الثلاثاء، 17 أبريل 2012

موسوعة علوم القرآن : الأمثال فى القرآن الكريم

الأمثال فى القرآن الكريم


يحتاج المرء ـ عادة ـ إلى اقناع سامعيه أو مخالفيه بفكره أو بما عنده من رأي وقول
لذا : يستخدم بعض وسائل الإقناع التي يوضح بها فكرته ، ويشرح بها قوله ، ويقنع بها سامعه .
فإذا قرب المعنى المعقول وأبرزه في صورة المحسوس : فهذا هو المثل .
وإذا أكد ما لديه وأقسم عليه : فهذا هو القسم .
وإذا قدم الحجة وبين العلة . فهذا هو الجدل .
وعلى هذا : فضرب المثل . . واحد من وسائل الإقناع
وقد عده الشافعي ـ رحمه الله ـ مما يجب على المجتهد معرفته من علوم القرآن ، فقال :
" ثم معرفة ما ضرب فيه ـ أي ما ضرب الله في القرآن ـ من الأمثال ، الدال على طاعته ، والمثبتة لاجتناب معصيته ، وترك الغفلة عن الحفظ ، والازدياد من نوافل الفضل."
وقد روى البيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن القرآن نزل على خمسة أوجه . .
حلال ، وحرام ، ومحكم ، ومتشابه ، وأمثال .
فاعملوا بالحلال.
واجتنبوا الحرام .
واتبعوا المحكم .
وآمنوا بالمتشابه .
واعتبروا بالأمثال " 
وقد صنف العلماء في الأمثال .
فمنهم من أفردها بالتأليف : الإمام أبو الحسن الماوردي.
ومنهم من عقد لها بابا في بعض كتبه : مثل الإمام السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" ، وكذلك ابن القيم في كتابه "أعلام الموقعين" 
وقد ذكر الله في كتابه العزيز أنه يضرب الأمثال
{ وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون} [الحشر21]
{ وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} [العنكبوت 43]
{ ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون } [ الزمر 27]
وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله أنزل القرآن آمرا وزاجرا ، وسنة خالية ، ومثلا مضروبا "
وكما عنى العلماء بأمثال القرآن فإنهم عنوا كذلك بالأمثال النبوية . وعقد لها أبو عيسى الترمذي بابا في جامعه أورد فيه أربعين حديثا . وقال القاضي أبو بكر بن العربي : لم أر من أهل الحديث من صنف فأفرد للأمثال بابا غير أبي عيسى ، ولله دره ، لقد فتح بابا ، وبنى قصرا أو دارا ، ولكنه اختط خطا صغيرا. فنحن نقنع به . ونشكره عليه "

تعريف المثل
والأمثال : جمع مثل ، والمثل والمثل والمثيل : كالشبه والشبه والشبيه لفظا ومعنى .
والمثل في الأدب : قول محكي سائر يقصد به تشبيه حال الذي حكى فيه بحال الذي قيل لأجله ، أي يشبه مضربه بمورده ، مثل "رب رمية من غير رام " أي رب مصميبة حصلت من رام شأنه أن يخطئ ، وأول من قال هذا الحكم بن يغوث النقري، يضرب للمخطئ يصيب أحيانا ، وعلى هذا فلابد له من مورد يشبه مضربه به .
ويطلق المثل على الحال والقصة العجيبة الشأن . وبهذا المعنى فسر لفظ المثل في كثير من الآيات . كقوله تعالى : { مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن } [محمد15] : أي قصتها وصفتها التي يتعجب منها .
وأشار الزمخشري إلى هذه المعاني الثلاثة في كشافه فقال : "والمثل في الأصل كلامهم بمعنى المثل والنظير ، ثم قيل للقول السائر الممثل مضربه بمورده مثل ، ولم يضربوا مثلا ولا رأوه أهلا للتسيير ولا جديرا بالتداول والقبول إلا قولا فيه غرابة من بعض الوجوه . ثم قال : وقد استعير المثل للحال أو الصفة أو القصة إذا كان لها شأن وفيها غرابة .
وهناك معنى رابع ذهب إليه علماء البيان في تعريف المثل فهو عندهم : المجاز المركب الذي تكون علاقته المشابهة متى فشا استعماله . وأصله الاستعارة التمثيلية . كقولك للمتردد في فعل أمر : "مالي أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى"
وقيل في ضابط المثل كذلك : إنه إبراز المعنى في صورة حسية تكسبه روعة وجمالا . والمثل بهذا المعنى لا يشترط أن يكون له مورد ، كما لا يشترط أن يكون مجازا مركبا.
وإذا نظرنا إلى أمثال القرآن التي يذكرها المؤلفون وجدنا أنهم يوردون الآيات المشتملة على تمثيل حال أمر بحال أمر آخر ، سواء أورد هذا التمثيل بطريق الاستعارة ، أم بطريق التشبيه الصريح؟ أو الآيات الدالة على معنى رائع بإيجاز ، أو التي يصح استعمالها فيما يشبه ما وردت فيه ، فإن الله تعالى ابتدأها دون أن يكون لها مورد من قبل .
فأمثال القرآن لا يستقيم حملها على أصل المعنى اللغوي الذي هو الشبيه والنظير ، ولا يستقيم حملها على ما يذكر في كتب اللغة لدى من ألفوا في الأمثال ، إذ ليست أمثال القرآن أقوالا استعملت على وجه تشبيه مضربها بموردها ، ولا يستقيم حملها على معنى الأمثال عند علماء البيان فمن أمثال القرآن ما ليس باستعارة وما لم يفش استعماله . ولذا كان الضابط الأخير أليق بتعريف المثل في القرآن : فهو إبراز المعنى في صورة رائعة موجزة لها وقعها في النفس ، سواء كانت تشبيها أو قولا مرسلا.
فابن القيم يقول في أمثال القرآن : تشبيه شئ بشئ في حكمه ، وتقريب المعقول من المحسوس ، أو أحد المحسوسين من الآخر واعتبار أحدهما بالآخر .
ويسوق الأمثلة : فتجد أكثرها على طريقة التشبيه الصريح كقوله تعالى { إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء}[يونس23] ومنها ما يجئ على طريقة التشبيه الضمني ، كقوله تعالى { ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه } [ الحجرات 12] ! إذ ليس فيه تشبيه صريح. ومنها ما لم يشتمل على تشبيه ولا استعارة ، كقوله تعالى { يأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب} [ الحج73] فقوله { إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا } قد سماه الله مثلا وليس فيه استعارة ولا تشبيه

...............................................................
خصائص المثل وسماته البلاغية
* والمثل في كلام الناس قول بليغ . . يرسله حكيم . . أو يجري على لسان واحد من الناس بقصد أو بغير قصد . . فيقع منهم موقعا حسنا . . ويحدث في قلوبهم تأثيرا ما . . ويبعث في نفوسهم شيئا من العجب والغرابة . . مما يحملهم على حكايته كلما رأوا أو سمعوا شيئا يشبه القصة التي قيل فيها . . أو الموقف الذي دعا إليه.

* والعبرة في جريان المثل ودورانه على ألسنة الناس غرابة القول . . واستحسانهم له . . واستيفاؤه للخصائص الآتية (7)

1ـ الإيجاز : وهو تأدية المعاني الكثيرة بألفاظ قليلة لا تخل بواحدة منها . . وهو أرفع أساليب البلاغة . . وأسماها منزلة . . بل هو ضرب من الإعجاز البياني.

* وقد أعجز القرآن الكريم بإيجازه الدقيق جميع البشر . . كما أعجزهم بحسن نظمه . . وجمال تعبيره . . وبراعة تصويره . . وروعة بيانه .

* والمثل قول من شأنه أن يحفظ . . وأن يكون خفيفا على الألسنة . . معبرا عن قصة . . أو داعيا إلى عبرة . . فكان الإيجاز شرطا في صلاحيته لهذه المقاصد وغيرها .

2ـ إصابة المعنى : بأن يكون المثل مؤديا للغرض الذي ضرب له أو قيل فيه . . بحيث إذا ألقى على المخاطب . . وقع من نفسه موقعه. . وأصاب مرماه . . وسلم به تسليما لا يقبل التردد.

* وهذا يقتضي أن يكون المثل مطابقا للواقع . . مجربا عند السامع . . لا ينكره عقل ولا دين .
3ـ حسن التشبيه : وذلك بأن يكون وجه الشبه بين المشبه والمشبه به قويا . . يدركه الذهن من غير تكلف في التأويل . . وأن يكون في التشبيه جدة وطرافة وابتكار. . حتى يكون التأثير به أقوى وأقدر على إبراز المعاني المعقولة في صورة محسة.

* فإن لم يكن وجه الشبه بين المشبه والمشبه به قويا . . أو لم يكن في أسلوب التشبيه جدة وطرافة وابتكار . . كان فاترا ميتدلا غير مؤثر . . وبالتالي يكون فاقد القدرة على تأدية الغرض المراد منه . . وهو إبراز الفكرة . . وتقوية المعنى . . وإقناع السامع . . وإمتاعه . . وتسريب ذهنه على التأمل والتفكير . . وإطلاق خياله في المعاني المرسلة لفهمها واستيعابها . . وربط بعضها ببعض. . وغير ذلك من الأغراض التي لا يؤديها غير هذا الأسلوب البياني.
4
ـ جودة الكناية : وذلك إذا كان المثل من باب الكنايات . . بأن يعبر عن حكمة دلت على صدقها التجربة . . وشهد لها الواقع بالسلامة والصحة .

* فالكناية تأتي بالمعنى مصحوبا بدليله . . وتبرز ما يستقبح ذكره في صورة مقبولة . . لا يأباها الحس المرهف . . ولا يمجها الذوق السليم . . فهي أسلوب مقنع ممتع ومؤثر.

وأمثال القرآن الكريم مستوفية لهذه الخصائص إلى حد الإعجاز . . ولا شك فالإيجاز فيه من الدقة بحيث يسع اللفظ الواحد من المعاني المرادة ما لا تسعه المجلدات الضخمة . . ولا سيما في مجال الأمثال بنوعيها المصرحة والمرسلة.

* وأمثال القرآن الكريم قواعد كلية تجتمع تحتها كل القوانين الأخلاقية .. والقيم الإنسانية . . لذا كانت خالدة على مر الزمن . . صالحة لكل عصر ومكان . . مقبولة عند الخاصة والعامة . . مستساغة لدى الطباع المستقيمة . . والعقول السليمة . . لها جلال تشعر بوقعه القلوب المؤمنة . . وجمال تسنشقه الأذواق المعتدلة . . ويجد فيها أصحاب الحس المرهف كمالا في رسم صور المعاني المرادة . . لا يجدونه في غيرها .

* فأين قولهم مثلا : "القتل أنفى للقتل" من قول الله تعالى في سورة البقرة الآية (179] : { ولكم في القصاص حياة } فقد تفوق قول الله تعالى على ما قاله أولئك العرب في كثير من الوجوه البيانية . . وجل كلام الله تعالى عن أن يعقد بينه وبين كلام الناس معادلة أو مفاضلة أو موازنة .

* هذا والمثل القرآني يتميز عن غيره بتصوير الحقائق المجردة تصويرا لا يبعد عن الواقع المحس . . بمعنى أن ما فيه من تشبيه ، أو استعارة ، أو كناية ، أو مجاز . . إنما هو من مقومات الوصول إلى الحق والحقيقة . . بعيدا كل البعد عن الخيال المقصود لذاته بغية الإمتاع الذهني أو العاطفي.

* ومع ذلك نجد هذا الأسلوب لا يجئ في عزلة عن الآيات السابقة له واللاحقة . . وإنما يأتي شارحا لما قبله . . ممهدا لما بعده. مصحوبا بالحكم على من أطاع ومن عصى.

* وحينما نقرأ قوله تعالى : { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا} . . [سورة البقرة آية 16] . . ثم نقرآ الآيات التي قبلها . . والآيات التي بعدها . . نجد أربع أمور متلازمة تسير جنبا إلى جنب . . لا تكاد تفارق أي مثل من أمثال القرآن الكريم .

الأول :
يشرح ما قبله من الآيات . . فقد ذكر الله تعالى أوصاف المنافقين . . ثم ساق المثل بيانا لحالهم وشأنهم .

الثاني :

تمهيد المثل لما بعده . . وهو تكليف الخلق بتوحيد الله وعبادته { يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون } . . [ سورة البقرة آية 21] .

الثالث :

الحكم على من ضرب فيهم المثل . . فإن كانوا من الأخيار فلهم الحسنى . . وإن كانوا من الأشرار . . فلهم سوء العقبى.

الرابع :

يحمل المثل في طياته من الحجج البالغة على صدق المرسل فيما يبلغون عن ربهم .

* يضاف إليها براعتها في تصريف القول وثروته في أفانين الكلام . . ومعنى هذا أنه يورد المعنى الواحد بألفاظ وطرق مختلفة . . بمقدرة خارقة . . تنقطع في حلبتها أنفاس الموهوبين من الفصحاء والبلغاء.

* وحينما نقرأ قوله تعالى : { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } . . [ سورة البقرة آية 16] . . مع قوله تعالى : { أو كصيب من السماء } . . [ سورة البقرة آية 18] . . وقوله جل شأنه : { والذين كفروا أعمالهم كسراب} . . [ سورة النور آية 39] . . مع قوله تعالى : { أو كظلمات في بحر لجي} . . [ سورة النور آية 40] . . ثم نحاول أن نوازن بين المثلين . . فإننا لن نستطيع الموازنة ولا المفاضلة بين الصورتين أو الأسلوبين . . فكلما قلنا في أنفسنا هذه الصورة أجمل من أختها . . أو هذا الأسلوب أدق من الذي قبله أو الذي بعده . . راجعنا أنفسنا في الحال. . وعاودنا النظر مرة بعد مرة . . وفي كل مرة نفضل أحد الأسلوبين . . ثم نرجع في ذلك على التو . . ونحكم في آخر الأمر بالحكم الذي حكم الله به في محكم كتابه على كتابه . . { الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير} . . [ سورة هود آية 1] .

{ الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل فماله من هاد } . . [ سورة الزمر آية 23] .

* ومن يتتبع الأمثال القرآنية يستطيع اكتشاف هذه الخصائص
....................................................................
أنواع المثل في القرآن المجيد
* يرى بعض الباحثين أن الأمثال القرآنية تنقسم من حيث هي إلى ثلاثة أقسام  :

القسم الأول : الأمثال المصرحة أو القياسية .

وهي التي صرح فيها بلفظ المثل أو ما يقوم مقامه كقوله تعالى:

{ مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } [ سورة البقرة آية 17]

{ مثل الجنة التي وعد المتقون } [ سورة الرعد آية 35]

{ مثل نوره كمشكاة فيها مصباح} [ سورة النور آية 35]

{ والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة}[ سورة النور آية 39]

{ أو كظلمات في بحر لجي } [ سورة النور آية 40]

القسم الثاني : وهو ما يسمى بالأمثال المرسلة . . وهي جمل قد أرسلت إرسالا من غير تصريح بلفظ التشبيه . . وكثر التمثيل بها لما فيها من العظة والعبرة والإقناع .

* وقد اكتسبت صفة المثلية بعد نزول القرآن الكريم وشيوعها في المسلمين . . ولم تكن أمثالا في وقت نزوله . . وهي في جملتها مبادئ خلقية ودينية مركزة مثل قوله تعالى :

{ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون } [ سورة آل عمران آية 92]

{ ليس لها من دون الله كاشفة } [ سورة النجم آية 58]

{ الآن حصحص الحق } [ سورة يوسف آية 51]

{ وضرب لنا مثلا ونسى خلقه } [ سورة يس آية 78]

{ ذلك بما قدمت يداك } [ سورة الحج آية 10]

{ قضى الأمر الذي فيه تستفيان } [ سورة يوسف آية 41]

{ أليس الصبح بقريب} [ سورة هود آية 81]

{ وحيل بينهم وبين ما يشتهون } [ سورة سبأ آية 54]

{ لكل نبأ مستقر } [ سورة الأنعام آية 67]

{ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله } [ سورة فاطر آية 43]

{ قل كل يعمل على شاكلته } [ سورة الإسراء آية 84]

{ وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم } [ سورة البقرة آية 216]

{ كل نفس بما كسبت رهينة } [ سورة المدثر آية 38]

{ ما على الرسول إلا البلاغ } [ سورة المائدة آية 99]

{ ما على المحسنين من سبيل } [ سورة التوبة آية 91]

{ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } [ سورة الرحمن آية 60]

{ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة } [ سورة البقرة آية 249]

{ الآن وقد عصيت قبل } [ سورة يونس آية 91]

{ تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى } [ سورة الحشر آية 14]

{ ولا ينبئك مثل خبير } [ سورة فاطر آية 14]

{ كل حزب بما لديهم فرحون } [ سورة الروم آية 32]

{ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم } [ سورة الأنفال آية 23]

{ وقليل من عبادي الشكور } [ سورة سبأ آية 13]

{ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } [ سورة البقرة آية 286]

{ قل لا يستوي الخبيث والطيب } [ سورة المائدة آية 100]

{ ظهر الفساد في البر والبحر } [ سورة الروم آية 41]

{ ضعف الطالب والمطلوب } [ سورة الحج آية 73]

{ لمثل هذا فليعمل العاملون } [ سورة الصافات آية 61]

{ وقليل ما هم } [ سورة ص آية 24]

{ فاعتبروا يا أولي الأبصار } [ سورة الحشر آية 2 ]

القسم الثالث : ما يسمى بالأمثال الكامنة . . وهي أمثال لم تضرب لبيان حال خاصة . . ولا لصفة معينة . . ولا لتلخيص حادثة وقعت في زمن من الأزمان . . ولم يصرح فيها بالتمثيل من قريب ولا من بعيد . . ولكن يدل مضمونها على معنى يشبه مثلا من أمثال العرب المعروفة . . أي أنها أمثال بمعانيها لا بألفاظها . . فالتمثيل فيها كامن غير ظاهر . . ولهذا سموها بالأمثال الكامنة .

* قال الماوردي : سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم يقول : سمعت أبي يقول : سألت الحسين بن الفضل فقلت : إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن . . فهل تجد في كتاب الله ( خير الأمور أوساطها ) ؟

قال : نعم في أربعة مواضع . . قوله تعالى :

{ لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك } [ سورة البقرة آية 18]

{ والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما } [سورة الفرقان آية 67]

{ ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط } [ سورة الإسراء آية 29]

{ ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا } [ سورة الإسراء آية 110]

قلت : فهل تجد في كتاب الله ( من جهل شيئا عاداه ) ؟

قال : نعم في موضعين . . قوله تعالى :

{ بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه } [ سورة يونس آية 39] . وقوله : {وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} [ سورة الأحقاف آية11]

قلت : فهل تجد في كتاب الله : ( احذر شر من أحسنت إليه )؟

قال : نعم ، قوله عز وجل :

{ وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله } [ سورة التوبة آية 74]

قلت : فهل تجد في كتاب الله : ( لس الخبر كالعيان )؟

قال : في قوله تعالى :

{ قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي } [ سورة البقرة آية260].

قلت : فهل تجد ( في الحركات / البركات ) ؟

قال : في قوله تعالى :

{ ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة } [ سورة النساء آية 100]

قلت : فهل تجد ( كما تدين تدان ) ؟

قال : في قوله تعالى :

{ من يعمل سوءا يجز به } [ سورة النساء آية 123]

قلت : فهل تجد فيه قولهم : ( حين تقلي تدري ) ؟

قال :

{ وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا } [ سورة الفرقان آية 42]

قلت : فهل تجد فيه : ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ) ؟

قال :

{ هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل } [ سورة يوسف آية 64]

* قلت : فهل تجد فيه : ( من أعان ظالما سلط عليه ) ؟

قال :

{ كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير } [سورة الحج آية 4]

قلت : قلت فهل تجد فيه : ( لا تلد الحية إلا حية ) ؟

قال : في قوله تعالى :

{ ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا } [ سورة نوح آية 27]

قلت : فهل تجد فيه : ( للحيطان آذان ) ؟

قال : في قوله تعالى :

{ وفيكم سماعون لهم } [ سورة التوبة آية 47]

إلى غير ذلك مما نقله السيوطي في الإتقان .

* وأرى أن النوع الثالث ليس داخلا في الأمثال على أي صورة من الصور . . لخلوه من وجه المشابهة بين الممثل والممثل له .

* وهو مخالف في حقيقته المثل ومفهومه في اللغة وما ذكره السيوطي وغيره عن الحسين بن الفضل ضرب من تدريب القريحة على استخراج النظائر القرآنية لبعض ما تمثل به العرب في عصورهم المختلفة من الأقوال الحكيمة التي أوجزت حادثة من الحوادث . . أو دلت على معنى من المعاني المعقولة .

* وأما النوع الثاني فهو من قبيل التشبيهات الضمنية التي تؤكد المعاني . . وتبرزها إبرازا يجعلها متميزة في النفس أكمل تمييز . . أو هو من قبيل الكنايات التي تأتي بالمعنى مصحوبا بدليله . . فتجري مجرى الحكم .

* وهو كثير في القرآن الكريم لا يكاد ينحصر.
والمقصود هنا النوع الأول . . إذ هو المراد عند الإطلاق . . ويأتي النوع الثاني تبعا له . . ويدخل في سياقه ضمنا على وجه من وجوه التشبيه
.............................................................................
أقسام المثل الصريح
وقد قسم العلماء الأمثال الصريحة إلى بسيط ومركب :

* أما البسيط : فهو المشتمل على تمثل شئ بشئ آخر مفرد يماثله بوجه من الوجوه . . أو بجانب من الجوانب . . كتمثيل من يحمل العلم ولا ينتفع به بالحمار الذي يحمل أسفار العلم على ظهره. . وكتمثيل الجاهل بالأعمى ، والعالم بالبصير ، وكتمثيل الجهل بالظلمات .. والعلم بالنور . . وكتمثيل من في مجلس العلم وهو لا يعي شيئا بالخشبة المستند إلى جدار . . وكتمثيل القلوب القاسية التي لا تحركها عاطفة نبيلة بالحجارة الصلدة . . وكتمثيل العلم المنزل من عند الله بالغيث الذي ينزل من السماء . . وكتمثيل العلماء الدعاة إلى الله بنجوم الهدى . . إلى غير ذلك .

* وأما التمثيل المركب : فهو التمثيل الذي يقدم على شكل لوحة تصور أكثر من مفرد .

* والمماثلة الملاحظة بين هذه الصورة وبين الممثل بها ليست مأخوذة من مفرد بعينه . . وإنما هي مأخوذة منه ومن غيره . . إما على شكل عناصر مفردة متلاقية . . وإما على شكل وحدة مركبة لا يشترط فيها التقابل الجزئي بين مفرداتها وبين مفردات ما ضرب له المثل .

* فالتمثيل المركب الآتي على شكل عناصر مفردة متلاقية يمكن أن نمثل له بما جاء في القرآن من تمثيل الإنفاق في سبيل الله بإخلاص . . بالحبة التي تزرع في أرض طيبة مباركة فتنبت سبع سنابل . . في كل سنبلة مائة حبة . . فلوحة التمثيل هنا تشتمل على حب وزرع ونبات خصيب . . وسنابل سبع لكل حبة ، ومائة حبة في كل سنبلة . وإذا حللنا العناصر في هذا المثل أمكننا أن نرجعه إلى عدة أمثال بسيطة . . فالبذل يشبه عملية الزرع وتنمية الله له يشبه النبت الجيد . . ومضاعفة الأجر تشبه تكاثر السنابل من الحبة الواحدة . . وتكاثر الحب في كل سنبلة . . وروعة هذا التمثيل تأتي من الدقة في تلاقي العناصر وتناسقها في اللوحة التمثيلية. . ومماثلة كل عنصر فيها لعنصر مما ضرب له المثل .

* والتمثيل المركب الآتي على شكل وحدة مركبة متداخلة دون اشتراط التقابل بين مفرداتها وبين مفردات ما ضرب له المثل. . يمكن أن نمثل له بما جاء في القرآن الكريم من تمثيل المنافق الحائر المتردد بين الخوف والطمع . . وبين الإيمان والكفر . . وبين شهوات النفس المسيطرة على ساحتها . . وومضات الضمير بالذي استوقد نارا في ليل مظلم . . ليرى طريقه . . فلما أضاءت النار ما حوله . . وانكشفت عنه الظلمات . . انطمس بصره بسبب منه .. فانحجب عن إدراك النور الذي حوله . . فعاد إلى ظلمة قاتمة كان هو السبب فيها . . هذا إذا ارتد بنفاقه ردة نهائية عن إدراك الحق والإيمان به . . فاللوحة التمثيلية بجملتها تمثل حالته دون اشتراط التقابل الجزئي بين مفردات المثل . . ومفردات ما ضرب له المثل.

* وأما إذا ظل المنافق متأرجحا بين الإيمان والكفر . . وهو إلى الكفر أقرب . . فيمكن أن نطبق عليه المثل الثاني الذي جاء في القرآن للمنافق . . وهو مثل الذي يمشي في الظلمات فنزل عليه صيب من السماء . . مصحوب برعد وبرق . . فإذا سمع الرعد الشديد جعل أصابعه في أذنه من شدة الصواعق حذر الموت . . فإذا لمع البرق فأضاء له طريقه مشى فيه قليلا . . ثم إذا عاد الظلام وقف مكانه لا يسير في طريق الهدى .

* إن هذا الصنف من المنافقين لم يفقد القدرة على رؤية طريق الهداية . . ولا على سماع إنذارات الجزاء العادل . . لكنه حائر تتجاذبه المتناقضات .

* فلوحة المثل بجملتها تمثل صورة هذا الصنف المنافق . . المتردد . . المتذبذب. . الحائر. . الذي تتجاذبه المتناقضات . . وهو قادر على أن يسمع الإنذارات التي تهز قلبه . . ولكنه يعرض عنها . . وحين يتلامع له نور الهداية الذي يكاد يخطف بصره لقوته يتأثر به . . فيسير قليلا في هدايته . . ثم تغلبه نوازع نفسه . . فتعود به إلى ظلمات الكفر . . وإذا تمثل لوحة المثل هنا بجملتها هذا الصنف من المنافقين . . فقد يبدو من العسير علينا أن نجري تقابلا جزيئيا بين عناصر المثل وعناصر ما ضرب له المثل .

* وهذا النوع من التشبيه يسمى تشبيه هيئة بهيئة .
......................................................................
خصائص الأمثال القرآنية
الذي يمتع بصره ويعمل فكره ، ويتتبع الأمثال القرآنية : يستطيع أن يكتشف الخصائص التالية لها :

الأولى :

دقة التصوير مع إبراز العناصر المهمة من الصورة التمثيلية

الثانية :

التصوير المتحرك الحي الناطق . . ذو الأبعاد المكانية والزمانية . . والذي تبرز فيه المشاعر النفسية والوجدانية والحركات الفكرية للعناصر الحية في الصورة .

الثالثة :

صدق المماثلة بين الممثل والممثل له .

الرابعة :

التنويع في عرض الأمثال . . مرة بالتشبيه . . ومرة بالعرض المفاجئ. . وبالتمثيل البسيط . . وأخرى بالتمثيل المركب الذي يطابق كل جزء منه جزءا من الممثل له . . وأخرى بالتمثيل المركب الذي ينزع منه وجه الشبه بنظرة كلية عامة . . وغير ذلك من فنون القول وأساليبه.

الخامسة :

البناء على المثل والحكم عليه كأنه عين المثل له . . على اعتبار أن الممثل قد كان وسيلة لإحضار صورة الممثل له في ذهن المخاطب ونفسه . . وإذا حضرت صورة الممثل له ولو تقديرا . . فالبيان البليغ يستدعي تجاوز المثل .. ومتابعة الكلام عن الممثل له . . وتسقط صورة المثل لتبرز القضايا المقصودة .

السادسة :

كثيرا ما يحذف من المثل القرآني مقاطع من الصورة التمثيلية اعتمادا على ذكاء أهل الاستنباط . . إذ باستطاعتهم أن يتصوروا في أذهانهم كامل الصورة ويتموا ما حذف منها .

* وهنا يجدر توضيح ما قد يخفى على بعض القراء فهمه بمثال : قال تعالى : { يهدي الله لنوره من يشاء } . . [ سورة النور آية 35] . . بعد ضرب المثل لنوره في قلب عبده المؤمن يدل على الخاصية الخامسة . . ففيه يظهر البناء على المثل والحكم عليه كأنه عين الممثل له . . على اعتبار أن المثل كان وسيلة لإحضار صورة الممثل في ذهن المخاطب ونفسه .

* فلما طويت صورة المثل برزت توابع المثل له فجأة . . وكأن معنى التمثيل تلاشى . . وظهرت حقيقة الممثل له ظهورا تاما. . فحسن استغلال المشاعر النفسية لترتيب النتيجة المقصودة بالذات. . فمن استجاب لدعوة الإيمان . . وتدبر آيات الله بصدق . . وكان من طلاب المعرفة . . ظهرت له أنواع المعرفة الربانية من كتابه.

* وقال الله تعالى في سورة النور : { والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب ، أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ، ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور } . . [ سورة النور الآيات 39 ـ 40 ] .

* ففي هذين المثلين يظهر لنا صدق المماثلة بين الممثل والممثل له . . ويظهر لنا أيضا عنصر البناء على المثل والحكم عليه كأنه عين الممثل له . . على اعتبار أن المثل كان وسيلة لإحضار صورة الممثل له في ذهن المخاطب ونفسه . . وإذا حضرت صورة الممثل له حسن طي المثل .

* وهذا ما نلاحظه في قوله تعالى : { ووجد الله عنده فوفاه حسابه } بعد قوله تعالى : { كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا } .

* فالنص ينتقل بشكل مفاجئ من المثل إلى الممثل له . ويأتي ترتيب النتيجة المقصودة على المثل كأنه عيرن الممثل له .

* ويظهر لنا أيضا من الخصائص حذف مقاطع من الصورة التمثيلية اعتمادا على ذكاء أهل الاستنباط . . وكذلك حذف مقاطع من الممثل له .

* ونلاحظ ما ذكر من الخصائص أيضا في قوله تعالى : {ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور } حيث طوى صورة المثل وبنى عليها حكمه فيمن ضرب لهم المثل . . مع حذف ما يستطيع العقل استنباطه من خلال هذا المثل .

* فمن لم يستنر بنور الهداية الربانية . . فلا جرم أن يتيه في الظلمات . . ويضل ضلالا بعيدا . . ويخيب مسعاه هذا . . وتبقى لا محالة بعض الخصائص مجهولة لدينا . . لأن القرآن الكريم كون واسع فسيح . . لا يدرك مداه . . ولا يحيط بمعانيه وخصائصه ودقائقه إلا الله تعالى
...............................................................................
فوائد الأمثال
1ـ الأمثال تبرز المعقول في صورة المحسوس الذي يلمسه الناس ، فيتقبله العقل لأن المعاني المعقولة لا تستقر في الذهن إلا إذا صيغت في صورة حسية قريبة الفهم ، كما ضرب الله مثلا لحال المنفق رياء ، حيث لا يحصل من إنفاقه على شئ من الثواب ، فقال تعالى : { فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شئ مما كسبوا } [ البقرة 264]

2ـ وتكشف الأمثال عن الحقائق ، وتعرض الغائب في معرض الحاضر ، كقوله تعالى : { الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس } [ البقرة 275]

3ـ وتجمع الأمثال المعنى الرائع في عبارة موجزة كالأمثال الكامنة والأمثال المرسلة في الآيات الآنفة الذكر .

4ـ ويضرب المثل للترغيب في الممثل حيث يكون الممثل به مما ترغب فيه النفوس ، كما ضرب الله مثلا لحال المنفق في سبيل الله حيث يعود عليه الإنفاق بخير كثير ، فقال تعالى : { مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم } [ البقرة 261]

5ـ ويضرب المثل للتنفير حيث يكون الممثل به مما تكرهه النفوس ، كقوله تعالى في النهي عن الغيبة{ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه}[ الحجرات12]

6ـ ويضرب المثل لمدح الممثل كقوله تعالى في الصحابة { ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيط بهم الكفار } [الفتح29] وكذلك حال الصحابة فإنهم كانوا في بدء الأمر قليلا ، ثم أخذوا في النمو حتى استحكم أمرهم . وامتلأت القلوب إعجابا بعظمتهم .

7ـ ويضرب المثل حيث يكون للممثل به صفة يستقبحها الناس ، كما ضرب الله مثلا لحال من آتاه الله كتابه، فتنكب الطريق عن العمل به ، وانحدر في الدنايا منغمسا . فقال تعالى : { واتل عليهم نبأ الذي أتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ، ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا } [ الأعراف 174 ـ 175 ].

8ـ والأمثال أوقع في النفس ، وأبلغ في الوعظ ، وأقوى في الزجر ، وأقوم في الإقناع ، وقد أكثر الله تعالى الأمثال في القرآن للتذكرة والعبرة ، قال تعالى : { ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون } [ الزمر 27] وقال : { وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون } [ العنكبوت 43] وضربها النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه ، واستعان بها الداعون إلى الله في كل عصر لنصرة الحق وإقامة الحجة ، ويستعين بها المربون ، ويتخذونها من وسائل الإيضاح والتشويق ، ووسائل التربية في الترغيب أو التنفير ، في المدح أو الذم
...............................................................................
ضرب الأمثال بالقرآن
جرت عادة أهل الأدب أن يسوقوا الأمثلة في مواطن تشبه الأحوال التي قيلت فيها ، وإذا صح هذا في أقوال الناس التي جرت مجرى المثل ، فإن العلماء يكرهون ضرب الأمثال بالقرآن ، ولا يرون أن يتلو الإنسان آية من آيات الأمثال في كتاب الله عند شئ يعرض من أمور الدنيا ، حفاظا على روعة القرآن ، ومكانته في نفوس المؤمنين قال أبو عبيد : " وكذلك الرجل يريد لقاء صاحبه أو يهم بحاجته ، فيأتيه من غير طلب فيقول كالمازح {جئت على قدر يا موسى }[ طه 40] فهذا من الاستخفاف بالقرآن ، ومنه قول ابن شهاب الزهري : لا تناظر بكتاب الله ولا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال أبو عبيد : يقول : لا تجعل لهما نظيرا من القول ولا الفعل
 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ