الخميس، 22 نوفمبر 2012

موسوعة الأخلاق الإسلامية : سوء الظن

سوء الظن

معنى سوء الظن لغة واصطلاحاً
معنى السوء لغة:
قال ابن منظور: (ساءه يسوءه سوءا وسواء ... فعل به ما يكره، نقيض سره. والاسم: السوء بالضم. وسؤت الرجل سواية ومساية، يخففان، أي ساءه ما رآه مني .. وسؤت به ظنا، وأسأت به الظن ... ويقال أسأت به وإليه وعليه وله) (1).
معنى الظن لغة:
قال ابن منظور: (ظننت ذلك ... وظننته ظنا وأظننته واظطننته: اتهمته. والظنة: التهمة .. والظنين: المتهم الذي تظن به التهمة، ومصدره الظنة، والجمع الظنن؛ يقال منه: اظنه واطنه، بالطاء والظاء، إذا اتهمه. ورجل ظنين: متهم من قوم أظناء؛ قال أبو عبيد: قوله يظن يعني يتهم) (2).
معنى سوء الظن اصطلاحاً:
قال الماوردي: (سوء الظن: هو عدم الثقة بمن هو لها أهل) (3).
وقال ابن القيم: (سوء الظن: هو امتلاء القلب بالظنون السيئة بالناس حتى يطفح على اللسان والجوارح) (4).
وقال ابن كثير: سوء الظن (هو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله) (5).

(1) ((لسان العرب)) ابن منظور (1/ 95 - 96) بتصرف يسير
(2) ((لسان العرب)) ابن منظور (13/ 273)
(3) ((أدب الدنيا والدين)) الماوردي (1/ 186)
(4) ((الروح)) ابن القيم (1/ 238) بتصرف يسير
(5) ((تفسير القرآن العظيم)) ابن كثير (7/ 377)

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الفرق بين سوء الظن وبعض الصفات
الفرق بين سوء الظن والاحتراز:
قال ابن القيم: (الفرق بين الاحتراز وسوء الظن:
أن المحترز يكون مع التأهب والاستعداد وأخذ الأسباب التي بها ينجو من المكروه فالمحترز كالمتسلح المتطوع الذي قد تأهب للقاء عدوه وأعد له عدته فهمه في تهيئة أسباب النجاة ومحاربة عدوه قد أشغلته عن سوء الظن به وكلما ساء به الظن أخذ في أنواع العدة والتأهب بمنزلة رجل قد خرج بماله ومركوبه مسافرا فهو يحترز بجهده من كل قاطع للطريق وكل مكان يتوقع منه الشر وكذلك.
وأما سوء الظن فهو امتلاء قلبه بالظنون السيئة بالناس حتى يطفح على لسانه وجوارحه فهم معه أبدا في الهمز واللمز والطعن والعيب والبغض ببغضهم ويبغضونه ويلعنهم ويلعنونه ويحذرهم ويحذرون منه فالأول يخالطهم ويحترز منهم والثاني يتجنبهم ويلحقه أذاهم الأول داخل فيهم بالنصيحة والإحسان مع الاحتراز والثاني خارج منهم مع الغش والدغل والبغض) (1).
الفرق بين الفراسة وسوء الظن:
قال أبو طالب المكي: (الفرق بين الفراسة وسوء الظن:
إنَّ الفراسة ما توسمته من أخيك بدليل يظهر لك أو شاهد يبدو منه أو علامة تشهدها فيه، فتتفرس من ذلك فيه ولا تنطق به إنْ كان سوءاً، ولا تظهره ولا تحكم عليه ولا تقطع به فتأثم.
وسوء الظن ما ظننته من سوء رأيك فيه أو لأجل حقد في نفسك عليه، أو لسوء نية تكون أو خبث حال فيك، تعرفها من نفسك فتحمل حال أخيك عليها وتقيسه بك، فهذا هو سوء الظن والإثم) (2).

(1) انظر: ((الروح)) ابن القيم (1/ 237_ 238) بتصرف.
(2) ((قوت القلوب)) أبو طالب المكي (2/ 371).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،ذم سوء الظن والنهي عنه في القرآن والسنة
ذم سوء الظن والنهي عنه من القرآن الكريم:
- قال تعالى في ذم سوء الظن بالله تعالى وعاقبة من فعل ذلك: ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ [آل عمران: 154.]
قال ابن القيم: (فسر هذا الظن الذي لا يليق بالله بأنه سبحانه لا ينصر رسوله، وأن أمره سيضمحل، وأنه يسلمه للقتل، وقد فسر بظنهم أن ما أصابهم لم يكن بقضائه وقدره، ولا حكمة له فيه، ففسر بإنكار الحكمة، وإنكار القدر، وإنكار أن يتم أمر رسوله، ويظهره على الدين كله .. وإنما كان هذا ظن السوء، وظن الجاهلية المنسوب إلى أهل الجهل، وظن غير الحق لأنه ظن غير ما يليق بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وذاته المبرأة من كل عيب وسوء، بخلاف ما يليق بحكمته وحمده وتفرده بالربوبية والإلهيه، وما يليق بوعده الصادق الذي لا يخلفه وبكلمته التي سبقت لرسله أنه ينصرهم ولا يخذلهم، ولجنده بأنهم هم الغالبون، فمن ظن بأنه لا ينصر رسوله، ولا يتم أمره، ولا يؤيده ويؤيد حزبه، ويعليهم ويظفرهم بأعدائه، ويظهرهم عليهم، وأنه لا ينصر دينه وكتابه، وأنه يديل الشرك على التوحيد، والباطل على الحق إدالة مستقرة يضمحل معها التوحيد والحق اضمحلالا لا يقوم بعده أبدا، فقد ظن بالله ظن السوء، ونسبه إلى خلاف ما يليق بكماله وجلاله وصفاته ونعوته، فإن حمده وعزته وحكمته وإلهيته تأبى ذلك، وتأبى أن يذل حزبه وجنده، وأن تكون النصرة المستقرة والظفر الدائم لأعدائه المشركين به العادلين به، فمن ظن به ذلك فما عرفه ولا عرف أسماءه ولا عرف صفاته وكماله) (1).
- وقال سبحانه في عاقبة من ظن به السوء: وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ [فصلت: 22 - 23].
قال أبو حيان الأندلسي: (هذا الظن كفر وجهل بالله وسوء معتقد يؤدي إلى تكذيب الرسل والشك في علم الإله) (2).

(1) ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) لابن القيم (3/ 206) بتصرف يسير، ((فتح القدير)) للشوكاني (1/ 449).
(2) ((البحر المحيط في التفسير)) لأبي حيان الأندلسي (9/ 300)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال السعدي: (وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ بإقدامكم على المعاصي أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ فلذلك صدر منكم ما صدر، وهذا الظن، صار سبب هلاكهم وشقائهم ولهذا قال: وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ الظن السيئ، حيث ظننتم به، ما لا يليق بجلاله. أَرْدَاكُمْ أي: أهلككم فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ لأنفسهم وأهليهم وأديانهم بسبب الأعمال التي أوجبها لكم ظنكم القبيح بربكم، فحقت عليكم كلمة العقاب والشقاء، ووجب عليكم الخلود الدائم، في العذاب، الذي لا يفتر عنهم ساعة) (1).
- ثم أوضح سبحانه صورة هذا الهلاك والخسران بقوله تعالى: وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [الفتح: 6].
قال ابن القيم: (توعد الله سبحانه الظانين به ظن السوء بما لم يتوعد به غيرهم، كما قال تعالى: عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا [الفتح: 6]) (2).
وقال الشوكاني: (ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات .. أي: يعذبهم في الدنيا بما يصل إليهم من الهموم والغموم بسبب ما يشاهدونه من ظهور كلمة الإسلام وقهر المخالفين له، وبما يصابون به من القهر والقتل والأسر، وفي الآخرة بعذاب جهنم .. عليهم دائرة السوء أي: ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين دائر عليهم، حائق بهم، والمعنى: أن العذاب والهلاك الذي يتوقعونه للمؤمنين واقعان عليهم نازلان بهم ... وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا) (3).
- وقال سبحانه في ذم سوء الظن بمن ظاهره العدالة من المسلمين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات:12].
قال ابن كثير: (قال تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن كثير من الظن، وهو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله؛ لأن بعض ذلك يكون إثما محضا، فليجتنب كثير منه احتياطا) (4).
وقال السعدي: (نهى الله تعالى عن كثير من الظن السوء بالمؤمنين، فـ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وذلك، كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة، وكظن السوء، الذي يقترن به كثير من الأقوال، والأفعال المحرمة، فإن بقاء ظن السوء بالقلب، لا يقتصر صاحبه على مجرد ذلك، بل لا يزال به، حتى يقول ما لا ينبغي، ويفعل ما لا ينبغي، وفي ذلك أيضًا، إساءة الظن بالمسلم، وبغضه، وعداوته المأمور بخلاف ذلك منه) (5).
ذم سوء الظن والنهي عنه من السنة النبوية:
- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث)) (6).

(1) ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) للسعدي (1/ 747)
(2) ((الداء والدواء)) لابن القيم (1/ 138).
(3) انظر ((فتح القدير)) للشوكاني (5/ 54) بتصرف يسير.
(4) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (7/ 377)
(5) ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) للسعدي (1/ 801)
(6) رواه البخاري (5143)، ومسلم (2563).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال الصنعاني: (المراد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إياكم والظن)) سوء الظن به تعالى وبكل من ظاهره العدالة من المسلمين - وقوله فإن الظن أكذب الحديث سماها حديثا؛ لأنه حديث النفس، وإنما كان الظن أكذب الحديث؛ لأن الكذب مخالفة الواقع من غير استناد إلى أمارة، وقبحه ظاهر لا يحتاج إلى إظهاره. وأما الظن فيزعم صاحبه أنه استند إلى شيء فيخفى على السامع كونه كاذبا بحسب الغالب فكان أكذب الحديث، والحديث وارد في حق من لم يظهر منه شتم ولا فحش ولا فجور) (1).
وقال الملا علي القاري: (إياكم والظن أي احذروا اتباع الظن في أمر الدين الذي مبناه على اليقين قال تعالى: وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إَنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا [يونس: 36] قال القاضي: التحذير عن الظن فيما يجب فيه القطع أو التحدث به عند الاستغناء عنه أو عما يظن كذبه .. أو اجتنبوا الظن في التحديث والإخبار، ويؤيده قوله: (فإن الظن): في موضع الظاهر زيادة تمكين في ذهن السامع حثا على الاجتناب أكذب الحديث) (2).
- وعن صفية بنت حيي قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفا، فأتيته أزوره ليلا، فحدثته، ثم قمت لأنقلب، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما، إنها صفية بنت حيي. فقالا: سبحان الله يا رسول الله، قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا أو قال: شيئا)) (3).
قال النووي: (الحديث فيه فوائد منها بيان كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ومراعاته لمصالحهم وصيانة قلوبهم وجوارحهم وكان بالمؤمنين رحيما فخاف صلى الله عليه وسلم أن يلقى الشيطان فى قلوبهما فيهلكا فإن ظن السوء بالأنبياء كفر بالإجماع والكبائر غير جائزة عليهم وفيه أن من ظن شيئا من نحو هذا بالنبي صلى الله عليه وسلم كفر .. وفيه استحباب التحرز من التعرض لسوء ظن الناس في الإنسان وطلب السلامة والاعتذار بالأعذار الصحيحة وأنه متى فعل ما قد ينكر ظاهره مما هو حق وقد يخفى أن يبين حاله ليدفع ظن السوء) (4).
- وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم)) (5).

(1) انظر: ((سبل السلام)) للصنعاني (2/ 664، 665).
(2) ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح) للملا علي القاري (8/ 3147).
(3) رواه البخاري (3281)، ومسلم (2175).
(4) ((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)) للنووي (14/ 156 - 157).
(5) رواه أبو داود (4889)، وأحمد (6/ 4) (23866)، والطبراني (8/ 108) (7516)، والحاكم (4/ 419)، والبيهقي (8/ 333) (17402). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال المنذري في ((الترغيب والترهيب)) (3/ 242): [فيه] إسماعيل بن عياش وجبير بن نفير أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو في التابعين وكثير بن مرة نص الأئمة على أنه تابعي وذكره عبدان في الصحابة، قال الهيثمى (5/ 218): رواه أحمد والطبرانى، ورجاله ثقات، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (3/ 469) كما قال في المقدمة، والسيوطي في ((الجامع الصغير)) (1956)، وصححه لغيره الألباني في ((صحيح سنن أبي داود)).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال المناوي: (إن الأمير إذا ابتغى الريبة: أي طلب الريبة أي التهمة في الناس بنية فضائحهم أفسدهم وما أمهلهم وجاهرهم بسوء الظن فيها فيؤديهم ذلك إلى ارتكاب ما ظن بهم ورموا به ففسدوا ومقصود الحديث حث الإمام على التغافل وعدم تتبع العورات فإن بذلك يقوم النظام ويحصل الانتظام والإنسان قل ما يسلم من عيبه فلو عاملهم بكل ما قالوه أو فعلوه اشتدت عليهم الأوجاع واتسع المجال بل يستر عيوبهم ويتغافل ويصفح ولا يتبع عوراتهم ولا يتجسس عليهم) (1).
أقوال السلف والعلماء في ذم سوء الظن:
- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (إذا استولى الصلاح على الزمان وأهله ثم أساء رجل الظن برجل لم تظهر منه خزية فقد ظلم) (2).
- وعنه أيضاً: (ليس من العدل القضاء على الثقة بالظن) (3).
- وقال ابن عباس: (إن الله قد حرم على المؤمن من المؤمن دمه وماله وعرضه وأن يظن به ظن السوء) (4).
- وقال ابن مسعود: (الأمانة خير من الخاتم. والخاتم خير من ظن السوء) (5).
- وقال سلمان الفارسي: (إني لأعد غراف قدري مخافة الظن) (6).
- وقال ابن عطية: (كان أبو العالية يختم على بقية طعامه مخافة سوء الظن بخادمه) (7).
- وقال القاضي عياض: (ظن السوء بالأنبياء كفر) (8).
- وقال الغزالي: (سوء الظن غيبة بالقلب) (9).
- وقال الخطابي: (الظن منشأ أكثر الكذب) (10).
- وقال إسماعيل بن أمية: (ثلاث لا يعجزن ابن آدم الطيرة وسوء الظن والحسد قال فينجيك من الطيرة ألا تعمل بها وينجيك من سوء الظن ألا تتكلم به وينجيك من الحسد ألا تبغي أخاك سوءا) (11).
- وقال الحارث المحاسبي: (احم القلب عن سوء الظن بحسن التأويل) (12).

(1) ((فيض القدير شرح الجامع الصغير)) للمناوي (2/ 323)
(2) ذكره الزمخشري في ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) (3/ 257).
(3) ذكره الزمخشري في ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) (3/ 257).
(4) ((إحياء علوم الدين)) لأبي حامد الغزالي (2/ 177)، قال العراقي في ((تخريج الإحياء)) (2/ 221): أخرجه الحاكم في التاريخ من حديث ابن عباس دون قوله: و (عرضه)، ورجاله ثقات.
(5) ذكره ابن عطية في ((المحرر الوجيز)) (5/ 134). وقد رواه ابن أبي شيبة مسندا عن أبي ذر (13/ 341)
(6) ذكره ابن عطية في ((المحرر الوجيز)) (5/ 134).
(7) ((المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)) لابن عطية (5/ 151)
(8) ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) للقاضي عياض (7/ 63)
(9) ((إحياء علوم الدين)) لأبي حامد الغزالي (2/ 177)
(10) ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) لبدر الدين العيني (23/ 232)
(11) ((غريب الحديث)) للخطابي (1/ 85)
(12) ((رسالة المسترشدين)) للحارث المحاسبي (1/ 89)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقسام سوء الظن وحكم كل قسم منها
الحكم على سوء الظن يشمل قسمين: سوء ظن الذي يؤاخذ به صاحبه. وسوء الظن الذي لا يؤاخذ به صاحبه.
القسم الأول: سوء الظن الذي يؤاخذ به صاحبه:
وضابط هذا النوع: هو كل ظن ليس عليه دليل صحيح معتبر شرعا استقر في النفس وصدقه صاحبه واستمر عليه وتكلم به وسعى في التحقق منه (1).
وهو أنواع ولكل نوع حكم خاص وهو كالتالي:
1 - سوء الظن المحرم: ويشمل سوء الظن بالله تعالى، وسوء الظن بالمؤمنين.
فسوء الظن بالله تعالى من أعظم الذنوب: قال ابن القيم: (أعظم الذنوب عند الله إساءة الظن به) (2). وقال الماوردي: (سوء الظن هو عدم الثقة بمن هو لها أهل، فإن كان بالخالق كان شكا يؤول إلى ضلال) (3).
أما سوء الظن بالمؤمنين: ويشمل سوء الظن بالأنبياء وهو كفر، قال النووي: (ظن السوء بالأنبياء كفر بالإجماع) (4). وسوء الظن بمن ظاهره العدالة من المسلمين. وقد عد الهيثمي سوء الظن بالمسلم الذي ظاهره العدالة من الكبائر (5).
2 - سوء الظن الجائز: (6) ويشمل: سوء الظن بمن اشتهر بين الناس بمخالطة الريب، والمجاهرة بالمعاصي. وسوء الظن بالكافر. قال ابن عثيمين: (يحرم سوء الظن بمسلم، أما الكافر فلا يحرم سوء الظن فيه؛ لأنه أهل لذلك، وأما من عُرف بالفسوق والفجور، فلا حرج أن نسيء الظن به؛ لأنه أهل لذلك، ومع هذا لا ينبغي للإنسان أن يتتبع عورات الناس، ويبحث عنها؛ لأنه قد يكون متجسساً بهذا العمل) (7).
3 - سوء الظن المستحب: وهو ما كان بين الإنسان وعدوه، قال أبو حاتم البستي:- ما - (يستحب من سوء الظن .. كمن بينه وبينه عداوة أو شحناء في دين أو دنيا يخاف على نفسه مكره فحينئذ يلزمه سوء الظن بمكائده ومكره لئلا يصادفه على غرة بمكره فيهلكه) (8).
4 - سوء الظن الواجب: وهو ما احتيج لتحقيق مصلحة شرعية كجرح الشهود ورواة الحديث (9).
حكم سوء الظن بالنفس:
سوء الظن بالنفس اختلف فيه العلماء، فمنهم من رأى الاستحباب. قال ابن القيم: (أما سوء الظن بالنفس فإنما احتاج إليه؛ لأن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال التفتيش ويلبس عليه، فيرى المساوئ محاسن، والعيوب كمالا، فإن المحب يرى مساوئ محبوبه وعيوبه كذلك.
فعين الرضى عن كل عيب كليلة ... كما أن عين السخط تبدي المساويا
ولا يسيء الظن بنفسه إلا من عرفها، ومن أحسن ظنه بنفسه فهو من أجهل الناس بنفسه) (10).

(1) انظر: ((معالم السنن)) للخطابي (4/ 123)، ((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)) للنووي (16/ 119).
(2) ((الداء والدواء)) لابن القيم (1/ 138)، ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (1/ 150)
(3) انظر: ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (1/ 186).
(4) ((إكمال المعلم بفوائد مسلم)) للقاضي عياض (7/ 63)، ((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج))، للنووي (14/ 156 - 157).
(5) انظر: ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (1/ 130).
(6) ((الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل)) للزمخشري (4/ 371 - 372) ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) لابن عثيمين (5/ 300)، ا ((لأذكار)) للنووي (1/ 344).
(7) ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) لابن عثيمين (5/ 300).
(8) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لأبي حاتم البُستي (1/ 127).
(9) ((الأذكار)) للنووي (1/ 341).
(10) ((مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين)) لابن القيم (1/ 189)، ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (1/ 235 - 236).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،وضابط سوء الظن بالنفس، كما قال الشيخ سفر الحوالي: (العبرة المأخوذة من حديث الصادق المصدوق - إنما الأعمال بالخواتيم - .. هو اتهام النفس، فلا يتهم ربه، وإنما يتهم الإنسان نفسه بالتقصير، ويعاملها بالاتهام ليدفع عنها الغرور والعجب، دون أن يخرجه ذلك إلى حد سوء الظن بالله، أو اليأس من رحمته؛ لأنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، فلا ييأس الإنسان من روح الله ولا يقنط من رحمته، لكن ليجتهد في الطاعات، ومع ذلك يتهم نفسه وعمله ولا يدري أقبل عمله أم لم يقبل؟ مع ثقته في أن الله سبحانه وتعالى لن يضيع عمل عامل من المؤمنين أبدا) (1).
ومنهم من رأى الكراهة؛ قال الماوردي: (منهم من كرهه لما فيه من اتهام طاعتها، ورد مناصحتها. فإن النفس وإن كان لها مكر يردي فلها نصح يهدي. فلما كان حسن الظن بها يعمي عن مساوئها، كان سوء الظن بها يعمي عن محاسنها. ومن عمي عن محاسن نفسه كان كمن عمي عن مساوئها، فلم ينف عنها قبيحا ولم يهد إليها حسنا. وقال الأحنف بن قيس: من ظلم نفسه كان لغيره أظلم، ومن هدم دينه كان لمجده أهدم) (2).
- ومنهم من قال بالموازنة بين سوء الظن وحسن الظن. قال الجاحظ:- ينبغي على المرء أن - (يكون في التهمة لنفسه معتدلا، وفي حسن الظن بها مقتصدا، فإنه إن تجاوز مقدار الحقّ في التهمة لنفسه ظلمها، فأودعها ذلة المظلومين، وإن تجاوز الحق في مقدار حسن الظن بها، آمنها فأودعها تهاون الآمنين. ولكل ذلك مقدار من الشغل، ولكل شغل مقدار من الوهن، ولكل وهن مقدار من الجهل) (3).
القسم الثاني: سوء الظن الذي لا يؤاخذ به صاحبه:
وضابطه: هو الخواطر الطارئة غير المستقرة التي يجاهدها صاحبها ولا يسعى للتحقق منها.
قال النووي: (الخواطر، وحديث النفس، إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء، لأنه لا اختيار له في وقوعه، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه، وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل)) قال العلماء: المراد به الخواطر التي لا تستقر. قالوا: وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفرا أو غيره، فمن خطر له الكفر مجرد خطر من غير تعمد لتحصيله، ثم صرفه في الحال، فليس بكافر، ولا شيء عليه .. وسبب العفو ما ذكرناه من تعذر اجتنابه، وإنما الممكن اجتناب الاستمرار عليه فلهذا كان الاستمرار وعقد القلب حراما ومهما عرض لك هذا الخاطر بالغيبة وغيرها من المعاصي، وجب عليك دفعه بالإعراض عنه وذكر التأويلات الصارفة له عن ظاهره) (4).

(1) ((شرح العقيدة الطحاوية)) لسفر الحوالي.
(2) ((أدب الدنيا والدين)) (1/ 234 - 235).
(3) ((البيان والتبيين)) للجاحظ (1/ 95 - 96).
(4) ((الأذكار)) للنووي (1/ 345)، ((إحياء علوم الدين)) لأبي حامد الغزالي (3/ 150).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الآثار السيئة لسوء الظن
هنالك مضار وآثار سيئة لسوء الظن بالله وبالناس، ومن هذه الآثار أنه:
1 - سبب للوقوع في الشرك والبدعة والضلال:
سوء الظن بالله سبب في الوقوع في الشرك، قال ابن القيم: (الشرك والتعطيل مبنيان على سوء الظن بالله تعالى .. لأن الشرك هضم لحق الربوبية، وتنقيص لعظمة الإلهية، وسوء ظن برب العالمين، ولهذا قال إبراهيم إمام الحنفاء لخصمائه من المشركين: أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات: 86 - 87]) (1).
قال المقريزي: (اعلم أنك إذا تأملت جميع طوائف الضلال والبدع وجدت أصل ضلالهم راجعا إلى شيئين. أحدهما: .. الظن بالله ظن السوء) (2).
2 - صفة من لا يحبهم الله تعالى:
قال تعالى: وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ [فصلت: 23].
قال ابن القيم: (كل مبطل وكافر ومبتدع مقهور مستذل، فهو يظن بربه هذا الظن وأنه أولى بالنصر والظفر والعلو من خصومه، فأكثر الخلق بل كلهم إلا من شاء الله يظنون بالله غير الحق ظن السوء، فإن غالب بني آدم يعتقد أنه مبخوس الحق ناقص الحظ، وأنه يستحق فوق ما أعطاه الله ولسان حاله يقول: ظلمني ربي ومنعني ما أستحقه، ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه ينكره، ولا يتجاسر على التصريح به، ومن فتش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك فيها كامنا كمون النار في الزناد) (3).
3 - سبب في استحقاق لعنة الله وغضبه:
قال تعالى: وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [الفتح:6].
قال ابن القيم: (توعد الله سبحانه الظانين به ظن السوء بما لم يتوعد به غيرهم، كما قال تعالى: عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا [الفتح: 6]) (4).
4 - يورث الإنسان الأخلاق السيئة:
سوء الظن يورث الإنسان الأخلاق السيئة كالجبن والبخل والشح والحقد والحسد والتباغض
قال ابن عباس: (الجبن والبخل والحرص غرائز سوء يجمعها كلها سوء الظن بالله عز وجل) (5).
وقال ابن القيم: (الشح فهو خلق ذميم يتولد من سوء الظن وضعف النفس ويمده وعد الشيطان) (6).
وقال المهلب: (التباغض والتحاسد أصلهما سوء الظن، وذلك أن المباغض والمحاسد يتأول أفعال من يبغضه ويحسده على أسوأ التأويل) (7).
5 - من أساء الظن أساء العمل:
قال الطبري – بسنده إلى الحسن -: (تلا الحسن: وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فقال: إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم; فأما المؤمن فأحسن بالله الظن، فأحسن العمل; وأما الكافر والمنافق، فأساءا الظن فأساءا العمل) (8).
6 - سبب في وجود الأحقاد والعداوة:

(1) انظر: ((إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان)) لابن القيم (1/ 60 - 62).
(2) ((رسائل المقريزي)) للمقريزي (1/ 102) بتصرف يسير.
(3) ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) ابن القيم (3/ 211) ((الصواعق المرسلة في الرد على الجهمية والمعطلة)) لابن القيم (4/ 1356) ((الداء والدواء)) لابن القيم (1/ 138).
(4) ((الداء والدواء)) لابن القيم (1/ 138).
(5) ((الآداب الشرعية والمنح المرعية)) لابن مفلح (1/ 47)
(6) ((الروح)) لابن القيم (1/ 237).
(7) ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطال (9/ 261).
(8) ((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (21/ 456 - 457).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،فإن الظن السيئ (يزرع الشقاق بين المسلمين ويقطع حبال الأخوة ويمزق وشائج المحبة ويزرع العداء والبغضاء والشحناء) (1).
قال ابن القيم: (أما سوء الظن فهو امتلاء قلبه بالظنون السيئة بالناس حتى يطفح على لسانه وجوارحه فهم معه أبداً في الهمز واللمز والطعن والعيب والبغض، ببغضهم ويبغضونه ويلعنهم ويلعنونه ويحذرهم ويحذرون منه ... ويلحقه أذاهم .. خارج منهم مع الغش والدغل والبغض) (2).
7 - يؤدي إلى تتبع عورات المسلمين:
قال الغزالي: (من ثمرات سوء الظن التجسس فإن القلب لا يقنع بالظن ويطلب التحقيق فيشتغل بالتجسس وهو أيضا منهي عنه قال الله تعالى ولا تجسسوا فالغيبة وسوء الظن والتجسس منهي عنه في آية واحدة ومعنى التجسس أن لا يترك عباد الله تحت ستر الله فيتوصل إلى الاطلاع وهتك الستر حتى ينكشف له ما لو كان مستورا عنه كان أسلم لقلبه ودينه) (3).
8 - سبب للمشاكل العائلية:
قال عبد العزيز السلمان: (من أسباب المشاكل العائلية سوء الظن من أحدهما وغضبه قبل التذكر والتثبت فيقع النزاع وربما حصل فراق ثم تبين الأمر خلاف الظن) (4).
وقال ابن القيم: (الغيرة مذمومة منها غيرة يحمل عليها سوء الظن فيؤذى بها المحب محبوبه ويغري عليه قلبه بالغضب وهذه الغيرة يكرهها الله إذا كانت في غير ريبة ومنها غيرة تحمله على عقوبة المحبوب بأكثر مما يستحقه) (5).
9 - إضعاف الثقة بين المؤمنين: (6)
10 - من مداخل الشيطان الموقعة في كبائر الذنوب:
قال الغزالي: (من عظيم حيل الشيطان .. سوء الظن بالمسلمين قال الله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات: 12] فمن يحكم بشر على غيره بالظن بعثه الشيطان على أن يطول فيه اللسان بالغيبة فيهلك أو يقصر في القيام بحقوقه أو يتوانى في إكرامه وينظر إليه بعين الاحتقار ويرى نفسه خيرا منه وكل ذلك من المهلكات) (7).
11 - سبب في مرض القلب وعلامة على خبث الباطن:
قال الغزالي: (مهما رأيت إنسانا يسيء الظن بالناس طالبا للعيوب فاعلم أنه خبيث الباطن وأن ذلك خبثه يترشح منه وإنما رأى غيره من حيث هو فإن المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب العيوب والمؤمن سليم الصدر في حق كافة الخلق) (8).
12 - يسبب عدم الثقة بالآخرين:
قال الزمخشري: (قيل لعالم:- من أسوأ الناس حالا؟ قال:- من لا يثق بأحد لسوء ظنّه، ولا يثق به أحد لسوء فعله) (9).

(1) ((ظاهرة الغلو في الدين في العصر الحديث)) لمحمد عبد الحكيم (1/ 210).
(2) ((الروح)) لابن القيم (1/ 238).
(3) ((إحياء علوم الدين)) لأبي حامد الغزالي (3/ 152).
(4) ((موارد الظمآن لدروس الزمان)) لعبد العزيز السلمان (4/ 272).
(5) ((روضة المحبين ونزهة المشتاقين)) لابن القيم (1/ 311).
(6) ((الرائد دروس في التربية والدعوة)) لمازن الفريح (2/ 168).
(7) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 36).
(8) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 36).
(9) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (3/ 298).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،صور سوء الظن
لسوء الظن صور عديدة في شتى أقسامه لا يمكن حصرها فكل الناس إلا من رحم الله واقع فيها.
قال ابن القيم: (أكثر الخلق بل كلهم إلا من شاء الله يظنون بالله غير الحق ظن السوء، فإن غالب بني آدم يعتقد أنه مبخوس الحق ناقص الحظ، وأنه يستحق فوق ما أعطاه الله ولسان حاله يقول: ظلمني ربي ومنعني ما أستحقه، ونفسه تشهد عليه بذلك، وهو بلسانه ينكره، ولا يتجاسر على التصريح به، ومن فتش نفسه وتغلغل في معرفة دفائنها وطواياها رأى ذلك فيها كامنا كمون النار في الزناد، فاقدح زناد من شئت ينبئك شراره عما في زناده، ولو فتشت من فتشته لرأيت عنده تعتبا على القدر وملامة له واقتراحا عليه خلاف ما جرى به، وأنه كان ينبغي أن يكون كذا وكذا، فمستقل ومستكثر، وفتش نفسك هل أنت سالم من ذلك ... فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا الموضع) (1).

(1) ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) لابن القيم (3/ 211).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أسباب الوقوع في سوء الظن
1 - الجهل وسوء القصد والفهم:
فالجهل من الأسباب الذي يؤدي إلى سوء الظن بسبب عدم فهم حقيقة (ما يرى وما يقرأ ومرمى ذلك وعدم إدراك حكم الشرع الدقيق في هذه المواقف خصوصا إذا كانت المواقف غريبة، تحتاج إلى فقه دقيق ونظر بعيد يجعل صاحبه يبادر إلى سوء الظن والاتهام بالعيب والانتقاص من القدر فانظر إلى ذي الخويصرة الجهول لماذا أساء الظن بالرسول واتهمه بعدم الإخلاص؟ فقال اعدل يا محمد فما عدلت هذه قسمة ما أريد بها وجه الله لقد دفعه إلى الظن السيئ والفعل القبيح جهله وسطحية فهمه وقلة فقهه لمقاصد الشريعة ومصالح الدين الشرعية) (1).
2 - اتباع الهوى وتعميم الأحكام على الناس:
قال الغزالي: (المسلم يستحق بإسلامه عليك أن لا تسيء الظن به فإن أسأت الظن به في عينه لأنك رأيت فسادا من غيره فقد جنيت عليه وأثمت به في الحال .. ويدل عليه أنا نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم في غزواتهم وأسفارهم كانوا ينزلون في القرى ولا يردون القرى ويدخلون البلاد ولا يحترزون من الأسواق وكان الحرام أيضا موجودا في زمانهم وما نقل عنهم سؤال إلا عن ريبة إذ كان صلى الله عليه وسلم لا يسأل عن كل ما يحمل إليه بل سأل في أول قدومه إلى المدينة عما يحمل إليه أصدقة أم هدية لأن قرينة الحال تدل وهو دخول المهاجرين المدينة وهم فقراء فغلب على الظن أن ما يحمل إليهم بطريق الصدقة) (2).
3 - مصاحبة أهل الفسق والفجور:
قال أبو حاتم البستي: (صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار ومن خادن الأشرار لم يسلم من الدخول في جملتهم، فالواجب على العاقل أن يجتنب أهل الريب لئلا يكون مريبا فكما أن صحبة الأخيار تورث الخير كذلك صحبة الأشرار تورث الشر) (3).
4 - التواجد في مواطن التهم والريب:
من أسباب إساءة الناس الظن بالمرء تواجده في أماكن الريب والفجور ولهذا قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه: (من أقام نفسه مقام التهم فلا يلومن من أساء به الظن) (4).
5 - الحقد والحسد على المظنون به:
قال أبو طالب المكي: (سوء الظن ما ظننته من سوء رأيك فيه أو لأجل حقد في نفسك عليه، أو لسوء نية تكون أو خبث حال فيك، تعرفها من نفسك فتحمل حال أخيك عليها وتقيسه بك، فهذا هو سوء الظن والإثم) (5).
6 - الإسراف في الغيرة:
((إن من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يكره الله فالغيرة التي يحبها الله الغيرة في الريبة والغيرة التي يكرهها الله الغيرة في غير ريبة)) (6).
قال الغزالي: (لأن ذلك من سوء الظن الذي نهينا عنه فإن بعض الظن إثم.
وقال علي رضي الله عنه: لا تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك) (7).

(1) ((ظاهرة الغلو في الدين في العصر الحديث)) لمحمد عبد الحكيم (1/ 201 - 202).
(2) ((إحياء علوم الدين)) لأبي حامد الغزالي (2/ 119).
(3) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لأبي حاتم البُستي (1/ 100).
(4) رواه الخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (445). وللأثر طرق أخرى كلها ضعيفة.
(5) ((قوت القلوب)) لأبي طالب المكي (2/ 371).
(6) رواه أبو داود (2659)، والنسائي (5/ 78)، وأحمد (5/ 445) (23801)، والدارمي (2/ 200) (2226)، والبيهقي (7/ 308) (15198). من حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه. والحديث سكت عنه أبو داود، وقال ابن الملقن في ((شرح البخاري)) (25/ 108): إسناده جيد، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (3/ 325)، والألباني في ((صحيح سنن النسائي)).
(7) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (2/ 46).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الوسائل المعينة على ترك سوء الظن
1 - الاستعاذة بالله والتوقف عن الاسترسال في الظنون:
إذا كان سوء الظن الوارد متعلق بالله سبحانه وتعالى فمما ورد في علاج ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته)) (1).
2 - معرفة أسماء الله وصفاته على منهج السلف الصالح:
قال ابن القيم: (أكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم عن ذلك إلا من عرف الله وعرف أسماءه وصفاته، وعرف موجب حمده وحكمته، فمن قنط من رحمته وأيس من روحه، فقد ظن به ظن السوء) (2).
3 - الخوف من عقوبة من يسيء الظن:
قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا [الأحزاب: 58].
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: قال: صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع، فقال ((يا معشر من أسلم بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله)) (3).
قال ابن عثيمين: (أما من فُتن ـ والعياذ بالله ـ وصار يتتبع عورات الناس، ويبحث عنها، وإذا رأى شيئاً يحتمل الشر ولو من وجه بعيد طار به فرحاً ونشره، فليبشر بأن من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في جحر بيته) (4).
4 - سوء الظن بالنفس واتهامها بالتقصير:
قال ابن القيم: (ليظن – العبد - السوء بنفسه التي هي مأوى كل سوء، ومنبع كل شر المركبة على الجهل والظلم، فهي أولى بظن السوء من أحكم الحاكمين وأعدل العادلين وأرحم الراحمين، الغني الحميد الذي له الغنى التام والحمد التام والحكمة التامة، المنزه عن كل سوء في ذاته وصفاته وأفعاله وأسمائه، فذاته لها الكمال المطلق من كل وجه، وصفاته كذلك، وأفعاله كذلك، كلها حكمة ومصلحة ورحمة وعدل، وأسماؤه كلها حسنى) (5).
5 - المداومة على محاسبة النفس والاستغفار:
قال ابن القيم: (فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا الموضع وليتب إلى الله تعالى، وليستغفره كل وقت من ظنه بربه ظن السوء) (6).
6 - معرفة حكم سوء الظن بالمسلم:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا. ويشير إلى صدره ثلاث مرات: بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه)) (7).
7 - ترك التحقق من الظنون السيئة:

(1) رواه البخاري (3276)، ومسلم (134).
(2) ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) لابن القيم (3/ 206).
(3) رواه الترمذي (2032)، وابن حبان (13/ 75) (5763). قال الترمذي: حسن غريب، وصحح إسناده الزيلعي في ((تخريج الكشاف)) (3/ 344)، وحسنه ابن حجر في ((تخريج مشكاة المصابيح)) (4/ 451) كما قال في المقدمة، والألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(4) ((الشرح الممتع على زاد المستقنع)) لابن عثيمين (5/ 301).
(5) ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) لابن القيم (3/ 211).
(6) ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) لابن القيم (3/ 211).
(7) رواه مسلم (2564).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ [الحجرات: 12].
8 - أن يتأول ما ظاهره السوء وأن يجد له مخرجاً:
قال عمر بن الخطاب: (لا يحل لامرئٍ مسلم سمع من أخيه كلمة أن يظن بها سوءاً، وهو يجد لها في شيء من الخير مخرجاً) (1).
وقال ابن عباس رضي الله عنه: (ما بلغني عن أخٍ مكروهٌ قطّ إلا أنزلته إِحدى ثلاث منازل: إن كان فَوقي عرفتُ له قدره، وإن كان نظيري تفضّلت عليه، وإن كان دوني لم أحفل به. هذه سيرتي في نفسي، فمن رغب عنها فأرضُ الله واسعة) (2).
9 - عدم مصاحبة من ابتلي بإساءة الظن:
قال أبو حاتم البستي: (الواجب على العاقل أن يجتنب أهل الريب لئلا يكون مريبا فكما أن صحبة الأخيار تورث الخير كذلك صحبة الأشرار تورث الشر) (3).
10 - البعد عن مواطن التهم والريب:
عن صفية بنت حيي، قالت: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا، فحدثته ثم قمت فانقلبت، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: على رسلكما إنها صفية بنت حيي فقالا سبحان الله يا رسول الله قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما سوءا، أو قال: شيئا)) (4).
قال ابن بطال: (في قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنها صفية)) السنة الحسنة لأمته، أن يتمثلوا فعله ذلك في البعد عن التهم ومواقف الريب) (5).
وقال الغزالي: (حتى لا يتساهل العالم الورع المعروف بالدين في أحواله فيقول مثلي لا يظن به إلا الخير إعجابا منه بنفسه فإن أورع الناس وأتقاهم وأعلمهم لا ينظر الناس كلهم إليه بعين واحدة بل بعين الرضا بعضهم وبعين السخط بعضهم ... فيجب الاحتراز عن ظن السوء وعن تهمة الأشرار فإن الأشرار لا يظنون بالناس كلهم إلا الشر) (6).
وقال أيضاً: - ينبغي على المرء - (أن يتقي مواضع التهم صيانة لقلوب الناس عن سوء الظن ولألسنتهم عن الغيبة فإنهم إذا عصوا الله بذكره وكان هو السبب فيه كان شريكا قال الله تعالى: وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ [الأنعام: 108]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((كيف ترون من يسب أبويه فقالوا: وهل من أحد يسب أبويه فقال: نعم يسب أبوي غيره فيسبون أبويه))) (7).

(1) ذكره ابن عبدالبر في ((التمهيد)) (18/ 20).
(2) ذكره ابن مفلح في ((الآداب الشرعية)) (2/ 13) وعزاه إلى أبي حفص العكبري في ((الأدب)).
(3) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لأبي حاتم البُستي (1/ 100).
(4) رواه البخاري (3281)، ومسلم (2175).
(5) ((شرح صحيح البخارى)) لابن بطال (4/ 175).
(6) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 36).
(7) ((إحياء علوم الدين)) لأبي حامد الغزالي (2/ 201) والحديث أصله في الصحيحين رواه البخاري (5973)، ومسلم (90) ولفظ البخاري: (إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه. قيل: يا رسول الله، وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه). من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،سوء الظن في واحة الشعر ..
قال أبو الطيب:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ... وصدق ما يعتاده من توهم
وعادى محبيه بقول عداته ... وأصبح في ليل من الشك مظلم (1)
وقال الشاعر:
وإني بها في كل حال لواثق ... ولكن سوء الظن من شدة الحب (2)
وقال ابن القيم:
فلا تظنن بربك ظن سوء ... فإن الله أولى بالجميل
ولا تظنن بنفسك قط خيرا ... فكيف بظالم جان جهول
وقل: يا نفس مأوى كل سوء ... أترجو الخير من ميت بخيل
وظن بنفسك السوأى ... تجدها كذاك وخيرها كالمستحيل
وما بك من تقى فيها وخير ... فتلك مواهب الرب الجليل
وليس لها ولا منها ولكن ... الرحمن فاشكر للدليل (3)
وقال الشاعر:
وحسن الظن يحسن في أمور ... ويمكن في عواقبه ندامه
وسوء الظن يسمج في وجوه ... وفيه من سماجته حزامه
وقال بلعاء بن قيس:
وأبغى صواب الظنّ أعلم أنّه ... إذا طاش ظنّ المرء طاشت مقادره (4) ...

(1) ((العزلة)) للخطابي (1/ 31).
(2) ((الآداب الشرعية والمنح المرعية)) لابن مفلح (1/ 47).
(3) ((زاد المعاد في هدي خير العباد)) لابن القيم (3/ 211، 212).
(4) ((البرصان والعرجان والعميان والحولان)) للجاحظ (1/ 23).