ابه بما يلى من ايام
هنا دنت الارض واتحدت بساتينها الخضراء بدوحها الزاهرة مع الصحراء الوعرة بجبالها القاحلة
هنا اكناف الارض قد قدت مسارعة فى تقديم جداها
هنا تسنى للبعيد المجيئ فما عاد للمكان ولا الزمان وجود
كانى بك قد انهيت القصة؟ هكذا سالته وقد احسست بالجواب فى عينيه
اه يا فتى وا حر قلباه على عريسنا لقد تخلى عنه الجميع تركوه وحيدا يواجه خفافيش الظلام واعوانهم لقد احاطوا به يسلخون جلده يمصون دمه يسحقون عظامه يريدون ان يمثلو به فهل ينجحون ام انه سيصمد؟.. اتراه يصمد يا فتى؟
ساعتها احسست وكان اعضائى قد تيبست واغلق الطريق امام دمعة تترد فى الخروج وانعقد لسانى عن البوح بما حواه صدرى من لهيب الاهات
عندئذ تركته عائدا ولسان حالى يقول اتراه يصمد يا كروان الخير؟ اتراه يصمد؟
الله اكبر.... الله اكبر
ماذا هل صمد وانتصر؟
نعم لقد انتصر فريقنا واحرز مهاجمنا هدفا جميلا ولولا تحايل الحكم وظلمه لكان هذا هو الهدف العاشر وليس الاول
وبعد ان نبهنى صاحبى الى اكمال المباراة بعد توقفها لعرض , اهم الانباء , وبعد ان رجع عقلى الى الواقع اخذت رشفة من فنجان القهوة التى بردت كبرودة دم صاحبى عندها تحركت اعضائى ونشطت وانطلق لسانى يصيح وسقطت دمعة من عينى فرحا بالهدف الجميل
بقلم
/ د احمد كلحى
نشر هذا المقال فى 15مايو 2009