الأحد، 25 مارس 2012

موسوعة العقيدة - أسماء الله الحسنى : المبين


المبين


الله جلّ جلاله يقول في سورة الرحمن:
﴿الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)﴾
(سورة الرحمن)
 البيان هو الإفْصاح والتعبير والكشف والإبانة والتوضيح وورد في الأثر أنَّ البيان يطرد الشيطان ؛ وضِّح بيِّن فصِّل ونَوِّه واشْرح ائت بالدليل.
 لذلك فإن النبي عليه الصلاة والسلام حينما كان مع زوْجتِه صَفِيَّة مرّ صحابِيان جليلان به في الطريق فقال: على رِسْلِكما هذه زوْجَتي صَفِيَّة قالوا: أَفيك نشُكّ يا رسول الله ؟ قال لئلا يدْخل الشيطان عليكما فإنَّ الشيطان يَجْري في الإنسان مجْرى الدم ؛ البيان يطْرد الشيطان وأنا أعرِف أُناساً كثيرين تجد أحدهم أكثر مُشكلَتِهِ في صمْتِهِ يسْكت ولا يُوَضِّح قد يكون بريئاً وطاهِراً وسليم الصدر حسَنَ النِيَّة لكنّ صمْتَهُ الدائم هو الذي يُثير حوْله الشبهات ؛ وضِّح، بيِّن، هذه زوْجَتي صَفِيَّة أفيك نشُك يا رسول الله ؟ قال: لا لئلا يدْخل عليكما الشيطان فإنّ الشيطان يجْري من ابن آدم مجْرى الدم.
 البيان هو الإظْهار إظْهار المقْصود بِأَبلْغ لفظ وهو الفهْم وذكاء القلب بل إنّ صِفَة البيان من امْتِنان الله عز وجل على الإنسان ومن أَخَصِّ خصائص الإنسان البيان والقُدْرة عن التعبير، والتعبير عن الأفكار وعن التصَوُّرات والمشاعر وعن العواطِف، والتعبير عن الحاجات وعن الطموحات وكلُّ ما يَعْتلج في نفْس الإنسان من أفْكار وتصَوُّرات وأهْداف وطُموحات وآلام ومن مشاعر وعواطِف وخواطِر يمكِن أنْ يُعَبِّر عنها فالبيان من أخصِّ خصائص الإنسان فَيُمْكِن أنْ يُعَبِّر عنها بِلِسانِه ويُمْكن أنْ يُعَبِّر عنها بِقَلَمِهِ ويُمْكن أنْ يُصْغي إليها بِأُذُنِهِ ويُمكن أنْ يفْهَمَها بِعقلهِ فإذا كان الكلام إلْقاءً وتَلَقِياً بقِيَ محْصوراً في المُتعاصِرين أما إذا كُتِب وقُرِئ انْتَقَل من جيلٍ إلى جيلٍ ومن أمَّةٍ إلى أمَّة ومن قارَّةٍ إلى قارّة لِذلك قال تعالى:
﴿الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4) ﴾
 ثمانِيَةٌ وعِشْرون حرْفاً يُمْكن أنْ يُصْنع منها بلايين الكَلِمات وملايين وملايين الأفكار والمشاعر والمقولات.
 من أسْماء الله الحُسنى المبين واللغة تذكر أنَّ البَيِّنة هي الدلالة الواضِحة قال تعالى:
﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1)﴾
(سورة البيّنة)
 هذه الآية إشارةٌ إلى مجيء سيدنا عيسى عليه وعلى نبِيِّنا أفْضل الصلاة والسلام ؛ البَيِّنة الدلالة الواضِحة عَقْلِيَةً كانت أم محْسوسة وفِطْرِيَّةً كانت أم واقِعِيَة، كلُّكم يعْلم أنّ هناك دليلٌ فطْري ودليل عَقْلي ودليل نقْلي ودليل واقِعي وكنت أُكثر الحديث حول هذه الفِكرة.
 الحق دائرة يتقاطع بها خط النقل مع خط العَقْل مع خط الفِطرة وخط الواقِع، الحق الذي ينْبغي أن تعتقِد به جاء بِهِ النقْل الصحيح وأيَّدَهُ العقْل الصريح واطْمَأنَّتْ إليه الفِطرة السليمة وأكَّدَهُ الواقِع المَوضوعي ؛ الحق الذي ينْبغي أنْ تعْتَقِده وتؤمن به وأن تُدافِع عنه وأن تُفْنِيَ شبابك من أجْلِهِ وأنْ تسْتَهْلِك عمرك الثمين في سبيلِهِ ؛ هو الذي جاء بِهِ النقل الصحيح وأَقَرَّهُ العقْل الصريح السليم واْطمَأنَّت إليه الفِطرة السليمة وأكَّدَه الواقِع الموضوعي والحق هو الله والله من أسْمائِه الحق الله جل جلاله خلق الكوْن فالكون خلقُهُ وأنزل القرآن والقرآن كلامه وجبل النفوس جِبِلَّةً خاصَّة فالفِطرة ما جبلنا عليه، والعمل مِقْياسُهُ أوْدعَهُ في الإنسان وخلق الواقِع على نِظامٍ دقيق فالواقع خلقه والقرآن كلامه والعقل أداةٌ أودعه فينا والفِطرة جِبِلَّة جُبِلْنا عليها فالحق هو الذي يأْتي به النقل الصحيح مع العقل الصريح مع الفِطرة السليمة مع الواقع الموْضوعي.
 أيها الإخوة الكرام، سُمِّيَ الكلام بياناً لأنه يكْشِف عن المعنى المقْصود ؛ مثلاً طِفْلٌ صغير دخل في جِسْمِهِ من قِماطِهِ دبوس بكى بُكاءً مُراً فحار أهْلُهُ في سبب البكاء ساعاتٍ طويلة أطْعموه فَلَم يقْبل وسَقَوْهُ فلم يقبل وحملوه فلم يسكت ؛ لو قال: إنَّ في جِسْمي دبوس انْزعه مني انتهى الأمر عِوَض أربع ساعاتٍ من البكاء لكن الطِفل الصغير لا يُبين ولا يسْتطيع أنْ يُعَبِّر عن حاجاتِهِ إلا بِالبُكاء والبُكاء لغةٌ ضبابِيَّة عامّة فهو يبْكي يا ترى جائِع أو عطْشان أو مُتَألِّم أو مَغْص هضمي لا ندْري ؛ فالبيان من أخص خصائص الإنسان.
 وقال بعضهم التِّبْيان هو الكشْف والإيضاح والتبْيين والتثَبّت وقد وردت مادة البيان والإبانة في مواطن من القرآن الكريم قال تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ(159)﴾
(سورة البقرة)
 الإنسان أحْياناً يتوَهَّم جهْلاً أو تجاهُلاً أو تقْصيراً في البحْث العِلمي أو غباءً يتَوَهَّم أنّ الدين لا يقوم على شيء بل إنَّ كلّ شيءٍ سِوى الدين لا يقوم على شيء ؛ لَسْتم على شيء ولسْتم على حقيقة ولا على بيِّنة ولسْتم على دليل ولا على برهان، من أخصِّ خصائص الإنسان أنَّهُ يمْلك الحجة البالِغة والدليل القاطِع ويتحرَّك وِفْقَ مبادئ ويتَّجِهُ نحوَ أهداف ثابتة ولا يُمكن أنْ يُفاجأ المسلم في وقْتٍ من الأوقات أنه اعْتَقَد خطأً ما دامت عقيدتُهُ مُسْتَمَدَّةً من كِتاب الله وسُنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال تعالى:
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاعِنُونَ﴾
 يقولون لكم أحْياناً: إنَّ فلاناً إيمانُهُ في قلْبِهِ ولا يسْتطيع أنْ يجْهر بِهِ؛ ما قيمة هذا الإيمان إذا بَقِيَ على شاكِلَةِ أُناسٍ مُتَفَلِّتين ؟ وقال أنا إيماني في قلبي ! هذا كلام غير مقْبول والإيمان إذا اسْتَقَرّ في القلب حقيقةً لابد أنْ يُعبّر عن وُجودِهِ بِكلامٍ ينْطِقُهُ أو بِسُلوكٍ يسْلُكُهُ أو بِدَعوةٍ ينْشُرها أو بِعَملٍ يُمارِسُهُ أو بِصداقَةٍ يُنْشئها أو بِخبر يفْعَلُهُ وعلامة الإيمان التحرّك والإيمان حركة ولا يوجد مؤمن سكوني وباقٍ في بيْتِهِ ومؤمن لا يتدخَّلُ في شيء ولا هناك مؤمن لا يتمنى هِداية الخلْق ولا يبْحث عن طريقةٍ يُعَرِّف الناس بِرَبِّهِم لذلك ما إنْ تسْتَقِرّ حقيقة الإيمان في قلْب المؤمن حتى يُعَبِّر عن إيمانِهِ بِحَرَكة وبِدَعْوةٍ وكلام ونُصْح وأمْرٍ ونهْيٍ وإعْطاء وبِمَنْعٍ وبِصِلة وبِقَطيعَةٍ وولاءٍ وبراءٍ فلا بد من حركة قال تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(72)﴾
(سورة الأنفال)
 لذلك أنْ تَكْتُم علْما ولا تُبيِّنُهُ وقَعْت في كبيرةٍ من الكبائر ؛ كِتْمان العِلْم أمر خطير، لذلك ربنا عز وجل وصَفَ دُعاتِهُ الصادقين بِصِفَةٍ واحدة وهذه الصِّفة تُغْني عن آلاف الصِّفات ؛ الداعِيَة الصادِق لا يخْشى إلا الله فَلَو خَشِيَ أحداً غير الله لَتَكَلَّم بالباطِل إرْضاءً لِمن يخافُهُ ولَسَكَت عن الحق خوْفاً ممن يخافُهُ فإذا تكلَّم بالباطِل وسكَتَ عن الحق ماذا بقِيَ من دعْوَتِهِ إلى الله تعالى قال تعالى:
﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً (39)﴾
(سورة الأحزاب)
 أذكر مرّةً أني قرَأتُ حدثاً واحداً لكِنَّهُ مُعبِّر ؛ وذو دلالة بالغة، والي البصْرة جاءَهُ كِتابٌ من يزيد يَأْمُرُه بشيءٍ لا يُرْضي الله عز وجل وكان عنده الإمام الحسن البصْري من الأئمّة الأعلام ومن التابِعين ووقع هذا الوالي في حَيْرة أَيُنَفِّذ أمْر يزيد ويُغْضِب الله عز وجل ؟ أم يرفُض أمْر يزيد فَيرضي الله ويُغْضِب يزيد ؟ ولعَلَّهُ يخْلَعُهُ من عمَلَهَ فاسْتشار الإمام الحسن البْصري قال هذا الإمام كلِمَةً تُكْتَبُ بماء الذهب قال: إنَّ الله يمْنَعُك من يزيد ولكِنّ يزيد لا يمْنعك من الله، وفي الحديث الصحيح:
((عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ عَلِمَهُ ثُمَّ كَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ ))
[ رواه الترمذي]
 لكن بِالمقابل لو سُئلْت عن شيءٍ وأنت لا تعْلَمُهُ قل: لا أدْري بِمِلء فمِك ولا تسْتحي لأنّ نِصْف العِلم لا أدْري والإمام أحْمد كما ذكرْت لكم جاءَهُ ثلاثون سؤالاً من وَفْدٍ جاءَه من أقْصى المغرب لعلّ هذا الوفْد أمْضى أشْهُراً ثلاثة في السفر أجاب عن سبْعة عشرَ سؤالاً ولم يُجِب عن الأسْئِلة الباقِيَة فلما قيل له: والباقِيَة قال: لا أعْلم، قالوا له: الإمام أحْمد لا يعْلم قال قولوا: لِمن أرْسَلَكم الإمام أحْمد لا يعْلم ؛ كُنْ مَوْضوعِياً فهذا النبي عليه الصلاة والسلام حينما كان يُسْأل عن أمر أو مسألة لم ينزل عليه الوحي فيه لا يُجيب وهو سيِّد العلماء وسيِّد الخلق، من سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ عَلِمَهُ ثُمَّ كَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ.
 لذلك قال العلماء: " أمانة الأنبياء أمانة التبْليغ أما أمانة العلماء أمانة التبْيين فالأنبِياء أمانتُهم تبْليغ والعلماء أمانتُهم تبْيين ".
 وفي الآية الكريمة قال تعالى:
﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(185)﴾
(سورة البقرة)
 بيٍّنات كما قال عليه الصلاة والسلام:
(( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو السُّلَمِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ الْعِرْبَاضَ بْنَ سَارِيَةَ قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا قَالَ قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلا هَالِكٌ وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ فَسَيَرَى اخْتِلافًا كَثِيرًا فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الأَنِفِ حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ ))
[ رواه أحمد]
 فَلِلمؤمن ميزة قد يغْفَل عنها أنت معك الحق وأنت معك الدليل والحجَّةُ القاطِعة وأنت معك نورٌ من الله وتقْرأ الوحي الذي أُنْزِل على النبي عليه الصلاة والسلام والوَحْي نِداء السماء إلى الأرض، فأنت حينما تجْلِس إلى آلَةٍ بالِغة التعْقيد وتُحاوِل أنْ تفهمها من خلال تحْريك الأزرار قد تُعْطِبُها وقد لا تفْهم حقيقة عمَلِها ولا طريقة اسْتِعْمالِها ولا طريقة إيقافِها ولا طريقة صِيانَتِها، وقد تسْأل فَتَأتيك أجْوِبَةٌ مُتناقِضة وقد تأتيك التعْليمات فلا تفْهَمُها وقد تسْأل من عنده مثل هذه الآلة ويَغْفَل عن بعض حركاتِها أما إذا جلسْت إلى مُختَرِعِها وصانِعِها وسأَلْتَهُ فجوابه صحيح، حقٌ مئة بالمئة.
 لذلك هناك علوم تجْريبية وعلوم دينِيَّة أصْلُها الوحي فالوَحْيُ قطْعِيٌ في صِحَّتِه لأنه من عند الله عز وجل ولا يُنَبِّئك مثل خبير، أحد الأطِباء وهو من العلماء اسْتَنْبَط من حديث رسول اله صلى الله عليه وسلّم أنَّ للإنْسان أنْ يشْرب ما شاء مع الطعام من قوْل النبي عليه الصلاة والسلام:
(( مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ حَسْبُ الآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإِنْ غَلَبَتِ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ))
[ رواه ابن ماجة ]
 وبَقِيَ هذا الطبيب وهو أستاذ جامِعِيّ يُؤكِّد لِطُلابِهِ خِلال عِشْرين عاماً أنَّهُ لا مانِع من شُرْب الماء مع الطعام بِالقدْر الذي تريد بيْنما بقِيَّة الأطِباء يُرَدِّدون نظرِيَّة درسوها في الجامِعات الغَرْبِيَّة من أنّ شرب الماء مع الطعام يُمَدِّد العُصارات الهاضِمة ويُضْعِفُ الهضْم فلا بد من أنْ تنْتظر ساعاتٍ ثلاث حتى تشْرب من الماء ما تشاء وهذا الأسْتاذ الذي اسْتَنبط من حديث رسول الله هذه الحقيقة يُدافع عن رأْيِهِ بِشَكْلٍ مُخْتَصَر.
 النبي لا ينْطِق عن الهَوى إن هو إلا وحْيٌ يوحى والنبي ينْطِق عن الوَحي والله الخبير إلى أنْ ثبَتَ علْمِياً قبل سنَةٍ ونَيِّف وقد نُشِر هذا في مجلّة أبْحاث عِلْمِيَّة مرموقة جداً أنَّ شُرب الماء مع الطعام يُعين على الهضْم مهما أكْثرت من شُرب الماء لأنَّهُ يحُثّ العُصارات الهاضِمة على الإفْراز وأنّ الطعام إذا تخَلَّلَهُ الماء أمْكن للعُصارات الهاضِمة أنْ تتَغَلْغَلَ في كلِّ أنْحائِهِ وأنْ تُعين على هَضْمِهِ فالأصْل هو الوَحي فَكُّل شيءٍ يُخالِف الوَحي فيهِ خطأٌ ؛ بَدَتْ لك حقيقَتُهُ أو لم تبْدُ ؛ المؤمن يُصَدِّق الله عز وجل.
 قال تعالى:
﴿وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آَيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(118)﴾
(سورة البقرة)
 المُشْكِلة حلقة مُفْرغة فالجاهِل ينتَظِر أنْ يَهْدِيَهُ الله وأنْ تأْتِيَهُ مُعْجِزة وأنْ يرى الله جهْرةً وأنْ يرى كِتاباً أُنْزِل من السماء وأنْ يرْجِع ميِّتٌ من قبْرِهِ فَيُحَدِّثه:
﴿ وَقَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْلا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾
 بيَّناها وانتهى الأمر والكَون كلُّه ينْطِق بِعَظَمة الله وبِوَحْدانِيَة الله وبِكمال الله والقرآن كلُّه ينطق أنَّه كلام الله من خلال إعْجازِهِ والقرآن ينْطِق أنّ هذا الذي جاءَهُ الكِتابٌ هو رسول من عند الله فالله بيَّنَ وانتهى قال تعالى:
﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآَخِرَةَ وَالْأُولَى (13)﴾
(سورة الليل)
 فالله هدى الناس وبقِيَ أنْ تسْتَجيبوا أنْتم قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38)﴾
(سورة التوبة)
 وقال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ(24)﴾
(سورة الأنفال)
 بَقِيَ لك أنْ تسْتجيب ؛ هداك بِالكون وأعْطاك العَقْل وجَبَلَك على فِطْرةٍ سليمة وجعل الحوادث كلَّها تؤيِّد كلامه في القرآن بل إنّ حوادث الكَوْن تأويلٌ للقرآن الكريم، النقْطة الدقيقة هنا أنَّك إذا أرَدْت الهدى وجَدْتَهُ في كلِّ شيء وإذا أعْرَضْت عنه لم تجِدْهُ في أوْضَح الأشياء فَهُناك من عاش مع النبي صلى الله عليه وسلّم ؛ ألَمْ يرَ النبي وكمالَهُ ومنْطِقَهُ وأخْلاقَه ومُعْجِزاتَه ألَمْ يقْرأْ هذا الكِتاب الذي أُنزل عليه ومع ذلك لم يؤمن وقد يأتي إنْسان في آخر الزمان ولم ير النبي ولم يجْلِس إليه ولم يسْتَمِع إلى أقْوالِهِ ولم ير مُعْجِزاتِه والنورانِيات التي كانت تُشِعُّ منه صلى الله عليه وسلّم ومع ذلك يؤمن به قال تعالى:
﴿إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آَيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (97)﴾
(سورة يونس)
 والحقيقة أنَّ الإنْسان كلَّما ارْتقى يخافُ بِعَقْلِهِ وكلَّما هبط مُسْتواهُ يَخافُ بِعَيْنِهِ الحيوان يخافُ بِعَيْنِهِ والإنسان الذي أنْكر إنْسانِيَتَهُ وعطّل عقله، لا يخافُ إلا بِعَيْنِهِ والكافر متى يَفْزع ؟ حينما يأتيه ملك الملك ومتى يخاف؟ حينما يقرب أجلُهُ ومتى يضْطرب ؟ حينما تأْتيه المُصيبة أما وهو في البَحْبوحَة والرخاء لا يُبالي إطْلاقاً بهذا الحق ؛ لذلك الذي يخاف بِعَيْنِه أقلّ مرْتَبَةً من الإنسان الذي يخاف بعقله أما الذي يخاف بِعَقْلِهِ فهو الإنسان العاقِل.
 الشيء الثاني قال تعالى:
﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ(219)﴾
(سورة البقرة)
 هناك معنى دقيق جداً، أحْياناً يتناوَل الإنسان مادّة أوَّلِيَة لِيُصَنِّعَها فهو لا ينْتَفَعُ بها إلا إذا صَنَّعها فالخشب مثلاً لو اشْترى إنْسان شجرة ووضَعَها في البيت ماذا يفْعل بها ؟ إنَّ هذه الشجرة تُشْرح إلى ألواح وتصنع قِطعة أثاث يجْلِس عليها وتُطْلى بِطِلاء جميل فهناك مواد أوّلِيَّة كثيرة جداً ليْسَت لها قيمة بِذاتِها إلا إذا صُنِّعَت، وبعض النبات لا يُؤكل إلا إذا طُبِخ فهذه الآية دقيقة جداً يقول الله عز وجل:
﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾
﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)﴾
(سورة المائدة)
 يجب أنْ تتناوَلوا هذه الآيات بالدراسة وتُفَكِّروا بها كي تَعْقِلوها وتسْتَفيدوا منها وكي تكون مُتِّكَأً لكم للوُصول إلى الله عز وجل.
 إذاً عليك مُهِمَّة فالشمس مَوْجودة وكلُّ إنسان يرى الشمس ساطِعة لكنَّك مُحْتاجٌ إلى أنْ تُفَكِّر فيها بل إنَّ بعض الحيوانات حينما تميل الشمس للغُروب تتَّجِه إلى إسطبلها ؛ البقر والدواب والأنعام حينما تميل الشمس إلى الغروب تتَّجِه إلى إسطبلها معنى ذلك أنَّ الحيوان يُدْرِك أن الشمس مالَتْ للغروب أما الإنسان فعليه أنْ يُفَكِّر من خلقها ومن كوَّنَها ومن رفعها ومن جعلها مُلْتَهِبة ويدرك أنها مصْدر حراري للأرض وإنارة:
﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴾
 والله أيها الإخوة هناك بِالكَون آياتٍ لا تُعَدّ ولا تُحْصى وأَيْنما اِلْتَفَت المرء وسار واتَّجَه وجلس ونظر رأى الآيات تُحيط به من كلِّ جانِب لِذلك العِبْرَة أنْ تعكف على هذه الآيات وتُفَكِّر فيها ومن هنا قال الله عز وجل:
﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190)﴾
(سورة آل عمران)
 هناك آيةٌ تحمل العظة والدلالة واضحة جداً في سورة النِّساء، يقول الله تعالى:
﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)﴾
(سورة النساء)
 البيان الإلهي من ثمرات إرادة الله عز وجل ؛ أحْياناً الإنسان يضْرب ابْنه ولا يريد أنْ يضْرِبه وأحْياناً يتناوَلُ الدواء وكان يتمنى ألا يتناوَلَهُ فلَيْسَ كلُّ فِعْلٍ مُتوافِقٌ مع الإرادة فالإنسان يفْعل أشْياء مضْطَرَّاً لكنَّ هنا الآية دلالتها دقيقة جداً فالله يريد لِيُبَيِّن لنا ولِيُعَرِّفَنا وأنْ ينْقُلَنا من الجهْل إلى العِلم وأنْ يُخْرِجنا من الظلمات إلى النور ومن الضَّياع إلى الوِجدان ومن الضلال إلى الهدى ومن الشقاء إلى السعادة:
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾
 وقال تعالى:
﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27)﴾
(سورة النساء)
 يقول لك لِمَ لا تُصَلي يا أخي ؟ تجد الجواب إلى أنْ يَهْدِيَني الله فهذا الكلام مُضْحِك وغير عِلمي فالله عز وجل خلقَكَ لِيَهْدِيَكَ.
 الذي أراه أنّ الله سبحانه وتعالى رحْمَةً بِعِبادِه يُنَوِّعُ لهم أساليب الهدى وأوْدَعَ فيهم العُقول لِيَهْتَدوا وأوْدَعَ فيهم الفِطَر السليمة لِتَكون مِقْياساً لهم لأعْمالِهم وسَخَّر لهم السماوات والأرض لِيَكون هذا الكون مظْهراً لأسماء الله الحُسْنى وصِفاتِه الفضلى وجعل أفْعاله مُتَطابِقَةً مع أقْوالِهِ كي يحْصل الانْسِجام في الكون، فالله وعد المُرابي بِحرب قال تعالى:
﴿فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)﴾
(سورة البقرة)
 تجد دائِما وأبداً الذي يجْمع المال الحرام يُدَمَّر مالُهُ ؛ توافُقُ أفْعال الله مع كلامِهِ شيءٌ مُهِمٌّ جداً قال تعالى:
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)﴾
(سورة النحل)
 حياة المؤمن طيبة وهو شيء جميل ينوه الله تعالى إليه في القرآن وتؤكده الدِّراسة المَيْدانِيَة فإذا اجْتَمَعْت مع الشباب المؤمن تجِدُهُم حقاً يعيشون حياةً طيِّبَة قال تعالى:
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124)﴾
(سورة طه)
 لو تتبَّعْتَ أحْوال أهْل الدنيا لَوَجَدْتهم يعيشون معيشَةً ضنكا تطابق أفْعال الله مع كلامِهِ نَوْع من البيان فالكلام نظري والتطبيق عملي.
 ويقول الله عز وجل:
﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ(15)﴾
(سورة المائدة)
 كلِمَة سلام ؛ فالسلامُ مُريحٌ جداً والسلام الذي أرادَهُ الله عز وجل هو السلام الذي من أسْمائِهِ تعالى لأنّ الله جلّ جلاله أصْل كلِّ سلامٍ في الأرض والإنْسان قد يسْلم مع نفْسِهِ هو مُطْمَئِنٌ لها قال تعالى:
﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي(30)﴾
(سورة الفجر)
 والإنسان قد يكون في سلامٍ مع من حَوْله وعلاقاتِهِ واضِحة وصادِقٌ وأمين وليس بينه و بين من حوْله مشْكِلة ومُرْتاح البال وهو في سلامٍ مع من حوْله والإنسان المُطيع في سلامٍ مع ربِّه قال تعالى:
﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾
 من أسْماء الله المُبين يُبَيِّن بأَقْوالِه وأفْعالِهِ وأنوارِه وتجَلِّيه وخلْقِهِ والفِطَر والعُقول والله عز وجل يُعَلِّمنا دائِماً ومن هنا قال بعض العلماء تفْسيراً لِهذه الآية ولهم فيها وِجْهَة نظر، قال تعالى:
﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)﴾
(سورة البقرة)
 يَفْهَمها بعض المُسْلِمين على الشكل التالي: إنْ اتَّقَيْتم الله يُعَلِّمْكم فَلَو كان المعْنى هكذا لَجاء النصّ على الشكل التالي واتَّقوا الله يُعَلِّمْكم الله جواب الطَّلب أما الآية واتَّقوا الله ويُعَلِّمُكم الله ؛ يعْني لِم لا تتَّقون الله والله يُعَلِّمُكم دائِماً يُعَلِّمكم بِالوَحْيِ والعقول والفِطَر وخلْقِه وأفْعالِه وأنْوارِه آلاف الطرُق.
 وفي سورة المائدة يقول الله عز وجل:
﴿مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآَيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)﴾
(سورة المائدة)
 والحقيقة أنَّ التناقض بين ما يعْتَقِدُهُ الإنسان وبين سُلوكِهِ لا يُحْتَمَل تجد أُناساً يسْتَمِعون إلى خُطْبة في مسْجِد أو إلى كلِمة في عقْد قِران أو إلى موعِظة موْت يتأثَّرون بها فإذا انْطلقوا إلى بُيوتِهم كأنَّ شيئاً ما سَمِعوه أبداً، وهذا شيءٌ مُريع أنْ تسْمع للحق وأنْ تفْعل عكْسَهُ وأن تأتي إلى بيْت الله ويكون بيْتُك على خِلاف ما أمر الله تعالى وأنْ تطْلب العلم ولا تعْمل به وأنْ تتزَيا بِزَيِّ المسْلمين ولا تفْعل ما يفْعل المسْلمون وأن تدَّعي أنَّك مؤمن ولم تُدْرك حقيقة الإيمان ؛ فهذا هو الذي ورد في هذه الآية قال تعالى:
﴿ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمْ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ ﴾
 وفي سورة الأنعام قال تعالى:
﴿أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ﴾
(سورة الأنعام)
 شيءٌ جميلٌ جداً أنّ الله سبحانه وتعالى أنزل كِتابه على النبيِّ وفيه كلُّ الحق وفيه البيِّنات والنور والمنْهج ثم مِن العجيب جداً ألا يأخذ منا كلام الله تعالى مأْخَذَ التطبيق.
 وفي سورة الأعراف قال تعالى:
﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184)﴾
(سورة الأعراف)
 من هو المجنون ؟ هو الذي عصى الله تعالى فالمجْنون الذي نراه في الطريق ليس مجْنوناً هذا مُبْتلى بِعُصاب ذِهني أو بِمَسٍ شيْطاني لكنَّ المجنون حقيقةً هو الذي عصى الله تعالى لذلك قال تعالى:
﴿مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2)﴾
(سورة القلم)
 وقال تعالى:
﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآَتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ (28)﴾
(سورة هود)
 المؤمن على شيءٍ من الهدى والمؤمن مُنْغَمِسٌ في رحْمة الله تعالى لكنَّ هذه الرحمة عُمِّيَت عن الخلق والخلْق مادِّيون يُقَيِّمون كلَّ شيءٍ بِمِقْياسٍ مادي فأنت مهما كنت على خلقٌ عظيمٍ ومِقْياسٍ عظيم أو على معْرِفَةٍ بالله أو على إخلاصٍ شديد لا تُقَيَّم إلا من خِلال دخْلِك عند هؤلاء المادِّيين.
 وفي سورة يوسف عليه وعلى نبِيِّنا أفضل الصلاة والسلام:
﴿الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1)﴾
(سورة يوسف)
 المبين يعني: الواضِح لذلك ليس من المُناسِب أنْ تفْهم كلام الله فهماً لم يرده الله ولم يقصد إليه علماً بأن والقرآن الكريم نزل بِلُغَة العرب وبِلِسَانٍ عرَبِيٍّ مبين ؛ هناك أُناسُ المعنى الجَلِيِّ الواضِح يصْرِفون عنه النظر ويبْحثون عن معانٍ لا تُدْرَك إلا بِشِقِّ الأَنْفُس أو بِالتَكَلُّف الذي لا يُحْتَمَل لذلك من أخْطاء المُفَسِّرين أنْ تُؤول الآية لِغَير ما تُفْصِح عنه فهذه التأْويلات التي ما أنزل الله بِها من سُلْطان هي التي شَتَّتَتْ المسْلِمين وفرَّقَتْهم مع أنَّ هذا القرآن نزل بِلِسانٍ عرَبِيٍّ مُبين ؛ بعض القِراءات المُعاصِرة فَسَّرت قوْله تعالى:
﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً (46)﴾
(سورة الكهف)
 البنون البِناء ؛ هل في العالم العربي من يفْهم كلمة البنون أنها تعني البِناء ؛ المال والبنون زينة الحياة الدنيا وهذا القرآن نزل بِلُغَة العرَب فَيَنْبَغي أنْ نفْهَمَهُ وِفْق لُغَة العَرب.
 وفي سورة النحل قال تعالى:
﴿وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (64)﴾
(سورة النحل)
 هناك اخْتِلاف أساسُهُ نقْص المَعْلومات وهذا اخْتِلافٌ طبيعي والوحيُ يحْسُمُ هذا الأمر قال تعالى:
﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(213)﴾
(سورة البقرة)
 وهناك اخْتِلاف أساسُه البَغْي والحسد قال تعالى:
﴿إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ(19)﴾
(سورة آل عمران)
 الاخْتِلاف الأول طبيعي وهو الاختلاف القائم على نقص المعلومات أما الاخْتِلاف الثاني فهو قَذِر أساسُهُ الحسد والبغي والعُدْوان أما الاِخْتِلاف الثالث اخْتِلافٌ محْمود وهو التنافُس في حقْل الدين وفي دائرة الحق، وفي سورة النور قال تعالى:
﴿وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (18)﴾
(سورة النور)
 الحق واضِح لكنّ الناس في الدنيا نِيام وإذا ماتوا انْتَبَهوا وعند الموت يُكْشَف الغِطاء قال تعالى:
﴿لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)﴾
(سورة ق)
 وفي سورة النمل قال تعالى:
﴿فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79)﴾
(سورة النمل)
 أيها المؤمن لا تَخَفْ، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلّم خاطَب عدِيّ ابن حاتِم فقال له: لعلَّك يا عدِيّ إنما يمْنَعُك من دُخولٍ في هذا الدين ما ترى من كَثْرة عَدُوِّهِم كما هي الحال الآن ؛ وَأيْمُ الله ليُوشِكَنَّ أنْ تسْمَعَ بالقُصور البابِلِيَّة مُفَتَّحَةً لهم ولعلَّك يا عدِيّ إنما يمْنَعُك من دخولٍ في هذا الدين أنَّك ترى أنّ المُلك والسُلطان في غيْرِهم وَأيْمُ الله ليُوشِكَنَّ أنْ تسْمَعَ بالمرأة البابِلِيَّة تَحُجّ البيت على بَعيرِها لا تخاف ولعلَّك يا عدِيّ إنما يمْنَعُك من دخولٍ في هذا الدين ما ترى من حاجَةٍ بِهم وَأيْمُ الله ليُوشِكَنَّ المال أنْ يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأْخُذُه ؛ فَتَوَكَّل على الله إنك على الحق المُبين وعلامة المؤمن الصادِق لو أنَّ الناسَ جميعاً تنَكَّروا للدين ولم يعبئوا به ولم يلْتَزِموا بِتعالِيمِهِ يَكْفيهِ أَنَّهُ على الحق المُبين والإنسان العاقِل لا يأخذ بِالكَثرة قال تعالى:
﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116)﴾
(سورة الأنعام)
 وقال تعالى:
﴿وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (28)﴾
(سورة النجم)
 وقال تعالى في سورة الحديد:
﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (17)﴾
(سورة الحديد)
 فالآيات تحْتاج إلى تفَكُّر و إعمال عَقْل والآيات إنْ صَحّ التعبير مواد أوَّلِيَّة تحْتاج إلى تصْنيع ولا بد أنْ تُصَنِّعَها بِعَقْلِك وبِفِكْرِك ولا بد أنْ تتفَكَّر بها أو أنْ تتذكَّرها، قال تعالى:
﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآَنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)﴾
(سورة القيامة)
 أحْداث العالم كلِّهِ تتَّجِهُ لِتَأْكيد ما في القرْآن.
 إخْواننا الكِرام: لا يغيب عن بالِكم أنّ العالم فيما سبَقَ شرْقاً وغرْباً ؛ كان شرْقاً يؤمن بِالمجْموع والقُيود وغرْباً يؤمن بِالفرْد والحُرِّيَة والآن الشرق والغرْب عادا إلى الإسْلام قَهْراً لا عِبادةً واضْطُروا إلى أنْ يعودوا إلى أصول الدين ؛ فمثلاً في بِلادٍ طويلَةٍ عريضة عاتِيَةٍ بعيدة حَرَّمت الخمر والآن في بعض الجامِعات بِأَمْريكا تُحَرِّم الاخْتِلاط بين الطلاب والطالِبات فَكُلَّما تقَدَّم العِلم ونضج في البشَرِيَّة تَتَّجِهُ قهْراً إلى تعاليم الدِّين لا إيمانا ولا تَعَبُّداً لِذلك الشرْق والغَرْب عاد إلى وَسَطِيّة الإسلام والشرق عادا مقْهوراً لا مُخَيَّراً والغرب كذلك وسوْف تَرَوْن بعد حين أنّ هذا الدين العظيم هو دين المُسْتَقْبَل قال تعالى:
﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)﴾
(سورة التوبة)
 قال تعالى:
﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآَنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)﴾
(سورة القيامة)
 حتى الآيات الكَوْنِيَة في القرآن الكريم كلما تقَدَّم العِلم تكشَّفت له حقائق الإعْجاز القُرآني العِلمي.
 من أدْعِيَة هذا الاسم الجليل: اللهم أنت المُبين للحق والهادي إليه والمُوَفِّق لإتباعه فاجْعَل بين أيْدِيَنا نوراً من قُرْآنِك وهِدايَةً من بيانِك فإنَّك أنت الحق المُبين.
 أيها الإخوة الكِرام: ليس هناك أسْعَد من إنسانٍ عرف الحق ونِعْمَة الهُدى أعْظم نِعْمة بل إنّ بعض العلماء قالوا في تفْسير قوْلِه تعالى:
﴿مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)﴾
(سورة المائدة)
 قالوا: تمام النِّعمة الهُدى