الجود، والكرم، والسخاء، والبذل
معنى الجود، والكرم، والسخاء، والبذل، لغة واصطلاحاً
معنى الجود لغة واصطلاحاً:معنى الجود لغة:
الجود: شيءٌ جيدٌ على فيعلٍ، والجمع جيادٌ، والجود: المطر العزيز، وجاد الرجل بماله يجود جوداً بالضم، فهو جوادٌ، وقوم جود (1). وقيل: الجواد: هو الذي يعطي بلا مسألة صيانة للآخذ من ذل السؤال (2). ويفسر الجود أيضاً في البيت بالسخاء (3).
معنى الجود اصطلاحاً:
قال الجرجاني: (الجود: صفة، هي مبدأ إفادة ما ينبغي لا بعوض) (4).
(وقال الكرماني: الجود: إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي) (5).
وقيل هو: (صفة تحمل صاحبها على بذل ما ينبغي من الخير لغير عوض) (6).
معنى الكرم لغة واصطلاحاً:
معنى الكرم لغة:
والكرم: مصدر الكريم، يقال: رجل كرم, وقوم كرم وامرأة كرم (7). والكرم: ضد اللؤم، كرم الرجل يكرم كرماً فهو كريم (8). والكرامة: اسم للإكرام (9).
معنى الكرم اصطلاحاً:
قال الجرجاني: (الكرم: هو الإعطاء بسهولة) (10).
وقال المناوي هو: (إفادة ما ينبغي لا لغرض) (11).
وقال القاضي عياض هو: (الإنفاق بطيب نفس فيما يعظم خطره ونفعه) (12).
معنى السخاء لغة واصطلاحاً:
معنى السخاء لغة:
السخاوة والسخاء: الجود. والسخي: الجواد، والجمع أسخياء وسخواء. وفلانٌ يتسخى على أصحابه أي يتكلف السخاء، وإنه لسخي النفس عنه (13).
معنى السخاء اصطلاحاً:
قال المناوي: (السخاء: الجود أو إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي أو بذل التأمل قبل إلحاف السائل) (14).
وقال الراغب: (السخاء: هيئة للإنسان داعية إلى بذل المقتنيات، حصل معه البذل أو لم يحصل، وذلك خلق) (15).
وقال القاضي عياض: (السخاء: سهولة الإنفاق، وتجنب اكتساب ما لا يحمد) (16).
معنى البذل لغة واصطلاحاً:
معنى البذل لغة:
بذل الشيء أعطاه وجاد به (17). والبذل نقيض المنع، وكل من طابت نفسه لشيءٍ فهو باذلٌ (18). ورجلٌ بذال، وبذول إذا كثر بذله للمال (19). يقال: بذل له شيئاً، أي: أعطاه إياه (20).
معنى البذل اصطلاحاً:
قال المناوي: (البذل: الإعطاء عن طيب نفس) (21).
(1) ((الصحاح في اللغة))، للجوهري (2/ 461).
(2) ((تاج العروس)) للزبيدي (7/ 527).
(3) ((تاج العروس)) للزبيدي (7/ 531).
(4) ((التعريفات)) للجرجاني (ص79).
(5) ((تاج العروس)) للزبيدي (7/ 527).
(6) ((المعجم الوسيط)) لإبراهيم مصطفى وآخرون (ص146).
(7) ((إصلاح المنطق)) لابن السكيت (ص: 51).
(8) ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (2/ 798).
(9) ((كتاب العين)) للخليل بن أحمد الفراهيدي (5/ 369).
(10) ((التعريفات)) للجرجاني (ص184).
(11) ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص281).
(12) ((الشفا بتعريف حقوق المصطفى)) للقاضي عياض (1/ 230).
(13) ((لسان العرب)) لابن منظور (14/ 373).
(14) ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص192).
(15) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص286).
(16) ((الشفا بتعريف حقوق المصطفى)) للقاضي عياض (1/ 230).
(17) ((مختار الصحاح)) للرازي (ص31).
(18) ((كتاب العين)) للخليل بن أحمد الفراهيدي (8/ 187).
(19) ((تهذيب اللغة)) للهروي (14/ 312).
(20) ((معجم ديوان الأدب)) للفارابي (2/ 138).
(21) ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص73).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الفرق بين صفة الجود وبعض الصفات
الفرق بين الجود والسخاء:
قال الراغب: (السخاء: اسم للهيئة التي عليها الإنسان.
والجود: اسم للفعل الصادر عنها.
وإن كان قد يسمى كل واحد باسم الآخر من فضله) (1).
وقال أبو هلال العسكري: (الفرق بين السخاء والجود: أن السخاء هو أن يلين الإنسان عند السؤال ويسهل مهره للطالب من قولهم سخوت النار أسخوها سخوا إذا ألينتها وسخوت الأديم لينته وأرض سخاوية لينة ولهذا لا يقال لله تعالى سخي.
والجود كثرة العطاء من غير سؤال من قولك جادت السماء إذا جادت بمطر غزير، والفرس الجواد الكثير الإعطاء للجري والله تعالى جواد لكثرة عطائه فيما تقتضيه الحكمة.
ويظهر من كلام بعضهم: الترادف.
وفرق بعضهم بينهما: بأن من أعطى البعض وأبقى لنفسه البعض فهو صاحب سخاء.
ومن بذل الأكثر وأبقى لنفسه شيئا، فهو صاحب جود) (2).
الفرق بين الجود والكرم:
قال الكفوي: (الجود: هو صفة ذاتية للجواد ولا يستحق بالاستحقاق ولا بالسؤال.
والكرم: مسبوق باستحقاق السائل والسؤال منه) (3).
وقال أبو هلال العسكري في الفرق بينهما: (أن الجواد هو الذي يعطي مع السؤال.
والكريم: الذي يعطي من غير سؤال.
وقيل بالعكس.
وقيل: الجود إفادة ما ينبغي لا لغرض.
والكرم: إيثار الغير بالخير) (4).
الفرق بين الجود والإفضال والإنعام:
قال الكفوي: (والإفضال أعم من الإنعام والجود، وقيل: هو أخص منهما لأن الإفضال إعطاء بعوض وهما عبارة عن مطلق الإعطاء.
والكرم: إن كان بمال فهو جود. وإن كان بكف ضرر مع القدرة فهو عفو وإن كان ببذل النفس فهو شجاعة) (5).
(2) ((تاج العروس)) للزبيدي (7/ 527).
(3) ((تاج العروس)) للزبيدي (7/ 531).
(4) ((التعريفات)) للجرجاني (ص79).
(5) ((تاج العروس)) للزبيدي (7/ 527).
(6) ((المعجم الوسيط)) لإبراهيم مصطفى وآخرون (ص146).
(7) ((إصلاح المنطق)) لابن السكيت (ص: 51).
(8) ((جمهرة اللغة)) لابن دريد (2/ 798).
(9) ((كتاب العين)) للخليل بن أحمد الفراهيدي (5/ 369).
(10) ((التعريفات)) للجرجاني (ص184).
(11) ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص281).
(12) ((الشفا بتعريف حقوق المصطفى)) للقاضي عياض (1/ 230).
(13) ((لسان العرب)) لابن منظور (14/ 373).
(14) ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص192).
(15) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص286).
(16) ((الشفا بتعريف حقوق المصطفى)) للقاضي عياض (1/ 230).
(17) ((مختار الصحاح)) للرازي (ص31).
(18) ((كتاب العين)) للخليل بن أحمد الفراهيدي (8/ 187).
(19) ((تهذيب اللغة)) للهروي (14/ 312).
(20) ((معجم ديوان الأدب)) للفارابي (2/ 138).
(21) ((التوقيف على مهمات التعاريف)) للمناوي (ص73).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الفرق بين صفة الجود وبعض الصفات
الفرق بين الجود والسخاء:
قال الراغب: (السخاء: اسم للهيئة التي عليها الإنسان.
والجود: اسم للفعل الصادر عنها.
وإن كان قد يسمى كل واحد باسم الآخر من فضله) (1).
وقال أبو هلال العسكري: (الفرق بين السخاء والجود: أن السخاء هو أن يلين الإنسان عند السؤال ويسهل مهره للطالب من قولهم سخوت النار أسخوها سخوا إذا ألينتها وسخوت الأديم لينته وأرض سخاوية لينة ولهذا لا يقال لله تعالى سخي.
والجود كثرة العطاء من غير سؤال من قولك جادت السماء إذا جادت بمطر غزير، والفرس الجواد الكثير الإعطاء للجري والله تعالى جواد لكثرة عطائه فيما تقتضيه الحكمة.
ويظهر من كلام بعضهم: الترادف.
وفرق بعضهم بينهما: بأن من أعطى البعض وأبقى لنفسه البعض فهو صاحب سخاء.
ومن بذل الأكثر وأبقى لنفسه شيئا، فهو صاحب جود) (2).
الفرق بين الجود والكرم:
قال الكفوي: (الجود: هو صفة ذاتية للجواد ولا يستحق بالاستحقاق ولا بالسؤال.
والكرم: مسبوق باستحقاق السائل والسؤال منه) (3).
وقال أبو هلال العسكري في الفرق بينهما: (أن الجواد هو الذي يعطي مع السؤال.
والكريم: الذي يعطي من غير سؤال.
وقيل بالعكس.
وقيل: الجود إفادة ما ينبغي لا لغرض.
والكرم: إيثار الغير بالخير) (4).
الفرق بين الجود والإفضال والإنعام:
قال الكفوي: (والإفضال أعم من الإنعام والجود، وقيل: هو أخص منهما لأن الإفضال إعطاء بعوض وهما عبارة عن مطلق الإعطاء.
والكرم: إن كان بمال فهو جود. وإن كان بكف ضرر مع القدرة فهو عفو وإن كان ببذل النفس فهو شجاعة) (5).
(1) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص97).
(2) ((معجم الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص353).
(3) ((الكليات)) للكفوي (ص353).
(4) ((معجم الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص171 - 172) بتصرف.
(5) ((الكليات)) للكفوي (ص: 53).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الألفاظ المترادفة في الجود والكرم
(جواد، وفياض، وسخي، وكريم، وجحجاج، وحر، ومعطاء، ونفاح، وخضرم، وهين، وسهل، وسري، وسميدع، ولبيب) (1).
(2) ((معجم الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص353).
(3) ((الكليات)) للكفوي (ص353).
(4) ((معجم الفروق اللغوية)) لأبي هلال العسكري (ص171 - 172) بتصرف.
(5) ((الكليات)) للكفوي (ص: 53).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الألفاظ المترادفة في الجود والكرم
(جواد، وفياض، وسخي، وكريم، وجحجاج، وحر، ومعطاء، ونفاح، وخضرم، وهين، وسهل، وسري، وسميدع، ولبيب) (1).
(1) ((الألفاظ المترادفة المتقاربة المعنى)) لأبي الحسن الرماني (ص: 83).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الحث على الجود والكرم والسخاء من القرآن والسنة
الترغيب والحث على الجود والكرم والسخاء من القرآن الكريم:
- هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ [الذاريات: 24 - 26].
قال الطبري: (عن مجاهدٍ، قوله: ضيف إبراهيم المكرمين قال: أكرمهم إبراهيم، وأمر أهله لهم بالعجل حينئذٍ) (1).
قال الزجاج: (جاء في التفسير أنه لما أتته الملائكة أكرمهم بالعجل.
وقيل: أكرمهم بأنه خدمهم، صلوات الله عليه وعليهم) (2).
- وقال تعالى: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 261].
قال الطبري: (قال: يزيد من يشاء، كان هذا كله عطاءً، ولم يكن أعمالًا يحسبه لهم، فجزاهم به حتى كأنهم عملوا له، قال: ولم يعملوا إنما عملوا عشرًا، فأعطاهم مائةً، وعملوا مائةً، فأعطاهم ألفًا، هذا كله عطاءٌ، والعمل الأول، ثم حسب ذلك حتى كأنهم عملوا، فجزاهم كما جزاهم بالذي عملوا) (3).
وقال الزجاج: (أي جواد لا ينقصه ما يتفضل به من السعة، عليم حيث يضعه) (4).
وقال ابن كثير: (هذا مثلٌ ضربه الله تعالى لتضعيف الثواب لمن أنفق في سبيله وابتغاء مرضاته، وأن الحسنة تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ) (5).
- وقال تعالى: وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ [البقرة: 272].
قال ابن أبي حاتم (عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يأمر بألا يصدق إلا على أهل الإسلام، حتى نزلت هذه الآية ليس عليك هداهم إلى قوله: وما تنفقوا من خيرٍ يوف إليكم وأنتم لا تظلمون فأمر بالصدقة بعدها، على كل من سألك من كل دينٍ) (6).
وقال السيوطي: (وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ قال: هو مردود عليك فمالك ولهذا تؤذيه وتمن عليه إنما نفقتك لنفسك وابتغاء وجه الله والله يجزيك) (7).
- وقال تعالى: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 274].
قال ابن كثير: (هذا مدحٌ منه تعالى للمنفقين في سبيله، وابتغاء مرضاته في جميع الأوقات من ليلٍ أو نهارٍ، والأحوال من سر وجهارٍ، حتى إن النفقة على الأهل تدخل في ذلك أيضًا) (8).
وقال السمرقندي: (هذا حث لجميع الناس على الصدقة يتصدقون في الأحوال كلها وفي الأوقات كلها فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون) (9).
وقال الرازي: (الآية عامةٌ في الذين يعمون الأوقات والأحوال بالصدقة تحرضهم على الخير، فكلما نزلت بهم حاجة محتاجٍ عجلوا قضاءها ولم يؤخروها ولم يعلقوها بوقتٍ ولا حالٍ) (10).
الترغيب والحث على الجود والكرم والسخاء من السنة النبوية:
الترغيب والحث على الجود والكرم والسخاء من القرآن الكريم:
- هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ [الذاريات: 24 - 26].
قال الطبري: (عن مجاهدٍ، قوله: ضيف إبراهيم المكرمين قال: أكرمهم إبراهيم، وأمر أهله لهم بالعجل حينئذٍ) (1).
قال الزجاج: (جاء في التفسير أنه لما أتته الملائكة أكرمهم بالعجل.
وقيل: أكرمهم بأنه خدمهم، صلوات الله عليه وعليهم) (2).
- وقال تعالى: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 261].
قال الطبري: (قال: يزيد من يشاء، كان هذا كله عطاءً، ولم يكن أعمالًا يحسبه لهم، فجزاهم به حتى كأنهم عملوا له، قال: ولم يعملوا إنما عملوا عشرًا، فأعطاهم مائةً، وعملوا مائةً، فأعطاهم ألفًا، هذا كله عطاءٌ، والعمل الأول، ثم حسب ذلك حتى كأنهم عملوا، فجزاهم كما جزاهم بالذي عملوا) (3).
وقال الزجاج: (أي جواد لا ينقصه ما يتفضل به من السعة، عليم حيث يضعه) (4).
وقال ابن كثير: (هذا مثلٌ ضربه الله تعالى لتضعيف الثواب لمن أنفق في سبيله وابتغاء مرضاته، وأن الحسنة تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ) (5).
- وقال تعالى: وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ [البقرة: 272].
قال ابن أبي حاتم (عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان يأمر بألا يصدق إلا على أهل الإسلام، حتى نزلت هذه الآية ليس عليك هداهم إلى قوله: وما تنفقوا من خيرٍ يوف إليكم وأنتم لا تظلمون فأمر بالصدقة بعدها، على كل من سألك من كل دينٍ) (6).
وقال السيوطي: (وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ قال: هو مردود عليك فمالك ولهذا تؤذيه وتمن عليه إنما نفقتك لنفسك وابتغاء وجه الله والله يجزيك) (7).
- وقال تعالى: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 274].
قال ابن كثير: (هذا مدحٌ منه تعالى للمنفقين في سبيله، وابتغاء مرضاته في جميع الأوقات من ليلٍ أو نهارٍ، والأحوال من سر وجهارٍ، حتى إن النفقة على الأهل تدخل في ذلك أيضًا) (8).
وقال السمرقندي: (هذا حث لجميع الناس على الصدقة يتصدقون في الأحوال كلها وفي الأوقات كلها فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون) (9).
وقال الرازي: (الآية عامةٌ في الذين يعمون الأوقات والأحوال بالصدقة تحرضهم على الخير، فكلما نزلت بهم حاجة محتاجٍ عجلوا قضاءها ولم يؤخروها ولم يعلقوها بوقتٍ ولا حالٍ) (10).
الترغيب والحث على الجود والكرم والسخاء من السنة النبوية:
(1) ((جامع البيان في تفسير القرآن)) للطبري (21/ 525).
(2) ((مفردات القرآن وإعرابه)) للزجاج (5/ 54).
(3) ((جامع البيان في تفسير القرآن)) للطبري (24/ 45).
(4) ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (1/ 346).
(5) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (1/ 691).
(6) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن أبي حاتم (2/ 539).
(7) ((الدر المنثور في التفسير بالمأثور)) للسيوطي (2/ 88).
(8) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (1/ 707).
(9) ((بحر العلوم)) للسمرقندي (1/ 181).
(10) ((مفاتيح الغيب)) للرازي (7/ 70).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دينارٌ أنفقته في سبيل الله ودينارٌ أنفقته في رقبةٍ، ودينارٌ تصدقت به على مسكينٍ، ودينارٌ أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك)) (1).
قال النووي: (في هذا الحديث فوائد منها الابتداء في النفقة بالمذكور على هذا الترتيب ومنها أن الحقوق والفضائل إذا تزاحمت قدم الأوكد فالأوكد ومنها أن الأفضل في صدقة التطوع أن ينوعها في جهات الخير ووجوه البر بحسب المصلحة ولا ينحصر في جهةٍ بعينها) (2).
- وعن أبي ذر، قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالسٌ في ظل الكعبة، فلما رآني قال: ((هم الأخسرون ورب الكعبة. قال: فجئت حتى جلست، فلم أتقار أن قمت، فقلت: يا رسول الله، فداك أبي وأمي، من هم؟ قال: هم الأكثرون أموالًا، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا - من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله - وقليلٌ ما هم، ما من صاحب إبلٍ، ولا بقرٍ، ولا غنمٍ لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت، وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلما نفدت أخراها، عادت عليه أولاها، حتى يقضى بين الناس)) (3).
قال النووي: (فيه الحث على الصدقة في وجوه الخير) (4).
وقال المباركفوري: (فقوله: (قال هكذا) الخ كناية عن التصدق العام في جميع جهات الخير) (5).
- وعن أبي سعيدٍ الخدري، قال: بينما نحن في سفرٍ مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجلٌ على راحلةٍ له، قال: فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان معه فضل ظهرٍ، فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضلٌ من زادٍ، فليعد به على من لا زاد له)) (6).
قال النووي: (في هذا الحديث الحث على الصدقة والجود والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب والاعتناء بمصالح الأصحاب وأمر كبير القوم أصحابه بمواساة المحتاج وأنه يكتفي في حاجة المحتاج بتعرضه للعطاء وتعريضه من غير سؤالٍ) (7).
- وعن جابر رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا فلم يجئ مال البحرين حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر رضي الله عنه فنادى من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتنا فأتيته وقلت له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا فحثى لي حثية فعددتها فإذا هي خمسمائة فقال لي خذ مثيلها)) (8).
قال ابن عثيمين في شرح هذا الحديث: (وفيه دليل على كرم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يحثو المال حثيا ولا يعده عدا لأنه قال بيديه وهذا يدل على الكرم وأن المال لا يساوي عنده شيئا صلوات الله وسلامه عليه) (9).
(2) ((مفردات القرآن وإعرابه)) للزجاج (5/ 54).
(3) ((جامع البيان في تفسير القرآن)) للطبري (24/ 45).
(4) ((معاني القرآن وإعرابه)) للزجاج (1/ 346).
(5) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (1/ 691).
(6) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن أبي حاتم (2/ 539).
(7) ((الدر المنثور في التفسير بالمأثور)) للسيوطي (2/ 88).
(8) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (1/ 707).
(9) ((بحر العلوم)) للسمرقندي (1/ 181).
(10) ((مفاتيح الغيب)) للرازي (7/ 70).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دينارٌ أنفقته في سبيل الله ودينارٌ أنفقته في رقبةٍ، ودينارٌ تصدقت به على مسكينٍ، ودينارٌ أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك)) (1).
قال النووي: (في هذا الحديث فوائد منها الابتداء في النفقة بالمذكور على هذا الترتيب ومنها أن الحقوق والفضائل إذا تزاحمت قدم الأوكد فالأوكد ومنها أن الأفضل في صدقة التطوع أن ينوعها في جهات الخير ووجوه البر بحسب المصلحة ولا ينحصر في جهةٍ بعينها) (2).
- وعن أبي ذر، قال: انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالسٌ في ظل الكعبة، فلما رآني قال: ((هم الأخسرون ورب الكعبة. قال: فجئت حتى جلست، فلم أتقار أن قمت، فقلت: يا رسول الله، فداك أبي وأمي، من هم؟ قال: هم الأكثرون أموالًا، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا - من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله - وقليلٌ ما هم، ما من صاحب إبلٍ، ولا بقرٍ، ولا غنمٍ لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت، وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلما نفدت أخراها، عادت عليه أولاها، حتى يقضى بين الناس)) (3).
قال النووي: (فيه الحث على الصدقة في وجوه الخير) (4).
وقال المباركفوري: (فقوله: (قال هكذا) الخ كناية عن التصدق العام في جميع جهات الخير) (5).
- وعن أبي سعيدٍ الخدري، قال: بينما نحن في سفرٍ مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجلٌ على راحلةٍ له، قال: فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من كان معه فضل ظهرٍ، فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضلٌ من زادٍ، فليعد به على من لا زاد له)) (6).
قال النووي: (في هذا الحديث الحث على الصدقة والجود والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب والاعتناء بمصالح الأصحاب وأمر كبير القوم أصحابه بمواساة المحتاج وأنه يكتفي في حاجة المحتاج بتعرضه للعطاء وتعريضه من غير سؤالٍ) (7).
- وعن جابر رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ((لو قد جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا فلم يجئ مال البحرين حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر رضي الله عنه فنادى من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتنا فأتيته وقلت له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا فحثى لي حثية فعددتها فإذا هي خمسمائة فقال لي خذ مثيلها)) (8).
قال ابن عثيمين في شرح هذا الحديث: (وفيه دليل على كرم النبي صلى الله عليه وسلم حيث يحثو المال حثيا ولا يعده عدا لأنه قال بيديه وهذا يدل على الكرم وأن المال لا يساوي عنده شيئا صلوات الله وسلامه عليه) (9).
(1) رواه مسلم (995).
(2) ((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)) للنووي (7/ 81).
(3) رواه البخاري (6638) ومسلم (990).
(4) ((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)) للنووي (7/ 73).
(5) ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للمباركفوري (2/ 92).
(6) رواه مسلم (1728).
(7) ((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)) للنووي (12/ 33).
(8) رواه البخاري (2297) ومسلم (2314)، واللفظ للبخاري.
(9) ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (4/ 52)،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى جوادٌ يحب الجود ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها)) (1).
قال المناوي: ((إن الله جواد) أي كثير الجود أي العطاء (يحب الجود) الذي هو سهولة البذل والإنفاق وتجنب ما لا يحمد من الأخلاق وهو يقرب من معنى الكرم والجود يكون بالعبادة والصلاح وبالسخاء بالدنيا والسماح) (2).
(2) ((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)) للنووي (7/ 81).
(3) رواه البخاري (6638) ومسلم (990).
(4) ((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)) للنووي (7/ 73).
(5) ((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) للمباركفوري (2/ 92).
(6) رواه مسلم (1728).
(7) ((المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج)) للنووي (12/ 33).
(8) رواه البخاري (2297) ومسلم (2314)، واللفظ للبخاري.
(9) ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (4/ 52)،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى جوادٌ يحب الجود ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها)) (1).
قال المناوي: ((إن الله جواد) أي كثير الجود أي العطاء (يحب الجود) الذي هو سهولة البذل والإنفاق وتجنب ما لا يحمد من الأخلاق وهو يقرب من معنى الكرم والجود يكون بالعبادة والصلاح وبالسخاء بالدنيا والسماح) (2).
(1) رواه أبو عبيد في ((فضائل القرآن)) (52)، وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (9/ 100)، وهناد في ((الزهد)) (2/ 423) (828) والشاشي في ((المسند)) (1/ 80)، والخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (4)، والبيهقي في ((شعب الإيمان)) (7/ 426) (10840) وأبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (5/ 29). من حديث طلحة بن عبيدالله بن كريز رضي الله عنه. قال البيهقي: في هذا الإسناد انقطاع بين سليمان بن سحيم وطلحة، وقال العراقي في ((تخريج الإحياء)) (3/ 302): مرسل، وحسنه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (1723)، وقال الألباني في ((سلسلة الأحاديث الصحيحة)) (4/ 169): مرسل ضعيف. ورواه ابن أبى الدنيا في ((مكارم الأخلاق)) (1/ 19) (8)، وابن عساكر في ((تاريخ دمشق)) (14/ 289)، من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. بلفظ: ((إن الله كريم يحب الكرماء جواد يحب الجود يحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها)). قال الألباني في ((صحيح الجامع)) (1800): صحيح. ورواه أبو نعيم في ((حلية الأولياء)) (5/ 29) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. بلفظ: ((إن الله عز وجل جواد يحب الجود ويحب معالي الأخلاق ويبغض سفسافها)) قال أبو نعيم: غريب من حديث طلحة وكريب تفرد به نوح عن أبي عصمة، وحسنه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (1723)، وقال الألباني في ((صحيح الجامع)) (1744): صحيح.
(2) ((فيض القدير)) للمناوي (2/ 226).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقوال السلف والعلماء في الكرم والجود والسخاء
- قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء (1).
- وعنه رضي الله عنه: الجود حارس الأعراض) (2).
- و (قال علي رضي الله عنه: السخاء ما كان ابتداء، فأما ما كان عن مسألة فحياء وتذمم) (3).
- وروي عنه مرفوعاً: الكرم أعطف من الرحم (4).
- (وقيل لحكيم: أي فعل للبشر أشبه بفعل الباري تعالى، فقال: الجود) (5).
- وقال يحيى البرمكي: (أعط من الدنيا وهي مقبلة، فإن ذلك لا ينقصك منها شيئا. فكان الحسن بن سهل يتعجب من ذلك ويقول: لله دره! ما أطبعه على الكرم وأعلمه بالدنيا!.) (6).
- و (قال محمد بن يزيد الواسطي: حدثني صديق لي: «أن أعرابيا انتهى إلى قوم فقال: يا قوم أرى وجوها وضيئة، وأخلاقا رضية، فإن تكن الأسماء على أثر ذلك فقد سعدت بكم أمكم، تسموا بأبي أنتم، قال أحدهم: أنا عطية، وقال الآخر: أنا كرامة، وقال الآخر: أنا عبد الواسع، وقال الآخر: أنا فضيلة، فأنشأ يقول:
كرم وبذل واسع وعطية ... لا أين أذهب أنتم أعين الكرم
من كان بين فضيلة وكرامة ... لا ريب يفقؤ أعين العدم
قال: فكسوه وأحسنوا إليه وانصرف شاكراً) (7).
- و (قال أبو سليمان الداراني: جلساء الرحمن يوم القيامة من جعل في قلبه خصالاً: الكرم والسخاء والحلم والرأفة والشكر والبر والصبر) (8).
- و (كان يقال: من جاد بماله جاد بنفسه، وذلك أنه جاد بما لا قوام لنفسه إلا به) (9).
- و (قال الماوردي- رحمه الله تعالى-: اعلم أن الكريم يجتزي بالكرامة واللطف، واللئيم يجتزي بالمهانة والعنف، فلا يجود إلا خوفاً، ولا يجيب إلا عنفاً، كما قال الشاعر:
رأيتك مثل الجوز يمنع لبه ... صحيحا ويعطي خيره حين يكسر
فاحذر أن تكون المهانة طريقاً إلى اجتدائك، والخوف سبيلاً إلى عطائك، فيجري عليك سفه الطغام، وامتهان اللئام، وليكن جودك كرماً ورغبة، لا لؤماً ورهبة) (10).
- و (عن حسن بن صالحٍ، قال: سئل الحسن عن حسن الخلق، فقال: الكرم، والبذلة، والاحتمال) (11).
- (وقال جعفر بن محمد الصادق: إن لله وجوها من خلقه، خلقهم لقضاء حوائج عباده، يرون الجود مجداً، والإفضال مغنماً، والله يحب مكارم الأخلاق) (12).
- وقال بكر بن محمد العابد: (ينبغي أن يكون المؤمن من السخاء هكذا، وحثا بيديه) (13).
- وقال بعض الحكماء: (أصل المحاسن كلها الكرم، وأصل الكرم نزاهة النفس عن الحرام وسخاؤها بما تملك على الخاص والعام، وجميع خصال الخير من فروعه) (14).
- وقال ابن المبارك: (سخاء النفس عما في أيدي الناس أعظم من سخاء النفس بالبذل) (15).
- وقال بعض العلماء: (الكرم هو اسم واقع على كل نوع من أنواع الفضل، ولفظ جامع لمعاني السماحة والبذل) (16).
- وقالوا: (السخي من كان مسروراً ببذله، متبرعاً بعطائه، لا يلتمس عرض دنياه فيحبط عمله، ولا طلب مكافأة فيسقط شكره، ولا يكون مثله فيما أعطى مثل الصائد الذي يلقى الحب للطائر، ولا يريد نفعها ولكن نفع نفسه) (17).
(2) ((فيض القدير)) للمناوي (2/ 226).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقوال السلف والعلماء في الكرم والجود والسخاء
- قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء (1).
- وعنه رضي الله عنه: الجود حارس الأعراض) (2).
- و (قال علي رضي الله عنه: السخاء ما كان ابتداء، فأما ما كان عن مسألة فحياء وتذمم) (3).
- وروي عنه مرفوعاً: الكرم أعطف من الرحم (4).
- (وقيل لحكيم: أي فعل للبشر أشبه بفعل الباري تعالى، فقال: الجود) (5).
- وقال يحيى البرمكي: (أعط من الدنيا وهي مقبلة، فإن ذلك لا ينقصك منها شيئا. فكان الحسن بن سهل يتعجب من ذلك ويقول: لله دره! ما أطبعه على الكرم وأعلمه بالدنيا!.) (6).
- و (قال محمد بن يزيد الواسطي: حدثني صديق لي: «أن أعرابيا انتهى إلى قوم فقال: يا قوم أرى وجوها وضيئة، وأخلاقا رضية، فإن تكن الأسماء على أثر ذلك فقد سعدت بكم أمكم، تسموا بأبي أنتم، قال أحدهم: أنا عطية، وقال الآخر: أنا كرامة، وقال الآخر: أنا عبد الواسع، وقال الآخر: أنا فضيلة، فأنشأ يقول:
كرم وبذل واسع وعطية ... لا أين أذهب أنتم أعين الكرم
من كان بين فضيلة وكرامة ... لا ريب يفقؤ أعين العدم
قال: فكسوه وأحسنوا إليه وانصرف شاكراً) (7).
- و (قال أبو سليمان الداراني: جلساء الرحمن يوم القيامة من جعل في قلبه خصالاً: الكرم والسخاء والحلم والرأفة والشكر والبر والصبر) (8).
- و (كان يقال: من جاد بماله جاد بنفسه، وذلك أنه جاد بما لا قوام لنفسه إلا به) (9).
- و (قال الماوردي- رحمه الله تعالى-: اعلم أن الكريم يجتزي بالكرامة واللطف، واللئيم يجتزي بالمهانة والعنف، فلا يجود إلا خوفاً، ولا يجيب إلا عنفاً، كما قال الشاعر:
رأيتك مثل الجوز يمنع لبه ... صحيحا ويعطي خيره حين يكسر
فاحذر أن تكون المهانة طريقاً إلى اجتدائك، والخوف سبيلاً إلى عطائك، فيجري عليك سفه الطغام، وامتهان اللئام، وليكن جودك كرماً ورغبة، لا لؤماً ورهبة) (10).
- و (عن حسن بن صالحٍ، قال: سئل الحسن عن حسن الخلق، فقال: الكرم، والبذلة، والاحتمال) (11).
- (وقال جعفر بن محمد الصادق: إن لله وجوها من خلقه، خلقهم لقضاء حوائج عباده، يرون الجود مجداً، والإفضال مغنماً، والله يحب مكارم الأخلاق) (12).
- وقال بكر بن محمد العابد: (ينبغي أن يكون المؤمن من السخاء هكذا، وحثا بيديه) (13).
- وقال بعض الحكماء: (أصل المحاسن كلها الكرم، وأصل الكرم نزاهة النفس عن الحرام وسخاؤها بما تملك على الخاص والعام، وجميع خصال الخير من فروعه) (14).
- وقال ابن المبارك: (سخاء النفس عما في أيدي الناس أعظم من سخاء النفس بالبذل) (15).
- وقال بعض العلماء: (الكرم هو اسم واقع على كل نوع من أنواع الفضل، ولفظ جامع لمعاني السماحة والبذل) (16).
- وقالوا: (السخي من كان مسروراً ببذله، متبرعاً بعطائه، لا يلتمس عرض دنياه فيحبط عمله، ولا طلب مكافأة فيسقط شكره، ولا يكون مثله فيما أعطى مثل الصائد الذي يلقى الحب للطائر، ولا يريد نفعها ولكن نفع نفسه) (17).
(1) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 357).
(2) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 357).
(3) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 380).
(4) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 357).
(5) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص287).
(6) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 368).
(7) ((مكارم الأخلاق)) للخرائطي (ص200).
(8) ((عدة الصابرين)) لابن قيم الجوزية (ص143).
(9) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 365).
(10) ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص200).
(11) ((الكرام والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص55).
(12) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 357).
(13) ((مكارم الأخلاق ومعاليها)) للخرائطي (ص179).
(14) ((المستطرف في كل فن مستظرف)) للأبشيهي (ص168).
(15) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 357).
(16) ((عين الأدب والسياسة)) لأبي الحسن بن هذيل (ص105).
(17) ((صلاح الأمة في علو الهمة)) لسيد العفاني (2/ 616 - 617).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقسام الجود
الجود خمسة أضرب:
(جود الإله تعالى: وهو البذل لكل أحد على قدر استحقاقه.
وجود الملوك: وهو بسط المال على العفاة غنيهم وفقيرهم.
وجود السوقة: الذين هما دون الملوك: وهو بذل المال للسؤال.
وجود الصعاليك: وهو البذل للندامى والعاشرين والشرب.
وجود عوام الناس: وهو الإحسان إلى الأقارب) (1).
(2) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 357).
(3) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 380).
(4) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 357).
(5) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص287).
(6) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 368).
(7) ((مكارم الأخلاق)) للخرائطي (ص200).
(8) ((عدة الصابرين)) لابن قيم الجوزية (ص143).
(9) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 365).
(10) ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص200).
(11) ((الكرام والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص55).
(12) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 357).
(13) ((مكارم الأخلاق ومعاليها)) للخرائطي (ص179).
(14) ((المستطرف في كل فن مستظرف)) للأبشيهي (ص168).
(15) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 357).
(16) ((عين الأدب والسياسة)) لأبي الحسن بن هذيل (ص105).
(17) ((صلاح الأمة في علو الهمة)) لسيد العفاني (2/ 616 - 617).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقسام الجود
الجود خمسة أضرب:
(جود الإله تعالى: وهو البذل لكل أحد على قدر استحقاقه.
وجود الملوك: وهو بسط المال على العفاة غنيهم وفقيرهم.
وجود السوقة: الذين هما دون الملوك: وهو بذل المال للسؤال.
وجود الصعاليك: وهو البذل للندامى والعاشرين والشرب.
وجود عوام الناس: وهو الإحسان إلى الأقارب) (1).
(1) ((الذريعة إلى مكارم الشريعة)) للراغب الأصفهاني (ص288).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،فوائد الكرم والجود والسخاء
1 - أن الكرم والجود والعطاء من كمال الإيمان وحسن الإسلام.
2 - دليل حسن الظن بالله تعالى
3 - الكرامة في الدنيا ورفع الذكر في الآخرة.
4 - الكريم محبوب من الخالق الكريم وقريب من الخلق أجمعين.
5 - الكريم قليل الأعداء والخصوم لأن خيره منشور على العموم.
6 - الكريم نفعه متعد غير مقصور.
7 - حسن ثناء الناس عليه.
8 - دليل عراقة الأصل.
9 - يبعث على التكافل الاجتماعي والتواد بين الناس.
10 - هو صفة كمال في الإنسان.
11 - دليل زهد الإنسان في الدنيا.
12 - هو موافق للفطرة الصحيحة لذلك كان العرب يتمادحون به.
13 - الكرم يزيد البركة في الرزق والعمر.
14 - يولد في الفرد شعوراً بأنه جزء من الجماعة، وليس فرداً منعزلاً عنهم إلا في حدود مصالحه ومسؤولياته الشخصية.
15 - يزكي الأنفس ويطهرها من رذائل الأنانية المقيتة، والأثرة القبيحة، والشح الذميم.
16 - حل مشكلة حاجات ذوي الحاجات من أفراد المجتمع الواحد.
17 - إقامة سد واق يمنع الأنفس عن الجنوح الخطير في مجال حب التملك والأثرة (1).
1 - أن الكرم والجود والعطاء من كمال الإيمان وحسن الإسلام.
2 - دليل حسن الظن بالله تعالى
3 - الكرامة في الدنيا ورفع الذكر في الآخرة.
4 - الكريم محبوب من الخالق الكريم وقريب من الخلق أجمعين.
5 - الكريم قليل الأعداء والخصوم لأن خيره منشور على العموم.
6 - الكريم نفعه متعد غير مقصور.
7 - حسن ثناء الناس عليه.
8 - دليل عراقة الأصل.
9 - يبعث على التكافل الاجتماعي والتواد بين الناس.
10 - هو صفة كمال في الإنسان.
11 - دليل زهد الإنسان في الدنيا.
12 - هو موافق للفطرة الصحيحة لذلك كان العرب يتمادحون به.
13 - الكرم يزيد البركة في الرزق والعمر.
14 - يولد في الفرد شعوراً بأنه جزء من الجماعة، وليس فرداً منعزلاً عنهم إلا في حدود مصالحه ومسؤولياته الشخصية.
15 - يزكي الأنفس ويطهرها من رذائل الأنانية المقيتة، والأثرة القبيحة، والشح الذميم.
16 - حل مشكلة حاجات ذوي الحاجات من أفراد المجتمع الواحد.
17 - إقامة سد واق يمنع الأنفس عن الجنوح الخطير في مجال حب التملك والأثرة (1).
(1) انظر: ((نضرة النعيم)) لمجموعة من الباحثين (8/ 3235). و ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) لعبدالرحمن الميداني (2/ 363 - 365) بتصرف واختصار،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،صور الكرم والجود والسخاء
المجالات التي يشملها الكرم والجود والعطاء متنوعة وكثيرة فمنها:
1 - (العطاء من المال من كل ما يمتلك الإنسان من أشياء ينتفع بها، كالذهب والفضة، والخيل، والأنعام، والحرث، وكل مأكول، أو مشروب، أو ملبوس، أو مركوب، أو مسكون، أو يؤوي إليه، وكل آلة أو سبب أو وسيلة ينتفع بها، وكل ما يتداوى به أو يقي ضراً أو يدفع بأساً، إلى غير ذلك من أشياء يصعب إحصاؤها.
2 - ومنها العطاء من العلم والمعرفة، وفي هذا المجال من يحبون العطاء، وفيه بخلاء ممسكون ضنينون، والمعطاء في هذا المجال هو الذي لا يدخر عنده علماً ولا معرفة عمن يحسن الانتفاع بذلك، والبخيل هو الذي يحتفظ بمعارفه وعلومه لنفسه، فلا ينفق منها لمستحقيها، ضناً بها ورغبة بالاستئثار.
3 - ومنها عطاء النصيحة، فالإنسان الجواد كريم النفس لا يبخل على أخيه الإنسان بأي نصيحة تنفعه في دينه أو دنياه، بل يعطيه نصحه الذي نفعه مبتغياً به وجه الله تعالى.
4 - ومنها العطاء من النفس، فالجود يعطي من جاهه، ويعطي من عطفه وحنانه، ويعطي من حلو كلامه وابتسامته وطلاقة وجهه، ويعطي من وقته وراحته، ويعطي من سمعه وإصغائه، ويعطي من حبه ورحمته، ويعطي من دعائه وشفاعته، وهكذا إلى سائر صور العطاء من النفس.
5 - ومنها العطاء من طاقات الجسد وقواه، فالجواد يعطي من معونته، ويعطي من خدماته، ويعطي من جهده، فيعين الرجل في دابته فيحمله عليها أو يحمل له عليها، ويميط الأذى عن طريق الناس وعن المرافق العامة، ويأخذ بيد العاجز حتى يجتاز به إلى مكان سلامته، ويمشي في مصالح الناس، ويتعب في مساعدتهم، ويسهر من أجل معونتهم، ومن أجل خدمتهم، وهكذا إلى سائر صور العطاء من الجسد.
6 - ويرتقي العطاء حتى يصل على مستوى التضحية بالحياة كلها: كالمجاهد المقاتل في سبيل الله يجود بحياته لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه، ابتغاء مرضاة ربه، والذي يؤثر أخاه بشربة الماء، وهو على وشك الهلاك، لينقذ أخاه من الموت، يضحي ويجود بحياته من أجل غيره) (1).
المجالات التي يشملها الكرم والجود والعطاء متنوعة وكثيرة فمنها:
1 - (العطاء من المال من كل ما يمتلك الإنسان من أشياء ينتفع بها، كالذهب والفضة، والخيل، والأنعام، والحرث، وكل مأكول، أو مشروب، أو ملبوس، أو مركوب، أو مسكون، أو يؤوي إليه، وكل آلة أو سبب أو وسيلة ينتفع بها، وكل ما يتداوى به أو يقي ضراً أو يدفع بأساً، إلى غير ذلك من أشياء يصعب إحصاؤها.
2 - ومنها العطاء من العلم والمعرفة، وفي هذا المجال من يحبون العطاء، وفيه بخلاء ممسكون ضنينون، والمعطاء في هذا المجال هو الذي لا يدخر عنده علماً ولا معرفة عمن يحسن الانتفاع بذلك، والبخيل هو الذي يحتفظ بمعارفه وعلومه لنفسه، فلا ينفق منها لمستحقيها، ضناً بها ورغبة بالاستئثار.
3 - ومنها عطاء النصيحة، فالإنسان الجواد كريم النفس لا يبخل على أخيه الإنسان بأي نصيحة تنفعه في دينه أو دنياه، بل يعطيه نصحه الذي نفعه مبتغياً به وجه الله تعالى.
4 - ومنها العطاء من النفس، فالجود يعطي من جاهه، ويعطي من عطفه وحنانه، ويعطي من حلو كلامه وابتسامته وطلاقة وجهه، ويعطي من وقته وراحته، ويعطي من سمعه وإصغائه، ويعطي من حبه ورحمته، ويعطي من دعائه وشفاعته، وهكذا إلى سائر صور العطاء من النفس.
5 - ومنها العطاء من طاقات الجسد وقواه، فالجواد يعطي من معونته، ويعطي من خدماته، ويعطي من جهده، فيعين الرجل في دابته فيحمله عليها أو يحمل له عليها، ويميط الأذى عن طريق الناس وعن المرافق العامة، ويأخذ بيد العاجز حتى يجتاز به إلى مكان سلامته، ويمشي في مصالح الناس، ويتعب في مساعدتهم، ويسهر من أجل معونتهم، ومن أجل خدمتهم، وهكذا إلى سائر صور العطاء من الجسد.
6 - ويرتقي العطاء حتى يصل على مستوى التضحية بالحياة كلها: كالمجاهد المقاتل في سبيل الله يجود بحياته لإعلاء كلمة الله ونصرة دينه، ابتغاء مرضاة ربه، والذي يؤثر أخاه بشربة الماء، وهو على وشك الهلاك، لينقذ أخاه من الموت، يضحي ويجود بحياته من أجل غيره) (1).
(1) ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) لعبدالرحمن الميداني (2/ 361 - 363) بتصرف واختصار،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الأسباب المعينة على الكرم والجود والسخاء
دوافع البذل والعطاء عند الإنسان كثيرة؛ منها (1):
1 - نفسه الطيبة.
2 - حب عمل الخير.
3 - توفيق الله له بالبذل والنفقة.
4 - حث أهل الخير له على النفقة والعطاء والكرم.
5 - مقتضيات المجتمع الإسلامي وحاجاته الملحة إلى التعاون؛ والتكامل لبناء الاقتصاد الإسلامي بناء قويًا وعزيزًا.
دوافع البذل والعطاء عند الإنسان كثيرة؛ منها (1):
1 - نفسه الطيبة.
2 - حب عمل الخير.
3 - توفيق الله له بالبذل والنفقة.
4 - حث أهل الخير له على النفقة والعطاء والكرم.
5 - مقتضيات المجتمع الإسلامي وحاجاته الملحة إلى التعاون؛ والتكامل لبناء الاقتصاد الإسلامي بناء قويًا وعزيزًا.
(1) ((التصوير النبوي للقيم الخلقية)) لعلي علي صبح (ص181) بتصرف.،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من كرم الأنبياء والمرسلين:
إبراهيم الخليل عليه السلام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كان أول من أضاف الضيف إبراهيم)) (1).
قال المناوي: (كان يسمى أبا الضيفان، كان يمشي الميل والميلين في طلب من يتغدى معه ... وفي الكشاف: كان لا يتغدى إلا مع ضيف) (2).
قال تعالى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ .. [الذاريات: 24].
قال مجاهد: سماهم مكرمين لخدمة إبراهيم إياهم بنفسه (3).
وقال الرازي: (أكرموا إذ دخلوا، وهذا من شأن الكريم أن يكرم ضيفه وقت الدخول، فإن قيل: بماذا أكرموا؟ قلنا: ببشاشة الوجه أولا، وبالإجلاس في أحسن المواضع وألطفها ثانياً، وتعجيل القرى ثالثاً، وبعد التكليف للضيف بالأكل والجلوس) (4).
يوسف بن يعقوب عليهما السلام وكرم الأصل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم)) (5).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((أكرم الناس يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم)) (6).
قال المناوي: (وأي كريم أكرم ممن حاز مع كونه ابن ثلاثة أنبياء متراسلين شرف النبوة وحسن الصورة وعلم الرؤيا ورئاسة الدنيا وحياطة الرعايا في القحط والبلاء؟ قال الشاعر:
إن السرى إذا سرى فبنفسه. . . وابن السرى إذا سرى أسراهما) (7).
وقال أيضاً: (أي أكرمهم أصلا يوسف فإنه جمع شرف النبوة وشرف النسب وكونه ابن ثلاثة أنبياء متناسقة فهو رابع نبي في نسق واحد ولم يقع ذلك لغيره وضم له أشرف علم الرؤيا ورئاسة الدنيا وحياطة الرغبة وشفقته عليهم) (8).
(كان يوسف عليه السلام وهو على خزائن الأرض لا يشبع، ويقول: أخاف أن أشبع فأنسى الجياع.
وكان جود يوسف وكرمه جود فتوة، جود صبر على شهوات النفس، وصبر عن المعصية، وهو جود سادات الرجال) (9).
إبراهيم الخليل عليه السلام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كان أول من أضاف الضيف إبراهيم)) (1).
قال المناوي: (كان يسمى أبا الضيفان، كان يمشي الميل والميلين في طلب من يتغدى معه ... وفي الكشاف: كان لا يتغدى إلا مع ضيف) (2).
قال تعالى: هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ .. [الذاريات: 24].
قال مجاهد: سماهم مكرمين لخدمة إبراهيم إياهم بنفسه (3).
وقال الرازي: (أكرموا إذ دخلوا، وهذا من شأن الكريم أن يكرم ضيفه وقت الدخول، فإن قيل: بماذا أكرموا؟ قلنا: ببشاشة الوجه أولا، وبالإجلاس في أحسن المواضع وألطفها ثانياً، وتعجيل القرى ثالثاً، وبعد التكليف للضيف بالأكل والجلوس) (4).
يوسف بن يعقوب عليهما السلام وكرم الأصل
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم)) (5).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((أكرم الناس يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم)) (6).
قال المناوي: (وأي كريم أكرم ممن حاز مع كونه ابن ثلاثة أنبياء متراسلين شرف النبوة وحسن الصورة وعلم الرؤيا ورئاسة الدنيا وحياطة الرعايا في القحط والبلاء؟ قال الشاعر:
إن السرى إذا سرى فبنفسه. . . وابن السرى إذا سرى أسراهما) (7).
وقال أيضاً: (أي أكرمهم أصلا يوسف فإنه جمع شرف النبوة وشرف النسب وكونه ابن ثلاثة أنبياء متناسقة فهو رابع نبي في نسق واحد ولم يقع ذلك لغيره وضم له أشرف علم الرؤيا ورئاسة الدنيا وحياطة الرغبة وشفقته عليهم) (8).
(كان يوسف عليه السلام وهو على خزائن الأرض لا يشبع، ويقول: أخاف أن أشبع فأنسى الجياع.
وكان جود يوسف وكرمه جود فتوة، جود صبر على شهوات النفس، وصبر عن المعصية، وهو جود سادات الرجال) (9).
(1) رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)) (6/ 395) (8641). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال البيهقي: الصحيح موقوف، وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (4451).
(2) ((فيض القدير)) للمناوي (ص4/ 543).
(3) ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (17/ 45).
(4) ((مفاتيح الغيب)) للرازي (28/ 174).
(5) رواه البخاري (3390).
(6) رواه الطبراني (10/ 149) (10278). من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. والحديث صححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (1417)، والألباني في ((صحيح الجامع الصغير)) (1217). والحديث روي من طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(7) ((فيض القدير)) للمناوي (5/ 94).
(8) ((فيض القدير)) للمناوي (2/ 90).
(9) ((صلاح الأمة في علو الهمة)) لسيد العفاني (2/ 519).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من كرم العرب وجودهم في العصر الجاهلي:
لقد كان الكرم من أبرز الصفات في العصر الجاهلي، بل كانوا يتباهون بالكرم والجود والسخاء، ورفعوا من مكانة الكرم وكانوا يصفون بالكرم عظماء القوم، واشتهر بعض العرب بهذه الصفة الحميدة حتى صار مضرباً للمثل، ونذكر بعض النماذج من هؤلاء الذين اشتهروا بفيض كرمهم وسخاء نفوسهم، ومن أولئك:
حاتم الطائي:
كان حاتم الطائي من أشهر من عرف عند العرب بالجود والكرم حتى صار مضرب المثل في ذلك.
(قالت النوار امرأته: أصابتنا سنة اقشعرت لها الأرض، واغبر أفق السماء، وراحت الإبل حدبا حدابير (1)، وضنت المراضع عن أولادها فما تبض بقطرة، وجلفت السنة المال (2)، وأيقنا أنه الهلاك. فو الله إني لفي ليلة صنبر بعيدة ما بين الطرفين (3)، إذ تضاغى أصيبيتنا (4) من الجوع، عبد الله وعدي وسفانة، فقام حاتم إلى الصبيين، وقمت إلى الصبية، فو الله ما سكنوا إلا بعد هدأة من الليل، ثم ناموا ونمت أنا معه، وأقبل يعللني بالحديث، فعرفت ما يريد، فتناومت، فلما تهورت النجوم (5) إذا شيء قد رفع كسر البيت (6)، فقال: من هذا؟ فولى ثم عاد، فقال: من هذا؟ فولى ثم عاد في آخر الليل، فقال: من هذا؟ فقالت: جارتك فلانة، أتيتك من عند أصيبية يتعاوون عواء الذئاب من الجوع، فما وجدت معولا إلا عليك أبا عدي، فقال: والله لأشبعنهم، فقلت: من أين؟ قال: لا عليك، فقال: أعجليهم فقد أشبعك الله وإياهم، فأقبلت المرأة تحمل ابنين ويمشي جانبيها أربعة، كأنها نعامة حولها رئالها، فقام إلى فرسه فوجأ لبته بمديته، فخر، ثم كشطه، ودفع المدية إلى المرأة فقال: شأنك (الآن)، فاجتمعنا على اللحم، فقال: سوأة! أتأكلون دون الصرم؟! (7) ثم جعل يأتيهم بيتا بيتا ويقول؛ هبوا أيها القوم، عليكم بالنار، فاجتمعوا، والتفع بثوبه ناحية ينظر إلينا، لا والله ما ذاق منه مزعة (8)، وإنه لأحوج إليه منا، فأصبحنا وما على الأرض من الفرس، إلا عظم أو حافر، (فعذلته على ذلك)، فأنشأ حاتم يقول:
مهلا نوار أقلى اللوم والعذلا ... ولا تقولي لشيء فات: ما فعلا
ولا تقولي لمال كنت مهلكه ... مهلا، وإن كنت أعطي الجن والخبلا (9)
يرى البخيل سبيل المال واحدة ... إن الجواد يرى في ماله سبلا
لا تعذليني في مال وصلت به ... رحماً، وخير سبيل المال ما وصلا (10) (11)
(2) ((فيض القدير)) للمناوي (ص4/ 543).
(3) ((الجامع لأحكام القرآن)) للقرطبي (17/ 45).
(4) ((مفاتيح الغيب)) للرازي (28/ 174).
(5) رواه البخاري (3390).
(6) رواه الطبراني (10/ 149) (10278). من حديث ابن مسعود رضي الله عنه. والحديث صححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (1417)، والألباني في ((صحيح الجامع الصغير)) (1217). والحديث روي من طرق عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(7) ((فيض القدير)) للمناوي (5/ 94).
(8) ((فيض القدير)) للمناوي (2/ 90).
(9) ((صلاح الأمة في علو الهمة)) لسيد العفاني (2/ 519).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من كرم العرب وجودهم في العصر الجاهلي:
لقد كان الكرم من أبرز الصفات في العصر الجاهلي، بل كانوا يتباهون بالكرم والجود والسخاء، ورفعوا من مكانة الكرم وكانوا يصفون بالكرم عظماء القوم، واشتهر بعض العرب بهذه الصفة الحميدة حتى صار مضرباً للمثل، ونذكر بعض النماذج من هؤلاء الذين اشتهروا بفيض كرمهم وسخاء نفوسهم، ومن أولئك:
حاتم الطائي:
كان حاتم الطائي من أشهر من عرف عند العرب بالجود والكرم حتى صار مضرب المثل في ذلك.
(قالت النوار امرأته: أصابتنا سنة اقشعرت لها الأرض، واغبر أفق السماء، وراحت الإبل حدبا حدابير (1)، وضنت المراضع عن أولادها فما تبض بقطرة، وجلفت السنة المال (2)، وأيقنا أنه الهلاك. فو الله إني لفي ليلة صنبر بعيدة ما بين الطرفين (3)، إذ تضاغى أصيبيتنا (4) من الجوع، عبد الله وعدي وسفانة، فقام حاتم إلى الصبيين، وقمت إلى الصبية، فو الله ما سكنوا إلا بعد هدأة من الليل، ثم ناموا ونمت أنا معه، وأقبل يعللني بالحديث، فعرفت ما يريد، فتناومت، فلما تهورت النجوم (5) إذا شيء قد رفع كسر البيت (6)، فقال: من هذا؟ فولى ثم عاد، فقال: من هذا؟ فولى ثم عاد في آخر الليل، فقال: من هذا؟ فقالت: جارتك فلانة، أتيتك من عند أصيبية يتعاوون عواء الذئاب من الجوع، فما وجدت معولا إلا عليك أبا عدي، فقال: والله لأشبعنهم، فقلت: من أين؟ قال: لا عليك، فقال: أعجليهم فقد أشبعك الله وإياهم، فأقبلت المرأة تحمل ابنين ويمشي جانبيها أربعة، كأنها نعامة حولها رئالها، فقام إلى فرسه فوجأ لبته بمديته، فخر، ثم كشطه، ودفع المدية إلى المرأة فقال: شأنك (الآن)، فاجتمعنا على اللحم، فقال: سوأة! أتأكلون دون الصرم؟! (7) ثم جعل يأتيهم بيتا بيتا ويقول؛ هبوا أيها القوم، عليكم بالنار، فاجتمعوا، والتفع بثوبه ناحية ينظر إلينا، لا والله ما ذاق منه مزعة (8)، وإنه لأحوج إليه منا، فأصبحنا وما على الأرض من الفرس، إلا عظم أو حافر، (فعذلته على ذلك)، فأنشأ حاتم يقول:
مهلا نوار أقلى اللوم والعذلا ... ولا تقولي لشيء فات: ما فعلا
ولا تقولي لمال كنت مهلكه ... مهلا، وإن كنت أعطي الجن والخبلا (9)
يرى البخيل سبيل المال واحدة ... إن الجواد يرى في ماله سبلا
لا تعذليني في مال وصلت به ... رحماً، وخير سبيل المال ما وصلا (10) (11)
(1) الحدب: جمع حدباء، وهى التى بدت حراقفها وعظم ظهرها. الحدابير: جمع حدبار وحدبير، بكسر الحاء فيهما، وهى العجفاء الضامرة التى قد يبس لحمها من الهزال.
(2) جلفت: أصل الجلف: القشر، فكأن السنة قشرت المال، والجالفة: السنة التى تذهب بأموال الناس.
(3) الصنبر: الباردة، وليل الشتاء طويل، ويزيده الجوع طولا.
(4) نص في اللسان على أنه «قد جاء في الشعر أصيبية، كأنه تصغير أصيبة».
(5) تهورت النجوم: ذهب أكثرها.
(6) كسر البيت: أسفل الشقة التى تلي الأرض من الخباء من حيث يكسر جانباه من عن يمين ويسار.
(7) الصرم، بالكسر: الأبيات المجتمعة المنقطعة من الناس.
(8) المزعة: القطعة من اللحم ونحوه. وفي س ف «مضغة».
(9) الخبل، بفتحتين: الجن، أو ضرب من الجن يقال لهم الخابل.
(10) الرحم، بكسر الراء وسكون الحاء، والرحم، بفتح فكسر: القرابة.
(11) ((الشعر والشعراء)) للدينوري (1/ 238).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،و (قيل سأل رجل حاتماً الطائي فقال: يا حاتم هل غلبك أحد في الكرم؟ قال: نعم غلام يتيم من طيء نزلت بفنائه وكان له عشرة أرؤس من الغنم، فعمد إلى رأس منها فذبحه. وأصلح من لحمه، وقدم إلي، وكان فيما قدم إلي الدماغ، فتناولت منه فاستطبته، فقلت: طيب والله. فخرج من بين يدي، وجعل يذبح رأساً رأساً، ويقدم إلي الدماغ وأنا لا أعلم. فلما خرجت لأرحل نظرت حول بيته دماً عظيماً وإذا هو قد ذبح الغنم بأسره. فقلت له: لم فعلت ذلك؟ فقال: يا سبحان الله تستطيب شيئاً أملكه فأبخل عليك به، إن ذلك لسبة على العرب قبيحة. قيل يا حاتم: فما الذي عوضته؟ قال: ثلاثمائة ناقة حمراء وخمسمائة رأس من الغنم، فقيل أنت إذاً أكرم منه فقال: بل هو أكرم، لأنه جاد بكل ما يملكه وإنما جدت بقليل من كثير) (1).
عبد الله بن جدعان:
من الكرماء المشهورين في العصر الجاهلي عبد الله بن جدعان فقد اشتهر بكرمه وجوده، وسخائه وعطائه.
و (كان عبد الله بن جدعان: من مطعمي قريش كهاشم بن عبد مناف، وهو أول من عمل الفالوذ للضيف، وقال فيه أمية بن أبي الصلت.
له داع بمكة مشمعل ... وآخر فوق دارته ينادي
إلى درج من الشيزى ملاء ... لباب البر يلبك بالهشادة
وكانت له جفان يأكل منها القائم والراكب. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يستظل بظل جفنته في الجاهلية) (2).
و (حدث إبراهيم بن أحمد قال: قدم أمية بن أبي الصلت مكة على عبد الله بن جدعان، فلما دخل عليه قال له عبد الله: أمر ما جاء بك فقال أمية: كلاب غرمائي قد نبحتني ونهشتني فقال له عبد الله: قدمت علي وأنا عليل من ديون لزمتني، فأنظرني قليلاً يجم ما في يدي، وقد ضمنت قضاء دينك ولا أسأل عن مبلغه، فأقام أمية أياماً وأتاه فقال:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياء؟
وعلمك بالأمور وأنت قرم ... لك الحسب المهذب والثناء
كريم لا يغيره صباح ... عن الخلق الجميل ولا ماء
تباري الريح مكرمة وجوداً ... إذا ما الكلب أجحره الشتاء
إذا أثنى عليك المرء يوماً ... كفاه من تعرضه الثناء
إذا خلفت عبد الله فاعلم ... بأن القوم ليس لهم جزاء
فأرضك كل مكرمة بناها ... بنو تميم وأنت لها سماء
فأبرز فضله حقاً عليهم ... برزت لناظرها السماء
وهل تخفى السماء على بصير ... وهل للشمس طالعة خفاء
فلما أنشده أمية هذه الأبيات كانت عنده قينتان فقال لأمية: خذ أيتهما شئت فأخذ إحداهما وانصرف. فمر بمجلس من مجالس قريش فلاموه على أخذها وقالوا لقد أجحفت به في انتزاعها منه فلو رددتها عليه، فإن الشيخ يحتاج إلى خدمتهما، لكان ذلك أقرب لك عنده وأكرم من كل حق ضمته لك فوقع الكلام من أمية موقعاً وندم، فرجع إليه ليردها عليه، فلما أتاه بها قال له ابن جدعان: لعلك إنما رددتها لأن قريشاً لاموك على أخذها، وقالوا لك كذا وكذا ووصف لأمية ما قال له القوم فقال أمية: والله ما أخطأت يا أبا زهير مما قالوا شيئاً. قال عبد الله: فما الذي قلت في ذلك؟ فقال أمية:
عطاؤك زين لامرئ إن حبوته ... يبذل وما كل العطاء يزين
وليس بشين لامرئ بذل وجهه ... إليك كما بعض السؤال يشين
فقال له عبد الله خذ الأخرى، فأخذهما جميعاً وخرج، فلما صار إلى القوم بهما أنشأ يقول:
ذكر ابن جدعان بخ؟ ... ير كلما ذكر الكرام
من لا يجور ولا يعق ... ولا يبخله اللئام
يهب النجيبة والنجيب ... له الرجال والزمام) (3)
و (كان عبد الله بن جدعان التيمي حين كبر أخذ بنو تيم عليه ومنعوه أن يعطي شيئا من ماله، فكان الرجل إذا أتاه يطلب منه قال: ادن مني، فإذا دنا منه لطمه ثم قال: اذهب فاطلب بلطمتك أو ترضى، فترضيه بنو تيم من ماله.
وفيه يقول ابن قيس:
والذي إن أشار نحوك لطما ... تبع اللطم نائل وعطاء
وابن جدعان هو القائل:
إني وإن لم ينل مالي مدى خلقي ... وهاب ما ملكت كفي من المال
لا أحبس المال إلا ريث أتلفه ... ولا تغيرني حال عن الحال) (4) ...
(2) جلفت: أصل الجلف: القشر، فكأن السنة قشرت المال، والجالفة: السنة التى تذهب بأموال الناس.
(3) الصنبر: الباردة، وليل الشتاء طويل، ويزيده الجوع طولا.
(4) نص في اللسان على أنه «قد جاء في الشعر أصيبية، كأنه تصغير أصيبة».
(5) تهورت النجوم: ذهب أكثرها.
(6) كسر البيت: أسفل الشقة التى تلي الأرض من الخباء من حيث يكسر جانباه من عن يمين ويسار.
(7) الصرم، بالكسر: الأبيات المجتمعة المنقطعة من الناس.
(8) المزعة: القطعة من اللحم ونحوه. وفي س ف «مضغة».
(9) الخبل، بفتحتين: الجن، أو ضرب من الجن يقال لهم الخابل.
(10) الرحم، بكسر الراء وسكون الحاء، والرحم، بفتح فكسر: القرابة.
(11) ((الشعر والشعراء)) للدينوري (1/ 238).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،و (قيل سأل رجل حاتماً الطائي فقال: يا حاتم هل غلبك أحد في الكرم؟ قال: نعم غلام يتيم من طيء نزلت بفنائه وكان له عشرة أرؤس من الغنم، فعمد إلى رأس منها فذبحه. وأصلح من لحمه، وقدم إلي، وكان فيما قدم إلي الدماغ، فتناولت منه فاستطبته، فقلت: طيب والله. فخرج من بين يدي، وجعل يذبح رأساً رأساً، ويقدم إلي الدماغ وأنا لا أعلم. فلما خرجت لأرحل نظرت حول بيته دماً عظيماً وإذا هو قد ذبح الغنم بأسره. فقلت له: لم فعلت ذلك؟ فقال: يا سبحان الله تستطيب شيئاً أملكه فأبخل عليك به، إن ذلك لسبة على العرب قبيحة. قيل يا حاتم: فما الذي عوضته؟ قال: ثلاثمائة ناقة حمراء وخمسمائة رأس من الغنم، فقيل أنت إذاً أكرم منه فقال: بل هو أكرم، لأنه جاد بكل ما يملكه وإنما جدت بقليل من كثير) (1).
عبد الله بن جدعان:
من الكرماء المشهورين في العصر الجاهلي عبد الله بن جدعان فقد اشتهر بكرمه وجوده، وسخائه وعطائه.
و (كان عبد الله بن جدعان: من مطعمي قريش كهاشم بن عبد مناف، وهو أول من عمل الفالوذ للضيف، وقال فيه أمية بن أبي الصلت.
له داع بمكة مشمعل ... وآخر فوق دارته ينادي
إلى درج من الشيزى ملاء ... لباب البر يلبك بالهشادة
وكانت له جفان يأكل منها القائم والراكب. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يستظل بظل جفنته في الجاهلية) (2).
و (حدث إبراهيم بن أحمد قال: قدم أمية بن أبي الصلت مكة على عبد الله بن جدعان، فلما دخل عليه قال له عبد الله: أمر ما جاء بك فقال أمية: كلاب غرمائي قد نبحتني ونهشتني فقال له عبد الله: قدمت علي وأنا عليل من ديون لزمتني، فأنظرني قليلاً يجم ما في يدي، وقد ضمنت قضاء دينك ولا أسأل عن مبلغه، فأقام أمية أياماً وأتاه فقال:
أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياء؟
وعلمك بالأمور وأنت قرم ... لك الحسب المهذب والثناء
كريم لا يغيره صباح ... عن الخلق الجميل ولا ماء
تباري الريح مكرمة وجوداً ... إذا ما الكلب أجحره الشتاء
إذا أثنى عليك المرء يوماً ... كفاه من تعرضه الثناء
إذا خلفت عبد الله فاعلم ... بأن القوم ليس لهم جزاء
فأرضك كل مكرمة بناها ... بنو تميم وأنت لها سماء
فأبرز فضله حقاً عليهم ... برزت لناظرها السماء
وهل تخفى السماء على بصير ... وهل للشمس طالعة خفاء
فلما أنشده أمية هذه الأبيات كانت عنده قينتان فقال لأمية: خذ أيتهما شئت فأخذ إحداهما وانصرف. فمر بمجلس من مجالس قريش فلاموه على أخذها وقالوا لقد أجحفت به في انتزاعها منه فلو رددتها عليه، فإن الشيخ يحتاج إلى خدمتهما، لكان ذلك أقرب لك عنده وأكرم من كل حق ضمته لك فوقع الكلام من أمية موقعاً وندم، فرجع إليه ليردها عليه، فلما أتاه بها قال له ابن جدعان: لعلك إنما رددتها لأن قريشاً لاموك على أخذها، وقالوا لك كذا وكذا ووصف لأمية ما قال له القوم فقال أمية: والله ما أخطأت يا أبا زهير مما قالوا شيئاً. قال عبد الله: فما الذي قلت في ذلك؟ فقال أمية:
عطاؤك زين لامرئ إن حبوته ... يبذل وما كل العطاء يزين
وليس بشين لامرئ بذل وجهه ... إليك كما بعض السؤال يشين
فقال له عبد الله خذ الأخرى، فأخذهما جميعاً وخرج، فلما صار إلى القوم بهما أنشأ يقول:
ذكر ابن جدعان بخ؟ ... ير كلما ذكر الكرام
من لا يجور ولا يعق ... ولا يبخله اللئام
يهب النجيبة والنجيب ... له الرجال والزمام) (3)
و (كان عبد الله بن جدعان التيمي حين كبر أخذ بنو تيم عليه ومنعوه أن يعطي شيئا من ماله، فكان الرجل إذا أتاه يطلب منه قال: ادن مني، فإذا دنا منه لطمه ثم قال: اذهب فاطلب بلطمتك أو ترضى، فترضيه بنو تيم من ماله.
وفيه يقول ابن قيس:
والذي إن أشار نحوك لطما ... تبع اللطم نائل وعطاء
وابن جدعان هو القائل:
إني وإن لم ينل مالي مدى خلقي ... وهاب ما ملكت كفي من المال
لا أحبس المال إلا ريث أتلفه ... ولا تغيرني حال عن الحال) (4) ...
(1) ((المستجاد من فعلات الأجواد)) للتنوخي.
(2) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (3/ 239).
(3) ((المستجاد من فعلات الأجواد)) للتنوخي.
(4) ((عيون الأخبار)) للدينوري (1/ 458).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من كرم النبي صلى الله عليه وسلم وجوده:
لقد مثل النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى والقدوة الحسنة في الجود والكرم، فكان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، فكان أجود بالخير من الريح المرسلة.
(وقد بلغ صلوات الله عليه مرتبة الكمال الإنساني في حبه للعطاء، إذ كان يعطي عطاء من لا يحسب حساباً للفقر ولا يخشاه، ثقة بعظيم فضل الله، وإيماناً بأنه هو الرزاق ذو الفضل العظيم) (1).
- عن موسى بن أنسٍ، عن أبيه، قال: ((ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، قال: فجاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة)) (2).
- وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو كان لي مثل أحدٍ ذهبًا ما يسرني أن لا يمر علي ثلاثٌ، وعندي منه شيءٌ إلا شيءٌ أرصده لدينٍ)) (3).
(إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقدم بهذا النموذج المثالي للقدوة الحسنة، لاسيما حينما نلاحظ أنه كان في عطاءاته الفعلية مطبقاً لهذه الصورة القولية التي قالها، فقد كانت سعادته ومسرته عظيمتين حينما كان يبذل كل ما عنده من مال.
ثم إنه يربي المسلمين بقوله وعمله على خلق حب العطاء، إذ يريهم من نفسه أجمل صورة للعطاء وأكملها) (4).
- وعن جبير بن مطعمٍ، أنه بينا هو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الناس، مقبلًا من حنينٍ، علقت رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعراب يسألونه حتى اضطروه إلى سمرةٍ، فخطفت رداءه، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أعطوني ردائي، فلو كان عدد هذه العضاه نعمًا، لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلًا، ولا كذوبًا، ولا جبانًا)) (5).
- وأهدت امرأة إلى النبي عليه الصلاة والسلام شمله منسوجة فقالت: ((يا رسول الله, أكسوك هذه فأخذها النبي عليه الصلاة والسلام, محتاجاً إليها, فلبسها, فرآها عليه رجل من الصحابة فقال: يا رسول الله, ما أحسن هذه! فاكسنيها, فقال: نعم، فلما قام النبي عليه الصلاة والسلام لامه أصحابه, فقالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها محتاجاً إليها, ثم سألته إياها, وقد عرفت أنه لا يسأل شيئاً فيمنعه, فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أكفن فيها)) (6).
- وكان صلى الله عليه وسلم يؤثر على نفسه, فيعطي العطاء ويمضي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار.
- (وكان كرمه صلى الله عليه وسلم كرماً في محله, ينفق المال له وبالله, إما لفقير, أو محتاج, أو في سبيل الله, أو تأليفاً على الإسلام، أو تشريعاً للأمة) (7).
فما أعظم كرمه وجوده وسخاء نفسه، صلى الله عليه وسلم، وما هذه الصفة الحميدة إلا جزء من مجموع الصفات التي اتصف بها حبيبنا صلى الله عليه وسلم، فلا أبلغ مما وصفه القرآن الكريم بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].
(2) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (3/ 239).
(3) ((المستجاد من فعلات الأجواد)) للتنوخي.
(4) ((عيون الأخبار)) للدينوري (1/ 458).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من كرم النبي صلى الله عليه وسلم وجوده:
لقد مثل النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأعلى والقدوة الحسنة في الجود والكرم، فكان أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، فكان أجود بالخير من الريح المرسلة.
(وقد بلغ صلوات الله عليه مرتبة الكمال الإنساني في حبه للعطاء، إذ كان يعطي عطاء من لا يحسب حساباً للفقر ولا يخشاه، ثقة بعظيم فضل الله، وإيماناً بأنه هو الرزاق ذو الفضل العظيم) (1).
- عن موسى بن أنسٍ، عن أبيه، قال: ((ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا إلا أعطاه، قال: فجاءه رجلٌ فأعطاه غنمًا بين جبلين، فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة)) (2).
- وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو كان لي مثل أحدٍ ذهبًا ما يسرني أن لا يمر علي ثلاثٌ، وعندي منه شيءٌ إلا شيءٌ أرصده لدينٍ)) (3).
(إن الرسول صلى الله عليه وسلم يقدم بهذا النموذج المثالي للقدوة الحسنة، لاسيما حينما نلاحظ أنه كان في عطاءاته الفعلية مطبقاً لهذه الصورة القولية التي قالها، فقد كانت سعادته ومسرته عظيمتين حينما كان يبذل كل ما عنده من مال.
ثم إنه يربي المسلمين بقوله وعمله على خلق حب العطاء، إذ يريهم من نفسه أجمل صورة للعطاء وأكملها) (4).
- وعن جبير بن مطعمٍ، أنه بينا هو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه الناس، مقبلًا من حنينٍ، علقت رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعراب يسألونه حتى اضطروه إلى سمرةٍ، فخطفت رداءه، فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أعطوني ردائي، فلو كان عدد هذه العضاه نعمًا، لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلًا، ولا كذوبًا، ولا جبانًا)) (5).
- وأهدت امرأة إلى النبي عليه الصلاة والسلام شمله منسوجة فقالت: ((يا رسول الله, أكسوك هذه فأخذها النبي عليه الصلاة والسلام, محتاجاً إليها, فلبسها, فرآها عليه رجل من الصحابة فقال: يا رسول الله, ما أحسن هذه! فاكسنيها, فقال: نعم، فلما قام النبي عليه الصلاة والسلام لامه أصحابه, فقالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها محتاجاً إليها, ثم سألته إياها, وقد عرفت أنه لا يسأل شيئاً فيمنعه, فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أكفن فيها)) (6).
- وكان صلى الله عليه وسلم يؤثر على نفسه, فيعطي العطاء ويمضي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار.
- (وكان كرمه صلى الله عليه وسلم كرماً في محله, ينفق المال له وبالله, إما لفقير, أو محتاج, أو في سبيل الله, أو تأليفاً على الإسلام، أو تشريعاً للأمة) (7).
فما أعظم كرمه وجوده وسخاء نفسه، صلى الله عليه وسلم، وما هذه الصفة الحميدة إلا جزء من مجموع الصفات التي اتصف بها حبيبنا صلى الله عليه وسلم، فلا أبلغ مما وصفه القرآن الكريم بقوله: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4].
(1) ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) لعبد الرحمن الميداني (2/ 377).
(2) رواه مسلم (2312).
(3) رواه البخاري (2389).
(4) ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) لعبدالرحمن الميداني (2/ 378).
(5) رواه البخاري (3148).
(6) رواه البخاري (6036).
(7) ((مكارم الأخلاق)) لابن عثيمين (ص55).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من كرم الصحابة وجودهم:
- عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك عندي مالًا، فقلت: اليوم أسبق أبا بكرٍ إن سبقته يومًا، قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه: وسلم: ((ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، وأتى أبو بكرٍ بكل ما عنده، فقال: يا أبا بكرٍ ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسبقه إلى شيءٍ أبدًا)) (1).
- و (عن أبي عبد الرحمن، أن عثمان رضي الله عنه حين حوصر أشرف عليهم، وقال: أنشدكم الله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من حفر رومة فله الجنة؟)) فحفرتها، ألستم تعلمون أنه قال: ((من جهز جيش العسرة فله الجنة؟)) فجهزتهم، قال: فصدقوه بما قال وقال عمر في وقفه: لا جناح على من وليه أن يأكل وقد يليه الواقف وغيره فهو واسعٌ لكل) (2).
- وعن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالكٍ، يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالًا، وكان أحب أمواله إليه بيرحى، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماءٍ فيها طيبٍ، قال أنسٌ: فلما نزلت هذه الآية: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران: 92] قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يقول في كتابه: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران: 92]، وإن أحب أموالي إلي بيرحى، وإنها صدقةٌ لله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها، يا رسول الله، حيث شئت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بخ، ذلك مالٌ رابحٌ، ذلك مالٌ رابحٌ، قد سمعت ما قلت فيها، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)) فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (3).
- (وقيل مرض قيس بن سعد بن عبادة فاستبطأ إخوانه فقيل له إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدين فقال أخزى الله مالا يمنع الإخوان من الزيارة ثم أمر منادياً فنادى من كان عليه لقيس بن سعد حق فهو منه بريء قال فانكسرت درجته بالعشي لكثرة من زاره وعاده) (4).
- وقال عطاء: (ما رأيت مجلسًا قط أكرم من مجلس ابن عباسٍ، أكثر فقهًا، وأعظم جفنةً, إن أصحاب القرآن عنده، وأصحاب النحو عنده، وأصحاب الشعر، وأصحاب الفقه، يسألونه كلهم، يصدرهم في وادٍ واسعٍ) (5).
(2) رواه مسلم (2312).
(3) رواه البخاري (2389).
(4) ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) لعبدالرحمن الميداني (2/ 378).
(5) رواه البخاري (3148).
(6) رواه البخاري (6036).
(7) ((مكارم الأخلاق)) لابن عثيمين (ص55).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من كرم الصحابة وجودهم:
- عن زيد بن أسلم، عن أبيه، قال: سمعت عمر بن الخطاب، يقول: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك عندي مالًا، فقلت: اليوم أسبق أبا بكرٍ إن سبقته يومًا، قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه: وسلم: ((ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله، وأتى أبو بكرٍ بكل ما عنده، فقال: يا أبا بكرٍ ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أسبقه إلى شيءٍ أبدًا)) (1).
- و (عن أبي عبد الرحمن، أن عثمان رضي الله عنه حين حوصر أشرف عليهم، وقال: أنشدكم الله، ولا أنشد إلا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من حفر رومة فله الجنة؟)) فحفرتها، ألستم تعلمون أنه قال: ((من جهز جيش العسرة فله الجنة؟)) فجهزتهم، قال: فصدقوه بما قال وقال عمر في وقفه: لا جناح على من وليه أن يأكل وقد يليه الواقف وغيره فهو واسعٌ لكل) (2).
- وعن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، أنه سمع أنس بن مالكٍ، يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالًا، وكان أحب أمواله إليه بيرحى، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماءٍ فيها طيبٍ، قال أنسٌ: فلما نزلت هذه الآية: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران: 92] قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله يقول في كتابه: لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ [آل عمران: 92]، وإن أحب أموالي إلي بيرحى، وإنها صدقةٌ لله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها، يا رسول الله، حيث شئت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بخ، ذلك مالٌ رابحٌ، ذلك مالٌ رابحٌ، قد سمعت ما قلت فيها، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)) فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (3).
- (وقيل مرض قيس بن سعد بن عبادة فاستبطأ إخوانه فقيل له إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدين فقال أخزى الله مالا يمنع الإخوان من الزيارة ثم أمر منادياً فنادى من كان عليه لقيس بن سعد حق فهو منه بريء قال فانكسرت درجته بالعشي لكثرة من زاره وعاده) (4).
- وقال عطاء: (ما رأيت مجلسًا قط أكرم من مجلس ابن عباسٍ، أكثر فقهًا، وأعظم جفنةً, إن أصحاب القرآن عنده، وأصحاب النحو عنده، وأصحاب الشعر، وأصحاب الفقه، يسألونه كلهم، يصدرهم في وادٍ واسعٍ) (5).
(1) رواه أبو داود (1678)، والترمذي (3675)، والدارمي (1/ 480) (1660)، والبزار (1/ 394) (270)، والحاكم (1/ 574)، والبيهقي (4/ 180) (8026). والحديث سكت عنه أبو داود، وقال الترمذي: حسن صحيح، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال البزار: [فيه] هشام بن سعد حدث عنه جماعة كثيرة من أهل العلم، ولم نر أحداً توقف عن حديثه ولا اعتل عليه بعلة توجب التوقف عن حديثه، وصححه النووي في ((المجموع)) (6/ 236)، وابن دقيق العيد في ((الإلمام)) (1/ 337) كما اشترط على نفسه في المقدمة، وحسنه الألباني في ((صحيح سنن أبي داود))، والوادعي في ((الصحيح المسند)) (996)
(2) رواه البخاري (2778).
(3) رواه مسلم (998).
(4) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 247).
(5) رواه ابن المبارك في ((الزهد)) (1175)، وأبو الشيخ في ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) (60)، والفاكهي في ((أخبار مكة)) (2/ 340) (1628)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (3805)،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،(وعن أبان بن عثمان قال أراد رجل أن يضار عبيد الله بن عباس فأتى وجوه قريش فقال يقول لكم عبيد الله تغدوا عندي اليوم فأتوه حتى ملئوا عليه الدار فقال ما هذا فأخبر الخبر فأمر عبيد الله بشراء فاكهة وأمر قوماً فطبخوا وخبزوا وقدمت الفاكهة إليهم فلم يفرغوا منها حتى وضعت الموائد فأكلوا حتى صدروا فقال عبيد الله لوكلائه أو موجود لنا هذا كل يوم قالوا نعم قال فليتغد عندنا هؤلاء في كل يوم) (1).
- وقال المدائني: (أول من سن القرى إبراهيم الخليل - عليه السلام -. وأول من هشم الثريد هاشمٌ. وأول من فطر جيرانه على طعامه في الإسلام عبيد الله بن عباسٍ - رضي الله عنهما -، وهو أول من وضع موائده على الطريق، وكان إذا خرج من بيته طعامٌ لا يعاود منه شيءٌ، فإن لم يجد من يأكله تركه على الطريق) (2).
- و (ذُكر أن عبيد الله بن العباس أتاه سائل وهو لا يعرفه فقال له. تصدق علي بشيء فإني نبئت أن عبيد الله بن العباس أعطى سائلاً ألف درهم واعتذر إليه فقال: وأين أنا من عبيد الله فقال: أين أنت منه في الحسب أم في الكرم؟ قال: فيهما جميعاً، قال: أما الحسب في الرجل فمروءته وفعله، وإذا شئت فعلت (وإذا فعلت) كنت حسيباً. فأعطاه ألفي درهم واعتذر إليه من ضيق نفقته. فقال له السائل: إن لم تكن عبيد الله بن العباس فأنت خير منه، وإن كنت إياه فأنت اليوم خير منك أمس فأعطاه ألفاً أخرى فقال له السائل: هذه هزة كريم حسيب، والله لقد نقرت حبة قلبي فأفرغتها في قلبك، فما أخطأت إلا باعتراض السر من جوانحي) (3).
- وقال الأصمعي: (حدثنا ابن عمران قاضي المدينة أن طلحة كان يقال له: طلحة الخير، وطلحة الفياض، وطلحة الطلحات وأنه فدى عشرة من أسارى بدر وجاء يمشي بينهم، وأنه سئل برحم فقال: ما سئلت بهذه الرحم قبل اليوم، وقد بعت حائطا لي بتسعمائة ألف درهم وأنا فيه بالخيار، فإن شئت ارتجعته وأعطيتكه، وإن شئت أعطيتك ثمنه) (4).
- وقال المدائني: (إنما سمي طلحة بن عبيد الله الخزاعي طلحة الطلحات لأنه اشترى مائة غلام وأعتقهم وزوجهم، فكل مولود له سماه طلحة) (5).
(2) رواه البخاري (2778).
(3) رواه مسلم (998).
(4) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 247).
(5) رواه ابن المبارك في ((الزهد)) (1175)، وأبو الشيخ في ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) (60)، والفاكهي في ((أخبار مكة)) (2/ 340) (1628)، وأبو نعيم في ((معرفة الصحابة)) (3805)،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،(وعن أبان بن عثمان قال أراد رجل أن يضار عبيد الله بن عباس فأتى وجوه قريش فقال يقول لكم عبيد الله تغدوا عندي اليوم فأتوه حتى ملئوا عليه الدار فقال ما هذا فأخبر الخبر فأمر عبيد الله بشراء فاكهة وأمر قوماً فطبخوا وخبزوا وقدمت الفاكهة إليهم فلم يفرغوا منها حتى وضعت الموائد فأكلوا حتى صدروا فقال عبيد الله لوكلائه أو موجود لنا هذا كل يوم قالوا نعم قال فليتغد عندنا هؤلاء في كل يوم) (1).
- وقال المدائني: (أول من سن القرى إبراهيم الخليل - عليه السلام -. وأول من هشم الثريد هاشمٌ. وأول من فطر جيرانه على طعامه في الإسلام عبيد الله بن عباسٍ - رضي الله عنهما -، وهو أول من وضع موائده على الطريق، وكان إذا خرج من بيته طعامٌ لا يعاود منه شيءٌ، فإن لم يجد من يأكله تركه على الطريق) (2).
- و (ذُكر أن عبيد الله بن العباس أتاه سائل وهو لا يعرفه فقال له. تصدق علي بشيء فإني نبئت أن عبيد الله بن العباس أعطى سائلاً ألف درهم واعتذر إليه فقال: وأين أنا من عبيد الله فقال: أين أنت منه في الحسب أم في الكرم؟ قال: فيهما جميعاً، قال: أما الحسب في الرجل فمروءته وفعله، وإذا شئت فعلت (وإذا فعلت) كنت حسيباً. فأعطاه ألفي درهم واعتذر إليه من ضيق نفقته. فقال له السائل: إن لم تكن عبيد الله بن العباس فأنت خير منه، وإن كنت إياه فأنت اليوم خير منك أمس فأعطاه ألفاً أخرى فقال له السائل: هذه هزة كريم حسيب، والله لقد نقرت حبة قلبي فأفرغتها في قلبك، فما أخطأت إلا باعتراض السر من جوانحي) (3).
- وقال الأصمعي: (حدثنا ابن عمران قاضي المدينة أن طلحة كان يقال له: طلحة الخير، وطلحة الفياض، وطلحة الطلحات وأنه فدى عشرة من أسارى بدر وجاء يمشي بينهم، وأنه سئل برحم فقال: ما سئلت بهذه الرحم قبل اليوم، وقد بعت حائطا لي بتسعمائة ألف درهم وأنا فيه بالخيار، فإن شئت ارتجعته وأعطيتكه، وإن شئت أعطيتك ثمنه) (4).
- وقال المدائني: (إنما سمي طلحة بن عبيد الله الخزاعي طلحة الطلحات لأنه اشترى مائة غلام وأعتقهم وزوجهم، فكل مولود له سماه طلحة) (5).
(1) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 247).
(2) ((غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب)) للسفاريني (2/ 150).
(3) ((المستجاد من فعلات الأجواد)) للتنوخي.
(4) ((عيون الأخبار)) للدينوري (1/ 454).
(5) ((عيون الأخبار)) للدينوري (1/ 466).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من السلف في الكرم والجود:
- قال محمد بن صبيحٍ: (لما قدم أبو الزناد الكوفة على الصدقات، كلم رجلٌ حماد بن أبي سليمان في رجلٍ يكلم له أبا الزناد، يستعين في بعض أعماله، فقال حمادٌ: كم يؤمل صاحبك من أبي الزناد أن يصيب معه؟ قال: ألف درهمٍ، قال: فقد أمرت له بخمسة آلاف درهمٍ، ولا يبذل وجهي إليه، قال: جزاك الله خيرًا، فهذا أكثر مما أمل ورجا. قال عثمان: وقال ابن السماك: فكلمه آخر في ابنه أن يحوله من كتابٍ إلى كتابٍ، فقال للذي يكلمه: إنما نعطي المعلم ثلاثين كل شهرٍ، وقد أجريناها لصاحبك مائةً، دع الغلام مكانه) (1).
- (وكان أبو مرثد أحد الكرماء فمدحه بعض الشعراء فقال للشاعر والله ما عندي ما أعطيك ولكن قدمني إلى القاضي وادع علي بعشرة آلاف درهم حتى أقر لك بها ثم احبسني فإن أهلي لا يتركوني محبوساً ففعل ذلك فلم يمس حتى دفع إليه عشرة آلاف درهم وأخرج أبو مرثد من الحبس) (2).
- (وكان معن بن زائدة عاملاً على العراقيين بالبصرة فحضر بابه شاعر فأقام مدة وأراد الدخول على معن فلم يتهيأ له فقال يوماً لبعض خدام معن إذا دخل الأمير البستان فعرفني فلما دخل الأمير البستان أعلمه فكتب الشاعر بيتاً على خشبة وألقاها في الماء الذي يدخل البستان وكان معن على رأس الماء فلما بصر بالخشبة أخذها وقرأها فإذا مكتوب عليها:
أيا جود معن ناج معناً بحاجتي ... فما لي إلى معن سواك شفيع
فقال: من صاحب هذه؟ فدعي بالرجل، فقال له: كيف قلت؟ فقال له، فأمر له بعشر بدر فأخذها ووضع الأمير الخشبة تحت بسطاه فلما كان اليوم الثاني أخرجها من تحت البساط وقرأها ودعا بالرجل فدفع إليه مائة ألف درهم، فلما أخذها الرجل تفكر وخاف أن يأخذ منه ما أعطاه، فخرج فلما كان في اليوم الثالث قرأ ما فيها ودعا بالرجل، فطلب فلم يوجد، فقال معن: حق علي أن أعطيه حتى لا يبقى في بيت مالي ولا دينار) (3).
- وقال حماد بن أبي حنيفة: (لم يكن بالكوفة أسخى على طعامٍ ومالٍ من حماد بن أبي سليمان، ومن بعده خلف بن حوشبٍ) (4).
- و (كان مورقٌ يتجر، فيصيب المال، فلا يأتي عليه جمعةٌ وعنده منه شيءٌ، وكان يأتي الأخ، فيعطيه الأربع مائةٍ والخمس مائةٍ، ويقول: ضعها لنا عندك. ثم يلقاه بعد، فيقول: شأنك بها، لا حاجة لي فيها) (5).
- وقال عبد الله بن الوسيم الجمال: (أتينا عمران بن موسى بن طلحة بن عبيد الله نسأله في دينٍ على رجلٍ من أصحابنا، فأمر بالموائد فنصبت، ثم قال: لا، حتى تصيبوا من طعامنا، فيجب علينا حقكم وذمامكم، قال: فأصبنا من طعامه، فأمر لنا بعشرة آلاف درهمٍ في قضاء دينه، وخمسة آلاف درهمٍ نفقةً لعياله) (6).
- و (كان هشام بن حسان إذا ذكر يزيد بن المهلب يقول: إن كادت السفن لتجري في جوده) (7).
- و (كان ناسٌ من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل) (8).
- وقال أبو السوار العدوي: (كان رجالٌ من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحدٌ منهم على طعامٍ قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع الناس، وأكل الناس معه) (9).
- وقال الليث بن سعدٍ: (كان ابن شهابٍ من أسخى من رأيت قط، كان يعطي كل من جاءه وسأله، حتى إذا لم يبق معه شيءٌ تسلف من أصحابه، فيعطونه، حتى إذا لم يبق معهم شيءٌ حلفوا له أنه لم يبق معهم شيءٌ، فيستلف من عبيده، فيقول لأحدهم: يا فلان، أسلفني كما تعرف، وأضعف لك كما تعلم فيسلفونه، ولا يرى بذلك بأسًا، وربما جاءه السائل، فلا يجد ما يعطيه، فيتغير عند ذلك وجهه، فيقول للسائل: أبشر، فسوف يأتي الله بخيرٍ قال: فيقيض الله لابن شهابٍ على قدر صبره واحتماله) (10).
- و (كان يقال للفضل بن يحيى حاتم الإسلام وخاتم الأجواد. وكان يقال: حدث عن البحر ولا حرج وعن الفضل ولا حرج) (11).
(2) ((غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب)) للسفاريني (2/ 150).
(3) ((المستجاد من فعلات الأجواد)) للتنوخي.
(4) ((عيون الأخبار)) للدينوري (1/ 454).
(5) ((عيون الأخبار)) للدينوري (1/ 466).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،نماذج من السلف في الكرم والجود:
- قال محمد بن صبيحٍ: (لما قدم أبو الزناد الكوفة على الصدقات، كلم رجلٌ حماد بن أبي سليمان في رجلٍ يكلم له أبا الزناد، يستعين في بعض أعماله، فقال حمادٌ: كم يؤمل صاحبك من أبي الزناد أن يصيب معه؟ قال: ألف درهمٍ، قال: فقد أمرت له بخمسة آلاف درهمٍ، ولا يبذل وجهي إليه، قال: جزاك الله خيرًا، فهذا أكثر مما أمل ورجا. قال عثمان: وقال ابن السماك: فكلمه آخر في ابنه أن يحوله من كتابٍ إلى كتابٍ، فقال للذي يكلمه: إنما نعطي المعلم ثلاثين كل شهرٍ، وقد أجريناها لصاحبك مائةً، دع الغلام مكانه) (1).
- (وكان أبو مرثد أحد الكرماء فمدحه بعض الشعراء فقال للشاعر والله ما عندي ما أعطيك ولكن قدمني إلى القاضي وادع علي بعشرة آلاف درهم حتى أقر لك بها ثم احبسني فإن أهلي لا يتركوني محبوساً ففعل ذلك فلم يمس حتى دفع إليه عشرة آلاف درهم وأخرج أبو مرثد من الحبس) (2).
- (وكان معن بن زائدة عاملاً على العراقيين بالبصرة فحضر بابه شاعر فأقام مدة وأراد الدخول على معن فلم يتهيأ له فقال يوماً لبعض خدام معن إذا دخل الأمير البستان فعرفني فلما دخل الأمير البستان أعلمه فكتب الشاعر بيتاً على خشبة وألقاها في الماء الذي يدخل البستان وكان معن على رأس الماء فلما بصر بالخشبة أخذها وقرأها فإذا مكتوب عليها:
أيا جود معن ناج معناً بحاجتي ... فما لي إلى معن سواك شفيع
فقال: من صاحب هذه؟ فدعي بالرجل، فقال له: كيف قلت؟ فقال له، فأمر له بعشر بدر فأخذها ووضع الأمير الخشبة تحت بسطاه فلما كان اليوم الثاني أخرجها من تحت البساط وقرأها ودعا بالرجل فدفع إليه مائة ألف درهم، فلما أخذها الرجل تفكر وخاف أن يأخذ منه ما أعطاه، فخرج فلما كان في اليوم الثالث قرأ ما فيها ودعا بالرجل، فطلب فلم يوجد، فقال معن: حق علي أن أعطيه حتى لا يبقى في بيت مالي ولا دينار) (3).
- وقال حماد بن أبي حنيفة: (لم يكن بالكوفة أسخى على طعامٍ ومالٍ من حماد بن أبي سليمان، ومن بعده خلف بن حوشبٍ) (4).
- و (كان مورقٌ يتجر، فيصيب المال، فلا يأتي عليه جمعةٌ وعنده منه شيءٌ، وكان يأتي الأخ، فيعطيه الأربع مائةٍ والخمس مائةٍ، ويقول: ضعها لنا عندك. ثم يلقاه بعد، فيقول: شأنك بها، لا حاجة لي فيها) (5).
- وقال عبد الله بن الوسيم الجمال: (أتينا عمران بن موسى بن طلحة بن عبيد الله نسأله في دينٍ على رجلٍ من أصحابنا، فأمر بالموائد فنصبت، ثم قال: لا، حتى تصيبوا من طعامنا، فيجب علينا حقكم وذمامكم، قال: فأصبنا من طعامه، فأمر لنا بعشرة آلاف درهمٍ في قضاء دينه، وخمسة آلاف درهمٍ نفقةً لعياله) (6).
- و (كان هشام بن حسان إذا ذكر يزيد بن المهلب يقول: إن كادت السفن لتجري في جوده) (7).
- و (كان ناسٌ من أهل المدينة يعيشون لا يدرون من أين كان معاشهم، فلما مات علي بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتون بالليل) (8).
- وقال أبو السوار العدوي: (كان رجالٌ من بني عدي يصلون في هذا المسجد، ما أفطر أحدٌ منهم على طعامٍ قط وحده، إن وجد من يأكل معه أكل، وإلا أخرج طعامه إلى المسجد، فأكله مع الناس، وأكل الناس معه) (9).
- وقال الليث بن سعدٍ: (كان ابن شهابٍ من أسخى من رأيت قط، كان يعطي كل من جاءه وسأله، حتى إذا لم يبق معه شيءٌ تسلف من أصحابه، فيعطونه، حتى إذا لم يبق معهم شيءٌ حلفوا له أنه لم يبق معهم شيءٌ، فيستلف من عبيده، فيقول لأحدهم: يا فلان، أسلفني كما تعرف، وأضعف لك كما تعلم فيسلفونه، ولا يرى بذلك بأسًا، وربما جاءه السائل، فلا يجد ما يعطيه، فيتغير عند ذلك وجهه، فيقول للسائل: أبشر، فسوف يأتي الله بخيرٍ قال: فيقيض الله لابن شهابٍ على قدر صبره واحتماله) (10).
- و (كان يقال للفضل بن يحيى حاتم الإسلام وخاتم الأجواد. وكان يقال: حدث عن البحر ولا حرج وعن الفضل ولا حرج) (11).
(1) ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص57).
(2) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 248).
(3) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 248 - 249).
(4) ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص55).
(5) ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (4/ 351).
(6) ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص55).
(7) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 364).
(8) ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (4/ 393).
(9) ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص53).
(10) ((مكارم الأخلاق ومعاليها)) للخرائطي (ص197).
(11) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 365).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،حكم وأمثال في الكرم والجود
- (أقرى من زاد الركب:
زعم ابن الأعرابي أن هذا المثل من أمثال قريش، ضربوه لثلاثة من أجودهم: مسافر بن أبي عمرو بن أمية، وأبي أمية بن المغيرة، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى، سموا زاد الركب لأنهم كانوا إذا سافروا مع قومٍ لم يتزودوا معهم.
- أقرى من حاسي الذهب:
هذا أيضاً من قريش، وهو عبد الله بن جدعان التيمي الذي قال فيه أبو الصلت الثقفي:
له داعٍ بمكة مشمعل ... وآخر فوق دارته ينادي
إلى ردحٍ من الشيزى ملاء ... لباب البر يلبك بالشهاد
وسمي (حاسي الذهب) لأنه كان يشرب في إناء من الذهب.
- أقرى من غيث الضريك:
هذا المثل ربعي، وغيث الضريك: قتادة بن مسلمة الحنفي، والضرٍيك: الفقير
- أقرى من مطاعيم الريح:
زعم ابن الأعرابي أنهم أربعة: أحدهم عم محجن الثقفي، ولم يسم الباقين.
قال أبو الندى: هم كنانة بن عبد ياليل الثقفي عم أبي محجن، ولبيد بن ربيعة، وأبوه، كانوا إذا هبت الصبا أطعموا الناس، وخصوا الصبا لأنها لا تهب إلا في جدب) (1).
- (أكرم من الأسد:
لأنه إذا شبع تجافى عما يمر به ولم يتعرض له
- أكرم من العذيق المرجب:
تصغير عذق وهو النخلة والمرجب المدعوم وإنما يدعم لكثرة حمله وذاك كرمه وأكثر العرب تنكره فتقول من عذيق مرجب.
- أكرم من نجر الناجيات نجره:
أي أكرم أصل الإبل السراع أصله يضرب للكريم) (2).
أجواد أهل الإسلام:
قال ابن عبد ربه: (وأما أجواد أهل الإسلام فأحد عشر رجلاً في عصر واحد، لم يكن قبلهم ولا بعدهم مثلهم:
فأجواد الحجاز ثلاثة في عصر واحد: عبيد الله بن العباس، وعبد الله بن جعفر، وسعيد بن العاص.
وأجواد البصرة خمسة في عصر واحد وهم: عبد الله بن عامر بن كريز، وعبيد الله ابن أبي بكرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومسلم بن زياد، وعبيد الله بن معمر القرشي ثم التيمي. وطلحة الطلحات، وهو طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي، وله يقول الشاعر يرثيه، ومات بسجستان وهو وال عليها:
نضر الله أعظما دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات
وأجواد أهل الكوفة ثلاثة في عصر واحد، وهم: عتاب بن ورقاء الرياحي وأسماء بن خارجة الفزاري. وعكرمة بن ربعي الفياض) (3).
الطلحات المشهورون بالكرم:
قال الأصمعي: الطلحات المعروفون بالكرم:
طلحة بن عبيد الله التيمي وهو الفياض.
وطلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر وهو طلحة الجواد.
وطلحة بن عبد الله بن عوف الزهري وهو طلحة الندي.
وطلحة بن الحسن بن علي وهو طلحة الخير.
وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي وهو طلحة الطلحات. سمي بذلك لأنه كان أجودهم) (4).
لطيفة (5):
قال الشبلي قال لي خاطري يوماً: أنت بخيل فقلت: ما أنا بخيل فقال: نعم أنت بخيل، فنوديت أن أول شيء يفتح أن أرفعه لأول فقير ألقاه، فما تم خاطري حتى دفع إلي رجل خمسين ديناراً فخرجت، فرأيت فقيراً أعمى بين يدي حلاق يحلق رأسه فناولته إياها فقال: ادفعها للمزين فقلت: إنها دنانير فقال: ما قلنا لك إنك بخيل فدفعتها للمزين فقال: أنا حلقت له لله تعالى فتعجب الشبلي من زهدهما وأخذها.
(2) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 248).
(3) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 248 - 249).
(4) ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص55).
(5) ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (4/ 351).
(6) ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص55).
(7) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 364).
(8) ((سير أعلام النبلاء)) للذهبي (4/ 393).
(9) ((الكرم والجود وسخاء النفوس)) للبرجلاني (ص53).
(10) ((مكارم الأخلاق ومعاليها)) للخرائطي (ص197).
(11) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 365).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،حكم وأمثال في الكرم والجود
- (أقرى من زاد الركب:
زعم ابن الأعرابي أن هذا المثل من أمثال قريش، ضربوه لثلاثة من أجودهم: مسافر بن أبي عمرو بن أمية، وأبي أمية بن المغيرة، والأسود بن عبد المطلب بن أسد بن عبد العزى، سموا زاد الركب لأنهم كانوا إذا سافروا مع قومٍ لم يتزودوا معهم.
- أقرى من حاسي الذهب:
هذا أيضاً من قريش، وهو عبد الله بن جدعان التيمي الذي قال فيه أبو الصلت الثقفي:
له داعٍ بمكة مشمعل ... وآخر فوق دارته ينادي
إلى ردحٍ من الشيزى ملاء ... لباب البر يلبك بالشهاد
وسمي (حاسي الذهب) لأنه كان يشرب في إناء من الذهب.
- أقرى من غيث الضريك:
هذا المثل ربعي، وغيث الضريك: قتادة بن مسلمة الحنفي، والضرٍيك: الفقير
- أقرى من مطاعيم الريح:
زعم ابن الأعرابي أنهم أربعة: أحدهم عم محجن الثقفي، ولم يسم الباقين.
قال أبو الندى: هم كنانة بن عبد ياليل الثقفي عم أبي محجن، ولبيد بن ربيعة، وأبوه، كانوا إذا هبت الصبا أطعموا الناس، وخصوا الصبا لأنها لا تهب إلا في جدب) (1).
- (أكرم من الأسد:
لأنه إذا شبع تجافى عما يمر به ولم يتعرض له
- أكرم من العذيق المرجب:
تصغير عذق وهو النخلة والمرجب المدعوم وإنما يدعم لكثرة حمله وذاك كرمه وأكثر العرب تنكره فتقول من عذيق مرجب.
- أكرم من نجر الناجيات نجره:
أي أكرم أصل الإبل السراع أصله يضرب للكريم) (2).
أجواد أهل الإسلام:
قال ابن عبد ربه: (وأما أجواد أهل الإسلام فأحد عشر رجلاً في عصر واحد، لم يكن قبلهم ولا بعدهم مثلهم:
فأجواد الحجاز ثلاثة في عصر واحد: عبيد الله بن العباس، وعبد الله بن جعفر، وسعيد بن العاص.
وأجواد البصرة خمسة في عصر واحد وهم: عبد الله بن عامر بن كريز، وعبيد الله ابن أبي بكرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومسلم بن زياد، وعبيد الله بن معمر القرشي ثم التيمي. وطلحة الطلحات، وهو طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي، وله يقول الشاعر يرثيه، ومات بسجستان وهو وال عليها:
نضر الله أعظما دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات
وأجواد أهل الكوفة ثلاثة في عصر واحد، وهم: عتاب بن ورقاء الرياحي وأسماء بن خارجة الفزاري. وعكرمة بن ربعي الفياض) (3).
الطلحات المشهورون بالكرم:
قال الأصمعي: الطلحات المعروفون بالكرم:
طلحة بن عبيد الله التيمي وهو الفياض.
وطلحة بن عمر بن عبيد الله بن معمر وهو طلحة الجواد.
وطلحة بن عبد الله بن عوف الزهري وهو طلحة الندي.
وطلحة بن الحسن بن علي وهو طلحة الخير.
وطلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي وهو طلحة الطلحات. سمي بذلك لأنه كان أجودهم) (4).
لطيفة (5):
قال الشبلي قال لي خاطري يوماً: أنت بخيل فقلت: ما أنا بخيل فقال: نعم أنت بخيل، فنوديت أن أول شيء يفتح أن أرفعه لأول فقير ألقاه، فما تم خاطري حتى دفع إلي رجل خمسين ديناراً فخرجت، فرأيت فقيراً أعمى بين يدي حلاق يحلق رأسه فناولته إياها فقال: ادفعها للمزين فقلت: إنها دنانير فقال: ما قلنا لك إنك بخيل فدفعتها للمزين فقال: أنا حلقت له لله تعالى فتعجب الشبلي من زهدهما وأخذها.
(1) ((مجمع الأمثال)) للنيسابوري (2/ 127).
(2) ((المستقصي في الأمثال)) للزمخشري (1/ 281).
(3) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/ 245 - 246).
(4) ((تهذيب التهذيب)) لابن حجر العسقلاني (5/ 17).
(5) ((شرح البخاري)) للسفيري (1/ 348 - 349).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الكرم والجود في واحة الشعر ..
قال كلثوم بن عمرو التغلبي من شعراء الدولة العباسية:
إن الكريم ليخفى عنك عسرته ... حتى تراه غنياً وهو مجهود
وللبخيل على أمواله علل ... زرق العيون عليها أوجه سود
إذا تكرمت عن بذل القليل ولم ... تقدر على سعة لم يظهر الجود
بث النوال ولا تمنعك قلته ... فكل ما سد فقراً فهو محمود (1)
وقال المنتصر بن بلال الأنصاري:
الجود مكرمة والبخل مبغضة ... لا يستوي البخل عند الله والجود
والفقر فيه شخوص والغنى دعة ... والناس في المال مرزوق ومحدود (2)
وقال قيس بن عاصم لزوجته:
إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له ... أكيلاً فإني لست آكله وحدي
أخاً طارقاً أو جار بيت فإنني ... أخاف ملامات الأحاديث من بعدي
وإني لعبد الضيف من غير ذلة ... وما في إلا ذاك من شيمة العبد (3)
وقال الحسين بن سهل:
يقولون إني مسرف إذ يرونني ... أطوق أعناق الرجال بإحساني
فقلت لهم موتوا لئاماً بغيظكم ... فإني شريت المجد بالتافه الداني
إذا جئتم يوم الحساب بكنزكم ... أجيء بعفو من إلهي وغفران
وقال أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه اليماني:
سأبذل مالي كلما جاء طالب ... وأجعله وقفاً على القرض والفرض
فإما كريماً صنت بالجود عرضه ... وإما لئيماً صنت عن لؤمه عرضي (4)
وقال حجبة بن المضرب:
أناس إذا ما الدهر أظلم وجهه ... فأيديهم بيض وأوجههم زهر
يصونون أحسابا ومجدا مؤثلا ... ببذل أكف دونها المزن والبحر
سموا فِي المعالي رتبةً فوق رتبةٍ ... أحلتهم حيث النعائم والنسر
أضاءت لهم أحسابهم فتضاءلت ... لنورهم الشمس المنيرة والبدر
فلو لامس لهم الصخر الأصم أكفهم ... لفضت ينابيع الندى ذَلِكَ الصخر
ولو كَانَ فِي الأرض البسيطة منهم ... لمختبط عاف لما عرف الفقر
شكرت لكم آلاءكم وبلاءكم ... وما ضاع معروف يكافئه شكر (5)
وقال آخر:
ويظهر عيب المرء في الناس بخله ... ويستره عنهم جميعاً سخاؤه
تغط بأثواب السخاء فإنني ... أرى كل عيب والسخاء غطاؤه (6)
وقال آخر:
حر إذا جئته يوماً لتسأله ... أعطاك ما ملكت كفاه واعتذرا
يخفي صنائعه والله يظهرها ... إن الجميل إذا أخفيته ظهرا (7)
وقال الراضي العباسي:
لا تعذلوا كرمي على الإسراف ... ربح المحامد متجر الأشراف
إني من القوم الذين أكفهم ... معتادة الإتلاف والإخلاف (8)
وقال حاتم الطائي:
أماوى إن المال غاد ورائح ... ويبقى من المال الأحاديث والذكر
أماوى إني لا أقول لسائل ... إذا جاء يوماً: حل في ما لنا نذر
أماوى إما مانع فمبين ... وإما عطاء لا ينهنهه الزجر
أماوى ما يغنى الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
أماوى إن يصبح صداي بقفرة ... من الأرض لا ماء لدي ولا خمر
ترى أن ما أنفقت لم يك ضرني ... وأن يدي مما بخلت به صفر
وقد علم الأقوام لو أن حاتما ... أراد ثراء المال كان له وفر (9)
وقال آخر:
لا تبخلن بدنيا وهي مقبلة ... فليس ينقصها التبذير والسرف
فإن تولت فأخرى أن تجود بها ... فالشكر منها إذا ما أدبرت خلف (10)
وقال أحمد بن إبراهيم العبرتاني:
لا تكثري في الجود لائمتي ... وإذا بخلت فأكثري لومي
كفي فلست بحامل أبداً ... ما عشت هم غدٍ على يومي (11) ...
(2) ((المستقصي في الأمثال)) للزمخشري (1/ 281).
(3) ((العقد الفريد)) لابن عبد ربه (1/ 245 - 246).
(4) ((تهذيب التهذيب)) لابن حجر العسقلاني (5/ 17).
(5) ((شرح البخاري)) للسفيري (1/ 348 - 349).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الكرم والجود في واحة الشعر ..
قال كلثوم بن عمرو التغلبي من شعراء الدولة العباسية:
إن الكريم ليخفى عنك عسرته ... حتى تراه غنياً وهو مجهود
وللبخيل على أمواله علل ... زرق العيون عليها أوجه سود
إذا تكرمت عن بذل القليل ولم ... تقدر على سعة لم يظهر الجود
بث النوال ولا تمنعك قلته ... فكل ما سد فقراً فهو محمود (1)
وقال المنتصر بن بلال الأنصاري:
الجود مكرمة والبخل مبغضة ... لا يستوي البخل عند الله والجود
والفقر فيه شخوص والغنى دعة ... والناس في المال مرزوق ومحدود (2)
وقال قيس بن عاصم لزوجته:
إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له ... أكيلاً فإني لست آكله وحدي
أخاً طارقاً أو جار بيت فإنني ... أخاف ملامات الأحاديث من بعدي
وإني لعبد الضيف من غير ذلة ... وما في إلا ذاك من شيمة العبد (3)
وقال الحسين بن سهل:
يقولون إني مسرف إذ يرونني ... أطوق أعناق الرجال بإحساني
فقلت لهم موتوا لئاماً بغيظكم ... فإني شريت المجد بالتافه الداني
إذا جئتم يوم الحساب بكنزكم ... أجيء بعفو من إلهي وغفران
وقال أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه اليماني:
سأبذل مالي كلما جاء طالب ... وأجعله وقفاً على القرض والفرض
فإما كريماً صنت بالجود عرضه ... وإما لئيماً صنت عن لؤمه عرضي (4)
وقال حجبة بن المضرب:
أناس إذا ما الدهر أظلم وجهه ... فأيديهم بيض وأوجههم زهر
يصونون أحسابا ومجدا مؤثلا ... ببذل أكف دونها المزن والبحر
سموا فِي المعالي رتبةً فوق رتبةٍ ... أحلتهم حيث النعائم والنسر
أضاءت لهم أحسابهم فتضاءلت ... لنورهم الشمس المنيرة والبدر
فلو لامس لهم الصخر الأصم أكفهم ... لفضت ينابيع الندى ذَلِكَ الصخر
ولو كَانَ فِي الأرض البسيطة منهم ... لمختبط عاف لما عرف الفقر
شكرت لكم آلاءكم وبلاءكم ... وما ضاع معروف يكافئه شكر (5)
وقال آخر:
ويظهر عيب المرء في الناس بخله ... ويستره عنهم جميعاً سخاؤه
تغط بأثواب السخاء فإنني ... أرى كل عيب والسخاء غطاؤه (6)
وقال آخر:
حر إذا جئته يوماً لتسأله ... أعطاك ما ملكت كفاه واعتذرا
يخفي صنائعه والله يظهرها ... إن الجميل إذا أخفيته ظهرا (7)
وقال الراضي العباسي:
لا تعذلوا كرمي على الإسراف ... ربح المحامد متجر الأشراف
إني من القوم الذين أكفهم ... معتادة الإتلاف والإخلاف (8)
وقال حاتم الطائي:
أماوى إن المال غاد ورائح ... ويبقى من المال الأحاديث والذكر
أماوى إني لا أقول لسائل ... إذا جاء يوماً: حل في ما لنا نذر
أماوى إما مانع فمبين ... وإما عطاء لا ينهنهه الزجر
أماوى ما يغنى الثراء عن الفتى ... إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
أماوى إن يصبح صداي بقفرة ... من الأرض لا ماء لدي ولا خمر
ترى أن ما أنفقت لم يك ضرني ... وأن يدي مما بخلت به صفر
وقد علم الأقوام لو أن حاتما ... أراد ثراء المال كان له وفر (9)
وقال آخر:
لا تبخلن بدنيا وهي مقبلة ... فليس ينقصها التبذير والسرف
فإن تولت فأخرى أن تجود بها ... فالشكر منها إذا ما أدبرت خلف (10)
وقال أحمد بن إبراهيم العبرتاني:
لا تكثري في الجود لائمتي ... وإذا بخلت فأكثري لومي
كفي فلست بحامل أبداً ... ما عشت هم غدٍ على يومي (11) ...
(1) ((الحماسة البصرية)) لأبي الحسن البصري (2/ 63).
(2) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لابن حبان البستي (ص235).
(3) ((شرح ديوان الحماسة)) للتبريزي (2/ 310).
(4) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لابن حبان البستي (ص238).
(5) ((الأمالي)) للقالي (1/ 54)
(6) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لابن حبان البستي (ص227).
(7) ((المحاسن والأضداد)) للجاحظ (1/ 92)
(8) ((الأوراق قسم أخبار الشعراء)) للصولي (2/ 54).
(9) ((الشعر والشعراء)) للدينوري (1/ 239).
(10) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لابن حبان البستي (ص262).
(11) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 369).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
(2) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لابن حبان البستي (ص235).
(3) ((شرح ديوان الحماسة)) للتبريزي (2/ 310).
(4) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لابن حبان البستي (ص238).
(5) ((الأمالي)) للقالي (1/ 54)
(6) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لابن حبان البستي (ص227).
(7) ((المحاسن والأضداد)) للجاحظ (1/ 92)
(8) ((الأوراق قسم أخبار الشعراء)) للصولي (2/ 54).
(9) ((الشعر والشعراء)) للدينوري (1/ 239).
(10) ((روضة العقلاء ونزهة الفضلاء)) لابن حبان البستي (ص262).
(11) ((ربيع الأبرار ونصوص الأخيار)) للزمخشري (4/ 369).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،