وجه المرأة وحكم النقاب
المفتى
فضيلة الشيخ محمد رشيد رضا
تاريخ الفتوى : 1908 ميلادية
وبالاسفل فيديو عن حكم النقاب للشيخ محمد الغزالى
السؤال
الفاضل الجليل والعالم النبيل السيد محمد رشيد رضا ، دمت بالعز والكرامة . أمّا بعد فقد كثرت المباحثة والمناظرة في حق وجه
الحرة في طرفنا ، فبعض العلماء قالوا : ليس بفرض ستر وجه الحرة ، لحديث
عائشة رضي الله عنها أخرجه أبو داود وابن مردويه والبيهقي أن أسماء بنت أبي
بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق , فأعرض عنها ,
وقال : ( يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا
وهذا ) وأشار إلى وجهه وكفه ، وبعضهم قالوا : إن سَتْرَ وجه الحرة فَرْض ،
وإن لم تستره تكون آثمةً عند الله ، لِقَوْلِ عائشة رضي الله عنها إحدى عينيها
فحسبت لاندفاع الضرورة ( كذا ) أخذه القهستاني والزاهدي , فالمأمول من سيادتكم
أن يبين الحق من الأقوال لرفع النزاع من بين الناس
الحرة في طرفنا ، فبعض العلماء قالوا : ليس بفرض ستر وجه الحرة ، لحديث
عائشة رضي الله عنها أخرجه أبو داود وابن مردويه والبيهقي أن أسماء بنت أبي
بكر دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق , فأعرض عنها ,
وقال : ( يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا
وهذا ) وأشار إلى وجهه وكفه ، وبعضهم قالوا : إن سَتْرَ وجه الحرة فَرْض ،
وإن لم تستره تكون آثمةً عند الله ، لِقَوْلِ عائشة رضي الله عنها إحدى عينيها
فحسبت لاندفاع الضرورة ( كذا ) أخذه القهستاني والزاهدي , فالمأمول من سيادتكم
أن يبين الحق من الأقوال لرفع النزاع من بين الناس
الجواب
حديث عائشة لا تنهض به الحُجّة ، فإنه مُرْسَل , وفي إسناده مَن تُكُلِّمَ
فيه ، والأصل في المسألة قوله تعالى : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } ( النور : 31 ) فقد روي عن ابن عباس أنه قال : الظاهر منها الكحل والخدان ،
وفي رواية عنه : الزينة الظاهرة : الوجه وكحل العين وخضاب الكف والخاتم .
وعن سعيد بن جبير و الضحاك : الوجه والكف . وعن عَطَاء : الكفان والوجه .
وسئل الأوزاعي عن قوله تعالى : { إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } ( النور : 31 ) فقال :
الكفين والوجه ، ذكر ذلك كله ابن جرير في تفسيره , وذكر أقوالَ مَن قالوا : إنها
الثياب والحلي , أو الوجه والثياب ، ثم قال : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول
مَن قال عُنِيَ بذلك الوجه والكفان يدخل في ذلك إذا كان كذلك الكحل والخاتم والسِّوَار
والخضاب . وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل ؛ لإجماع الجميع على أن
على كل مصلّ أن يستر عورته في صلاته وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في
صلاتها ، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها ، إلا ما روي عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبديه مِن ذراعها إلى قدر النصف . فإذا كان ذلك من
جميعهم إجماعًا كان معلومًا بذلك أن لها أن تبدي مِن بدنها ما لم يكن عورةً كما ذلك
للرجال ؛ لأن ما لم يكن عورةً فغير حرام إظهاره ، وإذا كان لها إظهار ذلك كان
معلومًا أنه مما استثناه الله تعالى ذكره بقوله : { إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } ( النور : 31 ) ؛
لأن كل ذلك ظاهر منها . وقوله : { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } ( النور :
31 ) يقول تعالى ذكره : وَلْيُلْقِينَ خُمُرَهُن وهو جَمْع خِمَار على جيوبهن ؛ لِيَسْتُرْنَ
بذلك شعورَهن وأعناقَهن وقرطهن اهـ كلام ابن جرير .
والجيوب جمع جيب ، وهو فتحة القميص على الصدر ، وكانت المرأة تضع
الخمار على رأسها وتسدله إلى الوراء ؛ فيظهر عنقها وصدرها ، فأُمِرْنَ بِأَنْ يَجْعَلْنَ
طرفه على الجيب لِيَسْتر العنق والصدر . ولم يؤمرن بوضعه على الوجه ، فلو لم
يقل إلا ما ظهر منها لَكَان يصحّ أنْ يقال : إن كشف الوجه باقٍ على أصل الإباحة ،
فكيف وقد أمر بستر الجيب , ولم يأمر بستر الوجه ! وناهيك بحكاية ابن جرير :
الإجماع على ذلك , وهو ما كان عليه النساءُ في عهد السَّلَف ، فقد كن يأتين المساجد ,
ويغشين الأسواق , ويسعفن الجرحى في مواقع القتال , ويخطبن على الرجال ,
ويناقشن الأمراء والحُكّام . تفعلن ذلك وأمثاله مكشوفات الوجوه .
ومن جال في أرض المسلمين في الأقطار المختلفة يرى أن أكثرهن يخرجن
مكشوفات الوجوه , ولا يستره منهن إلا بعض نساء المدن ، وهي عادة حكمت بها
غيرة الرجال عندما دخل المسلمون في الحضارة , وانغمسوا في الترف الذي يستلزم
الفسق والفجور ، ولذلك ترى أكثر الفقهاء عللوا وجوب ستر المرأة وجهها عن
الرجال بخوف الفتنة ، وابتدأ هذا البحث والخلاف في القرن الثاني .
هل يمكن لمكابر أن يقول : إن النساء كن يصلين مكشوفات الوجوه في مسجد
الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته ولا يراهن أحد ؟ إذا كابر أحد نفسَه ,
وقال : يحتمل أن الرجال لم يكونوا يرون النساء في المسجد ؛ لأنهن يصلين وراءهم ,
ولم يخشَ أن يقال له : إنهم كانوا يرونهن قبل الصلاة ، إذ كن ينتظرن الجماعة
معهم وبعدها عند الانصراف كما هو مأثور مشهور - فهل يسفه نفسه , ويقول : إن
الرجال لم يكونوا يرون وُجُوهَ النساء وأيديهن في أثناء أعمال الحجّ مِن طواف ,
وسَعْي ووقوف بعرفة وجولان في أرض الحرم , ومعلوم لكل مَن يعرف أحكام
الحج في الإسلام أن كشف المرأة وجْهَها في الإحرام واجب , ومن النساء من تحرم
بالحج من أول أشهره , فتكون أكثر من شهرين محرمة مكشوفة الوجه واليدين أينما
كانت , وحيثما حَلَّتْ , وهي مع الرجال في جميع الأعمال .
ومن نظر إلى كلام فقهاء القرون الوسطى الذين رجّحوا تحريمَ النظر إلى
الوجه والكفين يجد أنهم لم يأتوا عليه بدليل من الكتاب ولا من السنة ولا من عمل
أهل الصدر الأول ، وإنما عللوه بخوف الفتنة وسدّ الذريعة ، وقد قالوا بحرمة النظر
إلى وجه الأمرد , وعللوه بتلك العلة ، ومِن العَجَب أن إمام الحرمين من الشافعية
اغترّ بمنع الحكام النساء من الخروج في زمنه , وظنّ أنّ عليه جميع المسلمين .
قال الرملي في شرح المنهاج عند تصحيح المتن لحرمة النظر إلى وجه المرأة
وكفيها حتى عند الأمن من الفتنة : ( والثاني لا يحرم , ونسبه الإمام للجمهور
والشيخان للأكثرين ، وقال في المهمات : إنه الصواب . وقال البلقيني : الترجيح
بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج , وما نقله الإمام من الاتفاق على منع
النساء , أي منع الولاة لهن , معارض لِمَا حكاه القاضي عياض عن العلماء : إنه لا
يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها ، وإنما ذلك سنة , وعلى الرجال غضّ
البصر عنهن للآية ، وحكاه المصنف عنه في شرح مسلم , وأقره عليه ) , إلخ ما
ذكره ، ومنه أنه يحرم النظر إلى المرأة المتنقبة التي لا يرى منها غير عينيها
ومحاجرها , وإلى العجوز والمشوهة .
وفي حاشية المقنع من كتب الحنابلة : ( لا يجوز له النظر إلى الأجنبية قصدًا
وهو المذهب . وقال القاضي : يحرم النظر إلى ما عدا الوجه والكفين ؛ لأنه عورة ,
ويباح له النظر إليهما مع الكراهة إذا أمن الفتنة , ونظر بغير شهوة وهذا مذهب
الشافعي . قال في الإنصاف : وهذا الذي لا يسع الناس غيره خصوصًا للجيران
والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم ) , ثم نظر في هذا بأن فيه تجريئًا للفساق ,
وهو مخالف لمقاصد الشرع في إصلاح أمر الدنيا والآخرة . وبمثل هذا صرح
الحنفية مع أن الجميع يَرْوُونَ عن أئمتهم أن الوجه والكفين غير عورة ، وعن ابن
عباس تفسير الآية بذلك .
أقول مسألة الخوف من الفتنة العارضة أو سدّ ذريعتها لا يصحّ أن تجعل دليلاً
لتغيير حكم من أحكام الدين التي كان عليها السلف بحظر أو إباحة تغييرًا مطلقًا كأن
يقال مثلاً : إن صلاة النساء مع الرجال في المساجد حرام في الإسلام ، بناءً على ما
يقولون به من فساد الزمان ، ومثله كشف المرأة وجهها . وإنما يصرح بأن حكم
الإسلام هو الذي كان عليه السلف اتباعًا للكتاب والسنة ، ولكن إذا عرض ما يمنع
من العمل به بِنَاءً على قاعدة دَرْءِ المفاسد ، فإننا نمتنع عنه مادامت المفسدة متوقعة .
فحاصل الجواب أن كشف المرأة لوجهها هو الأصل الذي كان عليه الناس ,
وأقرّه الإسلام , بل أوجبه في الإحرام , وادِّعَاء حُرْمَته في أصل الدين جناية على
الدين ، وتحكم فيه بالرأي أو الهوى , وإثبات للحرج والعسر فيه ، وقد نفاهما الله
عنه ؛ لأن أكثر المسلمات يشق عليهن ذلك مع الحاجة إلى العمل والسفر , وإنْ
تَحمَّله من نساء الأمصار من تَعوَّدْنَه أو من كفتهن الثروةُ مزاولةَ الأعمال . ودعوى
خوف الفتنة من كشفهن لوجوههن لا تُسلّم على إطلاقها ، فإننا نعرف من نساء
الفلاحين والبدو السافرات من نقطع بأنهن أبعد عن الريبة من نساء المدن المتنقبات ،
ولكن المرأة التي تعلم أن في كشف وجهها مفسدة يحرم عليها كشفه بلا شك
فيه ، والأصل في المسألة قوله تعالى : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } ( النور : 31 ) فقد روي عن ابن عباس أنه قال : الظاهر منها الكحل والخدان ،
وفي رواية عنه : الزينة الظاهرة : الوجه وكحل العين وخضاب الكف والخاتم .
وعن سعيد بن جبير و الضحاك : الوجه والكف . وعن عَطَاء : الكفان والوجه .
وسئل الأوزاعي عن قوله تعالى : { إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } ( النور : 31 ) فقال :
الكفين والوجه ، ذكر ذلك كله ابن جرير في تفسيره , وذكر أقوالَ مَن قالوا : إنها
الثياب والحلي , أو الوجه والثياب ، ثم قال : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول
مَن قال عُنِيَ بذلك الوجه والكفان يدخل في ذلك إذا كان كذلك الكحل والخاتم والسِّوَار
والخضاب . وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل ؛ لإجماع الجميع على أن
على كل مصلّ أن يستر عورته في صلاته وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في
صلاتها ، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها ، إلا ما روي عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه أباح لها أن تبديه مِن ذراعها إلى قدر النصف . فإذا كان ذلك من
جميعهم إجماعًا كان معلومًا بذلك أن لها أن تبدي مِن بدنها ما لم يكن عورةً كما ذلك
للرجال ؛ لأن ما لم يكن عورةً فغير حرام إظهاره ، وإذا كان لها إظهار ذلك كان
معلومًا أنه مما استثناه الله تعالى ذكره بقوله : { إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } ( النور : 31 ) ؛
لأن كل ذلك ظاهر منها . وقوله : { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } ( النور :
31 ) يقول تعالى ذكره : وَلْيُلْقِينَ خُمُرَهُن وهو جَمْع خِمَار على جيوبهن ؛ لِيَسْتُرْنَ
بذلك شعورَهن وأعناقَهن وقرطهن اهـ كلام ابن جرير .
والجيوب جمع جيب ، وهو فتحة القميص على الصدر ، وكانت المرأة تضع
الخمار على رأسها وتسدله إلى الوراء ؛ فيظهر عنقها وصدرها ، فأُمِرْنَ بِأَنْ يَجْعَلْنَ
طرفه على الجيب لِيَسْتر العنق والصدر . ولم يؤمرن بوضعه على الوجه ، فلو لم
يقل إلا ما ظهر منها لَكَان يصحّ أنْ يقال : إن كشف الوجه باقٍ على أصل الإباحة ،
فكيف وقد أمر بستر الجيب , ولم يأمر بستر الوجه ! وناهيك بحكاية ابن جرير :
الإجماع على ذلك , وهو ما كان عليه النساءُ في عهد السَّلَف ، فقد كن يأتين المساجد ,
ويغشين الأسواق , ويسعفن الجرحى في مواقع القتال , ويخطبن على الرجال ,
ويناقشن الأمراء والحُكّام . تفعلن ذلك وأمثاله مكشوفات الوجوه .
ومن جال في أرض المسلمين في الأقطار المختلفة يرى أن أكثرهن يخرجن
مكشوفات الوجوه , ولا يستره منهن إلا بعض نساء المدن ، وهي عادة حكمت بها
غيرة الرجال عندما دخل المسلمون في الحضارة , وانغمسوا في الترف الذي يستلزم
الفسق والفجور ، ولذلك ترى أكثر الفقهاء عللوا وجوب ستر المرأة وجهها عن
الرجال بخوف الفتنة ، وابتدأ هذا البحث والخلاف في القرن الثاني .
هل يمكن لمكابر أن يقول : إن النساء كن يصلين مكشوفات الوجوه في مسجد
الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حياته ولا يراهن أحد ؟ إذا كابر أحد نفسَه ,
وقال : يحتمل أن الرجال لم يكونوا يرون النساء في المسجد ؛ لأنهن يصلين وراءهم ,
ولم يخشَ أن يقال له : إنهم كانوا يرونهن قبل الصلاة ، إذ كن ينتظرن الجماعة
معهم وبعدها عند الانصراف كما هو مأثور مشهور - فهل يسفه نفسه , ويقول : إن
الرجال لم يكونوا يرون وُجُوهَ النساء وأيديهن في أثناء أعمال الحجّ مِن طواف ,
وسَعْي ووقوف بعرفة وجولان في أرض الحرم , ومعلوم لكل مَن يعرف أحكام
الحج في الإسلام أن كشف المرأة وجْهَها في الإحرام واجب , ومن النساء من تحرم
بالحج من أول أشهره , فتكون أكثر من شهرين محرمة مكشوفة الوجه واليدين أينما
كانت , وحيثما حَلَّتْ , وهي مع الرجال في جميع الأعمال .
ومن نظر إلى كلام فقهاء القرون الوسطى الذين رجّحوا تحريمَ النظر إلى
الوجه والكفين يجد أنهم لم يأتوا عليه بدليل من الكتاب ولا من السنة ولا من عمل
أهل الصدر الأول ، وإنما عللوه بخوف الفتنة وسدّ الذريعة ، وقد قالوا بحرمة النظر
إلى وجه الأمرد , وعللوه بتلك العلة ، ومِن العَجَب أن إمام الحرمين من الشافعية
اغترّ بمنع الحكام النساء من الخروج في زمنه , وظنّ أنّ عليه جميع المسلمين .
قال الرملي في شرح المنهاج عند تصحيح المتن لحرمة النظر إلى وجه المرأة
وكفيها حتى عند الأمن من الفتنة : ( والثاني لا يحرم , ونسبه الإمام للجمهور
والشيخان للأكثرين ، وقال في المهمات : إنه الصواب . وقال البلقيني : الترجيح
بقوة المدرك والفتوى على ما في المنهاج , وما نقله الإمام من الاتفاق على منع
النساء , أي منع الولاة لهن , معارض لِمَا حكاه القاضي عياض عن العلماء : إنه لا
يجب على المرأة ستر وجهها في طريقها ، وإنما ذلك سنة , وعلى الرجال غضّ
البصر عنهن للآية ، وحكاه المصنف عنه في شرح مسلم , وأقره عليه ) , إلخ ما
ذكره ، ومنه أنه يحرم النظر إلى المرأة المتنقبة التي لا يرى منها غير عينيها
ومحاجرها , وإلى العجوز والمشوهة .
وفي حاشية المقنع من كتب الحنابلة : ( لا يجوز له النظر إلى الأجنبية قصدًا
وهو المذهب . وقال القاضي : يحرم النظر إلى ما عدا الوجه والكفين ؛ لأنه عورة ,
ويباح له النظر إليهما مع الكراهة إذا أمن الفتنة , ونظر بغير شهوة وهذا مذهب
الشافعي . قال في الإنصاف : وهذا الذي لا يسع الناس غيره خصوصًا للجيران
والأقارب غير المحارم الذين نشأ بينهم ) , ثم نظر في هذا بأن فيه تجريئًا للفساق ,
وهو مخالف لمقاصد الشرع في إصلاح أمر الدنيا والآخرة . وبمثل هذا صرح
الحنفية مع أن الجميع يَرْوُونَ عن أئمتهم أن الوجه والكفين غير عورة ، وعن ابن
عباس تفسير الآية بذلك .
أقول مسألة الخوف من الفتنة العارضة أو سدّ ذريعتها لا يصحّ أن تجعل دليلاً
لتغيير حكم من أحكام الدين التي كان عليها السلف بحظر أو إباحة تغييرًا مطلقًا كأن
يقال مثلاً : إن صلاة النساء مع الرجال في المساجد حرام في الإسلام ، بناءً على ما
يقولون به من فساد الزمان ، ومثله كشف المرأة وجهها . وإنما يصرح بأن حكم
الإسلام هو الذي كان عليه السلف اتباعًا للكتاب والسنة ، ولكن إذا عرض ما يمنع
من العمل به بِنَاءً على قاعدة دَرْءِ المفاسد ، فإننا نمتنع عنه مادامت المفسدة متوقعة .
فحاصل الجواب أن كشف المرأة لوجهها هو الأصل الذي كان عليه الناس ,
وأقرّه الإسلام , بل أوجبه في الإحرام , وادِّعَاء حُرْمَته في أصل الدين جناية على
الدين ، وتحكم فيه بالرأي أو الهوى , وإثبات للحرج والعسر فيه ، وقد نفاهما الله
عنه ؛ لأن أكثر المسلمات يشق عليهن ذلك مع الحاجة إلى العمل والسفر , وإنْ
تَحمَّله من نساء الأمصار من تَعوَّدْنَه أو من كفتهن الثروةُ مزاولةَ الأعمال . ودعوى
خوف الفتنة من كشفهن لوجوههن لا تُسلّم على إطلاقها ، فإننا نعرف من نساء
الفلاحين والبدو السافرات من نقطع بأنهن أبعد عن الريبة من نساء المدن المتنقبات ،
ولكن المرأة التي تعلم أن في كشف وجهها مفسدة يحرم عليها كشفه بلا شك
فيديو للشيخ محمد الغزالى يقول فيه
النقاب ليس واجبا ووجه المرأة ليس بعورة
باتفاق مذاهب الإسلام كلها