الرحلات والرحالة المسلمون
اصطلاحا: هى الرحلات البرية والبحرية التى قام بها الرحالة المسلمون ، وقد تنوعت بتنوع أغراضها ، ومن تلك الأغراض: التجارة أو طلب العلم أو الحج ، ومن أهم دواعيها الكشف وحب استطلاع المجهول.
وبعد نمو الدولة الإسلامية على متسعات من آسيا وأفريقيا وأوربا ، ومن يسكنها من شعوب وحضارات وعقائد ولغات مختلفة، ظهرت الحاجة إلى معرفة العالم الإسلامى والعوالم المجاورة له ؟ كما أن بعض الرحالة كانت تحدوهم أغراض سياسية كمقدمة للتوسع ، أو تغليب مذهب على آخر كما حدث عندما صارت هناك دول إسلامية سنية وأخرى شيعية.
وقد ترتب على الرحلة الإسلامية نمو أسس معرفية لعلوم عديدة أخصها الجغرافيا والنقل والأنثروبولوجيا والاجتماع والسياسة ،وبدايات علم الخرائط التفصيلية للأقاليم بدلا من الاعتماد على خريطة العالم التى رسمها بطليموس الجغرافى السكندرى فى القرن الثانى الميلادى، والشىء نفسه تكرر فى العصر الحديث الذى بنى فيه الأوربيون علومهم على معارف المسلمين ، وهذه هى سنة البناء العلمى فقد بنى المسلمون علومهم علي معارف سابقيهم من روم ويونان وفرس وهنود إلخ..
وقد ترتب على الرحلات التى قام بها الجغرافيون ظهور أنواع متتالية من التأليف.
وآول الجغرافيين العرب كان الخوارزمى (ت 850م) الدى كان متأثرا بجغرافية بطليموس.
وفى القرنين التاسع والعاشر الميلاديين ظهرت كتب كثيرة تحت مسمى "المسالك والممالك " مثل اليعقوبى (ت 897م) الذى اهتم بما نسميه الآن الجغرافيا البشرية.
وابن خرداذبة (ت:912) اهتم بالطرق والمسافات فى كتابه " المسالك ".
والبلخى(ت:934).
وابن فضلان (بدأ رحلته إلى نهر الفولجا عام 921).
والاصطخرى كتب المسالك والممالك 933م.
والمسعودي (ت:957م) صاحب "مروج الذهب " الذى تضمن وصفا لاستدارة الأرض ومظاهرها الطبيعية وحضارات الماضى وشعوبه وبلاد الإسلام.
والمقديسى الذى أعطى للظاهرات المختلفة ألوانا خاصة على الخرائط وكتب "أحسن التقاسيم فى معرفة الأقاليم " بترتيب وتدقيق.
وكان ابن حوقل أكثر الجغرافيين الذين ارتحلوا فى تلك الفترة، وبلغ زمن رحلته نحو 32 سنة غطى فيها مشارق العالم الإسلامى ومغاربه ، فهو بدون منازع شيخ الرحالة، وكتب "صورة الأرض" 977م.
وفى القرنين 11 و 12م. برز من بين الرحالة الشريف الإدريسى (ت:1166) صاحب خريطة العالم على قرمى كبيرمن الفضة التى حلت محل خريطة بطليموس كأساس محدث يستند إليه إلى أن جاءت الكشوف الجغرافية ابتداء من ق 160م. كما كتب "نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق".
أما ناصرخسرو(ت:1061م)وكتابه "سفر نامه " فيتضمن معلومات دقيقة عن الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبلاد بين فارس ومصر قبيل الغزوات الصليبية.
وابن جبير الأندلسى (ت.1217م) قدم لمصر والحجاز والشام فى ثلاث رحلات طوال أوسطها بعد فتح صلاح الدين للقدس مباشرة، ولم يصلنا من كتاباته إلا القليل من الرحلة الأولى.
ثم ياقوتا الحموى (ت:1229م) صاحب "معجم البلدان" ، هو اتجاه بحثى هام وغير مسبوق ، حفظ لنا الكثير من أسماء وأبحاث الجغرافيين السابقين الذين فقدت أعمالهم.
أما العلامة البيرونى (ت:1048م) فلم يكن جغرافيا، لكنه أجاد فى الجوانب الفلكية والجغرافيا الرياضية.
وأنجب القرن14م أمير الرحالة المسلمين ابن بطوطة (ت:1377م) الذى قضى نحو 25 سنة فى رحلته الأولى من المغرب إلى الصين.
كما ظهر فى الفترة ذاتها عالم الاجتماع وفلسفة التاريخ ابن خلدون (ت:1406م) فى كتابه الشهير "ديوان المبتدأ والخبر فى تاريخ العرب والعجم والبربر"، وتجلت عبقريته فى مقدمة الكتاب التى تعد فلسفة فى العلوم الاجتماعية والعمرانية والسياسية.
أ.د/محمد رياض
__________
مراجع الاستزادة:
1- جغرافية العرب فى العصور الوسطى: عبد الفتاح وهيبة الجمعية الجغرافيه المصرية 1960.
2- الجغرافية والرحلات عن العرب: نقولا زيادة دار الكتاب اللبنانى بيروت 1962.
3- الجغرافيون العرب: مصطفى الشهابى دار المعارف ، سلسلة اقرأ عدد 230 القاهرة 1962.
4- تاريخ الأدب الجغرافى العربى: إغناطيوس كراتشوكوفسكى نقله إلى العربية صلاح الدين عثمان هاشم الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية،لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1963.
5- جهود الجغرافيين المسلمين فى رسم الخرائط: عبد العال الشامى الجمعية الجغرافية الكويتية 1981.
6- اسهامات بعض الرحالة العرب فى الدراسات الأنثروبولوجية المبكرة مجلة "دراسات" أحمد الربايعة مجلد 10 ، عدد1 ، عمان 1983.
7- الجغرافيون والرحالة المسلمين: مينوركسى،م.ف. ترجمة د/عبد الرحمن حميدة، الجمعية الجغرافية الكويتية، عدد 73، الكويت 1985
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ