الجمعة، 20 أبريل 2012

موسوعة السيرة النبوية : إسلام حمزة

 
إسلام حمزة

سبب إسلامه
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ حدثني رجل من أسلم ، كان واعية ‏‏:‏‏ أن أبا جهل مر برسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصفا ، فآذاه وشتمه ، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه ، والتضعيف لأمره ؛ فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومولاة لعبدالله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن ‏سعد بن تيم بن مرة في مسكن لها تسمع ذلك ، ثم انصرف عنه فعمد إلى ناد من قريش عند الكعبة ، فجلس معهم ‏‏.‏‏
فلم يلبث حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه أن أقبل متوشحا قوسه ، راجعا من قنص له ، و كان صاحب قنص يرميه ويخرج له ، وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة ، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم ، وكان أعز فتى في قريش ، وأشد شكيمة ‏‏.‏‏
فلما مر بالمولاة ، وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيته ، قالت له ‏‏:‏‏ يا أبا عُمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام ‏‏:‏‏ وجده هاهنا جالسا فآذاه وسبه ، وبلغ منه ما يكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد صلى الله عليه وسلم ‏‏.‏‏
 
إيقاع حمزة بأبي جهل و إسلامه
فاحتمل حمزةَ الغضبُ لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد ، مُعِدّا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به ؛ فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم ، فأقبل نحوه ، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة ، ثم قال ‏‏:‏‏ أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول ‏‏؟‏‏ فرد ذلك علي إن استطعت ‏‏.‏‏ فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل ؛ فقال أبو جهل ‏‏:‏‏ دعوا أبا عمارة ، فإني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا ، وتم حمزة رضي الله عنه على إسلامه ، وعلى ما تابع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله ‏‏.‏‏ فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع ، وأن حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه ‏‏.‏‏
 قول عتبة بن ربيعة في أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم
 عتبة بن ربيعة يفاوض الرسول صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ وحدثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال ‏‏:‏‏ حدثت أن عتبة بن ربيعة ، وكان سيدا ، قال يوما وهو جالس في نادي قريش ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد وحده ‏‏:‏‏ يا معشر قريش ، ألا أقوم إلى محمد فأكلمه وأعرض عليه أمورا لعله يقبل بعضها فنعطيه أيها شاء ، ويكف عنا ‏‏؟‏‏ وذلك حين أسلم حمزة ، ورأوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيدون ويكثرون ؛ فقال ‏‏:‏‏ بلى يا أبا الوليد ، قم إليه فكلمه ؛ فقام إليه عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال ‏‏:‏‏ يا ابن أخي ، إنك منا حيث قد علمت من السِّطَة في العشيرة ، والمكان في النسب ، وإنك أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت به من مضى من آبائهم ، فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل منها بعضها ‏‏.‏‏
‏‏:‏‏ قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ قل يا أبا الوليد ، أسمعْ ؛ قال ‏‏:‏‏ يا ابن أخي ، إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا ، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا ، حتى لا نقطع أمرا دونك ، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا ؛ وإن كان هذا الذي يأتيك رَئيِّا تراه لا تستيطع رده عن نفسك ، طلبنا لك الطب ، وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يُداوى منه ، أو كما قال له ‏‏.‏‏
حتى إذا فرغ عتبة ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع منه ، قال ‏‏:‏‏ أقد فرغت يا أبا الوليد ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ نعم ، قال ‏‏:‏‏ فاسمع مني ؛ قال ‏‏:‏‏ أفعل ؛
فقال ‏‏:‏‏ ‏‏(‏‏ بسم الله الرحمن الرحيم ‏‏.‏‏ حم ‏‏.‏‏ تنـزيل من الرحمن الرحيم ‏‏.‏‏ كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ‏‏.‏‏ بشيرا ونذيرا ، فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون ‏‏.‏‏ وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه ‏‏)‏‏ ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها يقرؤها عليه ‏‏.‏‏ فلما سمعها منه عتبة ، أنصت لها ، وألقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه ؛ ثم انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السجدة منها ، فسجد ثم قال ‏‏:‏‏ قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت ، فأنت وذاك ‏‏.‏‏
رأي عتبة
فقام عتبة إلى أصحابه ، فقال بعضهم لبعض ‏‏:‏‏ نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ‏‏.‏‏ فلما جلس إليهم قالوا ‏‏:‏‏ ما وراءك يا أبا الوليد ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ ورائي أني قد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط ، والله ما هو بالشعر ، ولا بالسحر ، ولا بالكهانة ، يا معشر قريش ، أطيعوني واجعلوها بي ، وخلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فاعتزلوه ، فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم ، فإن تصبه العرب فقد كُفيتموه بغيركم ، وإن يظهر على العرب فملكه ملككم ، وعزه عزكم ، وكنتم أسعد الناس به ؛ قالوا ‏‏:‏‏ سحرك والله يا أبا الوليد بلسانه ؛ قال ‏‏:‏‏ هذا رأيي فيه ، فاصنعوا ما بدا لكم ‏‏.‏‏
ما دار بين رسول الله صلى الله عليه و سلم و بين رؤساء قريش ، و تفسير لسورة الكهف