الاثنين، 16 أبريل 2012

موسوعة علوم القرآن -- علم القراءات : مقدمة وتعريف

قائمة و تعريف القراءات


       القراءات : جمع قراءة .
       وهى فى اللغة : مصدر سماعى لقرأ .
       وفى الإصطلاح : مذهب يذهب إليه إمام من أئمة القراء مخالفاً به غيره فى النطق بالقرآن الكريم ، مع اتفاق الروايات والطرق عنه ، سواء أكان هذه المخالفة فى نطق الحروف أم فى نطق هيئاتها.
       قال السيوطى عند كلامه على تقسيم الإسناد إلى عالٍ ونازل ما نصه : ومما يشبه هذا التقسيم الذى لأهل الحديث .. تقسيم القراء أحوال الإسناد إلى قراءة ورواية وطرق ووجه.
       فالخلاف :
       إن كان لأحد الأئمة السبعة أو العشرة أو نحوهم ؛ واتفقت عليه الروايات والطرق عنه : فهو قراءة .
       وإن كان للراوى عنه : فرواية .
       أو لمن بعده فنازلا : فطريق .
       أولا على هذه الصفة مما هو راجع إلى تخيير القارئ فيه: فوجه.ـ .
       وفى منجد المقرئين لابن الجزرى ما نصه :
       " القراءات : علم بكيفيات أداء كلمات القرآن واختلافها بعزو الناقلة .
       والمقرئ : العالم بها رواها مشافهة ، فلو حفظ التيسير مثلا ليس له أن يقرئ بما فيه إن لم يشافهه من شوفه به مسلسلا ؛ لأن فى القراءات أشياء لا تحكم إلا بالسماع والمشافهة.
       والقارئ المبتدئ : من شرع فى الإفراد إلى أن يفرد ثلاثاً من القراءات.
       القاريءالمنتهى : من نقل من القراءات أكثرها وأشهرها" .


الفرق بين القراءات السبع والأحرف السبع
          اختلف أهل العلم فى هذه المسألة على النحو التالي:
قال أبو جعفر:
          فأما ما كان من اختلاف القراءة، في رفع حرف وجرّه ونصبه، وتسكين حرف وتحريكه ونقل حرف الى آخر، مع اتفاق الصورة، فمن معنى قول النبي صلى اللّه عليه وسلم: (اُمِرْتُ أنْ أقْرَأ القُرآنَ على سَبْعَةِ أحْرُفٍ بِمَعْزِلٍ) لأنه معلوم أنه لاحرف من حروف القرآن، مما اختلفت القراءة في قراءته بهذا المعنى، يوجب المراء به كفر الممارى به في قول أحد من علماء الأمة.
وقال الدكتور محمد الحبش فى كتاب القراءات المتواترة
في: الباب الأول: علم القراءات. الفصل الأول: معنى القراءات وغاياتها. المبحث السادس: القراءات والأحرف السبعة.
يقترن اسم القراءات بالأحرف السبعة، ويتبادر إلى الأذهان أن القراءات هي الأحرف، وبخاصة بعد أن اشتهرت القراءات السبع في الأمصار وأصبح الناس يتحدثون عن قراءات سبع وأحرف سبعة.
والأحرف السبعة هي التي جاء الحديث الصحيح بالإشارة إليها في قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا منه ما تيسر".
ويميل جمهور العلماء إلى أن المصاحف العثمانية اشتملت على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة.
          واختار القاضي أبو بكر بن الطيب الباقلاني هذا الرأي وقال: الصحيح أن هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضبطها عنه الأئمة، وأثبتها عثمان والصحابة في المصحف وأخبروا بصحتها، وإنما حذفوا منها ما لم يثبت متواتراً
وعبارة "الأحرف" وهي جمع حرف ـ الوارد في الحديث تقع على معانٍ مختلفة، فقد تكون بمعنى القراءة كقول ابن الجزري: "كانت الشام تقرأ بحرف ابن عامر"وقد تفيد المعنى والجهة كما يقول أبو جعفر محمد بن سعدان النحوي.
وحكي عن الخليل بن أحمد الفراهيدي شيخ العربية أن القراءات هي الأحرف، ولن تجد كتاباً تعرض لهذه المسألة إلا أشار لهذا القول بالتوهين والتضعيف.
وأحب هنا أن أوضح رأي العلامة الجليل الخليل بن أحمد الفراهيدي ، فهو بلا ريـب إمـام العـربيـة وحجـة النحـاة، ولاشـك أن انفـراده بالـرأي هنـا لـم ينتـج من قلة إحاطة أو تدبر، ومثله لا يقول الرأي بلا استبصار، وانفراد مثله برأي لا يلزم منه وصف الرأي بالشذوذ أو الوهن!
وغير غائب عن البال أن الخليل بن أحمد الفراهيدي الذي توفي عام 170 هـ لم يدرك عصر تسبيع القراءات، حيث لم تشتهر عبارة القراءات السبع إلا أيام ابن مجاهد، وهو الذي توفي عام 324 هـ.
ولم يكن الخليل بن أحمد يعني بالطبع هذه القراءات السبع التي تظاهر العلماء على اعتمادها وإقرارها بدءاً من القرن الرابع الهجري، ولكنه كان يريد أن ثمة سبع قراءات قرأ بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وتلقاها عنه أصحابه، ومن بعدهم أئمة السلف، وهي تنتمي إلى أمهات قواعدية لم يتيسر من يجمعها بعد ـ أي في زمن الخليل ـ وأنها لدى جمعها وضبطها ترتد إلى سبعة مناهج، وفق حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف".
          وهذا الفهم لرأي الخليل هو اللائق بمكانته ومنزلته العلمية، وهو المتصور في ثقافته ومعارفه زماناً ومكاناً، وبه تدرك أنه لم يكن يجهل أن عصر الأئمة متأخر عن عصر التنزيل وهو أمر لا يجهله أحد.
          وكذلك أشير هنا إلى رأي شيخ المفسرين الإمام الطبري(31) الذي كان يرى أن الأحرف السبعة منهج في الإقراء أذن به النبي - صلى الله عليه وسلم - زمناً ثم نسخه قبل أن يلقاه الأجل، وهكذا فقد مات النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس بين الناس إلا حرف واحد، وأن هذه القراءات المتواترة اليوم مهما بلغت كثرة إنما تدور ضمن هذا الحرف الواحد الذي أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإقراء والرواية به(32).
          ومن أدلته على نسخ الأحرف السبعة أنها لو كانت قرآناً باقياً لم تكن لتخفى عن الأمة بعد أن تعهد الله سبحانه بحفظ كتابه العظيم في قوله: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}، وكذلك حصول الاختلاف في فهمها، وتحديد المراد بها، وقد قال الله سبحانه: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً}.
          ومن أدلته على ذلك أن المروي عن السلف في الأحرف السبعة لا يتفق والرسم القرآني، فلم يكن ثمة مندوحة من القول بنسخ ذلك، وقد نقل مكي بن طالب القيسي في الإبانة رأي الطبري فقال: "يذهب الطبري إلى أن الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن إنما هي تبديل كلمة في موضع كلمة، يختلف الخط بهما، ونقص كلمة، وزيادة أخرى، فمنع خط المصحف المجمع عليه مـما زاد على حرف واحد لأن الاختلاف [عنده] لا يقع إلا بتغيير الخط في رأي العين.
          فالقراءات التي في أيدي الناس اليوم كلها عنده حرف واحد من الأحرف السبعة التي نص عليها النبي - صلى الله عليه وسلم -، والستة الأحرف الباقية قد سقطت، وبطل العمل بها بالإجماع على خط المصحف المكتوب على حرف واحد".
          وقد لخص الطبري مذهبه بقوله: "فلا قراءة اليوم للمسلمين إلا بالحرف الواحد الذي اختاره لهم إمامهم الشفيق الناصح دون ما عداه من الأحرف الستة الباقية"(34).
          والخلاصة أن اختيار الطبري متجه إلى أن الأحرف السبعة رفعت من القرآن الكريم، وأنها كانت إذناً من الله عز وجل يتضمن التخفيف عن الأمة حتى إذا هدمت حواجز كثيرة كانت تحول بين قبائل العرب، ردهم الله عز وجل إلى حرف واحد، ولكنه أذن أن يقرأ هذا الحرف بلهجات مختلفة هي القراءات التي ثبتت إلى المعصوم - صلى الله عليه وسلم - تواتراً وأداءً.
          وبعد تفصيل رأي الفراهيدي واختيار الطبري أضع بين يديك اختيار الجمهور فقد رأى جمهور المفسرين أن الأحرف السبعة باقية في التنزيل وقد استوعبتها المصاحف العثمانية، وما هي إلا تحديد لوجهة الاختلاف في أداء الكلمة القرآنية، وفق ما أذن به النبي - صلى الله عليه وسلم