المعصية
لغة: الخروج عن الطاعة ومخالفة الأمر(1).
واصطلاحا: ما يثاب على تركه ويعاقب على فعله ، ويرادفها: المحظور والحرام.والذنب (2)، وإذا كانت المعصية عبارة عن مخالفة أمر الله وطاعته مما يوجب سخط الله تعالى ويتوجب العقاب فاعلم أنها تنتج عن مجموعة صفات فى الإنسان كل منها يتعلق به أنواع من المعاصى تختلف عن الأنواع الأخرى وهذه الصفات هى(3):
1- صفات ربوبية: ومنها يحدث الكبر والفخر، وحب المدح والثناء ، والعز، وطلب الإستعلاء ، ونحو ذلك ، وهذه ذنوب مهلكات ،وبعض الناس يغفل عنها فلا يعدها ذنوبا.
2- صفات شيطانية: ومنها يتشعب الحسد ، والبغى، والحيل ، والخداع ، والمكر والغش ، والنفاق ، والأمر بالفساد ، ونحو ذلك.
3- صفات بهيمية: ومنها يتشعب الشر، والحرص على قضاء شهوتى البطن والفرج ، فيتشعب من ذلك الزنا ، واللواط ، والسرقة، وأخذ الحطام لأجل الشهوات.
4- صفات سبعية: ومنها يتشعب الغضب ، والحقد ، والتهجم على الناس بالقتل والضرب ، وأخذ الأموال ، وهذه الصفات لها تدرج فى الفطرة.
فالصفة البهيمية هى التى تغلب أولا، ثم تتلوها الصفة السبعية ثانيا، فإذا اجتمعت هاتان استعملت العقل فى الصفات الشيطانية من المكر والخداع ، ثم تغلب الصفات الربوبية، فهذه أمهات المعاصى ومنابعها ، ثم تنفجر المعاصى من هذه المنابع إلى الجوارح ،فبعضها فى القلب كالكفر، والبدعة والنفاق وإضمار السوء، وبعضها فى العين ، وبعضها فى السمع ، وبعضها فى اللسان ، وبعضها فى البطن والفرج ، وبعضها فى اليدين والرجلين ،وبعضها فى جميع البدن ، وهذا كله واضح لا يحتاج إلى تفصيل.
وقد اختلف الفقهاء فى تصنيف الذنوب والمعاصى على ثلاثة أوجه:
الأول: أنها تنقسم إلى صغائر وكبائر، وهو المشهور بين الفقهاء، ويساعدهم إطلاقات الكتاب والسنة، لقوله تعالى: {وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان}الحجرات: 7 ، فجعل الفسوق وهو الكبائر تلى رتبة الكفر، وجعل الصغائر تلى رتبة الكبائر وقد خصص النبى صلى الله عليه وسلم بعض الذنوب باسم الكبائر.
الثانى: أن الذنوب كلها قسم واحد وهو الكبائر، وهو طريقة جمع عند الأصوليين منهم الأستاذ أبو إسحاق ، ونفى الصغائر، وجرى عليه إمام الحرمين فى الإرشاد، وابن فورك فى كتابه "مشكل القرآن" فقال: المعاصى عندنا كبائر، وإنما يقال لبعضها: صغيرة بالنسبة إلى ما هو أكبر منها كما يقال: الزنا صغيرة بالنسبة إلى الكفر، والقبلة المحرمة صغيرة بالنسبة إلى الزنا، وكلها كبائر.
الثالث: أن المعاصى تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- كبيرة: كقتل النفس بغير حق.
2- فاحشة: قتل ذا رحم.
3- صغيرة: سائر الذنوب كالخدشة والضرب مرة أو مرتين.
ويظهر من هذه الأقوال أن الخلاف لفظى، فإن رتبة الكبائر تتفاوت قطعا واختلف العلماء فى تعريف الكبيرة اختلافا كبيرا ، كذلك اختلفوا فى حصرها وعدد أنواعها. لكن الصحيح كما قال الواحدى فى البسيط: إنه ليس للكبائر حد يعرفه العباد،وتتميز به عن الصغائر تمييز إشارة، ولو عرف ذلك لكانت الصغائر مباحة، ولكن الله تعالى أخفى ذلك عن العباد ليجتهد كل واحد فى اجتناب ما نهى عنه ، رجاء أن يكون مجتنبا للكبائر، ونظيره إخفاء الصلاة الوسطى فى الصلوات ، وليلة القدر فى رمضان. هل الإصرار على الصغائر يجعلها فى منزلة الكبائر أم لا؟ نجد عند الأصوليين أن الإصرار له معنيان:
أحدهما: العزم على فعل المعصية بعد الفراغ منها.
والثانى: المداومة على فعل الصغائر.
وحكم الإصرار بالمعنى الأول حكم من كررها فعلا فيتحمل بذلك إثما، وحكم الإصرار بالمعنى الثانى أنه إن كان على نوع واحد من الصغائر غفرت بكثرة الطاعات ،وإن كان الإصرار على أنواع متعددة لا تغفر بكثرة الطاعات بل لابد من التوبة عنها حتى تغفر.
أ.د/على جمعة محمد
__________
الهامش:
1- لسان العرب لابن منظور (4/ 2981) ، دار المعارف.
2- المعجم الوسيط 2/ 606 دار المعارف 1972م.
3- الحدور الأنيقة والتعريفات الدقيقة، للشيخ زكريا الأنصارى، تحقيق د/مازن المبارك ص76 دار الفكر المعاصر بيروت 1991م.
4- مختصر منهاج القاصدين لأبى العباس المقدسى الحنبلى ص257، 258 ، طبعة ابن زيدون بدمشق 1347هـ.
5- البحر المحيط للزركشى 4/ 275 طبعة وزارة الأوقاف بالكويت الأول 1990م.
مراجع الاستزادة:
1- ابن حجر الهيتمى 1/ 5 الزواجر عن اقتراف الكبائر. مطبعة الحلبى وأولاده بمصر الطبعة الثانية 1390هـ.
2- من وصايا الرسول شرح وتعليق طه عبد الله العفيفى (6/ 10) دار الاعتصام الطبعة الثالثة 1397هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ