حث الإسلام على الخلق الحسن
(لما كانت ثمرات الخلق القويم للسلوك الديني وللسلوك الشخصي عظيمة جداً، وكانت لدى المقارنة أجل من الثمرات التي تحققها المبالغة في أداء كثير من العبادات المحضة.
ولما كانت سلامة النفس من المساوئ الخلقية أهم من سلامة السلوك الظاهر من طائفة من المعاصي والذنوب الظاهرة، وكان ما يتحقق بحسن الخلق من رضوان الله تعالى أكثر مما يتحقق بالاستكثار من نوافل العبادات المحضة، كالصلاة والصيام والأذكار اللسانية.
لما كان كل ذلك وجدنا النصوص الإسلامية توجه الاهتمام العظيم والعناية الكبرى لقيمة حسن الخلق في الإسلام، وتذكر الخلق الحسن بتمجيد كبير، فمنها النصوص التالية:
أولاً: روى الترمذي بإسناد صحيح عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم:
((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم)) (1).
وفي حديث عمرو بن عبسة أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإيمان أفضل؟ قال: ((حسن الخلق)) (2).
فربط الرسول صلى الله عليه وسلم الارتقاء في مراتب الكمال الإيماني بالارتقاء في درجات حسن الخلق، وذلك لأن السلوك الأخلاقي النابع من المنابع الأساسية للخلق النفسي في الإنسان، موصول هو والإيمان وظواهره وآثاره في السلوك ببواعث نفسية واحدة.
فصدق العبادة لله تعالى عمل (أخلاقي) كريم، لأنه وفاء بحق الله على عبيده.
وحسن المعاملة مع الناس وفاء بحقوق الناس المادية والأدبية، فهي بهذا الاعتبار من الأعمال الأخلاقية الكريمة.
فإذا تعمقنا أكثر من ذلك فكشفنا أن الإيمان إذعان للحق واعتراف به، رأينا أن الإيمان أيضا هو عمل أخلاقي كريم، بخلاف الكفر بالحق فهو دناءة خلقية.
فإذا ضممنا هذه المفاهيم إلى المفهوم الإسلامي العام، الذي يوضح لنا أن كل أنواع السلوك الإنساني الفاضل فروع من فروع الإسلام، والإسلام التطبيقي آثار للإيمان وثمرات عملية له.
إذا جمعنا كل هذه المفاهيم وجدنا أن أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
فأحسن الناس خلقا لابد أن يكون أصدقهم إيماناً وأخلصهم نية، وأكثرهم التزاماً بما يجب على العباد نحو ربهم من عبادة وحسن توجه له وصلة به، وأكثرهم التزاماً بحقوق الناس المادية والأدبية.
ومن المستبعد جداً أن يكون الإنسان ذا خلق كريم مع الناس، محباً للحق، معطاء، متواضعاً، صبوراً عليهم، رحيماً بهم، ودوداً لهم، متسامح النفس معهم، ثم لا يكون ذا خلق كريم مع ربه، فلا يؤمن بحق ربوبيته وألوهيته، ولا يذعن له بذلك، ولا يؤدي واجب العبادة له.
كما أنه ليس من المعقول أن يكون ذا خلق كريم مع الناس، وهو يأكل حقوقهم ويعتدي عليهم، ويتجاوز حدود الواجب الأدبي الذي توصي به الآداب الاجتماعية الإسلامية، فهذا مناف لما توجبه فضائل الأخلاق، لو كان حقاً ذا خلق كريم.
ولما كانت سلامة النفس من المساوئ الخلقية أهم من سلامة السلوك الظاهر من طائفة من المعاصي والذنوب الظاهرة، وكان ما يتحقق بحسن الخلق من رضوان الله تعالى أكثر مما يتحقق بالاستكثار من نوافل العبادات المحضة، كالصلاة والصيام والأذكار اللسانية.
لما كان كل ذلك وجدنا النصوص الإسلامية توجه الاهتمام العظيم والعناية الكبرى لقيمة حسن الخلق في الإسلام، وتذكر الخلق الحسن بتمجيد كبير، فمنها النصوص التالية:
أولاً: روى الترمذي بإسناد صحيح عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم:
((أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم)) (1).
وفي حديث عمرو بن عبسة أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإيمان أفضل؟ قال: ((حسن الخلق)) (2).
فربط الرسول صلى الله عليه وسلم الارتقاء في مراتب الكمال الإيماني بالارتقاء في درجات حسن الخلق، وذلك لأن السلوك الأخلاقي النابع من المنابع الأساسية للخلق النفسي في الإنسان، موصول هو والإيمان وظواهره وآثاره في السلوك ببواعث نفسية واحدة.
فصدق العبادة لله تعالى عمل (أخلاقي) كريم، لأنه وفاء بحق الله على عبيده.
وحسن المعاملة مع الناس وفاء بحقوق الناس المادية والأدبية، فهي بهذا الاعتبار من الأعمال الأخلاقية الكريمة.
فإذا تعمقنا أكثر من ذلك فكشفنا أن الإيمان إذعان للحق واعتراف به، رأينا أن الإيمان أيضا هو عمل أخلاقي كريم، بخلاف الكفر بالحق فهو دناءة خلقية.
فإذا ضممنا هذه المفاهيم إلى المفهوم الإسلامي العام، الذي يوضح لنا أن كل أنواع السلوك الإنساني الفاضل فروع من فروع الإسلام، والإسلام التطبيقي آثار للإيمان وثمرات عملية له.
إذا جمعنا كل هذه المفاهيم وجدنا أن أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم.
فأحسن الناس خلقا لابد أن يكون أصدقهم إيماناً وأخلصهم نية، وأكثرهم التزاماً بما يجب على العباد نحو ربهم من عبادة وحسن توجه له وصلة به، وأكثرهم التزاماً بحقوق الناس المادية والأدبية.
ومن المستبعد جداً أن يكون الإنسان ذا خلق كريم مع الناس، محباً للحق، معطاء، متواضعاً، صبوراً عليهم، رحيماً بهم، ودوداً لهم، متسامح النفس معهم، ثم لا يكون ذا خلق كريم مع ربه، فلا يؤمن بحق ربوبيته وألوهيته، ولا يذعن له بذلك، ولا يؤدي واجب العبادة له.
كما أنه ليس من المعقول أن يكون ذا خلق كريم مع الناس، وهو يأكل حقوقهم ويعتدي عليهم، ويتجاوز حدود الواجب الأدبي الذي توصي به الآداب الاجتماعية الإسلامية، فهذا مناف لما توجبه فضائل الأخلاق، لو كان حقاً ذا خلق كريم.
(1) رواه الترمذي (1162)، وأحمد (2/ 250) (7396). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الحاكم (1/ 43)، قال الهيثمي في ((المجمع)) (4/ 306): رواه أحمد، وفيه محمد بن عمرو، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(2) رواه أحمد (4/ 385) (19454)، والخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (ص30). قال الهيثمي في ((المجمع)) (1/ 57): في إسناده شهر بن حوشب، وقد وثق على ضعف فيهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفالأسس الأخلاقية والأسس الإيمانية ذات أصول نفسية واحدة، وإن كانت بعض التطبيقات العملية التي يطالب بها الإسلام المستند إلى الإيمان قد لا تستدعيها الأسس الأخلاقية وحدها منفصلة عن الإيمان، فلا يظهر بذلك ارتباطها بها، فهي أحكام شرعية، يقتضي الإيمان العمل بها، نظراً إلى أنها أوامر ربانية، والأوامر الربانية توجب الأسس الأخلاقية طاعتها، بوصف كونها طاعة لمن تجب طاعته، لا بوصف كون المطلوب بها ظاهرة لأساس خلقي. فحينما يأمرنا الله تعالى بعبادة خاصة على وجه مخصوص كصلاة ركعات معينة محددة بصفات خاصة وشروط خاصة، فليس من اللازم أن تكون هذه الصلاة بصفاتها الخاصة ظاهرة من ظواهر السلوك الأخلاقي، وذات صلة مباشرة بالأسس الأخلاقية العامة، إذ لله تعالى أن يختار لعبادته أي عمل من الأعمال، وعلى أي شكل من الأشكال، سواء أكان ذلك مما يتصل بالأسس الأخلاقية العامة أو لا يتصل بها. ومع ذلك نقول: إن الفضيلة الخلقية توجب القيام بهذه الطاعة من جهة أن الله أمر بها، إذ الفضيلة الخلقية توجب طاعة الله لأنه الخالق المنعم المالك.
ونظير هذا نقول في طاعة الوالدين وبرهما، وفي طاعة أولي الأمر من المسلمين المؤمنين، وهكذا.
أما قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث: ((وخياركم خياركم لنسائهم)) (1). فيكشف الرسول صلى الله عليه وسلم فيه أدق الموازين والكواشف التي تكشف عن حقيقة خلق الإنسان، فأحسن الناس خلقاً في معاملة ومعاشرة النساء هم أحسنهم خلقاً، فهم بسبب ذلك خيارهم، لأن خير الناس هم أحسنهم خلقاً.
ومن المعروف أن الإنسان قادر على أن يتصنع التظاهر بمكارم الأخلاق وفضائل السلوك إلى فترة معينة، ومع بعض الناس، أما أن يتصنع ذلك في كل الأوقات ومع كل الناس فذلك من غير الممكن ما لم يكن فعلا ذا خلق كريم.
والمحك الذي يمتحن فيه الإنسان امتحاناً صحيحاً ودقيقاً لمعرفة حقيقة خلقه الثابت، هو المجتمع الذي يكون له عليه سلطة ما، وله معه معاشرة دائمة، ومعاملة مادية وأدبية.
فإرادة التصنع تضعف حينما يشعر الإنسان بأن له سلطة ونفوذاً، ثم تشتد ضعفاً حينما تطول معاشرته لمن له عليه سلطة، ثم تتلاشى هذه الإرادة حينما تتدخل المعاملة المادية والأدبية، فإذا ظل الإنسان محافظاً على كماله الخلقي في مجتمع له عليه سلطة، وله معه معاشرة دائمة، ومعاملة مادية وأدبية، فذلك هو من خيار الناس أخلاقاً.
وأبرز أمثلة هذا المجتمع الذي تتوافر فيه هذه الشروط هو مجتمع أسرة الإنسان، وماله من سلطان فيه على نسائه، وهن الضعيفات بالنسبة إليه. يضاف إلى ذلك أن النساء قد تبدو منهن تصرفات أو مطالب تخرج الحليم عن حلمه، والرصين عن رصانته، والسمح عن سماحته، والصدوق عن التزام الصدق، فإذا ثبت الإنسان على خلقه الفاضل رغم وطأة محرجاتهن التي يتبعن فيها أهواءهن، فإنه من خيار الناس خلقاً.
وكم يظهر الإنسان أنه حسن الخلق، فإذا سافرت معه أو عاملته بالدرهم والدينار انكشف عن صاحب خلق سيء.
ثانياً: وروى الترمذي بإسناد صحيح عن أبي الدرداء، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء)) (2).
(2) رواه أحمد (4/ 385) (19454)، والخرائطي في ((مكارم الأخلاق)) (ص30). قال الهيثمي في ((المجمع)) (1/ 57): في إسناده شهر بن حوشب، وقد وثق على ضعف فيهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــفالأسس الأخلاقية والأسس الإيمانية ذات أصول نفسية واحدة، وإن كانت بعض التطبيقات العملية التي يطالب بها الإسلام المستند إلى الإيمان قد لا تستدعيها الأسس الأخلاقية وحدها منفصلة عن الإيمان، فلا يظهر بذلك ارتباطها بها، فهي أحكام شرعية، يقتضي الإيمان العمل بها، نظراً إلى أنها أوامر ربانية، والأوامر الربانية توجب الأسس الأخلاقية طاعتها، بوصف كونها طاعة لمن تجب طاعته، لا بوصف كون المطلوب بها ظاهرة لأساس خلقي. فحينما يأمرنا الله تعالى بعبادة خاصة على وجه مخصوص كصلاة ركعات معينة محددة بصفات خاصة وشروط خاصة، فليس من اللازم أن تكون هذه الصلاة بصفاتها الخاصة ظاهرة من ظواهر السلوك الأخلاقي، وذات صلة مباشرة بالأسس الأخلاقية العامة، إذ لله تعالى أن يختار لعبادته أي عمل من الأعمال، وعلى أي شكل من الأشكال، سواء أكان ذلك مما يتصل بالأسس الأخلاقية العامة أو لا يتصل بها. ومع ذلك نقول: إن الفضيلة الخلقية توجب القيام بهذه الطاعة من جهة أن الله أمر بها، إذ الفضيلة الخلقية توجب طاعة الله لأنه الخالق المنعم المالك.
ونظير هذا نقول في طاعة الوالدين وبرهما، وفي طاعة أولي الأمر من المسلمين المؤمنين، وهكذا.
أما قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث: ((وخياركم خياركم لنسائهم)) (1). فيكشف الرسول صلى الله عليه وسلم فيه أدق الموازين والكواشف التي تكشف عن حقيقة خلق الإنسان، فأحسن الناس خلقاً في معاملة ومعاشرة النساء هم أحسنهم خلقاً، فهم بسبب ذلك خيارهم، لأن خير الناس هم أحسنهم خلقاً.
ومن المعروف أن الإنسان قادر على أن يتصنع التظاهر بمكارم الأخلاق وفضائل السلوك إلى فترة معينة، ومع بعض الناس، أما أن يتصنع ذلك في كل الأوقات ومع كل الناس فذلك من غير الممكن ما لم يكن فعلا ذا خلق كريم.
والمحك الذي يمتحن فيه الإنسان امتحاناً صحيحاً ودقيقاً لمعرفة حقيقة خلقه الثابت، هو المجتمع الذي يكون له عليه سلطة ما، وله معه معاشرة دائمة، ومعاملة مادية وأدبية.
فإرادة التصنع تضعف حينما يشعر الإنسان بأن له سلطة ونفوذاً، ثم تشتد ضعفاً حينما تطول معاشرته لمن له عليه سلطة، ثم تتلاشى هذه الإرادة حينما تتدخل المعاملة المادية والأدبية، فإذا ظل الإنسان محافظاً على كماله الخلقي في مجتمع له عليه سلطة، وله معه معاشرة دائمة، ومعاملة مادية وأدبية، فذلك هو من خيار الناس أخلاقاً.
وأبرز أمثلة هذا المجتمع الذي تتوافر فيه هذه الشروط هو مجتمع أسرة الإنسان، وماله من سلطان فيه على نسائه، وهن الضعيفات بالنسبة إليه. يضاف إلى ذلك أن النساء قد تبدو منهن تصرفات أو مطالب تخرج الحليم عن حلمه، والرصين عن رصانته، والسمح عن سماحته، والصدوق عن التزام الصدق، فإذا ثبت الإنسان على خلقه الفاضل رغم وطأة محرجاتهن التي يتبعن فيها أهواءهن، فإنه من خيار الناس خلقاً.
وكم يظهر الإنسان أنه حسن الخلق، فإذا سافرت معه أو عاملته بالدرهم والدينار انكشف عن صاحب خلق سيء.
ثانياً: وروى الترمذي بإسناد صحيح عن أبي الدرداء، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن الله يبغض الفاحش البذيء)) (2).
(1) رواه الترمذي (1162)، وأحمد (2/ 250) (7396). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الحاكم (1/ 43)، قال الهيثمي في ((المجمع)) (4/ 306): رواه أحمد، وفيه محمد بن عمرو، وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح.
(2) رواه الترمذي (2002)، وابن حبان (12/ 506). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5628).ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــأي يبغض الذي يفعل الفحش ويقول الفحش، ويتكلم ببذيء الكلام، وهو رديئه وقبيحه، الذي يتحدث عن العورات والرذائل وما ينبغي من الأشياء والأعمال ستره.
وفي هذا الحديث يقرر الرسول صلى الله عليه وسلم أن أثقل الفضائل في ميزان المؤمن يوم القيامة الخلق الحسن.
وقد يشكل هذا على بعض الناس فيقول: إن الإيمان بالله وحسن الصلة به أفضل الأعمال، وكذلك توحيد الله والإخلاص له في العبادة، وإذا كانت هذه أفضل الأعمال فهي أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة؛ فكيف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق))؟!
ولكن هذا الإشكال لا يلبث أن ينحل إذا عرفنا أن الإيمان وعبادة الله مما توجبه الأسس الأخلاقية، ومن أولى الواجبات التي تفرضها مكارم الأخلاق.
وأن الكفر بالله ورفض عبادته وطاعته من أقبح رذائل الأخلاق – كما سبق بيانه في شرح الحديث السابق – لأنه إنكار للحق من عدة وجوه: فهو إنكار لربوبية الله – مع أن كون الله رب كل شيء وخالق كل شيء؛ حقيقة تفرض نفسها على كل منصف محب للحق – وهو جحود لألوهية الله واستكبار عن عبادته، وهو تمرد على حق الله تجاه عباده في أن يعبدوه ويطيعوه، مع أن المنعم عليهم بالنعم الكثيرة التي لا يحصونها، وظاهر أن جحود النعمة وعدم القيام بواجب الشكر عليها من أقبح رذائل الأخلاق.
فالإيمان الذي هو أثقل الفضائل عند الله تعالى هو مظهر من مظاهر الكمال الخلقي في الإنسان، وإذا تتبعنا الأعمال وجدنا العبادات أيضاً من مظاهر الكمال الخلقي في الإنسان.
وعندئذ يتضح لنا بجلاء أن أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة حسن خلقه، لأن صدق إيمانه وسلامة يقينه وإخلاص نيته، كل ذلك من ثمرات فضائله الخلقية.
ولما كان الفحش والبذاءة من مظاهر الرذائل الخلقية النفسية كان الفاحش البذيء من الذين يبغضهم الله عز وجل.
ثالثاً: وروى الترمذي بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: ((تقوى الله وحسن الخلق. وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج)) (1).
فتقوى الله وحسن الخلق من أحب الأعمال إلى الله، فهما أكثر ما يدخل الناس الجنة.
وفي كون الفم والفرج أكثر ما يدخل الناس النار إشارة إلى عناصر متصلة بسوء الخلق، إذ جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم في مقابل التقوى وحسن الخلق.
والمراد من الفم والفرج ما يعمل الإنسان بهما من أعمال محرمة، فالفم يصدر عنه الكفر بالله، والكذب، وشهادة الزور، والغيبة، والنميمة، والطعن، والتعبير والتنقيص، واللمز، والتنابز بالألقاب، والدعوة إلى الباطل، ونشر الباطل، والحكم بغير الحق، وغير ذلك من أمور كثيرة، تنافي التقوى وتنافي مكارم الأخلاق. والفرج يصدر عنه أعمال محرمة أخرى تنافي التقوى وتنافي مكارم الأخلاق.
رابعاً: وروى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ((لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً)) (2).
(2) رواه الترمذي (2002)، وابن حبان (12/ 506). قال الترمذي: حسن صحيح. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (5628).ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــأي يبغض الذي يفعل الفحش ويقول الفحش، ويتكلم ببذيء الكلام، وهو رديئه وقبيحه، الذي يتحدث عن العورات والرذائل وما ينبغي من الأشياء والأعمال ستره.
وفي هذا الحديث يقرر الرسول صلى الله عليه وسلم أن أثقل الفضائل في ميزان المؤمن يوم القيامة الخلق الحسن.
وقد يشكل هذا على بعض الناس فيقول: إن الإيمان بالله وحسن الصلة به أفضل الأعمال، وكذلك توحيد الله والإخلاص له في العبادة، وإذا كانت هذه أفضل الأعمال فهي أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة؛ فكيف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق))؟!
ولكن هذا الإشكال لا يلبث أن ينحل إذا عرفنا أن الإيمان وعبادة الله مما توجبه الأسس الأخلاقية، ومن أولى الواجبات التي تفرضها مكارم الأخلاق.
وأن الكفر بالله ورفض عبادته وطاعته من أقبح رذائل الأخلاق – كما سبق بيانه في شرح الحديث السابق – لأنه إنكار للحق من عدة وجوه: فهو إنكار لربوبية الله – مع أن كون الله رب كل شيء وخالق كل شيء؛ حقيقة تفرض نفسها على كل منصف محب للحق – وهو جحود لألوهية الله واستكبار عن عبادته، وهو تمرد على حق الله تجاه عباده في أن يعبدوه ويطيعوه، مع أن المنعم عليهم بالنعم الكثيرة التي لا يحصونها، وظاهر أن جحود النعمة وعدم القيام بواجب الشكر عليها من أقبح رذائل الأخلاق.
فالإيمان الذي هو أثقل الفضائل عند الله تعالى هو مظهر من مظاهر الكمال الخلقي في الإنسان، وإذا تتبعنا الأعمال وجدنا العبادات أيضاً من مظاهر الكمال الخلقي في الإنسان.
وعندئذ يتضح لنا بجلاء أن أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة حسن خلقه، لأن صدق إيمانه وسلامة يقينه وإخلاص نيته، كل ذلك من ثمرات فضائله الخلقية.
ولما كان الفحش والبذاءة من مظاهر الرذائل الخلقية النفسية كان الفاحش البذيء من الذين يبغضهم الله عز وجل.
ثالثاً: وروى الترمذي بإسناد صحيح عن أبي هريرة قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: ((تقوى الله وحسن الخلق. وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: الفم والفرج)) (1).
فتقوى الله وحسن الخلق من أحب الأعمال إلى الله، فهما أكثر ما يدخل الناس الجنة.
وفي كون الفم والفرج أكثر ما يدخل الناس النار إشارة إلى عناصر متصلة بسوء الخلق، إذ جعلها الرسول صلى الله عليه وسلم في مقابل التقوى وحسن الخلق.
والمراد من الفم والفرج ما يعمل الإنسان بهما من أعمال محرمة، فالفم يصدر عنه الكفر بالله، والكذب، وشهادة الزور، والغيبة، والنميمة، والطعن، والتعبير والتنقيص، واللمز، والتنابز بالألقاب، والدعوة إلى الباطل، ونشر الباطل، والحكم بغير الحق، وغير ذلك من أمور كثيرة، تنافي التقوى وتنافي مكارم الأخلاق. والفرج يصدر عنه أعمال محرمة أخرى تنافي التقوى وتنافي مكارم الأخلاق.
رابعاً: وروى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ((لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقاً)) (2).
(1) رواه الترمذي (2004)، وأحمد (2/ 442) (9694)، وابن حبان (2/ 224). قال الترمذي: صحيح غريب. وحسنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2642).
(2) رواه البخاري (3559)، ومسلم (2321).ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوروى الترمذي بإسناد حسن عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أحبكم إلى وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون. قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون)) (1).
الثرثارون: هم الذين يكثرون الكلام ويتكلفونه.
المتشدقون: هم الذين يتكلمون بملء أفواههم، ويتصنعون القول تصنعاً مع التعاظم به والتعالي به على الناس.
خامساً: وروى أبو داود عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)) (2).
ويظهر أن السبب في هذا أن من يلزم التقيد بالأخلاق الحسنة ابتغاء مرضاة الله، لابد أن يتعرض في حياته الاجتماعية إلى ما يستدعي منه أخلاقاً حسنة في معظم أوقاته، وهذا يجعله في حالة عبادة دائمة، يغالب فيها نفسه بالصبر وتحمل مشقة مخالفة الهوى، لذلك فهو يدرك بحسن خلقه درجة الصائم الذي لا يفطر، ودرجة القائم الذي لا يفتر.
يضاف إلى هذا أن حسن الخلق عبادة ذات آثار اجتماعية تنفع خلق الله، وتوحد كلمتهم، وتبعد عنهم عوامل الفرقة والخلاف، أما الصيام والقيام فهما عبادتان قد لا تنتج عنهما بشكل مباشر آثار اجتماعية تنفع عباد الله، وقد يكون أمرهما قاصراً على فاعلهما، وصلة خاصة يتوجه بها الإنسان إلى ربه، ولا يخفى أن عبادة الله ذات أثرين أعلى من عبادة ذات أثر واحد.
على أن حسن الخلق لا يغني عن فروض العبادات، وكذلك كل الفروض الإسلامية لا يغني بعضها عن بعض، فالصلاة المفروضة لا تغني عن الصيام المفروض، وأداء الصلاة والصيام المفروضين لا يغني عن أداء الزكاة، ولا عن أداء فريضة الحج، وكل هذه الفروض لا تغني عن فريضة الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
سادساً: وروى أبو داود بإسناد صحيح عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)) (3).
زعيم: أي كفيل. ربض الجنة: ربض المكان نواحيه وما حوله من خارجه، كحريم المسجد، وكالأبنية التي تكون حول المدن، وهي الأمكنة التي تربض فيها الأنعام.
فمن ترك المراء – أي الجدل في أمور الدنيا ولحظ النفس – بني الله له بيتاً في ربض الجنة، أي استحق دخول الجنة لهذا العمل الذي يخالف فيه هوى نفسه.
ومن ترك الكذب في كل الأحوال ومنها حالات المزاح بنى الله له بيتاً في وسط الجنة، لأن من يحفظ لسانه من كل الكذب ابتغاء مرضاة الله هو ذو مرتبة عالية في الأخلاق الحميدة وفي تقوى الله وأعمال البر، إذ ترك الكذب والتزام الصدق مجمع لجملة كبيرة من الفضائل الخلقية، والمصالح الاجتماعية العلمية والعملية.
أما جماع الفضائل كلها فهو حسن الخلق بوجه عام.
(2) رواه البخاري (3559)، ومسلم (2321).ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوروى الترمذي بإسناد حسن عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أحبكم إلى وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون. قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون)) (1).
الثرثارون: هم الذين يكثرون الكلام ويتكلفونه.
المتشدقون: هم الذين يتكلمون بملء أفواههم، ويتصنعون القول تصنعاً مع التعاظم به والتعالي به على الناس.
خامساً: وروى أبو داود عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم)) (2).
ويظهر أن السبب في هذا أن من يلزم التقيد بالأخلاق الحسنة ابتغاء مرضاة الله، لابد أن يتعرض في حياته الاجتماعية إلى ما يستدعي منه أخلاقاً حسنة في معظم أوقاته، وهذا يجعله في حالة عبادة دائمة، يغالب فيها نفسه بالصبر وتحمل مشقة مخالفة الهوى، لذلك فهو يدرك بحسن خلقه درجة الصائم الذي لا يفطر، ودرجة القائم الذي لا يفتر.
يضاف إلى هذا أن حسن الخلق عبادة ذات آثار اجتماعية تنفع خلق الله، وتوحد كلمتهم، وتبعد عنهم عوامل الفرقة والخلاف، أما الصيام والقيام فهما عبادتان قد لا تنتج عنهما بشكل مباشر آثار اجتماعية تنفع عباد الله، وقد يكون أمرهما قاصراً على فاعلهما، وصلة خاصة يتوجه بها الإنسان إلى ربه، ولا يخفى أن عبادة الله ذات أثرين أعلى من عبادة ذات أثر واحد.
على أن حسن الخلق لا يغني عن فروض العبادات، وكذلك كل الفروض الإسلامية لا يغني بعضها عن بعض، فالصلاة المفروضة لا تغني عن الصيام المفروض، وأداء الصلاة والصيام المفروضين لا يغني عن أداء الزكاة، ولا عن أداء فريضة الحج، وكل هذه الفروض لا تغني عن فريضة الجهاد في سبيل الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
سادساً: وروى أبو داود بإسناد صحيح عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)) (3).
زعيم: أي كفيل. ربض الجنة: ربض المكان نواحيه وما حوله من خارجه، كحريم المسجد، وكالأبنية التي تكون حول المدن، وهي الأمكنة التي تربض فيها الأنعام.
فمن ترك المراء – أي الجدل في أمور الدنيا ولحظ النفس – بني الله له بيتاً في ربض الجنة، أي استحق دخول الجنة لهذا العمل الذي يخالف فيه هوى نفسه.
ومن ترك الكذب في كل الأحوال ومنها حالات المزاح بنى الله له بيتاً في وسط الجنة، لأن من يحفظ لسانه من كل الكذب ابتغاء مرضاة الله هو ذو مرتبة عالية في الأخلاق الحميدة وفي تقوى الله وأعمال البر، إذ ترك الكذب والتزام الصدق مجمع لجملة كبيرة من الفضائل الخلقية، والمصالح الاجتماعية العلمية والعملية.
أما جماع الفضائل كلها فهو حسن الخلق بوجه عام.
(1) رواه الترمذي (2018)، وقال: حسن غريب من هذا الوجه. وحسن إسناده الألباني في ((السلسلة الصحيحة)) (791).
(2) رواه أبو داود (4798)، وأحمد (6/ 187) (25587)، والحاكم (1/ 128). وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1620).
(3) رواه أبو داود (4800)، والطبراني في ((الكبير)) (8/ 98)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (10/ 420) (21176). وصححه النووي في ((رياض الصالحين)) (ص216)، وحسنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2648).ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــسابعاً: وروى مسلم عن النواس بن سمعان قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: ((البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس)) (1).
البر: هو جماع أفعال الخير، وقد عرفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه حسن الخلق، فهذا يدل على أن حسن الخلق يشتمل على جماع أفعال الخير، والاتساع فيما يقرب إلى الله تعالى ويرضيه سبحانه.
أما كون الإثم ما حاك في نفس الإنسان وكره أن يطلع عليه الناس، ففيه إشارة إلى الضمير الأخلاقي الذي فطر الله الناس عليه، وهذا الضمير يحس بالفضيلة الخلقية كما يحس الإثم، وحينما يحس بالإثم يلامس نفسه شعور خاص به، وحينما يحدث هذا الشعور في النفس يقدر الإنسان أن ما أحس به من شأنه أن يحس به كل إنسان آخر إذا اطلع عليه، لأن الناس يشتركون معه في القدرة على الإحسان بالإثم، لذلك فهو يكره أن يطلع عليه الناس، لئلا يخسر مكانته في نفوسهم حينما يعلمون أنه امرؤ آثم.
وهذا المقياس النبوي مقياس صحيح دقيق عند ذوي القلوب المؤمنة، التي لم تفسد موازينها الفطرية بارتكاب القبائح والآثام.
ثامناً: وروى البخاري ومسلم عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)) (2).
الألد: هو شديد الخصومة. الخصم: هو كثير الخصومة، المولع بها حتى تصير الخصومة عادة له.
وظاهر أن الخصم الألد سيء الخلق من درجة شديدة القبح، وقد أبان الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أبغض الرجال إلى الله.
تاسعا: وروى الترمذي بإسناد حسن عن أبي ذر وعن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)) (3).
ففي هذا الحديث إرشاد إلى قواعد السلوك الكبرى، التي من التزمها فقد أخذ سبيله لارتقاء مراتب المجد والكمال الإنساني.
وهذه القواعد ترشد إلى المنهج الخلقي العام، الشامل لجانبي علاقة الإنسان بربه وعلاقة الإنسان بالناس.
أما ما يدعو إليه الواجب الأخلاقي بالنسبة إلى علاقة الإنسان بربه، فهو تقوى الله في أي مكان ظاهر أو خفي يكون فيه الإنسان، وذلك لأن الواجب الأخلاقي يفرض على الإنسان طاعة من خلقه فسواه فعدله، فأنعم عليه بالنعم التي لا يستطيع إحصاءها، ويفرض عليه أيضاً حمده وشكره وعبادته، وكل هذه الواجبات يجمعها تقوى الله في السر والعلن، وهذا ما دلت عليه القاعدة الأولى: ((اتق الله حيثما كنت)). وحينما يتقي الإنسان ربه في كل أحواله الظاهرة والباطنة فلابد أن يكون مخلصاً لله في تقواه، وفي هذا تكمن الروح الأخلاقية السامية البعيدة عن النفاق والرياء والسمعة وطلب الثناء من الناس، أو اجتلاب المصالح النفسية أو المادية منهم.
هذه هي القاعدة الأولى:
وأما القاعدة الثانية وهي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها)) ففيها إرشاد إلى منهج الإصلاح والتقويم، وتدارك النهوض بالنفس بعد سقوطها بارتكاب السيئة، وهذا المنهج ترسمه هذه القاعدة أضبط رسم. فمن سقط بارتكابه السيئة في حالة من حالات الضعف الإنساني فعليه أن يتبع هذه السيئة حسنة مستمدة من منابع الضمير الأخلاقي، فإن للحسنات قوة سبق عجيبة بفضل الله، إذ تمر على السيئات التي كانت قد انطلقت قبلها فتردها وتمحو أثرها عند الله، وتعود نفس المؤمن بالله إلى براءتها ونقائها الخلقي، بعد أن أصابها ما أصابها من أدناس السيئات.
وهذه القاعدة مستمدة من قول الله تعالى في سورة (هود):
(2) رواه أبو داود (4798)، وأحمد (6/ 187) (25587)، والحاكم (1/ 128). وقال: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وصححه الألباني في ((صحيح الجامع)) (1620).
(3) رواه أبو داود (4800)، والطبراني في ((الكبير)) (8/ 98)، والبيهقي في ((السنن الكبرى)) (10/ 420) (21176). وصححه النووي في ((رياض الصالحين)) (ص216)، وحسنه الألباني في ((صحيح الترغيب)) (2648).ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــسابعاً: وروى مسلم عن النواس بن سمعان قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: ((البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس)) (1).
البر: هو جماع أفعال الخير، وقد عرفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه حسن الخلق، فهذا يدل على أن حسن الخلق يشتمل على جماع أفعال الخير، والاتساع فيما يقرب إلى الله تعالى ويرضيه سبحانه.
أما كون الإثم ما حاك في نفس الإنسان وكره أن يطلع عليه الناس، ففيه إشارة إلى الضمير الأخلاقي الذي فطر الله الناس عليه، وهذا الضمير يحس بالفضيلة الخلقية كما يحس الإثم، وحينما يحس بالإثم يلامس نفسه شعور خاص به، وحينما يحدث هذا الشعور في النفس يقدر الإنسان أن ما أحس به من شأنه أن يحس به كل إنسان آخر إذا اطلع عليه، لأن الناس يشتركون معه في القدرة على الإحسان بالإثم، لذلك فهو يكره أن يطلع عليه الناس، لئلا يخسر مكانته في نفوسهم حينما يعلمون أنه امرؤ آثم.
وهذا المقياس النبوي مقياس صحيح دقيق عند ذوي القلوب المؤمنة، التي لم تفسد موازينها الفطرية بارتكاب القبائح والآثام.
ثامناً: وروى البخاري ومسلم عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم)) (2).
الألد: هو شديد الخصومة. الخصم: هو كثير الخصومة، المولع بها حتى تصير الخصومة عادة له.
وظاهر أن الخصم الألد سيء الخلق من درجة شديدة القبح، وقد أبان الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أبغض الرجال إلى الله.
تاسعا: وروى الترمذي بإسناد حسن عن أبي ذر وعن معاذ بن جبل، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن)) (3).
ففي هذا الحديث إرشاد إلى قواعد السلوك الكبرى، التي من التزمها فقد أخذ سبيله لارتقاء مراتب المجد والكمال الإنساني.
وهذه القواعد ترشد إلى المنهج الخلقي العام، الشامل لجانبي علاقة الإنسان بربه وعلاقة الإنسان بالناس.
أما ما يدعو إليه الواجب الأخلاقي بالنسبة إلى علاقة الإنسان بربه، فهو تقوى الله في أي مكان ظاهر أو خفي يكون فيه الإنسان، وذلك لأن الواجب الأخلاقي يفرض على الإنسان طاعة من خلقه فسواه فعدله، فأنعم عليه بالنعم التي لا يستطيع إحصاءها، ويفرض عليه أيضاً حمده وشكره وعبادته، وكل هذه الواجبات يجمعها تقوى الله في السر والعلن، وهذا ما دلت عليه القاعدة الأولى: ((اتق الله حيثما كنت)). وحينما يتقي الإنسان ربه في كل أحواله الظاهرة والباطنة فلابد أن يكون مخلصاً لله في تقواه، وفي هذا تكمن الروح الأخلاقية السامية البعيدة عن النفاق والرياء والسمعة وطلب الثناء من الناس، أو اجتلاب المصالح النفسية أو المادية منهم.
هذه هي القاعدة الأولى:
وأما القاعدة الثانية وهي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((وأتبع السيئة الحسنة تمحها)) ففيها إرشاد إلى منهج الإصلاح والتقويم، وتدارك النهوض بالنفس بعد سقوطها بارتكاب السيئة، وهذا المنهج ترسمه هذه القاعدة أضبط رسم. فمن سقط بارتكابه السيئة في حالة من حالات الضعف الإنساني فعليه أن يتبع هذه السيئة حسنة مستمدة من منابع الضمير الأخلاقي، فإن للحسنات قوة سبق عجيبة بفضل الله، إذ تمر على السيئات التي كانت قد انطلقت قبلها فتردها وتمحو أثرها عند الله، وتعود نفس المؤمن بالله إلى براءتها ونقائها الخلقي، بعد أن أصابها ما أصابها من أدناس السيئات.
وهذه القاعدة مستمدة من قول الله تعالى في سورة (هود):
(1) رواه مسلم (2553).
(2) رواه البخاري (2457)، ومسلم (2668).
(3) رواه الترمذي (1987)، وأحمد (5/ 153) (21392). قال الترمذي: حسن صحيح. وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (97).ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود: 114].
وأما القاعدة الثالثة وهي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((وخالق الناس بخلق حسن)): فهي تحدد المنهج العام الذي يجب على الإنسان أن يسلكه في علاقاته بالناس، وعنوان هذا المنهج أن يخالق الناس بخلق حسن، أي أن يعاملهم في كل علاقاته معهم بالخلق الحسن.
عاشراً: ولما كان حسن الخلق يحتل هذه القيمة العظيمة في الإسلام؛ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً.
روى البخاري ومسلم عن أنس قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً)) (1).
وأختار الله للثناء على رسوله من دون سائر صفاته العظيمة ما يتحلى به من خلق حسن عظيم، إذ خاطبه بقوله له: وإنك لعلى خلق عظيم.
وصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((بعثت لأتمم حسن الخلق)) (2). رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة، ورواه الإمام مالك في الموطأ.
وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق وكمال محاسن الأفعال)) (3)) (4).
(2) رواه البخاري (2457)، ومسلم (2668).
(3) رواه الترمذي (1987)، وأحمد (5/ 153) (21392). قال الترمذي: حسن صحيح. وحسنه الألباني في ((صحيح الجامع)) (97).ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود: 114].
وأما القاعدة الثالثة وهي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((وخالق الناس بخلق حسن)): فهي تحدد المنهج العام الذي يجب على الإنسان أن يسلكه في علاقاته بالناس، وعنوان هذا المنهج أن يخالق الناس بخلق حسن، أي أن يعاملهم في كل علاقاته معهم بالخلق الحسن.
عاشراً: ولما كان حسن الخلق يحتل هذه القيمة العظيمة في الإسلام؛ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً.
روى البخاري ومسلم عن أنس قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً)) (1).
وأختار الله للثناء على رسوله من دون سائر صفاته العظيمة ما يتحلى به من خلق حسن عظيم، إذ خاطبه بقوله له: وإنك لعلى خلق عظيم.
وصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((بعثت لأتمم حسن الخلق)) (2). رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة، ورواه الإمام مالك في الموطأ.
وعن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله بعثني لتمام مكارم الأخلاق وكمال محاسن الأفعال)) (3)) (4).
(1) رواه البخاري (6203)، ومسلم (659).
(2) رواه أحمد (2/ 381) (8939)، والحاكم (2/ 670)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (273) بلفظ: ((صالح الأخلاق)). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/ 191): رجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة)) (7/ 69): صحيح على شرط مسلم. وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (2584).
(3) رواه البغوي في ((شرح السنة)) (13/ 202). وضعفه الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (2087).
(4) ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) لعبد الرحمن حبنكة الميداني (1/ 37).
(2) رواه أحمد (2/ 381) (8939)، والحاكم (2/ 670)، والبخاري في ((الأدب المفرد)) (273) بلفظ: ((صالح الأخلاق)). قال الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (8/ 191): رجاله رجال الصحيح. وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة)) (7/ 69): صحيح على شرط مسلم. وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (2584).
(3) رواه البغوي في ((شرح السنة)) (13/ 202). وضعفه الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (2087).
(4) ((الأخلاق الإسلامية وأسسها)) لعبد الرحمن حبنكة الميداني (1/ 37).