الزَّنْج
هو اسم أطلق على أحد الأجناس الثلاثة الكبرى التى ينقسم إليها النوع الإنسانى، ويتميز بخصائص جسمانية بارزة(1) هى:
(أ) البشرة السوداء.
(ب) الشعر الصوفى.
(ج) الأنف الأفطس.
(د) الفك البارز.
(هـ) الشفاة الغليظة المتهدلة.
كما يطلق لقب زنجى على بعض السلالات المنحدرة من القبائل الإفريقية أنى استوطنت(2). كذلك نجد الزنج المتكرر ذكرهم فى تاريخ الإسلام ، والمذكور رئيسهم باسم "صاحب الزنج" تارة، وباسم "الخبيث صاحب الزنج" تارة أخرى يراد بهم نوع من الخوارج الزنوج(3).
وقد أثار هؤلاء القلق فى حاضرة الخلافة العباسية، وكان مسرح هذه الثورة الجامحة العنيفة التى دامت أكثر من أربع عشرة سنة هذه المستنقعات الممتدة بين البصرة وواسط.
وكان صاحب الزنج رجلا فارسيا يسمى "على بن محمد" من أهالى الطالقان ، ادعى أنه من ولد على زين العابدين بن الحسين بن على، ولكنه لم يجهر بعقائد المذهب الشيعي على الرغم من ادعائه النسب إلى على وفاطمة، وإنما جهر بعقائد مذهب الخوارج.
ومهما يكن فإن صاحب الزنج لم يلبث أن كشفط عن ميوله الحقيقية، حتى إن أعداءه سموه: دَعِىّ علىّ ، كما سموه:الخبيث.
قدم صاحب الزنج بلاد العراق واتصل ببعض بطانة الخليفة المنتصر(سنة 247-248هـ)، ثم سار فى سنة 249هـ ، إلى البحرين ، ودعا إلى تحرير العبيد ، واستمال قلوبهم ، حتى إنهم تركوا مواليهم وانضموا إليه ، فعظم شأنه ، وقويت شوكته ، ولقيت دعوته قبولا بين أهالى البحرين(4).
وقد أول قوله تعالى: {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون فى سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا فى التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم}التوبة:111 ، تأويلا سياسيا قصد به تضليل أنصاره ، إذ أولها بأن المؤمنين قد اشتروا أنفسهم أى: لم يعودوا بعد عرضة للرق والعبودية.
وسرعان ما قدم إلى البصرة، فأسرع إليه بعض غلمانها رغبة فى التخلص من الرق ،وما زال الزنج يلتفون حوله حتى نهبت جيوشه القادسية واستولت على البصرة وذبحت كثيرا من أهلها سنة 257هـ، واستولت جيوشه بعد ذلك على الأهواز، ثم واسط ، فسير إليهم الخليفة المعتمد كثيرا من قواده ، ولكن الزنج لم يضعفوا ، وظل خطرهم يتزايد، فعهد الخليفة المعتمد إلى أخيه أبى أحمد الموفق بقتالهم ، فأجلاهم عن الأهواز،وحاصر مدينتهم "المختارة".
لقد دامت هذه الحرب بين جيوش العباسيين والزنج أكثر من أربع عشرة سنة، وقضى عليهم الموفق وقواده ، مما جعله يخر ساجدا لله شكرا.
ولكن أحد أنصار صاحب الزنج رمى الموفق بسهم فى صدره ، ولكن جىء به إلى الموفق فقتله ابنه العباس ، وقتل صاحب الزنج فى صفر سنة 270هـ، وبلغ عدد القتلى ألفى ألف وخمسمائة ألف(5) وقيل ألف ألف وخمسمائة ألف(6).
أ.د/عبد الله جمال الدين
__________
الهامش:
1- دائرة المعارف الحديثة، أحمد عطية الله ص262 طبعة القاهرة 1951م.
2- المعجم الوجيز مجمع اللغة العربية ص293 ط التربية والتعليم سنة 1998م.
3- دائرة المعارف البستانى 9/ 259 بيروت 1887م.
4- الكامل فى التاريخ ابن الأثير 7/ 73 بولاق مصر 1274هـ.
5- الفخرى فى الآداب السلطانية ابن طباطبا ص227 القاهرة 1923م.
6- تاريخ الخلفاء السيوطى ص242
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ