كتبت مرارا وتكرارا حتى قبل الثورة المباركة بسنوات أن مصر باعتبارها قلب وعقل الامتين العربية الاسلامية انها تبحث عن هويتها التى لا تجعلها معزولة عن عالمها المعاصر
قلت قبل ذلك ان الامة لم تشارك فى صناعة العالم الحديث بآلياته السياسية والاقتصادية والعلمية الا من خلال موروثها الثقافى الذى فعّله غيرنا بسبب ضعف الأمة آنذاك المتعدد الأسباب ، لذا كان من الطبيعى وجود فجوة ما بين كثير من مصطلحات العالم الحديث وعقل الأمة
فمثلا نرى الان... مصطلحات المدنية والديموقراطية واليات السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها لم تحدد حتى الآن من مفكرى وعلماء الأمة
وكنت دوما اقول ان الاسلام والذى يعتبر اهم موروث ثقافى للامة هذا الدين وهذه الشريعة الغراء من عظمتها انها باستطاعتها احتواء جميع ثقافات المجتمعات الاخرى فى كل زمان ومكان لان هذه خاصية تفردت بها شريعة محمد صلى الله عليه وسلم
ومعنى الاحتواء اى عدم رفض اى فكر الا اذا تناقض مع اسس العقيدة والشريعة الغراء بل والعكس هى باستطاعتها ان تصبغ جميع الثقافات لتبدو وكانها اسلامية المنشأ لاننا وكما قلنا هى شريعة للعالم أجمع ولكل زمان وبالتالى فهذه الخاصية من عظمة تلك الشريعة
أما أن نختزل ثقافتنا الاسلامية فى بعض الأمور لتبدو وكأنها شريعة جامدة فهذا يسئ للاسلام أكثر مما ينفعه
وأنا ألاحظ أننا فى مصر نتفق على جميع أسس الإسلام ، ولكن اختلافنا ينصب فى الفرعيات فقط
السؤال الآن : لماذا نجعل اختلافنا فى الفرعيات والذى هو علامة صحية فى أى مجتمع ناجح لماذا نجعل اختلافنا هذا سببا فى اختلاف الأمة
بقليل من الفهم الصحيح للاسلام والشريعة وبقليل من التفانى وتغليب مصلحة مصر على مصالحنا الشخصية سنستطيع أن نتحد ونصبح يدا واحدة حتى نعبر هذه المرحلة الحرجة وننشأ دستورا يليق بمصر ويحافظ على هويتها المستقلة ذات الموروث الحضارى الرائع وفى ذات الوقت يواكب العصر الحديث بآلياته المختلفة
لنتذكر جميا أنها أمانة سيحاسبنا عليها التاريخ وقبل ذلك سيحاسبنا الله عليها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم
أخوكم : دكتور أحمد كلحى
نشر هذا المقال يوم 14 ديسمبر 2011