الاثنين، 3 مارس 2014

قسم المقالات : حقوق المرأة وما يخفى وراءها بقلم دكتور مصطفى محمود


حقوق المرأة وما يخفى وراءها
   
بقلم د مصطفى محمود




مازال الضغط العالمي من خلال مؤتمر المرأة يعاود الإلحاح علي شرعية الحقوق الجنسية للمرأة وعلي حرية المرأة التامة في إشباع رغباتها الجنسية بالكيفية التي تختارها‏..‏ من خلال الزواج‏..‏ أو خارج مؤسسة الزواج يالعلاقات الحرة أو ياختيار الشذوذ أو البغاء أو الاحتراف أو التكسب‏..‏
 باعتبار أن ما تفعله المرأة بجسمها هو من خصوصياتها‏..‏ وحقها في الحمل أو الإجهاض هو من حرياتها‏..‏
ولا يجوز لأحد أن يحجر علي هذه الحرية‏..‏ وحق المرأة في الميراث لا يكون نصف الرجل كما في القرآن‏..‏ بل هي ترث بالسوية مع الرجل‏..‏ وعلي الحكومات أن تقوم بتعديل قوانين المواريث بما يتفق مع هذ المساواة‏..‏ فهذا هو النظام العالمي الجديد‏..‏ وهذا هو التمدن والتطور والعدالة المثلي‏.‏
وفضائيات أوروبا وأمريكا وقنوات الإنترنت وأفلام العري تدخل البيوت وتقتحم غرف النوم لتجعل من هذا العهر والفحش عادة معتادة وسلوكا مستحبا تنشأ عليه الأجيال الجديدة ويتربي عليه الأطفال والأولاد والآباء والأمهات ويشاهدون زواج الرجال بالرجال وزواج النساء بالنساء وحفلات الشواذ تقوم بها كنائس متحررة عصرية ورجال دين جدد ملتحين يمارسون هذه الطقوس بوقار وشرعية
وما كانت تروجه الماسونية في الماضي في الخفاء وما كانت تدعو ليه بروتوكولات آل صهيون همسا في كتبها وتعاليمها‏..‏ نراه يتحقق جهارا نهارا في هذا النظام العالمي الجديد‏..‏ وكأنما هذا النظام نظامها وكأنما هؤلاء الرجال رجالها‏..‏ لا يبقي إلا أن يضعوا الطاقية علي رؤوسهم‏..‏ لنعرفهم بسيماهم‏..‏
ولاشك أن الفساد قديم في العالم من أيام لوط وما قبل لوط
ولكن الجديد في فساد هذا الزمان أنه يجري الترويج له بوقار شديد وتحت مسميات علمية رفيعة تقدمية وتنويرية باعتباره إنقاذا للمرأة المستعبدة واستعادة لحقوقها المهضومة وتأكيدا لحرياتها الضائعة وبشيرا بانزالها المنزلة الكريمة التي هي جديرة بها والإسم الجديد لهذا الانحلال هو التحضر‏..‏ والتمدن‏..‏ التحرر‏..‏ والتنوير وهذه التوصيات المخجلة يتقدم بها رؤساء حكومات وسفراء ودبلوماسيون كبار وتقدم في صياغات فلسفية باعتبارها تنويرا وتمدينا للمتخلفين أمثالنا‏..‏ تماما كما قدم لنا الشيوعيون الزبالة الأدبية لصاحبهم في روايته أعشاب البحر علي أنها إبداع ووصفوا سبه للدين علي أنه تنوير وتقدمية‏..‏
إنها جماعة واحدة تتحدث بلغة واحدة وأن اختلفت الألسن وتعددت الوجوه‏..‏ تعددت الجنسيات‏..‏ فهم أبالسة هذا الزمن الرديء وشياطينه‏..‏ وهم جيوش العملاء الذين يعملون في خدمة الاستعمار الجديد مثل أنطوان لحد وعصابته‏..‏ ومصيرهم مثل صيره‏..‏ ونهايتهم كنهايته‏.‏
ولكني الظاهرة هذه المرة عالمية والكارثة شاملة‏..‏ إنها حمي تنشر عدواها في العالم كله عن طريق إعلام مفترس وصحافة مضلة‏..‏ وإسرائيل تنسحب من لبنان‏..‏ ولكنها تغزو أراضي جديدة في الصين وآسيا وأوروبا‏..‏ وتزرع أعشابها البحرية في شواطئنا‏..‏ وتزرع أفكارها الهدامة في حديقتنا الخلفية‏.‏
والفساد يطل من كل نوافذ الإعلام‏..‏ ومن الكتاب‏..‏ ومن الصحيفة‏..‏ ومن الفيلم العاري‏..‏ تحت مسميات الثقافة والتنوير والتحرير‏..‏ والكل في حرب‏..‏ وفي التحام مستمر‏..‏ مع مؤثرات بلا عدد‏.‏
والعقل العربي في صراع يومي مع القضايا التي تطرح عليه كل يوم
وهو في صراع يومي مع عملاء الغيبوبة ومع سماسرة الفساد ودعاة المجد الزائف والكسب السريع ومع سلطان اللحظة وحجاب الحاضر الكثيف الذي ينسدل علي العيون فلا تري إلا الشبر الذي أمامها‏..‏ والجماهير منساقة في قطعان شبه مخدرة وراء إعلام كاذب مضلل‏.‏
إنه شيء أشبه بالعمي الليلي والضبابية التي يقاد إليها الكل شعوبا وحكومات تحت شعارات كاذبة وعبارات مزوقة‏.‏
وما يقال أنه حقرق للمرأة هو في الحقيقة سلب لحقوقها وامتهان لقيمتها وتضييع لأمومتها‏..‏ وما يقال أنه ارتقاء بالأسرة هو في الحقيقة تدمير للأسرة وهدم لها من أساسها‏.‏
إنهم في أوروبا يعلمون أنهم سائرون إلي العقم والفناء بسبب قلة النسل‏..‏
وتعداد الأجناس البيضاء في هبوط سنة بعد سنة‏.‏
وهذا هو الحال في ألمانيا وفي فرنسا وفي دول الشمال‏..‏ الدنمارك وهولندا والسويد والنرويج وفنلندا‏..‏ وفي شعوب الشمال الأمريكي وكندا‏..‏ والقوي العاملة في هذه البلاد أكثرها من دول الجنوب‏.‏
وهم يعلمون أنهم صائرون إلي فناء‏..‏ وأننا الوارثون‏..‏ فقراء‏..‏ فقراء العالم هم الوارثون في النهاية‏..‏
واليهود أكثر الجميع إدراكا لهذه النهاية فهم يعلمون أنهم قلة‏..‏ وأنهم ينقرضون‏.‏
والموجة الإنحلالية التي ينشرونها في العالم هي رد الفعل الكيدي بسحب البساط من تحت أقدام الشعوب كثيرة النسل‏.‏
وحكاية حقوق المرأة هي الفبركة الفلسفية لتدمير الأسرة وحصار الإنجاب الكثير والمواليد بلا عود في الشعوب الفقيرة‏..‏ لتسلم لهم السيادة والقيادة والريادة وهم يتعلقون بالمركب الصيني قبل أن يغرقوا‏....‏ لأنهم يعلمون أن الصين هي المرشحة لقيادة العالم في السنوات المقبلة فهي الأكثر نسلا‏.‏
والقوي العاملة في الصين هي الأكبر في العالم كله‏..‏
إنها السفينة الامنة حينما يطم الطوفان
وما قيل في مؤتمر السكان السابق في بكين‏..‏ وما يروج له في موضوع حقوق المرأة الآن‏..‏ هو دخان التعمية والتضليل لحجب هذه الحقائق وستر هذه الأسباب‏.‏
والعولمة هي المنشور الدعائي اليومي لتظل عصا القيادة أطول وقت ممكن في يد المايسترو الأمريكي‏..‏ الراعي الأكبر للمصالح اليهودية‏.‏
إنها في النهاية مصالح ومكائد وليست فلسفات‏..‏ وهي تضليل للشعوب الفقيرة وليست تنويرا لها‏..‏
إن البضاعة الفكرية فاسدة والأطعمة مسمومة والذين يقومون بتسويقها علينا هم أعداؤنا لا أصدقاءنا‏.‏
إنها مثل الهامبرجر المليء بالدهون السامة والبكتريا القاتلة الذي تروج له الاعلانات وهو يحمل المرض لأولادنا لا الصحة‏.‏
وسموم الفكر أخطر فهي تسمم العقول وتعمي الأبصار‏.‏
والتضليل الإعلامي أفدح في آثاره فهو يحول الأرض الآمنة إلي حقول ألغام وعلينا أن نضع مرشحات علي عقولنا وفلاتر علي آذاننا وفلاتر علي عيوننا‏.‏
علينا أن نقرأ ما ينشر علينا بعقل ناقد ونبصر ما يعرض علينا بعيون ناقدة ونتفهم ما يقال لنا برؤية ناقدة‏..‏ فلا شيء بريء في هذا الزمان‏..‏ وإنما هي فخاخ ومصائد وفرق مقاتلة‏..‏ كل فرقة تروج لمصلحتها وتدعو لمذهبها‏.‏
وعلي الماشي أن يفكر مرتين‏..‏ أين يضع قدمه‏..‏ فالمطبات كثيرة‏..‏ وما أسهل أن تزل القدم‏.‏
وأقرأوا المقال في هدوء‏..‏ ولا تأخذوا الأمور بظاهرة فالفساد يدق بأنامل ناعمة علي أبوابنا‏..‏ ويدعي أنه الإصلاح‏..‏ وأنه رسول التنوير وأنه الهدي إلي صراط الله المستقيم‏..‏ وأنه الدليل الوحيد إلي الحياة السعيدة‏..‏ والأوصياء الكبار علي العالم لهم مصالح ولهم أهدف ولهم أغراض ولا أحد يفكر في مصالحنا كأمم نامية‏..‏ وإنما جميعهم يرون أننا ما خلقنا إلا لخدمتهم وأن علينا أن نظل دائما القوي العاملة الرخيصة التي تخدمهم‏..‏ وأن تظل أرضنا مصدرا للطاقة وللمواد الخام لصناعاتهم الفائقة التطور‏..‏ لتصدر إلينا بعد ذلك بمائة ضعف ثمنها وأحيانا بألف ضعف‏.‏
نحن الآن البروليتاريا الجديدة
وفائض القيمة الذي كان يقول كارل ماركس أنه يذهب إلي جيوب أصحاب رأس المال‏..‏ هو الآن ألف ضعف أيام زمان‏..‏ وما خفي كان أعظم‏..‏ وهو يذهب كله إلي أوروبا وأمريكا وإلي الدول الكبري وارثه الاستعمار‏.‏
وثورة البروليتاريا لإصلاح الأوضاع كما حدثت في زمانها لم تعد ممكنة الآن فالأوصياء الكبار هم الآن أصحاب مخالب ذرية وقبضات نووية‏..‏ وهم الآن أصحاب المنتدي النووي وملاكه الوحيدون‏..‏ وهم يجلسون علي قواعد صاروخية تكفي لنسف العالم‏.‏
والحروب سوف تفجر الكوكب الأرضي كله إذا قامت
والحل الوحيد الباقي والممكن
هو أن نفتح عيوننا ونعي وندرك ونتعلم
العلم هو سلم الحبال الوحيد الآمن لنخرج به من قعر جهنم إلي سطح الحياة ونصبح مثلهم مالكين لمصائرنا‏.‏
الوعي بحقيقة أوضاعنا‏..‏ وما يحاك لنا‏..‏ وما يراد بنا‏..‏
تعرية الأمور علي حقيقتها‏..‏
وفهم حقيقة المؤتمرات وخلفياتها وأهدافها ومراميها
لاتصدقوهم‏..‏ فانهم يلبسون كل شيء لباس المصلحة العامة‏..‏ وهي دائما مصلحة خاصة لحسابهم‏..‏ وخسارة علينا
ولا نمانع أن ينتفعوا‏..‏ علي أن ينتفع الكل
ولو صدقوا وتكاتفوا وتعاونت كل الأيدي بالسوية لجعلنا من دنيانا جنة
ولكن هيهات
فما أرادها خالقها إلا امتحانا
والجنة بعد ذلك لن تكون إلا عنده للفائزين في امتحانه‏..‏
وأسعد السعداء في هذه الدنيا هو من يفهم
وحسبنا أن نفهم ونعقل ونبصر الحفرة التي تحفر لنا فلا نقع فيها
وهو أقصي ما أتمناه لي ولكم فنحن الأفارقة لم نعد القوي التي تسير العالم‏..‏
وإنما العالم يسيره الشياطين الكبار‏..‏ هذا ما يبدو في الظاهر‏..‏ أما في الحقيقة فإن الله هو الذي يقودهم إلي حتوفهم دون أن يشعروا‏.‏
وهم في دوار المجد والرياسة يرون الدنيا تستجيب لإشارة من أيديهم فيظنون أنهم ممسكون بأعنتها فتأخذهم سكرة النصر أكثر فأكثر فيزدادون غرورا ويزدادون تجبرا ويزدادون تألها واختيالا‏.‏
لقد امتلكوا العلم وزرعوا قلوب الموتي في صدور الأحياء واكتشفوا الجينات وهندسوا الوراثة وجابوا الفضاء وأسقطوا مركباتهم علي المريخ وخرقوا قوانين الفطرة فتزوج الرجال بالرجال وتزوج النساء بالنساء وجهروا بالفحش في نواديهم وأعلنوا الكفر وباشروا العهر‏..‏ ولم يبق إلا أن يأتيهم أمر الله بغتة فيفاجئهم‏..‏ ذلك الأمر القديم قدم الزمان من أيام عاد وثمود ونوح وصالح‏.‏
أو تأتي النهاية فيطوي الله السماء كطي السجل للكتب‏.‏
أو يأتي الموت فتقف الكلمة في حلوقهم وتجحظ عيونهم وتتقطع أنفاسهم
هكذا‏..‏ كما تجري سنن الحياة في الأرض
وهو أمر‏..‏ ما أكثر ما شاهدوه‏..‏ ونسوه
وهو أمر‏..‏ من كثرة تكراره‏..‏ أصبح أمرا عاديا
ولكن ساعتها لن يكون عاديا وإنما سينزل عليهم نزول الصاعقة
وسعداء هم الذين حسبوا حساب هذا اليوم
وأرجو أن نكون منهم
وأرجو أن تكونوا منهم
فسوف يختلف المصير بعد ذلك بما لا يقاس‏..‏ فما أكثر ما نعلم عن حياتناوما أكثر ما نجهل ما بعدها‏..‏ فبعد أن ينطوي الزمن‏..‏ يبقي الأبد‏..‏ وهو كل شيء‏..‏ ذلك الظلام الدامس الذي يكتنف ما بعد الموت‏..‏ ماذا هناك وراء الغيب المطلسم
أهو نعيم ممدود‏..‏ ولاموت‏..‏؟‏!!‏
أم هو عذاب ممدود‏..‏ ولاموت‏..‏؟‏!!‏
وما أبعد الفارق
وليس صحيحا ما يظن المجرمون بأن رقدة القبر هي النهاية وأن الموت هو الختام الذي ليس بعده قيام وأنه لا حساب هناك ولا دينونة ولا مساءلة وأنه بعد أن هال التراب علي الجثة سوف يهال التراب علي أعمال صاحبها ولا يبقي من تاريخه شيء‏..‏ فهو من العدم جاء والي العدم يعود‏..‏ وهو كلام العدميين العلمانيين أهل هذا الزمان‏.‏
وكلام أصحاب الأماني من كل ملة بأن أنبياءها سوف يقومون لله شفعاء ووسطاء لأقوامهم وأن ما نراه في الدنيا من وساطات ومحسوبيات وشفاعات والتماسات سوف يتكرر في الآخرة علي نطاق أوسع وأشمل‏..‏ وهي أماني لا يقوم عليها دليل‏..‏ والقرآن ينفي هذه الأماني نفيا قاطعا‏..‏ ويصف هذا اليوم بصفات قطعية نافية لأي شك‏.‏
يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله‏(‏ الانفطار‏19)‏ والآية تنفي أي احتمال للتدخل‏.‏
قل لله الشفاعة جميعا‏(‏ الزمر‏44)‏
وهذا يعني أن الشفاعة مملوكة لله وحده
ما من شفيع إلا من بعد إذنه‏(‏ والمعني أن المرجع هو الله وحده فهو صاحب الإذن‏)(‏ يونس‏3)‏
ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا‏(‏ الكهف‏26)‏ أي أنه لا يوجد دفاع ولا غرفة مداولة في محكمة الآخرة وإنما الله وحده هو صاحب الأمر والحكم‏..‏ هو وحده‏..‏
واليه يرجع الأمر كله‏(‏ هود‏123)‏
وإلي الله ترجع الأمور‏(‏ آل عمران‏109)‏
بل لله الأمر جميعا‏(‏ والمعني أن جمعية الأمر كلها في يده‏)(‏ الرعد‏31)‏
لله الأمر من قبل ومن بعد‏(‏ الروم‏4)‏
ولا أري بعد كل هذا مدخلا لأي سلطة غير الله في هذا اليوم
وفي سورة الأنبياء الآية‏27..‏ يقول ربنا عن الأنبياء والملائكة الكبار‏..‏ أنهم
لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون‏..(‏ لا أحد يجرؤ أن يسبق الله بكلمة‏)‏ وبأي صفة إذن سوف يتدخل الأنبياء أو الملائكة؟ بصفة أنهم أرحم من الله؟‏!!‏ كيف‏!‏
وهو الذي وصف نفسه بأنه سبحانه‏..‏ أرحم الراحمين‏..‏ إستحالة
أم بصفة أنهم أعلم من الله‏..‏ وهو الذي يعلم السر وأخفي‏..‏ ولم يبق لم سبب يتعللون به
ونترك أصحاب الأماني لأمانيهم‏..‏ ونعلم أن أصوات احتجاجاتهم سوف تتعالي وأن صخبهم يزداد‏..‏ وأن جدالهم لن ينتهي‏..‏ ولكن القرآن هو الذي يقول هذا الكلام ونفوض الأمر لصاحب الأمر ونفوض الغيب لمالك الغيب‏..‏ ونقول‏..‏ هو إجتهادنا ولا نزيد‏..‏ ونؤكد للجميع بأننا ما استهدينا أوهامنا بل استهدينا القرآن وكلماته التي لا يأتيها الباطل من أي طريق‏..‏ لأنها محفوظة بجمعية الأسماء الالهية كلها‏.‏
إنا نحن نزلنا الذكز وإنا له لحافظون
والمتكلم في إنا نحن هي الذات الإلهية في جمعية أسمائها الإلهية كلها وجبريل كبير الملائكة يصفه الله بأنه شديد القوي
فما بال الله نفسه سبحانه
وما بال الذات الإلهية في جمعيتها الأسمائية‏..‏ وذلك هو الركن الشديد الذي لا يقدر عليه أحد
وكيف يتأتي لقوة في الأرض أن تغير حرفا في كلام الله
إن المسيح عليه السلام يخاطب رب العالمين في سورة المائدة الآية‏118‏ مستشفعا لقومه في اسلوب غاية في الأدب والتهذيب فيقول‏..‏ إن تعذبيهم فانهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم‏(‏ لا يقول الغفور الرحيم فيكون في كلامه شبهة وساطة بل يقول فإنك أنت العزيز الحكيم‏..‏ أي العزيز المستغني عن عبادتهم وطاعتهم‏..‏ فماذا كان جواب رب العالمين‏..‏ قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم
أي هذا يوم الفصل ويوم الحق الذي لا يستوي فيه صادق وكاذب‏..‏ فكيف يستوون فالقضية ليست قضية أني محتاج إلي عبادتهم أو مستغن عنها‏..‏ القضية قضية‏..‏ أن هذا هو يوم الحق الذي لا يقضي فيه إلا للحق وبالحق‏.‏
ويتكرر هذا المعني في آية مشابهة وفي موقف مشابه وذلك في سورة سبأ الآية‏23‏ يقول ربنا ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتي إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير إذ يسأل الملائكة حينما يفتر عنهم ما هم فيه من فزع‏..‏ ماذا قال ربكم في أمر المشفوع فيه‏..‏
قالوا الحق وهو العلي الكبير‏..‏ أي أن الحكم الإلهي لا يكون إلا للحق‏..‏ لا تضيف الشفاعة ولا تغير من حكم الله شيئا وحده الفيصل‏..‏ وهذا يوم الحق‏..‏ وقد حكم الله بالحق‏..‏ وانتهي الأمر
إنه الموت إذن‏..‏ وصاحب الجلالة الموت له ملكه ودولته وقانونه
وما وراء الموت لا يعلمه إلا الله وهذا كلامه
وبعد الموت‏..‏ ليس للإنسان إلا ما سعي
هذا ما سوف يبقي لكل منا‏..‏ عمله وسعيه‏..‏ وعلي هذا سوف يجزي وان ليس للإنسان إلا ما سعي
أيحسب الإنسان أن يترك سدي‏..‏؟‏(36‏ القيامة‏)‏
أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه‏(3‏ القيامة‏)‏
بلي قادرين علي أن نسوي بنانه‏(‏ القيامة‏)‏
إنه البعث إذن‏..‏ وسيعود البنان بنفس البصمة التي كانت له في الدنيا وسيعود الإنسان إلي نفس صورته
ما خلق الله السموات والأرض إلا بالحق
وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين‏(38‏ الدخان‏)‏
ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمي‏(3‏ الأحقاف‏)‏
فالحياة مخلوقة لأجل ثم يأتي الموت والبعث والحساب لإحقاق الحق‏..‏ لأن كل شيء مخلوق بالحق‏.‏
وما كان ربنا يلعب حينما خلق الدنيا وما عليها‏..‏ تعالي ربنا عن ذلك علو كبيرا
الحساب إذن حقيقة لا شك فيها‏..‏ وهو الجزء المكمل للصورة‏..‏ وهو الحق المكمل لحقوقية الخلق كله‏..‏ وذلك هو المغزي والمعني الباطن في رواية الخلق كلها‏..‏ فما كان الخلق عبثا وما كان مصادفة‏..‏ وإنما كان ابتلاء وامتحانا وانتقاء لحكمة يعلمها الله‏..‏ وسوف نعلمها نحن في أوانها
وهذا كلام القرآن عن الموت وما بعده‏..‏
ولا نملك أن نضيف حرفا فالأمر غيب‏..‏ ولا يعلم الغيب إلا صاحب الغيب ويبقي أن نؤمن أو لا نؤمن
وإني أصدق كل حرف جاء به القرآن
وأرجو أن أكون من الناجين
وأدعو للكل بالهداية
ولمدمني العولمة أقول
لم تظهر بعد لقاحات لعلاج هذا الإدمان الخبيث
ومازال الإيمان بالله هو العاصم الوحيد
ولن تجدوا هذا العلاج علي الإنترنت
فهو روشتة قديمة من أيام نوح‏.‏