الخميس، 15 مارس 2012

موسوعة الفقه : باب الأضحية


الأضحية

تعريفها:
الاضحية والضحية اسم لما يذبح من الإبل والبقر والغنم يوم النحر وأيام التشريق تقربا إلى الله تعالى.

.مشروعيتها:
وقد شرع الله الاضحية بقوله سبحانه: {إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الابتر}.
وقوله: {والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير}.
والنحر هنا هو ذبح الاضحية.
وثبت أن النبي، صلى الله عليه وسلم، ضحى وضحى المسلمون وأجمعوا على ذلك.

.فضلها:
روى الترمذي عن عائشة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظللافها، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفسا».
حكمها: الاضحية سنة مؤكدة، ويكره تركها مع القدرة عليها لحديث أنس الذي رواه البخاري ومسلم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، ضحى بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبر.
وروى مسلم عن أم سلمة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره».
فقوله أراد أن يضحي دليل على السنة لا على الوجوب.
وروي عن أبي بكر وعمر أنهما كانا لا يضحيان عن أهلهما، مخافة أن يرى ذلك واجبا.

.متى تجب:
ولا تجب إلا بأحد أمرين:
1- أن ينذرها لقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه» وحتى لو مات الناذر فإنه تجوز النيابة فيما عينه بنذره قبل موته.
2- أن يقول: هذه لله، أو: هذه أضحية.
وعند مالك إذا اشتراها نيته الاضحية وجبت.

.حكمتها:
والاضحية شرعها الله إحياء لذكرى إبراهيم وتوسعة على الناس يوم العيد، كما قال الرسول، صلى الله عليه وسلم: إنما هي أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل.

.مم تكون:
ولا تكون إلا من الإبل والبقر والغنم، ولا تجزئ من غير هذه الثلاثة يقول الله سبحانه: {ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الانعام} ويجزئ من الضأن ما له نصف سنة، ومن المعز ما له سنة، ومن البقر ما له سنتان، ومن الإبل ما له خمس سنين، يستوي في ذلك الذكر والأنثى.
1- روى أحمد والترمذي عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «نعمت الاضحية الجذع من الضأن».
2- وقال عقبة بن عامر: قلت يا رسول الله، أصابني جذع قال: ضح به. رواه البخاري ومسلم.
3- وروى مسلم عن جابر أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا تذبحوا إلا مسنة، فإن تعسر عليكم فاذبحوا جدعة من الضأن».
والمسنة الكبيرة هي من الإبل ما لها خمس سنين، ومن البقر ما له سنتان.
ومن المعز ما له سنة، ومن الضأن ما له سنة وستة أشهر، على الخلاف المذكور من الائمة وتسمى المسنة بالثنية.

.الأضحية بالخصي:
ولا بأس بالاضحية بالخصي.
روى أحمد عن أبي رافع قال: ضحى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بكبشين أملحين موجوءين خصيين، ولان لحمه أطيب وألذ.

.ما لا يجوز أن يضحى به:
ومن شروط الأضحية السلامة من العيوب، فلا تجوز الاضحية بالمعيبة مثل:
1- المريضة البين مرضها
2- العوراء البين عورها
3- العرجاء البين ظلعها
4- العجفاء التي لا تنقي رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
5- العضباء التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أربعة لا تجزئ في الاضاحي: العوراء البين عورها والمريضة البين مرضها والعرجاء البين ظلعها والعجفاء التي لا تنقي».
ويلحق بهذه:
الهتماء والعصماء والعمياء والتولاء والجرباء التي كثر جربها.
ولا بأس بالعجماء والبتراء والحامل وما خلق بغير أذن أو ذهب نصف أذنه أو أليته والاصح عند الشافعية لا تجزئ مقطوعة الالية والضرع لفوات جزء مأكول وكذا مقطوعة الذنب.
قال الشافعي: لا نحفظ عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في الاسنان شيئا.
وقت الذبح: ويشترط في الاضحية ألا تذبح إلا بعد طلوع الشمس من يوم العيد ويمر من الوقت قدر ما يصلى العيد، ويصح ذبحها بعد ذلك في أي يوم من الايام الثلاثة في ليل أو نهار، ويخرج الوقت بانقضاء هذه الايام.
فعن البراء، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل فإنما هو لحم قدمه لاهله ليس من النسك في شئ».
وقال أبو بردة: خطبنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم النحر فقال: «من صلى صلاتنا ووجه قبلتنا ونسك نسكنا فلا يذبح حتى يصلي، روى الشيخان عن الرسول صلى الله عليه وسلم: من ذبح قبل الصلاة، فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة والخطبتين فقد أتم نسكه وأصاب سنة المسلمين».

.كفاية أضحية واحدة عن البيت الواحد:
إذا ضحى الإنسان بشاة من الضأن أو المعز أجزأت عنه وعن أهل بيته فقد كان الرجل من الصحابة، رضي الله عنهم، يضحي بالشاة عن نفسه وعن أهل بيته، فهي سنة كفاية.
روى ابن ماجه والترمذي وصححه أن أبا أيوب قال: «كان الرجل في عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار كما ترى».

.جواز المشاركة في الأضحية:
تجوز المشاركة في الاضحية إذا كانت من الإبل أو البقر، وتجزئ البقرة أو الجمل عن سبعة أشخاص إذا كانوا قاصدين الاضحية والتقرب إلى الله، فعن جابر قال: «نحرنا مع النبي، صلى الله عليه وسلم، بالحديبية البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة» رواه مسلم وأبو داود والترمذي.

.توزيع لحم الأضحية:
يسن للمضحي أن يأكل من أضحيته ويهدي الاقارب ويتصدق منها على الفقراء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلوا وأطعموا وادخروا» وقد قال العلماء: الافضل أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويدخر الثلث.
ويجوز نقلها ولو إلى بلد آخر، ولا يجوز بيعها ولا بيع جلدها ولا يعطى الجزار من لحمها شيئا كأجر، وله أن يكافئه نظير عمله وإنما يتصدق به المضحي أو يتخذ منه ما ينتفع به.
وعند أبي حنيفة أنه يجوز بيع جلدها ويتصدق بثمنه وأن يشتري بعينه ما ينتفع به في البيت.

.المضحي يذبح بنفسه:
يسن لمن يحسن الذبح أن يذبح أضحيته بيده ويقول: بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عن فلان - ويسمي نفسه - فإن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ذبح كبشا وقال: «بسم الله والله أكبر، اللهم هذا عني وعن من لم يضح من أمتي» رواه أبو داود والترمذي.
فإن كان لا يحسن الذبح فليشهده ويحضره، فإن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال لفاطمة: يا فاطمة، قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك عند أول قطرة من دمها كل ذنب عملته، وقولي: {إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}.
فقال أحد الصحابة: يا رسول الله، هذا لك ولاهل بيتك خاصة أو للمسلمين عامة؟ قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: بل للمسلمين عامة.