النميمة
معنى النميمة لغة واصطلاحاً
معنى النميمة لغة:
النَّمُّ: التوريشُ والإغْراءُ ورَفْع الحديثِ على وجه الإشاعةِ والإفْسادِ. وقيل تَزْيينُ الكلام بالكذب. قال أَبو بكر: قال أَبو العباس: النَّمّام معناه في كلام العرب الذي لا يُمْسِك الأَحاديثَ ولم يَحْفَظْها. ويقال للنَّمَّام القَتّاتُ يقال: قَتَّ إذا مشى بالنَّميمة (1)، وَنَمَّامٌ مُبَالَغَةٌ وَالِاسْمُ النَّمِيمَةُ (2).
معنى النميمة اصطلاحاً:
النميمة: (نَقْلُ الحديث من قومٍ إلى قوم على جهة الإفْسادِ والشَّرِّ) (3).
وعرفها الغزالي بقوله: (إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه) (4).
وقيل هي: (التحريش بين الناس والسعي بينهم بالإفساد) (5).
معنى النميمة لغة:
النَّمُّ: التوريشُ والإغْراءُ ورَفْع الحديثِ على وجه الإشاعةِ والإفْسادِ. وقيل تَزْيينُ الكلام بالكذب. قال أَبو بكر: قال أَبو العباس: النَّمّام معناه في كلام العرب الذي لا يُمْسِك الأَحاديثَ ولم يَحْفَظْها. ويقال للنَّمَّام القَتّاتُ يقال: قَتَّ إذا مشى بالنَّميمة (1)، وَنَمَّامٌ مُبَالَغَةٌ وَالِاسْمُ النَّمِيمَةُ (2).
معنى النميمة اصطلاحاً:
النميمة: (نَقْلُ الحديث من قومٍ إلى قوم على جهة الإفْسادِ والشَّرِّ) (3).
وعرفها الغزالي بقوله: (إفشاء السر وهتك الستر عما يكره كشفه) (4).
وقيل هي: (التحريش بين الناس والسعي بينهم بالإفساد) (5).
(2) ((المصباح المنير)) للفيومي (2/ 626).
(3) ((لسان العرب)) لابن منظور (12/ 592)، ((النهاية في غريب الحديث)) لابن الأثير (5/ 256).
(4) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 156).
(5) ((فتاوى إسلامية)) لمجموعة من العلماء (4/ 70).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الفرق بين النميمة وبعض الصفات
الفرق بين الغيبة والنميمة
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-: (واختُلِفَ في الغيبة والنميمة هل هما متغايرتان أو متحدتان: والراجع التغاير وأن بينهما عموماً وخصوصاً وجيهاً. وذلك؛ لأن النميمة نقل حال شخص لغيره على جهة الإفساد بغير رضاه سواء كان بعلمه أم بغير علمه.
والغيبة ذكره في غيبته بما لا يرضيه فامتازت النميمة بقصد الإفساد ولا يشترط ذلك في الغيبة.
وامتازت الغيبة بكونها في غيبة المقول فيه واشتركا في ما عدا ذلك.
ومن العلماء من يشترط في الغيبة أن يكون المقول فيه غائباً والله أعلم) (1).
وقال ابن حجر الهيتمي: (كل نميمة غيبة، وليس كل غيبة نميمة، فإن الإنسان قد يذكر عن غيره ما يكرهه، ولا إفساد فيه بينه وبين أحد، وهذا غيبة، وقد يذكر عن غيره ما يكرهه وفيه إفساد، وهذا غيبة، ونميمة معاً) (2).
الفرق بين القتات والنمام
(قال الحافظ القتات والنمام بمعنى واحد.
وقيل: النمام الذي يكون مع جماعة يتحدثون حديثا فينم عليهم.
والقتات: الذي يتسمع عليهم وهم لا يعلمون ثم ينم) (3).
(1) ((فتح الباري)) لابن حجر (10/ 473).
(2) ((تطهير العيبة من دنس الغيبة)) لابن حجر الهيتمي (ص45).
(3) ((الترغيب والترهيب)) للمنذري (3/ 323).
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ذم النميمة والنهي عنها في القرآن والسنة
ذم النميمة والنهي عنها من القرآن الكريم:
- قال تعالى: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ [القلم: 10 - 13].
نجد بأن الله سبحانه وتعالى أورد عدة صفات للنمام في هذه الآية، وهي كما يلي:
1 - حلاف: أي أن النمام كثير الحلف، وهو يعلم أن الناس لا يثقون به ولا يصدقونه لأنه كاذب، فهو بذلك يكثر الحلف ليدفع عن نفسه الكذب، يستقطب ثقة الناس بها.
2 - مهين: فالنمام هين في نفسه هين عند الآخرين، فلا يحترمه أحد.
3 - هماز: يعيب الناس ويهمزهم بالقول والإشارة.
4 - مشاء بنميم: أي كثير المشي بالنميمة بين الناس، وبما يفسد معيشتهم وقلوبهم، ويقطع صلاتهم، ويذهب محبتهم لبعضهم.
5 - مناع للخير: كثير المنع للخير عن نفسه وعن الآخرين، بل حتى منع عن نفسه الإيمان فلم يصل إلى قلبه.
6 - معتد: تجاوز العدل والحق. وهو يعتدي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين.
7 - أثيم: أي يعمل الآثار ويرتكب الذنوب والمعاصي.
8 - عتل: أي شديد الفضاضة والقسوة، أي أنه شخص كريه من جميع الجوانب.
9 - زنيم: أي أنه مشهور بخبثه ولؤمه وشره.
قال ابن حجر: (أي: دعيٍّ، واستنبط منه ابن المبارك أنّ ولد الزّنا لا يكتم الحديث، فعدم كتمه المستلزم للمشي بالنّميمة دليلٌ على أنّ فاعل ذلك ولد زنا) (1).
- وَقَالَ تَعَالَى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة: 1].
(قيل: اللّمزة: النّمّام. عن أبي الجوزاء، قال: قلت لابن عباس: من هؤلاء هم الذين بدأهم الله بالويل؟ قال: هم المشاءون بالنميمة، المفرقون بين الأحبة، الباغون أكبر العيب) (2).
وقال مقاتل: (فأما «الهمزة» فالذي ينم الكلام إلى الناس وهو النمام) (3).
- وَقَالَ تَعَالَى: حَمَّالَةَ الْحَطَبِ [المسد:4].
(قيل كانت نمّامةٌ حمّالةٌ للحديث إفسادًا بين النّاس، وسمّيت النّميمة حطبًا؛ لأنّها تنشر العداوة بين النّاس كما أنّ الحطب ينشر النّار.
قال مجاهد: يعني حمالة النميمة، تمشي بالنميمة) (4).
- وَقَالَ تَعَالَى: فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنْ اللَّهِ شَيْئًا [التحريم:10].
(أي؛ لأنّ امرأة نوحٍ كانت تقول عنه مجنونٌ، وامرأة لوطٍ كانت تخبر قومها بضيفانه حتّى يقصدوهم لتلك الفاحشة القبيحة الّتي اخترعوها حتّى أهلكتهم بذلك العذاب الفظيع) (5).
ذم النميمة والنهي عنها من السنة النبوية:
- عن حذيفة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يدخل الجنة نمام))، وفي رواية ((قتات)) (6).
وبيّن ابن الملقن المراد بعدم دخول الجنة للنمام بقوله: (وحمل على ما إذا استحل بغير تأويل مع العلم بالتحريم، أو لا يدخلها دخول الفائزين) (7).
قال ابن بطال: (قال أهل التأويل: الهماز الذي يأكل لحوم الناس، ويقال: هم المشاءون بالنميمة المفرقون بين الأحبة، الباغون للبراء العنت. والقتات: النمام عند أهل اللغة) (8).
(1) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر) لابن حجر الهيتمي (2/ 34).
(2) ((جامع البيان في تأويل القرآن)) للطبري (24/ 596).
(3) ((تفسير مقاتل بن سليمان)) (4/ 839).
(4) ((تفسير مجاهد)) لمجاهد بن جبر (ص759).
(5) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/ 34).
(6) رواه مسلم (105).
(7) ((الإعلام بفوائد عمدة الأحكام)) لابن الملقن (1/ 531).
(8) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (9/ 249).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، وعن عبد الله بن مسعود- رضي الله عنه- قال: إنّ محمّداً صلى الله عليه وسلّم قال: ((ألا أنبّئكم ما العضة؟ هي النّميمة القالة بين النّاس)). وإنّ محمّداً صلى الله عليه وسلّم قال: ((إنّ الرّجل يصدق حتّى يكتب صدّيقاً، ويكذب حتّى يكتب كذّاباً)) (1).
قال المناوي: ((القالة بَين النَّاس)): أي كثرة القول وإيقاع الخصومة بينهما فيما يحكى للبعض عن البعض وقيل القالة بمعنى المقولة وزعم بعضهم أن القالة هنا جمع وهم الذين ينقلون الكلام ويوقعون الخصومة بين الناس) (2).
وقال ابن عثيمين: (هي النميمة: أن ينقل الإنسان كلام الناس بعضهم في بعض من أجل الإفساد بينهم، وهي من كبائر الذنوب) (3).
- وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: ((مَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَبْرَيْنِ، فَقَالَ: إنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الْآخَرُ: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ فَأَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا)) (4).
قال ابن بطال: (ومعنى الحديث: الحض على ترك النميمة) (5).
وقال ابن دقيق العيد: (فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ أَمْرِ النَّمِيمَةِ، وَأَنَّهَا سَبَبُ الْعَذَابِ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّمِيمَةِ الْمُحَرَّمَةِ) (6).
وقال الشوكاني: (وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَةِ الْبَوْلِ مِنْ الْإِنْسَانِ وَوُجُوبِ اجْتِنَابِهِ وَهُوَ إجْمَاعٌ، وَيَدُلُّ أَيْضًا عَلَى عِظَمِ أَمْرِهِ وَأَمْرِ النَّمِيمَةِ، وَأَنَّهُمَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ عَذَابِ الْقَبْرِ) (7).
(1) روى مسلم شطره الأول (2606)، ورواه أحمد بتمامه (1/ 437) (4160).
(2) ((فيض القدير)) للمناوي (3/ 133).
(3) ((شرح رياض الصالحين)) لابن عثيمين (6/ 147).
(4) رواه البخاري (6052)، ومسلم (292).
(5) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (3/ 346).
(6) ((إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام)) لابن دقيق العيد (1/ 104).
(7) ((نيل الأوطار)) للشوكاني (1/ 121).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقوال السلف والعلماء في ذم النميمة
- قال رجل لعمر بن الخطّاب- رضي الله عنه-: (يا أمير المؤمنين، احذر قاتل الثّلاثة، قال: ويلك، من قاتل الثّلاثة؟ قال: الرّجل يأتي الإمام بالحديث الكذب، فيقتل الإمام ذلك الرّجل بحديث هذا الكذّاب، ليكون قد قتل نفسه، وصاحبه، وإمامه) (1).
- وقيل لمحمد بن كعب القرظي: أي خصال المؤمن أوضع له؟ فقال: كثرة الكلام، وإفشاء السر، وقبول قول كل أحد (2).
- وروي أن سليمان بن عبد الملك كان جالساً وعنده الزهري، فجاءه رجل فقال له سليمان: بلغني أنك وقعت فيّ، وقلت كذا وكذا فقال الرجل ما فعلت ولا قلت فقال سليمان إن الذي أخبرني صادق فقال له الزهري لا يكون النمام صادقاً فقال سليمان صدقت ثم قال للرجل اذهب بسلام.
- وقال الحسن: من نم إليك نم عليك) (3).
- وعن عطاء بن السّائب؛ قال: قدمت من مكّة، فلقيني الشّعبيّ، فقال: يا أبا زيدٍ! أطرفنا ممّا سمعت بمكّة؟ فقلت: سمعت عبد الرّحمن بن سابطٍ يقول: لا يسكن مكّة سافك دمٍ، ولا آكل ربًا، ولا مشّاءٍ بنميمةٍ، فعجبت منه حين عدل النّميمة بسفك الدّم وأكل الرّبا، فقال الشّعبيّ: وما يعجبك من هذا؟! وهل يسفك الدّم وتركب العظائم إلّا بالنّميمة؟! (4).
- وقال أبو موسى الأشعري: لا يسعى على الناس إلا ولد بغي (5).
- وسعى رجل إلى بلال بن أبي بردة برجل، وكان أمير البصرة، فقال له: انصرف حتى أكشف عنك، فكشف عنه، فإذا هو لغير رشده، يعني ولد زنا) (6).
- وعن شبيل بن عوف، قال: كان يقال: (من سمع بفاحشة، فأفشاها فهو كالذي أبداها) (7).
- وقال قتادة ذكر لنا أنّ عذاب القبر ثلاثة أثلاثٍ: (ثلثٌ من الغيبة، وثلثٌ من البول، وثلثٌ من النّميمة) (8).
- وقال ابن حزم: (وما في جميع الناس شر من الوشاة، وهم النمامون، وإن النميمة لطبع يدل على نتن الأصل، ورداءة الفرع، وفساد الطبع، وخبث النشأة، ولابد لصاحبه من الكذب؛ والنميمة فرع من فروع الكذب ونوع من أنواعه، وكل نمام كذاب) (9).
- وقال السيوطي: (قد ذكر بعضهم السر في تخصيص البول، والنميمة، والغيبة بعذاب القبر وهو أن القبر أول منازل الآخرة، وفيه أنموذج ما يقع في يوم القيامة من العقاب والثواب والمعاصي التي يعاقب عليها يوم القيامة نوعان: حق لله وحق لعباده، وأول ما يقضى فيه يوم القيامة من حقوق الله الصلاة ومن حقوق العباد الدماء، وأما البرزخ فيقضى فيه في مقدمات هذين الحقين ووسائلهما، فمقدمة الصلاة الطهارة من الحدث والخبث، ومقدمة الدماء النميمة والوقيعة في الأعراض وهما أيسر أنواع الأذى فيبدأ في البرزخ بالمحاسبة والعقاب عليهما. انتهى) (10).
- وقال أبو موسى عمران بن موسى المؤدب: (وفد على أنوشروان حكيم الهند، وفيلسوف الروم، فقال للهندي: تكلم. فقال: يا خير الناس، من ألقى سخياً، وعند الغضب وقوراً، وفي القول متأنياً، وفي الرفعة متواضعاً، وعلى كل ذي رحم مشفقاً. وقام الرومي، فقال: من كان بخيلاً ورث عدوه ماله، ومن قل شكره لم ينل النجاح، وأهل الكذب مذمومون، وأهل النميمة يموتون فقراء، فمن لم يرحم سلط عليه من لا يرحمه) (11).
- ويقال: (عمل النمام أضر من عمل الشيطان، فإن عمل الشيطان بالوسوسة، وعمل النمام بالمواجهة) (12).
- وقيل: (النّميمة من الخصال الذّميمة تدلّ على نفسٍ سقيمةٍ وطبيعةٍ لئيمةٍ مشغوفةٍ بهتك الأستار وكشف الأسرار) (13).
(1) رواه البيهقي في ((السنن الكبرى)) (8/ 289) (16677)، والخرائطي في ((مساوئ الأخلاق)) (ص107).
(2) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 157).
(3) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 156).
(4) ((المجالسة وجواهر العلم)) لأبي بكر الدينوري (3/ 63).
(5) رواه الخرائطي في ((اعتلال القلوب)) (2/ 254)، والبيهقي في ((الشعب)) (9/ 53) (6248) من حديث أبي موسى رضي الله عنه، مرفوعا.
(6) ((الإعلام بفوائد عمدة الأحكام)) لابن الملقن (1/ 547).
(7) ((ذم الغيبة والنميمة)) لابن أبي الدنيا (ص: 98 - 99)
(8) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/ 18).
(9) ((طوق الحمامة)) لابن حزم (ص173).
(10) ((الحاوي للفتاوى)) للسيوطي (2/ 181).
(11) ((مساوئ الأخلاق)) للخرائطي (ص167).
(12) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/ 571).
(13) ((بريقة محمودية في شرح طريقة محمدية)) لأبي سعيد الخادمي (3/ 193).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،حكم النميمة
النميمة محرمة في الكتاب والسنة والإجماع، وهي من كبائر الذنوب.
قَالَ تَعَالَى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ [الهمزة: 1].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة نمام) (1).
وقال العلامة ابن باز: (وهي من الكبائر ومن أسباب البغضاء والشحناء بين المسلمين، فالواجب الحذر منها) (2).
وقال الشيخ ابن عثيمين: (والنميمة من كبائر الذنوب، وهي سبب لعذاب القبر، ومن أسباب حرمان دخول الجنة) (3).
(1) رواه مسلم (105) من حديث حذيفة رضي الله عنه.
(2) ((فتاوى نور على الدرب لابن باز)) جمع: محمد الشويعر (14/ 125).
(3) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) جمع وترتيب: فهد السليمان (9/ 524).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أقسام النميمة
وللنميمة ثلاثة أقسام وهي كما يلي:
1 - النميمة المحرمة:
وهي التي يكون الكلام فيها سلبي يلحق الضرر بالآخرين، وذلك بذكر أسرارهم الخاصة وسرد فضائحهم ومساوئهم.
2 - النميمة الواجبة:
وهي التي تكون للتحذير من شر واقع على إنسان ما، فيُخبر بذلك الشر ليحذره.
وقال ابن الملقن وهو يتحدث عن النميمة: (أما إذا كان فعلها نصيحة في ترك مفسدة أو دفع ضرر، وإيصال خير يتعلق بالغير لم تكن محرمة ولا مكروهة، بل قد تكون واجبة أو مستحبة) (1).
قال النووي: (وهذا كله إذا لم يكن في النقل مصلحة شرعية وإلا فهي مستحبة أو واجبة كمن اطلع من شخص أنه يريد أن يؤذي شخصاً ظلماً فحذره منه) (2).
3 - النميمة المباحة:
قال ابن كثير وهو يتحدث عن النميمة: (فأما إذا كانت على وجه الإصلاح بين الناس وائتلاف كلمة المسلمين، كما جاء في الحديث: ((ليس بالكذاب من يَنمّ خيرًا)) (3)، أو يكون على وجه التخذيل والتفريق بين جموع الكفرة، فهذا أمر مطلوب، كما جاء في الحديث: ((الحرب خدعة)) (4)، وكما فعل نعيم بن مسعود في تفريقه بين كلمة الأحزاب وبين قريظة، وجاء إلى هؤلاء فنمى إليهم عن هؤلاء كلامًا، ونقل من هؤلاء إلى أولئك شيئًا آخر، ثم لأم بين ذلك، فتناكرت النفوس وافترقت، وإنما يحذو على مثل هذا الذكاء والبصيرة النافذة) (5).
قال النّوويّ: (فلو دعت إلى النّميمة حاجةٌ فلا منع منها، كما إذا أخبره أنّ إنسانًا يريد الفتك به أو بأهله أو بماله، أو أخبر الإمام أو من له ولايةٌ بأنّ فلانًا يسعى بما فيه مفسدةٌ، ويجب على المتولّي الكشف عن ذلك) (6).
وقسم النّبيّ صلى الله عليه وسلم قسمةً، فقال رجلٌ من الأنصار: والله ما أراد محمّدٌ بهذا وجه الله، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فتمعّر وجهه، وقال: ((رحم الله موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر)) (7).
قال ابن بطال: (في هذا الحديث من الفقه أنه يجوز للرجل أن يخبر أهل الفضل والستر من إخوانه بما يقال فيهم مما لايليق بهم، ليعرفهم بذلك من يؤذيهم من الناس وينقصهم، ولا حرج عليه في مقابلته بذلك وتبليغه له. وليس ذلك من باب النميمة؛ لأن ابن مسعود حين أخبر النبي عليه السلام بقول الأنصاري فيه وتجويره له في القسمة، لم يقل له: أتيت بما لايجوز، ونمت الأنصاري والنميمة حرام، بل رضي ذلك عليه السلام، وجاوبه عليه بقوله: ((يرحم الله موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر)) (8)، وإنما جاز لابن مسعود نقل ذلك إلى النبي عليه السلام لأن الأنصاري في تجويره للنبي -عليه السلام- استباح إثمًا عظيمًا وركب جرمًا جسيمًا، فلم يكن لحديثه حرمة، ولم يكن نقله من باب النميمة) (9).
(1) ((الإعلام بفوائد عمدة الأحكام)) لابن الملقن (1/ 531).
(2) ((فتح الباري)) لابن حجر (10/ 473).
(3) رواه بمعناه البخاري (2692)، ومسلم (2605) من حديث أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها.
(4) رواه البخاري (3030)، ومسلم (1739) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
(5) ((تفسير القرآن العظيم)) لابن كثير (1/ 371).
(6) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/ 197).
(7) رواه البخاري (3150)، ومسلم (1062) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(8) رواه البخاري (3405)، ومسلم (1062) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
(9) ((شرح صحيح البخاري)) لابن بطال (10/ 252).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،أسباب الوقوع في النميمة
هناك العديد من الأسباب التي تؤدي بالفرد للوقوع في دنس النميمة ومن هذه الأسباب:
1 - أن ينشأ الفرد في بيئة دأبها النميمة والوقيعة بين الناس، فيحاكيها ويتأثر بها.
2 - الإساءة للآخرين وإيقاع الإيذاء بهم، وهذه شهوة العدوانية في قلوب الأشرار.
3 - التظاهر بمحبة المحكي له وكسب وده.
4 - الخوض في الباطل وفضول الحديث للترويح عن النفس.
5 - إقامة روابط اجتماعية مع الآخرين، لكنها بطريقة سلبية على حساب سمعة الآخرين.
6 - عدم ردع النمام وزجره بل استحسان عمله ومسايرته.
7 - وجود الفراغ في حياة الفرد، فيشغل وقته بالحديث عن الآخرين وذكر مساوئهم.
8 - الغضب للانتقام من شخص ما وتشويه سمعته.
9 - تتبع عورات الناس وحب الاطلاع عليها.
10 - العمل لصالح أفراد أو جهات مشبوهة.
11 - ضعف الإيمان في قلب النمام وعدم الخوف من الله ونسيان عذاب القبر وعذاب النار.
12 - جهل النمام بالعواقب السيئة للنميمة التي تعود على الفرد والمجتمع.
13 - الحسد للآخرين، وعدم حب الخير لهم.آثار ومضار النميمة
للنميمة آثارها السيئة وأضرارها الجسيمة التي تعود على الفرد وتؤثر عليه في دنياه وأخراه، ومن هذه الآثار:
1 - طريق موصّل إلى النّار.
2 - تذكي نار العداوة بين المتآلفين.
3 - تؤذي وتضرّ، وتؤلم، وتجلب الخصام والنّفور.
4 - تدلّ على سوء الخاتمة، وتمسخ حسن الصّورة.
5 - عنوان الدّناءة والجبن والضّعف والدّسّ والكيد والملق والنّفاق.
6 - مزيلة كلّ محبّة ومبعدة كلّ مودّة وتآلف وتآخ (1).
7 - عار على قائلها وسامعها.
8 - تحمل على التجسس وتتبع أخبار الآخرين.
9 - تؤدي إلى قطع أرزاق الآخرين.
10 - تفرق وتمزق المجتمعات الملتئمة.
11 - النميمة تأتي بثلاث جنايات: ذكر أن حكيماً من الحكماء زاره بعض إخوانه، فأخبره بخبر عن بعض أصدقائه؛ فقال له الحكيم: قد أبطأت في الزيارة، وأتيت بثلاث جنايات: بغضت أخي إليّ، وشغلت قلبي الفارغ، واتهمت نفسك الأمينة (2).
12 - النميمة تحلق الدين: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين)) (3).
13 - النميمة تمنع نزول القطر من السماء: وروى كعبٌ: أنّه أصاب بني إسرائيل قحطٌ، فاستسقى موسى - صلّى الله وسلّم على نبيّنا وعليه - مرّاتٍ فما أجيب، فأوحى الله - تعالى - إليه أنّي لا أستجيب لك ولا لمن معك وفيكم نمّامٌ، قد أصرّ على النّميمة، فقال موسى: يا ربّ من هو حتّى نخرجه من بيننا؟ فقال يا موسى: أنهاكم عن النّميمة وأكون نمّامًا، فتابوا بأجمعهم فسُقُوا (4).
14 - النميمة تجعل صاحبها ذليل وحقير: اتبع رجل حكيماً سبعمائة فرسخ في سبع كلمات، فلما قدم عليه قال إني جئتك للذي آتاك الله تعالى من العلم، أخبرني عن السماء وما أثقل منها؟ وعن الأرض وما أوسع منها؟ وعن الصخر وما أقسى منه؟ وعن النار وما أحر منها؟ وعن الزمهرير وما أبرد منه؟ وعن البحر وما أغنى منه؟ وعن اليتيم وما أذل منه؟ فقال له الحكيم: البهتان على البريء أثقل من السموات، والحق أوسع من الأرض، والقلب القانع أغنى من البحر، والحرص والحسد أحر من النار، والحاجة إلى القريب إذا لم تنجح أبرد من الزمهرير، وقلب الكافر أقسى من الحجر، والنمام إذا بان أمره أذل من اليتيم (5).
15 - النمام لا يستريح من عذاب القبر: عن يزيد بن كعب رضي الله عنه قال: (اتقوا النميمة فإن صاحبها لا يستريح من عذاب القبر) (6).
16 - النميمة تحرم صاحبها دخول الجنة: حدثنا نصر بن داود، ثنا سعيد بن منصور، ثنا خالد بن عبد الله، عن سليمان التيمي، عن سيار بن سلامة، عن أبي إدريس عائذ الله قال: (من تتبع الأحاديث يحدث بها الناس لم يجد رائحة الجنة). قال خالد: (يعني النميمة) (7).
17 - النميمة توجب دخول النار: عن أبي العالية، أو غيره قال: حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أتاني البارحة رجلان فاكتنفاني، فانطلقا بي حتى أتيا بي على رجل في يده كلاب، يدخله في فيّ رجل، فيشق شدقه حتى يبلغ لحييه، فيعود فيأخذ فيه فقلت: من هذا؟ قال: هم الذين يسعون بالنميمة)) (8).
18 - النميمة تفسد الدنيا والدين: قال أبو الفرج ابن الجوزي: النميمة تفسد الدين والدنيا، وتغيّر القلوب، وتولّد البغضاء، وسفك الدماء، والشتات (9).
(1) ((نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم)) لعدد من المختصين (11/ 5671).
(2) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 156).
(3) رواه أبو داود (4919)، الترمذي (2509) واللفظ له، وأحمد (6/ 444) (27548) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه. قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في ((غاية المرام)) (ص237).
(4) ((إحياء علوم الدين)) (1/ 307).
(5) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 156).
(6) رواه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص161)،وابن وهب في ((جامعه)) (ص553) من قول كعب.
(7) رواه الخرائطي في ((مساوئ الأخلاق)) (ص107).
(8) رواه ابن أبي الدنيا في ((الصمت)) (ص158) من حديث أبي العالية رحمه الله مرسلا.
(9) ((بحر الدموع)) لابن الجوزي (ص129).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،فوائد ترك النميمة
لترك النميمة فوائد عديدة نذكر منها:
- تارك النميمة من أفضل المسلمين: عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، أي المسلمين أفضل؟ قال: ((من سلم المسلمون من لسانه ويده)) (1).
- ترك النميمة يدخل الجنة: عن سهل بن سعد: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)) (2).
(1) رواه البخاري (11)، مسلم (42).
(2) رواه البخاري (6474).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،علاج النميمة
وبما أننا وقفنا على دوافع النميمة وأضرارها، وأدركنا عواقب وآثار هذا المرض على الفرد والمجتمع، فمن السهل علينا أن نحدد العلاج له والوقاية منه وذلك بالتالي:
1 - توعية النمام بخطورة النميمة.
2 - استشعار عظمة هذه المعصية وأنها من الكبائر.
3 - حفظ اللسان عن النميمة، وعدم تتبع عورات الآخرين.
4 - تصور خطر المصيبة التي يقترفها بإفساده للقلوب وتفريقه بين الأحبة.
5 - التقرب إلى الله سبحانه وتعالى بكثرة الأعمال الصالحة وتقديم رضاه على رضا المخلوقين.
6 - استشعار الفرد أن حفظ اللسان عن النميمة يكون سبباً في دخوله الجنة.
7 - تقوية الإيمان بالعلم النافع والعمل الصالح.
8 - عدم السماع لكلام النمام الذي ينم به عن الآخرين.
9 - تربية الفرد تربية إسلامية سليمة قائمة على الآداب والتعاليم الإسلامية.
10 - إحراج النمام بأن يطلب منه ذكر محاسن الذي وقعت عليه النميمة.
11 - استغلال وقت الفراغ، بما ينفع الفرد ويقوي إيمانه ويقربه إلى الله سبحانه وتعالى، من طاعات وعبادات وعلم وتعلم.
12 - قناعة الفرد بما رزقه الله، ويقصر أمره في الدنيا، ويعلم أنه منتقل إلى الدار الآخرة.
13 - أن يوقن الفرد أنه بتتبعه عورة الناس يتتبع الله عورته ويفضحه ولو في عقر داره.
14 - كظم الغيظ والصبر على الغضب، كي لا يكونا دافعاً للنميمة.
15 - التأمل في سيرة السلف والاقتداء والتأسي بهم في طريقة مقاومتهم للنميمة والنمامين.
16 - أن يعلم الفرد أن الذين ينم عليهم اليوم هم خصماؤه عند الله يوم القيامة.
17 - أن يتذكر النمام أن قدوته وسلفه في النميمة امرأة نوح وامرأة لوط اللتين حكم الله لهما بالنار، وكذلك الوليد بن المغيرة الذي هو من أكبر عتاولة المشركين الذي مصيره النار.
18 - الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى النميمة.
19 - معاقبة أولي الأمر للنمامين وزجرهم وتخويفهم فإن لم ينتهوا عزروهم.
20 - مقاطعة النمام وعدم مجالسته إن لم يتب من هذا المرض الخطير.حكم وأمثال في النميمة
- في المثل: (النّميمة أرثة العداوة) (1).
- (وقيل في منثور الحكم: النّميمة سيفٌ قاتلٌ.
- وقال بعض الأدباء: لم يمش ماشٍ شرٌّ من واشٍ.
- وقال بعض الحكماء: السّاعي بين منزلتين قبيحتين: إمّا أن يكون صدق فقد خان الأمانة، وإمّا أن يكون قد كذب فخالف المروءة.
- وقال بعض الحكماء: الصّدق يزيّن كلّ أحدٍ إلّا السّعاة، فإنّ السّاعي أذمّ وآثم ما يكون إذا صدق) (2).
- (وقال بعض الحكماء: احذروا أعداء العقول ولصوص المودات وهم السعاة والنمامون إذا سرق اللصوص المتاع سرقوا هم المودات.
- وفي المثل السائر: من أطاع الواشي ضيع الصديق وقد تقطع الشجرة فتنبت ويقطع اللحم السيف فيندمل واللسان لا يندمل جرحه) (3).
(1) ((معجم مقاييس اللغة)) لابن فارس (1/ 93).
(2) ((أدب الدنيا والدين)) للماوردي (ص268).
(3) ((المستطرف)) لشهاب الدين الأبشيهي (1/ 192).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،مسائل متفرقة حول النميمة
- موقفنا من سماع النميمة:
عندما نسمع أحداً يتكلم في أعراض الناس، وينم عليهم فيجب علينا نصحه وزجره عن ذلك، فإن لم ينته فعلينا عدم الجلوس معه؛ لقول الله تعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام:68].
وقوله عز وجل: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ [النساء:140].
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)) (1).
ثم احذر النميمة وسماعها، وذلك أن الأشرار يدخلون بين الأخيار في صورة النصحاء فيوهمونهم النصيحة، وينقلون إليهم في عرض الأحاديث اللذيذة أخبار أصدقائهم محرفة مموهة، حتى إذا تجاسروا عليهم بالحديث المختلق يصرحون لهم، بما يفسد موداتهم ويشوه وجوه أصدقائهم، إلى أن يبغض بعضهم بعضاً (2).
- ماذا يكون موقف من حملت إليه النميمة؟
قال ابن حجر: (وكل من حملت إليه النميمة وقيل له: إن فلاناً قال فيك كذا وكذا، أو فعل في حقك كذا، أو هو يدبر في إفساد أمرك، أو في ممالاة عدوك أو تقبيح حالك، أو ما يجري مجراه؛ فعليه ستة أمور:
الأول: أن لا يصدقه؛ لأن النمام فاسق، وهو مردود الشهادة، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ [الحجرات: 6].
الثاني: أن ينهاه عن ذلك وينصح له، ويقبح عليه فعله، قال الله تعالى: وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ [لقمان: 17].
الثالث: أن يبغضه في الله تعالى فإنه بغيض عند الله تعالى ويجب بغض من يبغضه الله تعالى.
الرابع: أن لا تظن بأخيك الغائب السوء لقول الله تعالى: اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات:12].
الخامس: أن لا يحملك ما حكي لك على التجسس والبحث لتحقق اتباعاً لقول الله تعالى: وَلا تَجَسَّسُوا [الحجرات:12].
السادس: أن لا ترضى لنفسك ما نهيت النمام عنه ولا تحكي نميمته؛ فتقول: فلان قد حكى لي كذا وكذا، فتكون به نماماً ومغتاباً، وقد تكون قد أتيت ما عنه نهيت) (3).
(وجاء رجل إلى علي بن الحسين -رضي الله عنهما- فنمَ له عن شخص، فقال: اذهب بنا إليه، فذهب معه، وهو يرى أنه ينتصر لنفسه، فلما وصل إليه قال: يا أخي إن كان ما قلت فيّ حقاً يغفر الله لي، وإن كان ما قلتَ فيّ باطلاً يغفر الله لك) (4).
(وقال الحسن: من نم لك نم عليك، وهذا إشارة إلى أن النمام ينبغي أن يبغض ولا يؤتمن، ولا يوثق بصداقته، وكيف لا يبغض وهو لا ينفك عن الكذب والغيبة والقذف والخيانة والغل والحسد والإفساد بين الناس والخديعة؟ وهو ممن سعى في قطع ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض) (5).
- قصة نمام:
(1) رواه مسلم (49) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(2) ((تهذيب الأخلاق)) لابن مسكويه (ص175).
(3) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 156).
(4) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/ 571).
(5) ((الزواجر عن اقتراف الكبائر)) لابن حجر الهيتمي (2/ 573).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،قال حماد بن سلمة: باع رجل عبداً، وقال للمشتري: ما فيه عيب إلا النميمة قال رضيت فاشتراه، فمكث الغلام أياماً، ثم قال لزوجة مولاه إن سيدي لا يحبك، وهو يريد أن يتسرى عليك، فخذي الموس واحلقي من شعر قفاه عند نومه شعرات، حتى أسحره عليها فيحبك، ثم قال للزوج: إن امرأتك اتخذت خليلاً، وتريد أن تقتلك فتناوم لها حتى تعرف ذلك، فتناوم لها، فجاءت المرأة بالموس، فظن أنها تريد قتله، فقام إليها فقتلها، فجاء أهل المرأة فقتلوا الزوج، ووقع القتال بين القبيلتين (1).
- النميمة تقتل صاحبها:
قال صاحب بدائع السلك في طبائع الملك: (كان رجل يغشي بعض الملوك، فيقوم بحذاء الملك، ويقول: أحسن إلى المحسن بإحسانه، والمسيء ستكفيه مساوئه، فحسده رجل على ذلك المقام والكلام، فسعى به إلى الملك، فقال: إن هذا الذي يقوم بحذائك، ويقول ما يقول يزعم أن الملك أبخر، فقال له الملك: وكيف يصح ذلك عندي؟ قال: تدعو به إليك، فإذا دنا منك وضع يده على أنفه لئلا يشم ريح البخر، فقال له الملك: انصرف حتى أنظر، فخرج من عند الملك، فدعا الرجل إلى منزله، فأطعمه طعاماً فيه ثوم، فخرج الرجل من عنده، وقام بحذاء الملك، فقال: أحسن إلى المحسن بإحسانه، والمسيء ستكفيه مساوئه، فقال له الملك: ادن مني، فدنا منه، فوضع يده على فيه، مخافة أن يشتم الملك منه ريح الثوم، فقال الملك في نفسه: ما أرى فلاناً إلا وقد صدق، وكان الملك لا يكتب بخطه إلا جائزة أو صلة، فكتب له كتاباً بخطه إلى عامل من عماله: إذا أتاك حامل كتابي هذا، فاذبحه، واسلخه، واحش جلده تبنا، وابعث به إليّ، فأخذ الرجل الكتاب، وخرج، فلقيه الرجل الذي سعى به، فقال: ما هذا الكتاب؟ قال: خط الملك لي بصلة، فقال: هبه لي، فقال: هو لك، فأخذه، ومضى إلى العامل، فقال العامل: في كتابك: أن أذبحك، وأسلخك، قال: إن الكتاب ليس هو لي، الله الله في أمري حتى أرجع إلى الملك، فقال: ليس لكتاب الملك مراجعة، فذبحه، وسلخه، وحشا جلده تبناً، وبعث به، ثم عاد الرجل إلى الملك كعادته، وقال مثل قوله، فعجب الملك وقال: ما فعل الكتاب؟ قال: لقيني فلان، فاستوهبني إياه، فوهبته له، فقال الملك: إنه ذكر لي أنك تزعم أني أبخر، قال: ما فعلت، قال: فلم وضعت يدك على فيك؟ قال: كان أطعمني طعاماً فيه ثوم، فكرهت أن تشمه، قال: صدقت، ارجع إلى مكانك، فقد كفاك المسيء مساوئه) (2).
- خدمٌ في بريد الشيطان:
(سعى رجل بزياد الأعجم إلى سليمان بن عبد الملك، فجمع بينهما للموافقة، فأقبل زياد على الرجل وقال:
فأنت امرؤ إما ائتمنتك خالياً ... فخنت وإما قلت قولاً بلا علم
فأنت من الأمر الذي كان بيننا ... بمنزلة بين الخيانة والإثم
وقال رجل لعمرو بن عبيد إن الأسواري ما يزال يذكرك في قصصه بشر فقال له عمرو يا هذا ما رعيت حق مجالسة الرجل حيث نقلت إلينا حديثه ولا أديت حقي حين أعلمتني عن أخي ما أكره ولكن أعلمه أن الموت يعمنا والقبر يضمنا والقيامة تجمعنا والله تعالى يحكم بيننا وهو خير الحاكمين.
ورفع بعض السعاة إلى الصاحب بن عباد رقعة نبه فيها على مال يتيم يحمله على أخذه لكثرته فوقع على ظهرها السعاية قبيحة وإن كانت صحيحة فإن كنت أجريتها مجرى النصح فخسرانك فيها أفضل من الربح ومعاذ الله أن نقبل مهتوكاً في مستور ولولا أنك في خفارة شيبتك لقابلناك بما يقتضيه فعلك في مثلك فتوق يا ملعون العيب فإن الله أعلم بالغيب الميت رحمه الله واليتيم جبره الله والمال ثمره الله والساعي لعنه الله) (3).
بمثل هذا الأسلوب السامي نقف في وجوه هؤلاء الذين اعتادوا على نقل الكلام، ونشر ما يقال في المجالس، ونحد من نشاطهم، ونقطع الطريق عليهم.
- وصية:
(قال لقمان لابنه يا بني أوصيك بخلال إن تمسكت بهن لم تزل سيداً ابسط خلقك للقريب والبعيد وأمسك جهلك عن الكريم واللئيم واحفظ إخوانك وصل أقاربك وآمنهم من قبول قول ساع أو سماع باغ يريد فسادك ويروم خداعك وليكن إخوانك من إذا فارقتهم وفارقوك لم تعبهم ولم يعيبوك) (4).
- فائدة:
قال بعض العلماء: يُفسدُ النمام في ساعة ما لا يفسد الساحر في شهر، ولترغيب الشارع في الإصلاح بين الناس أباح الكذب فيه، ولزجره على الإفساد حرم الصدق فيه (5).
(1) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 158).
(2) ((بدائع السلك في طبائع الملك)) لأبي عبد الله محمد بن الأزرق الأندلسي (ص533 - 534).
(3) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 157).
(4) ((إحياء علوم الدين)) للغزالي (3/ 156 - 157).
(5) ((الإعلام بفوائد عمدة الأحكام)) لابن الملقن (1/ 545).،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،ذم النميمة في واحة الشعر ..
قال أحد الشعراء:
تنح عن النميمة واجتنبها ... فإن النمّ يحبط كل أجر
يثير أخو النميمة كل شر ... ويكشف للخلائق كل سر
ويقتل نفسه وسواه ظلماً ... وليس النم من أفعال حر
ولقد أحسن من قال:
عجبت لواش ظل يكشف أمرنا ... وما بسوى أخبارنا يتنفس
وماذا عليه من عنائي ولوعتي ... أنا آكل الرمان والولد تضرس
ورحم الله من قال:
وفي النّاس من يغري الورى بلسانه ... وبين البرايا للنّميمة يحمل
يرى أنّ في حمل النّميمة مكسبًا ... تراه بها بين الورى يتأكّل
وقال آخر:
ويحرم بهت واغتيابٌ نميمة ... وإفشاء سرٍ ثم لعن مقيدِ
ورحم الله الحسن البصري حين قال:
لا تفش سراً ما استطعت إلى امرئ ... يفشي إليك سرائراً يستودع
فكما تراه بسر غيرك صانعاً ... فكذا بسرك لا أباً لك يصنع
وقال آخر:
لا تقبلن نميمة بُلِّغتها ... وتحفَظَّن من الذي أنبأكها
إن الذي أهدى إليك نميمة ... سينم عنك بمثلها قد حاكها
ورحم الله من قال:
من نم في الناس لم تؤمن عقاربه ... على الصديق ولم تؤمن أفاعيه
كالسيل بالليل لا يدري به أحد ... من أين جاء ولا من أين يأتيه
الويل للعهد منه كيف ينقضه ... والويل للود منه كيف يفنيه
وقال آخر:
إذا الواشي نعى يوماً صديقاً ... فلا تدع الصديق لقول واشي
وقال وضاح اليمن:
فاعص الوشاة فإنما ... قول الوشاة هو الفتن
إن الوشاة إذا أتوك ... تنصحوا ونهوك عن
وقال آخر:
يسعى عليك كما يسعى إليك فلا ... تأمن غوائل ذي وجهين كياد
وقال صالح بن عبد القدوس رحمه الله تعالى:
من يخبرك بشتم عن أخ ... فهو الشاتم لا من شتمك
ذاك شيء لم يواجهك به ... إنما اللوم على من أعلمك
وقال آخر:
إن يعلموا الخير أخفوه وإن علموا ... شراً أذاعوا وإن لم يعلموا كذبوا
وقال آخر:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحاً ... مني وما سمعوا من صالح دفنوا
صم إذا سمعوا خيراً ذكرت به ... وإن ذكرت بسوء عندهم أذنوا ...