الأربعاء، 18 أبريل 2012

موسوعة علوم القرآن : مبهمات القرآن الكريم

مبهمات القرآن الكريم



علم المبهمات :
        علم شريف اعتني به السلف كثيرا‏ً:‏ أخرج البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال‏:‏ "مكثت سنة أريد أن أسأل عمر عن المرأتين اللتين تظاهرتا على النبي - صلى الله عليه وسلم - " .
        قال العلماء هذا أصل في علم المبهمات‏.‏
        وقال السهيلي‏:‏ هذا دليل على شرف هذا العلم وأن الاعتناء به حسن ومعرفته فضل‏.‏
        قال‏:‏ وقد روي عن عكرمة مولى ابن عباس رضي الله عنه أنه قال‏:‏ طلبت اسم الذي خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم أدركه الموت أربع عشر سنة حتى وجدته‏.‏
        وهذا دليل أوضح على اعتنائهم بهذا العلم ونفاسته عندهم‏.‏
        قلت‏:‏ هذا الكلام مروي عن ابن عباس نفسه‏:‏ أخرجه ابن منده في كتاب ‏[‏معرفة الصحافة‏]‏ من طريق زيد بن أبي حكيم عن الحكم بن أبان عن عكرمة قال‏:‏ سمعت ابن عباس يقول طلبت اسم رجل في القرآن وهو الذي خرج مهاجرا إلى الله ورسوله وهو ضمرة بن أبي العيص‏.‏


مرجع هذا العلم
        ومرجع هذا العلم النقل المحض ولا مجال للرأي فيه .
        وإنما يرجع القول فيه إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الآخذين عنه والتابعين والآخذين عن الصحابة‏.‏


        قال الزركشي في البرهان‏:‏ لا يبحث عن مبهم .
        أخبر الله باستئثاره بعلمه كقوله ‏(وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ )‏ قال‏:‏ والعجب ممن تجرأ وقال‏‏ إنهم قريظة أو من الجن‏.‏
        قلت‏:‏ ليس في الآية أن جنسهم لا يعلم وإنما المنفي علم أعيانهم ولا ينافيه العلم بكونهم من قريظة أو من الجن وهو نظير قوله من المنافقين (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ )‏ فإن المنفي علم أعيانهم‏.‏
        ثم القول في أولئك أنهم من الجن ورد في خبر مرفوع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخرجه ابن أبي حاتم وغيره فلا جراءة‏.‏


أسبابه :
للإبهام في القران أسباب :
        منها‏:‏ الإستغناء ببيانه في موضع آخر كقوله‏:‏ ‏(مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ )‏‏.‏
        ومنها‏:‏ أن يتعين لاشتهاره كقوله‏:‏ (وَيَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)‏ ولم يقول حواء لأنه ليس له غيرها‏.‏
        وأيضاً :‏(‏أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ‏)‏ والمراد النمروذ لشهرة ذلك لأنه مرسل إليه من قبل‏.‏
        وإنما ذكر فرعون في القرآن بصريح اسمه دون النمروذ لأن فرعون كان أذكى منه كما يؤخذ من أجوبته لموسى والنمروذ كان بليدا ولهذا قال‏:‏ ‏(‏أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) وفعل ما فعل من قتل شخص والعفو عن الأخر وذلك غاية البلادة‏.‏
        ومنها‏:‏ قصد الستر عليه ليكون أبلغ في استعطافه نحو‏:‏ ‏(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)‏ وقيل‏:‏ هو الاخنس بن شريق قد أسلم بعد وحسن إسلامه‏.‏
        ومنها‏:‏ التنبيه على العموم وأنه غير خاص بخلاف لو عين نحو‏:‏ (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ)‏‏.‏
        ومنها‏:‏ تعظيمه بالوصف الكامل دون الاسم نحو‏:‏ ‏(وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ)‏‏,‏ (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ)‏ (إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ) والمراد الصديق في الكل‏.‏
        ومنها : تحقيره بالوصف الناقص نحو‏:‏ ‏(إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)‏ والله سبحانه أعلم‏
 
أسباب المبهمات في القرآن الكريم
        وهو المبهمات المصنفة في علوم الحديث وكان في السلف من يعنى به قال عكرمة طلبت الذي خرج في بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم أدركه الموت أربع عشرة سنة
إلا أنه لا يبحث فيما أخبر الله باستئثاره بعلمه كقوله: (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) والعجب ممن تجرأ وقال قيل إنهم قريظة وقيل من الجن وله أسباب:

        الأول: أن يكون أبهم في موضع استغناء ببيانه في موضع آخر في سياق الآية كقوله تعالى: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بينه بقوله: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ...) الآية

        وقوله: (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) وبينه بقوله: (مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ) وقوله: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) والمراد آدم والسياق بينه وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) والمراد بهم المهاجرون لقوله في الحشر: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ) وقد احتج بها الصديق على الأنصار يوم السقيفة فقال: نحن الصادقون وقد أمركم الله أن تكونوا معنا أي تبعا لنا وإنما استحقها دونهم لأنه الصديق الأكبر.

        وقوله تعالى: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً) يعني: مريم وعيسى وقال: (آيَةً) ولم يقل آيتين وهما آيتان لأنها قضية واحدة وهي ولادتها له من غير ذكر.

        والثاني: أن يتعين لاشتهاره كقوله: (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) ولم يقل حواء لأنه ليس غيرها
وكقوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ) والمراد النمروذ لأنه المرسل أليه.

        وقوله: (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ) والمراد العزيز وقوله: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ) والمراد قابيل وهابيل، وقوله: (يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ) قالوا: وحيثما جاء في القرآن (أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ) فقائلها النضر بن الحارث بن كلدة وإنما كان يقولها لأنه دخل بلاد فارس وتعلم الأخبار ثم جاء وكان يقول أنا أحدثكم أحسن مما يحدثكم محمد وإنما يحدثكم أساطير الأولين وفيه نزل: (وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ) وقتله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صبرا يوم بدر.

        وقوله: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى) فإنه ترجح كونه مسجد قباء بقوله: (مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) لأنه أسس قبل مسجد المدينة وحدث هذا بأن اليوم قد يراد به المدة والوقت وكلاهما أسس على هذا من أول يوم أي من أول عام من الهجرة وجاء في الحديث تفسيره بمسجد المدينة وجمع بينهما بأن كليهما مراد الآية.

        الثالث: قصد الستر عليه ليكون أبلغ في استعطافه، ولهذا كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا بلغه عن قوم شيء خطب فقال: "ما بال رجال قالوا كذا" وهو غالب ما في القرآن كقوله تعالى: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) قيل هو مالك بن الصيف.

        وقوله: (أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى) والمراد هو رافع بن حريملة ووهب بن زيد، وقوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) وقوله: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ) وقوله: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ).

        الرابع: ألا يكون في تعيينه كثير فائدة كقوله تعالى: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ) والمراد بها بيت المقدس، وقوله: (وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ) والمراد أيلة، وقيل: طبرية، وقوله: (فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ) والمراد: نينوى، وقوله: (أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ) قيل: برقة.

        فإن قيل ما الفائدة في قوله: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ آزَرَ)؟ قيل: آزر اسم صنم وفي الكلام حذف أي: دع آزر، وقيل: كلمة زجر، وقيل: بل هو اسم أبيه وعلى هذا فالفائدة أن الأب يطلق على الجد، فقال: آزر لرفع المجاز.

        الخامس: التنبيه على التعميم وهو غير خاص بخلاف مالو عين كقوله تعالى: (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ) قال: عكرمة أقمت أربع عشرة سنة أسال عنه حتى عرفته هو ضمرة بن العيص وكان من المستضعفين بمكة وكان مريضا فلما نزلت آية الهجرة خرج منها فمات بالتنعيم، وقوله: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً)قيل: نزلت في علي كان معه أربع دوانق فتصدق بواحد بالنهار وآخر بالليل وآخر سرا وآخر علانية.

        وقوله: (وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ) قيل: نزلت في عدي بن حاتم كان له كلاب خمسة قد سماها بأسماء أعلام.

        السادس: تعظيمه بالوصف الكامل دون الاسم كقوله: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ) والمراد: الصدّيق رضي الله عنه، وكذلك: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ) يعني: محمدا (وَصَدَّقَ بِهِ) يعنى: أبا بكر ودخل في الآية كل مصدق ولذلك قال: (أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).

        السابع تحقيره بالوصف الناقص كقوله: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا)

        وقوله: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) والمراد فيها العاص بن وائل، وقوله: (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ) والمراد الوليد بن عقبة بن أبي معيط.

        أما قوله: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) فذكره هنالك للتنبيه على أن ما له للنار ذات اللهب.

        تنبيهات

        الأول: قد يكون للشخص اسمان فيقتصر على أحدهما دون الآخر لنكتة فمنه قوله تعالى في مخاطبة الكتابيين: (يَا بَنِي إِسْرائيلَ) ولم يذكروا في القرآن إلا بهذا دون يا بني يعقوب وسره أن القوم لما خوطبوا بعبادة الله وذكروا بدين أسلافهم موعظة لهم وتنبيها من غفلتهم سموا بالاسم الذي فيه تذكرة بالله فإن إسرائيل اسم مضاف إلى الله سبحانه في التأويل ولهذا لما دعا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قوما إلى الإسلام يقال لهم بنو عبد الله قال يا بني عبد الله إن الله قد حسن اسم أبيكم يحرضهم بذلك على ما يقتضيه اسمه من العبودية ولما ذكر موهبته لإبراهيم وتبشيره به قال يعقوب وكان أولى من إسرائيل لأنها موهبة تعقب أخرى وبشرى عقب بها بشرى فقال: (فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ) وإن كان اسم يعقوب عبرانيا لكن لفظه موافق للعربي من العقب والتعقيب فانظر مشاكلة الاسمين للمقامين فإنه من العجائب.

        وكذلك حيث ذكر الله نوحا سماه به واسمه عبد الغفار للتنبيه على كثرة نوحه على نفسه في طاعة ربه ومنه قوله تعالى حاكيا عن عيسى: (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) ولم يقل محمد لأنه لم يكن محمدا حتى كان أحمد حمد ربه فنبأه وشرفه فلذلك تقدم على محمد فذكره عيسى به.

        ومنه أن مدين هم أصحاب الأيكة إلا أنه سبحانه حيث اخبر عن مدين قال أخاهم شعيبا وحيث أخبر عن الأيكة لم يقل أخوهم والحكمة فيه أنه لما عرفها بالنسب وهو أخوهم في ذلك النسب ذكره ولما عرفهم بالأيكة التي أصابهم فيها العذاب لم يقل أخوهم وأخرجه عنهم
ومنه: (وَذَا النُّونِ) فأضافه إلى الحوت والمراد: يونس، وقال: في سورة القلم (وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ) والإضافة بذي أشرف من الإضافة بصاحب ولفظ النون أشرف من الحوت ولذلك وجد في حروف التهجي كقوله: (نْ وَالْقَلَمِ) وقد قيل إنه قسم وليس في الآخر ما يشرفه بذلك.

        ومنه قوله تعالى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ) فعدل عن الاسم إلى الكنية إما لاشتهاره بها أو لقبح الاسم فقد كان اسمه عبد العزى
واعلم أنه لم يسم الله قبيلة من جميع قبائل العرب باسمها إلا قريشا سماهم بذلك في القرآن ليبقى على مر الدهور ذكرهم فقال تعالى: (لإِيلافِ قُرَيْشٍ)

        الثاني: أنه قد بالغ في الصفات للتنبيه على أنه يريد إنسانا بعينه كقوله تعالى: (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ...) الآية قيل إنه الأخنس بن شريق، وقوله: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) قيل: إنه أمية بن خلف كان يهمز النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

        الثالث: قيل لم يذكر الله تعالى امرأة في القرآن وسماها باسمها إلا مريم بنت عمران فإنه ذكر اسمها في نحو ثلاثين موضعا لحكمة ذكرها بعض الأشياخ قال: إن الملوك والأشراف لا يذكرون حرائرهم ولا يبتذلون أسماءهم يكنون عن الزوجة بالعرس والعيال والأهل ونحوه فإذا ذكروا الإماء لم يكنوا عنهن ولم يصونوا أسماءهن عن الذكر والتصريح بها فلما قالت النصارى في مريم وفى أبنها ما قالت صرح الله تعالى باسمها ولم يكن عنها تأكيدا لأمر العبودية التي هي صفة لها وإجراء للكلام على عادة العرب في ذكر أبنائها ومع هذا فإن عيسى لا أب له واعتقاد هذا واجب فإذا تكرر ذكره منسوبا إلى الأم استشعرت القلوب ما يجب عليها اعتقاده من نفى الأب عنه وتنزيه الأم الطاهرة عن مقالة اليهود لعنهم الله.

        الرابع: وأما الرجال فذكر منهم كثيرا وقد قيل في قوله تعالى: (ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) إنه الوليد بن المغيرة وقد سمى الله زيدا في سورة الأحزاب للتصريح بأنه ليس بابن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأضيف إلى ذلك السجل قيل إنه كان يكتب للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه المراد بقوله تعالى: (كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ)
.............................................................................
سورة الفاتحة
        ‏- (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏):‏ هو يوم القيامة أخرجه ابن جرير وغيره من طريق الضحاك عن ابن عباس‏.‏

        - ‏(صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)‏‏:‏ هم النبيون والصديقون والشهداء والصالحون كما فسره أية النساء‏.‏

        - (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ)‏:‏ الأول اليهود والثاني النصارى كما أخرجه أحمد وابن حبان والترمذي من حديث عدي بن حاتم قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏(‏إن المغضوب عليهم هم اليهود وان الضالين هم النصارى)‏‏.‏

        وأخرجه ابن مردويه من حديث أبي ذر‏, وقال ابن أبي حاتم‏:‏ ولا أعلم فيه خلافا بين المفسرين‏.
.........................................................................