الخميس، 22 نوفمبر 2012

موسوعة الأخلاق الإسلامية : الذل

الذل

تعريف الذل لغة واصطلاحاً:
تعريف الذل لغة:
قال ابن مالك الطائي: (الذل: - من - ذل وخشع واستكان وخضع واستخذى وضرع واتقى واتضع وبخع وخنع وامتهن واستسلم وعنا وقنب) (1).
وقال ابن منظور: (الذل: نقيض العز، ذل يذل ذلا وذلة وذلالة ومذلة، فهو ذليل بين الذل والمذلة من قوم أذلاء وأذلة وذلال .. وأذله هو وأذل الرجل: صار أصحابه أذلاء. وأذله: وجده ذليلا. واستذلوه: رأوه ذليلا، ويجمع الذليل من الناس أذلة وذلانا. والذل: الخسة. وأذله واستذله كله بمعنى واحد. وتذلل له أي خضع) (2).
تعريف الذل اصطلاحاً:
قال ابن عاشور: (الذلة: خضوع في النفس واستكانة من جراء العجز عن الدفع) (3).
وقال العسكري: (الذلة الضعف عن المقاومة) (4).
الفرق بين الذل وبعض الصفات
الفرق بين الذل والضعة:
الذل: بسبب خارجي عن الإنسان بأن يقهره غيره.
الضعة: إنما هي بفعل المرء بنفسه وقد يسمى ذليلاً لأنه يستحق الذل (5).
الفرق بين الذل والصغار:
قال أبو هلال العسكري: (الصغار هو الاعتراف بالذل والإقرار به وإظهار صغر وخلافه الكبر وهو إظهار عظم الشأن وفي القرآن سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللَّهِ [الأنعام: 124] وذلك أن العصاة بالآخرة مقرون بالذل معترفون به ويجوز أن يكون ذليل لا يعترف بالذل) (6).
الفرق بين الذل والخزي:
قال أبو هلال العسكري: (الخزي ذل مع افتضاح وقيل هو الانقماع لقبح الفعل والخزاية الاستحياء لأنه انقماع عن الشيء لما فيه من العيب قال بان درستويه الخزي الإقامة على السوء خزي يخزى خزيا وإذا استحيا من سوء فعله أو فعل به قيل خزي يخزى خزاية لأنهما في معنى واحد وليس ذلك بشيء لأن الإقامة على السوء والاستحياء من السوء ليسا بمعنى واحد) (7).
الفرق بين الخضوع والذل:
قال أبو هلال العسكري:- الخضوع - (هو التطامن والتطأطؤ ولا يقتضي أن يكون معه خوف .. والخاضع المطأطئ رأسه وعنقه .. وقد يجوز أن يخضع الإنسان تكلفا من غير أن يعتقد أن المخضوع له فوقه .. الخضوع في البدن والإقرار بالاستجداء ..
الذل الانقياد كرها ونقيضه العز وهو الإباء والامتناع والانقياد على كره وفاعله ذليل والذل والانقياد طوعا وفاعله ذلول) (8).
الفرق بين التذلل والذل:
قال أبو هلال العسكري: (التذلل فعل الموصوف به وهو إدخال النفس في الذل كالتحلم إدخال النفس في الحلم والذليل الفعول به الذل من قبل غيره في الحقيقة وإن كان من جهة اللفظ فاعلا ولهذا يمدح الرجل بأنه متذلل ولا يمدح بأنه ذليل لأن تذلله لغيره اعترافه له والاعتراف حسن ويقال العلماء متذللون لله تعالى ولا يقال أذلاء له سبحانه) (9).
الفرق بين الإذلال والإهانة:
الإذلال:
- الرجل للرجل هنا أن يجعله منقادا على الكره أو في حكم المنقاد.
- الإذال لا يكون إلا من الأعلى للأدنى.
- نقيض الإذلال الإعزاز.
الإهانة:
- الهوان مأخوذ من تهوين القدر وأن يجعل هذا المرء صغير الأمر لا يبالى به.
- والاستهانة تكون من النظير للنظير.
- نقيض الإهانة الإكرام (10).

(1) [3560])) ((الألفاظ المختلفة في المعاني المؤتلفة)) لابن مالك الطائي (1/ 125)
(2) [3561])) ((لسان العرب)) لابن منظور (11/ 256)
(3) [3562])) ((التحرير والتنوير)) للطاهر بن عاشور (9/ 119)
(4) [3563])) ((الفروق اللغوية)) للعسكري (1/ 251)
(5) [3564])) انظر: ((الفروق اللغوية)) للعسكري (1/ 249)
(6) [3565])) ((الفروق اللغوية)) للعسكري (1/ 249)
(7) [3566])) ((الفروق اللغوية)) للعسكري (1/ 250)
(8) [3567])) ((الفروق اللغوية)) للعسكري (1/ 248 - 250)
(9) [3568])) ((الفروق اللغوية)) للعسكري (1/ 249)
(10) [3569])) انظر: ((الفروق اللغوية)) للعسكري (1/ 250 - 251)

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ذم الذل في القرآن والسنة
ذم الذل والنهي عنه في القرآن الكريم:
- قال تعالى: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ [البقرة: 61].
قال ابن كثير: (وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ أي: وضعت عليهم وألزموا بها شرعا وقدرا، أي: لا يزالون مستذلين، من وجدهم استذلهم وأهانهم، وضرب عليهم الصغار، وهم مع ذلك في أنفسهم أذلاء متمسكنون .. وقال الضحاك: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ قال: الذل ... وقال الحسن: أذلهم الله فلا منعة لهم، وجعلهم الله تحت أقدام المسلمين. ولقد أدركتهم هذه الأمة وإن المجوس لتجبيهم الجزية) (1).
- وقال تعالى: قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران: 26].
قال الشوكاني: (قوله: وتذل من تشاء أي: في الدنيا، أو في الآخرة، أو فيهما) (2).
وقال أبو حيان الأندلسي: (تعز من تشاء وتذل من تشاء قيل: محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حين دخلوا مكة في اثني عشر ألفا ظاهرين عليها، وأذل أبا جهل وصناديد قريش حتى حزت رؤوسهم وألقوا في القليب. وقيل: بالتوفيق والعرفان، وتذل بالخذلان. وقال عطاء: المهاجرين والأنصار وتذل فارس والروم. وقيل: بالطاعة وتذل بالمعصية. وقيل: بالظفر والغنيمة وتذل بالقتل والجزية. وقيل: بالإخلاص وتذل بالرياء. وقيل بالغنى وتذل بالفقر. وقيل: بالجنة والرؤية وتذل بالحجاب والنار، قاله الحسن بن الفضل. وقيل: بقهر النفس وتذل باتباع الخزي، قاله الوراق. وقيل: بقهر الشيطان وتذل بقهر الشيطان إياه، قاله الكتاني. وقيل: بالقناعة والرضا وتذل بالحرص والطمع، وينبغي حمل هذه الأقاويل على التمثيل لأنه لا مخصص في الآية، بل الذي يقع به العز والذل مسكوت عنه) (3).
- وقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ [الأعراف: 152].
قال الطبري: (يقول تعالى ذكره: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ إلهًا سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ، بتعجيل الله لهم ذلك وذلة وهي الهوان، لعقوبة الله إياهم على كفرهم بربهم في الحياة الدنيا، في عاجل الدنيا قبل آجل الآخرة) (4).
وقال ابن عاشور: (معنى: نيل الذلة إياهم أنهم يصيرون مغلوبين لمن يغلبهم، فقد يكون ذلك بتسليط العدو عليهم، أو بسلب الشجاعة من نفوسهم. بحيث يكونون خائفين العدو، ولو لم يسلط عليهم، أو ذلة الاغتراب إذ حرمهم الله ملك الأرض المقدسة فكانوا بلا وطن طول حياتهم حتى انقرض ذلك الجيل كله، وهذه الذلة عقوبة دنيوية قد لا تمحوها التوبة، فإن التوبة إنما تقتضي العفو عن عقاب التكليف، ولا تقتضي ترك المؤاخذة بمصائب الدنيا، لأن العقوبات الدنيوية مسببات تنشأ عن أسبابها، فلا يلزم أن ترفعها التوبة إلا بعناية إلهية خاصة) (5).

(1) [3570])) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (1/ 282)
(2) [3571])) ((فتح القدير)) للشوكاني (1/ 379)
(3) [3572])) ((البحر المحيط في التفسير)) لأبي حيان الأندلسي (3/ 86)
(4) [3573])) ((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (13/ 134)
(5) [3574])) ((التحرير والتنوير)) للطاهر بن عاشور (9/ 119)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، وقال تعالى: قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ [النمل: 34].
قال الشوكاني: (وجعلوا أعزة أهلها أذلة أي: أهانوا أشرافها، وحطوا مراتبهم، فصاروا عند ذلك أذلة وإنما يفعلون ذلك لأجل أن يتم لهم الملك، وتستحكم لهم الوطأة وتتقرر لهم في قلوبهم المهابة) (1).
وقال القاسمي: (معنى قولها إن الملوك إذا دخلوا قرية أي عنوة وقهرا أفسدوها أي أخربوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة أي بالقهر والغلبة والقتل والأسر ونهب الأموال وكذلك يفعلون) (2).
- وقال تعالى: وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً [الإسراء:111].
قال الطبري: (ولم يكن له ولي من الذل يقول: ولم يكن له حليف حالفه من الذل الذي به، لأن من كان ذا حاجة إلى نصرة غيره، فذليل مهين، ولا يكون من كان ذليلا مهينا يحتاج إلى ناصر إلها يطاع) (3).
قال ابن كثير: (ولم يكن له ولي من الذل أي: ليس بذليل فيحتاج أن يكون له ولي أو وزير أو مشير، بل هو تعالى شأنه خالق الأشياء وحده لا شريك له، ومقدرها ومدبرها بمشيئته وحده لا شريك له، قال مجاهد في قوله: ولم يكن له ولي من الذل لم يحالف أحدا ولا يبتغي نصر أحد، وكبره تكبيرا أي: عظمه وأجله عما يقول الظالمون المعتدون علوا كبيرا) (4).
وقال القاسمي: (ولم يكن له ولي من الذل أي ناصر من الذل ومانع له منه، لاعتزازه به. أو لم يوال أحدا من أجل مذلة به، ليدفعها بموالاته) (5).
وقال ابن عطية: (قيد لفظ الآية نفي الولاية لله عز وجل بطريق الذل وعلى جهة الانتصار، إذ ولايته موجودة بتفضله ورحمته لمن والى من صالحي عباده) (6).
ذم الذل والنهي عنه في السنة النبوية:
- عن محمد بن زياد الألهاني، عن أبي أمامة الباهلي قال: ورأى سكة وشيئا من آلة الحرث، فقال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل)) (7).

(1) [3575])) ((فتح القدير)) للشوكاني (4/ 159)
(2) [3576])) ((محاسن التأويل)) للقاسمي (7/ 491)
(3) [3577])) ((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (17/ 589)
(4) [3578])) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (5/ 130)
(5) [3579])) ((محاسن التأويل)) للقاسمي (6/ 523)
(6) [3580])) ((المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)) لابن عطية (3/ 493)
(7) [3581])) رواه البخاري (2321).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، قال ابن بطال: (قال المهلب: معنى هذا الحديث - والله أعلم - الحض على معالي الأحوال، وطلب الرزق من أشرف الصناعات لما خشي النبي على أمته من الاشتغال بالحرث وتضييع ركوب الخيل والجهاد في سبيل الله، لأنهم إن اشتغلوا بالحرث غلبتهم الأمم الراكبة للخيل المتعيشة من مكاسبها، فحضهم على التعيش من الجهاد لا من الخلود إلى عمارة الأرض ولزوم المهنة، والوقوع بذلك تحت أيدي السلاطين وركاب الخيل. ألا ترى أن عمر قال: تمعددوا واخشوشنوا، واقطعوا الركب، وثبوا على الخيل وثبا لا يغلبكم عليها رعاة الإبل. أي دعوا التملك والتدلك بالنعمة، وخذوا أخشن العيش لتتعلموا الصبر فيه، فأمرهم بملازمة الخيل والتدريب عليها والفروسية، لئلا تملكهم الرعاة الذين شأنهم خشونة العيش، ورياضة أبدانهم بالوثوب على الخيل، وقد رأينا عاقبة وصيته فى عصرنا هذا بميلنا إلى الراحة والنعمة. قال المؤلف: فمن لزم الحرث وغلب عليه، وضيع ما هو أشرف منه، لزمه الذل كما قال عليه السلام، ويلزمه الجفاء فى خلقه لمخالطته من هو كذلك .... - فمن - شأن ملازمة هذه المهن توليد ما ذكر من هذه الصفات ومن الذل الذى يلزم من اشتغل بالحرث ما ينوبه من المؤنة بخراج الأرضين) (1).
- وعن تميم الداري، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر)) وكان تميم الداري، يقول: (قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان منهم كافرا الذل والصغار والجزية) (2).
- وجاء من طريق المقداد بن الأسود الكندي رضي الله عنه بنحو حديث تميم رضي الله عنه وفيه بيان لصورة العز والذل فقال صلى الله عليه وسلم: ((يعزّهم الله فيجعلهم من أهلها أو يذلّهم فلا يدينوا لها)) (3).
قال المباركفوري: (وذل بضم الذال ذليل أي أو يذله الله بها – كلمة الإسلام - حيث أباها بذل سبي أو قتال حتى ينقادون لها طوعاً أو كرهاً، أو يذعن لها ببذل الجزية، والحديث مقتبس من قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التوبة: 33]، ثم فسر العز والذل بقوله إما يعزهم الله أو يذلهم (فيدينون لها) بفتح الياء أي فيطيعون وينقادون لها، من دان الناس أي ذلوا وأطاعوا) (4).

(1) [3582])) ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطال (6/ 486)
(2) [3583])) رواه أحمد (4/ 103) (16998)، والطبراني (2/ 58) (1280). والحاكم (4/ 477)، والبيهقي (9/ 181) (18400). قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين. وقال الهيثمي (6/ 17): رجال أحمد رجال الصحيح، وقال الألباني في ((تحذير الساجد)) (158): على شرط مسلم وله شاهد على شرط مسلم أيضا ..
(3) [3584])) رواه أحمد (6/ 4) (23865)، وابن حبان (15/ 92) (6699)، والطبراني (20/ 254) (601)، والحاكم (4/ 476)، والبيهقي (9/ 181) (18399). قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وحسنه ابن عساكر في ((معجم الشيوخ)) (2/ 806)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (6/ 17): رجال الطبراني رجال الصحيح، وصحح إسناده الألباني في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (39)، وصححه الوادعي في ((الصحيح المسند)) (1159).
(4) [3585])) ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للمباركفوري (1/ 113 - 114) برقم (42)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،وقال الألباني: (مما لا شك فيه أن تحقيق هذا الانتشار يستلزم أن يعود المسلمون أقوياء في معنوياتهم ومادياتهم وسلاحهم حتى يستطيعوا أن يتغلبوا على قوى الكفر والطغيان) (1).
- وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ((لا ينبغي للمؤمن أن يذلّ نفسه. قالوا: وكيف يذلّ نفسه؟ قال: يتعرّض من البلاء لما لا يطيق)) (2).
ومعنى الحديث لا يجوز للمؤمن أن يأتي ما يكون سببا في ذله وهوانه بالتعرض لما لا يطيق من البلاء كان يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر من لا يسلم غالبا من أذاه على نفسه وماله وأهله فليس له والحال كذلك أن يأمر أو ينهى لما يترتب عليه من ذل وهوان للمؤمن (3).
- وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة فقالت: ((يا رسول الله والله ما كان على ظهر الأرض خباء أحبّ إليّ من أن يذلّوا من أهل خبائك. وما أصبح اليوم على ظهر الأرض خباء أحبّ إليّ من أن يعزّوا من أهل خبائك. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: وأيضا والّذي نفسي بيده)) (4).
قال بدر الدين العيني: (خباء هي الخيمة التي من الوبر أو الصوف على عمودين أو ثلاثة. وقال الكرماني: يحتمل أن تريد به نفسه صلى الله عليه وسلم فكنت عنه بذلك إجلالا له، وأهل بيته، والخباء يعبر به عن مسكن الرجل وداره. قوله: (قالت: وأيضا والذي نفسي بيده)، هذا جواب لهند بتصديق ما ذكرته يعني: وأنا أيضا بالنسبة إليك مثل ذلك، وقيل: معناه وأيضا ستزيدين في ذلك ويتمكن الإيمان في قلبك فيزيد حبك لرسول الله، صلى الله عليه وسلم ويقوى رجوعك عن غضبه، وهذا المعنى أولى وأوجه من الأول) (5).

(1) [3586])) ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) للألباني (1/ 32) برقم (3)
(2) [3587])) رواه البخاري (3825)، ومسلم (1714).
(3) [3588])) انظر ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للقاري (5/ 1739)، ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (2/ 251)
(4) [3589])) انظر ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للقاري (5/ 1739)، ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب (2/ 251).
(5) [3590])) ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) لبدر الدين العيني (16/ 284)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقسام الذل
ينقسم الذل إلى محمود ومذموم:
- الذل المذموم:
وهو التذلل لغير الله على وجه الهوان والضعف والصغار والانكسار والذلة.
- الذل المحمود:
قال الراغب الأصفهاني: (الذل متى كان من جهة الإنسان نفسه لنفسه فمحمود، نحو قوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ [المائدة: 54]) (1).
- ويشمل الذل المحمود:
1 - الذل لله سبحانه وتعالى:
وهذا الذل عنوان العز والشرف والنصر في الدنيا والآخرة.
قال عمر بن عبد العزيز: (لا يتقي الله عبد حتى يجد طعم الذل) (2).
وقال الذهبي: (من خصائص الإلهية، العبودية التي قامت على ساقين لا قوام لها بدونهما: غاية الحب مع غاية الذل هذا تمام العبودية، وتفاوت منازل الخلق فيها بحسب تفاوتهم في هذين الأصلين. فمن أعطى حبه وذله وخضوعه لغير الله فقد شبهه في خالص حقه) (3).
2 - الذل للمؤمنين:
وهو بمعنى التراحم والتواضع والعطف وليس بمعنى التذلل والانكسار على وجه الضعف والخور.
قال تعالى: ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة:54].
قال ابن القيم: (لما كان الذل منهم ذل رحمة وعطف وشفقة وإخبات عداه بأداة على تضمينا لمعاني هذه الأفعال. فإنه لم يرد به ذل الهوان الذي صاحبه ذليل. وإنما هو ذل اللين والانقياد الذي صاحبه ذلول، فالمؤمن ذلول) (4).
وقال الطبري: (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، أرقَّاء عليهم، رحماءَ بهم ... ويعني بقوله: أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ، أشداء عليهم، غُلَظاء بهم) (5).
وقال ابن كثير: (قوله تعالى: أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين هذه صفات المؤمنين الكمل أن يكون أحدهم متواضعا لأخيه ووليه، متعززا على خصمه وعدوه) (6).
3 - الذل للوالدين:
قال تعالى: وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً [الإسراء:24].
قال الطبري: (يقول تعالى ذكره: وكن لهما ذليلا رحمة منك بهما تطيعهما فيما أمراك به مما لم يكن لله معصية، ولا تخالفهما فيما أحبَّا) (7).
وقال السعدي: (تواضع لهما ذلا لهما ورحمة واحتسابا للأجر لا لأجل الخوف منهما أو الرجاء لما لهما، ونحو ذلك من المقاصد التي لا يؤجر عليها العبد) (8).

(1) [3591])) ((المفردات في غريب القرآن)) للأصفهاني (ص: 330).
(2) [3592])) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لأبي حاتم الدارمي (1/ 29).
(3) [3593])) ((العرش)) للذهبي (1/ 121).
(4) [3594])) ((مدارج السالكين)) لابن القيم (2/ 310)
(5) [3595])) ((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (10/ 421)
(6) [3596])) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (3/ 136).
(7) [3597])) ((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (17/ 418)
(8) [3598])) ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) للسعدي (1/ 456)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الآثار السلبية للذل
1 - ضعف النفس وهوانها.
2 - الاستضعاف من الآخرين والاحتقار والاستهانة بالذليل.
3 - لحوق الخزي والعار بالإنسان الذليل والأمة الذليلة.
4 - ضياع الحقوق.
5 - حدوث التنافر والوحشة والتباغض.
6 - تغلب الأعداء والهزيمة.
7 - ضعف الإرادة والتخلف عن الرقي والريادة.
أسباب الوقوع في الذل
1. استمراء المعاصي وتسويف التوبة:
قال تعالى: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ [آل عمران: 112].
قال أبو حيان الأندلسي: (لما ذكر تعالى حلول العقوبة بهم من ضرب الذلة والمسكنة والمباءة بالغضب، بين علة ذلك، فبدأ بأعظم الأسباب في ذلك، وهو كفرهم بآيات الله. ثم ثنى بما يتلو ذلك في العظم وهو قتل الأنبياء، ثم أعقب ذلك بما يكون من المعاصي، وما يتعدى من الظلم) (1).
وقال الحسن البصري: (أما والله لئن تدقدقت بهم الهماليج ووطئت الرحال أعقابهم، إن ذل المعاصي لفي قلوبهم ولقد أبى الله أن يعصيه عبد إلا أذله) (2).
2. الإشراك بالله تعالى والابتداع في الدين:
قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ [الأعراف: 152].
قال الطبري: (يقول تعالى ذكره: إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ إلهًا سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ، بتعجيل الله لهم ذلك وذلة وهي الهوان، لعقوبة الله إياهم على كفرهم بربهم في الحياة الدنيا، في عاجل الدنيا قبل آجل الآخرة) (3).
وقال الشاطبي: (كل من ابتدع في دين الله، فهو ذليل حقير بسبب بدعته، وإن ظهر لبادي الرأي عزه وجبروته، فهم في أنفسهم أذلاء. وأيضا فإن الذلة الحاضرة بين أيدينا موجودة في غالب الأحوال، ألا ترى أحوال المبتدعة في زمان التابعين، وفيما بعد ذلك؟ حتى تلبسوا بالسلاطين، ولاذوا بأهل الدنيا، ومن لم يقدر على ذلك; استخفى ببدعته، وهرب بها عن مخالطة الجمهور، وعمل بأعمالها على التقية) (4).
3. محاربة الله ورسوله ومخالفة أمرهما:
قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ [المجادلة: 20].
قال ابن كثير: (يقول تعالى مخبرا عن الكفار المعاندين المحادين لله ورسوله، يعني: الذين هم في حد والشرع في حد، أي: مجانبون للحق مشاقون له، هم في ناحية والهدى في ناحية، أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ أي: في الأشقياء المبعدين المطرودين عن الصواب، الأذلين في الدنيا والآخرة) (5).
وقال الشوكاني: (أولئك في الأذلين أي: أولئك المحادون لله ورسوله، المتصفون بتلك الصفات المتقدمة، من جملة من أذله الله من الأمم السابقة واللاحقة لأنهم لما حادوا الله ورسوله صاروا من الذل بهذا المكان قال عطاء: يريد الذل في الدنيا والخزي في الآخرة) (6).
4. النفاق والاعتزاز بغير الله سبحانه وتعالى:
قال تعالى: يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون: 8].

(1) [3599])) ((البحر المحيط في التفسير)) لأبي حيان الأندلسي (1/ 384)
(2) [3600])) ((حلية الأولياء)) أبو نعيم (2/ 152)
(3) [3601])) ((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (13/ 134)
(4) [3602])) ((الاعتصام)) للشاطبي (1/ 167)
(5) [3603])) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (8/ 53)
(6) [3604])) ((فتح القدير)) للشوكاني (5/ 230)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال الكلاباذي: (قال الله عز وجل لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ [المنافقون: 8]، فكان الأذل هو الأعز عند نفسه بكثرة أتباعه وكثرة أنصاره .. ، فالذلة هي التعزز بمن لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، ولا يملك موتا ولا حياة ولا نشورا، فهو كما قال الله عز وجل ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [الحج: 73] .. ، فلا أذل ممن رد إلى نفسه الأمارة بالسوء، وانفرد في متابعة هواه، وظلمة رأيه، وانقطع عمن له العزة، فإن العزة لله، ولرسوله، وللمؤمنين .. فيجوز أن يكون الذلة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتعوذ منها متابعة الهوى في دين الله عز وجل، والتعزز بما دون الله تعالى) (1).
5. الكبر والأنفة عن قبول الحق:
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صورة الرجال، يغشاهم الذل من كل مكان)) (2).
قال ابن القيم: (من تعاظم وتكبر ودعا الناس إلى إطرائه في المدح والتعظيم والخضوع والرجاء، وتعليق القلب به خوفا ورجاء والتجاء واستعانة، فقد تشبه بالله ونازعه في ربوبيته وإلهيته، وهو حقيق بأن يهينه غاية الهوان، ويذله غاية الذل، ويجعله تحت أقدام خلقه) (3).
6. اتباع الهوى:
قال تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [الجاثية: 23].
قال ابن تيمية: (من قهره هواه ذل وهان وهلك وباد) (4). وقال ابن القيم: (لكل عبد بداية ونهاية فمن كانت بدايته اتباع الهوى كانت نهايته الذل والصغار والحرمان والبلاء المتبوع بحسب ما اتبع من هواه بل يصير له ذلك في نهايته عذابا يعذب به في قلبه) (5).
وقال ابن القيم أيضاً: (تجد في المتبع لهواه - من ذل النفس ووضاعتها ومهانتها وخستها وحقارتها ما جعله الله سبحانه فيمن حصاه ... وقد جعل الله سبحانه العز قرين طاعته، والذل قرين معصيته) (6). وقال أبوسعيد الخادمي: (من غلب عليه الهوى يغلب عليه الهوان والذلة فيصير مستقبحا ومستنكرا؛ ولأنه أسير وشأن الأسير مهان على كل حال لعل ذلك إنما هو عند التعمق وعند تجرده لتلذذ النفس كما يقال إن الإصرار على المباحات قد ينقلب صغيرة وإلا فبالنية الحميدة يكون المباح حسنة مثابا به) (7).
7. مفارقة جماعة المسلمين:
قال الله تعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء: 115].

(1) [3605])) ((معاني الأخبار)) للكلاباذي (1/ 136) بتصرف يسير
(2) [3606])) رواه الترمذي (2492)، وأحمد (2/ 179) (6677) والبخاري في ((الأدب المفرد)) (557). من حديث جد عمرو بن شعيب رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن صحيح، وصححه ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (3/ 521)، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (10/ 157)، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(3) [3607])) ((الداء والدواء)) لابن القيم (ص 137)
(4) [3608])) ((غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب)) للسفاريني (2/ 458)
(5) [3609])) ((روضة المحبين ونزهة المشتاقين)) لابن القيم (1/ 483)
(6) [3610])) ((الجواب الكافي)) لابن القيم (1/ 179 - 180)
(7) [3611])) ((بريقة محمودية)) لأبي سعيد الخادمي (2/ 76)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال الكلاباذي - من -: (خالف أولياء الله عز وجل باتباعه غير سبيلهم، فهو الوحيد العزيز، الشريد، الطريد، الحقير، الذليل، النذر، القليل، جليس الشيطان، وبغيض الرحمن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالجماعة، فإن الذئب يأخذ الشاة والعاصية) (1).
8. ترك الجهاد وحب الدنيا وكراهية الموت:
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا ضنَّ الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليهم ذلاً لا يرفعه حتى يراجعوا دينهم)) (2).
قال ابن رجب: (من أعظم ما حصل به الذل من مخالفة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ترك ما كان عليه من جهاد أعداء الله فمن سلك سبيل الرسول صلى الله عليه وسلم عز، ومن ترك الجهاد مع قدرته عليه ذل ... ورأى النبي صلى الله عليه وسلم سكة الحرث فقال: ((ما دخلت دار قوم إلا دخلها الذل)) (3). فمن ترك ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الجهاد مع قدرته واشتغل عنه بتحصيل الدنيا من وجوهها المباحة حصل له من الذل فكيف إذا اشتغل عن الجهاد بجمع الدنيا من وجوهها المحرمة؟) (4).
وقال الحسن البصري: (قد رأينا أقواما آثروا عاجلتهم على عاقبتهم فذلوا وهلكوا وافتضحوا) (5). وقال الحسن: (ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله) (6).
وقال أبو العتاهية:
ألا إنما التقوى هي العز والكرم ... وحبك للدنيا هو الذل والسقم
وليس على عبد تقي نقيصة ... إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم (7)
9. البخل وشيوع الربا وأكل أموال الناس بالباطل:

(1) [3612])) ((معاني الأخبار)) للكلاباذي (1/ 136)
(2) [3613])) رواه أحمد (2/ 28) (4825)، وأبو يعلى (10/ 29) (5659)، والطبراني (12/ 433) (13585)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/ 434) (10871). قال الطبري في ((مسند عمر)) (1/ 108): إسناده صحيح، وصححه ابن دقيق العيد في ((الإلمام)) (2/ 499) كما اشترط في المقدمة، وقال ابن تيمية في ((بيان الدليل)) (110): إسناده مشهور، وصحح إسناده ابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (3/ 143)، وقال ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (3/ 972): أصح ما ورد في ذم بيع العينة، قلت وعندي أنه معلول، لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحا، وحسنه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (740)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/ 318): له طرق يشد بعضها بعضا، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (7/ 27)، والألباني في ((التعليقات الرضية)) (2/ 405).
(3) [3614])) الحديث رواه البخاري (2321) بلفظ: ((لا يدخل هذا بيت قوم إلا أدخله الله الذل)) من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه.
(4) [3615])) ((الحكم الجديرة بالإذاعة)) لابن رجب الحنبلي (1/ 40 - 41).
(5) [3616])) ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (2/ 157).
(6) [3617])) ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (6/ 272).
(7) [3618])) ((الحكم الجديرة بالإذاعة)) لابن رجب الحنبلي (1/ 32).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا ضنَّ الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتبعوا أذناب البقر، وتركوا الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليهم ذلاً لا يرفعه حتى يراجعوا دينهم)) (1).
10. إيذاء الصالحين واحتقارهم:
قال تعالى: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13].
وقال تعالى: فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [النجم:32].
قال المناوي: (فينبغي للإنسان أن لا يحتقر أحدا فربما كان المحتقر أطهر قلبا وأزكى عملا وأخلص نية فإن احتقار عباد الله يورث الخسران ويورث الذل والهوان) (2).
11. سؤال الناس والتطلع لما في أيديهم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه)) (3). وفي رواية لأحمد ((فيكف الله بها وجهه)) (4).
قال ابن حجر: (فيه الحض على التعفف عن المسألة والتنزه عنها ولو امتهن المرء نفسه في طلب الرزق وارتكب المشقة في ذلك ولولا قبح المسألة في نظر الشرع لم يفضل ذلك عليها وذلك لما يدخل على السائل من ذل السؤال ومن ذل الرد إذا لم يعط) (5).
وقال ابن مفلح: (أولى الناس بحفظ المال وتنمية اليسير منه والقناعة بقليله توفيرا لحفظ الدين والجاه، والسلامة من منن العوام الأراذل العالم الذي فيه دين وله أنفة من الذل) (6).
12. موالاة الكافرين:
قال تعالى: الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا [النساء:139].
13. التحزب والتفرق وتنافر القلوب:
جاءت نصوص عديدة في الشريعة تحذر من التحزب والتفرق لما لذلك من أثر سلبي من ضعف قوة المسلمين وذهاب عزهم ولحوق الذل والمهانة بهم.
قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران:103].
وقال تعالى: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [آل عمران 105].
وقال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال: 46].
14. الاتكالية:
الاعتماد على الغير في كل شيء يورث الإنسان ذلا ومهانة سواء حصل مراده أم لا لذا جاءت نصوص الشريعة بالحث على الاعتماد على النفس وترك السؤال لما فيه من مذلة كما في حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه)) (7).

(1) [3619])) رواه أحمد (2/ 28) (4825)، وأبو يعلى (10/ 29) (5659)، والطبراني (12/ 433) (13585)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/ 434) (10871). قال الطبري في ((مسند عمر)) (1/ 108): إسناده صحيح، وصححه ابن دقيق العيد في ((الإلمام)) (2/ 499) كما اشترط في المقدمة، وقال ابن تيمية في ((بيان الدليل)) (110): إسناده مشهور، وصحح إسناده ابن القيم في ((أعلام الموقعين)) (3/ 143)، وقال ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (3/ 972): أصح ما ورد في ذم بيع العينة، قلت وعندي أنه معلول، لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحا، وحسنه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (740)، وقال الشوكاني في ((نيل الأوطار)) (5/ 318): له طرق يشد بعضها بعضا، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (7/ 27)، والألباني في ((التعليقات الرضية)) (2/ 405).
(2) [3620])) ((فيض القدير)) للمناوي (5/ 380).
(3) [3621])) رواه البخاري (1471).
(4) [3622])) رواه أحمد (1/ 167) (1429).
(5) [3623])) ((فتح الباري شرح صحيح البخاري)) لابن حجر (3/ 336)
(6) [3624])) ((الآداب الشرعية والمنح المرعية)) لابن مفلح (1/ 219)
(7) [3625])) رواه البخاري (1471).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الوسائل المعينة على التخلص من الذل
1 - الإيمان بالله والمداومة على العمل الصالح:
قال تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ [يونس: 26].
قال ابن كثير: (يخبر تعالى أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح أبدله الحسنى في الدار الآخرة .. وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ أي: قتام وسواد في عرصات المحشر، كما يعتري وجوه الكفرة الفجرة من القترة والغبرة، وَلا ذِلَّةٌ أي: هوان وصغار، أي: لا يحصل لهم إهانة في الباطن، ولا في الظاهر بل هم كما قال تعالى في حقهم: فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا [الإنسان: 11] أي: نضرة في وجوههم، وسرورا في قلوبهم) (1).
2 - الاعتزاز بالله والتمسك بدينه وتطبيق شريعته:
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العزة بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله) (2).
وقال الحسن بن عليّ- رضي الله عنهما-: علّمني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كلمات أقولهنّ في قنوت الوتر- وفيه -: ((إنّه لا يذلّ من واليت، تباركت ربّنا وتعاليت)) (3).
قال بدر الدين العيني: (قوله: ((من واليت)) فاعل ((لا يذل)) أي: من واليته بمعنى: لا يذل من كنت له ولنا حافظا وناصرا) (4).
قال قتادة: (قوله: وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ [آل عمران: 103] كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلا، وأشقاه عيشا، وأبينه ضلالة، وأعراه جلودا، وأجوعه بطونا، مكعومين على رأس حجر بين الأسدين: فارس، والروم، لا والله ما في بلادهم يومئذ من شيء يحسدون عليه، من عاش منهم عاش شقيا ومن مات ردي في النار، يؤكلون ولا يأكلون، والله ما نعلم قبيلا يومئذ من حاضر الأرض، كانوا فيها أصغر حظا وأدق فيها شأنا منهم، حتى جاء الله عز وجل بالإسلام، فورثكم به الكتاب، وأحل لكم به دار الجهاد، ووضع لكم به من الرزق، وجعلكم به ملوكا على رقاب الناس، وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم، فاشكروا نعمه، فإن ربكم منعم يحب الشاكرين، وإن أهل الشكر في مزيد الله، فتعالى ربنا وتبارك) (5).
3 - الدعاء بارتفاع الذل وحصول العز:

(1) [3626])) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (4/ 262 - 263)
(2) [3627])) رواه الحاكم (1/ 103). قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين لاحتجاجهما جميعا بأيوب بن عائذ الطائي وسائر رواته ولم يخرجاه وله شاهد، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (1/ 117): صحيح على شرط الشيخين.
(3) [3628])) رواه أبو داود (1425)، والترمذي (464)، والنسائي (3/ 248)، وابن ماجه (1178)، وأحمد (1/ 200) (1727)، قال الترمذي: حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقال الدارقطني في ((الإلزامات والتتبع)) (113): [يلزمهما إخراجه] البخاري ومسلم، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن الملقن في ((البدر المنير)) (3/ 630)، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (2/ 247): رجاله ثقات، وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (2/ 395): سنده رجاله ثقات وله شاهد، وقال ابن حجر في ((الفتوحات الربانية)) (2/ 294): حسن صحيح، وصححه أحمد شاكر في ((المحلى)) (4/ 147)، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(4) [3629])) ((شرح سنن أبي داود،)) لبدر الدين العيني (5/ 336)
(5) [3630])) ((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (5/ 659)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،عن أبي هريرة- رضي الله عنه- أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، كان يقول: ((اللهمّ إنّي أعوذ بك من الفقر، والقلّة، والذّلّة، وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم)) (1).
قال الطيبي: - قوله - (والذلة أي من أن أكون ذليلا في أعين الناس بحيث يستخفونه ويحقرون شأنه والأظهر أن المراد بها الذلة الحاصلة من المعصية أو التذلل للأغنياء على وجه المسكنة والمراد بهذه الأدعية تعليم الأمة) (2).
4 - موالاة الله ورسوله وصالح المؤمنين:
قال تعالى: يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون: 8].
فالعزة لله سبحانه ولرسوله وللمؤمنين ومن والاهم وسار على هداهم ينتفي عنه ذل الدنيا والآخرة ويحصل له عز الدنيا والآخرة.
5 - طاعة الله ورسوله:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء: 59]
قال محمد الخولي: (لو أطاعوه – الرسول - لما أصابهم ما لحقهم من الذل والهوان بالفشل والهزيمة في الحرب تارة؛ والقتل والأسر تارة أخرى، وبالعجز المبين عن أن يقفوا في سبيل دعوته ويمنعوا انتشارها، في أقطار المعمورة؛ ويحولوا دون دخول الناس في دين الله أفواجا؛ وما كان عنادهم ولا مجادلتهم عن يقين يعتقدونه ولا شبه، لم يجل الشك عنها ولكن تكبرا وعتوا. مخافة أن تزول عنهم مناصب توارثوها. ومظاهر تخيلوا أن العز والمجد في المحافظة عليها) (3).
6 - مخالفة هوي النفس:
قال ابن تيمية: (من قهر هواه عز وساد) (4). وقال ابن القيم: (من كانت بدايته مخالفة هواه وطاعة داعي رشده كانت نهايته العز والشرف والغنى والجاه عند الله وعند الناس قال أبو علي الدقاق من ملك شهوته في حال شبيبته أعزه الله تعالى في حال كهولته) (5).
7 - القناعة والزهد في الدنيا:
وهما سبب الخير في الدنيا والآخرة فالحرص على الدنيا وتحصيل أكثر ما يستطاع يورث الإنسان ضياع الورع في طلبه للدنيا وجمعها ولايبالي أخذها بعزة نفس أو ذل من حلال أو حرام.
8 - الاعتصام بحبل الله ونبذ الخلافات:
قال تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا [آل عمران: 103].
وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك أصابعه)) (6). ففي الاتحاد عزة وقوة وفي التفرق ذل وضعف.
9 - الأخذ بالأسباب المادية والمعنوية للعز والقوة:
قال تعالى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ [الأنفال: 60].

(1) [3631])) رواه أبو داود (1544)، والنسائي (8/ 261)، وابن ماجه (771)، وأحمد (2/ 305) (8039)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (678)، والحاكم (1/ 725)، والبيهقي (7/ 12) (12929). والحديث سكت عنه أبو داود، قال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم، وقال ابن عبد البر في ((التمهيد)) (24/ 54): محفوظ، وصححه ابن دقيق العيد في ((الإلمام)) (1/ 325) كما اشترط في المقدمة، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (3/ 21) كما قال في المقدمة، والسيوطي في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (1546)، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيق ((مسند أحمد)) (15/ 196)، وصححه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
(2) [3632])) ((عون المعبود شرح سنن أبي داود)) للعظيم آبادي (4/ 282).
(3) [3633])) ((الأدب النبوي)) لمحمد الخولي (1/ 291)
(4) [3634])) ((غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب)) للسفاريني (2/ 458)
(5) [3635])) ((روضة المحبين ونزهة المشتاقين)) لابن القيم (1/ 483)
(6) [3636])) رواه البخاري (481)، ومسلم (2585).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،متفرقات في الذل
أقوال في الذل:
- قال الحسن البصري: (لقد أبى الله أن يعصيه عبد إلا أذله) (1).
- وكان الإمام أحمد يدعو: (اللهم أعزنا بالطاعة ولا تذلنا بالمعصية) (2).
- وقال الحكيم: (من اعتز بمخلوق ذل) (3).
الذل في أمثال العرب:
1 - كان جملا فاستنوق. أي صار ناقة.
2 - كان حمارا فاستأتن. أي صار أتانا.
3 - ذل لو أجد ناصرا (4).

(1) [3637])) ((حلية الأولياء)) لأبي نعيم (2/ 152).
(2) [3638])) ((الحكم الجديرة بالإذاعة)) لابن رجب الحنبلي (1/ 32).
(3) [3639])) ((معاني الأخبار)) للكلاباذي (1/ 136).
(4) [3640])) انظر: ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (3/ 32)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الذل في واحة الشعر ..
قال المتنبي:
وإلا تمت تحت السيوف مكرماً ... تمت وتقاسي الذل غير مكرم (1)
وقال أيضاً:
ذل من يغبط الذليل بعيش ... رب عيش أخف منه الحمام
من يهن يسهل الهوان عليه ... ما لجرح بميت إيلام (2)
وقال الشاعر:
كم من عزيز أعقب الذل عزه ... فأصبح مرحوما وقد كان يحسد (3)
وقال جرير:
بكى دوبل لا يرقىء الله دمعه ... إلا إنما يبكي من الذل دوبل (4)
وقال زهير:
ومن لا يزل يسترحل الناس نفسه ... ولا يعفها يوما من الذل يندم (5)
وقال طرفة:
بطيء عن الجلى سريع إلى الخنا ... ذليل بأجماع الرجال ملهد (6)
وقال النابغة الجعدي:
يا أيها الناس هل ترون ... إلى فارس بادت وأنفها رغما
أمسوا عبيدا يرعون شاءكم ... كأنما كان ملكهم حلما
أو سبأ الحاضرون مآرب ... إذ يبنون من دون سيله العرما
ففرقوا في البلاد واغترفوا ... الذل وذاقوا البأساء والعدما
وبدلوا السدر والإراك به ... الخمط وأضحى البنيان منهدما (7)
وقال ابن الأعرابي:
إذا كان باب الذل من جانب الغنى ... سموت إلى العلياء من جانب الفقر (8) ...

(1) [3641])) ((العود الهندي)) للسقاف (1/ 416)
(2) [3642])) ((العود الهندي)) للسقاف (1/ 416)
(3) [3643])) ((كتاب العين)) للخليل بن أحمد (1/ 180)
(4) [3644])) ((كتاب العين)) للخليل بن أحمد (5/ 211)
(5) [3645])) ((تهذيب اللغة)) للأزهري (5/ 8)
(6) [3646])) ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (4/ 54)
(7) [3647])) ((المجالسة وجواهر العلم)) للمالكي (2/ 392).
(8) [3648])) ((معالم السنن)) للخطابي (2/ 70)