الرد على من يقول بنسبية الأخلاق
في خطة خبيثة لهدم أبنية الأخلاق، أخذ فريق من الماديين الملحدين ينشرون فكرة شيطانية، يزعمون فيها أن الأخلاق أمور اعتبارية نسبية لا ثبات لها، فهي تختلف من شعب إلى شعب، ومن أمة إلى أمة، ومن زمان إلى زمان. فبعض الأمور تعتبر منافية لمكارم الأخلاق عند شعب من الشعوب، أو أمة من الأمم، في حين أنها غير منافية لمكارم الأخلاق عند شعب آخر أو أمة أخرى، وبعض الأمور كانت في زمان مضى أموراً منافية لمكارم الأخلاق، ثم صارت بعد ذلك أموراً غير منافية لها؛ وهذا يدل على أن الأخلاق مفاهيم اعتبارية تتواضع عليها الأمم والشعوب، وليس لها ثبات في حقيقتها، وليس لمقاييسها ثبات.
وحين يتبصر الباحث في أقوال هؤلاء، يستطيع أن يكتشف عناصر المغالطات التي يلتجئون إليها، للتضليل بأفكارهم؛ وهذه المغالطات ترجع إلى مد عنوان الأخلاق مداً يشمل التقاليد والعادات والآداب وبعض الأحكام الدينية التي لا علاقة لها بموضوع الأخلاق من حيث ذاتها، ومفاهيم بعض الناس للأخلاق ولأسسها، مع أنها مفاهيم غير صحيحة، إلى غير ذلك من أمور ليست هي من الأخلاق أصلاً.
والغرض من ذلك استغلال أمثلة تخضع للتغير والتبدل من هذه الأمور؛ لنقض حقيقة ثبات الأخلاق بها، ثم لنقض الأخلاق نقضاً كلياً، ونقض الأسس الأخلاقية، والإقناع بأن الأخلاق أمور اعتبارية نسبية تتواضع عليها الأمم، وليس لها ثبات في واقع حالها.
وبذلك يسهل على هؤلاء المضلين إفساد الأجيال، حتى تتمرد على جميع الضوابط الأخلاقية، التي تمثل في الأمم قوى ترابطها وتماسكها، وعناصر ارتقائها الإنساني.
ومنشأ المشكلة يرجع إلى الخطأ في تحديد مفهوم الأخلاق، وتحديد دوافعها وغاياتها، وتحديد مستوياتها، من قبل كثير من الناس، بما فيهم كثير من الباحثين في علم الأخلاق، من فلاسفة ومفكرين؛ وهذا هو الذي يفتح الثغرة الفكرية التي يعبر منها الخبثاء الماكرون، ليهدموا الأبنية الأخلاقية الحصينة التي تتمتع بها الشعوب العريقة بأمجادها، لاسيما المسلمون الذين سبق أن رفعتهم الأخلاق العظيمة إلى قمة مجد لم يطاولهم فيها أحد.
وحين يتبصر الباحث بالأسس الأخلاقية، التي تم فيها تحديد مفهوم الأخلاق وتحديد دوافعها وغاياتها، وتحديد مستوياتها، وفق المفاهيم المقتبسة من التعاليم الإسلامية، يتبين له بوضوح تساقط أقوال الذين يزعمون أن الأخلاق نسبية أو اعتبارية تتواضع عليها الأمم، وليس لها حقائق ثابتة، وذلك لأنه يستطيع أن يكتشف بسرعة عناصر المغالطة التي يصطنعها هؤلاء المضللون، إذ يأتون بأمثلة جزئية يزعمون أنها من الأخلاق، ثم يثبتون أنها أمور اعتبارية أو نسبية تتواضع عليها الأمم، وليس لها حقائق ثابتة في ذاتها، ثم ينقضون بها ثبات الأخلاق نقضاً كلياً، بطريقة تعميمية لا يقبل بها العلم، حتى ولو كانت هذه الأمثلة من الأخلاق فعلاً، لأنه لا يجوز الحكم على النوع من خلال الحكم على بعض أفراده، مالم يثبت أن سائر الأفراد مشتركة بمثل الصفة التي كانت علة صدور الحكم على بعض الأفراد...
إن عمليتهم هذه قد تضمنت مغالطة مركبة تمت على مرحلتين.
المرحلة الأولى:
إدخال ما ليس من أفراد الأخلاق تحت عنوان الأخلاق.
المرحلة الثانية:
تعميم حكمهم على هذه الأفراد الدخيلة، وجعله شاملاً لجميع أفراد الأخلاق الحقيقية.
في خطة خبيثة لهدم أبنية الأخلاق، أخذ فريق من الماديين الملحدين ينشرون فكرة شيطانية، يزعمون فيها أن الأخلاق أمور اعتبارية نسبية لا ثبات لها، فهي تختلف من شعب إلى شعب، ومن أمة إلى أمة، ومن زمان إلى زمان. فبعض الأمور تعتبر منافية لمكارم الأخلاق عند شعب من الشعوب، أو أمة من الأمم، في حين أنها غير منافية لمكارم الأخلاق عند شعب آخر أو أمة أخرى، وبعض الأمور كانت في زمان مضى أموراً منافية لمكارم الأخلاق، ثم صارت بعد ذلك أموراً غير منافية لها؛ وهذا يدل على أن الأخلاق مفاهيم اعتبارية تتواضع عليها الأمم والشعوب، وليس لها ثبات في حقيقتها، وليس لمقاييسها ثبات.
وحين يتبصر الباحث في أقوال هؤلاء، يستطيع أن يكتشف عناصر المغالطات التي يلتجئون إليها، للتضليل بأفكارهم؛ وهذه المغالطات ترجع إلى مد عنوان الأخلاق مداً يشمل التقاليد والعادات والآداب وبعض الأحكام الدينية التي لا علاقة لها بموضوع الأخلاق من حيث ذاتها، ومفاهيم بعض الناس للأخلاق ولأسسها، مع أنها مفاهيم غير صحيحة، إلى غير ذلك من أمور ليست هي من الأخلاق أصلاً.
والغرض من ذلك استغلال أمثلة تخضع للتغير والتبدل من هذه الأمور؛ لنقض حقيقة ثبات الأخلاق بها، ثم لنقض الأخلاق نقضاً كلياً، ونقض الأسس الأخلاقية، والإقناع بأن الأخلاق أمور اعتبارية نسبية تتواضع عليها الأمم، وليس لها ثبات في واقع حالها.
وبذلك يسهل على هؤلاء المضلين إفساد الأجيال، حتى تتمرد على جميع الضوابط الأخلاقية، التي تمثل في الأمم قوى ترابطها وتماسكها، وعناصر ارتقائها الإنساني.
ومنشأ المشكلة يرجع إلى الخطأ في تحديد مفهوم الأخلاق، وتحديد دوافعها وغاياتها، وتحديد مستوياتها، من قبل كثير من الناس، بما فيهم كثير من الباحثين في علم الأخلاق، من فلاسفة ومفكرين؛ وهذا هو الذي يفتح الثغرة الفكرية التي يعبر منها الخبثاء الماكرون، ليهدموا الأبنية الأخلاقية الحصينة التي تتمتع بها الشعوب العريقة بأمجادها، لاسيما المسلمون الذين سبق أن رفعتهم الأخلاق العظيمة إلى قمة مجد لم يطاولهم فيها أحد.
وحين يتبصر الباحث بالأسس الأخلاقية، التي تم فيها تحديد مفهوم الأخلاق وتحديد دوافعها وغاياتها، وتحديد مستوياتها، وفق المفاهيم المقتبسة من التعاليم الإسلامية، يتبين له بوضوح تساقط أقوال الذين يزعمون أن الأخلاق نسبية أو اعتبارية تتواضع عليها الأمم، وليس لها حقائق ثابتة، وذلك لأنه يستطيع أن يكتشف بسرعة عناصر المغالطة التي يصطنعها هؤلاء المضللون، إذ يأتون بأمثلة جزئية يزعمون أنها من الأخلاق، ثم يثبتون أنها أمور اعتبارية أو نسبية تتواضع عليها الأمم، وليس لها حقائق ثابتة في ذاتها، ثم ينقضون بها ثبات الأخلاق نقضاً كلياً، بطريقة تعميمية لا يقبل بها العلم، حتى ولو كانت هذه الأمثلة من الأخلاق فعلاً، لأنه لا يجوز الحكم على النوع من خلال الحكم على بعض أفراده، مالم يثبت أن سائر الأفراد مشتركة بمثل الصفة التي كانت علة صدور الحكم على بعض الأفراد...
إن عمليتهم هذه قد تضمنت مغالطة مركبة تمت على مرحلتين.
المرحلة الأولى:
إدخال ما ليس من أفراد الأخلاق تحت عنوان الأخلاق.
المرحلة الثانية:
تعميم حكمهم على هذه الأفراد الدخيلة، وجعله شاملاً لجميع أفراد الأخلاق الحقيقية.
ولهؤلاء المضللين مغالطة أخرى حول الموضوع نفسه، وهي اعتمادهم على مفاهيم بعض الناس للأخلاق، واعتبار هذه المفاهيم جزءاً من حقيقة الأخلاق، مع أن مفاهيم الناس قد تصدق وقد تكذب، فهي لا تمثل جزءاً من حقيقة الشيء الذي هو موضوع البحث، وإنما تمثل مقدار إدراك أصحابها لحقيقة الشيء، فقد يكون هذا الإدراك مطابقاً، وقد يكون مخالفاً، وقد يكون كاملاً وقد يكون ناقصاً، وهو لا يؤثر بحال من الأحوال على حقيقة الشيء.
لقد كان للفلاسفة القدماء مفاهيم عن السماء، وهذه المفاهيم مخالفة لواقع حال السماء، ومع ذلك فلا يقبل العقل اعتبار هذه المفاهيم جزءاً من حقيقة السماء.
وللناس مفاهيم كثيرة باطلة عن الخالق، ولا يجوز أن تكون هذه المفاهيم جزءاً من حقيقة الخالق.
وينكر كروية الأرض منكرون، ولكن مفاهيم هذه لا يمكن أن تجعل الأرض في واقع حالها غير كروية.
وهكذا يدخل فريق من الناس في الأخلاق ما هو ليس من الأخلاق؛ كتقاليد وعادات وأحكام وضعية. ويجحد فريق من الناس بعض ما هو من الأخلاق، فيزعم أنه لا داعي للتقيد بقواعد الأخلاق فيها، فلا يؤثر هؤلاء ولا هؤلاء على الحقيقة المطلقة للأخلاق، فليست مفاهيم الناس هي التي تصنع الحقائق، وإنما وظيفتها أن تعمل على إدراك الحقائق، حتى تكون صورة مطابقة لها.
قال المغالطون – الذين زعموا أن الأخلاق نسبية اعتبارية، وليس لها حقيقة مطلقة ثابتة، وهي قابلة للتغير والتبدل من زمان إلى زمان، ومن أمة إلى أمة -: إن مما يدل على ذلك أن بعض الشعوب ترى خروج النساء بدون حجاب عملاً منافياً للأخلاق بينما ترى شعوب أخرى أن هذا العمل أمر طبيعي لا ينافي ضوابط الأخلاق بحال من الأحوال.
ويدل على ذلك أيضاً أن بعض الأمم تحرم أكل بعض أنواع من اللحوم، وتحرم شرب بعض أنواع من الأشربة، وتعتبر مخالفة ذلك عملاً منافياً للأخلاق، بينما ترى أمم أخرى أنه لا شيء من ذلك محرم أو مناف للأخلاق.
ويأتون أيضاً بمثال تعدد الزوجات وإباحته عند أمة وتحريمه عند أمة أخرى، وبأمثلة الطقوس السائدة في البلاد الأوقيانوسية، ومنها تحريمهم الطعام تحت سقف والمكث في المسكن إذا كان الإنسان مريضاً، وتحريمهم استعمال الأيدي في تناول الغذاء بعد فراغ الإنسان من حلق شعره، أو بعد فراغه من صنع زورق، ويقولون: هذه أمور منافية للأخلاق عندهم، مع أنها عند غيرهم أمور عادية لا تنافي الأخلاق مطلقا.
أليس عجيباً جداً أن يدخلوا مثل هذه الأمثلة في باب الأخلاق مع أنها في جوهرها من أبواب غير باب الأخلاق، فهي إما أحكام دينية، أو طقوس وعادات وتقاليد!! وإدخالها في باب الأخلاق خطأ فادح يجر إلى خطأ آخر أكبر منه بكثير، إنه خطأ يجعل الأخلاق أموراً نسبية اعتبارية تتواضع عليها الأمم، وليس لها حقيقة ثابتة في ذاتها!!
وما قيمة مفاهيم الناس حول حقيقة من الحقائق، ولنفرض أن بعض الناس استحسنوا رذائل الأخلاق، ولم يجدوا أي رادع من ضمائرهم يردعهم عنها، فمارسوا الظلم بمثل الجرأة التي يمارسون بها العدل، ومارسوا الخيانة بمثل الجرأة التي يمارسون بها الأمانة، ومارسوا قسوة القلب بمثل الجرأة التي يمارسون بها الشفقة والرحمة، ومارسوا الكذب الضار بمثل الجرأة التي يمارسون بها الصدق النافع؛ أفيغير ذلك واقع حال الرذائل فيجعلها من قبيل الفضائل؟!
كم نشاهد من شعوب تألف القذارات وتعيش فيها ولا تشعر بأنها تعمل عملاً غير مستحسن أو غير جميل، فهل تغير مفاهيمهم من واقع حال القذارة القبيح شيئاً؟!
إن فساد مفاهيم الناس حول حقيقة من حقائق المعرفة لا يغير من واقع حال هذه الحقيقة شيئاً، وجميع حقائق المعرفة تتعرض لمشكلة فساد مفاهيم الناس عنها، وفساد تصور الناس لها
لقد كان للفلاسفة القدماء مفاهيم عن السماء، وهذه المفاهيم مخالفة لواقع حال السماء، ومع ذلك فلا يقبل العقل اعتبار هذه المفاهيم جزءاً من حقيقة السماء.
وللناس مفاهيم كثيرة باطلة عن الخالق، ولا يجوز أن تكون هذه المفاهيم جزءاً من حقيقة الخالق.
وينكر كروية الأرض منكرون، ولكن مفاهيم هذه لا يمكن أن تجعل الأرض في واقع حالها غير كروية.
وهكذا يدخل فريق من الناس في الأخلاق ما هو ليس من الأخلاق؛ كتقاليد وعادات وأحكام وضعية. ويجحد فريق من الناس بعض ما هو من الأخلاق، فيزعم أنه لا داعي للتقيد بقواعد الأخلاق فيها، فلا يؤثر هؤلاء ولا هؤلاء على الحقيقة المطلقة للأخلاق، فليست مفاهيم الناس هي التي تصنع الحقائق، وإنما وظيفتها أن تعمل على إدراك الحقائق، حتى تكون صورة مطابقة لها.
قال المغالطون – الذين زعموا أن الأخلاق نسبية اعتبارية، وليس لها حقيقة مطلقة ثابتة، وهي قابلة للتغير والتبدل من زمان إلى زمان، ومن أمة إلى أمة -: إن مما يدل على ذلك أن بعض الشعوب ترى خروج النساء بدون حجاب عملاً منافياً للأخلاق بينما ترى شعوب أخرى أن هذا العمل أمر طبيعي لا ينافي ضوابط الأخلاق بحال من الأحوال.
ويدل على ذلك أيضاً أن بعض الأمم تحرم أكل بعض أنواع من اللحوم، وتحرم شرب بعض أنواع من الأشربة، وتعتبر مخالفة ذلك عملاً منافياً للأخلاق، بينما ترى أمم أخرى أنه لا شيء من ذلك محرم أو مناف للأخلاق.
ويأتون أيضاً بمثال تعدد الزوجات وإباحته عند أمة وتحريمه عند أمة أخرى، وبأمثلة الطقوس السائدة في البلاد الأوقيانوسية، ومنها تحريمهم الطعام تحت سقف والمكث في المسكن إذا كان الإنسان مريضاً، وتحريمهم استعمال الأيدي في تناول الغذاء بعد فراغ الإنسان من حلق شعره، أو بعد فراغه من صنع زورق، ويقولون: هذه أمور منافية للأخلاق عندهم، مع أنها عند غيرهم أمور عادية لا تنافي الأخلاق مطلقا.
أليس عجيباً جداً أن يدخلوا مثل هذه الأمثلة في باب الأخلاق مع أنها في جوهرها من أبواب غير باب الأخلاق، فهي إما أحكام دينية، أو طقوس وعادات وتقاليد!! وإدخالها في باب الأخلاق خطأ فادح يجر إلى خطأ آخر أكبر منه بكثير، إنه خطأ يجعل الأخلاق أموراً نسبية اعتبارية تتواضع عليها الأمم، وليس لها حقيقة ثابتة في ذاتها!!
وما قيمة مفاهيم الناس حول حقيقة من الحقائق، ولنفرض أن بعض الناس استحسنوا رذائل الأخلاق، ولم يجدوا أي رادع من ضمائرهم يردعهم عنها، فمارسوا الظلم بمثل الجرأة التي يمارسون بها العدل، ومارسوا الخيانة بمثل الجرأة التي يمارسون بها الأمانة، ومارسوا قسوة القلب بمثل الجرأة التي يمارسون بها الشفقة والرحمة، ومارسوا الكذب الضار بمثل الجرأة التي يمارسون بها الصدق النافع؛ أفيغير ذلك واقع حال الرذائل فيجعلها من قبيل الفضائل؟!
كم نشاهد من شعوب تألف القذارات وتعيش فيها ولا تشعر بأنها تعمل عملاً غير مستحسن أو غير جميل، فهل تغير مفاهيمهم من واقع حال القذارة القبيح شيئاً؟!
إن فساد مفاهيم الناس حول حقيقة من حقائق المعرفة لا يغير من واقع حال هذه الحقيقة شيئاً، وجميع حقائق المعرفة تتعرض لمشكلة فساد مفاهيم الناس عنها، وفساد تصور الناس لها
إن موضوع حجاب المرأة وسفورها، أمر لا علاقة له بالأخلاق من حيث ذاته، إنما هو في حدوده الشرعية حكم ديني يهدف إلى تحقيق مصالح دينية واجتماعية يقصدها الشارع، فإدخالهم هذا الحكم في موضوع الأخلاق جزء من عناصر المغالطة أو من عناصر الغلط إذا حسنا الظن.
وكذلك موضوع الأطعمة والأشربة، فهو غير ذي علاقة بالأخلاق، وأحكام الأطعمة والأشربة أحكام دينية تهدف إلى تحقيق مصالح دينية وصحية يقصدها الشارع، فإدخالهم هذه الأحكام في موضوع الأخلاق جزء من عناصر المغالطة، أو من عناصر الغلط إذا حسنا الظن.
ونظير ذلك سائر الأمثلة التي أوردوها لنقض ثبات الأخلاق، إنها أمثلة من العادات والتقاليد الاجتماعية، أو من الظواهر الجمالية الأدبية، أو من الأحكام المدنية، أو من الأحكام الدينية لدين صحيح أو لدين وضعي من وضع البشر، ونحو ذلك، وليست في حقيقة ذاتها من الأخلاق.
ويوجد سبب ثالث للخطأ الذي يقع فيه الباحثون في علم الأخلاق، هو اعتمادهم على أفكارهم وضمائرهم فقط، وجعلها المقياس الوحيد الذي تقاس به الأخلاق، ونسبوا إلى هذا المقياس العصمة عن الخطأ، مع أنه مقياس غير كاف وحده، فقد يخطئ، وقد يصاب عند بعض الناس بعلة من العلل المرضية، فيعشى أو يعمى أو تختل عنده الرؤية، فيصدر أحكاماً فاسدة.
ومما سبق يتضح لنا أن أسباب الغلط أو المغالطة عند أصحاب فكرة نسبية الأخلاق، ترجع إلى ثلاثة:
الأول: تعميمهم اسم الأخلاق على أنواع كثيرة من السلوك الإنساني، فلم يميزوا الظواهر الخلقية، عن الظواهر الجمالية والأدبية، وعن العادات والتقاليد الاجتماعية، وعن التعاليم والأحكام المدينة أو الدينية البحتة، فحشروا مفردات كل هذه الأمور تحت عنوان الأخلاق، فأفضى ذلك بهم إلى الخطأ الأكبر، وهو حكمهم على الأخلاق بأنها أمور اعتبارية نسبية.
الثاني: أنهم جعلوا مفاهيم الناس عن الأخلاق مصدراً يرجع إليه في الحكم الأخلاقي، مع أن في كثير من هذه المفاهيم أخطاء فادحة، وفساداً كبيراً، يرجع إلى تحكم الأهواء والشهوات والعادات والتقاليد فيها، ويرجع أيضاً إلى أمور أخرى غير ذلك، والتحري العلمي يطلب من الباحثين أن يتتبعوا جوهر الحقيقة، حيث توجد الحقيقة، لا أن يحكموا عليها من خلال وجهة نظر الناس إليها، فكل الحقائق عرضة لأن يثبتها مثبتون، وينكرها منكرون، ويتشكك بها متشككون، ويتلاعب فيها متلاعبون، ومع ذلك تبقى على ثباتها، لا تؤثر عليها آراء الناس فيها.
الثالث: اعتمادهم على أفكارهم وضمائرهم فقط، وجعلها المقياس الوحيد الذي تقاس به الأخلاق.
أما مفاهيم الإسلام فإنها .... قد ميزت الأخلاق عما سواها، وميزت السلوك الأخلاقي عن سائر أنواع السلوك الإنساني، فلم تعمم تعميماً فاسداً، ولم تدخل في مفردات الأخلاق ما ليس منها، وهي أيضاً لم تعتمد على مفاهيم الناس المختلفة، ولم تتخذها مصدراً يرجع إليه في الحكم الأخلاقي، وأما العقل والضمير فإنها لم تهملهما وإنما قرنتهما بعاصم يردهما إلى الصواب كلما أخطأ سبيل الحق والهداية والرشاد، وهذا العاصم هو الوحي الذي نزل بدين الله لعباده، وشرائعه لخلقه، وتعاليمه التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، لأنها تنزيل من عزيز حكيم، وقد بلغها رسله. أما صورتها المثلى المحفوظة من التغيير فهي ما ثبت في نصوص الشريعة الإسلامية، المنزلة على رسول الله محمد صلوات الله وسلاماته عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين
وكذلك موضوع الأطعمة والأشربة، فهو غير ذي علاقة بالأخلاق، وأحكام الأطعمة والأشربة أحكام دينية تهدف إلى تحقيق مصالح دينية وصحية يقصدها الشارع، فإدخالهم هذه الأحكام في موضوع الأخلاق جزء من عناصر المغالطة، أو من عناصر الغلط إذا حسنا الظن.
ونظير ذلك سائر الأمثلة التي أوردوها لنقض ثبات الأخلاق، إنها أمثلة من العادات والتقاليد الاجتماعية، أو من الظواهر الجمالية الأدبية، أو من الأحكام المدنية، أو من الأحكام الدينية لدين صحيح أو لدين وضعي من وضع البشر، ونحو ذلك، وليست في حقيقة ذاتها من الأخلاق.
ويوجد سبب ثالث للخطأ الذي يقع فيه الباحثون في علم الأخلاق، هو اعتمادهم على أفكارهم وضمائرهم فقط، وجعلها المقياس الوحيد الذي تقاس به الأخلاق، ونسبوا إلى هذا المقياس العصمة عن الخطأ، مع أنه مقياس غير كاف وحده، فقد يخطئ، وقد يصاب عند بعض الناس بعلة من العلل المرضية، فيعشى أو يعمى أو تختل عنده الرؤية، فيصدر أحكاماً فاسدة.
ومما سبق يتضح لنا أن أسباب الغلط أو المغالطة عند أصحاب فكرة نسبية الأخلاق، ترجع إلى ثلاثة:
الأول: تعميمهم اسم الأخلاق على أنواع كثيرة من السلوك الإنساني، فلم يميزوا الظواهر الخلقية، عن الظواهر الجمالية والأدبية، وعن العادات والتقاليد الاجتماعية، وعن التعاليم والأحكام المدينة أو الدينية البحتة، فحشروا مفردات كل هذه الأمور تحت عنوان الأخلاق، فأفضى ذلك بهم إلى الخطأ الأكبر، وهو حكمهم على الأخلاق بأنها أمور اعتبارية نسبية.
الثاني: أنهم جعلوا مفاهيم الناس عن الأخلاق مصدراً يرجع إليه في الحكم الأخلاقي، مع أن في كثير من هذه المفاهيم أخطاء فادحة، وفساداً كبيراً، يرجع إلى تحكم الأهواء والشهوات والعادات والتقاليد فيها، ويرجع أيضاً إلى أمور أخرى غير ذلك، والتحري العلمي يطلب من الباحثين أن يتتبعوا جوهر الحقيقة، حيث توجد الحقيقة، لا أن يحكموا عليها من خلال وجهة نظر الناس إليها، فكل الحقائق عرضة لأن يثبتها مثبتون، وينكرها منكرون، ويتشكك بها متشككون، ويتلاعب فيها متلاعبون، ومع ذلك تبقى على ثباتها، لا تؤثر عليها آراء الناس فيها.
الثالث: اعتمادهم على أفكارهم وضمائرهم فقط، وجعلها المقياس الوحيد الذي تقاس به الأخلاق.
أما مفاهيم الإسلام فإنها .... قد ميزت الأخلاق عما سواها، وميزت السلوك الأخلاقي عن سائر أنواع السلوك الإنساني، فلم تعمم تعميماً فاسداً، ولم تدخل في مفردات الأخلاق ما ليس منها، وهي أيضاً لم تعتمد على مفاهيم الناس المختلفة، ولم تتخذها مصدراً يرجع إليه في الحكم الأخلاقي، وأما العقل والضمير فإنها لم تهملهما وإنما قرنتهما بعاصم يردهما إلى الصواب كلما أخطأ سبيل الحق والهداية والرشاد، وهذا العاصم هو الوحي الذي نزل بدين الله لعباده، وشرائعه لخلقه، وتعاليمه التي لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، لأنها تنزيل من عزيز حكيم، وقد بلغها رسله. أما صورتها المثلى المحفوظة من التغيير فهي ما ثبت في نصوص الشريعة الإسلامية، المنزلة على رسول الله محمد صلوات الله وسلاماته عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين
فمن تبصر بالأصول العامة للأخلاق في المفاهيم الإسلامية، وتبصر بأن الأخلاق الإسلامية مقترنة بالوصايا والأوامر والنواهي الربانية، وتبصر بأن هذه الوصايا والأوامر والنواهي محفوفة بقانون الجزاء الإلهي بالثواب العقاب، فإنه لابد أن يظهر له بجلاء أن الأخلاق الإسلامية هي حقائق في ذاتها، وهي ثابتة مادام نظام الكون ونظام الحياة ونظام الخير والشر أموراً مستمرة ثابتة، وهي ضمن المفاهيم الإسلامية الصحيحة غير قابلة للتغير ولا للتبدل من شعب إلى شعب، ولا من زمان إلى زمان.
أما الأمة الإسلامية فهي أمة واحدة، وهي لا تتواضع فيما بينها على مفاهيم تخالف المفاهيم التي بينها الإسلام، والتي أوضحها في شرائعه ووصاياه.
وإذا رجعنا إلى مفردات الأخلاق الإسلامية وجدنا أن كل واحدة منها – ضمن شروطها وقيودها وضوابطها – ذات حقيقة ثابتة، وهي غير قابلة في المنطق السليم للتحول من حسن إلى قبيح، أو من قبيح إلى حسن. إن حسنها حسن في كل زمان، وقبيحها قبيح في كل زمان، ولا يؤثر على حقيقتها أن تتواضع بعض الأمم على تقبيح الحسن منها، أو تحسين القبيح، تأثراً بالأهواء، أو بالشهوات، أو بالتقاليد العمياء.
إن الإسلام يقرر أن حب الحق وكراهية الباطل فضيلة خلقية، ويقرر أن كراهية الحق وحب الباطل رذيلة خلقية، فهل يشك أحد سوى عاقل في أن هذه الحقيقة حقيقة ثابتة غير قابلة للتحول ولا للتغير، وإن تواضع على خلافها جماعة ذات أهواء؟! وهكذا سائر الأمثلة الأخلاقية الإسلامية.
أما طريقة دهاة التضليل لهدم الأبنية الأخلاقية فهي تتلخص بما يلي:
1 - أن يقنعوا الأجيال بأن الأخلاق نسبية اعتبارية لا ثبات لها، وليس لها حقائق ثابتة في ذاتها، فهي خاضعة للتبدل والتغير.
2 - أن يستغلوا بخبث بعض النظيرات الفلسفية التي من شأنها تقليل قيمة الأخلاق في نفوس الناس، إذ تقيمها على أسس واهنة ضعيفة، أو على شفا جرف هار!! ومتى قامت في نفوس الناس على مثل ذلك تداعت الأبنية الأخلاقية التقليدية، ثم انهارت، وحلت محلها أنانيات فوضوية، تعتمد على القوة والحيلة، والإباحية المطلقة لكل شيء مستطاع، فلا خير إلا ما تدعمه القوة، ولا شر إلا ما تضعف القوة عن تحقيقه.
3 - أن يلفقوا من عند أنفسهم نظريات فلسفية يخدعون بها الناس، لاسيما الناشئون منهم، ويستغلون فيهم رغبات المراهقة بالتمرد على الحق والواجب، تطلعاً لمجد موهوم، وقد تطول فترة المراهقة عند بعض الناشئين، حتى تكتسح عمر الشباب منهم، وجزءاً من عمر الكهولة، وسبب ذلك الاستسلام التام لعواطف طور المراهقة، ووجود المغذيات الشيطانية الخبيثة، وضعف التربية الإسلامية أو انعدامها. ومتى وجدت هذه الظروف المواتية لنمو الشر، فليس من البعيد أن يصير الإنسان شيخاً في سنه وجسمه ويبقى مراهقاً في عقله ونفسه.
4 - اتخاذ الوسائل العملية التطبيقية لإفساد أخلاق الأمم، وأهمها الغمس في بيئات موبوءة بالأخلاق الفاسدة، حتى تكون الانحرافات عادات مستطابات (1).
أما الأمة الإسلامية فهي أمة واحدة، وهي لا تتواضع فيما بينها على مفاهيم تخالف المفاهيم التي بينها الإسلام، والتي أوضحها في شرائعه ووصاياه.
وإذا رجعنا إلى مفردات الأخلاق الإسلامية وجدنا أن كل واحدة منها – ضمن شروطها وقيودها وضوابطها – ذات حقيقة ثابتة، وهي غير قابلة في المنطق السليم للتحول من حسن إلى قبيح، أو من قبيح إلى حسن. إن حسنها حسن في كل زمان، وقبيحها قبيح في كل زمان، ولا يؤثر على حقيقتها أن تتواضع بعض الأمم على تقبيح الحسن منها، أو تحسين القبيح، تأثراً بالأهواء، أو بالشهوات، أو بالتقاليد العمياء.
إن الإسلام يقرر أن حب الحق وكراهية الباطل فضيلة خلقية، ويقرر أن كراهية الحق وحب الباطل رذيلة خلقية، فهل يشك أحد سوى عاقل في أن هذه الحقيقة حقيقة ثابتة غير قابلة للتحول ولا للتغير، وإن تواضع على خلافها جماعة ذات أهواء؟! وهكذا سائر الأمثلة الأخلاقية الإسلامية.
أما طريقة دهاة التضليل لهدم الأبنية الأخلاقية فهي تتلخص بما يلي:
1 - أن يقنعوا الأجيال بأن الأخلاق نسبية اعتبارية لا ثبات لها، وليس لها حقائق ثابتة في ذاتها، فهي خاضعة للتبدل والتغير.
2 - أن يستغلوا بخبث بعض النظيرات الفلسفية التي من شأنها تقليل قيمة الأخلاق في نفوس الناس، إذ تقيمها على أسس واهنة ضعيفة، أو على شفا جرف هار!! ومتى قامت في نفوس الناس على مثل ذلك تداعت الأبنية الأخلاقية التقليدية، ثم انهارت، وحلت محلها أنانيات فوضوية، تعتمد على القوة والحيلة، والإباحية المطلقة لكل شيء مستطاع، فلا خير إلا ما تدعمه القوة، ولا شر إلا ما تضعف القوة عن تحقيقه.
3 - أن يلفقوا من عند أنفسهم نظريات فلسفية يخدعون بها الناس، لاسيما الناشئون منهم، ويستغلون فيهم رغبات المراهقة بالتمرد على الحق والواجب، تطلعاً لمجد موهوم، وقد تطول فترة المراهقة عند بعض الناشئين، حتى تكتسح عمر الشباب منهم، وجزءاً من عمر الكهولة، وسبب ذلك الاستسلام التام لعواطف طور المراهقة، ووجود المغذيات الشيطانية الخبيثة، وضعف التربية الإسلامية أو انعدامها. ومتى وجدت هذه الظروف المواتية لنمو الشر، فليس من البعيد أن يصير الإنسان شيخاً في سنه وجسمه ويبقى مراهقاً في عقله ونفسه.
4 - اتخاذ الوسائل العملية التطبيقية لإفساد أخلاق الأمم، وأهمها الغمس في بيئات موبوءة بالأخلاق الفاسدة، حتى تكون الانحرافات عادات مستطابات (1).
(1) ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) لعبد الرحمن حبنكة الميداني (1/ 91) بتصرف.