القرآن الكريم
القرآن أو القرآن الكريم هو الكتاب المقدس الرئيسي في الإسلام، والذي يؤمن المسلمون أنه كلام الله[1][2] المنزل على النبي محمد للبيان والإعجاز،[3] المنقول عنه بالتواتر والذي يتعبد المسلمون بتلاوته[4] وهو آخر الكتب السماوية، بعد التوراة والإنجيل.[5][6] كما يعد أكثر الكتب العربية بلاغة.[7][8][9][10][11][12][13] ويحتوي القرآن على 114 سورة تصنف إلى مكية ومدنية وفقاً لمكان وزمان نزول الوحي بها.[14] ويؤمن المسلمون أن القرآن أنزله الله على لسان الملاك جبريل إلى النبي محمد على مدى 23 سنة تقريباً، بعد أن بلغ النبي محمد سن الأربعين، وحتى وفاته عام 11 هـ/632م. كما يؤمن المسلمون بأن القرآن حُفظ بدقة، على يد الصحابة، بعد أن أملاه الوحي على النبي محمد، وأن آياته محكمات مفصلات[15][16] وأنه يخاطب كافة الأجيال كافة في كل القرون، ويتضمن كل المناسبات ويحيط بكل الأحوال.[17]
بعد وفاة النبي محمد، جُمع القرآن في مصحف واحد بعد أن كان متفرقاً بأمر من الخليفة الأول أبو بكر الصديق وفقاً لاقتراح من الصحابي عمر بن الخطاب. وبعد وفاة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، ظلت تلك النسخة محفوظة لدى أم المؤمنين حفصة بنت عمر، إلى أن رأى الخليفة الثالث عثمان، اختلاف المسلمين في القراءات لاختلاف لهجاتهم، فسأل حفصة بأن تسمح له باستخدام المصحف الذي بحوزتها والمكتوب بلهجة قريش لتكون اللهجة القياسية، وأمر عثمان بنسخ عدة نسخ من المصحف لتوحيد النص، وأمر بإعدام ما يخالف ذلك المصحف، وأمر بتوزيع تلك النسخ على الأمصار واحتفظ لنفسه بنسخة منه. تعرف هذه النسخ إلى الآن بالمصحف العثماني.[18] لذا فيعتقد معظم الباحثون أن النسخ الحالية للقرآن تحتوي على نفس النص المنسوخ من النسخة الأصلية التي جمعها أبو بكر.[18][19]
يعتقد المسلمون أن القرآن في حد ذاته معجزة للنبي محمد، وأن إعجازه غير قابل للتحدي،[20] كما يعتبرونه دليلاً على نبوته،[21] وتتويجاً لسلسلة من الرسالات السماوية التي بدأت، وفقاً لعقيدة المسلمين، مع صحف آدم مروراً بصحف إبراهيم، وتوراة موسى، وزبور داود، وصولاً إلى إنجيل عيسى.[22]
أصل الكلمة ومعناها
تُشتق كلمة "قرآن" من المصدر "قرأ"، وأصله من "القرء" بمعنى الجمع والضم، يُقال: «قرأت الماء في الحوض»، بمعنى جمعته فيه، يُقال: «ما قرأت الناقة جنينًا»، أي لم يضمَّ رحمها ولد. وسمى القرآن قرآنًا لأنه يجمع الآيات والسور ويضم بعضها إلى بعض.[23][24] وروي عن الشافعي أنه كان يقول: «القرآن اسم وليس بمهموز ولم يؤخذ من قرأت، ولكنه اسم لكتاب الله».[25] وقال الفرّاء: «هو مشتق من القرائن لإن الآيات منه يصدق بعضها بعضا، ويشابه بعضها بعضا وهي قرائن».[26] و"القرآن" على وزن فعلان كغفران وشكران، وهو مهموز كما في قراءة جمهور القراء، ويُقرأ بالتخفيف "قران" كما في قراءة ابن كثير.[27] ويعادل مصدر الكلمة في السريانية كلمة "قريانا" والتي تعني "قراءة الكتاب المقدس" أو "الدرس". ورغم أن معظم الباحثين الغربيين يُرجعون أصل الكلمة إلى الكلمة السريانية، إلا أن غالبية علماء المسلمين يرجعون الكلمة إلى المصدر العربي "قرأ".[28] وعلى كل حال، فقد أصبحت الكلمة مصطلح عربي في زمن النبي محمد.[2] ومن معاني الكلمة المهمة فعل القراءة نفسه.[29] قال العلاّمة الطبرسي: «القرآن: معناه القراءة في الأصل، وهو مصدرُ قرأتُ، أي تَلَوْتُ، وهو المَرْوِي عن ابن عباس، وقيل هو مصدرُ قرأتُ الشيء، أي جَمَعْتُ بعضهُ إلى بعض».[30] للقرآن أسماء أخرى كثيرة، تمت الإشارة إليها في القرآن نفسه مثل "الفرقان" و"الهدى" و"الذِكر" و"الحكمة" و"كلام الله" و"الكتاب"، وقد أفرد المؤلفون في علوم القرآن فصولاً لذكر أسماء القرآن ومعانيها. وأفرد بعضهم كتبًا مستقلة في بيان أسماء القرآن وصفاته.[31] أما مصطلح "المصحف" فيُستخدم عادةً للإشارة إلى النسخ المكتوبة منه،[2] إذ لم يكن لفظ المصحف بمعنى الكتاب الذي يجمع بين دفتيه القرآن في بادئ الأمر، إنما أطلق هذا الاسم على القرآن بعد أن جمعه أبو بكر الصديق فأصبح اسمًا له.[32] يُقال للقرآن فرقان، باعتبار أنه كلام فارق بين الحق والباطل،[33] وقيل لفصله بحجّته وأدلته وحدوده وفرائضه وسائر معاني حكمه بين المحق والمبطل، وفرقانه بينهما تبصرة المحق وتخذيله المبطل حكمًا وقضاءً،[34] كما ورد في سورة الفرقان تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ، ويُقال له الكتاب إشارة إلى جمعه وكتابته في السطور،[35] وذُكر على أنه "الذِكر" في سورة الحجر: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ، والمقصود به أن هذا القرآن الذي أُُنزل على محمد ذكر لمن تذكر به، وموعظة لمن اتعظ به،[36] ويقول بعض المفسرين أيضًا في معنى الذِّكر أنه يحتمل أمرين، أحدهما أن يريد به أنه ذكر من الله لعباده بالفرائض والأحكام، والآخر أنه شرفٌ لمن آمن به وصَدَّقَ بما فيه.[30][35] يقول علماء القرآن والتفسير أن الأسماء والألقاب العديدة للقرآن يمكن تصنيفها إلى ثلاث مجموعات:[37]
- المجموعة الأولى؛ وهي طائفة من الأسماء التي تشير إلى ذات الكتاب وحقيقته، وهي الأسماء التالية: الكتاب تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ، القرآن إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ، كلام الله وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ، الروح وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ،[38][39] التنزيل وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، الأمر ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ، القول وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ، الوحي قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ .[37][40][41]
- المجموعة الثانية؛ وهي الطائفة التي تشير إلى صفات القرآن الذاتية، وذلك كالأسماء التالية: الكريم إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ ، المجيد بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ ، العزيز إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ ، الحكيم والعليّ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ، الصدق وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ، الحق إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ، المُبارك كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ، العَجَبُ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا ، الْعِلْمِ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ .[37]
- المجموعة الثالثة؛ وهي الطائفة التي تشير إلى صفات القرآن التأثيرية، التي تشير إلى علاقة القرآن بالناس، وهي الأسماء التالية: الهدى ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ، الرحمة هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ ، الذِكر وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ، الموعظة والبيان هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ ، الشفاء وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا ، التذكرة كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ، الْمُبِينِ تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ ، البلاغ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ ، البشير والنذير بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ ، البصائر هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ، النور يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا ، الفرقان تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا .[37]
وقد تباين العلماء في عدد أسماء القرآن، فذكر الزمخشري في تفسيره للقرآن اثنين وثلاثين اسمًا،[42] وعدّها بعضهم سبعة وأربعين اسمًا،[43] وقال القاضي أبو المعالي عزيزي بن عبد الملك: "أن الله سمى القرآن بخمسة وخمسين اسمًا"،[44] وصنف الحرالي[45] جزءًا وأنهى أساميه إلى نيف وتسعين.[46]
هذا في اللغة، وأما تعريف القرآن اصطلاحًا فقد تعددت آراء العلماء فيه وذلك بسبب تعدد الزوايا التي ينظر العلماء منها إلى القرآن، فقيل: «القرآن هو كلام الله العزيز والنص الإلهي المنَّزل بواسطة الوحي على رسول الإسلام وخاتم النبيين محمد بن عبد الله ﷺ بلغة العرب ولهجة قريش، المكتوب في المصاحف المنقول بالتواتر المتعبد بتلاوته المعجز ولو بسورة منه، وهو المعجزة الإلهية الخالدة التي زوَّد الله تعالى بها رسوله المصطفى ﷺ وهو الميراث الإلهي العظيم والمصدر الأول للعقيدة والشريعة الإسلاميتين».[47][48][49] وبعضهم يزيد على هذا التعريف قيودًا أخرى مثل: «المعجز أو المتحدي بأقصر سورة منه أو المتعبد بتلاوته أو الاسم لمجموع ما هو موجود بين دفتي المصحف أو المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس». والواقع أن التعريف الأول تعريف جامع مانع لا يحتاج إلى زيادة قيد آخر، وكل من زاد عليه قيدًا أو قيودًا لا يقصد بذلك إلا زيادة الإيضاح بذكر بعض خصائص القرآن التي يتميز بها عما عداه.[47]
أهمية القرآن في الإسلام وعند المسلمين
يؤمن المسلمون أن القرآن الكريم هو آخر كتاب من كتب الله، الذي أنزله على رسوله محمد. ولهذا يعتبرون أن تلاوة القرآن والاستماع له والعمل به كلها عبادات يتقرب بها المسلم إلى الله ليطمئن بهِ قلبهُ. يعتقد أكثرهم أنه أساس حضارتهم وثقافتهم، وبه بدأت نهضتهم في كل مجالات الحياة، الدينية والدنيوية، يقول الدكتور وصفي عاشور أبو زيد:
فالقرآن الكريم هو الكتاب الخالد لهذه الأمة، ودستورها الشامل، وحاديها الهادي، وقائدها الأمين، كما أنه الكتاب الخالد للدعوة الإسلامية، ودليلها في الحركة في كل حين، وله أهمية كبيرة في حياة الفرد والأسرة والمجتمع والأمة؛ فهو يعالج بناء هذا الإنسان نفسه، بناء شخصيته وضميره وعقله وتفكيره، ويشرع من التشريعات ما يحفظ كيان الأسرة تظللها السكينة وتحفها المودة والرحمة، كما يعالج بناء المجتمع الإنساني الذي يسمح لهذا الإنسان بأن يحسن استخدام الطاقات الكامنة في المجتمع، وينشد الأمة القوية المتماسكة الشاهدة على العالمين.[50]
يرى المسلمون أن الإنسان المسلم لا يستغني عن القرآن؛ فبه حياة قلبه ونور بصره وهداية طريقه. وكل شيء في حياة المسلم مرتبط بهذا الكتاب، فمنه يستمد عقيدته، وبه يعرف عبادته وما يرضي ربه، وفيه ما يحتاج إليه من التوجيهات والإرشادات في الأخلاق والمعاملات، وإن الذي لا يهتدي بهذا الكتاب يضيع عمره ومستقبله ومصيره، ويسير في ظلمات الجهل والضلالة والضياع،[51] وذلك بناءً على ما جاء في عدد من السور والأحاديث النبوية، كما في سورة الإسراء: إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ؛ وسورة طه وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ، وكما ورد في أحد الأحاديث النبوية عن الدارمي عن علي بن أبي طالب قال: «سمعت رسول الله ﷺ يقول: "ستكون فتن". قلت: "وما المخرج منها؟" قال: "كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، هو الذي من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله. فهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، وهو الذي لم ينته الجن إذ سمعته أن قالوا "إنا سمعنا قرآنا عجبا". هو الذي من قال به صدَق، ومن حكم به عدل، ومن عمِل به أجِر، ومن دعا إليه هُديَ إلى صراط مستقيم"».[51]
فالقرآن ينص على أحكام العقائد، وفيه أحكام العبادات مثل الصوم والزكاة والحج، وفيه أحكام المعاملات من بيع وشراء وزواج وطلاق وميراث، كما أن فيه أحكام الأخلاق والآداب.[52] وقد قام عدد من العلماء الكبار بتأليف كتب كثيرة عبر الزمن تُسمى "أحكام القرآن" جمعوا فيها الآيات القرآنية المتعلقة بالأحكام الفقهية وما استنبطه منها أهل العلم من أحكام العبادات والمعاملات، وذلك تسيهلاً على الناس في الرجوع إليها. ويؤمن المسلمون أن القرآن تضمن كل ما جاء في الكتب السماوية السابقة مما يحتاج إليه الناس لهدايتم وتنظيم أمور معاشهم، ومن الآيات التي يستدلون بها على ذلك، ما ورد في سورة المائدة: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ، ويقول أهل التفسير أن القرآن يشتمل على ما اشتملت عليه الكتب السابقة، الزبور والتوراة والإنجيل، ويزيد عليها في المطالب الإلهية والأخلاق النفسية،[53] فهو الكتاب الذي تتبع كل حق جاءت به الكتب فأمر به، وحث عليه، وأكثر من الطرق الموصلة إليه وهو الكتاب الذي فيه نبأ السابقين من الأمم والأنبياء والرسل، واللاحقين، وهو الكتاب الذي فيه الحكم والحكمة والأحكام الذي عرضت عليه الكتب السابقة، وليس معنى هذا أنه تتبع الجزئيات والأحكام الفرعية، ولكنه تضمن ما جاء فيها في كليات اتفقت عليها الشرائع السماوية، وهي: حفظ الدين، والنفس، والعقل، والنسب، والمال، والعرض.[53]
بالإضافة إلى ذلك يؤمن المسلمون أن لبعض آيات القرآن فضل كبير، وأن بعضها يحمي من الحسد أو وسوسة الشيطان، وذلك بالاستناد إلى عدد من الأحاديث النبوية. ومن أهم آيات القرآن ذات الفضل العظيم عند المسلمين: آية الكرسي، وهي الآية رقم 255 من سورة البقرة، وعند الكثير من المراجع الشيعية فهي الآيات 255 و 256 و 257، ويُستحب قراءتها كلها مع بعضها.[54][55][56][57][58][59] ويقول علماء الدين أن تلك الآية أعظم آيات القرآن لما اشتملت عليه من الأسماء الحسنى وصفات الله، وأن قراءتها تحفظ البيت والنفس من الشيطان وتسلطه.[60][61] كذلك هناك سورة الفلق، التي يلجأ إليها المسلم متضرعًا إلى الله ليحميه من الشر غير الملموس الذي لا يقدر على درئه بنفسه، مثل "النفاثات في العقد" التي يقول بعض المفسرين أنها تشير إلى النساء اللاتي كن يوسوسن في أذن الرجال وخاصة الأزواج ليثنوهم عن عزمهم المعقود وليوهنوا عزائمهم في أداء المهام الصالحة، والحسد الذي يلقاه المرء لأسباب مختلفة خلال حياته اليومية.[62] وأيضًا سورة الناس التي يلجأ إليها المسلم محتميًا بالله من شرِّ الشيطان الذي يوحي للإنسان ويأمره في خفاء وتكرار؛ ليجعلهُ يعصي ربّه، وينفث فيه الوساوس التي هي أصلُ الشر.[63]
تنزيلات القرآن
أختلف علماء المسلمين في طريقة نزول القرآن فمن الآيات ماتثبت نزول القرآن جملة ومنها مايثبت نزوله منجماً وعلى هذا فإن القرآن مر بعدة تنزيلات منها ماهو جملة ومنها ماهو منجما في مراحل تنزيله من الله إلى الرسول محمد :-
- نزل القرآن أولاً من الله تعالى إلى اللوح المحفوظ : ويقصد بهذا النزول ليس نزول علوٍّ وسفل بل يقصد به إثباته في اللوح المحفوظ واعتماده غير قابل للتغيير وحكمة هذا النزول ترجع إلى الحكمة من وجود اللوح نفسه، فإنه السجل الجامع لما كان وما سيكون إلى يوم القيامة.[64] ذكر العلماء الدليل على هذا النزول من القرآن بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ
- نزل من اللوح المحفوظ إلى مكان يسمى بيت العزة في السماء الدنيا جملة واحدة في ليلة القدر: ودليله من القرآن إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ وفي سورة القدر إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ومن الأحاديث عن ابن عباس أنه قال: "فُصِّلَ القرآن من الذكر"-يعني اللوح المحفوظ- فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، فجعل جبريل ينزل به على النبي ﷺ".[65] وقد نقل أبو شامة المقدسي في كتابة المرشد والوجيز عن هذا النزول فقال:«وقال جماعة من العلماء: نزل القرآن جملة واحدة في ليلة من اللوح المحفوظ إلى بيت يقال له بيت العزة، فحفظه جبريل وغشي على أهل السموات من هيبة كلام الله، فمر بهم جبريل وقد أفاقوا فقالوا: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾. الحق يعني القرآن فأتى به جبريل إلى بيت العزة فأملاه جبريل على السفرة الكتبة، يعني الملائكة وهو قوله سبحانه وتعالى: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ "نقلته من كتاب "شفاء القلوب" وهو تفسير علي بن سهل النيسابوري"».[66]
- ومن بيت العزة نزل به جبريل على قلب الرسول محمد منجَّمًا أي "مُفرَّقًا" في نحو ثلاث وعشرين سنة على حسب الوقائع والأحداث، ومقتضيات الأحوال: ودليل ذلك من القرآن قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآَيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ وهو الكتاب الوحيد من الكتب السماوية الذي نزل منجماً بدليل وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا وقد أستنبط العلماء الحكمة من نزول القرآن بشكل متفرّق خلاف بقية الكتب السماوية وذكروا له عدة حكم منها:
- تثبيت قلب النبي محمد لمواجهة ما يلاقيه من قومه، كما ورد في سورة الفرقان: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ، ففي قول "ورتلناه ترتيلاً" إشارة إلى أن تنزيله شيءًا فشيئًا ليتيسر الحفظ والفهم والعمل بمقتضاه.
- الرد على الشبهات التي يختلقها المشركون ودحض حججهم أولاً بأول: وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا .
- تيسير حفظه وفهمه على النبي محمد وعلى أصحابه.
- التدرج بالصحابة والأمة آنذاك في تطبيق أحكام القرآن، فليس من السهل على الإنسان التخلي عما اعتاده من عادات وتقاليد مخالفة للقيم والعادات الإسلامية مثل شرب الخمر.
- كان ينزل حسب الحاجة أي ينزل ليرد على أسئلة السائلين.
أما المقدار الذي كان ينزل من القرآن على النبي محمد فيظهر من الأحاديث النبوية أنه كان ينزل على حسب الحاجة. ويمكن تقسيم تاريخ القرآن إلى فترتين زمنيتين رئيسيتين: العهد النبوي، وهي فترة نزول الوحي عند المسلمين، وعهد الخلفاء الراشدين، وهي فترة حفظ القرآن وجمعه في مصحف واحد
أول مانزل من القرآن وآخره
أوّل ما نزل من الوحي على محمد كان في غار حراء على جبل النور الواقع بالقرب من مكة، وذلك في يوم الاثنين،[67] 17 رمضان[68] أو 24 رمضان،[69][70] أو 21 رمضان، الموافق 10 أغسطس سنة 610م،[71] أو 27 رجب عند الشيعة.[72] وفي الرواية المنقولة عن عائشة بنت أبي بكر المؤكدة من قبل الإمامين البخاري ومسلم، والتي أنكر الشيعة معظمَ ما جاء فيها،[73][74] فإن أول ما نزل من الوحي كان: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ .[75]
وبعد تلك الحادثة، فَتَر الوحي عن محمد مدة، قيل أنها ثلاث سنوات وقيل أقلّ من ذلك، ورجّح البوطي ما رواه البيهقي من أن المدة كانت ستةَ أشهر،[76][77] حتى انتهت بنزول أوائل سورة المدثر. ثم بدأ الوحي ينزل ويتتابع مدة ثلاثة وعشرين عامًا حتى وفاته.[78] فكان أول ما نزل من القرآن بعد أول سورة العلق، أوّل سورة القلم، والمدثر والمزمل والضحى والليل.[79] وقد اختلف العلماء في تحديد أوّل ما نزل من القرآن كون سورة المدثر نزلت بكمالها قبل نزول تمام سورة العلق، التي نزل منها صدرها أولاً، على أن الرأي الأغلب والأرجح هو القائل بأن سورة الفلق هي أوّل السور. وعبّر بعض العلماء للتوفيق بين الرأيين بقولهم أن أوّل ما نزل للنبّوة كان صدر سورة القلم، وأوّل ما نزل للرسالة كان سورة المدثر.[75] استمر الوحي ينزل على محمدًا في مكة طيلة ثلاث عشرة سنة، وبلغ عدد السور التي نزلت هناك ثلاث وثمانون سورة، وقيل خمس وثمانون،[80] كانت أولها سورة العلق وآخرها سورة المؤمنون، ويُقال العنكبوت.[75] ولمّا اشتد أذى قريش لمحمد وأتباعه من المسلمين، هاجروا شمالاً إلى مدينة يثرب، التي دُعيت منذ ذلك الحين بالمدينة المنورة، وهناك استمر الوحي ينزل عليه بصورة متتالية. وقد بلغ عدد السور التي نزلت بالمدينة إحدى وثلاثون سورة، وقيل تسع وعشرون،[80] كان أولها سورة المطففين وآخرها سورة التوبة، وفي شرح البخاري لابن حجر اتفقوا على أن سورة البقرة أول سورة نزلت بالمدينة، وفي تفسير النسفي عن الواقدي أن أول سورة نزلت بالمدينة هي سورة القدر.[75]
بعد أن استقر المسلمون في المدينة المنورة، واعتنق أهلها الإسلام دينًا، طلب النبي محمد من بعض صحابته حفظ ما ينزل عليه من القرآن ونشره بين الناس وتعليمهم ما جاء فيه من الشرائع والحكم والفضائل. وكان كثير من الصحابة أميًا، بينما كان في الأوس والخزرج من أهل المدينة عدّة يكتبون بالعربية، والقليل ممن يكتب بالعبرانية التي تعلموها من اليهود. كذلك كان من أسرى الحرب من يكتب، ولا يملك المال ليفدي نفسه، فجعل الرسول فدية من يعرف الكتابة من سبعين أسيرًا في غزوة بدر تعليم كل واحد منهم عشرة من صبيان المدينة الكتابة،[81] وبهذا تعلّم عدد كبير من المهاجرين والأنصار القراءة والكتابة، وقاموا بتدوين ما ينزل على محمد من الوحي، وقد وصف العلماء هؤلاء الأشخاص بكتّاب الوحي. وفقًا لمسند أحمد بن حنبل بسنده عن ابن عباس، أنه عندما كانت السور ذوات العدد تنزل على الرسول، كان يدعو بعض من يكتب عنده، يقول: "ضعوا هذا في السورة الّتي يُذكر فيها كذا وكذا"، وعندما تنزل عليه الآيات يقول: "ضعوا هذه الآيات في السورة الّتي يُذكر فيها كذا وكذا"،[82] فكان الوحي، وفقًا للمصادر الإسلامية، يعين مكان الآيات في السور، ومن الأحاديث التي يُستند إليها في ذلك ما ورد في تفسير الدر المنثور: «أخرج أحمد، عن عثمان بن أبي العاص قال: "كُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ جَالِسًا إِذْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ ثُمَّ صَوَّبَهُ حَتَّى كَادَ أَنْ يُلْزِقَهُ بِالأَرْضِ قَالَ ثُمَّ شَخَصَ بِبَصَرِهِ فَقَالَ أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَضَعَ هَذِهِ الآيَةَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ».[83][84] كان الكتبة يدونون الوحي على ألواح من الخشب أو الطين المشوي، بالإضافة إلى العظام وسعف النخل العريضة،[85] ولم يُدوّن الوحي على الورق ويُجمع في كتاب واحد إلا بعد وفاة الرسول سنة 632م.
اختلف العلماء حول آخر ما نزل من القرآن على النبي محمد، فقال فريق أن آخر آية نزلت هي آية الربا،[86] وهي: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ، وقال آخر أنها الآية التالية: وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ،[86] وقال آخرون أنها آية الدين، أي الآية رقم 282 من سورة البقرة،[86] وقد جمع بين هذه الروايات الثلاث بأن هذه الآيات نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف، فروى كل واحد بعض ما نزل بأنه آخر ما نزل.[86] أما أكثر الأقوال حول آخر ما نزل من القرآن شيوعًا بين الناس، فهو أنها الآية التالية: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً﴾،[86] وهنالك أقوال أخرى منها القائلة بآية الكلالة،[86] وقد أفاد بعض العلماء أن هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي محمد، ويجوز أن يكون قاله قائله بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن، ويحتمل أن كلاً منهم أخبر عن آخر ما سمعه من النبي محمد في اليوم الذي مات فيه أو قبل مرضه بقليل، ويحتمل أيضًا أن تنزل هذه الآية التي هي آخر أية تلاها الرسول مع آيات نزلت معها، فيؤمر برسم ما نزل معها بعد رسم تلك، فيظن أنه آخر ما نزل في الترتيب.[86]
عهد الجمع
ثمة وجهتا نظر في موضوع جمع القرآن، إحداهما تقررها المصادر السُّنية والأخرى تؤكدها المراجع الشيعية الإمامية. أما وجهة النظر السُّنية الرسمية فترجع بعملية جمع القرآن، في مصحف، إلى عهد أبي بكر الصديق، لتنتهي في عهد عثمان بن عفان بإقرار مصحف واحد رسمي وإحراق ما عداه،[87] بينما تنص المراجع الشيعية إلى أن علي بن أبي طالب، ابن عم النبي محمد، كان قد جمع نسخة كاملة من القرآن في مصحف بعد وفاة محمد،[2] وأن ترتيبه كان يختلف عن الترتيب الذي اتبع خلال خلافة عثمان بن عفان، لكن على الرغم من ذلك فإن علي لم يعترض على المصحف الموحد حديث الجمع، بل أقرّ به، لكنه احتفظ أيضًا بالمصحف الذي جمعه بنفسه.[88] ومما مَيَّزَ مصحف علي عن غيره من المصاحف، بالنسبة للشيعة، هو أن المصحف الذي جمعه علي وقدَّمه للمسلمين آنذاك كان مشتملاً على عدّة مميزات: فقد كان مرتبًا حسب ترتيب نزول الآيات بدقة فائقة، فكانت الآيات المنسوخة مقدمة على الآيات الناسخة، والمكية على المدنية.[89] وكان مشتملاً في هامشه على توضيحات مهمة جدًا تبيِّن المناسبة التي نزلت فيها كل آية، وتبيِّن كل ما له علاقة بمكان وزمان نزول الآيات، وما إليها من معلومات قيمة،[90] كما وأن ذلك المصحف كان مشتملاً على بيان تأويل الآيات وبيان المجرى العام للآيات خارج نطاق زمان ومكان نزول الآية بصورة مفصلة. وفي هذا الإطار قَالَ الإمام جعفر بن محمد الصادق: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "لَوْ أَنَّ النَّاسَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ كَمَا أُنْزِلَ، مَا اخْتَلَفَ اثْنَان"».[91]
أبرز الروايات التي تتحدث عن جمع القرآن في مصحف واحد لأول مرة خلال عهد أبي بكر الصديق، هي تلك التي تفيد أنه بعد غزوة اليمامة، التي قتل فيها الكثير من الصحابة وكان معظمهم من حُفاظ القرآن، جاء عمر بن الخطاب إلى أبو بكر وطلب منه أن يجمع القرآن في مكان واحد حتى لا يضيع بعد وفاة الحُفاظ. فكلّف أبو بكر الصحابي زيد بن ثابت لما رأى فيه من الصفات التي تؤهله لمثل هذه الوظيفة ومنها كونه من حفاظ القرآن ومن كُتّابه على عهد النبي محمد، وقد شهد زيد مع النبي العرضة الأخيرة للقرآن في ختام حياته. ثم إن زيدًا قد عُرف بذكائه وشدة ورعه وأمانته وكمال خلقه. ثم بدأ زيد بجمع القرآن من الرقاع واللخاف والعظام والجلود وصدور الرجال، وأشرف عليه وأعانه في ذلك أبو بكر وعمر وكبار الصحابة. واتبع الصحابة طريقة دقيقة وضعها أبو بكر وعمر لحفظ القرآن من الخطأ، فلم يكتف الصحابة بما حفظوه في قلوبهم ولا بما سمعوا بآذانهم ولا بما كتبوه بأيديهم بل جعلوا يتتبعون القرآن واعتمدوا في جمعه على مصدرين اثنين أحدهما ما كتب بين يدي النبي محمد والثاني ما كان محفوظًا في صدور الرجال. وبلغت مبالغتهم في الحيطة والحذر أنهم لم يقبلوا شيءًا من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدلان أنه كتب بين يدي الرسول.[92] واستمر زيد يجمع القرآن حتى وجد آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، وعندها حُفظت الصحف التي كُتب عليها القرآن عند أبو بكر حتى توفي، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر بعد مقتل الأخير.[87] واتفق العلماء أن الصحابة كان لديهم مصاحف كتبوا فيها القرآن أو بعضه، قبل جمع أبي بكر لها، إلا أن هذه المصاحف كانت جهودًا فردية لم تنل ما ناله مصحف الصدّيق من دقة البحث والتحري وبلوغه حد التواتر والإجماع من الصحابة.
بعد مقتل عمر بن الخطاب، بويع عثمان بن عفان بالخلافة، وبحلول سنة 650م كان الإسلام قد انتشر انتشارًا عظيمًا، فدخلت الشام ومصر والعراق وفارس وقسم من شمال أفريقيا في ظل الدولة الإسلامية، وفي مصادر أهل السنة والجماعة، أن عثمان كان منهمكًا في تجهيز جيش من أهل الشام والعراق لغزو أرمينية وأذربيجان، فقدم عليه حذيفة بن اليمان وقال له: «يا أمير المؤمنين، أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب، اختلاف اليهود والنصارى». وكان حذيفة قد راعه اختلاف المجَنَّدين العراقيين والشاميين في قراءة القرآن، كل فريق يعتبر قراءته هي وحدها الصحيحة.[87] بناءً على هذا، أرسل عثمان إلى حفصة بنت عمر، يطلب منها نسخة الصحف التي جمعت أيام أبي بكر وانتقلت إليها عقب وفاة عمر، لعمل نسخة منها فأرسلتها إليه، ثم أمر زيدًا بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن ينسخوها في المصاحف. وتقول الرواية إن عثمان قال لهم: «إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم». وتضيف الرواية إنه عندما أنهى هؤلاء نسخ الصُّحف التي كانت لدى حفصة في مصحف واحد، رد عثمان الصحف إليها وأرسل إلى جميع الأمصار بنسخة من المصحف الجامع -وقد سمي بالمصحف الإمام- وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.[93][94] ولم يبق سوى هذا المصحف منذ ذلك العهد، وهي النسخة التي تطبع حاليًا بالرسم العثماني في كل أنحاء العالم الإسلامي.
هذا عن وجهة النظر السُّنية الرسمية، أما الشيعة فلم يقبلوا ما ذهب له أهل السنة من أن النبي محمد بعد وفاته ترك القرآن مفرقًا في نتاتيفٍ من خوص النخيل وقطع من الحجارة وعظام أكتاف الإبل، ثم أتى بعض الصحابة وجمعوه، بل قالوا أن الرسول الذي كان حريصًا أشد الحرص على حفظ القرآن هو أول من أمر بجمع القرآن وقام بتنظيم آياته وأثبتها في مواضعها المرادة لله، فهو الذي بدرايته وحفظه أتم السور ورتبها، وأشرف عليها ممليًا ومستكتبًا، آمرًا الناس بكتابته والقيام بحفظه والاشتغال بنسخه، وما أرجأ آيةً نزلت ولا كلمة إلى زمن آت لتكتب، ولا لمقام آخر لتدون، وما اعتمد على أمته في هذا الدور الخطير الذي يحتاج إلى تسديد مباشر من الوحي.[95] وقد قام بعض علماء الشيعة الكبار، مثل الإمام أبو القاسم الموسوي الخوئي، باستعراض مختلف الروايات التي ذكرتها كتب السُّنة وغيرها، وفي مقدمتها تلك التي ذُكرت في صحيح البخاري، فقارن بينها وأبرز جوانب الاختلاف والتناقض فيها، ثم عارضها بروايات أخرى –كثير منها من المصادر السُّنية- يرى أنها تشهد بأن القرآن قد تم جمعه في زمن النبي محمد، ومنها ما رواه الطبراني وابن عساكر عن الشعبي أنه قال: «جَمَع القرآن على عهد رسول الله ﷺ ستة من الأنصار هم: أُبَيّ بن كعب، وزيد بن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو الدرداء، وسعد بن عبيد، وأبو زيد، وكان مجمع بن جارية قد أخذه إلا سورتين أو ثلاثًا».[87] ويعترض الخوئي على من قال بأن لفظ "جَمَع" في هذه الروايات معناه حفظ كامل القرآن، ليقرر أنه لا يعقل أن يكون قلة من الأشخاص هم وحدهم الذين كانوا يحفظون القرآن كله زمن النبي محمد. ومن هنا يقرر أن المقصود بجمع القرآن من طرف هؤلاء، هو أخذه من القراء والمواد المكتوب عليها وجمعه في مصحف.[87] أما ما فعله عثمان فهو، في نظر الخوئي، أنه قد جمع القرآن في زمانه، لا بمعنى أنه جمع الآيات والسور في مصحف، بل بمعنى أنه جمع المسلمين على قراءة مصحف إمام واحد، وأحرق المصاحف الأخرى التي تخالِف ذلك المصحف، وكتب إلى البلدان أن يحرقوا ما عندهم منها، ونهى المسلمين عن الاختلاف في القراءة.[87]
النص القرآني
يتميز النص القرآني عن النصوص النثرية والشعرية، بأنه لا يتكوّن من مقدمة ولا صلب موضوع ولا خاتمة، عوضًا عن ذلك فإن بنيته اللاخطية هي أقرب ما يكون إلى شبكة متفرعة من المواضيع.[2] فلم تأتي السور والقصص الواردة في القرآن بشكل متتابع أو متمم لما سبقها.[96] اجتهد الصحابة والتابعين ومن روى عنهم من العلماء في تقسيم القرآن إلى 30 وردًا يوميًّا، ومرجع ذلك أن يختم أحدهم القرآن في رمضان مرة واحدة على الأقل، وهذا التقسيم اجتهادي وغير توقيفي والعمل به مستحب ومنتدب عند المسلمين، ومن ثم قسم الجزء إلى حزبين والحزب إلى أثمان وأرباع وفي التفصيل فيها اختلافات سببها الاجتهاد ولا تتجاوز الآية والآيتين والثلاث في الغالب.
أجزاء القرآن الثلاثون
1. البسملة أو "الحمد لله" - الفاتحة 2. جزء "سيقول السفهاء" - البقرة 3. جزء "تلك الرسل" - البقرة 4. جزء "لن تنالوا البر" / "كل الطعام" - آل عمران 5. جزء "والمحصنات" - النساء 6. جزء "لا يحب الله" - النساء 7. جزء "لتجدن" / "وإذا سمعوا" - المائدة 8. جزء "ولو أننا نزلنا" - الأنعام 9. جزء "قال الملأ" - الأعراف 10. جزء "واعلموا" - الأنفال 11. جزء "يعتذرون" - التوبة 12. جزء "وما من دابة" - هود 13. جزء "وما أبرئ نفسي" - يوسف 14. جزء "الـر" - الحجر 15. جزء "سبحان" - الإسراء 16. جزء "قال ألم" / "أما السفينة" - الكهف 17. جزء "اقترب للناس" - الأنبياء 18. جزء "قد أفلح" - المؤمنون 19. جزء "وقال الذين لا يرجون" - الفرقان 20. جزء "فما كان جواب قومه" - النمل 21. جزء "ولا تجادلوا" - العنكبوت 22. جزء "ومن يقنت" - الأحزاب 23. جزء "وما أنزلنا" - يـس 24. جزء "فمن أظلم" - الزمر 25. جزء "إليه يرد" - فصلت 26. جزء "حـم" - الأحقاف 27. جزء "قال فما خطبكم" - الذاريات 28. جزء "قد سمع" - المجادلة 29. جزء "تبارك" - المـلك 30. جزء "عمّ" - النبأ
السور والآيات
يقسم القرآن إلى 114 فصلاً مختلفة الطول،[97][98] تُعرف باسم "السُوَر" ومفردها "سورة". وتُقسم هذه السور إلى قسمين: مكية ومدنية. وقد قسّم علماء الشريعة سور القرآن إلى ثلاثة أقسام وفقًا لطولها، ألا وهي: السبع الطوال وهي البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، وبراءة. وسميت بالطوال لطولها، والطوال جمع طولى.[99] والمئون، وهي ما ولي السبع الطوال، سُمِّيَت بذلك لأن كل سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها.[99] والمثاني، وهي ما ولي المئين.[99] أما السور المكية فهي التي نزلت في مدينة مكة قبل الهجرة إلى المدينة، وأغلبها يدور على بيان العقيدة وتقريرها والاحتجاج لها، وضرب الأمثال لبيانها وتثبيتها وعددها 86 سورة.[97] أما السور المدنية فهي التي نزلت بعد الهجرة في المدينة المنورة، ويكثر فيها ذكر التشريع، وبيان الأحكام من حلال وحرام وعددها 28 سورة.[97] قام مسلمي الصدر الأول بتسمية سور القرآن بحسب تكرر الاستعمال، فمن المعلوم أن العرب تراعي في الكثير من المسميات أخذ أسمائها من نادر أو مستغرب يكون في الشيء من خَلْق أو صفة تخصه، أو تكون معه أحكم أو أكثر أو أسبق. وعلى ذلك جرت أسماء سور القرآن، كتسمية سورة البقرة بهذا الاسم لقرينة ذكر قصة البقرة المذكورة فيها، وسميت سورة النساء بهذا الاسم لما تردد فيها من كثير من أحكام النساء، وتسمية سورة الأنعام لما ورد فيها من تفصيل في أحوالها، وسُميت سورة الإخلاص كذلك لما فيها من التوحيد الخالص، وهكذا دواليك.[100] أولى السور في القرآن هي سورة الفاتحة، وقد جُمعت السور الطويلة في أوّل المصحف والقصيرة في آخره، وبالتالي فإن ترتيب السور ليس بحسب تاريخ نزولها، وجميع هذه السور تبدأ بالبسملة: ، عدا سورة التوبة، ويفسّر العلماء ذلك بقولهم إنها نزلت بالقتال والبسملة بركة وطمأنة فلا يناسب أن تبدأ السورة التي في القتال وفي الحديث عن المنافقين بالبسملة، وقيل أيضًا لأن العرب كان من شأنهم أنهم إذا كان بينهم وبين قوم عهد فإذا أرادوا التوقف عنه كتبوا إليهم كتابًا ولم يكتبوا فيه بسملة، فلما نزلت السورة بنقض العهد الذي كان بين النبي محمد والمشركين بعث بها النبي علي بن أبي طالب، فقرأها عليهم ولم يبسمل في ذلك على ما جرت به عادة العرب.[101] لكن على الرغم من ذلك، فإن عدد البسملات في القرآن يصل إلى 114 بسملة ليتساوى بذلك مع عدد السور، وذلك لأن إحدى البسملات ذُكرت في صُلب سورة النمل، على أنها ما كان النبي والملك سليمان يفتتح به رسائله إلى بلقيس ملكة سبأ: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ .[102]
تُقسم كل سورة من سور القرآن إلى عدّة آيات يختلف عددها باختلاف السور، كما يختلف طولها أيضًا، حيث أن بعضها عبارة عن بضعة حروف وبعضها الآخر عبارة عن عدد من السطور. وقد نزلت الآيات القرآنية متميزة عن بيوت الشعر العربي الجاهلي في القافية والوزن، وجاءت شبيهة جدًا بالعبارات المنسوبة إلى أنبياء العهد القديم المذكورة في الكتاب المقدس، وفي هذا قال العلماء المسلمون أنها نزلت على هذا الشكل لتؤكد نبوّة محمد ولتجابه العرب الوثنيين في أكثر ما تميزو به وأتقنوه، ألا وهو الشعر، وذلك بأن ترغمهم على التفكّر في كيفية إمكان شخص أميّ لا يقرأ الشعر أو يتقنه، أن يأتي بما يفوقه فصاحة. أما عدد آيات القرآن فقد جاء باجتهاد من كبار الصحابة والتابعين ومن روى عنهم، فالنص القرآني محفوظ عندهم ولكن الرسول محمد لم يحدد لهم عدد آيات سورة بعينها إلا سورة الملك في حديثه عن سورة ثلاثون آية تنجي من عذاب القبر، وسورة الفاتحة،[103] عدا ذلك فقد اجتهد علماء المسلمين منذ القرن الأول الهجري في تحديد أي المواضع التي أثر عن النبي محمد هي رؤوس الآيات فنتج عن ذلك سور اختلف العادون مواضع رؤوس الآيات فيها وبالتالي في عدد آياتها، وسور اتفق العادون في عدد آياتها واختلفوا في مواضع رؤوس الآيات، وسور اتفق العادون في عدد آياتها ومواضع رؤوس الآيات فيها. على الرغم من ذلك فإن العلماء اتفقوا على أن الآيات لا تقل عن ستة آلاف، أما ما يزيد عن ذلك فمنهم من قال: مئتا آية وأربع آيات، وقيل: أربع عشر آية، وقيل مئتان وتسع عشرة آية وقيل مئتان وخمس وعشرون آية أو ست وعشرون، وقيل مائتان وست وثلاثون آية.[2][104] وتجدر الإشارة إلى أن الاختلاف في عدد الآيات لا يعنى وجود نصوص مختلفة، وإنما سببه الاختلاف في تحديد مواضع بداية ونهاية بعض الآيات.
كلمات القرآن وحروفه وأعداده
قال السيوطي في الإتقان أن كلمات القرآن تبلغ سبعة وسبعون ألف كلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون كلمة (77,439)،[104] بينما قال أبو حامد الغزالي أن القرآن يحتوي على 77200 كلمة.[105] أما بالنسبة لعدد حروف القرآن فقد ذكر ابن كثير في تفسيره عن مجاهد أنه قال: «هذا ما أحصيناه من القرآن وهو ثلاثمائة ألف حرف وعشرون ألفاً وخمسة عشر حرفًا»،[104] بينما قال أبو خامد الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين أن عدد حروف القرآن هو 321,250 حرفًا.[105] ونقل القرطبي عن سلام أبي محمد الحماني: أن الحجاج بن يوسف جمع القراء والحفاظ والكتاب فقال: «أخبروني عن القرآن كله كم من حرف هو؟». قال: «وكنت فيهم فحسبنا فأجمعنا على أن القرآن 340,740 حرفًا»، قال: «فأخبروني إلى أي حرف ينتهي نصف القرآن»، فإذا هو في الكهف في الفاء. قال: «فأخبروني بأثلاثه»، فإذا الثلث الأول رأس مائة من براءة والثلث الثاني رأس مائة وإحدى من الشعراء والثلث الثالث ما بقي من القرآن.[105]
إدّعى عالم مصري مختص بالكيمياء الحيوية ويُدعى رشاد خليفة، في عام 1974، أنه اكتشف صيغة رياضية مبنية على رقم 19 المذكور صراحةً في الآية الثلاثين من سورة المدثر: عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ،[106] غير أنه عندما قام علماء الأزهر وغيرهم من العلماء المسلمين بالتدقيق في ما قاله خليفة، تبيّن أن تلك الصيغة تتجلى في نسخة من المصحف قام خليفة بطبعها ونشرها بنفسه، جازمًا فيها بمواضيع خلافية كثيرة، كما ظهر أنه لم يلتزم بقاعدة معينة في الإحصاء، وإنه تعمّد التحريف والتلفيق ليخلص إلى نتيجة أنّ تكرار أحرف أ، ل، م، ص، ر، المذكورة في بعض السور مثل البقرة وآل عمران ومريم وإبراهيم وغيرها، هو من مضاعفات العدد 19.[107]
الأحكام والإعجاز والقصص
ورد في سياق النص القرآني عدد من الأحكام المهمة المتعلقة بأداء العبادات وتنظيم الحياة اليومية والمعاملات بين الناس، فقد ورد فيه على سبيل المثال كيفية الوضوء سواء أكان الإنسان صحيحًا أم سقيمًا، وسواء وُجد الماء أم لم يوجد: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، وورد فيه تحريم شرب الخمر وأكل لحم الخنزير والزنا والربا، وغير ذلك من الأمور. بالإضافة إلى ذلك وردت في القرآن عدّة سور تتحدث عن العدل والأخلاق وتعلّم الفضائل وتأمر بها، فقد ورد في سورة الجمعة أنّ إحدى الأهداف المهمّة، لبعثة النبي محمد، هو تزكية النّفوس وتربيّة الإنسان، وبلورة الأخلاق الحسنة، في واقعه الوجداني، بحيث يمكن أن يُقال إنّ تلاوة الآيات وتعليم الكتاب والحكمة التي أشارت إليها تلك السورة، يعُد مقدمة لمسألة تزكية النّفوس وتربية الإنسان، والذي بدوره يشكّل الغاية الأساسيّة لعلم الأخلاق.[108] كما عظَّم القرآن شأن الأمانة وأوضح أهميتها: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا وقد ورد الأمر فيه بوجوب ردها وافية غير منقوصة.[109] وتعرّض القرآن إلى كيفية معاملة اليتيم وكيفية معاملة الوالدين والزوجة والجار والأبناء. أما اليتيم فقد تعرضت له اثنين وعشرين آية مقسمة إلى أقسام ثلاثة: تعرّض القسم الأول منها إلى بيان شمول اللطف الإلهي له في الشرائع السابقة، من مسيحية ويهودية: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ، والايصاء به، وتعرّض القسم الثاني إلى بيان حقوقه الإجتماعية، وتركز القسم الثالث على بيان حقوقه المالية.[110] كما طفحت سورة النساء بالآيات التي تتحدث عن حقوق المرأة الإجتماعية والزوجية والمالية، التي قررت لزوم الانفاق عليها من قبل الزوج ما دامت في حبالته، ومرتبطة معه برباط الزواج المقدس، وحريتها في اختيار الزوج الذي تريد إذا كانت ثيبًا، وغير ذلك من الأمور.[111] ورفع القرآن من شأن الوالدين بدرجة كبيرة، وحث الإنسان على العناية بهما خاصة وقت الكبر لغلبة العجز على حالهم والدعاء لهما بالرحمة والمغفرة، ونهى أشد النهي عن الإساءة إليهما حتى بقول "أف": وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا .[112]
يقول بعض الباحثين وعدد من علماء الشريعة المختصين أيضًا بمجالات علمية متنوعة، أن القرآن يشير إلى معلومات علميّة كثيرة في عدد من الآيات،[113] وأن هذا يُشكل الدليل القاطع على أن مصدره الله العليم والعارف بكل شيء.[114] وقد انتشر الاعتقاد بأن القرآن بيّن عدّة نظريات علمية معروفة، قبل اكتشافها بمئات السنين، في مختلف أنحاء العالم الإسلامي،[115] وبرز عدد من العلماء ليؤكدوا ذلك، من أشهرهم الدكتور زغلول النجار، الذي ربط في عدّة محاضرات جامعية وتلفازية بين ما جاء في بعض الآيات وما أقرّته نظريات علمية في القرن العشرين وما سبقه. ومن أبرز ما قيل في هذا المجال على سبيل المثال، أن الآية السابعة والستين من سورة الأنعام: لِّكُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ، تشير إلى أن ما ورد في القرآن من معلومات علميّة سوف يُكتشف مع مرور الزمن،[115] وأن الكون خُلق فعلاً من انفجار عظيم،[116] وأن أدنى نقطة على سطح الأرض هي البحر الميت،[117] وأن الجنين يُخلق في أطوار،[118] وغير ذلك من الأمور. كذلك يقول علماء التفسير أن القرآن تنبأ ببعض الحوادث التي ستقع مستقبلاً، من أشهرها هزيمة الفرس على يد الروم البيزنطيين خلال عقد العشرينيات من القرن السابع،[119] بعد أن كان الفرس قد هزموا الروم قبلاً وفتحوا قسمًا من إمبراطوريتهم: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ، فقد نزلت هذه الآية في سنة 615، أي قبل 6 أو 7 سنوات من انقلاب ميزان القوى لصالح البيزنطيين.[120] بالمقابل، هناك عدد من العلماء الذين يُعارضون فكرة وجود إعجاز علميّ في القرآن، قائلين أنه ليس بكتاب علوم، ومن أبرز الذين قالوا بذلك أبو الريحان البيروني، الذي وضع القرآن في تصنيف خاص به وحده، وقال أنه "لا يتدخل في شأن العلم ولا يُخالطه"،[115] ومن الأسباب التي جعلت البيروني وغيره من علماء عصره، ومن تلاهم، يقولون بعدم وجود إعجاز علمي في القرآن، وجود عدّة تفسيرات علمية لظاهرة طبيعية وحيدة، فالعلم دائمًا ما يتغير والنظريات دائمًا ما تتبدل وتُدحض، فلا يمكن القول بصحة إحداها طيلة الزمن.[115][121]
بالإضافة إلى الأحكام والدلائل العلمية وفق بعض العلماء، وردت في القرآن أغلب قصص الأنبياء والصالحين الذين سبقوا محمدًا، والذين ذكروا في الكتاب المقدس، وبخاصة في التوراة منه، ويُلاحظ أن هذه القصص يتطابق أغلبها مع ما جاء في الكتاب المقدس، ومن أبرزها: خلق آدم وحواء، قابيل وهابيل، إبراهيم، يوسف، موسى وفرعون وخروج بني إسرائيل من مصر، داود وسليمان ومملكة سبأ، أهل الكهف، ولادة المسيح المنتظر من مريم العذراء بأمر من الله، وغير ذلك من القصص.[122]
الهيكلية الأدبية
يقول المختصون من اللغويين وعلماء التفسير، أن القرآن يوصل رسالته إلى القارئ والسامع باستخدام أنماط ووسائل أدبية مختلفة. فعلى سبيل المثال تتم قراءة القرآن باستخدام أنماط صوتية تختلف عن تلك المُستخدمة عند قراءة الشعر أو النثر، الأمر الذي يُساعد على حفظها في ذهن السامع وسهولة تذكره لها، والجدير بالذكر هنا أن هذا يصدق على قراءة القرآن بالعربية، أما قراءة الترجمات في اللغات الأخرى فمثلها مثل قراءة النثر، إذ يجمع العلماء والمسلمون أجمعين على أن أسلوب النص القرآني الأصلي المُنزّل بالعربية لا يمكن مضاهاته بأي لغة ثانية أو حتى بالعربية نفسها.[123]
يقول ريتشارد گوثيل وسيگموند فرانكل من الموسوعة اليهودية، أن أقدم أجزاء القرآن تعكس ما يُمكن وصفه بالإثارة أو الانفعال الواضح في أسلوبها، وذلك عبر جمل قصيرة غير مترابطة وانتقالات مفاجئة من موضوع لآخر، غير أن القرآن يبقى محافظًا على تماسكه وقافيته في كل منها. وأن بعض الأجزاء المتأخرة تُحافظ على هذا النمط، ولكن يظهر فيها أيضًا نمط أكثر سكونًا وأسلوب أكثر إيضاحًا.[124]
ينقل مايكل سلز، أستاذ التاريخ والأدب الإسلامي في كلية الدراسات اللاهوتية في جامعة شيكاغو، عن الفيلسوف نورمان براون، أن التعابير الأدبية "غير المنظمة" في النص القرآني، وأسلوب تركيبه "المبعثر والمجزء"، هو في واقع الأمر وسيلة أدبية تهدف إلى إحداث "آثار عميقة في النفوس، وكأن قوّة الرسالة النبوية كانت تهشّم اللغة الإنسانية التي تخاطب البشر بها". كما ويؤكد سلز أن "التكرار" الكثير في عدّة مواضع من القرآن، هو أيضًا أداة أدبية.[125][126]
العلوم القرآنيّة
منذ بداية نزول القرآن وانشغال المسلمين البالغ به وبتعلمه، تفرَّعت حوله عدة علوم ومعارف، منها ما كان هدفه تفسير القرآن والوقوف على معانيه، ومنها ما اختص بالطريقة الصحيحة لتلاوته وغيرها من العلوم التي قامت حول القرآن وفي خدمته. وعلوم القرآن كثيرة ومتنوعة. وكان قراء الصحابة هم الأوائل في معرفة علوم القرآن، والعِلْم بالناسخ والمنسوخ، وبأسباب النزول، ومعرفة الفواصل والوقف، وكل ما هو توقيفي من علوم القرآن. وخلال فترات التاريخ الإسلامي برز في كل عصر علماء اختصوا في مجال من مجالات علوم القرآن، فألفوا في مختلف فنون هذا العلم.
علم نزول القرآن
يهتم هذا العلم بمكان نزول آيات القرآن وحالة نزولها وترتيبها وجهاتها قال أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري: «من أشرف علوم القرآن علم نزوله وجهاته وترتيب ما نزل».[127] وينقسم إلى خمسة وعشرون قسمًا هي:
- ما نزل بمكة ابتداءً ووسطًا وانتهاءً
- ما نزل بالمدينة ابتداءً ووسطًا وانتهاءً
- ما نزل بمكة وحكمه مدني
- ما نزل بالمدينة وحكمه مكي
- ما نزل بمكة في أهل المدينة
- ما نزل بالمدينة في أهل مكة
- ما يشبه نزول المكي في المدني
- ما يشبه نزول المدني في المكي
- ما نزل بالجحفة
- ما نزل ببيت المقدس
- ما نزل بالطائف
- ما نزل بالحديبية
- ما نزل ليلاً
- ما نزل نهارًا
- ما نزل مشيعًا
- ما نزل مفردًا
- الآيات المدنيات في السور المكية
- الآيات المكية في السور المدنية
- ما حمل من مكة إلى المدينة
- ما حمل من المدينة إلى مكة
- ما حمل من المدينة إلى أرض الحبشة
- ما نزل مجملاً
- ما نزل مفسرًا
- ما نزل مرموزًا
- ما اختلفوا فيه فقال بعضهم مدني وبعضهم مكي
ذكرها تفصيلاً صاحب كتاب "البرهان في علوم القرآن" وجاء فيه: «هذه خمسة وعشرون وجهًا من لم يعرفها ويميز بينها لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله تعالى».[128]
علم التفسير
التفسير في اللغة هو البيان والتوضيح، وكشف المغطى، وفي الاصطلاح عرّفه العلماء بأنه «علم يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد ﷺ وذلك ببيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه»،[129][130] أي هو العلم الذي يقوم المختصون بواسطته بتفسير القرآن واستخراج الأحكام الواردة فيه. والتفسير هو أحد أقدم العلوم الإسلامية، ووفقًا للمعتقد الإسلامي فإن محمدًا هو أوّل المفسرين، إذ كشف الله إليه معاني الآيات المنزلات، وبالتالي فالمسلمين لا يجزموا بمعنى أي آية ما لم يكن قد ورد عن الرسول أو عن بعض أصحابه الذين شهدوا نزول الوحي وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع، وخالطوا النبي محمد ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن.[129] فمنذ عهد النبي كان الصحابة يستفسرون منه عما أُشكل عليهم من معاني القرآن، واستمروا يتناقلون هذه المعاني بينهم لتفاوت قدرتهم على الفهم وتفاوت ملازمتهم للنبي، وبذلك بدأ علم تفسير القرآن.[131] وبعد أن مضى عصر الصحابة، جاء عهد التابعين الذين أخذوا علم الكتاب والسنة عنهم وكل طبقة من هؤلاء التابعين تلقت العلم على يد من كان عندها من الصحابة فجمعوا منهم ما رُوي عن الرسول من الحديث، وما تلقوه عنهم من تفسير للآيات وما يتعلق بها، فكان علماء كل بلد يقومون بجمع ما عُرف لأئمة بلدهم، كما فعل ذلك أهل مكة في تفسير ابن عباس وأهل الكوفة فيما روي عن ابن مسعود.[131] وكان لهؤلاء التابعين الفضل في تفسير القرآن للكثير من أهل البلاد المفتوحة الداخلين حديثًا في الإسلام، والذين لم يكونوا آنذاك قد أتقنوا اللغة العربية بعد، فعلّموهم أي الآيات كُشف معناها في عهد الرسول، وأي الآيات كُشف معناها لاحقًا بفضل الصحابة، فنسخوا النصوص الأقدم، فكان ذلك بداية علم النسخ،[132][133] على أن قسمًا من العلماء يقول بأن لا نسخ للقرآن قد حصل.[134]
يُقسم علم التفسير إلى قسمين: التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي،[135] أما التفسير بالمأثور فهو ما جاء في القرآن نفسه من البيان والتفصيل لبعض آياته وما نقل بالرواية الصحيحة عن النبي محمد وعن الصحابة وعن التابعين، من كل ما هو بيان وتوضيح لنصوص القرآن،[135] وأما التفسير بالرأي فهو تفسير القرآن بالاجتهاد بعد معرفة المفسر لكلام العرب ومناحيهم في القول، ومعرفته للأَلفاظ العربية ووجوه دلالتها، واستعانته في ذلك بالشعر الجاهلي ووقوفه على أسباب النزول، ومعرفته بالناسخ والمنسوخ من آيات القرآن، وغير ذلك من الأدوات التي يحتاج إليها المفسر، وهذا النوع الأخير يُقسم بدوره إلى تفسير بالرأي المحمود وتفسير بالرأي المذموم.[135] كتب العديد من المفسرين مصنفات في تفسير القرآن منهم: الطبري والترمذي وابن كثير، والزمخشري، ومحمد حسين الطباطبائي.
علم التأويل
التأويل في اللغة مأخوذ من أول الشيء أي رجعه، وأول الكلام وتأوله يعني: قدّره، وفسّره.[129] أما في الاصطلاح فقد اختلفت الفرق الإسلامية على تعريفه، فمنهم من قال أنه يراد به التفسير، كما يراد به الحقيقة التي يؤول إليها الأمر أو الخبر.[136] وهناك من قال بأن التفسير غير التأويل مثل قول الثعلبي: «التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازًا، والتأويل تفسير باطن اللفظ»، وبتعبير آخر تحديد المعنى المبطن للآيات. فالتأويل عند هؤلاء هو ما كان راجعًا إلى الدراية وهو التفسير بالرأي، إذ أن تفسير القرآن عندهم لا يُجزم به إلا إذا ورد عن النبي محمد أو عن بعض أصحابه الذين شهدوا نزول الوحي وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع، وخالطوا الرسول ورجعوا إليه فيما أشكل عليهم من معاني القرآن، وبهذه الحالة فمعنى الآية المستهدفة أو السورة المعينة لا جدال فيه. وأما التأويل فملحوظ فيه ترجيح أحد محتملات اللفظ بالدليل والترجيح يعتمد على الاجتهاد، ويتوصل إليه بمعرفة مفردات الألفاظ ومدلولاتها في لغة العرب، واستعمالها بحسب السياق، ومعرفة الأساليب العربية واستنباط المعاني من كل ذلك.[129] يعتبر الشيعة والصوفية أن التأويل عملية عقلية أو ذوقية إلهامية تسمو إلى إدراك المقاصد الخفية والعميقة مما لا يدركه سائر الناس،[137][138][139] أي أنه ليس بمقدور أي كان البحث في هذا العلم وإدراكه، بل يجب أن يكون التأويل صادرًا عن أحد الأئمة المعصومين عند الشيعة، أو عند أحد العلماء والمشايخ الزاهدين الذين كُشف عنهم الغطاء عند الصوفية.
المحكم والمتشابه
المحكم في اللغة يُقصد به إحكام الكلام، أي إتقانه وتمييز الصدق فيه من الكذب، وفي الاصطلاح قال بعض العلماء: أنه ما عُرِفَ المراد منه؛ وقال آخرون: هو ما لا يحتمل إلا وجهًا واحدًا؛ وعرَّفه قوم بأنه: ما استقلَّ بنفسه، ولم يحتج إلى بيان. ويمكن إرجاع هذه التعريفات إلى معنى واحد، هو معنى البيان والوضوح. والمتشابه يُقصد به لغةً تشابه الكلام تماثله وتناسبه، بحيث يصدِّق بعضه بعضًا، أما اصطلاحًا فعرّفه بعضهم بأنه: ما استأثر الله بعلمه، وعرفه آخرون بأنه: ما احتمل أكثر من وجه، وقال قوم: ما احتاج إلى بيان، بردِّه إلى غيره.[140] وبناءً على ذلك يتبين أنه لا تنافي بين المحكم والمتشابه من جهة المعنى اللغوي؛ فالقرآن كله محكم، بمعنى أنه متقن غاية الإتقان، وهو كذلك متماثل ومتشابه، بمعنى أنه يصدِّق بعضه بعضًا، أما من جهة الاصطلاح، فالمحكم ما عُرف المقصود منه، والمتشابه ما غَمُض المقصود منه.[140] فالمتشابهة عند أهل السنة هي الآيات التي لا يُقصد ظواهرها، ومعناها الحقيقي لا يعلمها إلا الله، وعند الشيعة فإن من يعلم تأويلها الحقيقي هو النبي محمد وأهل بيته أيضًا.[141] ويُقسم المتشابه إلى أنواع، فهناك متشابه من جهة اللفظ، وهناك متشابه من جهة المعنى، وهناك متشابه من جهة اللفظ والمعنى معًا.[140] أما المتشابه من جهة اللفظ فهو الذي أصابه الغموض بسبب اللفظ، ويمكن إرجاع ذلك إلى الألفاظ المفردة ذات الغرابة، وإلى جملة الكلام وتركيبه، من بسط واختصار ونظم.[140] والمتشابه من جهة المعنى هو ما يُمثَّل له بأوصاف لأحداث وأشياء ما رأتها عين أو سمعتها أذن أو أدركها بشر، مثل أحوال وأهوال القيامة.[140]
والسبب في وقوع التشابه في القرآن هو الحاجة إلى بيان معانٍ، راقية تتضمن في ما تتضمن حديثًا عن الذات الإلهية صفاتًا وأفعالاً وعن أمور غائبة عن أفق العقل عبر عنها في القرآن بالغيب، ولما كان القرآن معتمدًا في بيانه لغة يتداولها الناس في محاوراتهم وإيصال مقاصدهم وهي اللغة العربية التي كانت موضوعة لمعانٍ محسوسة أو ما يقرب منها، فهي لا شك قاصرة عن تبيان تلك المضامين العالية إلا بضروب من المجاز وأنواع الإستعارات والكنايات وأمثال الآيات المتشابهة الأمر الذي يقرب المفاهيم القرآنية في أذهان العامة نتيجة استخدام ألفاظ متداولة بينهم، ولكن يبعدها عن أوهامهم التي لا تلبث أن تذهب بعيدًا عن المقصود (إلى مضامين حسية) المراد بيانه.[141] فعلى سبيل المثال، ما ورد في سورة آل عمران: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾، إنما يُقصد به المعاملة بالمثل بما ينقض أهداف المنافقين المذكورين، وهم بهذه الحالة من وشى بالمسيح، ويهدم أساس بنيانهم المنهار، فالتعبير بالمكر تعبير مجازي لا يُقصد منه ذلك المعنى الذي ينم عن قبح وسوء، وتسمية فعل الله بالمكر من باب المشاكلة اللفظية التي هي من فنون البديع فهم يدبّرون ويدبّر الله، ولكن مكرهم مكشوف لديهم وأما تدابيره فهي عليهم وسوف تفاجئهم وهم لا يشعرون. ويُقاس على ذلك سائر الآيات التي جاء فيها ذكر الخداع والاستهزاء والسخرية والكيد.[141]
الحرفية والأصولية
يمكن تقسيم الفرق الإسلامية من حيث تفسيرها وفهمها للقرآن إلى فرق حرفية وفرق أصولية. والفرق الحرفية هي تلك التي تفسّر القرآن تفسيرًا حرفيًا، فتقول أن للنص القرآني معنى واحد مباشر واضح ودقيق، بوسع المفسر أن يصل إليه ببساطة دون اجتهاد ولا إعمال عقل، وكأن النص يحمل رسالة واضحة مباشرة صريحة مثل القاعدة العلمية أو اللغة الجبرية.[142] ويذهب الحرفيون إلى أن المؤمن الحق عليه أن يفهم معنى الآيات بلفظها مباشرة دون محاولة للتفسير والاجتهاد. فحينما يقول القرآن "يد الله فوق أيديهم" أو "ثم استوى على العرش"، كل هذه الآيات لا بد أن تؤخذ حرفيًا، وأن يؤمن المرء بأن الله له يد وأنه جلس على كرسي ضخم يقال له العرش.[142] ومن الفرق القائلة بالحرفية: السلفية والظاهرية. والمفسرون الحرفيون يتصورون أنهم في حرفيتهم يمنعون الانحراف والتلاعب بالنص القرآني المقدّس، ولكن علماء آخرين ردوا عليهم بأن التفسير الحرفي يؤدي إلى عكس ما يرمون إليه، إذ إن التفسيرات الحرفية تؤدي إلى التجسد وإلى التشبيه أي أنسنة الإله، ومن ثم تأليه الإنسان،[142][143] وهذا ما يرفضه العقل وترفضه رسالة الإسلام.
أما الأصولية فهي نقيض الحرفية، ويمكن تعريفها بأنها رفض لبعض الممارسات والتفسيرات التي يرى الأصوليون أنها تتنافى مع تعاليم الدين، وهي دعوة إلى إعمال الفكر وممارسة الاجتهاد لتجديد الثوابت والأصول الفكرية والمعرفية للدين، فالأصولية دعوة للعودة إلى أصول الدين الأولى وممارسات واجتهادات الأولين والصالحين والحكماء، ومحاولة تفسيرها تفسيرًا جديدًا، وتوليد معان جديدة منها تتلاءم والزمان والمكان الذين يوجد فيهما المفسر "الأصولي".[142] فالمفسّر الأصولي لا يلجأ إلى التفسير الحرفي، إلا إذا تطلب النص القرآني ذلك، وهو لا يجتزئ من النص مقطعًا ينتزعه من سياقه ثم يفرض عليه المعنى الذي يراه صحيحًًا، بل يُعمل الاجتهاد في تفسير القرآن، والمعنى الذي يصل إليه لا يكون هو نفسه النص القرآني دائمًا، وإنما يتراوح في قربه وبعده عنه.[142] ومن الفرق الإسلامية القائلة بالأصولية: الشيعة والصوفية وأهل السنة غير التابعين للمدرسة السلفية.[144] يُلاحظ أن الآخذين بالتفسير الأصولي للقرآن لا يعتبرون أن المعنى المبطن للآية يُبطل أو يستأصل معناها الظاهر، بل يرون أنه بمثابة "الروح التي تبعث فيها الحياة".[145]
الترجمة
كانت ترجمة القرآن إلى لغات أخرى غير العربية إحدى أبرز المشاكل التي واجهت الدعاة الإسلاميين وغير المسلمين ممن لا يعرفون العربية ويرغبون بالاطلاع على هذا الكتاب ودراسته. وقد اعتبر علماء الشريعة الإسلامية وعدد من اللغويين أن ترجمة القرآن أمرٌ في غاية العسر،[146] ومن أبرز الأسباب التي تحول دون ذلك هي فصاحة القرآن ذاته، فاللغة العربية الفصحى تتميز بطائفة واسعة من المشتركات اللفظية، والكلمات التي يختلف معناها باختلاف موقعها من النص، وبما أن النص القرآني أكثر النصوص العربية فصاحةً، فإن ترجمته ترجمةً دقيقة أمرٌ فائق الصعوبة.[147] تقول الدكتورة ليلى عبد الرازق عثمان، وهي رئيسة قسم اللغة الإنگليزية والترجمة الفورية بجامعة الأزهر، أن ترجمة معاني القرآن إلى اللغات الأخرى بنفس الدقة التي جاءت بها اللغة العربية التي نزل بها القرآن أمرٌ مستحيل، ونوَّهت إلى أن القرآن يمكن أن تترجم كلماته حرفيًّا، لكن من الصعوبة بمكان ترجمة ما تحمله هذه الكلمات بباطنها من مدلولات ومعان تمثل روح القرآن وسر بلاغته.[148] وذكرت في دراسة لها أن كثيرين ممن ترجموا معاني القرآن اعترفوا بصعوبة ذلك وعجز اللغات الأخرى عن مجارات اللغة العربية التي نزل بها القرآن. ومن الذين اعترفوا بهذه الحقيقة على سبيل المثال لا الحصر - أ.ج اربري - الذي كان من أشد المعجبين بلغة القرآن - حيث قال: «بدون شك لغة القرآن العربية تتحدى أية ترجمة مناسبة؛ لأن البيان المعجز يتلاشى حتى في أكثر الترجمات دقة».[148] وتؤكد هذه الدراسة أنه لكي ينقل المترجم معاني القرآن على أفضل وجه فإن عليه أن يفهم البيئة التي نزل فيها القرآن، وأسباب نزول الآيات والسياقات التي نزلت فيها، إضافة إلى فهم الخصائص البلاغية والبيانية التي تتمتع بها اللغة العربية، ومن ثَمَّ نقلها بكل دقة وأمانة، دون إضافة أو حذف أو تغيير للمعنى؛ وأوضحت الدراسة، أن هناك بعض المترجمين حاولوا نقل معنى كل كلمة قرآنية، وأضافوا هوامش لشرح الصور البلاغية الواردة في القرآن، كالذي فعله يوسف علي في ترجمته للقرآن؛ في حين أن بعضًا من المترجمين لم يولوا هذا الجانب أهمية، ولم يعتنوا بالخصائص البلاغية والبيانية، واهتموا فقط بتبسيط معاني القرآن حتى يفهمها العامة.[148]
تُرجم القرآن اليوم إلى أغلب لغات أفريقيا وآسيا وأوروبا،[147] وكان أوّل ما تُرجم منه هو سورة الفاتحة، وذلك على يد الصحابي سلمان الفارسي، الذي نقلها إلى اللغة الفارسية خلال القرن السابع.[149] وهناك البعض ممن يقول أن أوّل ما تُرجم من الآيات أيضًا كان ما بعثه النبي محمد إلى هرقل إمبراطور الروم وأصحمة بن أبجر نجاشي الحبشة، متضمنة في رسالتيه التي دعاهما فيها إلى الإسلام.[147] أما ترجمة أوّل نسخة كاملة من القرآن فكانت في عام 884 في إقليم السند، بناءً على أمر من عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، بعد أن طلب منه راجا الهندوس ذلك.[150] أوّل الترجمات الأوروبية للقرآن كانت ترجمة اللاهوتي الإنگليزي المستعرب "روبرت الكيتوني" وذلك بناءً على طلب رئيس رهبنة القديس بندكت، بطرس المحترم، وقد وُضعت هذه الترجمة باللغة اللاتينية وأُُطلق عليها تسمية "قانون محمد النبي المزيّف" (باللاتينية: Lex Mahumet pseudoprophete).[151] وفي سنة 1649 وضع الكاتب الاسكتلندي إسكندر روس أوّل نسخة إنگليزية للقرآن، بعد أن ترجمها عن أوّل نسخة فرنسية والتي تعود لعام 1647، حاملة عنوان "قرآن محمد" (بالفرنسية: L'Alcoran de Mahomet) التي وضعها أندريه دوريه. ومن الجدير بالذكر أن تلك الترجمات الأولى لم تُنشر بين الناس، بل بقيت محظورة عند رجال الدين والحكّام، وفي كثير من الأحيان لم تترجم عن دراية بالمعنى الحقيقي للنص، وفي أحيان أخرى حُرّفت. أما أوّل ترجمة علمية فعلية أوروبية للقرآن فكانت عام 1734، على يد المستشرق الإنگليزي جورج سيل، وتبعتها ترجمة أخرى عام 1937 بيد المستعرب البريطاني ريتشارد بل، وأخرى بيد المتشرق والباحث في الدراسات الإسلامية آرثر آربري في سنة 1955.
بعد هذه المرحلة دخل المسلمين ميدان الترجمة إلى اللغات الأوروبية، بعد أن كثر عدد الذين هاجروا منهم إلى الغرب بحثًا عن مورد رزق أو طلبًا للعلم، وانخرطوا مع أهل تلك البلاد وعايشوهم، واتصفت بعض ترجمات المسلمين بالعلمية، وشيء من الموضوعية، وقد بلغت ما يزيد عن 45 ترجمة كاملة سوى ما كان من الترجمات الجزئية.[152] استخدم مترجموا القرآن من مسلمين وغير مسلمين ألفاظًا لغوية قديمةً عفا عليها الزمن لكتابة النص القرآني باللغة الأجنبية المستهدفة، فعلى سبيل المثال، استخدم كل من "أ. يوسف علي" و"م. مرمدوك پيكثال"، وهما من المترجمين المشهورين، صيغة الجمع "ye" والمفرد "thou" بدلاً من الصيغة المعاصرة المألوفة المستخدمة في الإفراد والجمع "you"، وذلك عند النقل من العربية إلى الإنگليزية.[153]
أُُفيد في عام 1936 أن القرآن قد تُرجم إلى 102 من اللغات العالمية.[147] وفي سنة 2010 أفادت صحيفة الحرية للأخبار السياسية والاقتصادية (بالإنگليزية: Hürriyet Daily News and Economic Review) أن نسخ القرآن التي عُرضت في معرض طهران للقرآن في دورته الثامنة عشر، كانت بمائة واثنا عشرة لغة مختلفة.[154]
التلاوة
يؤمن المسلمون أن لتلاوة القرآن فضل عظيم، وسندهم في ذلك الأحاديث النبوية المؤكدة، ومنها ما رُوي عن أبي أمامة الباهلي: «سمعت رسول الله ﷺ يقول: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه"»، وعن أبي موسى الأشعري: «قال رسول الله ﷺ: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها طيب، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر"».[155] كذلك يؤمن المسلمون أن قارئ القرآن له أجر كبير، فمن يقرأ منه حرفًا له به حسنة والحسنة بعشر أمثالها.[155] وتلاوة القرآن تختلف عن تلاوة الكتب الأخرى، فهي تتم وفق أسلوب معين في النطق تختلف فيه مخارج الحروف عن تلك الخاصة بالنصوص غير القرآنية.[156] ويُعرف أسلوب تلاوة القرآن، أو علم تلاوة القرآن، بعلم التجويد، والتجويد في اللغة هو التحسين، يُقال "جوّدت الشيء" أي حسنته، وأيضًا، تجويد الشيء في لغة العرب إحكامه وإتقانه. أما تعريف التجويد في الاصطلاح فيمكن تقسيمه إلى قسمان: معرفة القواعد والضوابط التي وضعها علماء التجويد، وهذا القسم يسمى بالتجويد العلمي أو النظري، وإخراج كل حرف من مخرجه دون تحريف أو تغيير، وهذا يُعرف بالتجويد العملي أو التطبيقي.[157] وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي وغيره من أئمة القراء والتابعين وأتباعهم قواعد علم التجويد، وفائدة هذا العلم أنه يُحسّن الأداء عند التلاوة، ويصون اللسان عن الخطأ.[158]
دائمًا ما يبدأ القارئ المسلم تلاوة القرآن بالاستعاذة، وذلك عبر قوله "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"، وقال العلماء أن ذلك يُستحب أن يكون جهرًا عندما يكون القارئ يقرأ جهرًا ويكون هناك من يستمع إليه، وعندما يُعلّم الآخرين التلاوة ويكون هو المبتدئ بالقراءة، وإنه يُستحب أن يستعيذ بالله إسرارًا عندما يُصلي جهرًا أو إسرارًا، وإذا كان يقرأ سرًا، وإذا كان يقرأ في جماعة وليس هو المبتدئ، وإذا كان القارئ خاليًا.[159] بعد الاستعاذة ينطق القارئ بالبسملة: بسم الله الرحمن الرحيم، التي تُعتبر واجبة عند ابتداء أول كل سورة ما عدا أول سورة التوبة، وتجوز البسملة أثناء السور وأثناء السورة سالفة الذكر.[160] تُقسم قراءة القرآن إلى أربعة مراتب وقيل خمس هي: "مرتبة التحقيق" وهي القراءة بتؤدة وطمأنينة بقصد التعليم مع تدبر المعاني ومراعاة الأحكام، و"مرتبة الترتيل" وهي القراءة بتؤدة وطمأنينة لا بقصد التعليم مع تدبر المعاني ومراعاة الأحكام، و"مرتبة الحدر" وهي القراءة بسرعة مع مراعاة الأحكام، و"مرتبة التدوير" وهي القراءة بحالة متوسطة بين التؤدة والإسراع مع مراعاة الأحكام، أما المرتبة الخامسة التي قال بها البعض فهي "الزمزمة"، ويُقصد بها خاصةً "القراءة في النفس".[161]
ويقول العلماء باتباع قواعد معينة مُستحبة قبل الشروع في التلاوة، ومنها التوضؤ كي يمس الإنسان القرآن وهو على طهارة، هذا وقد ورد أن النبي محمد كان يتلو القرآن على كل حال إلا أن يكون محدثًا وذلك دليل على جواز التلاوة على غير وضوء، ولكن التلاوة مع الوضوء تبقى أفضل.[162] كما أن تطهير الفم بالسواك مستحب، وترك تناول ما يعطي رائحة خبيثة للفم أمر مستحب أيضًا، ويُستحب استقبال القبلة وإطراق الرأس وعدم التربع أو الاتكاء أو الجلوس على هيئة من هيئات التكبر.[162]
مدارس التلاوة
يُقرآ القرآن بعدّة أساليب وطرق تختلف في نُطق النص باختلاف خط المصحف ورسمه.[163] ويستدل المسلمون على جواز التلاوة بأساليب مختلفة مما ورد في الأحاديث النبوية ومنها: «إن القرآن نزل على سبعة أحرف كلها شافٍٍ كافٍ»، و«أُنزل القرآن على سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر».[164] وقد قال العلماء في معنى هذا الحديث، أن القرآن نزل على سبع لغات من لغات العرب، وذلك توسيعًا عليهم، ورحمة بهم، فكانوا يقرؤون مما تعلموا، دون أن يُنكر أحد على أحد؛ بل عندما حدث إنكار لهذا، كما كان من أمر عمر بن الخطاب مع هشام بن حكيم، بيَّن له النبي محمد أن ليس في ذلك ما يُستنكر، وأقر كل واحدٍ منهما على قراءته.[164][165] وكان لهذا الإقرار بصحة اختلاف التلاوة الأثر الأكبر في اختلاف التلاوات حاليًا، فخلال العهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين، أرسل محمدًا والخلفاء الأربعة من بعده، أرسلوا الصحابة إلى البلدان ليعلِّموا الناس القرآن وأحكام دينهم، فعلَّم كل واحدٍ منهم أهل البلاد التي أُرسل إليها ما كان يقرأ به على عهد النبي محمد، فاختلفت قراءة أهل تلك البلاد باختلاف قراءات الصحابة.[164] ويذكر المؤرخون والعلماء المسلمون، أنه على الرغم من أن عثمان بن عفان جمع القرآن على حرف واحد، هو حرف قريش أي لغتها، وهو حرف من الأحرف السبعة التي نص عليها الحديث، فإن هذا النسخ العثماني للقرآن لم يكن منقوطًا بالنقاط، ولا مضبوطًا بالشكل، فاحتمل الأمر قراءة ذلك الحرف على أكثر من وجه، وفق ما يحتمله اللفظ، كقراءة "فتبينوا" و"فتثبتوا" ونحو ذلك، ثم جاء القرّاء بعد، وكانوا قد تلقوا القرآن ممن سبقهم - فقرؤوا ما يحتمله اللفظ من قراءات، واختار كل واحد منهم قراءة حسب ما تلقاه ووصل إليه.[164]
قسَّم العلماء القراءات القرآنية إلى قسمين رئيسين هما: القراءة الصحيحة، والقراءة الشاذة.[166] أما القراءة الصحيحة فهي القراءة التي توافرت فيها ثلاثة أركان هي:
- أن توافق وجهًا صحيحًا من وجوه اللغة العربية.
- أن توافق القراءة رسم مصحف عثمان بن عفان.
- أن تكون قد نُقلت إلى الوقت الحالي نقلاً متواترًا، أو بسند صحيح مشهور.
فكل قراءة استوفت تلك الأركان الثلاثة، كانت قراءة قرآنية، تصح القراءة بها في الصلاة، ويُتعبَّد بتلاوتها.[166] وهذا هو قول عامة أهل العلم. أما القراءة الشاذة فهي كل قراءة خالفت الرسم العثماني على المعتمد من الأقوال؛ وبتعبير آخر هي القراءة التي اختل فيها ركن من الأركان الثلاثة سالفة الذكر. ويدخل تحت باب القراءات الشاذة ما يسمى بالقراءات التفسيرية، وهي القراءة التي صح سندها، ووافقت العربية، إلا أنها خالفت الرسم العثماني.[166] ويقول العلماء أن المقصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها؛ كقراءة عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر "والصلاة الوسطى صلاة العصر" بدلاً من "حافظوا على الصلاة الوسطى"، وقراءة ابن مسعود "فاقطعوا أيمانهما" بدلاً من "فاقطعوا أيديهما". فهذه الحروف - القراءات - وما شابهها صارت مفسِّرة للقرآن.[166] وقد اتفق العلماء على أن ما وراء القراءات العشر التي جمعها القرّاء، شاذ غير متواتر، لا يجوز اعتقاد قرآنيته، ولا تصح الصلاة به، والتعبد بتلاوته، إلا أنهم قالوا: يجوز تعلمها وتعليمها وتدوينها، وبيان وجهها من جهة اللغة والإعراب. والقراءات التي وصلت الوقت الحالي بطريق متواتر عشر قراءات، نقلها مجموعة من القراء، امتازوا بدقة الرواية، وسلامة الضبط، وجودة الإتقان، ومن أصحاب تلك القراءات، وأشهر رواته: قراءة عاصم الكوفي، وأشهر من روى عنه شعبة وحفص، وقراءة نافع المدني، وأشهر من روى عنه، قالون وورش، وقراءة أبي عمرو البصري، وأشهر من روى عنه الدوري والسوسي، وغيرهم.[166] يُلاحظ أن كل ما نُسب لإمام من هؤلاء الأئمة العشرة، يُسمى "رواية" فيُقال مثلاً: "قراءة عاصم برواية حفص" و"قراءة نافع برواية ورش"، وهكذا.
ذكر ابن عاشور في تفسيره "التحرير والنتوير" أن القراءات التي يقرأ بها اليوم في العالم الإسلامي هي: قراءة نافع برواية ورش في بعض القطر التونسي، وبعض القطر المصري، وفي جميع القطر الجزائري، وجميع المغرب الأقصى، وما يتبعه من البلاد والسودان. وقراءة عاصم برواية حفص عنه في جميع المشرق، وغالب مصر، والهند، وباكستان، وتركيا، وأفغانستان، كما أفاد أن قراءة أبي عمرو البصري يقرأ بها في السودان أيضًا.[166]
الرسم والتخطيط
إن المقصود برسم المصحف هو الخط أو الطريقة التي كتبت فيها حروف المصحف وفقًا للمصاحف العثمانية.[167] فالقرآن في عهد النبي محمد وفي عهد عثمان كذلك لم يكن مكتوبًا بنفس الطريقة التي يُكتب اليوم، فقد كانت الكتابة آنذاك خالية من التشكيل والنقط والأرقام، ومعتمدة على السليقة العربية التي لا تحتاج لهذا التشكيل. ولم يتغير هذا الحال إلى أن بدأت الفتوحات واختلط العرب بالعجم، وبدأ غير الناطقين بالعربية يقعون في أخطاء في قراءته. فكان من الضروري كتابة المصحف بالتشكيل والنقاط حفاظًا عليه من أن يُقرأ بطريقة غير صحيحة.
وكان التابعي أبو الأسود الدؤلي أول من وضع ضوابط اللسان العربي،[168] وقام بتشكيل القرآن بأمر من الخليفة علي بن أبي طالب. وجعل آنئذ علامة الفتحة نقطة فوق الحرف، وعلامة الكسرة نقطة أسفله، وعلامة الضمة نقطة بين أجزاء الحرف، وجعل علامة السكون نقطتين.[168] وبعد موت أبي الأسود الدؤلي بردح من الزمن تابع وسار على منواله بعض العلماء، من بينهم الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي كان أول من صنف كتابًا في رسم نقط الحروف وعلاماتها، وهو أول من وضع الهمزة والتشديد وغيرها من علامات الضبط، ثم دوّن علم النحو ليكون ضابطًا لقراءة القرآن ليقرأ بشكل سليم لا يخل بمعناه.[169] ثم بعد ذلك مر رسم المصحف في طور التجديد والتحسين على مر العصور، وفي نهاية القرن الهجري الثالث، كان الرسم القرآني قد بلغ ذروته من الجودة والحسن والضبط، حتى استقر المصحف على الشكل المعهود اليوم من الخطوط الجميلة وابتكار العلامات المميزة التي تعين على تلاوة القرآن تلاوة واضحة جيدة واتباع قواعد التجويد.
يتّبع مخططوا المصحف 6 قواعد في رسمه، وهي: قاعدة الحذف، وذلك كحذف الألف في "يأيها"، والياء في "باغٍ"، والواو في "فأوا"، وقاعدة الزيادة، وذلك كزيادة الألف في "تفتؤا"، والياء في "بأييد"، والواو في "أولو"، وقاعدة الهمز، وذلك كأن تكتب حال سكونها بحرف حركة ما قبلها "ائذن، اؤتمن"، وقاعدة البدل، وذلك ككتابة الألف واوًا للتفخيم في "الصلوة"، وكتابة النون ألفًا في نون التوكيد المخففة "لنسفعاً"، وهاء التأنيث تاء مفتوحة في نحو "رحمت"، قاعدة الوصل والفصل وذلك كوصل"أن" بحرف "لا"، و"عن"، و"كل" بحرف "ما"، وقاعدة ما فيه قراءتان، فإنه يكتب برسم إحداهما، نحو "يخدعون، غيبت".[167]
وقد ثار الجدال بين العلماء عمّا إذا كان رسم المصحف توقيفي بأمر النبي محمد، ولا تجوز مخالفته، أو اصطلاحي باتفاق بين الكتبة وبين الخليفة الراشد عثمان بن عفان، وتجوز مخالفته، وذهبوا في ذلك مذاهب ثلاثة: المذهب الأول قال أنه توقيفي لا تجوز مخالفته، وذلك مذهب الجمهور، ودليلهم في ذلك إقرار النبي محمد الكتبة على كتابتهم، ثم إجماع الصحابة، ثم إجماع الأئمة من التابعين والمجتهدين عليه، وأدلة أخرى من العقل والنقل.[167] وقال أصحاب المذهب الثاني أنه اصطلاحي فتجوز مخالفته، وحجتهم في ذلك أن الله لم يفرض على الأمة شيءًا في كتابته، ولم يرد في السنة والإجماع ما يوجبه.[167] أما أصحاب المذهب الثالث فقالوا أنه تجب كتابة المصحف للعامة على الاصطلاحات الشائعة عندهم، ويجب في ذات الوقت المحافظة على الرسم العثماني بين الآثار الموروثة عن السلف.[167] والراجح هو ما قاله الجمهور.[167]
الطباعة
كان النسّاخون والخطاطون يكتبون النص القرآني على الأوراق ويجمعوها في الكتب إلى حين شيوع الطباعة والمطابع في جميع أنحاء العالم خلال القرن التاسع عشر. وفي بعض الأماكن، كان النص القرآني يُطبع على ألواح خشبية، وقد شاعت هذه الوسيلة خلال القرون الوسطى عند مسلمي الصين خصوصًا. غير أنه لم يصل المؤرخين والباحثين أي مصحف كامل مكتوب بهذا الشكل، ولعلّ سبب ذلك هو التكلفة العالية التي تتطلبها طباعة هكذا كتاب.[170] كذلك شاع خلال القرن التاسع عشر طباعة النصوص القرآنية على الأحجار في أمكنة أخرى.[171]
أقدم نسخ المصحف المطبوعة بأسلوب الطباعة المنقولة، أو تجميع الحروف، والتي لا تزال باقية حتى اليوم، هي نسخة أنتجت بالبندقية سنة 1537 أو 1538، ويظهر بأنها كانت تُحضّر للبيع في الدولة العثمانية، حيث مُنعت الطباعة بهذا الأسلوب منذ سنة 1485. رُفع حظر الطباعة المنقولة في سنة 1588، لكن الرأي العام استمر يرفض استخدام الطباعة لإصدار الكتب غير الدينية، فكان من الطبيعي أن لا يوافق الناس على استخدامها لإصدار المصاحف، واستمر الأمر على هذا المنوال حتى أواخر القرن التاسع عشر. يظهر أن هذه المعارضة كان سببها النسّاخ الذين خافوا من انقطاع مورد رزقهم، وكذلك لأسباب جمالية وخوفًا من وقوع أخطاء عند طباعة النص، مما قد يُغيّر من معناه.[172] رعت كاثرين الثانية قيصرة روسيا أوّل طباعة حديثة للمصحف في سنة 1787، وسرعان ما حذت الدولة العثمانية وفارس حذوها، فظهرت نسخة مطبوعة من قازان في سنة 1828، ومن بلاد فارس سنة 1833، ومن الآستانة سنة 1877.[173]
تصدر المصاحف حاليًا مطبوعة بالأساليب الحديثة، ومنها ما يصدر بأحجام كبيرة ومنها ما يصدر صغيرًا يمكن حمله في الجيب، وبعضها يُطبع فيه النص القرآني خالصًا، وبعضها يصدر في كتاب تتخلله هوامش لتفسير المصطلحات الواردة ضمن سياق النص. وفي الدول غير العربية تصدر المصاحف بلغتين، فتحوي صفحة النص الأصلي باللغة العربية، والصفحة المقابلة الترجمة بلغة ذلك البلد، أو في أحيان أخرى تعلو الترجمة النص العربي. كما أن بعض المصاحف تُزخرف من الخارج أو تٌزيّن بشكل آخر، ومن الأمثلة على ذلك: نسخة لمّاعة عثر عليها البريطانيون في مكتبة السلطان فاتح علي خان ٹیپو في الهند سنة 1806، وكان عليها ميداليتين وغطائين نقشت عليهما سورة الفاتحة وبعض الأدعية.[174]
يصعب كثيرًا إدراج كامل النص القرآني بكل ما ورد فيه من نقاط وإشارات وعلامات إنشائية، في رموز شفرية حاسوبية، مثل اليونيكود. يُقدم أرشيف النصوص المقدسة على شبكة الإنترنت ملفات حرة تحوي كامل النص القرآني على شكل صور ونصوص يونيكوديّة وقتيّة.[175][176] حاول عدد من مصممي البرامج الإلكترونية والشركات المختصة أن يطوروا خطوطًا حاسوبيّة يمكنها أن تُظهر النص القرآني بالرسم العثماني المعهود في المصاحف.[177]
الفرق بين القرآن والحديث القدسي
القرآن عند علماء الشريعة هو كلام الله المنزل على النبي محمد للإعجاز وللتعبد بألفاظه، فهو من الله لفظًا ومعنى. والحديث القدسي هو ما يرويه النبي محمد عن ربه بألفاظه هو، ولكن دون التعبد بهذه الألفاظ، وليس للتحدي والإعجاز، فمعناه من الله، ولفظه من الرسول.[178] والقرآن نزل به جبريل على محمد، أما الحديث القدسي فلا يُشترط فيه أن يكون الواسطة فيه جبريل، فقد يكون جبريل هو الواسطة فيه، أو يكون بالإلهام، أو بغير ذلك. والقرآن قطعي الثبوت ويُقسم إلى سور وآيات، أما الحديث القدسي منه الصحيح والضعيف والموضوع وليس له ذاك التقسيم. كذلك فإن جاحد القرآن يُكفّر، أما الحديث القدسي فإن من جحد حديثًا أو استنكره نظرًا لحال بعض روايته فلا يُكفّر. والقرآن لا تجوز روايته أو تلاوته بالمعنى، بينما الحديث القدسي تجوز روايته بالمعنى.[179]
...............................................................................
الفهرس
- ^ الإتقان في علوم القرآن، عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي، ج1/ص8
- ↑ أ ب ت ث ج ح Nasr, Seyyed Hossein (2007). "Qurʾān". Encyclopedia Britannica Online. [1]. Retrieved 2007-11-04.
- ^ أورده بدر الدين الزركشي في كتابه البرهان: (ص318)، والقسطلاني في كتابه لطائف الإشارات ج1/ص171) والبنا الدمياطي في كتابه "إتحاف فضلاء البشر"(ج1/ص68).
- ^ منجد المقرئين ومرشد الطالبين، لشمس الدين ابن الجزري، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1420هـ -1999م، كشف الأسرار للنسفي مع نور الأنوار للملاجيون:ج1/ص17، إرشاد الفحول، ص:29
- ^ Watton, Victor, (1993), A student's approach to world religions:Islam, Hodder & Stoughton, pg 1. ISBN 0-340-58795-4
- ^ Shaikh,Khalid Mahmood (1999). A study of the Qur'an & its teachings. IQRA International Educational Foundation. p. 44. ISBN 9781563161186.
- ^ Alan Jones, The Koran, London 1994, ISBN 1842126091, opening page.
- ^ Arthur Arberry, The Koran Interpreted, London 1956, ISBN 0684825074, p. x.
- ^ Chejne, A. (1969) The Arabic Language: Its Role in History, University of Minnesota Press, Minneapolis.
- ^ Nelson, K. (1985) The Art of Reciting the Quran, University of Texas Press, Austin
- ^ Speicher, K. (1997) in: Edzard, L., and Szyska, C. (eds.) Encounters of Words and Texts: Intercultural Studies in Honor of Stefan Wild. Georg Olms, Hildesheim, pp. 43–66.
- ^ Taji-Farouki, S. (ed.) (2004) Modern Muslim Intellectuals and the Quran, Oxford University Press, Oxford
- ^ Kermani, Naved. Poetry and Language. In: The Blackwell Companion to the Qur'an (2006). ed: Andrew Rippin. Blackwell Publishing
- ^ ما الذي يجب أن يعرفه الجميع عن القرآن. أحمد الليثي (إنجليزية)
- ^ الإحكام في أصول الأحكام للآمدي:ج1/ص228. البرهان في علوم القرآن، بدر الدين الزركشي:ج1/ص389، تيسير التحرير لأمير بادشاه: ج3/ص3،
- ^ القرآن الكريم، سورة هود، آية 1 : الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ
- ^ مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني، مطبعة عيسى الحلبي، الطبعة الثالثة (ج2/ص308)
- ↑ أ ب CRCC: Center For Muslim-Jewish Engagement: Resources: Religious Texts. Usc.edu. Retrieved 2010-03-16.
- ^ أنظر:
- William Montgomery Watt in The Cambridge History of Islam, p.32
- Richard Bell, William Montgomery Watt, 'introduction to the Qurʼān', p.51
- F. E. Peters (1991), pp.3–5: “Few have failed to be convinced that … the Quran is … the words of Muhammad, perhaps even dictated by him after their recitation.”
- ^ مناهل العرفان في علوم القرآن، محمد عبد العظيم الزرقاني، مطبعة عيسى الحلبي، الطبعة الثالثة، (ج2/ص334)
- ^ Peters, Francis E. (2003). The Monotheists: Jews, Christians, and Muslims in Conflict and Competition. Princeton University Press. ISBN 0-691-12373-X. pp.12 and 13
- ^ إسلام ويب، موقع المقالات: منهج السلف في الإيمان بالكتب السماوية. تاريخ التحرير: 26/07/2003
- ^ كتاب لسان العرب لإبن منظور (قرأ):1/128، كتاب مجاز القرآن لمعمر بن المثنى :1/1-3، كتاب مناهل القرآن للزرقاني:1/14-15.
- ^ جمع القرآن الكريم حفظا وكتابةً - علي سليمان العبيد - ج1 ص7
- ^ الإتقان في علوم القرآن - جلال الدين السيوطي - ج1 ص169
- ^ معاني القرآن - أبو زكريا الفراء - ج2 ص32
- ^ إبراز المعاني من حرز الأماني، الإمام عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم، دار الكتب العلمية، ص502
- ^ “Ķur'an, al-”, Encyclopedia of Islam Online.
- ^ علوم القرآن، لابن عطية، ص 284
- ↑ أ ب مركز الإشعاع الإسلامي للدراسات والبحوث الإسلامية: ما هي أسماء القرآن الكريم وما هي معانيها؟ بقلم الشيخ صالح الكرباسي. تاريخ النشر: 17 نوفمبر 2003
- ^ ومنها اسماء القرآن في القرآن - د. خمساوي الخمساوي والهدى والبيان في اسماء القرآن - صالح البليهي وأسماء القرآن وصفاته - عطية محمد الفرحاني
- ^ الشبكة الإسلامية - جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه
- ^ مناهل العرفان في علوم القرآن - محمد عبد العظيم الزرقاني ج1 ص15
- ^ التبيان في علوم القرآن - محمد علي الصابوني ج1 ص122
- ↑ أ ب المنار في علوم القرآن - محمد علي حسن - ج1 ص16
- ^ إسلام ويب، موقع المقالات: لفظ (الذكر) في القرآن ومدلولاته. تاريخ التحرير: 03/06/2010
- ↑ أ ب ت ث شبكة القرآن الكريم: أسماءُ القرآن وصفاتُه
- ^ الإتقان في علوم القرآن - جلال الدين السيوطي - ج1 ص171
- ^ تفسير القرطبي 16ج ص55 وتفسير أبو حيان ج7 ص527:
- ^ مشكل القرآن وغريبه لابن قتيبة - ج2 ص112، المفردات للراغب الأصفهاني (وحي) 515
- ^ مناهل العرفان في علوم القرآن - محمد عبد العظيم الزرقاني ج1 ص63
- ^ جمال القراء وكمال الإقراء - علم الدين السخاوي - ج1 ص161
- ^ معجم علوم القرآن - إبراهيم محمد الجرمي - ج1 ص67
- ^ الإتقان في علوم القرآن - جلال الدين السيوطي - ج1 ص58
- ^ ينسب الحرالي إلى قرية من أعمال مرسية تسمى حرالة "بالراء المضعفة"، وهو علي بن أحمد بن الحسن التجيبي، ويكنى أبا الحسن توفي سنة 647 "النجوم الزاهرة 6/ 317 وشذرات الذهب 5/ 189".
- ^ البرهان في علوم القرآن - بدر الدين الزركشي - ج1 ص273
- ↑ أ ب موقع ماشي: تعريف القرآن الكريم لغة واصطلاحاً. تاريخ التحرير: 29 مارس 2009، الساعة: 10:30 صباحًا
- ^ مركز الإشعاع الإسلامي للدراسات والبحوث الإسلامية، ماذا تعني كلمة القرآن؟ بقلم الشيخ صالح الكرباسي. تاريخ النشر: 16 فبراير 2005
- ^ مفاتيح للتعامل مع القرآن - صلاح عبد الفتاح الخالدي - ج1 ص21
- ^ شبكة مشكاة الإسلامية: بحوث ومسائل علميـــّة؛ كتاب أهمية القرآن في حياة المسلم، تأليف: وصفي عاشور أبو زيد
- ↑ أ ب إسلام ويب، مركز الفتوى: أهمية القرآن الكريم في حياة الأفراد والأمة
- ^ إسلام ويب، مركز الفتوى: القرآن الكريم يحتوي على أحكام العقائد والمعاملات والأخلاق. تاريخ التحرير: الأربعاء 19 جمادى الأولى 1425 - 7 يوليو 2004
- ↑ أ ب إسلام ويب، مركز الفتوى: القرآن اشتمل على ما في الكتب السابقة من كليات. تاريخ التحرير: الأحد 14 رمضان 1432 - 14 أغسطس 2011
- ^ آیت الکرسی چند ایه است، فقط یک آیه یا سه آیه. وبگاه پرسمان.
- ^ آیت الکرسی یک آیه یا بیشتر. وبگاه تبیان.
- ^ فضیلت آیت الکرسی را می دانید؟. وبگاه رهبران شیعه.
- ^ عکس العمل شیطان هنگام نزول آیت الکرسی. وبگاه جوان امروز.
- ^ چرا آیتالکرسی میخوانیم. وبگاه خبر آنلاین.
- ^ مکارم شیرازی، ناصر.تفسیر نمونه، جلد۲
- ^ إسلام ويب، مركز الفتوى: ما صح في فضل آية الكرسي وما لم يصح. تاريخ التحرير: الخميس 29 جمادى الأولى 1431 - 13 مايو 2010
- ^ بحار الأنوار. المجلسي، محمد باقر. ج90، صفحة 348.
- ^ شبكة المعارف الإسلامية: القرآن الكريم، سورة الفلق
- ^ إسلام ويب، المكتبة الإسلامية: تفسير الطبري، تفسير سورة الناس
- ^ دراسات في علوم القرآن، محمد بكر إسماعيل، دار المنار
- ^ أخرجه الحاكم بسنده، عن سعيد بن جبير
- ^ المرشد الوجيز: أبو شامة المقدسي ص23.
- ^ في صحيح مسلم، عن أبي قتادي الأنصاري، رقم:1162: «سُئل النبي ﷺ عن صوم الإثنين؟ قال "ذاك يومٌ ولدت فيه، ويومٌ بُعثت (أو أنزل عليّ) فيه"».
- ^ الطبقات الكبرى، ابن سعد البغدادي، ج1، ص190-198، دار صادر، بيروت.
- ^ البداية والنهاية، ابن كثير، ج3، ص5-33.
- ^ في مسند أحمد، ج4، ص107، والجامع الصغير، للسيوطي، رقم:2734، وحسّنه: «أن رسول الله ﷺ قال: "أُنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان"».
- ^ الرحيق المختوم، المباركفوري، دار المؤيد، ص65.
- ^ الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج2، ص243-252، دار السيرة، بيروت، ط1995.
- ^ الصحيح من سيرة النبي الأعظم، جعفر مرتضى العاملي، ج2، ص296، دار السيرة، بيروت، ط1995.
- ^ صحيح البخاري، ص3.
- ↑ أ ب ت ث تاريخ القرآن: أول ما نزل من القرآن الكريم
- ^ فقه السيرة النبوية، محمد سعيد رمضان البوطي، ص69-102، دار الفكر المعاصر، ط1991.
- ^ فتح الباري، ابن حجر العسقلاني، ج1، ص31.
- ^ الدرر في اختصار المغازي والسير، ابن عبد البر
- ^ تاريخ الأمم والملوك، الطبري، ج1، ص526-535، دار الكتب العلمية، ط1987.
- ↑ أ ب إسلام ويب، مركز الفتوى: عدة السور التي نزلت بمكة والمدينة. تاريخ التحرير: الخميس 15 رمضان 1428هـ - 27 مارس 2007م
- ^ المقريزي، أحمد بن علي، أمتاع الأسماع، صفحة 101
- ^ تدوين القرآن في المدينة المنورة
- ^ مسند أحمد بن حنبل، الجزء السادس، صفحة: 272، ح 17940.
- ^ دار السيدة رقية للقرآن الكريم، معنى آية التطهير في التدوين. تأليف: الشيخ محمد العبيدان
- ^ Richard Bell, William Montgomery Watt, Introduction to the Qurʼān, p.51
- ↑ أ ب ت ث ج ح خ إسلام ويب، مركز الفتوى: ما هي آخر آية نزلت من القرآن الكريم؟
- ↑ أ ب ت ث ج ح مقربات: جمع القرآن بين المصادر السُّنية والمراجع الشيعية، بقلم: د. محمد عابد الجابري
- ^ The Qur'an as Text, ed. Wild, Brill, 1996 ISBN 978-90-04-10344-3
- ^ المجلسي,محمد باقر (1414هـ). بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار: 28 / 264. بيروت - لبنان: مؤسسة الوفاء.
- ^ المجلسي,محمد باقر (1414هـ). بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار: 35 / 391. بيروت - لبنان: مؤسسة الوفاء.
- ^ المجلسي,محمد باقر (1414هـ). بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار: 89 / 48. بيروت - لبنان: مؤسسة الوفاء.
- ^ صحيح البخاري: 6:60:201
- ^ فريد بك,محمد (2006 - الطبعة العاشرة، تحقيق الدكتور إحسان حقي). تاريخ الدولة العليّة العثمانية. بيروت - لبنان: دار النفائس. ISBN 9953-18-084-9.
- ^ محمد ك. يوسف، زيد بن ثابت والقرآن المجيد
- ^ شبكة الشيعة العالمية: "إعلام الخَلف بمن قال بتحريف القرآن من أعلام السّلف - ص 224". الشيعة الإمامية وجمع القرآن
- ^ Irene Blomm, William Theodore De Bary, Columbia University Press, 1990, p. 65
- ↑ أ ب ت ث "يا بيروت": الفهرس الكامل لترتيب سور القرآن الكريم
- ^ شبكة القرآن الكريم: فهرست القرآن الكريم
- ↑ أ ب ت إسلام ويب، موقع المقالات: تقسيم سور القرآن. تاريخ التحرير: 24 نوفمبر 2005
- ^ إسأل المفسر: إشادات، لماذا سميت بسورة الفتح؟ تفسير: بشار عواد معروف. التاريخ: 29 أكتوبر 2008
- ^ إجابة، نقلاً عن إسلام ويب: سبب عدم البداءة في سورة التوبة بالبسملة
- ^ “Kur`an, al-”, Encyclopaedia of Islam Online
- ^ القرآن الكريم كتاب الله الحكيم: عدد آيات القرآن الكريم
- ↑ أ ب ت إسلام ويب، مركز الفتوى: عدد كلمات وآيات وحروف القرآن. تاريخ التحرير: الأربعاء 7 محرم 1421هـ - 12 أبريل 2000
- ↑ أ ب ت كم عدد حروف وكلمات وآيات القرآن؟ بقلم: خليل العزوزي. تاريخ التحرير: 14 مايو 2006
- ^ Rashad Khalifa, Quran: Visual Presentation of the Miracle, Islamic Productions International, 1982. ISBN 978-0-934894-30-2
- ^ الدليل الإسلامي: تعريف برشاد خليفة وبحثه
- ^ شبكة المعارف الإسلامية: أهمية الأخلاق في القرآن والاحاديث
- ^ إسلام ويب، موقع المقالات: ألفاظ (الأمن) في القرآن. تاريخ التحرير: 18 يناير 2009.
- ^ المكتبة الإسلامية: اليتيم في القرآن والسنّة
- ^ المكتبة الإسلامية: المرأة في ظل الإسلام
- ^ موقع بر الوالدين: حقوق الوالدين في القرآن الكريم
- ^ مكنون: الإعجاز العلمي في القرآن والسنّة
- ^ Encyclopaedia of the Qur-an — Miracles
- ↑ أ ب ت ث Ahmad Dallal, Encyclopedia of the Qur'an, Quran and science
- ^ مكنون: الإجاز العلمي في القرآن والسنّة. نظرية الانفجار العظيم
- ^ مكنون: الإعجاز العلمي في القرآن والسنّة. أخفض منطقة على سطح الأرض
- ^ مكنون: الإعجاز العلمي في القرآن والسنّة. خلق الجنين في أطوار
- ^ Encyclopaedia of the Qur-an — Byzantines
- ^ تفهيم القرآن المجلد 3، مقدمة إلى سورة الروم (البيزنطيون)، السورة رقم 30، وتفسير الآيات الأربع الأولى
- ^ وهم الإعجاز العلمي، الدكتور خالد منتصر
- ^ قصص القرآن الكريم
- ^ Issa Boullata, "Literary Structure of Quran," Encyclopedia of the Qurʾān, vol.3 p.192, 204
- ^ Jewishencyclopedia.com – Körner, Moses B. Eliezer
- ^ Michael Sells, Approaching the Qur'ān (White Cloud Press, 1999)
- ^ Norman O. Brown, "The Apocalypse of Islam." Social Text 3:8 (1983–1984)
- ^ كتاب التنبيه على فضل علوم القرآن، أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري
- ^ البرهان في علوم القرآن: أبو عبد الله بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي، دار المعرفة، بيروت، لبنان، ج1. ص192
- ↑ أ ب ت ث تعريف أصول التفسير
- ^ مقدمة إلى تفسير الميزان، العلامة السيد محمد حسين الطباطبائي[وصلة مكسورة]
- ↑ أ ب نشأة علم التفسير وتطوره
- ^ هل يُعقل أن يكون هناك نسخ في القرآن؟
- ^ هل آيات القرآن منسوخة و/أو مستبدلة؟
- ^ Islahi,Amin Ahsan (in Urdu). Tadabbur-i-Qur'an. [2]. Retrieved 14 August 2011.
- ↑ أ ب ت أقسام التفسير المعتد به عند جمهور العلماء
- ^ معنى التأويل الذي لا يعلمه إلا الله والتأويل المذكور في كلام المتأخرين موقع ابن تيمية
- ^ الطباطبائي، تفسير الميزان، أساسيات تفسير القرآن[وصلة مكسورة]
- ^ الطباطبائي، تفسير الميزان، الموضوع: التأويل الحاسم للآيات الغامضات[وصلة مكسورة]
- ^ التراث العربي: التأويل الصوفي للنص. تأليف: د.عبد الإله نبهان، صفحة 49
- ↑ أ ب ت ث ج إسلام ويب، موقع المقالات: المحكم والمتشابه...تعريفه وفوائده وموقف المسلم منه. تاريخ التحرير: 26 يوليو 2003
- ↑ أ ب ت هيئة علماء بيروت: المحكم والمتشابه في القران الكريم. بقلم الشيخ سمير رحال
- ↑ أ ب ت ث ج شبكة الجزيرة، المعرفة: الحرفية والأصولية
- ^ التنوع الإسلامي، أدب الاختلاف: المسيري.. ونقد التفسيرات الحرفية للقرآن. تاريخ التحرير: الجمعة 30 أبريل 2010
- ^ Corbin (1993), p.7
- ^ الطباطبائي، تفسير الميزان[وصلة مكسورة]
- ^ أصلان، رضا (20 نوفمبر 2008). كيف تقرأ القرآن. مجلة سلايت. Retrieved 21 نوفمبر 2008.
- ↑ أ ب ت ث فتاني,أفنان (2006). "ترجمة القرآن". In ليمان, أوليڤر. القرآن: موسوعة. بريطانيا: Routeledge. pp. 657–669.
- ↑ أ ب ت إسلام ويب، موقع المقالات: إشكالية ترجمة معاني القرآن الكريم. تاريخ التحرير: 26 يوليو 2003
- ^ النووي، المعجم، (القاهرة، مطبعة التضامن بدون تاريخ)، 380.
- ^ موقع الهلال الشهري: في فهم القرآن
- ^ الإسلام: ألف سنة من العظمة والإيمان. نيو هڤن: منشورات جامعة يال. 2002. p. 42.
- ^ إسلام ويب، موقع المقالات: الترجمات اللاتينية الأولى للقرآن الكريم. تاريخ التحرير: 25 سبتمبر 2003
- ^ Surah 3 – Read Quran Online. Retrieved 21 November 2010.
- ^ "أكثر من 300 ناشر يزورون معرض طهران للقرآن في إيران"، 12 أغسطس 2010من الحرية للأخبار السياسية والاقتصادية (بالإنگليزية: Hürriyet Daily News and Economic Review).
- ↑ أ ب نداء الإيمان، موقع كل المسلمين: أحكام تلاوة القرآن، فضل تلاوة القرآن الكريم
- ^ سونّ,تمارا (2006). "الفن والقرآن". In ليمان, أوليڤر. القرآن: موسوعة. بريطانيا: Routeledge. pp. 71–81.
- ^ نداء الإيمان، موقع كل المسلمين: أحكام تلاوة القرآن، تعريف علم التجويد
- ^ نداء الإيمان، موقع كل المسلمين: أحكام تلاوة القرآن، فائدة علم التجويد وغايته
- ^ نداء الإيمان، موقع كل المسلمين: أحكام تلاوة القرآن، الإستعاذة
- ^ نداء الإيمان، موقع كل المسلمين: أحكام تلاوة القرآن، البسملة
- ^ نداء الإيمان، موقع كل المسلمين: أحكام تلاوة القرآن، مراتب القراءة
- ↑ أ ب كيفية تلاوة القرآن
- ^ Navid Kermani, Das ästhetische Erleben des Koran. Munich (1999)
- ↑ أ ب ت ث إسلام ويب، موقع المقالات: أسباب اختلاف القراء في القراءات القرآنية
- ^ الإمام مالك بن أنس، الموطأ، المجلد. 1 (مصر: دار إحياء التراث العربي، بدون تاريخ)، 201، (رقم. 473).
- ↑ أ ب ت ث ج ح إسلام ويب، موقع المقالات: حقيقة القراءات القرآنية
- ↑ أ ب ت ث ج ح مقدمة في علوم القرآن الكريم - رسم القرآن الكريم
- ↑ أ ب المكتبة الشيعية: تاريخ القرآن الكريم - محمد طاهر الكردي - الصفحة ١٨٠
- ^ محيط: شبكة الأعلام العربية، الخليل بن أحمد الفراهيدي.. عبقري اللغة. تاريخ التحرير: 27 سبتمبر 2008
- ^ طباعة المسلمين قبل گوتنبيرغ
- ^ بيتر جـ. ريدل، طوني ستريت، أنطوني هارلي جونز، إسلام: مقالات عن الكتاب المقدس، الفكر، والمجتمع: كتاب تذكاري مُهدى إلى أنطوني هـ. جونز، صفحة. 170–174، BRILL، 1997, ISBN 978-90-04-10692-5، 9789004106925
- ^ ثريا فاروقي، رعايا السلطان: الثقافة والحياة اليومية في الدولة العثمانية، صفحة، 134–136، إ.ب.طوريس، 2005، ISBN 978-1-85043-760-4، 9781850437604؛ موسوعة الإسلام: الكتيبات 111–112: مسرح المولد، كلفورد أدموند بوسورث
- ^ القرآن في المخطوطات والمطبوعات. النص القرآني. Retrieved 2007-06-05.
- ^ القرآن. المكتبة الرقمية في جامعة كامبريدج. Retrieved 10 يناير 2012.
- ^ مقال بقلم عبد الله يوسف علي. القرآن الكريم. Retrieved 2007-06-05.
- ^ القرآن اليونيكودي. النصوص المقدسة. Retrieved 2007-06-05.
- ^ الخط المصحفي. خط حائز على جائزة. Retrieved 2007-06-05.
- ^ إسلام ويب، مركز الفتوى: الفرق بين القرآن الكريم والحديث القدسي والحديث النبوي. تاريخ التحرير: الأربعاء 28 صفر 1427هـ - الموافق فيه 29 مارس 2006م
- ^ الفرق بين القرآن والحديث القدسي وبين الحديث النبوي والحديث القدسي
- ^ التقاليد المسيحية والقرآن العربي تأليف سيگني گريفث، صفحة.112، في القرآن في سياقه التاريخي، جبرائيل سعيد رينولدز، منشورات سايكولوجي، 2008
- ^ مقارنة بين القرآن والكتاب المقدس: دراسة موضوعية لأكثر كتابين احترامًا وتأثيرًا في النفوس في الحضارتين الغربية والشرق أوسطيّة تأليف عامي بن كنعان، صفحة. 197–198، مطبوعات ترافورد، 2011
- ^ الموسوعة الكاثوليكية الحديثة، 1967، الجامعة الكاثوليكية في أمريكا، واشنطن العاصمة، المجلد. VII، صفحة.677
- ^ الإنجيل برواية القرآن، فراس السواح، دار علاء الدين للنشر، دمشق 2011، ص.7
- ^ مدخل إلى العهد الجديد، العهد الجديد، لجنة من اللاهوتيين، دار المشرق، الطبعة السادسة عشر، بيروت 1988، بإذن الخور أسقف بولس باسيم، النائب الرسولي للاتين في لبنان، ص.21
- ^ الأبوكريفا - التعريف ومعلومات أخرى من موقع قاموس مريم الحر
- ^ مدخل إلى العهد الجديد، مرجع سابق، ص.22
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.77.
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.92
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.98
- ↑ أ ب الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.132
- ^ USC.edu[وصلة مكسورة]
- ^ Esposito, John L. The Future of Islam. Oxford University Press US, 2010. ISBN 978-0-19-516521-0 p. 40
- ^ الإنجيل برواية القرآن، مرجع سابق، ص.106.
- ^ د. حسن طبل، حول الإعجاز البلاغي للقرآن، صفحة 113، مكتبة الإيمان، ط1، مصر 1420هـ ـ 1999م.
- ↑ أ ب ت النقد الكتابي للقرآن، تأليف: شاكر فضل الله النعماني
- ^ د. جواد علي، يوحنا الدمشقي، مجلة الرسالة (مصر)، (عدد 610)، صفحة 243، ربيع الأول 1364هـ ـ مارس 1945م.
- ^ دانييل ساهاس، جدل يوحنا الدمشقي مع الإسلام، صفحة 123 ـ 128، الاجتهاد. بيروت، عدد (28)، السنة السابعة (1416هـ ـ 1995م).
- ^ جورج عطية، الجدل الديني المسيحي ـ الإسلامي في العصر الأموي وأثره في نشوء علم الكلام، صفحة 415 ـ 416، كتاب المؤتمر الدولي الرابع لتاريخ بلاد الشام ـ جامعة اليرموك. عمّان 1989م.
- ^ Klaus Hock، Der Islam im Spiegel westlicher Theologie، S: 99، 101، 112. Deutschland 1989.
- ^ د. محمد الفيومي، الاستشراق رسالة استعمار، صفحة 364 ـ 365، دار الفكر العربي. القاهرة 1413هـ ـ 1993م.
- ^ الأب لويس شيخو اليسوعي، مقالات دينية قديمة لبعض مشاهير الكتبة النصارى، صفحة: 15 ـ 26، طبع الآباء اليسوعيين، بيروت 1924م.
- ^ الأب لويس شيخو اليسوعي، رسالة بولس أسقف صيدا الراهب الأنطاكي، صفحة 17، طبع الآباء اليسوعيين، بيروت 1924م.
- ↑ أ ب سعد بن منصور بن كمونة، تنقيح الأبحاث للملل الثلاث، صفحة 70، نشره موسى برلمان، مطبوعات جامعة كاليفورنيا.
- ^ سعد بن منصور بن كمونة، تنقيح الأبحاث للملل الثلاث، صفحة 89، نشره موسى برلمان، مطبوعات جامعة كاليفورنيا.