المنطوق والمفهوم
كل كلام ملفوظ به: له دلالة يهدف إليها، وهذه الدلالة .. قد تؤخذ من نفس الألفاظ المنطوق بها، وقد تؤخذ من مفهوم هذه الألفاظ.
فإذا كانت هذه الدلالة من نفس مادة الحروف التي ينطق بها: فهي المنطوق.
وعلى هذا:
فالمنطوق: هو ما دل عليه اللفظ في محل النطق.
وإذا كانت هذه الدلالة ليست من نفس مادة الحروف التي ينطق بها: فهي المفهوم.
وعلى هذا:
فالمفهوم: هو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق.
وللمنطوق أقسام، وللمفهوم أقسام.
فإذا كانت هذه الدلالة من نفس مادة الحروف التي ينطق بها: فهي المنطوق.
وعلى هذا:
فالمنطوق: هو ما دل عليه اللفظ في محل النطق.
وإذا كانت هذه الدلالة ليست من نفس مادة الحروف التي ينطق بها: فهي المفهوم.
وعلى هذا:
فالمفهوم: هو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق.
وللمنطوق أقسام، وللمفهوم أقسام.
.............................................................
أقسام المنطوق
أ- النص.
ب- الظاهر.
حـ- المؤول.
د- دلالة الاقتضاء.
هـ- دلالة الإشارة.
وتوضيح هذه الأقسام وأمثلتها فيما يلي:-
أ-إن أفاد المنطوق معنى لا يحتمل غيره: فهو النص.
مثاله .. قوله تعالى فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [البقرة 196].
حيث إن وصف (عشرة) بـ (كاملة): قطع احتمال العشرة لما دونها في العدد مجازاً.
ب- وإن أفاد المنطوق معنى مع احتمال غيره احتمالاً مرجوحاً:
فهو الظاهر.
ومثاله .. قوله تعالى فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ [البقرة 173].
حيث إن الباغي يطلق على الظالم، وهو فيه أظهر وأغلب، ويطلق على الجاهل، وهو فيه احتمال مرجوح.
جـ- وإن أفاد المنطوق معنى مع احتمال غيره احتمالاً مرجوحاً، وحمل المنطوق على هذا المرجوح بدليل: فهو المؤول.
مثاله .. قوله تعالى وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ [الحديد 4].
حيث إن المعية تطلق على القرب بالذات، وهي فيه أظهر وأغلب، وتطلق على لاقدرة والعلم، أو على الحفظ والرعاية، وهو فيه احتمال مرجوح.
ولكن حملت هذه المعية على هذا الاحتمال المرجوح، لاستحالة الأول الراجح والأظهر في حق الله سبحانه وتعالى.
مثال آخر .. قوله تعالى وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء 24].
حيث إن جَنَاحَ الذُّلِّ يطلق على ذات لها جناح، وهو فيه أظهر وأغلب، ويطلق على الخضوع وحسن الخلق، وهو فيه احتمال مرجوح.
ولكن حمل المعنى على هذا المرجوح؛ لاستحالة أن يكون للإنسان أجنحة.
د- وإن توقفت صحة دلالة اللفظ على المعنى المقصود إلى إضمار: فهي دلالة الاقتضاء.
مثالها .. وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ
حيث إن دلالة اللفظ المنطوق لا تتضح إلى إذا قدرنا مضمرا اقتضاه الكلام.
والتقدير: أهلها.
هـ- وإن لم تتوقف صحة دلالة اللفظ على المعنى المقصود، ولكن دل اللفظ على ما لم يقصد به: فهي دلالة الإشارة.
مثالها .. أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ [البقرة 187].
حيث إن دلالة اللفظ المنطوق لا تدل على ما لم يقصد به، وهو صحة صوم من أصبح جنباً، إذ إباحة الجماع إلى طلوع الفجر تستلزم كونه جنباً في جزء من النهار.
ب- الظاهر.
حـ- المؤول.
د- دلالة الاقتضاء.
هـ- دلالة الإشارة.
وتوضيح هذه الأقسام وأمثلتها فيما يلي:-
أ-إن أفاد المنطوق معنى لا يحتمل غيره: فهو النص.
مثاله .. قوله تعالى فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [البقرة 196].
حيث إن وصف (عشرة) بـ (كاملة): قطع احتمال العشرة لما دونها في العدد مجازاً.
ب- وإن أفاد المنطوق معنى مع احتمال غيره احتمالاً مرجوحاً:
فهو الظاهر.
ومثاله .. قوله تعالى فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ [البقرة 173].
حيث إن الباغي يطلق على الظالم، وهو فيه أظهر وأغلب، ويطلق على الجاهل، وهو فيه احتمال مرجوح.
جـ- وإن أفاد المنطوق معنى مع احتمال غيره احتمالاً مرجوحاً، وحمل المنطوق على هذا المرجوح بدليل: فهو المؤول.
مثاله .. قوله تعالى وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ [الحديد 4].
حيث إن المعية تطلق على القرب بالذات، وهي فيه أظهر وأغلب، وتطلق على لاقدرة والعلم، أو على الحفظ والرعاية، وهو فيه احتمال مرجوح.
ولكن حملت هذه المعية على هذا الاحتمال المرجوح، لاستحالة الأول الراجح والأظهر في حق الله سبحانه وتعالى.
مثال آخر .. قوله تعالى وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء 24].
حيث إن جَنَاحَ الذُّلِّ يطلق على ذات لها جناح، وهو فيه أظهر وأغلب، ويطلق على الخضوع وحسن الخلق، وهو فيه احتمال مرجوح.
ولكن حمل المعنى على هذا المرجوح؛ لاستحالة أن يكون للإنسان أجنحة.
د- وإن توقفت صحة دلالة اللفظ على المعنى المقصود إلى إضمار: فهي دلالة الاقتضاء.
مثالها .. وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ
حيث إن دلالة اللفظ المنطوق لا تتضح إلى إذا قدرنا مضمرا اقتضاه الكلام.
والتقدير: أهلها.
هـ- وإن لم تتوقف صحة دلالة اللفظ على المعنى المقصود، ولكن دل اللفظ على ما لم يقصد به: فهي دلالة الإشارة.
مثالها .. أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ [البقرة 187].
حيث إن دلالة اللفظ المنطوق لا تدل على ما لم يقصد به، وهو صحة صوم من أصبح جنباً، إذ إباحة الجماع إلى طلوع الفجر تستلزم كونه جنباً في جزء من النهار.
...........................................................................
أقسام المفهوم
أ- مفهوم الموافقة.
ب- مفهوم المخالفة.
وتوضيح هذه الأقسام وأمثلتها فيما يلي:
أ- فمفهوم الموافقة: هو ما يوافق حكمه المنطوق ـ وهو نوعان:
النوع الأول: فحوى الخطاب:
وهو ما كان المفهوم فيه أولى بالحكم من المنطوق، كفهم تحريم الشم والضرب من قوله تعالى فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ [الإسراء 23]
لأن المنطوق الآية تحريم التأفيف، فيكون تحريم الشم والضرب أولى لأنهما أشد.
النوع الثاني: لحن الخطاب:
وهو ما ثبت الحكم فيه للمفهوم كثبوته للمنطوق على السواء ـ كدلالة قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا [النساء 10] على تحريم إحراق أموال اليتامى أو إضاعتها بأي نوع من أنواع التلف.
لأن هذا مساو للأكل في الإتلاف.
وتسمية هذين بمفهوم الموافقة لأن المسكوت عنه يوافق المنطوق به في الحكم وإن زاد عليه في النواع الأول، وساواه في الثاني والدلالة فيه من قبيل التنبيه بالأدنى على الأعلى، أو بالأعلى على الأدنى.
وقد اجتمعنا في قوله تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ [آل عمران 75]
فالجملة الأولى وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ من التنبيه على أنه يؤدي إليك الدينار وما تحته.
والجملة الثانية وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ من التنبيه على أنك لا تأمنه بقنطار.
مفهوم المخالفة: هو ما يخالف حكمة المنطوق ـ وهو أنواع:
1- مفهوم صفة: والمراد بها الصفة المعنوية
كالمشتق: في قوله تعالى إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات 6] فمفهوم التعبير بفاسق أن غير الفاسق لا يجب التثبت في خبره.
ومعنى هذا أنه يجب قبول خبر الواحد العدل.
وكالحال: في قوله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة 95] فهو يدل على انتفاء الحكم في المخطيء.
لأن تخصيص العمد بوجوب الجزاء به يدل على نفي وجوب الجزاء في قتل الصيد خطأ.
والكعدد: في قوله الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ [البقرة 197] مفهومه أن الإحرام بالحج في غير أشهره لا يصح، وقوله فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [النور 4] مفهوم ألا يجلد أقل أو أكثر.
2- مفهوم شرط: كقوله تعالى وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ [الطلاق 6] فمعناه أن غير الحوامل لا يجب الإنفاق عليهن.
3- مفهوم غاية: كقوله تعالى فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة 23] فمفهوم هذا أنها تحل للأول إذا نكحت غيره بشروط النكاح.
4- مفهوم حصر: كقوله تعالى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة 5] مفهومه أن غيره سبحانه لا يعبد ولا يستعان به، ولذلك كانت دالة على إفراده تعالى بالعبادة والاستعانة.
ب- مفهوم المخالفة.
وتوضيح هذه الأقسام وأمثلتها فيما يلي:
أ- فمفهوم الموافقة: هو ما يوافق حكمه المنطوق ـ وهو نوعان:
النوع الأول: فحوى الخطاب:
وهو ما كان المفهوم فيه أولى بالحكم من المنطوق، كفهم تحريم الشم والضرب من قوله تعالى فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ [الإسراء 23]
لأن المنطوق الآية تحريم التأفيف، فيكون تحريم الشم والضرب أولى لأنهما أشد.
النوع الثاني: لحن الخطاب:
وهو ما ثبت الحكم فيه للمفهوم كثبوته للمنطوق على السواء ـ كدلالة قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا [النساء 10] على تحريم إحراق أموال اليتامى أو إضاعتها بأي نوع من أنواع التلف.
لأن هذا مساو للأكل في الإتلاف.
وتسمية هذين بمفهوم الموافقة لأن المسكوت عنه يوافق المنطوق به في الحكم وإن زاد عليه في النواع الأول، وساواه في الثاني والدلالة فيه من قبيل التنبيه بالأدنى على الأعلى، أو بالأعلى على الأدنى.
وقد اجتمعنا في قوله تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ [آل عمران 75]
فالجملة الأولى وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ من التنبيه على أنه يؤدي إليك الدينار وما تحته.
والجملة الثانية وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ من التنبيه على أنك لا تأمنه بقنطار.
مفهوم المخالفة: هو ما يخالف حكمة المنطوق ـ وهو أنواع:
1- مفهوم صفة: والمراد بها الصفة المعنوية
كالمشتق: في قوله تعالى إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات 6] فمفهوم التعبير بفاسق أن غير الفاسق لا يجب التثبت في خبره.
ومعنى هذا أنه يجب قبول خبر الواحد العدل.
وكالحال: في قوله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ [المائدة 95] فهو يدل على انتفاء الحكم في المخطيء.
لأن تخصيص العمد بوجوب الجزاء به يدل على نفي وجوب الجزاء في قتل الصيد خطأ.
والكعدد: في قوله الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ [البقرة 197] مفهومه أن الإحرام بالحج في غير أشهره لا يصح، وقوله فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [النور 4] مفهوم ألا يجلد أقل أو أكثر.
2- مفهوم شرط: كقوله تعالى وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ [الطلاق 6] فمعناه أن غير الحوامل لا يجب الإنفاق عليهن.
3- مفهوم غاية: كقوله تعالى فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [البقرة 23] فمفهوم هذا أنها تحل للأول إذا نكحت غيره بشروط النكاح.
4- مفهوم حصر: كقوله تعالى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة 5] مفهومه أن غيره سبحانه لا يعبد ولا يستعان به، ولذلك كانت دالة على إفراده تعالى بالعبادة والاستعانة.
...........................................................
الاحتجاج بالمفهوم
اختلف العلماء في الاحتجاج بهذه الأقسام والأنواع من المفهوم.
وبالنسبة لمفهوم الموافقة: فقد اتفق العلماء على صحة الاحتجاج به، سوى الظاهرية.
وأما الاحتجاج بمفوهم المخالفة: فقد أثبته مالك والشافعي وأحمد، ونفاه أبو حنيفة وأصحابه، رضي الله عنهم جميعاً.
5- والأصح في هذه الأقوال: أن المفهوم يحتج به.
وذلك بشروط، ولهم أدلى على ذلك.
6- أما الشروط فمنها:
أ- ألا يكون المذكور خرج مخرج الغالب ـ فلا مفهوم للحجور في قوله تعالى وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم [النساء 23]، لأن الغالب كون الربائب في حجور الأزواج.
ب- ومنها ألا يكون المذكور لبيان الواقع ـ فلا مفهوم لقوله وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ [المؤمنون 117] لأن الواقع أن أي إله لا برهان عليه، وقوله لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ صفة لازمة جيء بها للتوكيد والتهكم بمدعي إله مع الله لا أن يكون في الآلهة ما يجوز أن يقوم عليه برهان ـ ومثله قوله وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا [النور 33] فلا مفهوم له يدل على إباحة إكراه السيد لأمته على البغاء إن لم ترد التحصن، وإنما قال إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لأن الإكراه لا يتأتى إلا مع إرادة التحصن. وعن جابر بن عبد الله قال: "كان عبد الله بن أبي يقول لجارية له: إذهبي فابغينا شيئاً، وكانت كارهة، فأنزل الله وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وعن جابر أيضاً: "إن جارية لعبد الله بن أبي، يقال لها مسكية، وأخرى يقال لها أميمة. فكان يريدهما على الزنى. فشكتا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ الآية ( ).
7- وأما الأدلة فهي نقلية وعقلية.
فمن الأدلة النقلية: ما روي أنه لما نزل قوله تعالى: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ [التوبة 80] قال النبي : قد خيّرني ربي، فو الله لأزيدنه على السبعين .. فهم النبي أن ما زاد على السبعين بخلاف السبعين( ).
ومنها: ما ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما من منع توريث الأخت مع البنت( ) استدلالاً بقوله تعالى إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ [النساء 176] حيث أنه فهم من توريث الأخت مع عدم الولد امتناع توريثها مع البنت، لأنها ولد، وهو من فصحاء العرب، وترجمان القرآن.
ومنها: ما روي "أن يعلي بن أمية" قال لعمر: ما بالنا نقصر وقد أمناً وقد قال الله تعالى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ [النساء 101] ووجه الاحتجاج به أنه فهم من تخصيص القصر عند الخوف عدم القصر عند الأمن، ولم ينكر عليه عمر، بل قال : "لقد عجبت مما عجبت منه، فسألت النبي عن ذلك، فقال لي: "هي صدقة تصدق الله بها عليكم فأقبلوا صدقته"( ). ويعلي بن أمية وعمر من فصحاء العرب، وقد فهما ذلك، والنبي أقرهما عليه.
ومن الحجج العقلية: أنه لو كان حكم الفاسق وغير الفاسق سواء في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات 6] في وجوب التثبت في الخبر لما كان لتخصيص الفاسق بالذكر فائدة. وقس على ذلك سائر الأمثلة.
وبالنسبة لمفهوم الموافقة: فقد اتفق العلماء على صحة الاحتجاج به، سوى الظاهرية.
وأما الاحتجاج بمفوهم المخالفة: فقد أثبته مالك والشافعي وأحمد، ونفاه أبو حنيفة وأصحابه، رضي الله عنهم جميعاً.
5- والأصح في هذه الأقوال: أن المفهوم يحتج به.
وذلك بشروط، ولهم أدلى على ذلك.
6- أما الشروط فمنها:
أ- ألا يكون المذكور خرج مخرج الغالب ـ فلا مفهوم للحجور في قوله تعالى وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم [النساء 23]، لأن الغالب كون الربائب في حجور الأزواج.
ب- ومنها ألا يكون المذكور لبيان الواقع ـ فلا مفهوم لقوله وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ [المؤمنون 117] لأن الواقع أن أي إله لا برهان عليه، وقوله لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ صفة لازمة جيء بها للتوكيد والتهكم بمدعي إله مع الله لا أن يكون في الآلهة ما يجوز أن يقوم عليه برهان ـ ومثله قوله وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا [النور 33] فلا مفهوم له يدل على إباحة إكراه السيد لأمته على البغاء إن لم ترد التحصن، وإنما قال إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لأن الإكراه لا يتأتى إلا مع إرادة التحصن. وعن جابر بن عبد الله قال: "كان عبد الله بن أبي يقول لجارية له: إذهبي فابغينا شيئاً، وكانت كارهة، فأنزل الله وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاء إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَن يُكْرِههُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِن بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَّحِيمٌ وعن جابر أيضاً: "إن جارية لعبد الله بن أبي، يقال لها مسكية، وأخرى يقال لها أميمة. فكان يريدهما على الزنى. فشكتا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ الآية ( ).
7- وأما الأدلة فهي نقلية وعقلية.
فمن الأدلة النقلية: ما روي أنه لما نزل قوله تعالى: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ [التوبة 80] قال النبي : قد خيّرني ربي، فو الله لأزيدنه على السبعين .. فهم النبي أن ما زاد على السبعين بخلاف السبعين( ).
ومنها: ما ذهب إليه ابن عباس رضي الله عنهما من منع توريث الأخت مع البنت( ) استدلالاً بقوله تعالى إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ [النساء 176] حيث أنه فهم من توريث الأخت مع عدم الولد امتناع توريثها مع البنت، لأنها ولد، وهو من فصحاء العرب، وترجمان القرآن.
ومنها: ما روي "أن يعلي بن أمية" قال لعمر: ما بالنا نقصر وقد أمناً وقد قال الله تعالى فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ [النساء 101] ووجه الاحتجاج به أنه فهم من تخصيص القصر عند الخوف عدم القصر عند الأمن، ولم ينكر عليه عمر، بل قال : "لقد عجبت مما عجبت منه، فسألت النبي عن ذلك، فقال لي: "هي صدقة تصدق الله بها عليكم فأقبلوا صدقته"( ). ويعلي بن أمية وعمر من فصحاء العرب، وقد فهما ذلك، والنبي أقرهما عليه.
ومن الحجج العقلية: أنه لو كان حكم الفاسق وغير الفاسق سواء في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا [الحجرات 6] في وجوب التثبت في الخبر لما كان لتخصيص الفاسق بالذكر فائدة. وقس على ذلك سائر الأمثلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ