تخريج الحديث عن طريق : أول متن الحديث
إن تخريج الحديث حسب هذه الطريقة : يتطلب من المخرّج أن يكون حافظاً لبداية الحديث، ثم يراجع له الكتب التى رتبت فيها الأحاديث على أوائلها ترتيباً ألفبائياً على حروف المعجم، ومعظمهما كتب غير أصلية، ما عدا الكتب التى نبهت عليها فى مكانها، وهي على ثلاثة أنواع:
1- كتب في عامة الأحاديث (أى المشتهرة على الألسنة وغير المشتهرة).
2- كتب في الأحاديث المشتهرة على الألسنة.
3- كتب الموسوعات الحديثية والمفاتيح والفهارس.
النوع الأول : الكتب المؤلفة في عامة الأحاديث
وهي كثيرة، من أهمها:
1- جمع الجوامع (أو الجامع الكبير) للإمام الحافظ السيوطي (ت911هـ).
2- الجامع الصغير من حديث البشير النذير: للسيوطي أيضاً.
3- زيادة الجامع الصغير: للسيوطي أيضاً: زاد فيه المؤلف نحو (4440) حديثاً من الجامع الكبير وغيره من كتب الحديث، ورتبها على حروف الهجاء ترتيباً ألفبائياً، وطريقته ورموزه فيه مثل الجامع الصغير تماماً. وشرحه المناوي (ت1031هـ) بعنوان : "مفتاح السعادة بشرح الزيادة".
4- الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير: للشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني (1350هـ): جمع فيه المؤلف بين الجامع الصغير وزيادته، ومزج أحاديثهما في ترتيب واحد على حروف الهجاء، ومر أحاديث الزيادة برمز (ز) أمامها، إلا أنه لم يذكر رموز السيوطي لدرجة الحديث صحة، أو حسناً، أو ضعفاً ففوّت علينا في هذه الفائدة العظيمة. وعدد أحاديثه (14471)، وقد حذف من الزيادة ما وجد في الأصل (الجامع الصغير) أيضاً، وهو حوالي عشرة أحاديث.
5- الجامع الأزهر في حديث النبي الأنور: للإمام عبد الرؤوف بن تاج العارفين المناوي القاهري (ت1031هـ): وهو كتاب استدرك فيه المؤلف على الجامع الكبير السيوطي، وأورد فيه أحاديث من الجامع الكبير، وكتبها بالمداد الأسود، وأحاديث زائدة عليه، وكتبها بالمداد الأحمر، أو جعل عليها مدّة حمراء، ولم يورد فيه الأحاديث من الكتب الستة إلا النادر، وعمد إلى جمع الشوارد، والاعتناء بالزوائد، ورتبها على حروف الهجاء على طريقة السيوطي في الجامع الصغير، إلا أنه وضع لأحاديث أقضية النبي صلى الله عليه وسلم باباً مستقلاً، ووضعه بين أحاديث القاف بدون أل، وبين أحاديثها المحلاة بأل، ووعد ببيان درجة كل حديث، ولكنه لم يف به في بعض الأحاديث. وعدد أحاديثه بعد حذف المكرر (5191).
6- كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق: للمناوي أيضاً: جمع فيه المؤلف عشرة آلاف حديث، اختارها من الأحاديث القصيرة، ورتبها كترتيب الجامع الصغير، وذكر في نهاية كل حديث مَن أخرجه من أئمة الحديث مقتصراً على واحد فقط، مستعملاً الرموز التي وضعها لكل كتاب، ولم يذكر فيه اسم الصحابي راوي الحديث، كما أنه لم يبين درجة الحديث صحة، أو حسناً، أو ضعفاً.
7- البيان والتعريف في أسباب ورورد الحديث الشريف: للإمام إبراهيم بن محمد المعروف بابن حمزة الحسيني الدمشقي (1054هـ - 1120هـ): ذكر فيه المؤلف الأحاديث التي لها سبب، سواء أكان السبب في نص الحديث، أو لم يذكر فيه، أو ذكر في بعض طرقه، وسواء أحصل ذلك السبب في عصر النبوة، أو بعده، أو بالأمرين معاً، ورتب هذه الأحاديث على حروف الهجاء، فيذكر الحديث، ثم يذكر من أخرجه مَن أئمة الحديث، وهو يشتمل على (1800) حديث.
8- إسعاف الطلاب بترتيب الشهاب: للمناوي: كتاب الشهاب هو للإمام شهاب الدين أي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي (ت454هـ) وهو كتاب لطيف جمع فيه (1200) حديث من الأحاديث القصار فى الحِكَم والوصايا، والمواعظ والآداب، محذوفة الإسناد، ثم أسند القضاعي نفسه أحاديثه، وسماه "مسند الشهاب – وهو مطبوع"، ورتبها القضاعي على الكلمات من غير تقيّد بحرف، فجاء المناوي، ورتبها على الحروف، وأضاف إلى ذلك من أخرجها من أئمة الحديث الآخرين.
9- مسند الفردوس: للديلمي أبي منصور شهردار بن شيرويه الديلمي الهمداني (ت558هـ) : وكتاب الفردوس هو لوالده أبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فنّاخسرو الديلمي الهمداني (ت509هـ)، أورد فيه 9056 حديثاً من الأحاديث القصار، مرتبة على حروف المعجم كلها (تسعة وعشرين حرفاً) دون ترتيب هجائي لأحاديث الحروف فيما بينها. ذكرها بدون إسناد، وسماه "فردوس الأخبار بمأثور الخطاب المخرّج على كتاب الشهاب" فجاء ولده وأسند أحاديثه، وسماه "مسند الفردوس", واختصره ابن حجر، وسماه "تسديد القوس في مختصر مسند الفردوس". والفردوس ومسنده وتسديد القوس كلها مطبوعة.
النوع الثاني : الكتب المؤلفة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة
المراد بالأحاديث المشتهرة: ما يدور على ألسنة الناس، ويتناقلونه فيما بينهم من الأقوال المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقطع النظر عن كونها صحيحة، أو حسنة، أو ضعيفة، أو موضوعة، ولكن الكثير منها ضعيف، أو موضوع، أو لا أصل له.
والشهرة هذه هي الشهرة اللغوية (FAME)، لا الشهرة الاصطلاحية التي هي: "أن يُرْوَى الحديث من ثلاث طرق أو أكثر مما لم يبلغ درجة التواتر"
وكتب هذا النوع كلها غير أصلية، وهي مرتبة على أوائل الأحاديث ترتيباً ألفبائياً، وهي كثيرة، نذكرها وفقاً لتقدم وفاة أصحابها:
1- التذكرة في الأحاديث المشتهرة: لبدر الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن بهادر، تركى الأصل، المصري، المعروف بالزركشي (ت794هـ).
2- اللآلي المنثورة في الأحاديث المشهورة مما أَلِفَه الطبع وليس له أصل في الشرع: للحافظ ابن حجر العسقلاني (ت852هـ).
3- المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة: للحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت902هـ): جمع فيه (1356) حديثاً، وذكر مِنْ وسط أسانيدها، وذكر من خرّجها من أئمة الحديث، وبيّن درجة كل حديث منها. وهو مطبوع.
4- الغُمّاز على اللُمّاز: لأبي الحسن نور الدين علي بن عبد الله بن أحمد السمهودي (911هـ): هو في الأحاديث المشتهرة، جرّد فيه المؤلف الأحاديث الضعيفة والموضوعة وما لا أصل له، من كتب الأئمة الحفاظ، وعدد أحاديثه (351) وهو مطبوع.
5- الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة: للإمام السيوطي (ت911هـ): لخص فيه كتاب الزركشي السابق، وزاد عليه.
6- تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث: للإمام عبد الرحمن بن علي الشهير بابن الدبيع الشبياني (ت944هـ): اختصر فيه كتاب شيخه السخاوي "المقاصد الحسنة" بأن حذف ما ذكره من بعض الرجال في أسانيد أحاديثه، وتفاصيل الكلام عن رجالها، وذكر في كل حديث من أخرجه، وحافظ على ترتيب الأصل، وزاد عليه أحاديث يسيرة ميزها بقوله في أولها: "قلت"، وفي آخرها بقوله: "والله أعلم"، ويضم (1697) حديثاً، وهو مطبوع.
7- الشذرة فى الأحاديث المشتهرة: للعلامة محمد بن طولون الصالحي (ت953هـ)، ويضم (1169) حديثاً مرتبة على حروف المعجم، طبع بتحقيق كمال بن بسيوني زغلول، من دار الكتب العلمية ببيروت، ط أولى (1413هـ/1993م).
8- تسهيل السبيل إلى كشف الالتباس عما دار من الأحاديث بين الناس: لمحمد بن أحمد الخليلي (ت1057هـ).
9- إتقان ما يحسن من الأحاديث الدائرة على الألسن: لنجم الدين محمد بن محمد الغزي (ت1061هـ): جمع فيه بين كتب: الزركشي والسخاوي والسيوطي المذكورة، وزاد عليها زيادات حسنة.
10-كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس: لإسماعيل ابن محمد بن عبد الهادي العجلوني الدمشقي (ت1162هـ): لخص فيه كتب: ابن حجر والسخاوي وابن الدبيع والسيوطي المذكورة، وزاد عليها بعض الزيادات، وهو أكبر وأجمع كتاب في هذا الباب، ويشتمل على (3281) حديثاً، وهو مطبوع.
11-أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب: للشيخ محمد بن درويش الحوت البيروتي (ت1276هـ) : اختصر فيه كتاب ابن الدبيع، وزاد عليه زيادات.
كيفية ومراحل التخريج من كتب النوعين السابقين:
إذا أراد الباحث أن يخرج حديثاً من كتب هذين النوعين لهذه الطريقة، فيجب عليه اتباع المراحل الآتية:
أ- حفظ الباحث بداية الحديث الذي يريد تخريجه.
ب- ثم البحث عنه في حرفه في أحد من كتب النوعين، فإن وُجِدَ فيه.
جـ- فلينقل من هناك من ذكر من مخرجي ذلك الحديث إلى ورقة المسوَّدة.
د- ثم يَنظُر فهارس الكتب المذكورة لمعرفة موضع الحديث فيها (إن وُجِدت لها فهارس)، وإلا فينظر كيف رتب أولئك المخرجون كتبهم؟ فإن رتبوها على أسماء الصحابة – مثلاً – فليبحث في كتبهم عن ذلك الحديث في مسند ذلك الصحابي الذي رواه، وإن رتبوها على الأبواب الفقهية والموضوعات العلمية فليستنبط من الحديث موضوعه، ثم ليبحث عنه في تلك الكتب في باب ذلك الموضوع.
هـ- ثم ينقل الحديث من تلك الكتب بأسانيد متنوعة على ورقة المسودة.
و- ثم يعمل شجرة أسانيده.
ز- ثم يدون أسانيده وطرقه بأحد أساليبه الثلاثة المذكورة في الطريقة الأولى.
أمثلة نموذجية من بعض كتب هذين النوعين:
1- المثال الأول :
من "جمع الجوامع" قال السيوطي فيه (1/857)(13):
"نفقة الرجل على أهله صدقة. حم ت عن أبي مسعود البدري، طب عن عبد الله بن أبي أوفى، الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن مغفل".
عرفنا منه أن هذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده والترمذي في جامعه، كلاهما عن أبي مسعود البدري، والطبراني المعجم الكبير عن عبد الله بن أبي أوفى. وأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن مغفل (وهو عبد الله بن مغفل)، فعرفنا منه فقط أن هذا الحديث موجود في تلك الكتب، ولكن ما عرفنا موضع الحديث فيها.
فلمعرفة موضع الحديث في تلك الكتب الأربعة علينا أن نرجع فهارسها أو نعرف مناهج تأليفها. فعرفنا أن مسند أحمد مرتب على أسماء (أي مسانيد) الصحابة، فلنبحث في الفهرس(14) الملحق بأول الجزء الأول عن اسم "أبي مسعود البدري"، فوجدنا أنه في الجزء الخامس، ص118 و272، ثم بحثنا عن الحديث فوجدناه في (5/273) بلفظ : "نفقة الرجل على الأهل – يحتسبها – صدقة".
وعرفنا كذلك أن جامع الترمذي مرتب على الأبواب الفقهية، فلنأت إلى استنباط الموضوع الذي تحدث عنه الحديث، فاستنبطنا أنه في "فضل النفقة على الأهل"، فالأقرب أنه يكون في النكاح، أو في كتاب البر والصلة، فذهبنا لنبحث عنه في أبواب النكاح فلم نجده فيه، ثم بحثنا عنه في أبواب البر والصلة، فوجدنا هناك "باب ما جاء في النفقة على الأهل: 4/344 رقم 1965"، ووجدنا فيه هذا الحديث مثل ما هو في جمع الجوامع، وقال عقب الحديث: "حسن صحيح".
وكذلك عرفنا أن المعجم الكبير للطبراني مرتب على مسانيد الصحابة هجائياً بنظام ألفبائي، فلنبحث أولاً عن الجزء الذي يحتوي على مسند عبد الله بن أبي أوفي، فذهبنا نبحث عن ذلك الجزء، فلم نجده، لعله من ضمن أجزائه التي ما زالت مفقودة حتى الآن – وعلماً أن المعجم الكبير قد طُبِع منه عشرون جزءاً حتى الآن، ولا زالت الأجزاء (13 و14 و15 و16و 21) مفقودة، وسمند أبي هريرة غير داخل في المعجم الكبير، لأن الطبراني نفسه أفرده بتصنيف مستقل، وهو أيضاً مفقود.
وعرفنا أيضاً أن كتاب مكارم الأخلاق للخرائطي (ت327هـ) كتاب خاص بموضوع "مكارم الأخلاق"، وهو مرتب على أبواب صغيرة منه، فلنبحث عن الحديث في الباب المستنبط من الحديث، فوجدناه في ص14.
تنبيه بعدم استقصاء السيوطي تخريج الحديث من المصادر:
هنا أودُّ أن أنبه على أن عزو السيوطي هذا الحديث إلى تلك المصادر الأربعة لا يعني أنه لا يوجد في غير هذه المراجع، لأنه لم يقصد به استقصاءها، وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضاً في موضعين من صحيحه: الأول: كتاب المغازي، باب رقم 12 دون ترجمة: 7/317 رقم 4006 – من فتح الباري، وهنا بلفظ جمع الجوامع. والثاني: كتاب النفقات، باب فضل النفقة على الأهل : 9/497 رقم 5351 بلفظ: "إذا أنفق المسلم نفقة على أهله – وهو يحتسبها – كانت له صدقة".
وكذلك الأمر في أمثاله من المصادر غير الأصلية التي يمكن أن نسميها: "مراجع إحالة" بحيث يحيل مؤلفوهما الأحاديث فيها إلى مصادر أصلية.
2- المثال الثاني :
من كشف الخفاء للعجلوني (1/37 رقم 67):
"(اتخذوا الغنم فإنها بركة) رواه الطبراني بسند حسن والخطيب عن أم هانئ، ورواه ابن ماجه عنها بلفظ: "اتخذي غنماً فإنها بركة"، ورواه أحمد عنها أيضاً بلفظ: "اتخذي غنماً فإنها تروح بخير، وتغدو بخير".
أي أخرجه الطبراني في المعجم الكبير بسند حسن، والخطيب في تاريخ بغداد، كلاهما عن أم هانئ. وأخرجه ابن ماجه في سننه وأحمد في مسنده عنها.
فعرفنا منه وجود ذلك الحديث في تلك الكتب، دون أماكنه فيها، فلنتبع لمعرفتها نفس الطريقة التي ذكرناها في المثال الأول – علماً بأن البحث عنه في تاريخ بغداد للخطيب صعب جداً، بل عسير لأنه كتاب تراحم الرجال البغداديين، والعلماء الذين ورودوا بغداد، وذكر في الترجمة حديثاً، أو حديثين، أو أكثر إذا كان صاحب الترجمة من رواه ذلك الحديث.
لذلك وضع أحمد بن محمد بن الصديق الغماري لأحاديث فهرساً مرتباً هجائياً في كتاب مستقل بعنوان "مفتاح الترتيب لأحاديث تاريخ الخطيب، طبعته مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الأولى عام 1355هـ". وله فهرس آخر بعنوان : "الجمع والترتيب لأحاديث تاريخ الخطيب" وضعه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية بجلب، ط أولى عام 1406هـ، فليستعان بهما، أو بأحدهما لتخريج الأحاديث منه.
محاسن كتب النوعين المذكورين:
1-سهولة معرفة أن الحديث المطلوب تخريجه موجود في تلك الكتب المحال إليها فيها.
2- عدم تقيدها بتخريج الحديث من عدد معين من كتب الحديث (كما هو الحال في المعجم المفهرس).
3- معرفة درجة الحديث عند أصحابها.
عيوبها :
1- أدنى اختلاف في أول الحديث المطلوب تخريجه عن أوله في كتب هذه الطريقة يحول دول الوصول إلى المراد، أو يصعب عليه، مثلاً حديث : "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث" إذا بحثت عنه في الجامع الصغير فلن تجده، وإنما هو فيه بلفظ "إذا بلغ الماء 000"(15) وهكذا.
2-تصفُّح جميع الكتاب حديثاً حديثاً للبحث عن أحاديث موضوع من الموضوعات مما يُسبِّب ضياع الكثير من الوقت والجهد.
3- عدم بيانها مواضع الحديث في الكتاب المحال إليها، مما يدفع الباحث إلى مضاعفة الجهد، والركون إلى استنباط موضوع الحديث.
النوع الثالث : الموسوعات والمفاتيح والفهارس
وهي كتب فهارس، يأتي الفهرس إلى كتاب، أو كتابين، أو أكثر، مؤلفة على الموضوعات، أو مسانيد الصحابة، أو الرجال، أو العلل، أو غيرها، ويرتب أحاديثها على حروف المعجم حسب أوائلها، وهي الطريقة الأكثر شيوعاً في هذه الأيام، ومن أهمها :
موسوعة أطراف الحديث: للأستاذ أبي هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول: هي تضم فهرسة أحاديث 150 صنفاً من مصنفات السنة والسيرة والفقه والعلل والرجال والموضوعات والتفاسير (من المصادر الأصلية، وشبه الأصلية، وغير الأصلية)، ورتبها على طريقة أطراف ومقاطع الحديث ترتيباً هجائياً بنظام ألفبائي دقيق ييسر الحصول على الحديث المطلوب، مستعملاً لكل كتاب رموزاً بينها في المجلد الأول من ص 16-21، والموسوعة في رأيي عمل شامخ لم يسبق إليه، فهي أغنت عن جميع الفهارس الحديثة لكتب هذه الموسوعة. وهناك "ذيل على الموسوعة" في مرحلة الإعداد، يضم المراجع والمصادر التي يتوالى ظهورها حيناً بعد حين، ويحتوي على مائتي (200) صنف، ومرجع، ومصدر، وأجزاء حديثية كما صرح به المؤلف (1/5).
كيفية ومراحل التخريج من الموسوعات والفهارس:
إن كيفية ومراحل تخريج حديث ما بواسطة كتب الموسوعات والفهارس الحديثية المرتبة على أوائل الأحاديث، هي نفس الكيفية والمراحل التى ذكرناها في النوعين السابقين من كتب هذه الطريقة، إلا أن الموسوعات والفهارس تمتاز على كتب النوعين السابقين بأنها تذكر رقم الجزء والصفحة مع مصادر الحديث أمام أطراف الحديث.
محاسنها:
1- سرعة معرفة مصادر الحديث المطلوب تخريجه، خاصة في "موسوعة أطراف الحديث".
2- سرعة الوصول إلى أماكن الحديث في المصادر المحال إليها فيها، إذا وافقت طبعات تلك المصادر التى يبحث فيها عن الحديث مع طبعاتها المعتمد عليها في الموسوعات والفهارس.
3- عدم تقيّد بعضها بعدد معين من كتب الحديث مثل موسوعة أطراف الحديث، مما يُعرِّفك بوجود حديثك في عدد كبير من المصادر الحديثية وغيرها.
4- تقطيع بعضها (مثل الموسوعة) الحديث إلى جمل يمكن أن يصلح كل منها حديثاً مستقلاً، ثم ترتيبها فيها بحسب أوائلها، مما تدارك مما يؤخذ على هذا النوع من الفهارس من أن الذى لا يعرف أول الحديث لا يمكنه الإستفادة من هذا الفهرس.
عيوبها:
1- أدنى اختلاف في أول الحديث عن أوله في معظم هذه الفهارس يجعل وصولك إلى حديثك عسيراً.
2- عدم فهرسة الأحاديث الفعلية وأمثالها في معظم هذه الفهارس، مما فؤّت علينا عدداً كبيراً من الأحاديث.
========
المصدر :
تخريج الحديث - نشأته ومنهجه د/ محمد أبو الليث الخير آبادي (بتصرف)
1- كتب في عامة الأحاديث (أى المشتهرة على الألسنة وغير المشتهرة).
2- كتب في الأحاديث المشتهرة على الألسنة.
3- كتب الموسوعات الحديثية والمفاتيح والفهارس.
النوع الأول : الكتب المؤلفة في عامة الأحاديث
وهي كثيرة، من أهمها:
1- جمع الجوامع (أو الجامع الكبير) للإمام الحافظ السيوطي (ت911هـ).
2- الجامع الصغير من حديث البشير النذير: للسيوطي أيضاً.
3- زيادة الجامع الصغير: للسيوطي أيضاً: زاد فيه المؤلف نحو (4440) حديثاً من الجامع الكبير وغيره من كتب الحديث، ورتبها على حروف الهجاء ترتيباً ألفبائياً، وطريقته ورموزه فيه مثل الجامع الصغير تماماً. وشرحه المناوي (ت1031هـ) بعنوان : "مفتاح السعادة بشرح الزيادة".
4- الفتح الكبير في ضم الزيادة إلى الجامع الصغير: للشيخ يوسف بن إسماعيل النبهاني (1350هـ): جمع فيه المؤلف بين الجامع الصغير وزيادته، ومزج أحاديثهما في ترتيب واحد على حروف الهجاء، ومر أحاديث الزيادة برمز (ز) أمامها، إلا أنه لم يذكر رموز السيوطي لدرجة الحديث صحة، أو حسناً، أو ضعفاً ففوّت علينا في هذه الفائدة العظيمة. وعدد أحاديثه (14471)، وقد حذف من الزيادة ما وجد في الأصل (الجامع الصغير) أيضاً، وهو حوالي عشرة أحاديث.
5- الجامع الأزهر في حديث النبي الأنور: للإمام عبد الرؤوف بن تاج العارفين المناوي القاهري (ت1031هـ): وهو كتاب استدرك فيه المؤلف على الجامع الكبير السيوطي، وأورد فيه أحاديث من الجامع الكبير، وكتبها بالمداد الأسود، وأحاديث زائدة عليه، وكتبها بالمداد الأحمر، أو جعل عليها مدّة حمراء، ولم يورد فيه الأحاديث من الكتب الستة إلا النادر، وعمد إلى جمع الشوارد، والاعتناء بالزوائد، ورتبها على حروف الهجاء على طريقة السيوطي في الجامع الصغير، إلا أنه وضع لأحاديث أقضية النبي صلى الله عليه وسلم باباً مستقلاً، ووضعه بين أحاديث القاف بدون أل، وبين أحاديثها المحلاة بأل، ووعد ببيان درجة كل حديث، ولكنه لم يف به في بعض الأحاديث. وعدد أحاديثه بعد حذف المكرر (5191).
6- كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق: للمناوي أيضاً: جمع فيه المؤلف عشرة آلاف حديث، اختارها من الأحاديث القصيرة، ورتبها كترتيب الجامع الصغير، وذكر في نهاية كل حديث مَن أخرجه من أئمة الحديث مقتصراً على واحد فقط، مستعملاً الرموز التي وضعها لكل كتاب، ولم يذكر فيه اسم الصحابي راوي الحديث، كما أنه لم يبين درجة الحديث صحة، أو حسناً، أو ضعفاً.
7- البيان والتعريف في أسباب ورورد الحديث الشريف: للإمام إبراهيم بن محمد المعروف بابن حمزة الحسيني الدمشقي (1054هـ - 1120هـ): ذكر فيه المؤلف الأحاديث التي لها سبب، سواء أكان السبب في نص الحديث، أو لم يذكر فيه، أو ذكر في بعض طرقه، وسواء أحصل ذلك السبب في عصر النبوة، أو بعده، أو بالأمرين معاً، ورتب هذه الأحاديث على حروف الهجاء، فيذكر الحديث، ثم يذكر من أخرجه مَن أئمة الحديث، وهو يشتمل على (1800) حديث.
8- إسعاف الطلاب بترتيب الشهاب: للمناوي: كتاب الشهاب هو للإمام شهاب الدين أي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي (ت454هـ) وهو كتاب لطيف جمع فيه (1200) حديث من الأحاديث القصار فى الحِكَم والوصايا، والمواعظ والآداب، محذوفة الإسناد، ثم أسند القضاعي نفسه أحاديثه، وسماه "مسند الشهاب – وهو مطبوع"، ورتبها القضاعي على الكلمات من غير تقيّد بحرف، فجاء المناوي، ورتبها على الحروف، وأضاف إلى ذلك من أخرجها من أئمة الحديث الآخرين.
9- مسند الفردوس: للديلمي أبي منصور شهردار بن شيرويه الديلمي الهمداني (ت558هـ) : وكتاب الفردوس هو لوالده أبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه بن فنّاخسرو الديلمي الهمداني (ت509هـ)، أورد فيه 9056 حديثاً من الأحاديث القصار، مرتبة على حروف المعجم كلها (تسعة وعشرين حرفاً) دون ترتيب هجائي لأحاديث الحروف فيما بينها. ذكرها بدون إسناد، وسماه "فردوس الأخبار بمأثور الخطاب المخرّج على كتاب الشهاب" فجاء ولده وأسند أحاديثه، وسماه "مسند الفردوس", واختصره ابن حجر، وسماه "تسديد القوس في مختصر مسند الفردوس". والفردوس ومسنده وتسديد القوس كلها مطبوعة.
النوع الثاني : الكتب المؤلفة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة
المراد بالأحاديث المشتهرة: ما يدور على ألسنة الناس، ويتناقلونه فيما بينهم من الأقوال المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بقطع النظر عن كونها صحيحة، أو حسنة، أو ضعيفة، أو موضوعة، ولكن الكثير منها ضعيف، أو موضوع، أو لا أصل له.
والشهرة هذه هي الشهرة اللغوية (FAME)، لا الشهرة الاصطلاحية التي هي: "أن يُرْوَى الحديث من ثلاث طرق أو أكثر مما لم يبلغ درجة التواتر"
وكتب هذا النوع كلها غير أصلية، وهي مرتبة على أوائل الأحاديث ترتيباً ألفبائياً، وهي كثيرة، نذكرها وفقاً لتقدم وفاة أصحابها:
1- التذكرة في الأحاديث المشتهرة: لبدر الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن بهادر، تركى الأصل، المصري، المعروف بالزركشي (ت794هـ).
2- اللآلي المنثورة في الأحاديث المشهورة مما أَلِفَه الطبع وليس له أصل في الشرع: للحافظ ابن حجر العسقلاني (ت852هـ).
3- المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة: للحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت902هـ): جمع فيه (1356) حديثاً، وذكر مِنْ وسط أسانيدها، وذكر من خرّجها من أئمة الحديث، وبيّن درجة كل حديث منها. وهو مطبوع.
4- الغُمّاز على اللُمّاز: لأبي الحسن نور الدين علي بن عبد الله بن أحمد السمهودي (911هـ): هو في الأحاديث المشتهرة، جرّد فيه المؤلف الأحاديث الضعيفة والموضوعة وما لا أصل له، من كتب الأئمة الحفاظ، وعدد أحاديثه (351) وهو مطبوع.
5- الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة: للإمام السيوطي (ت911هـ): لخص فيه كتاب الزركشي السابق، وزاد عليه.
6- تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث: للإمام عبد الرحمن بن علي الشهير بابن الدبيع الشبياني (ت944هـ): اختصر فيه كتاب شيخه السخاوي "المقاصد الحسنة" بأن حذف ما ذكره من بعض الرجال في أسانيد أحاديثه، وتفاصيل الكلام عن رجالها، وذكر في كل حديث من أخرجه، وحافظ على ترتيب الأصل، وزاد عليه أحاديث يسيرة ميزها بقوله في أولها: "قلت"، وفي آخرها بقوله: "والله أعلم"، ويضم (1697) حديثاً، وهو مطبوع.
7- الشذرة فى الأحاديث المشتهرة: للعلامة محمد بن طولون الصالحي (ت953هـ)، ويضم (1169) حديثاً مرتبة على حروف المعجم، طبع بتحقيق كمال بن بسيوني زغلول، من دار الكتب العلمية ببيروت، ط أولى (1413هـ/1993م).
8- تسهيل السبيل إلى كشف الالتباس عما دار من الأحاديث بين الناس: لمحمد بن أحمد الخليلي (ت1057هـ).
9- إتقان ما يحسن من الأحاديث الدائرة على الألسن: لنجم الدين محمد بن محمد الغزي (ت1061هـ): جمع فيه بين كتب: الزركشي والسخاوي والسيوطي المذكورة، وزاد عليها زيادات حسنة.
10-كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس: لإسماعيل ابن محمد بن عبد الهادي العجلوني الدمشقي (ت1162هـ): لخص فيه كتب: ابن حجر والسخاوي وابن الدبيع والسيوطي المذكورة، وزاد عليها بعض الزيادات، وهو أكبر وأجمع كتاب في هذا الباب، ويشتمل على (3281) حديثاً، وهو مطبوع.
11-أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب: للشيخ محمد بن درويش الحوت البيروتي (ت1276هـ) : اختصر فيه كتاب ابن الدبيع، وزاد عليه زيادات.
كيفية ومراحل التخريج من كتب النوعين السابقين:
إذا أراد الباحث أن يخرج حديثاً من كتب هذين النوعين لهذه الطريقة، فيجب عليه اتباع المراحل الآتية:
أ- حفظ الباحث بداية الحديث الذي يريد تخريجه.
ب- ثم البحث عنه في حرفه في أحد من كتب النوعين، فإن وُجِدَ فيه.
جـ- فلينقل من هناك من ذكر من مخرجي ذلك الحديث إلى ورقة المسوَّدة.
د- ثم يَنظُر فهارس الكتب المذكورة لمعرفة موضع الحديث فيها (إن وُجِدت لها فهارس)، وإلا فينظر كيف رتب أولئك المخرجون كتبهم؟ فإن رتبوها على أسماء الصحابة – مثلاً – فليبحث في كتبهم عن ذلك الحديث في مسند ذلك الصحابي الذي رواه، وإن رتبوها على الأبواب الفقهية والموضوعات العلمية فليستنبط من الحديث موضوعه، ثم ليبحث عنه في تلك الكتب في باب ذلك الموضوع.
هـ- ثم ينقل الحديث من تلك الكتب بأسانيد متنوعة على ورقة المسودة.
و- ثم يعمل شجرة أسانيده.
ز- ثم يدون أسانيده وطرقه بأحد أساليبه الثلاثة المذكورة في الطريقة الأولى.
أمثلة نموذجية من بعض كتب هذين النوعين:
1- المثال الأول :
من "جمع الجوامع" قال السيوطي فيه (1/857)(13):
"نفقة الرجل على أهله صدقة. حم ت عن أبي مسعود البدري، طب عن عبد الله بن أبي أوفى، الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن مغفل".
عرفنا منه أن هذا الحديث أخرجه أحمد في مسنده والترمذي في جامعه، كلاهما عن أبي مسعود البدري، والطبراني المعجم الكبير عن عبد الله بن أبي أوفى. وأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن مغفل (وهو عبد الله بن مغفل)، فعرفنا منه فقط أن هذا الحديث موجود في تلك الكتب، ولكن ما عرفنا موضع الحديث فيها.
فلمعرفة موضع الحديث في تلك الكتب الأربعة علينا أن نرجع فهارسها أو نعرف مناهج تأليفها. فعرفنا أن مسند أحمد مرتب على أسماء (أي مسانيد) الصحابة، فلنبحث في الفهرس(14) الملحق بأول الجزء الأول عن اسم "أبي مسعود البدري"، فوجدنا أنه في الجزء الخامس، ص118 و272، ثم بحثنا عن الحديث فوجدناه في (5/273) بلفظ : "نفقة الرجل على الأهل – يحتسبها – صدقة".
وعرفنا كذلك أن جامع الترمذي مرتب على الأبواب الفقهية، فلنأت إلى استنباط الموضوع الذي تحدث عنه الحديث، فاستنبطنا أنه في "فضل النفقة على الأهل"، فالأقرب أنه يكون في النكاح، أو في كتاب البر والصلة، فذهبنا لنبحث عنه في أبواب النكاح فلم نجده فيه، ثم بحثنا عنه في أبواب البر والصلة، فوجدنا هناك "باب ما جاء في النفقة على الأهل: 4/344 رقم 1965"، ووجدنا فيه هذا الحديث مثل ما هو في جمع الجوامع، وقال عقب الحديث: "حسن صحيح".
وكذلك عرفنا أن المعجم الكبير للطبراني مرتب على مسانيد الصحابة هجائياً بنظام ألفبائي، فلنبحث أولاً عن الجزء الذي يحتوي على مسند عبد الله بن أبي أوفي، فذهبنا نبحث عن ذلك الجزء، فلم نجده، لعله من ضمن أجزائه التي ما زالت مفقودة حتى الآن – وعلماً أن المعجم الكبير قد طُبِع منه عشرون جزءاً حتى الآن، ولا زالت الأجزاء (13 و14 و15 و16و 21) مفقودة، وسمند أبي هريرة غير داخل في المعجم الكبير، لأن الطبراني نفسه أفرده بتصنيف مستقل، وهو أيضاً مفقود.
وعرفنا أيضاً أن كتاب مكارم الأخلاق للخرائطي (ت327هـ) كتاب خاص بموضوع "مكارم الأخلاق"، وهو مرتب على أبواب صغيرة منه، فلنبحث عن الحديث في الباب المستنبط من الحديث، فوجدناه في ص14.
تنبيه بعدم استقصاء السيوطي تخريج الحديث من المصادر:
هنا أودُّ أن أنبه على أن عزو السيوطي هذا الحديث إلى تلك المصادر الأربعة لا يعني أنه لا يوجد في غير هذه المراجع، لأنه لم يقصد به استقصاءها، وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضاً في موضعين من صحيحه: الأول: كتاب المغازي، باب رقم 12 دون ترجمة: 7/317 رقم 4006 – من فتح الباري، وهنا بلفظ جمع الجوامع. والثاني: كتاب النفقات، باب فضل النفقة على الأهل : 9/497 رقم 5351 بلفظ: "إذا أنفق المسلم نفقة على أهله – وهو يحتسبها – كانت له صدقة".
وكذلك الأمر في أمثاله من المصادر غير الأصلية التي يمكن أن نسميها: "مراجع إحالة" بحيث يحيل مؤلفوهما الأحاديث فيها إلى مصادر أصلية.
2- المثال الثاني :
من كشف الخفاء للعجلوني (1/37 رقم 67):
"(اتخذوا الغنم فإنها بركة) رواه الطبراني بسند حسن والخطيب عن أم هانئ، ورواه ابن ماجه عنها بلفظ: "اتخذي غنماً فإنها بركة"، ورواه أحمد عنها أيضاً بلفظ: "اتخذي غنماً فإنها تروح بخير، وتغدو بخير".
أي أخرجه الطبراني في المعجم الكبير بسند حسن، والخطيب في تاريخ بغداد، كلاهما عن أم هانئ. وأخرجه ابن ماجه في سننه وأحمد في مسنده عنها.
فعرفنا منه وجود ذلك الحديث في تلك الكتب، دون أماكنه فيها، فلنتبع لمعرفتها نفس الطريقة التي ذكرناها في المثال الأول – علماً بأن البحث عنه في تاريخ بغداد للخطيب صعب جداً، بل عسير لأنه كتاب تراحم الرجال البغداديين، والعلماء الذين ورودوا بغداد، وذكر في الترجمة حديثاً، أو حديثين، أو أكثر إذا كان صاحب الترجمة من رواه ذلك الحديث.
لذلك وضع أحمد بن محمد بن الصديق الغماري لأحاديث فهرساً مرتباً هجائياً في كتاب مستقل بعنوان "مفتاح الترتيب لأحاديث تاريخ الخطيب، طبعته مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الأولى عام 1355هـ". وله فهرس آخر بعنوان : "الجمع والترتيب لأحاديث تاريخ الخطيب" وضعه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، مكتب المطبوعات الإسلامية بجلب، ط أولى عام 1406هـ، فليستعان بهما، أو بأحدهما لتخريج الأحاديث منه.
محاسن كتب النوعين المذكورين:
1-سهولة معرفة أن الحديث المطلوب تخريجه موجود في تلك الكتب المحال إليها فيها.
2- عدم تقيدها بتخريج الحديث من عدد معين من كتب الحديث (كما هو الحال في المعجم المفهرس).
3- معرفة درجة الحديث عند أصحابها.
عيوبها :
1- أدنى اختلاف في أول الحديث المطلوب تخريجه عن أوله في كتب هذه الطريقة يحول دول الوصول إلى المراد، أو يصعب عليه، مثلاً حديث : "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث" إذا بحثت عنه في الجامع الصغير فلن تجده، وإنما هو فيه بلفظ "إذا بلغ الماء 000"(15) وهكذا.
2-تصفُّح جميع الكتاب حديثاً حديثاً للبحث عن أحاديث موضوع من الموضوعات مما يُسبِّب ضياع الكثير من الوقت والجهد.
3- عدم بيانها مواضع الحديث في الكتاب المحال إليها، مما يدفع الباحث إلى مضاعفة الجهد، والركون إلى استنباط موضوع الحديث.
النوع الثالث : الموسوعات والمفاتيح والفهارس
وهي كتب فهارس، يأتي الفهرس إلى كتاب، أو كتابين، أو أكثر، مؤلفة على الموضوعات، أو مسانيد الصحابة، أو الرجال، أو العلل، أو غيرها، ويرتب أحاديثها على حروف المعجم حسب أوائلها، وهي الطريقة الأكثر شيوعاً في هذه الأيام، ومن أهمها :
موسوعة أطراف الحديث: للأستاذ أبي هاجر محمد السعيد بن بسيوني زغلول: هي تضم فهرسة أحاديث 150 صنفاً من مصنفات السنة والسيرة والفقه والعلل والرجال والموضوعات والتفاسير (من المصادر الأصلية، وشبه الأصلية، وغير الأصلية)، ورتبها على طريقة أطراف ومقاطع الحديث ترتيباً هجائياً بنظام ألفبائي دقيق ييسر الحصول على الحديث المطلوب، مستعملاً لكل كتاب رموزاً بينها في المجلد الأول من ص 16-21، والموسوعة في رأيي عمل شامخ لم يسبق إليه، فهي أغنت عن جميع الفهارس الحديثة لكتب هذه الموسوعة. وهناك "ذيل على الموسوعة" في مرحلة الإعداد، يضم المراجع والمصادر التي يتوالى ظهورها حيناً بعد حين، ويحتوي على مائتي (200) صنف، ومرجع، ومصدر، وأجزاء حديثية كما صرح به المؤلف (1/5).
كيفية ومراحل التخريج من الموسوعات والفهارس:
إن كيفية ومراحل تخريج حديث ما بواسطة كتب الموسوعات والفهارس الحديثية المرتبة على أوائل الأحاديث، هي نفس الكيفية والمراحل التى ذكرناها في النوعين السابقين من كتب هذه الطريقة، إلا أن الموسوعات والفهارس تمتاز على كتب النوعين السابقين بأنها تذكر رقم الجزء والصفحة مع مصادر الحديث أمام أطراف الحديث.
محاسنها:
1- سرعة معرفة مصادر الحديث المطلوب تخريجه، خاصة في "موسوعة أطراف الحديث".
2- سرعة الوصول إلى أماكن الحديث في المصادر المحال إليها فيها، إذا وافقت طبعات تلك المصادر التى يبحث فيها عن الحديث مع طبعاتها المعتمد عليها في الموسوعات والفهارس.
3- عدم تقيّد بعضها بعدد معين من كتب الحديث مثل موسوعة أطراف الحديث، مما يُعرِّفك بوجود حديثك في عدد كبير من المصادر الحديثية وغيرها.
4- تقطيع بعضها (مثل الموسوعة) الحديث إلى جمل يمكن أن يصلح كل منها حديثاً مستقلاً، ثم ترتيبها فيها بحسب أوائلها، مما تدارك مما يؤخذ على هذا النوع من الفهارس من أن الذى لا يعرف أول الحديث لا يمكنه الإستفادة من هذا الفهرس.
عيوبها:
1- أدنى اختلاف في أول الحديث عن أوله في معظم هذه الفهارس يجعل وصولك إلى حديثك عسيراً.
2- عدم فهرسة الأحاديث الفعلية وأمثالها في معظم هذه الفهارس، مما فؤّت علينا عدداً كبيراً من الأحاديث.
========
المصدر :
تخريج الحديث - نشأته ومنهجه د/ محمد أبو الليث الخير آبادي (بتصرف)