الجمعة، 20 أبريل 2012

موسوعة السيرة النبوية : الجهر بالقرآن

 
الجهر بالقرآن


 أول من جهر بالقرآن
 عبدالله بن مسعود و ما ناله من قريش في سبيل جهره بالقرآن
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني يحيى بن عروة بن الزبير ، عن أبيه ، قال ‏‏:‏‏ كان أول من جهر بالقرآن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه ، قال ‏‏:‏‏ اجتمع يوما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا ‏‏:‏‏ والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجُهر لها به قط ، فمن رجل يُسمعهموه ‏‏؟‏‏ فقال عبدالله بن مسعود ‏‏:‏‏ أنا ؛ قالوا ‏‏:‏‏ إنا نخشاهم عليك ، إنما نريد رجلا له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه ؛ قال ‏‏:‏‏ دعوني فإن الله سيمنعني ‏‏.‏‏
قال ‏‏:‏‏ فغدا ابن مسعود حتى أتى المقام في الضحى ، وقريش في أنديتها ، حتى قام عند المقام ثم قرأ ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ بسم الله الرحمن الرحيم ‏‏)‏‏ رافعا بها صوته ‏‏(‏‏ الرحمن علم القرآن ‏‏)‏‏ قال ‏‏:‏‏ ثم استقبلها يقرؤها ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فتأملوه فجعلوا يقولون ‏‏:‏‏ ماذا قال ابن أم عبد ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ ثم قالوا ‏‏:‏‏ إنه ليتلو بعض ما جاء به محمد ، فقاموا إليه ، فجعلوا يضربون في وجهه ، وجعل يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ ‏‏.‏‏
ثم انصرف إلى أصحابه وقد أثروا في وجهه ، فقالوا له ‏‏:‏‏ هذا الذي خشينا عليك ؛ فقال ‏‏:‏‏ ما كان أعداء الله أهون علي منهم الآن ، ولئن شئتم لأغادينهم بمثلها غدا ؛ قالوا ‏‏:‏‏ لا ، حسبك ، قد أسمعتهم ما يكرهون ‏‏.‏‏
 قصة استماع قريش إلى قراءة النبي صلى الله عليه وسلم
أبو سفيان و أبو جهل و الأخنس ، و حديث استماعهم للرسول صلى الله عليه و سلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري أنه حدث ‏‏:‏‏ أن أبا سفيان بن حرب ، وأبا جهل بن هشام ، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي ، حليف بني زهرة ، خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو يصلي من الليل في بيته ، فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه ، وكل لا يعلم بمكان صاحبه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ‏‏.‏‏ فجمعهم الطريق ، فتلاوموا ، وقال بعضهم لبعض ‏‏:‏‏ لا تعودوا ، فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ، ثم انصرفوا ‏‏.‏‏ حتى إذا كانت الليلة الثانية ، عاد كل رجل منهم إلى مجلسه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ‏‏.‏‏ فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض مثل ما قالوا أول مرة ، ثم انصرفوا ‏‏.‏‏ حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل رجل منهم مجلسه ، فباتوا يستمعون له ، حتى إذا طلع الفجر تفرقوا ، فجمعهم الطريق ، فقال بعضهم لبعض ‏‏:‏‏ لا نبرح حتى نتعاهد ألا نعود ‏‏:‏‏ فتعاهدوا على ذلك ، ثم تفرقوا ‏‏.‏‏
ذهاب الأخنس إلى أبي سفيان يستفهم عما سمعه
فلما اصبح الأخنس بن شريق أخذ عصاه ، ثم خرج حتى أتى أبا سفيان في بيته ، فقال ‏‏:‏‏ أخبرني يا أبا حنظلة عن رأيك فيما سمعت من محمد ‏‏؟‏‏ فقال ‏‏:‏‏ يا أبا ثعلبة ، والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها ، وسمعت أشياء ما عرفت معناها ، ولا ما يراد بها ؛ قال الأخنس ‏‏:‏‏ وأنا والذي حلفتَ به كذلك ‏‏.‏‏
ذهاب الأخنس إلى أبي جهل يسأله عن معنى ما سمع
قال ‏‏:‏‏ ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل ، فدخل عليه بيته ، فقال ‏‏:‏‏ يا أبا الحكم ، ما رأيك فيما سمعت من محمد ‏‏؟‏‏ فقال ‏‏:‏‏ ماذا سمعت ، تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف ، أطعموا فأطعمنا ، وحملوا فحملنا ، وأعطوا فأعطينا ، حتى إذا تجاذبنا على الركب ، وكنا كفرسَيْ رهان ، قالوا ‏‏:‏‏ منا نبي يأتيه الوحي من السماء ؛ فمتى ندرك مثل هذه ، والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه ‏‏.‏‏ قال ‏‏:‏‏ فقام عنه الأخنس وتركه ‏‏.‏‏
تعنت قريش عند سماعهم القرآن وما نزل فيهم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وكان رسول الله صلى الله عله وسلم إذا تلا عليهم القرآن ، ودعاهم إلى الله ، قالوا يهزءون به ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ‏‏)‏‏ لا نفقه ما تقول ‏‏(‏‏ وفي آذاننا وقر ‏‏)‏‏ لا نسمع ما تقول ‏‏(‏‏ ومن بيننا وبينك حجاب ‏‏)‏‏ قد حال بيننا وبينك ‏‏(‏‏ فاعمل ‏‏)‏‏ بما أنت عليه ‏‏(‏‏ إننا عاملون ‏‏)‏‏ بما نحن عليه ، إنا لا نفقه عنك شيئا ، فأنزل الله تعالى عليه في ذلك من قولهم ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا ‏‏)‏‏ ‏‏.‏‏‏‏.‏‏‏‏.‏‏ إلى قوله ‏‏(‏‏ وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي كيف فهموا توحيدك ربك إن كنت جعلت على قلوبهم أكنة ، و في آذانهم وقرا ، وبينك وبينهم حجابا بزعمهم ؛ أي إني لم أفعل ذلك ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ نحن أعلم بما يستعمون به ، إذ يستمعون إليك ، وإذ هم نجوى ، إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي ذلك ما تواصوا به من ترك ما بعثتك به إليهم ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي أخطئوا المثل الذي ضربوا لك ، فلا يصيبون به هدى ، ولا يعتدل لهم فيه قول ‏‏(‏‏ وقالوا أءذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون خلقا جديدا ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي قد جئت تخبرنا أنا سنُبعث بعد موتنا إذا كنا عظاما ورفاتا ، وذلك ما لا يكون ‏‏.‏‏ ‏‏(‏‏ قل كونوا حجارة أو حديدا ، أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا ، قل الذي فطركم أول مرة ‏‏)‏‏ ‏‏:‏‏ أي الذي خلقكم مما تعرفون ، فليس خَلْقكم من تراب بأعز من ذلك عليه ‏‏.‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ حدثني عبدالله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال ‏‏:‏‏ سألته عن قول الله تعالى ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ أو خلقا مما يكبر في صدوركم ‏‏)‏‏ ما الذي أراد الله به ‏‏؟‏‏ فقال ‏‏:‏‏ الموت