عام الحزن
هو العام العاشرمن بعثة النبى صلى الله عليه وسلم وسمى بعام الحزن لأنه كان من المظنون بعد انتهاء المقاطعة الجائرة، التى كانت قريش قد ضربتها على النبى صلى الله عليه وسلم ومن انحاز إليه أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا بين أحب الناس إليه وآثرهم عنده ، وهما عمه أبوطالب وزوجه خديجة رضى الله عنها إلا أنهما قد توفيا فى هذا العام ، وبوفاتهما وفقد الرسول صلى الله عليه وسلم لهما سمى هذا العام بعام الحزن.
فقد مات عمه أبو طالب ، وليس يدرى إلا الله كم كان وجده عليه (1)، إذ كان له خير نصير، يدرأ عنه الأعداء، ويجمع من حوله الأقرباء، ويمكنه من العمل لدينه ، على الرغم من وعيد المشركين وتهديد قريش أجمعين ، وكان إذا أذاه قومه قال صلى الله عليه وسلم (والله ما أصابنى هذا إلا بعد موت أبى طالب)(2).
ثم جاءت وفاة السيدة خديجة رضى الله عنها بعد أيام من وفاة عمه ، فانفطر فؤاده صلى الله عليه وسلم واشتدت لوعته ، فقد كانت له نعم العشير والنصير مدة خمس وعشرين سنة، فلم يسمع منها كلمة تؤذيه ، ولا رأى منها نظرة تؤلمه ،جاءها خائفا يرجف فؤاده فتلقته باسمة، واستقبلته راضية، ومازالت به حتى أعادت الأمن إلى نفسه ، وعندما أمره ربه أن يدعو إلى دينه كانت أول من دخل فيه ، ولما قاطعته قريش أبت إلا أن تدخل معه شعب أبى طالب ، وكان إذا اشتد عليه قومه وقفت إلى جانبه تربت على صدره ، وتمسح الأسى عن قلبه ، حتى يشتد عزمه ويعود إليه نشاطه.
وليس يدرى إلا الله كيف استطاع النبى صلى الله عليه وسلم احتمال فقد عمه ثم زوجه ، ولا كيف احتمل أن يرى زوجه وهو يدخلها قبرها.
مفتقدا نصرتهما له ، ومواساتهما إياه ، من أجل هذا اعتكف صلى الله عليه وسلم فى داره وسمى هذا العام الذى فقدهما فيه عام الحزن (3).
أ.د/عبدالعزيز غنيم عبدالقادر
__________
الهامش:
1- تاريخ اليعقوبى لأحمد بن أبى يعقوب 2/ 35 ط دار صادر بيروت لبنان.
2- الكامل فى التاريخ لابن الأتير تحقيق الشيخ/عبدالوهاب النجار 2/ 63 ط1 سنة 1349هـ المطبعة المنيرية القاهرة.
3- إمتاع الأسماع للمقريزى 1 /49 ط1 1401هـ-1981 م دار الأنصار القاهرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ