الاثنين، 3 مارس 2014

قسم المقالات : وما هم بخارجين من النار بقلم دكتور مصطفى محمود


وما هم بخارجين من النار
   
بقلم د مصطفى محمود

القرآن ينفي إمكانية خروج من يدخل النار في الكثير والعديد من آياته يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها ولهم عذاب مقيم‏(‏ المائده ــ‏37)‏ ويقول أهل النار في سورة المؤمنون ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال اخسئوا فيها ولا تكلمون المؤمنون‏107‏ ــ‏108)‏ ويقول في سورة البقرة كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار‏(‏ البقرة ــ‏167)‏
ويقول الله لمحمد عليه الصلاة والسلام في سورة الزمر
أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار‏(‏ والكلام لرسول الله مباشرة في استفهام استنكاري‏)(‏ الزمر ــ‏19)‏ والله ينكر علي رسوله أن يقول مثل هذا الكلام
وهذه الثوابت القرآنية تتناقض تماما مع مرويات الأحاديث النبوية في كتب السيرة عن إخراجه لمن يشاء من أمته من النار مما يؤكد أن هذه الأحاديث موضوعه ولا أساس لها من الصحة‏,‏ ولا يمكن أن تكون قد صدرت عن النبي
بل إن درجات النار وأقسامها قد تحددت سلفا في القرآن ومواقع المجرمين قد علمت مسبقا
وإن جهنم لموعدهم أجمعين‏.‏ لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم‏(‏ الحجرــ‏43‏ ـــ‏44)‏
فكل مجرم قد تحددت مكانته من قبل في النار
واختصت به واختص بها‏..‏ وهذا يؤكد أن كل ماذكر عن إخراج الرسول عليه الصلاة والسلام
بشفاعته للبعض من النار وإدخالهم الجنة يناقض صريح القرآن ولا يمكن أن يكون له أساس من الصحة‏.‏
وشفاعة الملائكة للبعض في القرآن لا تأتي أبدا سابقة للحكم الألهي بالعفو بل تأتي بعده‏(‏لا يشفعون الا لمن ارتضي‏)‏ فالحكم الإلهي بالعفو يأتي أولا‏,‏ وتكون شفاعة الملائكة أشبه بالبشارة‏..‏ حينما تعلم الملائكة أن الله قد ارتضي تبرئة فلان فإنها تبشره‏,‏ فالمقام الإلهي مقام جليل مرهوب‏..‏ وفي الحضرة الالهية لا يملك أحد أن يسبق الله بكلمة أو رأي لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون‏(27‏ ــ الانبياء‏)‏
وفي سورة النبأ الآية‏38‏ يقول القرآن عن الملائكة
لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا
وكم من ملك في السموات والأرض لا تغني شفاعتهم شيئا الا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضي
ومعني ذلك أن شفاعة الملائكة لا تأتي إلا بعد الإذن وبعد العلم بأن الله قد عفا عن فلان‏..‏ فهي بشارة وليست شفاعة وهي أقرب الي التهنئة بالنجاة
والقانون العام في ذلك اليوم‏..‏ يوم الدين‏..‏ يوم تدان الأنفس بما عملت‏..‏ أنه لا شفاعة تجدي ولا شفاعة تقبل‏..‏ لأنه لا أحد يملك هذه الشفاعه‏..‏فلله الشفاعة جميعا‏..‏ لمن الملك اليوم لله الواحد القهار‏..‏ لا أحد غيره‏..‏ ولا كلمة الي جوار كلمته
يوم لاتملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله
لا تملك أي نفس لأي نفس‏..‏ مهما علا مقام هذه النفس التي تشفع ومهما بلغت درجتها‏..‏ لا تملك من أمر الله شيئا
ويلخص القرآن قانون هذا اليوم الرهيب في كلمات قليلة
قل لله الشفاعة جميعا
فجمعية الأمر والنهي في يده وحده‏..‏ هو وحده الملجأ والملاذ وجمعية الشفاعة بأسرها في يده فهو وحده صاحب العلم المحيط وهو وحده أرحم الراحمين ولا يستطيع مخلوق أن يدعي أنه أكثر رحمة بعباد الله من الله أو أعلم بهم منه‏..‏

بريشة : سهير الكيلانى
فهو وحده عالم الغيب والشهادة‏..‏ وهو وحده الذي يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيط أي منهم بعلمه إلا بما يشاء‏..‏ وهو وحده الولي وهو يحيي الموتي وهو علي كل شئ قدير
ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا
والجزاء في هذا اليوم علي قدر العمل والعفو والصفح حق لله تعالي وحده فلله الشفاعة جميعا لا يشاركه في هذا الحق مخلوق
واذا كان الهدف من شفاعة الشفعاء هو إضافة معلومة عن عذر المذنب وظروفه فالله تعالي أعلم من أي مخلوق‏..‏ يقول القرآن
إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ انشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم‏..‏
‏(‏فمن منكم عنده مثل هذا العلم الإحاطي‏)‏ لينافس رب العالمين في هذا المقام‏..‏ لا أحد قطعا‏..‏ والله وحده هو الجديربه‏..‏ ولهذا تخلص الشفاعة له وحده في جمعية تنفي تدخل أحد‏..‏ ولا يملك الكل الا أن ينتظر ما تنطق به المشيئة وتبقي بعض حالات مفوض أمر أصحابها في الآخرة الي الله عز وجل وحده مثل ما جاء في هذه الايات
واخرون إعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسي الله أن يتوب عليهم ان الله غفور رحيم
وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم
ومنهم المستضعفون في الأرض يقال لهم ألم تكن أرض الله واسعه فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم
الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا
فأولئك عسي الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا
فهو وحده الذي يتكرم بهذا العفو‏..‏ وهذا معني الأيةفلله الشفاعة جمعيا
ويبقي السؤال عن المقام المحمود ما هو؟ ومن يكون الموعود به في القرآن‏..‏ ومن كان المخاطب بهذه الايات من سورة الإسراء
وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك الا قليلا سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا‏..‏ أقم الصلاه لدلوك الشمس الي غسق الليل وقرآن الفجرإن قرآن الفجر كان مشهودا‏..‏ ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسي أن يبعثك ربك
مقاما محمودا
والمخاطب هو محمد عليه الصلاة والسلام وحده لا سواه بلا شك
والمقام هو مقام البشاره العظمي والله أعلم وليس مقام الشفاعة العظمي كما يذكر المفسرون وذلك لأن جمعية الشفاعة كلها لله وحده كما ذكر القرآن وكرر في محكم آياته وأنه لا أحد أعلم بخلقه منه ولا أرحم منه‏..‏ فهو أرحم الراحمين وليس لله منافس في هذاولا يجوز أن يكون له منافس في هذا المقام‏..‏ والأقرب أن يكون هذا المقام المحمدي هو مقام
البشير الأعظم‏..‏ ويؤكد ذلك القرآن مكررا في آياته أنه هو الذي أرسل رسوله للعالمين نذيرا وبشيرا‏..‏ وبحكم القرب من الله سيكون أول من يعلم بالعفو عن السعداء من أمته وسيكون أول من يبشرهم بالجنه والرضوان‏..‏ أقول ذلك اجتهادا والله أعلم فالموضوع غيب‏..‏ ويوم الدين بأهواله‏..‏ وبما سيجري فيه هو غيب الغيب ولا يملك قارئ القرآن الا أن يحاول الفهم دون المساس بالثوابت القرآنية‏..‏ وخصوصية المقام المحمدي من الثوابت التي لا شك فيها‏..‏ كما أنخصوصية الشفاعة لله وحده وأن جمعية
الشفاعه ينفرد بها الله وحده هي ثابت مطلق آخر من ثوابت القرآن لا مرية فيه
وعلينا أن نفهم الشفاعة في هذه الحدود
والقرآن هو الكتاب الوحيد الذي تولي رب العالمين حفظه بنفسه من أي تحريف وقال في كتابه المحكم‏..‏ إنا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون‏..‏ ولم يقل لنا رب العالمين أنه حفظ كتاب البخاري أوغيره من كتب السيره‏..‏ وما يقوله البخاري مناقض للقرآن لا يلزمنا في شئ‏..‏ ويسأل عنه البخاري يوم الحساب ولا نسأل نحن فيه
ولم يكن البخاري رضي الله عنه وأرضاه هو الوحيد الذي خاض في موضوع السيرة النبوية لكن كتاب السيرة كثيرون وقد تناقضوا واختلفوا بين بعضهم البعض‏..‏ وامتلات كتب السيرة بالموضوع والمدسوس من الأحاديث والعجيب والمنكر من الإسرائيليات
وقرأنا في أكثر من كتاب من كتب السيرة أن النبي عليه الصلاة والسلام مات ودرعه مرهونه عند يهودي
وهو كذب وافتراء لا يعقل فقد مات سيدنا رسول الله والغنائم وخيرات البلاد المفتوحة تجبي من كل مكان وللرسول ولفقراء المسلمين نصيب فيها وله الخمس بحكم القرآن
والقرآن يقول لرسوله
ولسوف يعطيك ربك فترضي ألم يجدك يتيما فآوي ووجدك ضالا فهدي ووجدك عائلا فأغني
الله يقول بأنه أغني رسوله‏..‏ فما حكاية هذه الدرع المرهونة عند يهودي الا أن تكون إسرائيليات مدسوسة‏..‏ وغيرها الكثير‏..‏ فلا أقل من أن نحتكم الي العمدة في أمور ديننا حتي لا تنفرط وحدتنا وحتي لا نتفرق بددا
والعمده المعتمد في جميع أمور الملة هو القرآن المجيد نتمسك به ونحتكم إليه في كل صغيرة وكبيرة‏..‏ وما تناقض في كتب السيرة مع القرآن لا نأخذ به فالذين كتبوا السيرة بشر مثلنا يخطئون ويصيبون‏..‏ أما القرآن فهو الكتاب المحفوظ من رب العالمين وهو الكتاب الوحيد الموثق بين كل ماتبقي من كتب مقدسة بين أيدينا وهو المهيمن عليها جميعها بلا استثناء
ألم يقل ربنا تبارك وتعالي لمحمد عليه الصلاة والسلام في سورة آل عمران الآية‏128‏ ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون
فكيف نقلب الأمر ونجعل من النبي صاحب الأمر يوم القيامة والمنفرد بالشفاعة من دون الله‏..‏ وهو الذي قال له معاتبا‏..‏ ليس لك من الأمرشئ‏..‏
وحينما جاء البلاغ للنبي في سورة الشعراء
وأنذر عشيرتك الأقربين‏(‏الشعراء ــ‏214)‏
ألم يبادر النبي فينادي علي أهل بيته
ياخديجة إني لن أغني عنك من الله شيئا
ياعائشة إني لن أغني عنك من الله
يافلان يافلان‏..‏ ولم يدع أحدا من أهل بيته الا أبلغه
وهذا كلام السيرة وكلام كتاب السيرة أنفسهم أن النبي قد أخلي مسئوليته وتبرأ من الوساطة لأحد حتي لأعز الناس‏..‏ حتي لابنته الغالية ومهجة قلبه فاطمة‏.‏ فكيف انقلبوا بعد ذلك علي انفسهم وكيف نكسوا علي رؤوسهم وجعلوا من النبي وسيطا يتشفع عند الله ليخرج من النار بعض من دخلها من أمته‏..‏ فيخرجهم ربنا من النار وقد امتحشوا من أثر جهنم أي تفحموا
وكيف يقبل هذا الكلام ويوضع في كفة واحده مع كلام الله المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه
وكيف نقلب موازين العداله في ذلك اليوم الذي تشيب لهوله الولدان ونحولها الي وساطات وشفاعات وتزكيات ونجعل من أنفسنا صفوة الأمم وخيرها علي الاطلاق
ولقد قال ربنا‏..‏ كنتم خير أمة أخرجت للناس‏..‏كنتم فعل ماض‏..‏ فجعلنا هذه الخيريه صفه مطلقه ثم جعلنا من أنفسنا المالكين ليوم الدين‏..‏ فجعلنا الله أذل الأمم وأضعفها وأضيعها وأفقرها وأقلها شأنا‏.‏
ونرجو أن نبدل من أحوالنا ليبدل الله من أقدارنا وأن نتوب عن ذنوبنا ليتوب علينا‏..‏
إنه سبحانه نعم التواب