الأربعاء، 21 مارس 2012

موسوعة العقيدة - الإلهيات - صفات المعانى : صفة الكلام

صفة الكلام

        كلام اللـه تعالى القائم بذاته هو صفة أزليّ ليس بحرف ولا صوت ولا يقبل العدم، وما في معناه من السّكوت ولا التبعيض ولا التقديم ولا التأخير. ثمّ هو مع وحدته متعلّق، أي دالّ أزلا وأبدا على جميع معلوماته التي لا نهاية لـها، وهو الذي عبّر عنه بالنّظم المعجز المسمّى أيضا بكلام اللـه تعالى حقيقة لغويّة، لوجود كلامه عزّ وجلّ فيه بحسب الدّلالة لا بالحلول، ويسمّيان قرآنا أيضا.
        وكنه هذه الصّفة وسائر صفاته تعالى محجوب عن العقل كذاته جلّ وعزّ، فليس لأحد أن يخوض في الكنه بعد معرفة ما يجب لذاته تعالى ولصفاته. وما يوجد في كتب علماء الكلام من التمثيل بالكلام النّفسيّ في الشّاهد عند ردّهم على المعتزلة القائلين بانحصار الكلام في الحروف والأصوات، لا يفهم منه تشبيه كلامه جلّ وعزّ بكلامنا النّفسيّ في الكنه تعالى وجلّ عن أن يكون لـه شريك في ذاته أو صفاته أو أفعالـه، وكيف يتوهّم أنّ كلامه تعالى مماثل لكلامنا النّفسيّ، وكلامنا النّفسيّ أعراض حادثة يوجد فيها التقديم والتأخير وطروّ البعض بعد عدم البعض الذي يتقدّمه، ويترتّب وينعدم بحسب وجود جميع ذلك في الكلام اللّفظيّ، فمن توهّم هذا في كلامه تعالى فليس بينه وبين الحشويّة ونحوهم من المبتدعة القائلين بأنّ كلامه تعالى حروف وأصوات، فَرْقٌ.
        وإنّما مقصد العلماء بذكر الكلام النّفسيّ في الشّاهد النّقض على المعتزلة( ) في حصرهم الكلام في الحروف والأصوات، فقيل لـهم: ينتقض حصركم ذلك بكلامنا النّفسيّ فإنّه كلام حقيقة وليس بحرف ولا صوت، فقيل لـهم: ينتقض حصركم ذلك بكلامنا النّفسيّ فإنّه كلام حقيقة وليس بحرف ولا صوت، وإذا صحّ ذلك فكلام مولانا أيضا كلام ليس بحرف ولا صوت، فَلَمْ يَقَعِ الاشتراكُ بينهما إلاّ في هذه الصّفة السّلبيّة، وهي أنّ كلام مولانا جلّ وعزّ ليس بحرف ولا صوت، كما أنّ كلامنا النّفسيّ ليس بحرف ولا صوت. أمّا الحقيقة فمباينة للحقيقة كلّ المباينة. فاعرف هذا فقد زلّت هنا أقدام لم تُؤَيَّدْ بنورٍ من الملك العلاّم.
=============================
الإمام السّنوسيّ في شرحه على عقيدته المسمّاة بأمّ البراهين