الدولة
يقصد بها اكتمال عناصرثلاثة هى:
الإقليم ، والشعب ، والحكومة، ولذلك يجب أن توجد جماعة من الناس يعيشون على إقليم محدد، كما يجب أن ينتظم هؤلاء الناس تحت حكومة معينة يحدد الإقليم نطاق السلطة التى تمارسها هذه الحكومة على الشعب.
ويشمل الإقليم عناصر ثلاثة هى: الإقليم البرى والإقليم البحرى والإقليم الجوى، ويكفل الإقليم البحرى للدولة حماية شواطئها حتى امتداد معين حدد باثنى عشر ميلا بحريا، كما يكفل إقليمها الجوى حماية إقليمها من أى اختراق بواسطة الطائرات إذ يمتد إلى ما لانهاية فى الارتفاع ، أما الإقليم البرى فهو موئل نشاط البشر المكونين لشعب الدولة.
وتعتبر الدولة القومية المعروفة بشكلها الحالى نتاجا حديثا ظهر فى بداية العصور الحديثة أى فى القرن السادس عشر، وجاء كرد فعل لانسياب السلطة وتوزعها فى العصور الوسطى فى أوروبا ويتميز بتقوية سلطة الملك أو الحاكم بشكل عام.
أما فى الإسلام فقد كون رسول الله صلى الله عليه وسلم دولة المدينة، كان فيها مركز للسلطات المعروفة فى الدول الحديثة أى السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وقد تم تحديد ذلك بوضوح في الصحيفة، أو الوثيقة الأولى لتأسيس دولة المدينة التى قرأها الرسول صلى الله عليه وسلم على سكان المدينة وممثلى القبائل واليهود.
وعرف الرسول صلى الله عليه وسلم فكرة الحدود فأرسل من يضع حدودا بين لابتيها شمالا وجنوبا وشرقا وغربا كما حدد فى الصحيفة شعب المدينة وعلاقته بالشعوب المجاورة، وحدد من هم أعداء الدولة وكيف تكون العلاقة معهم ، وهم هنا المشركون من قريش وهى علاقة أساسها الحرب ردا على عدوانهم على الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته ومحاولتهم اجتثاث الإسلام من جذوره.
ويجب أن نوضح أن دولة الإسلام ليست دولة دينية بالمفهوم الغربى، لأن الأمة هى مصدر سلطات الخليفة، وهو مسئول أمامها وتستطيع أن تحاسبه ، ولايمكن الادعاء بأن الخليفة يستمد سلطاته من تفويض إلهى بشكل أو بآخر. ويتبين ذلك من التسليم فى الفقه الإسلامى بان سند تولية الخليفة هو البيعة، وقد استنتجت محكمة العدل الدولية في حكم حديث لها أن السيادة في الدولة الإسلامية ارتبطت بالبيعة.
كما نود أن نشير إلى أن الإسلام كان دينا وجنسية، وكان من حق المسلم أن ينتقل بين مختلف أجزاء الدولة الإسلامية دون قيود ، بل إن السلطة كانت تنتقل بين هذه الأجزاء بسهولة ويسر.
ولايمكن أن نقول إن الاسلام قد اشترط شكلا معينا للدولة فيمكن أن تكون ملكية أوجمهورية بشرط أن يقيم الحاكم حدود الله وأن يحقق العدالة فى الناس، وبشرط أن يتخذ الشورى أساسا لحكمه إعمالا لقوله تعالى: {وأمرهم شورى بينهم}الشورى:38 ، وأمره لنبيه بها {فاعف عنهم واستغفرلهم وشاورهم فى الأمر}آل عمران:159 ، مع ملاحظه أنه فى حالة النظام الملكى يستوجب الإسلام مبايعة كل ملك ورث ملكه ورضا الشعب عنه.
أ.د/جعفر عبد السلام
__________
مراجع الاستزادة:
1- دستور دولة المدينة، مجلة الشريعة والقانون د/جعفر عبد السلام ، العدد الثانى.
2- السلطات الثلاث فى الإسلام -أ.د/سليمان الطماوى- القاهرة عدد طبعات من عام 1964م دار الفكر العربى.
3- دراسات إسلامية فى العلاقات الاجتماعية والدولية، محمد عبدالله دراز -دار القلم- الكويت 1974م.
4- نظام الحكم فى الإسلام ، محمد الصادق عرجون ، مكتبة وهبة القاهرة 1962م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ