الرزق
لغة: الرزق بكسرالراء كل ما ينتفع به من المال أو الجاه أو السلطان أو الصحة أو الملبس أو المسكن أو الذرية أو العلم. ويشمل العطاء الدنيوى والأخروى.
والأرزاق نوعان: أرزاق ظاهرة للأبدان "كالأقوات ".
أرزاق باطنة للقلوب والنفوس "كالمعارف والعلوم" (1).
أما الرزق: بفتح الراء فهو المصدر الحقيقى، والمرة الواحدة رزقة ، والجمع رزقاف. يقول الجوينى الأشعرى: "والذى صح عندنا فى معنى الرزق أن كل ما انتفع به منتفع فهو رزقه ، فلا فرق بين أن يكون متعديا بانتفاعه ، وبين أن لا يكون متعديا به"(2).
واصطلاحا: الرزق يتسع ليضم كل ما يتغذى به سواء كان حراما أم حلالا وهذا ما يقول به أهل السنة. كما ورد فى عبارة الباقلانى التالية: "فإن قالوا: أفتقولون إن الله يرزق الحلال والحرام ؟ قيل لهم: أجل ، فقد دل على ذلك بقوله: {الله الذى خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم}الروم:40 ، فلما كان منفردا بالخلق والإماتة والاحياء كان منفردا بتولى الأرزاق ، فإن قيل: ما معنى قولكم إن الله يرزق الحرام ؟ قيل لهم: تأويل ذلك أن يجعله غذاء للأبدان ، وقواما للأجسام ، لا على معنى التمليك والاباحة لتناوله ، لأن ذلك مما قد أجمع المسلمون على خلافه (3).
ويعرف بعض المعتزلة الرزق بأنه: الملك ،بينما يعرفه المتأخرون منهم ، بأنه: ما ينتفع به المنتفع من ملكه (4). وعلى هذا المعنى يجوز للإنسان عندهم أن يأخذ رزقا غيره ، ويجوز أن يأخذ غيره رزقه. وهم يرون أن ما يتغذى به من الحرام ، لا يكون رزقا من الله لأنه لا يرزق الحرام وإنما هو من فعل العبد(5).
ويلزم من تعريف المعتزلة للرزق ، أن البهائم لم يرزقها الله ، لأنها لا تتصف بالملك ، وهذا يتناقض مع قوله تعالى {وما من دابة على الأرض إلا على الله رزقها}هود:6.
كما يلزم قولهم بأن من تغذى بالحرام طول عمره لم يرزقه الله سبحانه ، وهذا مخالف للنقل والعقل (1).
ويرى أهل السنة أن كل ما أكله الانسان أو شربه فهو رزقه حلالا أو حراما لا يتعداه ،فلا يأكل أحد رزق غيره ، ولا يأكل غيره رزقه.
أما الرزاق: فهو من غلبت نعمه شكر العباد، ولا يصح إطلاقه إلا على الله سبحانه وتعالى.
أ.د/محمد الأنور حامد عيسى
__________
الهامش:
1- لسان العرب لابن منظور (3/ 1636) دار المعارف القاهرة.
2- الإرشاد: (364) للجوينى: الخانجى بمصر.
3- التمهيد (370) للباقلانى: مؤسسة الكتب الثقافية بيروت 1987م.
4- شرح الأصول الخمسة (ص784) للقاضى عبد الجبار مكتبة وهبه 1965م.
5- راجع المغنى (11 /35).
6- أنطر أصول الدين للبغدادى (ص144)، والإرشاد للجوينى (ص365) استانبول 1928م
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ