الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

موسوعة المفاهيم الإسلامية : اللاهوت

اللاهوت

لغة: أله يأله إلاهة، وألوهة، وألوهية: عبد، ومنه قرأ ابن عباس رضى الله عنهما: {ويذرك وإلهتك}الأعراف:127. بكسر الهمزة، أى وعبادتك ومنه قولنا: الله وأصله: إله ، فهو فعال ، بمعنى مفعول ، لأنه مألوه ، أى معبود، وكل ما اتخذ من دونه إله عند متخذه ، والجمع: آلهة، والآلهة: الأصنام سموا بذلك لاعتقاد العابدين أن العبادة تحق لهم ، وأسماؤهم تتبع اعتقاداتهم ، لا ما عليه الشىء فى نفسه.
واصطلاحا: الألوهية، والإ لاهية، والإلهية والألوهية والإلهانية. كون ، أو صفة الذات الإلهية، والإلهيات: علم يبحث عن الله وما يتعلق به تعالى، وهى ترجمة لكلمة "Theologie" ، وهى مأخوذة من الكلمة اليونانية القديمة "Theologia" وهى مركبة من مقطعين "Theo" ومعناها: الله ، و "logia" ومعناها: علم ، فكانت الكلمة بمقطعيها تطلق عند قدماء اليونانيين ويراد بها: علم الآلهة، وما يتعلق بالألوهية، وعندما انتقلت إلى اللغات الأوروبية أصبح معناها: تعاليم الله ، أو علم العقائد الإلهية، ثم ترجمت إلى العربية "اللاهوت" أو "الإلهيات" على غير قياس.
وقد اهتم الإنسان منذ وجوده على سطح الأرض بقضية الألوهية، إذ احتلت المركز الأول فى تفكيره على امتداد التاريخ الإنسانى، فكان الإله شاغله من زوايا متعددة، باعتبار ذاته ، أو باعتبار علاقته بالمخلوقات كخالق ، وكذا باعتبار علاقته بالإنسان ، أو علاقة الإنسان به ، فتصوره بصور شتى ، لأنه لم يره بعينه ، وإنما آمن بوجوده وتوجه إليه بالعبادة بأدلة متنوعة: بباعث الخوف أو الرجاء، أو بالظواهر الكونية والإنسانية، وآمن بمعتقدات متعددة، وصلت إلى حد الاعتقاد بتعدد الآلهة، وأنهم يتوالدون ، ويتناكحون ، وأن أشكالهم وهيئاتهم تشبههم ، وأنهم يرتدون ملابس مثلهم ،ويتحدثون بلغتهم ومن هنا نشأ -فى مجال البحث الفلسفى فى الألوهية- ما أطلق عليه مشكلة تصورالإله فى الدين.
غير أن الأديان السماوية وعلى رأسها الإسلام ، وضحت للإنسان مفهوم "الإله" بأنه: الأول ، والآخر، والخالق.... وغير ذلك من الصفات التى تصور الله غنيا بنفسه ،أبديا واسع القدرة والمعرفة محيطا بكل شىء، وأنه الحق وحده ، وهو المحيى والمميت والمبدئ والمعيد.... إلى غير ذلك من النعوت التى تبين أنه الخالق المطلق ، المدبر الحكيم ،الملك الذى لا قوة ولا سلطان غير سلطانه فى الوجود، ومع ذلك فهو الرحمن الرحيم ، والغافر والغفور والرازق والمعطى... وغير ذلك من الأوصاف التى تدل على أن صلة احتياج تربط العبد بربه ، فالعبد محتاج إلى عفوه وتدبيره ، والله هو الرقيب والحسيب عليه ، المهيمن على عباده جميعا، يعينهم ويهديهم ، فهو مصدر الرزق بأوسع معانيه.
فالله بأوصافه كلها، سواء كانت متعلقة بذاته ، أو بصلته بمخلوقاته ، أو كانت مبنية لعلاقته بالإنسان ، وعلاقة الإنسان به هو موضوع علم "الألوهية" أو علم "اللاهوت" كما جاء فى ترجمة الكلمة اليونانية الأصل:
Theologia ويطلق على هذا العلم فى مجال الدراسات الإسلامية: علم العقيدة أو الإلهيات ، فى مقابل القسمين الآخرين: النبوات والسمعيات التى يتكون منها جميعها -الإلهيات والنبوات والسمعيات- علم التوحيد.
أ.د/محمد شامة
__________

مراجع الاستزادة:
1- الجانب الإلهى من التفكير الإسلامى محمد البهى القاهرة ط5 1972م.
2- رسالة فى اللاهوت والسياسة. سبينوزا ترجمة حسن حنفى القاهرة 1971م.
3- بحوث فى علم الأديان المقارن محمد شامة القاهرة 1972م.
4- لسان العرب لابن منظور
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ