الأحد، 18 نوفمبر 2012

موسوعة الأخلاق الإسلامية : العزم والعزيمة

العزم والعزيمة

معنى العزم والعزيمة لغة واصطلاحاً
معنى العزم والعزيمة لغة:
قال ابن سيده: (العَزْم: الجد. عَزَم على الأمر يَعْزِم عَزْما ومَعْزِما، وعُزْمانا، وعَزِيما، وعَزِيمة. وعَزَمَه، واعْتَزَمه، واعتزم عليه .... وتَعَزَّم: كعَزَم ... وعزم عليه ليفعلن أقسم) (1).
قال ابن منظور: (العَزْمُ الصَّبْرُ في لغة هذيل يقولون ما لي عنك عَزْمٌ أي صَبْرٌ) (2).
والصريمة والعزيمة والَعزِيم والعزيمة واحدة .. وهي الحاجة التي قد عزمت على فعلها .. يقال: طوى فلان فؤاده على عزيمة أمرٍ. إذا أسرّها في فؤاده (3).
قال أبو جعفر: (أصل العزم اعتقاد القلب على الشيء) (4).
معنى العزم والعزيمة اصطلاحاً:
قال ابن عاشور العزم: (إمضاء الرأي، وعدم التردد بعد تبين السداد) (5).
وقال الهروي: (العزم تحقيق القصد طوعا أو كرها) (6).
وقال ابن الأثير: العزيمة (هي ما وكدت رأيك وعزمك عليه ووفيت بعهد الله فيه. والعزم: الجد والصبر) (7).
الفرق بين العزم والحزم والنية
الفرق بين العزم والحزم
في العزم والحزم وجهان:
أحدهما: أن معناهما واحد وإن اختلف لفظهما.
قال مؤرج: العزم: الحزم، بلغة هذيل.
الثاني: معناهما مختلف:
والحزم والعزم أصلان، وما قاله المبرد من أن العين قلبت حاء ليس بشيء، لاطراد تصاريف كل واحد من اللفظين، فليس أحدهما أصلاً للآخر.
- وفي اختلافهما وجهان:
- الحزم جودة النظر في الأمر، ونتيجته الحذر من الخطأ فيه. والعزم قصد الإمضاء وعليه فالحزم الحذر والعزم القوة، ومنه المثل: لا خير في عزم بغير حزم.
الثاني: أن الحزم التأهب للأمر والعزم النفاذ فيه، ومنه قولهم في بعض الأمثال: رَوِّ بحزم فإذا استوضحت فاعزم (8).
الفرق بين العزم والنية:
(الصلة بين النية والعزم: أنهما مرحلتان من مراحل الإرادة، والعزم اسم للمتقدم على الفعل، والنية اسم للمقترن بالفعل مع دخوله تحت العلم بالمنوي) (9).

(1) ((المحكم والمحيط الأعظم)) ابن سيده (1/ 533).
(2) ((لسان العرب)) ابن منظور (12/ 399).
(3) ((انظر تهذيب اللغة)) الأزهري (2/ 91).
(4) ((تفسير الطبري)) (18/ 385).
(5) ((التحرير والتنوير))، ابن عاشور (4/ 190).
(6) ((منازل السائرين))، عبد الله الأنصاري الهروي (1/ 65).
(7) ((النهاية في غريب الأثر)) (3/ 231).
(8) انظر: ((تفسير النكت والعيون)) للماوردي (2/ 214)، ((البحر المحيط))، أبو حيان الأندلسي (3/ 464).
(9) ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (42/ 60).

،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
الترغيب على العزم والعزيمة في فعل الخير من القرآن والسنة
الترغيب والحث على العزم والعزيمة من القرآن الكريم:
العزم والعزيمة على فعل الخير وعدم التردد والمسارعة لفعل الخيرات من شيم الصالحين والعزيمة هي الدافع لفعل الخير ولهذا حث الله عليها في كتابه في غير آية ومن ذلك:
- قال تعالى فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159].
قال أبو الهيثم: في قوله تعالى (فإذا عزم الأمر: .. هو فاعل معناه المفعول، وإنما يُعْزم الأمر ولا يعزم، والعزم للإنسان لا للآمر) (1).
وقال ابن جرير الطبري رحمه الله تعالى: (أما قوله: فإذا عزمت فتوكل على الله
فإنه يعني: فإذا صح عزمك بتثبيتنا إياك، وتسديدنا لك فيما نابك وحزبك من أمر دينك ودنياك، فامض لما أمرناك به على ما أمرناك به، وافق ذلك آراء أصحابك وما أشاروا به عليك، أو خالفها وتوكل، فيما تأتي من أمورك وتدع، وتحاول أو تزاول، على ربك، فثق به في كل ذلك، وارض بقضائه في جميعه، دون آراء سائر خلقه ومعونتهم فإن الله يحب المتوكلين، وهم الراضون بقضائه، والمستسلمون لحكمه فيهم، وافق ذلك منهم هوى أو خالفه) (2).
وقال الجصاص: (فِي ذِكْرِ الْعَزِيمَةِ عَقِيبَ الْمُشَاوَرَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهَا صَدَرَتْ عَنْ الْمَشُورَةِ وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَصٌّ قَبْلَهَا) (3).
وقال البخاري رحمه الله تعالى: (فإذا عزم الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن لبشر التقدم على الله ورسوله) (4).
- وقال تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [آل عمران: 186].
قال الشوكاني: فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي (مما يجب عليكم أن تعزموا عليه لكونه عزمة من عزمات الله التي أوجب عليهم القيام بها) (5).
وقال الرازي: (من صواب التدبير الذي لا شك في ظهور الرشد فيه، وهو مما ينبغي لكل عاقل أن يعزم عليه، فتأخذ نفسه لا محالة به ... ولا يجوز ذلك الترخص في تركه، فما كان من الأمور حميد العاقبة معروفاً بالرشد والصواب فهو من عزم الأمور لأنه مما لا يجوز لعاقل أن يترخص في تركه) (6).
وقال ابن عاشور: (وإن تصبروا وتتّقوا تنالوا ثواب أهل العزم فإنّ ذلك من عزم الأمور) (7).
وكذلك فهو من حقيقة الإيمان ومن الأمور التي ينافس فيها من أشدها وأحسنها لما فيها من كمال الشرف والعز حسن العاقبة في الدنيا والآخرة ولايوفق لها إلا أهل العزائم والهمم العالية (8).
- وقوله تعالى: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [لقمان: 17].

(1) ((تهذيب اللغة)) الأزهري (2/ 90).
(2) ((تفسير ابن جرير الطبري)) (7/ 343).
(3) ((أحكام القرآن)) الجصاص (2/ 331).
(4) ((صحيح البخاري))، باب قول الله تعالى وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ *الشورى 38* (6/ 2681).
(5) ((تفسير فتح القدير)) الشوكاني (1/ 468).
(6) ((تفسير الرازي)) الرازي (9/ 455).
(7) ((التحرير والتنوير)) ابن عاشور (4/ 190).
(8) ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) للسعدي (1/ 160) بتصرف.
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال أبو حيان الأندلسي: (العزم مصدر، فاحتمل أن يراد به المفعول، أي من معزوم الأمور، واحتمل أن يراد به الفاعل، أي عازم الأمور) (1).
قال القرطبي: (إن إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور أي مما عزمه الله وأمر به قاله ابن جريج: ويحتمل أن يريد أن ذلك من مكارم الأخلاق وعزائم أهل الحزم السالكين طريق النجاة وقول ابن جريج أصوب) (2).
- وقال تعالى: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُون [الأحقاف: 35].
قال ابن جرير الطبري: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، مثبته على المضيّ لما قلَّده من عبْء الرسالة، وثقل أحمال النبوّة صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وآمره بالائتساء في العزم على النفوذ لذلك بأولي العزم من قبله من رسله الذين صبروا على عظيم ما لَقُوا فيه من قومهم من المكاره، ونالهم فيه منهم من الأذى والشدائد) (3).
وقال ابن عجيبة: (فإنك مِن جملتهم، بل من أكملهم وأفضلهم) (4).
- وقال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى: 43].
قال الماوردي: (يحتمل قوله: إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ وجهين:
أحدهما: لمن عزائم الله التي أمر بها.
الثاني: لمن عزائم الصواب التي وفق لها) (5).
وقال ابن كثير: إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ أي: لمن الأمور المشكورة والأفعال الحميدة التي عليها ثواب جزيل وثناء جميل) (6).
وقال السعدي: (إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ أي: لمن الأمور التي حث الله عليها وأكدها، وأخبر أنه لا يلقاها إلا أهل الصبر والحظوظ العظيمة، ومن الأمور التي لا يوفق لها إلا أولو العزائم والهمم، وذوو الألباب والبصائر) (7).
وقال الواحدي: (إن ذلك أَيْ: الصَّبر والغفران لمن عزم الأمور لأنَّه يوجب الثَّواب، فهو أتمُّ عزمٍ) (8).
- وقوله تعالى: طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ [محمد: 21].
وقوله: فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ (فعن مجاهد فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ قال: إذا جد الأمر ... وقتادة فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ يقول: طواعية الله ورسوله، وقول معروف عند حقائق الأمور خير لهم) (9).
قال الرازي: (جوابه -أي جواب إذا- محذوف تقديره فَإِذَا عَزَمَ الأمر خالفوا وتخلفوا، وهو مناسب لمعنى قراءة أُبي كأنه يقول في أول الأمر قالوا سمعاً وطاعة، وعند آخر الأمر خالفوا وأخلفوا موعدهم، ونسب العزم إلى الأمر والعزم لصاحب الأمر معناه: فإذا عزم صاحب الأمر. هذا قول الزمخشري، ويحتمل أن يقال هو مجاز كقولنا جاء الأمر وولى فإن الأمر في الأول يتوقع أن لا يقع وعند إظلاله وعجز الكاره عن إبطاله فهو واقع فقال عَزَمَ والوجهان متقاربان) (10).

(1) ((البحر المحيط)) أبوحيان الأندلسي (8/ 415).
(2) ((تفسير القرطبي)) (14/ 69).
(3) ((تفسير الطبري)) ابن جرير الطبري (22/ 145)، وانظر ((تفسير السعدي)) (1/ 783).
(4) ((تفسير البحر المديد)) ابن عجيبة (6/ 49).
(5) ((تفسير النكت والعيون)) الماوردي (5/ 209).
(6) ((تفسير ابن كثير)) (7/ 213).
(7) ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان))، عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي (1/ 760).
(8) ((الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)) الواحدي (ص967).
(9) انظر ((تفسير الطبري)) (22/ 176 - 177).
(10) ((مفاتيح الغيب)) فخر الدين الرازي (28/ 53 - 54).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، وقال تعالى: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [طه: 115].
قال ابن الجوزي: (قوله تعالى: ولم نَجِدْ له عَزْماً العَزْمُ في اللغة: توطينُ النفس على الفعل. وفي المعنى أربعة أقوال.
أحدها: لم نجد له حفظاً، رواه العوفي عن ابن عباس، والمعنى: لم يحفظ ما أُمِر به.
والثاني: صبراً، قاله قتادة، ومقاتل، والمعنى: لم يصبر عمَّا نُهي عنه.
والثالث: حزماً، قاله ابن السائب. قال ابن الأنباري: وهذا لا يُخرج آدم من أُولي العزم. وإِنما لم يكن له عزم في الأكل فحسب.
والرابع: عزماً في العَوْد إِلى الذَّنْب) (1).
وقال الرازي: (قوله: وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً يحتمل ولم نجد له عزماً على القيام على المعصية فيكون إلى المدح أقرب، ويحتمل أن يكون المراد ولم نجد له عزماً على ترك المعصية أو لم نجد له عزماً على التحفظ والاحتراز عن الغفلة، أو لم نجد له عزماً على الاحتياط في كيفية الاجتهاد إذا قلنا: إنه عليه السلام إنما أخطأ بالاجتهاد) (2).
ورحج ابن جرير الطبري أن تأويل وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً هو (لم نجد له عزم قلب، على الوفاء لله بعهده، ولا على حفظ ما عهد إليه) (3).
وقال ابن عاشور: (واستعمل نفي وجدان العزم عند آدم في معنى عدم وجود العزم من صفته فيما عهد إليه تمثيلا لحال طلب حصوله عنده بحال الباحث على عزمه فلم يجده عنده بعد البحث) (4).
الترغيب والحث على العزم والعزيمة من السنة النبوية:
- (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ (لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ. لِيَعْزِمْ فِي الدُّعَاءِ فَإِنَّ اللَّهَ صَانِعٌ مَا شَاءَ لاَ مُكْرِهَ لَهُ) (5).
قال المباركفوري: (عزم المسألة الشدة في طلبها والحزم به من غير ضعف في الطلب ولا تعليق على مشيئة ونحوها) (6).
وقال ابن حجر: (قوله فليعزم المسألة في رواية أحمد عن إسماعيل المذكور الدعاء ومعنى الأمر بالعزم الجد فيه وأن يجزم بوقوع مطلوبه ولا يعلق ذلك بمشيئة الله تعالى وإن كان مأمورا في جميع ما يريد فعله أن يعلقه بمشيئة الله تعالى وقيل معنى العزم أن يحسن الظن بالله في الإجابة ... وقال الداودي معنى قوله ليعزم المسألة أن يجتهد ويلح ولا يقل إن شئت كالمستثنى ولكن دعاء البائس الفقير) (7).
قال بدر الدين العيني: (قوله فليعزم المسألة أي فليقطع بالسؤال ولا يعلق بالمشيئة إذ في التعليق صورة الاستغناء عن المطلوب منه والمطلوب) (8).
قال السيوطي: (ليعزم المسألة أي يعري دعاءه وسؤاله من لفظ المشيئة) (9).

(1) ((زاد المسير)) ابن الجوزي (3/ 179).
(2) ((مفاتيح الغيب)) الرازي (22/ 106).
(3) ((تفسير الطبري)) ابن جرير الطبري (18 - 383 - 385).
(4) ((التحرير والتنوير)) ابن عاشور (1/ 2677).
(5) رواه البخاري (6339) ومسلم (2679).
(6) ((تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي)) المباركفوري (9/ 330).
(7) ((فتح الباري شرح صحيح البخاري)) ابن حجر (11/ 140).
(8) ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) بدر الدين العيني (22/ 299).
(9) ((تنوير الحوالك شرح موطأ مالك)) السُّيوطي (1/ 221).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، و (عن ابْن مسعود، قَالَ: لَقَدْ سَأَلَنِي رجلٌ عَنْ أَمْرٍ مَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلا مُؤْدِيًا نَشِيطًا يَخْرُجُ مَعَ أُمَرَائِنَا فِي الْمَغَازِي، فَيَعْزِمُ عَلَيْنَا فِي أَشْيَاءَ لا نُحْصِيهَا؟ فَقُلْتُ لَهُ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا أَقُولُ لَكَ إِلا أَنَّا كُنَّا مَعَ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم - فَعَسَى أَنْ لا يَعْزِمَ عَلَيْنَا فِي أَمْرٍ إِلا مَرَّةً حَتَّى نَفْعَلَهُ، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَزَالَ بِخَيْرٍ مَا اتَّقَى اللَّهَ، وَإِذَا شَكَّ فِي نَفْسِهِ شَيءٌ سَأَلَ رَجُلا فَشَفَاهُ مِنْهُ، وَأَوْشَكَ أَنْ لا تَجِدُوهُ، وَالَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ مَا أَذْكُرُ مَا غَبَرَ مِنَ الدُّنْيَا إِلا كَالثَّغْبِ شُرِبَ صَفْوُهُ وَبَقِي كَدَرُهُ) (1).
قال بدر الدين العيني: (قوله فيعزم علينا أي الأمير يشدد علينا في أشياء لا نطيقها وقال الكرماني فيعزم إن كان بلفظ المجهول فهو ظاهر يعني لا يحتاج إلى تقدير الفاعل ظاهرا هذا إن كان جاءت به رواية قوله حتى نفعله غاية لقوله لا يعزم أو للعزم الذي يتعلق به المستثنى) (2).
- وعن جماعة من الصحابة مرفوعا (إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) (3).
قال المناوي: (عزائمه أي مطلوباته الواجبة فإن أمر الله في الرخص والعزائم واحد) (4).
قال القاري: (الرخصة إذا كانت حسنا فالعزيمة أولى بذلك) (5).
- وعن شدّاد بن أوس- رضي الله عنه- قال: ((إنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول في صلاته اللهمّ إنّي أسألك الثّبات في الأمر، والعزيمة على الرّشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما، ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شرّ ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم)) (6).
قال المناوي: (وأسألك عزيمة الرشد وفي رواية العزيمة على الرشد قال الحرالي وهو حسن التصرف في الأمر والإقامة عليه بحسب ما يثبت ويدوم) (7).
من أقوال العلماء في العزم والعزيمة
- قال ابن منظور: (لا خَيرَ في عَزْمٍ بغير حَزْمٍ فإِن القُوَّة إِذا لم يكن معها حَذَرٌ أَوْرَطَتْ صاحبَها) (8).
- وقال فخر الدين الرازي: (منصب النبوة والإمامة لا يليق بالفاسقين، لأنه لا بد في الإمامة والنبوة من قوة العزم والصبر على ضروب المحنة حتى يؤدي عن الله أمره ونهيه ولا تأخذه في الدين لومة لائم وسطوة جبار) (9).
- وقال الغزالي: (التَّقْوَى في قول شُيوخنا: تنزيهُ القَلْب عن ذَنْب لم يسبق منك مِثْلُه حتى يَحْصُلَ للعبدِ من قُوّة العَزْم على تركِه وِقايةٌ بينه وبين المعاصي) (10).
- وقال ابن الجوزي) ليس في سياط التأديب أجود من سوط العزم) (11).

(1) رواه البخاري (2964).
(2) ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) بدر الدين العيني (22/ 299).
(3) رواه ابن حبان (2/ 69) (354)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (6/ 276)، والضياء في ((المختارة)) (12/ 278) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. ورواه ابن حبان (8/ 333) (3568)، والبزار (12/ 250)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (3/ 200) (5415) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. ورواه الطبراني في ((الكبير)) (10/ 84)، وأبو نعيم في ((الحلية)) (2/ 101) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. ورواه الطبراني في ((الأوسط)) (8/ 82)، والقضاعي في ((مسنده)) (2/ 151) من حديث عائشة رضي الله عنها. وحسن المنذري إسناد البزار في ((الترغيب والترهيب)) (2/ 88)، وجوّد النووي إسناد البيهقي في ((الخلاصة)) (2/ 729)، وقال البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (1/ 388) في إسناد ابن عباس: هذا إسناد رجاله ثقات. وصحح الحديث الألباني في ((صحيح الجامع)) (1885).
(4) ((التيسير بشرح الجامع الصغير)) المناوي (1/ 547).
(5) ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) المباركفوري برقم (2049).
(6) رواه الترمذي (3407)، والنسائي (1304). وضعفه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (1501)، والألباني في ((ضعيف الجامع)) (1190).
(7) ((فيض القدير)) المناوي (2/ 165).
(8) ((لسان العرب)) ابن منظور (12/ 399).
(9) ((تفسير الرازي)) (4/ 49).
(10) ((بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز)) الفيروز آبادي (5/ 257).
(11) ((صيد الخاطر)) ابن الجوزي (67).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقسام الصفة
قال الهروي: (وهو- أي العزم - على ثلاث درجات:
1 - الدرجة الأولى إباء الحال على العلم بشيم برق الكشف واستدامة نور الأنس والإجابة لإماتة الهوى.
2 - والدرجة الثانية الاستغراق في لوائح المشاهدة واستنارة ضياء الطريق واستجماع قوى الاستقامة.
والدرجة الثالثة معرفة علة العزم ثم العزم على التخلص من العزم ثم الخلاص من تكاليف ترك العزم فإن العزائم لم تورث أربابها ميراثا أكرم من وقوفهم على علل العزائم) (1).

(1) ((منازل السائرين)) عبد الله الهروي (1/ 65 - 66).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،فوائد العزم والعزيمة
1 - مظنة قبول الدعاء:
فقوة العزم والجزم في الدعاء وعدم تعليقه بالمشيئة من آداب الدعاء وأرجى للقبول.
2 - قوة العزم والعزيمة من وسائل تهذيب النفس وتحصيل الأخلاق الفاضلة قال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى: 43].
قال أحمد بن قدامة المقدسي: (وأشد حاجة الرائض لنفسه، قوة العزم، فمتى كان متردداً بعد فلاحه، ومتى أحس من نفسه ضعف العزم تصبر، فإذا انقضت عزيمتها عاقبها لئلا تعاود، كما قال رجل لنفسه: تتكلمين فيما لا يعنيك؟ لأعاقبنك بصوم سنة) (1) ومن صفات المؤمن القوي قوة العزم على الأمر.
3 - قوة العزم والعزيمة تعين على تحقيق التقوى:
وذلك بحمل النفس على فعل المأمورات وترك المنهيات وهذه هي حقيقة التقوى قال تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [آل عمران: 186].
4 - قوة العزم والعزيمة تعين على ترك المعاصي.
5 - العزم والعزيمة من وسائل التخلص من تلبيس الشيطان ووسوسته:
قال الشيخ عطية سالم (إذا كانت مهمة الوسوسة التشكيك والذبذبة والتردد، فإن عمومات التكليف تلزم المسلم بالعزم واليقين والمضي دون تردد كما في قوله: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله [آل عمران: 159]، وامتدح بعض الرسل بالعزم وأمر بالاقتداء بهم فاصبر كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ العزم مِنَ الرسل [الأحقاف: 35] .... فمن هذا كله كانت دوافع العزيمة مستقاة من التكاليف، مما يقضي على نوازع الشك والتردد، ولم يبق في قلب المؤمن جال لشك ولا محل لوسوسة) (2).
6 - العزم على ترك الذنب من شروط قبول التوبة:
فالتَّوْبَةُ وَاجبَةٌ مِنْ كُلِّ ذَنْب لَهَا ثَلاثَةُ شُرُوط: ومنها العزم على عدم العودة للذنب أبدأً (3).
قال أبو حازم: (عند تصحيح الضّمائر تغفر الكبائر، وإذا عزم العبد على ترك الآثام أمّه الفتوح) (4).
7 - قوة العزم والعزيمة من علامات التوفيق:
قال ابن القيم: (الدين مداره على أصلين العزم والثبات وهما الأصلان المذكوران في (الحديث عن النبي اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وأصل الشكر صحة العزيمة وأصل الصبر قوة الثبات فمتى أيد العبد بعزيمة وثبات فقد أيد بالمعونة والتوفيق) (5).
8 - قوة العزم والعزيمة تحصل للمرء كل مقام شريف ومنزلة رفيعة:
قال ابن القيم: (فإن كمال العبد بالعزيمة والثبات فمن لم يكن له عزيمة فهو ناقص ومن كانت له عزيمة ولكن لا ثبات له عليها فهو ناقص فإذا انضم الثبات إلى العزيمة أثمر كل مقام شريف وحال كامل ولهذا في دعاء النبي الذي رواه الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه: ((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد)) (6) ومعلوم أن شجرة الثبات والعزيمة لا تقوم إلا على ساق الصبر) (7).
9 - صاحب العزم والعزيمة القوية الصادقة أكثر الناس صبراً على البلاء.
قال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى: 43].
10 - قوة العزم والعزيمة في الخير من صفات الأنبياء والمرسلين والصالحين
قال تعالى: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف: 35].
11 - العزيمة دليل حسن الظّنّ. ومتانة الدّين وعلامة اليقين (8).
12 - تصنع المستحيلات وتليّن الصعوبات.
13 - هي خير معين على طلب العلم.
14 - العزيمة على طلب الحقّ تثمر نور الحقّ وجلال الإيمان.
15 - حسن العزيمة في الجهاد يضاعف قوّة الرّجال إلى ما لا نهاية.

(1) ((مختصر منهاج القاصدين)) لابن قدامة المقدسي (201).
(2) ((أضواء البيان)) لمحمد الأمين الشنقيطي، تكملة عطية سالم (9/ 189).
(3) انظر ((رياض الصالحين)) النووي (1/ 22).
(4) ((حلية الأولياء)) أبو نُعيم الأصبهاني (3/ 230).
(5) ((عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين)) ابن القيم (1/ 90).
(6) رواه الترمذي (3407)، والنسائي (1304). وضعفه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (1501)، والألباني في ((ضعيف الجامع)) (1190).
(7) ((طريق الهجرتين وباب السعادتين)) ابن القيم (1/ 401).
(8) من رقم (11) وما بعده انظر موسوعة نضرة النعيم (7/ 2864)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،موانع اكتساب العزم والعزيمة وتقويتها
1 - مرض القلب وضعف النفس وانهزامها:
إذا فقد القلب عزمه خارت قوى الجسد مهما كان قويا قال تعالى: فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: 46].
وقال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق: 37] فإن ضعف العزيمة من ضعف حياة القلب وهي دليل على حياته، وعلى مرضه أو موته.
2 - العجز والكسل:
من أعظم المصائب الهدامة العجز والكسل، والجبن، والبخل، قال محمد إسماعيل المقدم: (وهما العائقان اللذان أكثر الرسول من التعوذ بالله سبحانه منهما (1) وقد يعذر العاجز لعدم قدرته بخلاف الكسول الذي يتثاقل ويتراخى مما ينبغي مع القدرة قال تعالى: وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ [التوبة: 46] (2).
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ)) (3).
3 - التسويف والتمني وترك الأخذ بالأسباب:
قال محمد إسماعيل المقدم (وهما صفة بليد الحس عديم المبالاة الذي كلما همت نفسه بخير- وعزمت عليه – إما يعيقها بسوف حتى يفجأه الموت فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ [المنافقون: 10]، وإما يركب بها بحر التمني وهو بحر لا ساحل له يدمن ركوبه مفاليس العالم ... وما أحسن ما قال أبو تمام:
من كان مرعى عزمه وهمومه ... روض الأماني لم يزل مهزولا) (4)
4 - الخوف من الفشل:
إن الخوف الدائم من الفشل ووضع نتائجه سلبية للعمل قبل تنفيذه وتوقع انتقاد الآخرين من العوامل المؤثرة في ضعف عزيمة النفس ويورث شعوراً دائما بالاستكانة وذل النفس وهوانها فيجب عليك أن تقاوم الخوف وتتأسى بأصحاب العزم الصادق الذين قال الله تعالى عن عزمهم وقوتهم في مواجهة الحياة وحسن توكلهم عليه سبحانه في تقوية عزائمهم على مواجهة الصعوبات الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران: 173 - 174] واعلم أن عليك أن تسعى وليس عليك إدراك النجاح ويكفيك شرف المحاولة قال تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: 23].
5 - التردد وعدم وضوح الأهداف:

(1) كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين، وغلبة الرجال) رواه البخاري (2893).
(2) ((علو الهمة)) محمد إسماعيل المقدم (336).
(3) رواه مسلم (2664).
(4) ((علو الهمة)) محمد إسماعيل المقدم (338 - 339) بتصرف. وانظر مدارج السالكين، ابن القيم (1/ 457).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال محمد الغزالي: (إن الإسلام يكره لك أن تكون متردداً في أمورك تحار في اختيار أصوبها وأسلمها وتكثر الهواجس في رأسك فتخلق أمامك جو من الريبة والتوجس فلا تدري كيف تفعل وتضعف قبضتك في الإمساك بما ينفعك فيفلت منك ثم يذهب سدى) (1)، ولهذا شرع لنا الله سبحانه مشاورة أهل الرأي والخبرة من أهل الصلاح قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [الأنبياء: 43]، وشرع لنا الرسول الاستخارة (2)، إعانة للمرء على بلوغ الصواب وبعد المشاورة يكن التنفيذ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159].
6 - سوء الظن بالله سبحانه وتعالى واليأس وفقدان الأمل والنظرة التشاؤمية للحياة.
إن فقدان الأمل يقعد الإنسان عن طلب المعالي ليأسه وحكمه على المستقبل بما يعيشه من واقع أليم، قال محمد الغزالي: (عمل الشيطان هو تشييع الماضي بالنحيب والإعوال هو ما يلقيه في النفس من أسى وقنوط على ما فات، إن الرجل لا يلتفت وراءه إلا بمقدار ما ينتفع به في حاضره ومستقبله أما الوقوف مع هزائم الأمس واستعادة أحزانها والتعثر في عقابيلها وتكرار لو، وليت، فليس ذلك من خلق المسلم ... قال تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [آل عمران: 156] (3).
وانظر لنبي الله يعقوب لم يمنعه طول الزمان بعد فقدانه ليوسف في الأمل في الله أن يعيده له بل ازداد أمله بعد حبس ابنه الثاني بمصر فقال لأولاده يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ [يوسف: 87].
7 - قلة الصبر وعدم الثبات واستطالة الطريق واستعجال النتائج
قلة الصبر وعدم الثبات تحرم الإنسان من بلوغ أي هدف وتحقيق أي كمال وما أخرج آدم عليه الصلاة والسلام من جنة الخلد وجوار الرحمن والعيش الهني والمسكن الطيب إلى شقاء الدنيا وتعبها وهمومها إلا قلة الصبر عما نهاه الله عنه وعدم الثبات على ما أمر به قال تعالى: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [طه: 115] (4).
8 - صحبة أصحاب العزائم الخاوية والبطالين:
المرء على دين خليله، والناس كأسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم البعض.
الفتور والغفلة:
الغفلة ذهول المرء عن دوره في الحياة وتحقيق العبادة والفتور التقصير فيما ينبغي فعله وهما رأس البلاء ومكمن الداء وإن كانا يبتلى بهما الإنسان كما قال ابن القيم: (لابد من سنة الغفلة ورقاد الغفلة ولكن كن خفيف النوم) (5) فلا يعني ذلك ترك الواجبات وفعل المحرمات ولهذا قَالَ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- ((إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَةً وَلِكُلِّ شِرَةٍ فَتْرَةً فَمَنْ كَانَتْ شِرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدْ أَفْلَحَ وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ)) (6).
ومن مظاهر ذلك:
(تضييع الوقت وعدم الإفادة منه، وتزجيته بما لا يعود بالنفع، وتقديم غير المهم على المهم، والشعور بالفراغ الروحي والوقتي وعدم البركة في الأوقات، عدم إنجاز شيئاً من العمل مع طول الزمن
- عدم الاستعداد للالتزام بشيء، والتهرب من كل عمل جدي؛
- الفوضوية في العمل: فلا هدف محدد، ولا عمل متقن، الأعمال ارتجالية، التنقل بين الأعمال بغير داع.
- خداع النفس؛ بالانشغال مع الفراغ، وبالعمل وهي عاطلة، الانشغال بجزئيات لا قيمة لها ولا أثر يذكر، ليس لها أصل في الكتاب أو السنة، وإنما هي أعمال تافهة ومشاريع وهمية لا تسمن ولا تغني من جوع.
النقد لكل عمل إيجابي؛ تنصلا من المشاركة والعمل، وتضخيم الأخطاء والسلبيات؛ تبريرا لعجزه وفتوره، تراه يبحث عن المعاذير، ويصطنع الأسباب؛ للتخلص والفرار وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ [التوبة: 81] (7).

(1) ((خلق المسلم)) محمد الغزالي (88).
(2) البخاري برقم (1109) عن ابن مسعود رضي الله عنه)
(3) ((خلق المسلم)) لمحمد الغزالي (89).
(4) راجع أقوال المفسرين حول هذه الآية من هذا البحث.
(5) ((علو الهمة)) للمقدم (ص 337).
(6) رواه أحمد (2/ 188) (6764)، وابن حبان (1/ 187) (11)، والبزار (6/ 337) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه. وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (2426)، والألباني في ((صحيح الجامع)) (2152).
(7) انظر ((الفتور)) ناصر العمر (19 - 20).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الوسائل المعينة على تقوية العزم والعزيمة
- التوكل على الله وحسن الظن به سبحانه في الوصول للهدف.
أرشدنا الله سبحانه لهذا بقوله سبحانه: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159] (ذكر الأستاذ المودودي في كتابه القيم: مبادئ الإسلام آثار عقيدة التوحيد ... قوة العزم والصبر والثبات لعلمه أن الله معه وأنه مؤيده وناصره، ذاكرا قول الله تعالى: حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ [آل عمران: 173] التي قالها إبراهيم عندما أريد إلقاءه في النار، ومحمد صلى الله عليه وسلم عندما خوف بصناديد المشركين، وقول هود عليه السلام لقومه: فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّه [هود: 55 - 56]) (1).
1 - الدعاء:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بأن يهدى لأحسن الأخلاق والعزم والعزيمة من الأخلاق الحسنة فكان من دعائه: ((واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت)) (2).
2 - صدق الإيمان وسلامة العقيدة:
قال محمد الغزالي: (العقيدة المكينة معين لا ينضب للنشاط الموصول والحماسة المذخورة واحتمال الصعاب ومواجهة الأخطار بل هي سائق حثيث يدفع إلى لقاء الموت دون تهيب إن لم يكن لقاء محب مشتاق!!
تلك طبيعة الإيمان إذا تغلغل واستمكن إنه يضفي على صاحبه قوة تنطبع في سلوكه كله فإذا تكلم كان واثقا من قوله وإذا اشتغل كان راسخا في عمله وإذا اتجه كان واضحا في هدفه) (3).
3 - الاقتداء بذوي العزم والعزيمة من أهل الصلاح والدين:
قال تعالى: فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف: 35].
وقال تعالى في الاقتداء بالصالحين قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ [الممتحنة: 4].
4 - مصاحبة أهل العزائم القوية والهمم العالية:
فالمرء على دين خليله قال ابن تيمية: (الناس كأسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض) (4)، وقال لقمان الحكيم لابنه: (من يُقارِنْ قَرِينَ السّوء لا يَسْلَمْ، ومن لا يَمْلِكْ لِسانَه يَنْدَم. يا بني كُنْ عبداً للأَخيار ولا تكن خَليلاً للأَشْرار) (5).
أحب الصالحين ولست منهم ... عسى أن يدركني بحبهم شفاعة
وأكره من تجارته المعاصي ... وإن كنا سواءً في البضاعة
5 - المسارعة في التنفيذ وعدم التردد بعد عقد العزم على العمل:
قال تعالى: فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ [محمد: 21].
6 - الثبات والصبر على الصعوبات أثناء العمل:
قال تعالى: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [لقمان: 17].
7 - أخذ الأمور بجدية:
الجدية في الحياة كلها وإلزام النفس بما يراد تحقيقه طريق الناجحين في حياتهم ومن جد وجد ومن زرع حصد , قال تعالى: يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا [مريم: 12]، وقال تعالى: خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: 63].

(1) ((مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة))، العدد 32 توحيد الله (12/ 36).
(2) رواه مسلم (771).
(3) ((خلق المسلم)) محمد الغزالي (86).
(4) ((مجموع الفتاوى)) ابن تيمية (28/ 150) ..
(5) ((بصائر ذوى التمييز في لطائف الكتاب العزيز))، الفيروز آبادي (6/ 91).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،8 - النجاح الحقيقي بما أنجزت لا بما ورثت:
والقاعدة الإسلامية لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى ولا يستوي العالم والجاهل ولا المؤمن والكافر ولا المجتهد والكسول ولا القوي والضعيف.
قال المتنبي:
لا بقومي شرفت بل شرفوا بي ... وبنفسي فخرت لا بجدودي
ولسنا وإن أحسابنا كرمت ... يوما على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا ... تبني ونفعل مثل ما فعلوا
إذا ما المرء لم يبن افتخاراً لنفسه ... تضايق عنه ما بنته جدوده (1)
9 - الرغبة الصادقة في تغيير الذات وتقوية العزم والعزيمة:
وهذا يشمل خطوات:
- تغيير العادات السلبية إلى أخرى إيجابية:
السعي الحثيث لرفع العزيمة وتقويتها يبدأ بالرغبة في إصلاح مواطن الضعف في النفس والصدق في تحويلها لمواطن قوة ولهذا فلم تمنع قاتل التسعة والتسعين نفساً آثامه من السعي للتغيير بل ولما أكمل المائة مازال عازما على التوبة فبحث وسأل بل وترك ما يحب من أهل ووطن في سبيل ما يرجو حتى كانت العاقبة مغفرة الله ورضوانه (2).
- تحديد الهدف المراد تحقيقه ووضوحه.
- معرفة فائدة العمل في حياتك الدينية والدنيوية.
فمعرفة فائدة العمل تعين على تحمل مشاق العمل ولهذا جاءت الشريعة بنصوص الترغيب في العمل الصالح وأن ثوابه رضا الله والجنة والترهيب من المعاصي وأن عاقبتها غضب الله والنار.
- تقسيم العمل إلى أهداف قصيرة ذات وقت قصير.
- مكافأة النفس بعد كل عمل تنجزه والمكافأة بقدر العمل.
- محاسبة النفس على التقصير ومعاقبتها بترك بعض ما تحب.

(1) ((العود الهندي مجالس أدبية في ديوان المتنبي)) عبد الرحمن السقاف، (2/ 367 – 374 - 388).
(2) الحديث رواه البخاري ومسلم عن أبى سعيد - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال (كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا ثم خرج يسأل، فأتى راهبا فسأله، فقال له هل من توبة قال لا. فقتله، فجعل يسأل، فقال له رجل ائت قرية كذا وكذا. فأدركه الموت فناء بصدره نحوها، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فأوحى الله إلى هذه أن تقربي. وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي. وقال قيسوا ما بينهما. فوجد إلى هذه أقرب بشبر، فغفر له).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من عزم الأنبياء والمرسلين:
نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام والعزم على طلب العلم (1).
قال تعالى: وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا [الكهف: 60].
(يخبر تعالى عن نبيه موسى عليه السلام، وشدة رغبته في الخير وطلب العلم، أنه قال لخادمه لا أزال مسافرا وإن طالت علي الشقة، ولحقتني المشقة، حتى أصل إلى مجمع البحرين، وهو المكان الذي أوحي إليه أنك ستجد فيه عبدا من عباد الله العالمين، عنده من العلم، ما ليس عندك، أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا أي: مسافة طويلة وهذا عزم منه جازم، فلذلك أمضاه) (2)، ولم يمنعه من الاستمرار في رحلته قوله لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا أي تعبا ً وكذلك لم يثني عزمه صلى الله عليه وسلم أنهم أخطأوا الطريق قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا [الكهف: 64 - 66].
وسبب رحلة نبي الله موسى لطلب العلم أنه (بَيْنَمَا مُوسَى فِي مَلَإٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ قَالَ مُوسَى لَا فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَيْهِ فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ) (3).

(1) ((العود الهندي مجالس أدبية في ديوان المتنبي)) عبد الرحمن السقاف (2/ 367 – 374 - 388).
(2) انظر: ((تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان)) السعدي (480 - 481).
(3) البخاري، (74).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من عزم الصحابة رضي الله عنهم:
- عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ أَظْهَرَ إِسْلاَمَهُ سَبْعَةٌ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَبُو بَكْرٍ وَعَمَّارٌ وَأُمُّهُ سُمَيَّةُ وَصُهَيْبٌ وَبِلاَلٌ وَالْمِقْدَادُ فَأَمَّا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِعَمِّهِ أَبِى طَالِبٍ وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَمَنَعَهُ اللَّهُ بِقَوْمِهِ وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَأَخَذَهُمُ الْمُشْرِكُونَ وَأَلْبَسُوهُمْ أَدْرَاعَ الْحَدِيدِ وَصَهَرُوهُمْ فِي الشَّمْسِ فَمَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ وَقَدْ وَاتَاهُمْ عَلَى مَا أَرَادُوا إِلاَّ بِلاَلاً فَإِنَّهُ قَدْ هَانَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِي اللَّهِ وَهَانَ عَلَى قَوْمِهِ فَأَخَذُوهُ فَأَعْطَوْهُ الْوِلْدَانَ فَجَعَلُوا يَطُوفُونَ بِهِ فِي شِعَابِ مَكَّةَ وَهُوَ يَقُولُ أَحَدٌ أَحَدٌ) (1).
قال السيوطي: (قد وافقوا المشركين على ما أرادوا منهم تقية والتقية في مثل هذه الحال جائزة لقوله تعالى: إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ [النحل: 106]، والصبر على أذاهم مستحب وقد علموا على الرخصة وعمل بلال على العزيمة) (2).
- عزيمة لا يخمدها إلا الموت (أنس بن النضر رضي الله عنه).
قال ابن الجوزي: (ولولا جد أنس بن النضر في ترك هواه وقد سمعت من أثر عزمته لئن أشهدني الله مشهداً ليرين الله ما أصنع، فأقبل يوم أحد يقاتل حتى قتل فلم يعرف إلا ببنانه فلولا هذا العزم ما كان انبساط وجهه يوم حلف والله لا تكسر سن الربيع) (3).
- زيد بن ثابت يتعلم العبرية في نصف شهر:
عن زيد بن ثابت- رضي الله عنه- قال: أمرني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن أتعلّم له كتاب يهود قال: ((إنّي والله ما آمن يهود على كتاب))، قال: فما مرّ بي نصف شهر حتّى تعلّمته له. قال: فلمّا تعلّمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم) (4).
- هؤلاء لو أرادوا هدم الجبال لفعلوا:
أرسل يزدجرد كسرى فارس إلى ملك الصين يطلب المدد لمحاربة المسلمين الذين استولوا على بلاد فارس في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأرسل ملك الصين يعتذر عن نجدته بقوله: (إنه لم يمنعني أن أبعث إليك بجيش أوله بمرو وآخره بالصين الجهالة بما يحق علي ولكن هؤلاء القوم الذين وصف لي رسولك صفتهم لو يحاولون الجبال لهدوها ولو خلي سربهم أزالوني ما داموا على ما وصف فسالمهم وارض منهم بالمساكنة ولا تهجهم ما لم يهيجوك) (5).
- من صفوف الخدم إلى صفوف الأمراء:
في (سنة سبع وثمانين وأربعمائة في شهر ربيع، وقيل في جمادى الأولى، أمير الجيوش: أبو النجم بدر الجمالي كان مملوكاً أرمنياً لجمال الدولة بن عمار، فلذلك عرف: بالجمال، وما زال يأخذ بالجد من زمن سبيه فيما يباشره، ويوطن نفسه على قوة العزم، وينتقل في الخدم، حتى ولي إمارة دمشق من قبل المستنصر) (6).

(1) رواه ابن ماجه (150)، وابن حبان (15/ 558) (7083). قال البوصيري في ((مصباح الزجاجة)) (1/ 23)، وحسنه الألباني في ((صحيح ابن ماجه)).
(2) ((شرح سنن ابن ماجة)) السيوطي، (1/ 14).
(3) ((صيد الخاطر)) ابن الجوزي (139).
(4) رواه أبو داود (3645)، والترمذي (2715)، وأحمد (5/ 186) (21658). قال الترمذي حسن صحيح. وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(5) ((تاريخ الأمم والملوك))، ابن جرير الطبري (2/ 549).
(6) ((المواعظ والاعتبار)) المقريزي (2/ 214).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،متفرقات في العزم والعزيمة
- قوة العزم تذيب الحجرا (1).
- رَوِّ بحزم فإذا استوضحت فاعزم (2).
- قد أحزم لو أعزم (3).
- العمر فرصة واحدة فلاتكن نسيا منسيا واترك أثراً طيباً قبل الرحيل.
- أنت تستطيع فأعط لنفسك فرصة للنجاح.
- رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة.
- ليكن عزمك من إمكانياتك وقدراتك لا من قدرات الآخرين.
- لا تكلف نفسك إلا ما تطيق وقم بما تستطيع من الأعمال.
- عليك أن تسعى والله يقدر ما شاء ويكفيك فخراً شرف المحاولة.
- لكل عمل ناجح خطوات وأسباب فخذ بالأسباب مطبقاً للخطوات مستعينا في ذلك كله بالله سبحانه وتعالى.

(1) ((دواوين الشعر العربي على مر العصور)) (87/ 201).
(2) ((تفسير النكت والعيون)) الماوردي (4/ 332).
(3) ((البحر المحيط)) أبو حيان الأندلسي (3/ 464).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،العزم والعزيمة في واحة الشعر ..
إذا هَمّ ألقَى بين عينيه عزمه ... ونَكَّب عن ذِكْر العواقب جانباً
ولم يستَشِرْ في أمره غَير نفسه ... ولم يَرْضَ إلا قَائم السيف صاحباً (1)
قال امرؤ القيس:
ولو أنما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنَّما أسعى لمجد مؤثَّل ... وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي (2)
وقال أبودُلَف:
وليس فراغ القلب مجداً ورفعة ... ولكنَّ شغل القلب للمرء رافع

إذا غامرت في شرفٍ مرومٍ ... فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ ... كطعم الموت في أمرٍ عظيم
وقال المتنبي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها ... وتصغر في عين العظيم العظائم ...

(1) ((تفسير التحرير والتنوير)) لابن عاشور (4/ 151).
(2) ((العود الهندي مجالس أدبية في ديوان المتنبي)) عبد الرحمن السقاف (3/ 12،9).