طلاق المكره
المفتي
حسن مأمون .
ذو الحجة سنة 1378 هجرية - 20 يوليه سنة 1959 م
المبادئ
1 - الاكراه الملجىء شرعا هو ما يعدم رضا المكره ويفسد اختياره وغير الملجىء هو ما يعدم الرضا ولا يفسد الاختيار .
2 - شرط الاكراه أن يكون المكره قادرا على ايقاع ما هدد به وأن يغلب على ظن المكره أن يقع به ما هدده به أن لم يفعل ما أمره المكره بفعله
السؤال
من السيد / قائمقام م ز ت بطلبه أنه تزوج فى سنة 1948 من زوجة أعقب منها ذكرا وأنثى ولسوء تفاهم بينهما طلقها طلقة أولى رجعية فى أكتوبر سنة 1952 ثم تزوج من أخرى سنة 1953 .
وفى الفترة بين طلاقة لزوجته الأولى وزواجه من الثانية أعد أساسا لمنزله بحوالى ألف جنيه كتبه باسم زوجته الثانية خشية أن تحجز عليه زوجته الأولى نظير النفقة .
وفى أواسط سنة 1954 ودون علم زوجته الثانية أرجع زوجته الأولى الى عصمته ولما علمت زوجته الثانية بذلك ثارت وهاجت وانتابتها حالة عصبية وحاولت القاء نفسها من الشباك وجرحها من عملية الزائدة الدودية لم يلتئم تماما فرأى موافقتها على تطليق زوجته الأولى طلاقا بائنا بينونة كبرى رغما منه ودون أرادته ومن ذلك التاريخ وهو قلق النفس معذبها لا يدرى كيف يفعل وهو يريد الآن اصلاح أخطائه واعادة زوجته الأولى إلى عصمته ثانية وان ذهبت الثانية بالمنقولات .
وسأل هدايته إلى حكم الشريعة وقال هل يعتبر طلاقه البائن بينونة كبرى صحيحا وسليما مع ما كان يحيط به من هذه الظروف وما هو السبيل الشرعى لاعادة زوجته الأولى اليه
الجواب
أن ما ذكره السائل من الظروف التى كانت تحيط به عندما طلق زوجته الأولى الطلاق المسئول عنه لا تصلح سببا لعدم وقوع الطلاق فى هذه الحالة ولا يعتبر مكرها شرعا لأن الاكراه شرعا أما ملجىء وهو أن يكرهه غيره بما يخاف به على نفسه أو على تلف عضو من أعضائه فانه يعدم الرضا ويوجب الالجاء ويفسد الاختيار .
وغير ملجىء وهو أن يكرهه بما لا يخاف به على نفسه ولا على تلف عضو من أعضائه كالاكراه بالضرب الشديد والحبس والقيد وهو يعدم الرضا ولا يفسد الاختيار وهذا النوع لا يؤثر إلا فى تصرف يحتاج فيه إلى الرضا كالبيع والاجازة وشرطه أن يكون المكره قادرا على ايقاع ما هدد به المكره سلطانا كان أو لصا، وأن يغلب على ظن المكره أن يقع به ما هدده به ان لم يفعل ما أمره المكره بفعله .
وحكمه أنه اذا كان بما فيه أتلاف أن ينقل الفعل إلى المكره فيما يصح أن يكون المكره آلة للمكره فيه ويجعل كأن المكره هو الذى فعله .
مما سبق يظهر أن الحالف ليس مكرها شرعا فلا يطبق عليه حكم المكره .
وعلى ذلك تكون زوجته الأولى قد بانت منه بينونة كبرى طبقا لما ذكره بالسؤال فلا يملك أعادتها إلى عصمته ثانية إلا بعد أن تنكح زوجا غيره نكاحا صحيحا شرعا ويدخل بها دخولا حقيقيا ثم يطلقها زوجها الثانى وتنقضى عدتها منه حيث تحل للسائل حينئذ والله أعلم