القسم فى القرآن الكريم
يحتاج المرء – عادة – إلى إقناع سامعيه أو مخالفيه بفكرة أو بما عنده من رأى وقول. لذا : يستخدم بعض وسائل الإقناع التى يوضح بها فكرته، ويشرح بها قوله، ويقتنع بها سامعه.
فإذا قرب المعنى المعقول وأبرزه فى صورة المحسوس: فهذا هو المثل.
وإذا أكد ما لديه وأقسم عليه: فهذا هو القسم.
وإذا قدم الحجة، وبين العلة: فهذا هو الجدل.
وعلى هذا: فالقسم 00 واحد من وسائل الإقناع.
* * *
وقد أفرده ابن القيم، بالتصنيف في مجلد سمّاه "التبيان" والقصد بالقسم تحقيق الخير بتوكيده، حتى جعلوا مثل {والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} [المنافقون: 2] قسماً؛ وإن كان فيه إخبار بشهادةٍ، لأنه لما جاء توكيداً للخير سمّى قسماً.
وقد قيل: ما معنى القسم منه تعالى؛ فإنه كان لأجل المؤمن فالمؤمن مصدّق بمجرد الإخبار من غير قسم، وإن كان لأجل الكافر فلا يقيده.
وأجيب بأن القرآن نزل بلغة العرب، ومن عادتها القسم إذا أرادت أن تؤكد أمراً. وأجاب أبو القاسم القشيرىّ بأن الله ذكر القسم لكمال الحجة وتأكيدها؛ وذلك أن الحكم يفصل باثنين: إما بالشهادة وإما بالقسم ، فذكر تعالى فى كتابه النوعين حتى لا يبقى لهم حجة، فقال: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم}[آل عمران: 18] وقال: {قل إي وربى إنه لحق}، وعن بعض الأعراب أنه لمّا سمع قوله تعالى: {وفى السماء رزقكم وما توعدون* فورب السماء والأرض إنه لحق}[الذاريات: 22،23] صرخ وقال: من ذا الذى أغضب الجليل حتى ألجأ إلى اليمين.
تعريف القسم وصيغته
والأقسام: جمع قسم: بفتح السين، بمعنى الحلف واليمين
والصيغة الأصلية للقسم أن يوتى بالفعل أقسم أو أخلف متعدياً بالمياه إلى المقسم به. ثم يأتى المقسم عليه، وهو المسمى بجواب القسم، كقوله تعالى {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت} [النحل: 38] فأجزاء صيغة القسم ثلاثة: 1- الفعل الذى يتعدى بالباء 2- والمقسم به 3- والمقسم عليه.
ويعرف بأنه: ربط النفس، بالامتناع عن شئ أو الإقدام عليه، بمعنى معظم عند الحالف حقيقة أو اعتقاداً.
وسمى الحلف يميناً لأن العرب كان أحدهم يأخذ بيمين صاحبه عند التحالف.
وعلى هذا: فالقسم واليمين 00 معناهما واحد.
.............................................................
أجزاء صيغة القسم
وأجزاء صيغة القسم ثلاثة:
1- فعل القسم.
2- القسم به.
3- القسم عليه.
1- فعل القسم.
2- القسم به.
3- القسم عليه.
.................................................................
أحرف القسم
وأحرف القسم ثلاثة:
1- الواو، وقد يحذف معها الفعل.
2- الياء 00 ولا يحذف معها الفعل.
3- التاء.
هذا 00
ولما كان القسم يكثر فى الكلام اختصر فصار فعل القسم يحذف ويكتفى بالياء ثم عرض عن الباء بالواو فى الأسماء الظاهرة كقوله تعالى {والليل إذا يغشى}[الليل: 1] وبالتاء فى لفظ الجلالة كقوله {وتالله لأكيدن أصنامكم}[الأنبياء: 57] وهذا قليل، أما الواو فكثيرة.
1- الواو، وقد يحذف معها الفعل.
2- الياء 00 ولا يحذف معها الفعل.
3- التاء.
هذا 00
ولما كان القسم يكثر فى الكلام اختصر فصار فعل القسم يحذف ويكتفى بالياء ثم عرض عن الباء بالواو فى الأسماء الظاهرة كقوله تعالى {والليل إذا يغشى}[الليل: 1] وبالتاء فى لفظ الجلالة كقوله {وتالله لأكيدن أصنامكم}[الأنبياء: 57] وهذا قليل، أما الواو فكثيرة.
..............................................................................
ضرورة القسم
تمتاز اللغة العربية بدقة التعبير واختلاف الأساليب بتنوع الأغراض، وللمخاطب حالات مختلفة، هى المسماة فى المعانى بأضرب الخير الثلاثة: الابتدائى، والطلبى، والإنكارى.
فقد يكون المخاطب خالى الذهن من الحكم فيلقى إليه الكلام غفلاً عن التأكيد، ويسمى هذا الضرب ابتدائياً.
وقد يكون متردداً فى ثبوت الحكم وعدمه، فيحسن تقوية الحكم له بمؤكد ليزيل تردده، ويسمى هذا الضرب طلبياً.
والقسم من المؤكدات المشهورة التى تمكن الشئ فى النفس وتقويه، وقد نزل القرآن الكريم للناس كافة، ووقف الناس منه مواقف متباينة، فمنهم الشاك، ومنهم المنكر، ومنهم الخصم الألد. فالقسم فى كلام الله يزيل الشكوك، ويحيط الشبهات، ويقيم الحجة، ويؤكد الاخبار، ويقرر الحكم في أكمل صورة.
ولذا: كان القسم ضرورياً فى وجوده، ضرورياً فى العلم به
فقد يكون المخاطب خالى الذهن من الحكم فيلقى إليه الكلام غفلاً عن التأكيد، ويسمى هذا الضرب ابتدائياً.
وقد يكون متردداً فى ثبوت الحكم وعدمه، فيحسن تقوية الحكم له بمؤكد ليزيل تردده، ويسمى هذا الضرب طلبياً.
والقسم من المؤكدات المشهورة التى تمكن الشئ فى النفس وتقويه، وقد نزل القرآن الكريم للناس كافة، ووقف الناس منه مواقف متباينة، فمنهم الشاك، ومنهم المنكر، ومنهم الخصم الألد. فالقسم فى كلام الله يزيل الشكوك، ويحيط الشبهات، ويقيم الحجة، ويؤكد الاخبار، ويقرر الحكم في أكمل صورة.
ولذا: كان القسم ضرورياً فى وجوده، ضرورياً فى العلم به
.................................................................................
المقسم به فى القرآن
يقسم الله تعالى بنفسه المقدمة الموصوفة بصفاته، أو بآياته المستلزمة لذاته وصفاته، وإقسامه ببعض مخلوقاته دليل على أنه من عظيم آياته. وقد أقسم الله تعالى بنفسه فى القرآن فى سبعة مواضع:
1- فى قوله {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثين}[التغابن: 7].
2- وقوله {وقال الذين كفروا ولا تأتينا الساعة قل بلى وربى لتأتينكم}[سبأ: 3].
3- وقوله {ويستنبؤنك أحق هو قل إى وربى إنه لحق}[يونس: 53].
4- وقوله {فوربك لنحشرنهم والشياطين}[مريم: 68].
5- وقوله {فلا وربك لنسألنهم أجمعين}[الحجر: 92].
6- وقوله {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}[النساء: 65].
7- وقوله {فلا أقسم برب المشارق والمغارب}[المعارج: 40].
وسائر القسم فى القرآن بمخلوقاته سبحانه، كقوله {والشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها}[الشمس: 1-7]، وقوله {والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى * وما خلق الذكر والأنثى}[الليل: 1-3]، وقوله {والفجر * وليال عشر}[الفجر: 1، 4]، وقوله {فلا أقسم بالخنس}[التكوير: 15]، وقوله {والتين والزيتون * وطور سينين}[التين: 1، 2] وهذا هو الكثير فى القرآن.
ولله أن يحلف بما شاء، أما حلف العباد بغير الله فهو ضرب من الشرك، فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك وإنما أقسم الله بمخلوقاته لأنها تدل على بارئها، وهو الله تعالى، وللإشارة إلى فضيلتها ومنفعتها ليعتبر الناس بها، وعن الحسن قال: (إن الله يقسم بما شاء من خلقه وليس لأحد أن يقسم إلا بالله
1- فى قوله {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربى لتبعثين}[التغابن: 7].
2- وقوله {وقال الذين كفروا ولا تأتينا الساعة قل بلى وربى لتأتينكم}[سبأ: 3].
3- وقوله {ويستنبؤنك أحق هو قل إى وربى إنه لحق}[يونس: 53].
4- وقوله {فوربك لنحشرنهم والشياطين}[مريم: 68].
5- وقوله {فلا وربك لنسألنهم أجمعين}[الحجر: 92].
6- وقوله {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}[النساء: 65].
7- وقوله {فلا أقسم برب المشارق والمغارب}[المعارج: 40].
وسائر القسم فى القرآن بمخلوقاته سبحانه، كقوله {والشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها}[الشمس: 1-7]، وقوله {والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى * وما خلق الذكر والأنثى}[الليل: 1-3]، وقوله {والفجر * وليال عشر}[الفجر: 1، 4]، وقوله {فلا أقسم بالخنس}[التكوير: 15]، وقوله {والتين والزيتون * وطور سينين}[التين: 1، 2] وهذا هو الكثير فى القرآن.
ولله أن يحلف بما شاء، أما حلف العباد بغير الله فهو ضرب من الشرك، فعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك وإنما أقسم الله بمخلوقاته لأنها تدل على بارئها، وهو الله تعالى، وللإشارة إلى فضيلتها ومنفعتها ليعتبر الناس بها، وعن الحسن قال: (إن الله يقسم بما شاء من خلقه وليس لأحد أن يقسم إلا بالله
..................................................................................
أنواع القسم
القسم إما ظاهر، وإما مضمر.
1- فالظاهر:- هو ما صرح فيه بفعل القسم، وصرح فيه بالمقسم به، ومنه ما حذف فيه فعل القسم كما هو الغالب اكتفاء بالجار من الباء أو الواو أو التاء.
وقد أدخلت – (لا) – النافية على فعل القسم فى بعض المواضع. كقوله تعالى {لا أقسم بيوم القيامة * ولا أقسم بالنفس اللومة}[القيامة: 1، 2] فقيل: لا فى الموضعين نافية لمحذوف يناسب المقام، والتقدير مثلاً: لا صحة لما تزعمون أنه لا حساب ولا عقاب، ثم استأنف فقال: أقسم بيوم القيامة، وبالنفس اللوامة، إنكم ستبعثون، وقيل: لا. لنفى القسم كأنه قال: لا أقسم عليك بذلك اليوم وتلك النفس، ولكنى أسألك غير مقسم، أتحسب أنا لا نجمع عظامك إذا تفرقت بالموت؟ إن الأمر من الظهور بحيث لا يحتاج إلى قسم – وقيل: لا. زائدة – وجواب القسم فى الآية المذكورة محذوف دل عليه قوله بعد: أيحسب الإنسان. الخ، والتقدير: لتبعثن ولتحاسبن.
2- والقسم المضمر: هو ما لم يصرح فيه بفعل القسم ولا بالمقسم به، وإنما تدل عليه اللام المؤكدة التى تدخل على جواب القسم كقوله تعالى {لتبلون فى أموالكم وأنفسكم}[آل عمران: 186] أى والله لتبلون
1- فالظاهر:- هو ما صرح فيه بفعل القسم، وصرح فيه بالمقسم به، ومنه ما حذف فيه فعل القسم كما هو الغالب اكتفاء بالجار من الباء أو الواو أو التاء.
وقد أدخلت – (لا) – النافية على فعل القسم فى بعض المواضع. كقوله تعالى {لا أقسم بيوم القيامة * ولا أقسم بالنفس اللومة}[القيامة: 1، 2] فقيل: لا فى الموضعين نافية لمحذوف يناسب المقام، والتقدير مثلاً: لا صحة لما تزعمون أنه لا حساب ولا عقاب، ثم استأنف فقال: أقسم بيوم القيامة، وبالنفس اللوامة، إنكم ستبعثون، وقيل: لا. لنفى القسم كأنه قال: لا أقسم عليك بذلك اليوم وتلك النفس، ولكنى أسألك غير مقسم، أتحسب أنا لا نجمع عظامك إذا تفرقت بالموت؟ إن الأمر من الظهور بحيث لا يحتاج إلى قسم – وقيل: لا. زائدة – وجواب القسم فى الآية المذكورة محذوف دل عليه قوله بعد: أيحسب الإنسان. الخ، والتقدير: لتبعثن ولتحاسبن.
2- والقسم المضمر: هو ما لم يصرح فيه بفعل القسم ولا بالمقسم به، وإنما تدل عليه اللام المؤكدة التى تدخل على جواب القسم كقوله تعالى {لتبلون فى أموالكم وأنفسكم}[آل عمران: 186] أى والله لتبلون
.....................................................................................
أحوال المقسم عليه
1- القسم عليه يراد بالقسم توكيده وتحقيقه، فلابد أن يكون مما يحسن فيه ذلك، كالأمور الغائبة والخفية إذا أقسم على ثبوتها.
2- وجواب القسم يذكر تارة – وهو الغالب – وتارة يحذف، كما يحذف جواب لو كثيراً، كقوله {كلا لو تعلمون علم اليقين}[التكاثر: 5] وحذف مثل هذا من أحسن الأساليب، لأنه يدل على التفخيم والتعظيم، فالتقدير مثلاً:
لو تعلمون ما بين أيديكم علم الأمر اليقين لفعلتم ما لا يوصف من الخير، فحذف جواب القسم كقوله {والفجر * وليال عشر * والشفع والوتر * والليل إذا يسر * هل فى ذلك قسم لذى حجر}[لفجر: 1-6] فالمراد بالقسم أن الزمان المتضمن لمثل هذه الأعمال أهل أن يقسم الرب عز وجل به. فلا يحتاج إلى جواب، وقيل: الجواب محذوف، أى: لتعذبن يا كفار مكة، وقيل: مذكور، وهو قوله {إن ربك لبالمرصاد}[الفجر: 14] والصحيح المناسب أنه لا يحتاج إلى جواب.
وقد يحذف الجواب لدلالة المذكور عليه، كقوله تعالى {لا أقسم بيوم القيامة* ولا أقسم بالنفس اللوامة} فجواب القسم محذوف دل عليه قوله بعد {أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه 00الخ} والتقدير: لتبعثن ولتحاسبن.
3- والماضى المثبت المنصرف الذى لم يتقدم معموله إذا وقع جواباً للقسم تلزمه اللام وقد، ولا يجوز الاقتصار على إحداهما إلا عند طول الكلام. كقوله تعالى {والشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها * والنهار إذا جلاها * والليل إذا يغشاها * والسماء وما بناها * والأرض وما طحاها * ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها}[الشمس: 1-8] فجواب القسم {قد أفلح من زكاها} حذفت منه اللام لطول الكلام.
ولذلك قالوا فى قوله تعالى {والسماء ذات البروج * واليوم الموعود * وشاهد ومشهود * قتل أصحاب الأخدود}[البروج: 4]: إن الأحسن أن يكون هذا القسم مستغنياً عن الجواب، لأن القصد التنبيه على المقسم به، وأنه من آيات الرب العظيمة، وقيل الجواب محذوف دل عليه {قتل أصحاب الأخدود} أى أنهم ملعونين، يعنى كفار مكة كما لعن أصحاب الأخدود، وقيل حذف صدره، وتقديره: لقد قتل لأن الفعل الماضى إذا وقع جواباً للقسم تلزمه اللام وقد، ولا يجوز الاقتصار على إحداهما إلا عند طول الكلام، كما سبق فى قوله تعالى {والشمس وضحاها 00 قد أفلح من زكاها}.
4- ويقسم الله على أصول الإيمان التى يجب على الخلق معرفتها فتارة يقسم على التوحيد كقوله {والصافات صفاً * فالزاجرات زجراً * فالتاليات ذكراً * إن إلهكم لواحد}[لصافات: 1-4].
وتارة يقسم على أن القرآن حق كقوله تعالى {فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعملون عظيم * إنه لقرآن كريم}[الواقعة: 75-77].
وتارة على أن الرسول حق كقوله {يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين}[يس: 1-3].
وتارة على الجزاء والوعد والوعيد، كقوله {والذاريات ذرواً * فالحاملات وقراً * فالجاريات يسراً * فالمقسمات أمراً * إنما توعدون لصادق * وإن الدين لواقع}[الذارايات: 1-6].
وتارة على حال الإنسان، كقوله {والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى * وما خلق الذكر والأنثى * إن سعيكم لشتى}[الليل: 1-4].
والمتتبع لأقسام القرآن يستخلص الفنون الكثيرة.
5- والقسم إما على جملة خيرية – وهو الغالب – كقوله تعالى {فورب السماء والأرض إنه لحق}(42)، وإما على جملة طلبية فى المعنى كقوله تعالى {فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون}[الحجر: 92، 93] لأن المراد التهديد والوعيد
2- وجواب القسم يذكر تارة – وهو الغالب – وتارة يحذف، كما يحذف جواب لو كثيراً، كقوله {كلا لو تعلمون علم اليقين}[التكاثر: 5] وحذف مثل هذا من أحسن الأساليب، لأنه يدل على التفخيم والتعظيم، فالتقدير مثلاً:
لو تعلمون ما بين أيديكم علم الأمر اليقين لفعلتم ما لا يوصف من الخير، فحذف جواب القسم كقوله {والفجر * وليال عشر * والشفع والوتر * والليل إذا يسر * هل فى ذلك قسم لذى حجر}[لفجر: 1-6] فالمراد بالقسم أن الزمان المتضمن لمثل هذه الأعمال أهل أن يقسم الرب عز وجل به. فلا يحتاج إلى جواب، وقيل: الجواب محذوف، أى: لتعذبن يا كفار مكة، وقيل: مذكور، وهو قوله {إن ربك لبالمرصاد}[الفجر: 14] والصحيح المناسب أنه لا يحتاج إلى جواب.
وقد يحذف الجواب لدلالة المذكور عليه، كقوله تعالى {لا أقسم بيوم القيامة* ولا أقسم بالنفس اللوامة} فجواب القسم محذوف دل عليه قوله بعد {أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه 00الخ} والتقدير: لتبعثن ولتحاسبن.
3- والماضى المثبت المنصرف الذى لم يتقدم معموله إذا وقع جواباً للقسم تلزمه اللام وقد، ولا يجوز الاقتصار على إحداهما إلا عند طول الكلام. كقوله تعالى {والشمس وضحاها * والقمر إذا تلاها * والنهار إذا جلاها * والليل إذا يغشاها * والسماء وما بناها * والأرض وما طحاها * ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها}[الشمس: 1-8] فجواب القسم {قد أفلح من زكاها} حذفت منه اللام لطول الكلام.
ولذلك قالوا فى قوله تعالى {والسماء ذات البروج * واليوم الموعود * وشاهد ومشهود * قتل أصحاب الأخدود}[البروج: 4]: إن الأحسن أن يكون هذا القسم مستغنياً عن الجواب، لأن القصد التنبيه على المقسم به، وأنه من آيات الرب العظيمة، وقيل الجواب محذوف دل عليه {قتل أصحاب الأخدود} أى أنهم ملعونين، يعنى كفار مكة كما لعن أصحاب الأخدود، وقيل حذف صدره، وتقديره: لقد قتل لأن الفعل الماضى إذا وقع جواباً للقسم تلزمه اللام وقد، ولا يجوز الاقتصار على إحداهما إلا عند طول الكلام، كما سبق فى قوله تعالى {والشمس وضحاها 00 قد أفلح من زكاها}.
4- ويقسم الله على أصول الإيمان التى يجب على الخلق معرفتها فتارة يقسم على التوحيد كقوله {والصافات صفاً * فالزاجرات زجراً * فالتاليات ذكراً * إن إلهكم لواحد}[لصافات: 1-4].
وتارة يقسم على أن القرآن حق كقوله تعالى {فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعملون عظيم * إنه لقرآن كريم}[الواقعة: 75-77].
وتارة على أن الرسول حق كقوله {يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين}[يس: 1-3].
وتارة على الجزاء والوعد والوعيد، كقوله {والذاريات ذرواً * فالحاملات وقراً * فالجاريات يسراً * فالمقسمات أمراً * إنما توعدون لصادق * وإن الدين لواقع}[الذارايات: 1-6].
وتارة على حال الإنسان، كقوله {والليل إذا يغشى * والنهار إذا تجلى * وما خلق الذكر والأنثى * إن سعيكم لشتى}[الليل: 1-4].
والمتتبع لأقسام القرآن يستخلص الفنون الكثيرة.
5- والقسم إما على جملة خيرية – وهو الغالب – كقوله تعالى {فورب السماء والأرض إنه لحق}(42)، وإما على جملة طلبية فى المعنى كقوله تعالى {فوربك لنسألنهم أجمعين * عما كانوا يعملون}[الحجر: 92، 93] لأن المراد التهديد والوعيد
.......................................................................................
الألفاظ الجارية مجرى القسم
قال أو على الفارسى: الألفاظ الجارية مجرى القسم ضربان.
أحدهما: ما تكون كغيرها من الأخبار التى ليست بقسم، فلا تجاب بجوابه كقوله: {وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين}[0000]، {ورفعنا فوقكم الطور خذوا}[0000]، {يحلفون لكم}[0000]، وهذا ونحوه يجوز أن يكون قسماً، وأن يكون حالاً لخلوه من الجواب.
والثانى ما يتلقى بجواب القسم، كقوله: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس}[000]، {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن}[000].
وقال غيره: أكثر الأقسام فى القرآن المحذوفة الفعل لا تكون إلا بالواو، فإذا ذكرت الباء فى الفعل، كقوله: {وأقسموا بالله}[000]، {يحلفون بالله}، ولا تجد الباء مع حذف الفعل، ومن ثم كان خطأ من جعل قسماً {بالله إن الشرك لظلم}[000]، {بما عهد عندك}[000]، {بحق إن كنت قلته فقد علمته}[000].
وعلى كل:
إذا كان القسم يأتى لتأكيد المقسم عليه فإن بعض الأفعال يجرى مجراه إذا كان سياق الكلام فى معناه، كقوله تعالى {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس}[آل عمران: 187] فاللام فى قوله {لتبيننه للناس} لام القسم، والجملة بعدها جواب القسم، لأن أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف.
وحمل المفسرون على هذا قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدون إلا الله}[البقرة: 83] وقوله: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم}(58) وقوله: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنكم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم}[النور: 55].
أحدهما: ما تكون كغيرها من الأخبار التى ليست بقسم، فلا تجاب بجوابه كقوله: {وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين}[0000]، {ورفعنا فوقكم الطور خذوا}[0000]، {يحلفون لكم}[0000]، وهذا ونحوه يجوز أن يكون قسماً، وأن يكون حالاً لخلوه من الجواب.
والثانى ما يتلقى بجواب القسم، كقوله: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس}[000]، {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن}[000].
وقال غيره: أكثر الأقسام فى القرآن المحذوفة الفعل لا تكون إلا بالواو، فإذا ذكرت الباء فى الفعل، كقوله: {وأقسموا بالله}[000]، {يحلفون بالله}، ولا تجد الباء مع حذف الفعل، ومن ثم كان خطأ من جعل قسماً {بالله إن الشرك لظلم}[000]، {بما عهد عندك}[000]، {بحق إن كنت قلته فقد علمته}[000].
وعلى كل:
إذا كان القسم يأتى لتأكيد المقسم عليه فإن بعض الأفعال يجرى مجراه إذا كان سياق الكلام فى معناه، كقوله تعالى {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس}[آل عمران: 187] فاللام فى قوله {لتبيننه للناس} لام القسم، والجملة بعدها جواب القسم، لأن أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف.
وحمل المفسرون على هذا قوله تعالى: {وإذ أخذنا ميثاق بنى إسرائيل لا تعبدون إلا الله}[البقرة: 83] وقوله: {وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم}(58) وقوله: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنكم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم}[النور: 55].
.....................................................................................
القسم والشرط
يجتمع القسم والشرط فيدخل كل منهما على الآخر فيكون الجواب للمتقدم منهما- قسماً كان أو شرطاً – ويغنى عن جواب الآخر.
فإن تقدم القسم على الشرط كان الجواب للقسم وأغنى عن جواب الشرط، كقوله تعالى: {لئن لم تنته لأرجمنك}[مريم: 46] إذ التقدير: والله لئن لم تنته.
واللام الداخلة على الشرط ليست بلام جواب القسم كالتى فى مثل قوله تعالى {وتالله لأكيدن أصنامكم}[الأنبياء: 57] ولكنها اللام الداخلة على أداة شرط للإيذان بأن الجواب بعدها مبنى على قسم قبلها لا على الشرط، وتسمى اللام المؤذنة، وتسمى كذلك الموطئة، لأنها وطأت الجواب للقسم، أى مهدئئة له. ومنه قوله تعالى: {لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولين الأدبار ثم لا ينصرون}[الحشر: 12] وأكثر ما تدخل اللام الموطئة على (إن) الشرطية، وقد تدخل على غيرها.
ولا يقال: إن الجملة الشرطية هى جواب القسم المقدر، فإن الشرط لا يصلح أن يكون جواباً، لأن الجواب لا يكون إلا خبراً، والشرط إنشاء، وعلى هذا فإن قوله تعالى فى المثال الأول: {لأرجمنّك} يكون جواباً للقسم المقدر أغنى عن جواب الشرط.
ودخول اللام الموطئة للقسم على الشرط ليس واجباً، فقد تحذف مع كون القسم مقدراً قبل الشرط. كقوله تعالى: {وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم}[المائدة: 73].
والذى يدل على أن الجواب للقسم لا للشرط دخول اللام فيه، وأنه ليس بمجزوم، بدليل قوله تعالى: {لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله}[الإسراء: 88]، ولو كانت جملة{لا يأتون} جواباً للشرط لجزم الفعل.
وأما قوله تعالى {ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون}[آل عمران: 158] فاللام فى {ولئن} هى الموطئة للقسم، واللام فى (لإلى القسم) هى لام القسم، أى الواقعة فى الجواب، ولم تدخل نون التوكيد على الفعل للفصل بينه وبين اللام بالجار والمجرور والأصل: لئن متم أو قتلتم لتحشرون إلى الله.
فإن تقدم القسم على الشرط كان الجواب للقسم وأغنى عن جواب الشرط، كقوله تعالى: {لئن لم تنته لأرجمنك}[مريم: 46] إذ التقدير: والله لئن لم تنته.
واللام الداخلة على الشرط ليست بلام جواب القسم كالتى فى مثل قوله تعالى {وتالله لأكيدن أصنامكم}[الأنبياء: 57] ولكنها اللام الداخلة على أداة شرط للإيذان بأن الجواب بعدها مبنى على قسم قبلها لا على الشرط، وتسمى اللام المؤذنة، وتسمى كذلك الموطئة، لأنها وطأت الجواب للقسم، أى مهدئئة له. ومنه قوله تعالى: {لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم ولئن نصروهم ليولين الأدبار ثم لا ينصرون}[الحشر: 12] وأكثر ما تدخل اللام الموطئة على (إن) الشرطية، وقد تدخل على غيرها.
ولا يقال: إن الجملة الشرطية هى جواب القسم المقدر، فإن الشرط لا يصلح أن يكون جواباً، لأن الجواب لا يكون إلا خبراً، والشرط إنشاء، وعلى هذا فإن قوله تعالى فى المثال الأول: {لأرجمنّك} يكون جواباً للقسم المقدر أغنى عن جواب الشرط.
ودخول اللام الموطئة للقسم على الشرط ليس واجباً، فقد تحذف مع كون القسم مقدراً قبل الشرط. كقوله تعالى: {وإن لم ينتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم}[المائدة: 73].
والذى يدل على أن الجواب للقسم لا للشرط دخول اللام فيه، وأنه ليس بمجزوم، بدليل قوله تعالى: {لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله}[الإسراء: 88]، ولو كانت جملة{لا يأتون} جواباً للشرط لجزم الفعل.
وأما قوله تعالى {ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون}[آل عمران: 158] فاللام فى {ولئن} هى الموطئة للقسم، واللام فى (لإلى القسم) هى لام القسم، أى الواقعة فى الجواب، ولم تدخل نون التوكيد على الفعل للفصل بينه وبين اللام بالجار والمجرور والأصل: لئن متم أو قتلتم لتحشرون إلى الله.
........................................................................................
بعض التقسيمات فى القسم
1- قال ابن القيم – رحمه الله – يقسم ربنا سبحانه وتعالى على أصول الإيمان التى تجب على الخلق معرفتها.
تارة يقسم على التوحيد، وتارة يقسم على أن القرآن حق، وتارة على أن الرسول حق، وتارة على الجزاء والوعد والوعيد، وتارة يقسم على حال الإنسان.
فالأول كقوله: {والصافات صفاً} إلى قوله {إن إلهكم لواحد}[000].
والثانى كقوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه لقرآن كريم}[000].
والثالث كقوله : {يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين}(70)، {والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى 00}[000] الآيات.
والرابع كقوله: {والذارايات}، إلى قوله: {إنما توعدون لصادق * وإن الدين لواقع}(72)، {والمرسلات} إلى قوله: {إنما توعدون لواقع}[000].
والخامس كقوله: {والليل إذا يغشى} إلى قوله {إن سعيكم لشتى 00}[000] الآيات، {والعاديات} إلى قوله: {إن الإنسان لربه لكنود}[000]، {والعصر * إن الإنسان لفى خسر 00}[000]، الآيات {لا أقسم بهذا البلد} إلى قوله: {لقد خلقنا الإنسان فى كبد}[0000].
قال: وأكثر ما يحذف الجواب إذا كان فى نفس القسم به دلالة على القسم عليه، فإن المقصود يحصل بذكره، فيكون حذف القسم عليه أبلغ وأوجز، كقوله: {ص * والقرآن ذى الذكر}[000]، فإنه فى القسم به من تعظيم القرآن ووصفه بأنه (ذو الذكر) المتضمن لتذكير العباد ما يحتاجون إليه، والشرف والقدر، ما يدل على المقسم عليه، وهو كونه حقاً من عند الله غير مفترى كما يقوله الكافرون، ولهذا قال كثيرون: إن تقدير الجواب (إن القرآن لحق)، وهذا مطرد فى كل ما شابه ذلك، كقوله: {ق * والقرآن المجيد}(79)، وقوله: {لا أقسم بيوم القيامة}[القيامة: 1]، فإنه يتضمن إثبات المعاد، وقوله: {والفجر 000}[الفجر: 1] الآيات، فإنها أزمان تتضمن أفعالاً معظمة من المناسك وشعائر الحج التى هى عبودية محضة لله تعالى وذل وخضوع لعظمته، وفى ذلك تعظيم ما جاء به محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
قال: ومن لطائف القسم قوله: {والضحى * والليل إذا سجى000}[الضحى: 1-2] الآيات، أقسم تعالى على إتمامه على رسوله وإكرامه له؛ وذلك متضمن لتصديقه له، فهو قسم على النبوة والمعاد، وأقسم بآيتين عظيمتين من آياته، وتأمل مطابقة هذا القسم وهو نور الوحى الذى وافاه بعد احتباسه عنه، حتى قال أعداؤه: ودع محمداً ربه، فأقسم بضوء النهار بعد ظلمة الليل على ضوء الوحى ونوره بعد ظلمة احتباسه واحتجابه.
2- وقال أبو القاسم القشيرى: القمس بالشئ لا يخرج عن وجهين، إما الفضيلة أو لمنفعة، فالفضيلة كقوله: {وطور سنين * وهذا البلد الأمين}، والنقمة نحو: {والتين والزيتون}[التين: 1-3].
3- وقال غيره: أقسم الله تعالى بثلاثة أشياء؛ بذاته كالآيات السابقة، وبفعله نحو: {والسماء وما بناها * والأرض وما طحاها * ونفس وما سواها}[الشمس: 5-7]، وبمفعوله نحو: {والنجم إذا هوى}[النجم: 1]، {والطور * وكتاب مسطور}[الطور: 1، 2].
4- والقسم إما ظاهر كالآيات السابقة، وإما مضمر، وهو قسمان: قسم دلت عليه اللام نحو: {لتبلون فى أنفسكم}[آل عمران: 186]، وقسم دل عليه المعنى، نحو: {وإن منكم إلا واردها}[؟؟؟؟؟] تقديره: (والله).
تارة يقسم على التوحيد، وتارة يقسم على أن القرآن حق، وتارة على أن الرسول حق، وتارة على الجزاء والوعد والوعيد، وتارة يقسم على حال الإنسان.
فالأول كقوله: {والصافات صفاً} إلى قوله {إن إلهكم لواحد}[000].
والثانى كقوله: {فلا أقسم بمواقع النجوم * وإنه لقسم لو تعلمون عظيم * إنه لقرآن كريم}[000].
والثالث كقوله : {يس * والقرآن الحكيم * إنك لمن المرسلين}(70)، {والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى 00}[000] الآيات.
والرابع كقوله: {والذارايات}، إلى قوله: {إنما توعدون لصادق * وإن الدين لواقع}(72)، {والمرسلات} إلى قوله: {إنما توعدون لواقع}[000].
والخامس كقوله: {والليل إذا يغشى} إلى قوله {إن سعيكم لشتى 00}[000] الآيات، {والعاديات} إلى قوله: {إن الإنسان لربه لكنود}[000]، {والعصر * إن الإنسان لفى خسر 00}[000]، الآيات {لا أقسم بهذا البلد} إلى قوله: {لقد خلقنا الإنسان فى كبد}[0000].
قال: وأكثر ما يحذف الجواب إذا كان فى نفس القسم به دلالة على القسم عليه، فإن المقصود يحصل بذكره، فيكون حذف القسم عليه أبلغ وأوجز، كقوله: {ص * والقرآن ذى الذكر}[000]، فإنه فى القسم به من تعظيم القرآن ووصفه بأنه (ذو الذكر) المتضمن لتذكير العباد ما يحتاجون إليه، والشرف والقدر، ما يدل على المقسم عليه، وهو كونه حقاً من عند الله غير مفترى كما يقوله الكافرون، ولهذا قال كثيرون: إن تقدير الجواب (إن القرآن لحق)، وهذا مطرد فى كل ما شابه ذلك، كقوله: {ق * والقرآن المجيد}(79)، وقوله: {لا أقسم بيوم القيامة}[القيامة: 1]، فإنه يتضمن إثبات المعاد، وقوله: {والفجر 000}[الفجر: 1] الآيات، فإنها أزمان تتضمن أفعالاً معظمة من المناسك وشعائر الحج التى هى عبودية محضة لله تعالى وذل وخضوع لعظمته، وفى ذلك تعظيم ما جاء به محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
قال: ومن لطائف القسم قوله: {والضحى * والليل إذا سجى000}[الضحى: 1-2] الآيات، أقسم تعالى على إتمامه على رسوله وإكرامه له؛ وذلك متضمن لتصديقه له، فهو قسم على النبوة والمعاد، وأقسم بآيتين عظيمتين من آياته، وتأمل مطابقة هذا القسم وهو نور الوحى الذى وافاه بعد احتباسه عنه، حتى قال أعداؤه: ودع محمداً ربه، فأقسم بضوء النهار بعد ظلمة الليل على ضوء الوحى ونوره بعد ظلمة احتباسه واحتجابه.
2- وقال أبو القاسم القشيرى: القمس بالشئ لا يخرج عن وجهين، إما الفضيلة أو لمنفعة، فالفضيلة كقوله: {وطور سنين * وهذا البلد الأمين}، والنقمة نحو: {والتين والزيتون}[التين: 1-3].
3- وقال غيره: أقسم الله تعالى بثلاثة أشياء؛ بذاته كالآيات السابقة، وبفعله نحو: {والسماء وما بناها * والأرض وما طحاها * ونفس وما سواها}[الشمس: 5-7]، وبمفعوله نحو: {والنجم إذا هوى}[النجم: 1]، {والطور * وكتاب مسطور}[الطور: 1، 2].
4- والقسم إما ظاهر كالآيات السابقة، وإما مضمر، وهو قسمان: قسم دلت عليه اللام نحو: {لتبلون فى أنفسكم}[آل عمران: 186]، وقسم دل عليه المعنى، نحو: {وإن منكم إلا واردها}[؟؟؟؟؟] تقديره: (والله).
......................................................................................
أقسام القرآن
أفرده ابن القيم بالتصنيف في مجلد سماه التبيان والقصد بالقسم تحقيق الخير وتوكيده حتى جعلوا مثل: (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) قسمًا وإن كان فيه إخبار بشهادة لأنه لما جاء توكيدًا للخبر سمى قسمًا.
وقد قيل ما معنى القسم منه تعالى فإنه إن كان لأجل المؤمن فالمؤمن مصدق بمجرد الإخبار من غير قسم وإن كان لأجل الكافر فلا يفيده، وأجيب بأن القرآن نزل بلغة العرب ون عادتها القسم إذا أرادت أن تؤكد أمرًا.
وأجاب أبو القاسم القشيري بأن الله ذكر القسم لكمال الحجة وتأكيدها وذلك أن الحكم يفصل باثنين: إما بالشهادة وإما بالقسم فذكر تعالى في كتابه النوعين حتى لا يبقى لهم حجة فقال: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم) وقال (قل إي وربي إنه لحق) وعن بعض الأعراب أنه لما سمع قوله (وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق) صرخ وقال: من ذا الذي أغضب الجليل حتى ألجأه إلى اليمين.
ولا يكون القسم إلا باسم معظم وقد أقسم الله تعالى بنفسه في القرآن في سبعة مواضع: الآية المذكورة بقوله: (قل أي وربي) (قل بلى وربي لتبعثن) (فوربك لنحشرهم والشياطين) (فوربك لنسئلنهم أجمعين) (فلا وربك لا يؤمنون) (قلا أقسم برب المشارق والمغارب) والباقي كله قسم بمخلوقاته كقوله تعالى (والتين والزيتون) (والصافات) (والشمس) (والليل) (والضحى) (فلا أقسم بالخنس).
فإن قيل: كيف أقسم بالخلق وقد ورد النهي عن القسم بغير الله قلنا: أجيب عنه بأوجه.:
أحدها: إنه على حذف مضاف: أي ورب التين ورب الشمس وكذا الباقي.
الثاني: أن العرب كانت تعظم هذه الأشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفونه.
الثالث: أن الأقسام إنما تكون بما يعظمه بما يعظمه المقسم أويجله وهو فوقه والله تعالى ليس شيء فوقه فأقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته لأنها تدل على بارئ وصانع.
وقال ابن أبي الإصبع في «أسرار الفواتح»: القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع لأن ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: إن الله يقسم بما شاء من خلقه وليس لأحد أن يقسم إلا بالله، وقال العلماء: أقسم الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم في قوله (لعمرك) لتعرف الناس عظمته عند الله ومكانته لديه.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: ما خلق الله وما ذرأ ولا برأ نفسًا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره قال: (لعمرك إنهم في سكرتهم يعمهون) وقال أبو القاسم القشيري: القسم بالشيء لا يخرج عن وجهين: إما لفضيلة أولمنفعة.
فالفضيلة كقوله: (وطور سينين وهذا البلد الأمين) والمنفعة نحو: (والتين والزيتون) وقال غيره: أقسم الله تعالى بثلاثة أشياء: بذاته كالآيات السابقة وبفعله نحو {والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها} وبمفعوله نحو {والنجم إذا هوى} {والطور وكتاب مسطور} والقسم إما ظاهر كالآيات السابقة وإما مضمر وهوقسمان دلت عليه اللام نحو: (لتبلون في أموالكم) وقسم دل عليه المعنى نحو: {وإن منكم إلا واردها} وتقديره: والله.
وقال أبوعلي الفارسي: الألفاظ الجارية مجرى القسم ضربان أحدهما: وما تكون كغيرها من الأخبار التي ليست بقسم فلا تجاب بجوابه كقوله: {وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين) (ورفعنا فوقكم الطور خذوا) (فيحلفون له كما يحلفون لكم) فهذا ونحوه يجوز أن يكون قسمًا وأن يكون حالًا لخلوه من الجواب.
والثاني: ما يتلقى بجواب القسم كقوله: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس) (وأقسموا بالله جهد إيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن) وقال غيره: أكثر الأقسام في القرآن المحذوفة الفعل لا تكون إلا بالواو، فإذا ذكرت الباء أتى بالفعل كقوله: (يحلفون بالله) ولا تجد الباء مع حذف الفعل ومن ثم كان خطأ من جعل قسما بالله (إن الشرك لظلم) بما عهد عندك بحق {إن كنت قلته فقد علمته}.
وقال ابن القيم: اعلم أن الله سبحانه وتعالى يقسم بأمور على أمور وإنما يقسم بنفسه المقدسة الموصوفة بصفاته أوبآياته المستلزمة لذاته وصفاته وأقسامه ببعض المخلوقات دليل على أنه من عظيم آياته فالقسم إما على جملة خبرية وهوالغالب كقوله: (فورب السماء والأرض إنه لحق) وإما على جملة طلبية كقوله: (فوربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعلمون) مع أن هذا القسم قد يراد به تحقيق المقسم عليه فيكون من باب الخبر، وقد يراد به تحقيق القسم فالمقسم عليه يراد بالقسم توكيده وتحقيقه فلا بد أن يكون مما يحسن فيه وذلك كالأمور الغائبة والخفية إذا أقسم على ثبوتها فأما الأمور المشهورة الظاهرة كالشمس، والقمر، والليل، والنهار، والسماء، والأرض فهذه يقسم بها ولا يقسم عليها وما أقسم عليه الرب فهو من آياته فيجوز أن يكون مقسمًا به ولا ينعكس وهو سبحانه وتعالى بذكر جواب القسم تارة وهو الغالب ويحذفه أخرى كما يحذف جواب لوكثير للعلم به.
والقسم لما كان يكثر في الكلام اختصر فصار فعل القسم يحذف ويكتفي بالباء ثم عوض من الباء الواو في الأسماء الظاهرة والتاء في أسم الله تعالى كقوله: {وتالله لأكيدن أصنامكم} قال: ثم هو سبحانه وتعالى يقسم على أصول الإيمان التي تجب على الخلق معرفتها وتارة يقسم على التوحيد وتارة يقسم على أن القرآن حق وتارة على أن الرسول حق وتارة على الجزاء والوعد والوعيد وتارة يقسم على حال الإنسان فالأولى كقوله {والصافات صفا} إلى قوله {إن إلهكم لواحد} والثاني كوله {فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم} والثالث: كقوله {يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين} {والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى} الآيات.
والرابع: كقوله والذاريات إلى قوله {إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع} والمرسلات إلى قوله: {إنما توعدون لواقع) والخامس: كقوله: {والليل إذا يغشى} إلى قوله: {إن سعيكم لشتى} الآيات.
(والعاديات) إلى قوله: {إن الإنسان لربه لكنود} {والعصر إن الإنسان لفي خسر} إلخ.
(والتين) إلى قوله {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} الآيات {لا أقسم بهذا البلد} إلى قوله {لقد خلقنا الإنسان في كبد} قال: وأكثر ما يحذف الجواب إذا كان في نفس المقسم به دلالة على المقسم عليه فإن المقصود يحصل بذكره فيكون حذف المقسم عليه أبلغ وأوجز كقوله: {ص والقرآن ذي الذكر} فإن في المقسم به من تعظيم القرآن ووصفه بأنه: ذو الذكر المتضمن لتذكير العباد وما يحتاجون إليه والشرف والقدر ما يدل على المقسم عليه وهو كونه حقًا من عند الله غير مفتري كما يقوله الكافرون ولهذا قال كثيرون: إن تقدير الجواب: إن القرآن لحق وهذا يطرد في كل ما شابه ذلك كقوله: {ق والقرآن المجيد) وقوله: {لا أقسم بيوم القيامة} فإنه يتضمن إثبات المعاد.
وقوله: (والفجر) الآيات فإنها أزمان تتضمن أفعالًا معظمة من المناسك وشعائر الحج التي هي عبودية محضة الله تعالى وذل وخضوع لعظمته وفي ذلك تعظيم ما جاء به محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
قال: ومن لطائف القسم قوله: (والضحى والليل إذا سجى) الآيات أقسم تعالى على أنعامه على رسوله وإكرامه له وذلك متضمن لتصديقه له فهو قسم على صحة نبوته وعلى جزائه في الآخرة فهو قسم على النبوة والمعاد وأقسم بآيتين عظيمتين من آياته وتأمل مطابقة هذا القسم وهو نور الضحى الذي يوافي بعد ظلام الليل المقسم عليه وهو نور الوحي الذي وافاه بعد احتباسه عنه حتى قال أعداؤه: ودع محمد ربه فأقسم بضوء النهار بعد الليل على ضوء الوحي ونوره بعد ظلمة احتباسه واحتجابه.
وقد قيل ما معنى القسم منه تعالى فإنه إن كان لأجل المؤمن فالمؤمن مصدق بمجرد الإخبار من غير قسم وإن كان لأجل الكافر فلا يفيده، وأجيب بأن القرآن نزل بلغة العرب ون عادتها القسم إذا أرادت أن تؤكد أمرًا.
وأجاب أبو القاسم القشيري بأن الله ذكر القسم لكمال الحجة وتأكيدها وذلك أن الحكم يفصل باثنين: إما بالشهادة وإما بالقسم فذكر تعالى في كتابه النوعين حتى لا يبقى لهم حجة فقال: (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم) وقال (قل إي وربي إنه لحق) وعن بعض الأعراب أنه لما سمع قوله (وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق) صرخ وقال: من ذا الذي أغضب الجليل حتى ألجأه إلى اليمين.
ولا يكون القسم إلا باسم معظم وقد أقسم الله تعالى بنفسه في القرآن في سبعة مواضع: الآية المذكورة بقوله: (قل أي وربي) (قل بلى وربي لتبعثن) (فوربك لنحشرهم والشياطين) (فوربك لنسئلنهم أجمعين) (فلا وربك لا يؤمنون) (قلا أقسم برب المشارق والمغارب) والباقي كله قسم بمخلوقاته كقوله تعالى (والتين والزيتون) (والصافات) (والشمس) (والليل) (والضحى) (فلا أقسم بالخنس).
فإن قيل: كيف أقسم بالخلق وقد ورد النهي عن القسم بغير الله قلنا: أجيب عنه بأوجه.:
أحدها: إنه على حذف مضاف: أي ورب التين ورب الشمس وكذا الباقي.
الثاني: أن العرب كانت تعظم هذه الأشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفونه.
الثالث: أن الأقسام إنما تكون بما يعظمه بما يعظمه المقسم أويجله وهو فوقه والله تعالى ليس شيء فوقه فأقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته لأنها تدل على بارئ وصانع.
وقال ابن أبي الإصبع في «أسرار الفواتح»: القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع لأن ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال: إن الله يقسم بما شاء من خلقه وليس لأحد أن يقسم إلا بالله، وقال العلماء: أقسم الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم في قوله (لعمرك) لتعرف الناس عظمته عند الله ومكانته لديه.
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: ما خلق الله وما ذرأ ولا برأ نفسًا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره قال: (لعمرك إنهم في سكرتهم يعمهون) وقال أبو القاسم القشيري: القسم بالشيء لا يخرج عن وجهين: إما لفضيلة أولمنفعة.
فالفضيلة كقوله: (وطور سينين وهذا البلد الأمين) والمنفعة نحو: (والتين والزيتون) وقال غيره: أقسم الله تعالى بثلاثة أشياء: بذاته كالآيات السابقة وبفعله نحو {والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها} وبمفعوله نحو {والنجم إذا هوى} {والطور وكتاب مسطور} والقسم إما ظاهر كالآيات السابقة وإما مضمر وهوقسمان دلت عليه اللام نحو: (لتبلون في أموالكم) وقسم دل عليه المعنى نحو: {وإن منكم إلا واردها} وتقديره: والله.
وقال أبوعلي الفارسي: الألفاظ الجارية مجرى القسم ضربان أحدهما: وما تكون كغيرها من الأخبار التي ليست بقسم فلا تجاب بجوابه كقوله: {وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين) (ورفعنا فوقكم الطور خذوا) (فيحلفون له كما يحلفون لكم) فهذا ونحوه يجوز أن يكون قسمًا وأن يكون حالًا لخلوه من الجواب.
والثاني: ما يتلقى بجواب القسم كقوله: (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس) (وأقسموا بالله جهد إيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن) وقال غيره: أكثر الأقسام في القرآن المحذوفة الفعل لا تكون إلا بالواو، فإذا ذكرت الباء أتى بالفعل كقوله: (يحلفون بالله) ولا تجد الباء مع حذف الفعل ومن ثم كان خطأ من جعل قسما بالله (إن الشرك لظلم) بما عهد عندك بحق {إن كنت قلته فقد علمته}.
وقال ابن القيم: اعلم أن الله سبحانه وتعالى يقسم بأمور على أمور وإنما يقسم بنفسه المقدسة الموصوفة بصفاته أوبآياته المستلزمة لذاته وصفاته وأقسامه ببعض المخلوقات دليل على أنه من عظيم آياته فالقسم إما على جملة خبرية وهوالغالب كقوله: (فورب السماء والأرض إنه لحق) وإما على جملة طلبية كقوله: (فوربك لنسئلنهم أجمعين عما كانوا يعلمون) مع أن هذا القسم قد يراد به تحقيق المقسم عليه فيكون من باب الخبر، وقد يراد به تحقيق القسم فالمقسم عليه يراد بالقسم توكيده وتحقيقه فلا بد أن يكون مما يحسن فيه وذلك كالأمور الغائبة والخفية إذا أقسم على ثبوتها فأما الأمور المشهورة الظاهرة كالشمس، والقمر، والليل، والنهار، والسماء، والأرض فهذه يقسم بها ولا يقسم عليها وما أقسم عليه الرب فهو من آياته فيجوز أن يكون مقسمًا به ولا ينعكس وهو سبحانه وتعالى بذكر جواب القسم تارة وهو الغالب ويحذفه أخرى كما يحذف جواب لوكثير للعلم به.
والقسم لما كان يكثر في الكلام اختصر فصار فعل القسم يحذف ويكتفي بالباء ثم عوض من الباء الواو في الأسماء الظاهرة والتاء في أسم الله تعالى كقوله: {وتالله لأكيدن أصنامكم} قال: ثم هو سبحانه وتعالى يقسم على أصول الإيمان التي تجب على الخلق معرفتها وتارة يقسم على التوحيد وتارة يقسم على أن القرآن حق وتارة على أن الرسول حق وتارة على الجزاء والوعد والوعيد وتارة يقسم على حال الإنسان فالأولى كقوله {والصافات صفا} إلى قوله {إن إلهكم لواحد} والثاني كوله {فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم} والثالث: كقوله {يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين} {والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى} الآيات.
والرابع: كقوله والذاريات إلى قوله {إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع} والمرسلات إلى قوله: {إنما توعدون لواقع) والخامس: كقوله: {والليل إذا يغشى} إلى قوله: {إن سعيكم لشتى} الآيات.
(والعاديات) إلى قوله: {إن الإنسان لربه لكنود} {والعصر إن الإنسان لفي خسر} إلخ.
(والتين) إلى قوله {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} الآيات {لا أقسم بهذا البلد} إلى قوله {لقد خلقنا الإنسان في كبد} قال: وأكثر ما يحذف الجواب إذا كان في نفس المقسم به دلالة على المقسم عليه فإن المقصود يحصل بذكره فيكون حذف المقسم عليه أبلغ وأوجز كقوله: {ص والقرآن ذي الذكر} فإن في المقسم به من تعظيم القرآن ووصفه بأنه: ذو الذكر المتضمن لتذكير العباد وما يحتاجون إليه والشرف والقدر ما يدل على المقسم عليه وهو كونه حقًا من عند الله غير مفتري كما يقوله الكافرون ولهذا قال كثيرون: إن تقدير الجواب: إن القرآن لحق وهذا يطرد في كل ما شابه ذلك كقوله: {ق والقرآن المجيد) وقوله: {لا أقسم بيوم القيامة} فإنه يتضمن إثبات المعاد.
وقوله: (والفجر) الآيات فإنها أزمان تتضمن أفعالًا معظمة من المناسك وشعائر الحج التي هي عبودية محضة الله تعالى وذل وخضوع لعظمته وفي ذلك تعظيم ما جاء به محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام.
قال: ومن لطائف القسم قوله: (والضحى والليل إذا سجى) الآيات أقسم تعالى على أنعامه على رسوله وإكرامه له وذلك متضمن لتصديقه له فهو قسم على صحة نبوته وعلى جزائه في الآخرة فهو قسم على النبوة والمعاد وأقسم بآيتين عظيمتين من آياته وتأمل مطابقة هذا القسم وهو نور الضحى الذي يوافي بعد ظلام الليل المقسم عليه وهو نور الوحي الذي وافاه بعد احتباسه عنه حتى قال أعداؤه: ودع محمد ربه فأقسم بضوء النهار بعد الليل على ضوء الوحي ونوره بعد ظلمة احتباسه واحتجابه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ