الأحد، 25 مارس 2012

موسوعة العقيدة - أسماء الله الحسنى : المريد

المريد

ولِهذا الاسم خُصوصِيَةٌ كبيرة جداً وهو اسم كما يبْدو لكم زائد عن الأسماء التِّسْعة والتِّسْعين التي وردت في الأحاديث الصحيحة.
 نبْدأ بِمعنى المُريد في اللغة ؛ المُريد اسم فاعِل من فِعْلٍ رُباعي أراد يُريد فهو مُريد من مادة الرَّوْد والرَّوْد معناه الطلب أراد أيْ طلب والفِعْل راد يرود والإرادة أيضاً هي المشيئة ؛ شاء وأراد بِمعنى واحد والإرادة من معانيها الفرعِيَة السَّعْيُ في طلب الشيء.
 قال بعض العلماء: " الإرادة في الأصل إرادةٌ مُرَكَّبة من شهوة وحاجَةٍ وأملٍ هَدَفٌ أمامك وشهوة تُحَرِّكُكَ وحاجةٌ أنت بِحاجَةٍ إليها " شهوةٌ وحاجَةٌ وأملٌ أو بِتَعْريفٍ آخر الإرادة نزوع النفس إلى شيءٍ، فمثلاً أردت أن أذهب إلى حلب وتاقَتْ نفسي أو نزعَتْ أو مالتْ أو اتَّجَهَتْ إلى أن تُسافِر إلى حلب إذاً نُزوع النفسِ إلى شيء ما يعني إرادة.
 والمعنى الثاني الدقيق: الحُكْمُ على الشيء والحقيقة النُزوع إلى الشيء هذا المعنى يَليقُ بالإنسان ولكن لا يليق بالواحد الدَّيان ؛ شيءٌ بعيدٌ عنك تتَّجِهُ إليه شيءٌ ليس بين يدَيْك تبْحَثُ عنه مكانٌ بعيد تُسافِر إليه ومَنْصِبٌ رفيع تسْعى إليه ومكاسِب كبيرة تمْشي في طريقِها فالإرادة نزوعُ الإنسان إلى شيء هو معنى أساسي من معاني الإرادة ولكن لا يليق إلا بالإنسان أما الواحِد الديان لا يُمْكِن أن نقْبل هذا المعنى فيما يتعلق بالله عز وجل وبالنسبة لله جلّ جلاله إرادَتُهُ: أيْ حُكْمُهُ فإذا أراد الله كذا حَكَمَ على هذا الشيء بِكذا قال تعالى:
﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)﴾
(سورة الرعد)
 إذاً: إذا قُلنا الإنسان أراد: أيْ نزعَ إلى شيءٍ واتَّجَهَ إلى شيءٍ وأقْبل على الشيء وأغْلَبُ الظن أنَّ هذا الشيء بعيد عنه ولابُدَّ له من وسيلة؛ فالله عز وجل مُنَزَّهٌ عن العِلَّة الغائِيَة أي أنْ يتَّخِذ إلى غاياتِهِ وسيلةً أما الإنسان يُكَمِّلُ ضَعْفَهُ بِوسيلةٍ فمثلاً مِن أجل أن يصِل إلى بلْدَةٍ بعيدة يتَّخِذ سيارة أو طائرة، ومن أجل أن يصِل إلى الماء يجب أن يحْفِر البئر، ومن أجل أن يأكل يجب أن يزْرع، وهذه هي العِلَّة الغائِيَة أما ربنا جلّ جلاله فهو مُنَزَّهٌ عن العلَّةِ الغائيَّة.
 إذاً: من معاني الإرادة نُزوع النفس إلى شيء وأنَّ هذا الشيء بعيد ولابُدَّ لكي أصِل إليه من وسيلة والوسائل لا تُعَدّ ولا تُحصى فإذا كان النزوع مكانياً فإنه يحتاج إلى مَرْكَبة وإذا النُّزوع عِلمياً فهو يحْتاج إلى دِراسَة وإذا كان النزوع مالياً فهو يحتاج إلى عَمَل. فالإنسان حينما ينْزِع إلى شيء يبْحَث عن وسيلةٍ يُكَمِّل بها نقْصَهُ، أنا أريد أن أرى الخَلِيَّة فأنا عاجِز فأَسْتَخْدِم الميكروسْكوب لأرى الخليَّة فهنا نَزَعَت نفسي إلى أن أرى الخَلِيَّة فاحتجت إلى ميكروسْكوب فالنَّفْس التي نزعَتْ إلى شيء تتَّخِذ وسيلة وهذا من ضعفِ الإنسان أما ربنا عز وجل إذا أراد شيئاً حَكَمَ عليه أنه هكذا قال تعالى:
﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾
 فإرادة الله هي الحُكْم.
 أيها الإخوة ؛ اِسْمَحوا لي فإنَّ أُناساً كثيرين تَخْتَلِط عليهم الأمور، الكوْن فيه أشياءٌ مُسَخَّرة وأشياء مُخَيَّرة والإنسان مُخَيَّر والجماد مُسَخَّر والحيوان مُسَخَّر وكذا النبات فإرادة الله في المُسَخَّرات هي نُفوذ حُكْمِهِ أما إرادة الله في المُخَيَّرات فهي تعني السماح لأن الله عز وجل حينما جاء بالإنسان إلى الدنيا حَمَّلَهُ الأمانة والأمانة من لوازِمِها حُرِيَّة الاخْتِيار والفِعْل بِيَد الله عز وجل فَكَيْفَ نُوَفِّق بين أنّ الفِعل بِيَدِ الله وبين أنّ الإنسان مُخَيَّر ؟ نقول: إذا تعلَّقَت إرادة الإنسان بِشيءٍ بِمعنى أنه اخْتار تَعَلَّقَت إرادة الله بِتَحقيق هذا الشيء فإرادتُهُ سماح، أَيُعْقَلُ أن يسْرِق سارِقٌ في الأرض خِلافَ مشيئة الله ؟ لا يُمْكِن وهل يُعْقَلُ أنّ الله أمرهُ أن يسْرِق ؟ قال تعالى:
﴿وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آَبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (28)﴾
(سورة الأعراف)
 كيف نُوَفِّقُ بين المعْنَيَيْن ؟ أيَقَعُ في مُلْكِه ما لا يريد ؟ حاشا لله، هناك شر يقع كيف يقع هذا الشر ؟ إرادة الله مع المُخَيَّر إرادة سماح لكن مع المُسَيَّر إرادة أمر فإذا اِقْتَرف أحدٌ معْصِيَةً معنى ذلك أنّ الله تعالى سَمَح له ولِماذا سمح له ؟ لأنه مُخَيَّر ولأنه جاء إلى الدنيا لِيَفْعَل أفْعالاً اِخْتِيارِيَة والاختِيار يُكَمِّل عمله إذاً يليق بالله عز وجل أن تكون إرادتُه في الكَوْن إرادة حُكْم إلا أنّ إرادَتَهُ مع الكائن المُخَيَّر من الإنس والجن إرادة سماح.
 شيء آخر وهو معنى من معاني الإرادة، قال تعالى:
﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)﴾
(سورة البقرة)
 الله عز وجل يأمركم أن تكونوا مُيَسِّرين، أريد منك كذا يعني آمُرُك بِكذا، صار أول معنى عندنا هو النزوع مُتَعَلِّق بالإنسان، والمعنى الثاني الحُكْم وهو مُتَعَلِّق بالله تعالى والحُكم مع المُسَخَّرات أمر ومع المخَيَّرات هو سماحٌ، والآن هذا معنى فرعي من معاني الإرادة أراد الله كذا أيْ أمر بِكذا.
 معنىً آخر من معاني الإرادة وهو القصْد قال تعالى:
﴿تِلْكَ الدَّارُ الْآَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (83)﴾
(سورة القصص)
 فالقصْد والأمر والحُكْم والسماح والنزوع هذه هي معاني الإرادة لكن هناك آياتٌ كثيرة في كتاب الله تُوَضِّحُ تفاصيل هذا المعنى ؛ يقول الله عز وجل:
﴿فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125)﴾
(سورة الأنعام)
 أنت إذا قرأت هذه الآية لعلك تظن أنّ الله شرح صدْر إنسانٍ للإيمان فآمن وضَيَّقَ صدْر إنسانٍ آخر فلم يُؤْمِن وكأنّ المعنى يوحِي بِالجَبْر والحقيقة خِلاف ذلك كما قلنا قبل قليل إذا أراد الإنسان شيئاً تعلّقَت إرادة الله بِالسماحِ بأن يفْعَل هذا الشيء، إذا أراد الإنسان شيئاً ولأنه مُنِح حُرِيَّة الاخْتِيار ولأن الإرادة من صِفات الإنسان فإذا أراد الإنسان شيئاً تعلّقَت إرادة الله بِالسماحِ بأن يفْعَل هذا الشيء إلا أنّ هناك تَحَفُّظاً واحداً وهو أنّ الإنسان مُخَيَّرٌ أن يفْعَل ما يشاء ولكنَّهُ لا يسْتَطيع أنْ يصُبّ اِخْتِياره على من يشاء فَلَهُ أن يسْرِق ولكن ليس له أن يسرِق ممن يشاء يسْرِق ممن يَسَيِّرُهُ الله تعالى لِسَرِقَتِهِ وهذا هو معنى قوله تعالى:
﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (129)﴾
(سورة الأنعام)
 وهذا هو معنى قول الله تعالى:
﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(4)﴾
(سورة القصص)
 وهناك معنىً فرعِيٌ آخر يجب أن أُضيفَهُ لِهذا المعنى ؛ لو أنّ إنساناً أراد شيئاً شِريراً أراد أنْ يعصي مثلاً أو أن يأخذ مالاً ليس له أراد أن يفْعل فاحِشَةً فماذا يفْعل معه ربنا سبحانه وتعالى؟ إن لم تكُن هذه الشهوة مُسْتَحْكِمةً وإن لم تبْلُغ هذه الشهوة درجة الحِجاب فالشهوات تتنامى في نفسِ الإنسان وهناك حدٌّ إذا وصَلَت إليه هذه الشهوة بَلَغَت حدّ الحِجاب وحَجَبَتْهُ عن كل شيءٍ ؛ حُبُّكَ الشيءً يُعْمي ويُصِمّ فإذا بلغ الإصْرار على شهوةٍ مُنْحَرِفة درجةً عالِيَةً جداً تعلَّقَتْ إرادة الله بِهذا العبْد بِأن يسْمَح له بِأن يفْعَل ما اخْتار أما إذا إرادتُهُ ضعيفَةً فالله سبحانه وتعالى لا يسْمَح له بل يُنَبِّهُهُ ويُحَذِّرُهُ فصار هناك قَضِيتان: القضية الأولى أنّ الله لا يُطْلِق إنساناً وِفْقَ إرادَتِه إلا إذا كانت الحِكمة المُطْلَقة أنْ يفْعَل هذا الشيء إذ السماح بِيَد الله عز وجل أنت تريد وأنا أريد والله يفعل ما يريد.
 إذاً الإرادة التي يريدُها الإنسان إن كانت ليست في صالِحِهِ ربنا سبحانه وتعالى لا يسْمَحُ له أن يفْعَلَها أما إذا بلغَتْ إرادَتُهُ درجَةً عالِيَةً من الإصرار عِنْدئذٍ ربنا سبحانه وتعالى يسْمح له أنْ يُنَفِّذها لا على من يشاء الإنسان ولكن على من يشاء الله عز وجل فأنت كن مطمئناً، ولو أنّ إنساناً شِرِّيراً ويَبْدو لك أنَّهُ مُخَيَّر وأنَّهُ طليق اليدين وأنه يفْعل ما يشاء فالله جل جلاله لن يُسْلِمْك لأحدٍ فهذا الشِّرير طليق اليدين لا يسْتطيع أن يفْعل شيئاً إلا إذا أرادَهُ الله عز وجل شاءت والله يسوق ظالِماً لِظالِمٍ ومُنْحَرِفاً لِمُنْحَرِف أو يسوق إنساناً لا يعْرِفُهُ لِيُؤدِّب من يعْرِفُهُ ؛ إذا عصاني من يعْرِفني سلَّطْت عليه من لا يعْرِفُني فالإنسان مُخَيَّر والفِعل فِعْل الله وإرادة الله مع غير المُخَيَّر إرادة أمر لأنَّهُ مُسَخَّر أما إرادة الله مع الإنس والجِن إرادة سماح لأنّ الإنسان مُخَيَّر ؛ سماحٌ أن يفْعل حينما تَعْلو الشهوة ويعْلو الإصْرار إلى درجَةٍ أن الحِكمة المُطْلَقة تنْقَلِب إلى عملٍ أما إذا أمْكَنَ عدم وُجود الإصرار فربنا عز وجل يصْرف عنه هذه الشهوة المُنْحَرِفة رحْمَةً به أما إذا أصَرّ عليها يُطْلِقُهُ إليها.
 والمعنى الثاني: أنَّهُ حينما يُطلق الله هذا العبد لِفِعل شيءٍ ما يُطْلِقُه على من يسْتَحِق أو على من يكون التسْليط عليهِ حِكْمَةً في حقِّهِ فهذا هو فِعْل الله عزوجل.
 في ضوءِ هذه المقدِّمة قوله تعالى:
﴿ فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ ﴾
 الإنسان أراد الهُدى وأرادهُ ابْتِداءً بحثاً عن الحقيقة وطلب معرفة الله عز وجل وحيثما عُزِيَت إرادة الهِداية أو إرادة الضلال إلى الله عز وجل هي إرادة جزائِيَة تأتي عَقَب طلب هِدايَةٍ شخصيٍّ أو إضلال جزائي مبنيٌ على ضلال اخْتِياري.
 القضِيَة دقيقة جداً إذاَ عُزِيَت إرادة الهِداية أو إرادة الإضْلال إلى الله عز وجل فهي الإرادة الجزائِيَة المبْنِيَة على إرادةٍ اخْتِيارِية وفي ضوْءِ هذا التفسير:
﴿ فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ﴾
 الإنسان أراد الهُدى فشاءِتْ إرادة الله أنْ يَهْتدي ؛ كيف يُعينُهُ الله على هذا الطلب الرفيع ؟ قال: يشرح صدْرهُ للإسلام لأن القلب بين إصبعين من أصابع الرحمن فيشْرَح الله صدْرهُ للإسلام، وماذا نُسَمي هذا الشرْح ؟ إنه مَعُونَةٌ من الله تعالى ؛ مثلاً أبٌ عِنده ولدان أحدهما طلب أن يدْرس فأفْرَدَه بِغُرْفَةٍ خاصَّة وأعْفاهُ من بعض المال وشَجَّعَهُ وكافَأَهُ فهذا تشْجيعٌ من الوالد لولده والإنسان حينما يريد الهِدايَة ويصْدُق في طلبِها تتعَلَّقُ إرادة الله في أنْ يهْتَدي والله يُشَجِّعُهُ على ذلك ويشْرح صدْره للإسلام وهذا شيءٌ ثابِت فَبِمُجَرَّد أنْ تبْحَثَ عن الخير وعن الهِدايَة وبِمُجَرَّد أنْ تعْمَل عملاً صالِحاً تشْعُرُ بِراحَةٍ كبيرةٍ جداً وهذه الراحة تشْجيعِيَّة من الله عز وجل وقوله تعالى:
﴿ فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ﴾
 طبْعاً يضِلَّهُ الضلال الجزائي المَبْني على ضلال اخْتِياري ؛ أراد الضلال فَسَمَحَ الله تعالى له به لأنَّهُ أصرَّ عليه فيجْعَل صدْره ضيِّقاً حرجاً وهذا أيْضاً ترْبِيَة، لو أنَّه شرح صدْرهُ للضلال لكان الله تعالى مُعيناً لِهذا العَبْد على الضلال أما الأمر عكس هذا لو أراد الإنسان الضلال تضيق نفْسُهُ وتتعَسَّرُ أمورُهُ ويُؤدَّب ويُعاتَب ويُوَبَّخ قال تعالى:
﴿ فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ﴾
 أَعَرَفْتُم الآن ما حِكمة الله في أنّ قلوب العِباد بين إصبعين من أصابِع الرحمن ؟ الحِكْمة أنّ القلب إذا كان بين أُصْبعين من أصابِع الرحمن يُقَلِّبُهُ لِصالِح عبْدِه المؤمن كما يشاء، شاء الهُدى فشرح الله صدْرهُ للهدى وشاء الضلالة فضيَّقَ الله له صدْرهُ.
إذاً: شرْح الصَّدْر وتضييق الصدر لِصالِح العَبْد فأنت مُخَيَّر إذا أَصَبْتَ في اخْتِيارِك شَجَّعْناك ودَعَوْناك إلى مُتابَعَة الخير وأما إذا اخْتَرْتَ شيئاً سيِّئاً وبَّخْنا وضَيَّقْنا عليك من أجل أن تكُفَّ عن هذا الشيء فهذه الآية أساسية:
﴿ فَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ ﴾
 آيةٌ أُخرى وهي قوْله تعالى:
﴿يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)﴾
(سورة النساء)
 قد يبْحث الإنسان عن مَوْقِفِ إنْسانٍ منه ويقول له: ماذا تريد أن تفعل بي ؟ وماذا تريد مني؟ فَرَبُّنا عز وجل يُطَمْئِن عِبادهُ قال تعالى:
﴿وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27)﴾
(سورة النساء)
 يعني إرادَتُهُ مُتَعَلِّقة بِهِدايَتِكم، فقوْلُه تعالى:
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ﴾
 هناك معنى دقيق ولأنَّكم مُخَيَّرون فَدَوْرُ المُرَبي مع المُخَيَّر التوْضيح فالداعِيَةُ مثَلاً بالنِّسْبة للمدْعُوِّين أن يتركهم لاختيارهم فهم مُخَيَّرون يسْتَجيبون أو لا يسْتَجيبون يؤمنون أو لا يؤمنون، يسْتَقيمون أو لا يسْتقيمون ؛ فما دوْر الداعِيَة في الدعوة إلى الله حِيال إنسانٍ مُخَيَّر ؟ عَلَيْهِ أنْ يُقْنِعَهُ بالإيمان فالإنسان مُخَيَّر ليس علَيْك هُداهم وإنك لا تهدي من أحببْت ولسْتَ عليهم بِمُسِيْطِر وما أنت عليهم بِوَكيل وما يوجد إجْبار إلا أنّ مُهِمّة الأنبياء والرسل ومُهمّة الذين يُنوبون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تبْليغ الحق البيانُ والتوْضيح لِتَحْمِله على أنْ يَحْمِل الحق.
 أحْياناً البائِع يعْرِض على الشاري بضائع كثيرة ولو أنّ البائِع اسْتَحْسَن أنْ يبيعَه نوعاً من البضاعة وهي جيِّدة جداً وسِعْرُها رخيص وهذا الذي يشْتَري يُحِبُّهُ فإن البائع يُعينُهُ على أن يَخْتار ويقول له: اخْتر ما شِئت هذه هي الأنواع وهذه هي الأسْعار وأنت مُخَيَّر أما البائع الرحيم يقول له: أنا سَأَنْصَحُكَ خُذْ هذه وهي جيِّدةٌ جداً وسِعْرُها مُناسِب وعلى الاسْتِعمال متينَةٌ فالبائع هنا تدخَّل فربنا عز وجل أعْطانا حُرِيَّة الاخْتِيار وأعْطانا عقْلاً في رؤوسِنا وكوْناً ينْطِق بِوُجود الله وعَدْلِهِ ورَحْمَتِهِ وكمالاتِهِ وأعْطانا شرْعاً دقيقاً وشِهِواتٍ نرْقى بِها وحُرِيَّة اخْتِيار نُكمِّل بها عملنا فلو تركنا لضاع منا كل شيء وعلى الرغم من أنه أعْطانا كلّ شيءٍ فإذا اتَّخَذْنا قراراً صحيحاً شرح صُدورنا وشَجَّعنا وكافَأَنا وأكْرَمَنا وإن اتَّخَذْنا قراراً خاطِئاً ضيَّقَ صدْرنا وعسَّر أمْرنا وعاقَبَنا ونبَّهَنا فالله هو رب العالمين يُرَبِّينا ومن هنا كان القلب بِيَدِه من أجل أن يُرَبِّيَ عبْدَهُ فإذا اتَّخَذَ قراراً صحيحاً شرح الله صدْره، فإذا أردْت أن تعرِف ماذا يريد الله جل جلاله منك ؟ قال تعالى:
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾
 وقوله تعالى:
﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا ﴾
 لذلك كن من الذين قال فيهم الله تعالى:
﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28)﴾
(سورة الكهف)
 هذا كلام رب العالمين فالله تعالى قال:
﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا ﴾
 شيءُ آخر وهو أنّ الإنسان أحْياناً يُحَمِّل نفْسَهُ مالا يُطيق ويُحَمِّل نفْسَه من الأَعْباء والذنوب والخطايا ما لا يُطيق أنْ يُواجِهَ بِها الله يومَ القِيامة فهو لا يدري وهو غافِل فجاءت الآية الكريمة:
﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً (28)﴾
(سورة النساء)
 قد يحْمِل الإنسان من الأوْزار ما لا يُطيق وهو غافِل لكنّ الله يعلم فلو أنت رأيت إنساناً يشتري بِضاعةً ممنوعاً نقْلُها إلى داخِل البِلاد يشْتريها من بلَدٍ آخر ولن يسْتطيع إدْخالَها وبقيت ساكِتاً تكون من الذين خانوهُ أما إذا أردت أنْ تنْصَحَهُ ونبَّهْتَهُ أنّ هذه البِضاعة غير مسْموح أنْ تنْقُلها إلى بلَدِك خفَّفْتَ عنه لأنه سَيَدْفَعُ ثمنها وسوف تُصادر من قبل موظفي جمارك بلاده، فالله عز وجل إذا رأى عبْداُ يُحَمِّلُ نفْسه ما لا يُطيق من المعاصي والانْحِراف فهو الآن غافِل، أما حينما يأتيه ملَكُ الموت يُصْعَق قال تعالى:
﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا ﴾
 وقال تعالى:
﴿ خُلِق الإنسان من عجَلٍ ﴾
 ثلاث آياتٍ في سورة النساء
﴿ يريد ليتوب عليكم ﴾
 و
﴿يريد ليبيِّن لكم ﴾
 و
﴿ يريد أن يخفِّف عنكم ﴾
 يبيِّن لكم كي تتوبوا وإذا تُبْتُم خفَّف عنكم.
 هناك آيةٌ أساسِيَةٌ في هذا الموضوع، يقول الله عز وجل:
﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(107)﴾
(سورة يونس)
 الشيء الذي يَلْفِتُ النظر هو قوله تعالى:
﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ ﴾
 وقوله:
﴿ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ ﴾
 فالخير مُراد من قِبَل الله عز وجل أما الشر ليس مُراداً لذلك لم تأت كلِمة يُرِدْك بِشَرٍ إنما قال:
﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ ﴾
 مثَلاً مُدير مدرسة يُمْكِنُهُ أن يُعاقِب طالِباً ويُمكن أن يفْصِله لكنّ الأصل في المدرسة هو تعْليم الطلاب وليس طرْدُهُم ؛ أردْنا من إنشاء هذه المدرسة تعليم الطلاب أما إذا شذ طالِب نفْصِلُهُ فالفَصْل غير مُرادٍ من قِبَل مدير المدرسة أما الفصْل أحْياناً عِلاجٌ طارئ نسْتَخْدِمُهُ ولا نُريدُهُ وهذا الأب تجِدُهُ يُحِبُّ ابنه حُباً جماًّ فإذا أخطأ الولد خطأً كبيراً يحْتاج إلى تأديب يضْرِبُهُ لكنه يتمنى ألاّ يضْرِبَهُ ؛ يضْرِبُهُ لِيُؤدِّبَهُ وهو يتألَّمُ أشَدَّ الألَمِ حينما يضْرِبُهُ فالحِكْمَة اقْتَضَت أنْ يضْرِبَهُ وهذا هو معنى قول الله عز وجل:
﴿ وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾
 يقول عليه الصلاة والسلام: " اُطْلُبوا الخير دهْرَكُم " يعني طول دهْرِكم وهذا من أنْدَرِ الشواهد وهو أنّ ظرف الزمان قد يأتي له نائب فَدَهْرَكم تنوب عن ظرف الزمان والتقدير يعْني: اُطْلُبوا الخير طوال دهْرِكُم، وتعَرَّضوا لِنفَحات الله إن طلبْتم الخير تعرَّضْتُم لِنَفَحات الله عز وجل: إنَّ في دهْرِكم لَنَفَحات ألا فَتَعَّرَضوا لها " فإن لله نفحاتٌ من رحْمَتِهِ يُصيب بِها من يشاء من عِبادِه واسْألوا الله أنْ يَسْتُر عوراتِكم وأنْ يؤَمِّن رَوْعاتِكم، والرَّوْعَات جمْع رَوْعة وهي الخَوْف فَنِعْمة الأمن لا تعْدِلها نِعمَةٌ على الإطلاق فإذا كان هناك خوْفٌ وقلَقٌ تَنْقَلِب معيشَتَهُ إلى معيشَةٍ ضنكا والله عز وجل قال:
﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)﴾
(سورة قريش)
 ويقول الله عز وجل في سورة هود:
﴿يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (105)﴾
(سورة هود)
 الاستثناء هنا عائِد إلى العُصاة من المؤمنين لأنّ النار يدْخُلُها العُصاة ولا خلود لهم فيها أما الخلود فهو للكفار أما من كان فيه ذرة من إيمان في النِّهاية يخْرُج من النار:
﴿ يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾
 أيْ بعضهم سعداء وبعضهم أشْقِياء والحقيقة أنّ هذا المصير خطيرٌ قال تعالى:
﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61)﴾
(سورة النجم)
 الإنسان في النِّهاية إما إلى شقاءٍ أبَدي وإما إلى سعادَةٍ أبَدِيَّة وهناك حالات خاصة ؛ مؤمنٌ مُقَصِّر ومات عاصِياً يَدْخل النار ولكن إلى حين وهذه الآية هي التي تؤكِّد هذا المعنى:
﴿ يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾
 فمن كان في قلبِهِ مثقال ذرةٍ من خيرٍ يخرج في النِّهاية من النار وقد يبْقى ملايين السِّنين وقد يبْقى آلاف ملايين السِّنين لكنه لا يخْلد في النار إلا من شرد على الله شرود البعير.
 وفي سورة النحل قال تعالى:
﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (40)﴾
(سورة النحل)
 حتى العلماء قالوا: " كن هي حركة فيَكون حركتَان وهناك ثلاث حركات إلا أنّ أمر الله تعالى أسْرع من هذا وليس فيه زمن فكلمة كن لِمُجَرَّد أن تتعلَّق مشيئة الله في أن يكون شيءٌ هو كائِن بِلا تأخر " ولكن الأمر تقْريب لأذْهانِنا قال تعالى:
﴿ ِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾
 التطبيق العملي لِهذا الاسم العظيم هو أَنَّك إذا تعامَلْت مع الأشْخاص فَهُم مَحْدُودُ والقُدرات فقد يتمَنَّوْن أنْ يُعْطوك شيئاً ولا يسْتَطيعون لكن الله سبحانه وتعالى إذا أراد شيئاً قال لهُ كن فيكون فإذا كنت مع المُريد أو مع الفعال لِما يُريد تحقق لك كل شيء، واسمع قوله تعالى:
﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (16)﴾
(سورة البروج)
 لديْنا شيءٌ آخر الآية الكريمة:
﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً (16)﴾
(سورة الإسراء)
 فالقريَة حينما تفْسُد يعاقب أهلها، وبعض معاني هذه الآية أنّ آخر عِلاجٍ قبل أنْ يُهْلِك الله هذه القرية يُؤَمِّرُ مُتْرَفيها فهو آخر عِلاجٍ وهو عِلاجٌ مُرٌّ ؛ أنْ يتَأَمَّر المُتْرَف الغافل المُنْحَرِف فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ فَظَهْرُ الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ فَبَطْنُ الأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا ))
(رواه الترمذي)
 المعنى الأول أنّ الله سبحانه وتعالى إذا أراد أن يُهْلِك قرْيةً لِعِصْيانِها وانْحِرافِها واسْتِغْنائِها عن منهج الله هناك قِراءةٌ تُناسِب هذا المعنى هي: " أَمَّرْنا مُتْرَفيهاَ " جعلْنا مُتْرَفيها أُمراء فَفَسَقوا فيها وبِالتالي هؤلاء الذين أمِّرَ عليهم المُتْرَفون وساموهُم سوء العذاب لم يتوبوا وقد تعْجَبُ أَحْياناً أنَ مصيبَةً طاحِنةً حلَّتْ بِبَلَدٍ فإذا ذهَبْت إليه رأيتهم أشد تَفَلُّتاً مما كانوا وقد قيل: من لم تُحْدِث فيه المصيبَةُ موعِظةً فَمُصيبَتُهُ في نفْسِهِ أكبر، فَقَرْيَةٌ انْحَرَفت واسْتَحَقَّت الهلاك وضلَّتْ سواء السبيل بِحَسَب قوانين الله عز وجل وآخر عِلاج أَمَّرْنا مُتْرَفيها فَفَسَقوا فيها ولم يَعُد الذين كانوا عُرْضَةً لِهذا الفِسْق والفُجور، لم يعودوا عن ضلالتهم، فَحَقَّ عليهم القَول فَدَمَّرْناها تدْميراً.
 والمعنى الثاني: وإذا أردْنا أنْ نُهْلِك قرْيَةً قبْل أنْ نُهْلِكها نُنْذِرُها وأَمَرْنا مُتْرَفيها أنْ يسْتقيموا فلَم يسْتقيموا ولِما قال الله مُتْرَفيها ؟ المُتْرَفون هم المُبَذِّرون الذين يعيشون لِشَهَواتِهم والأغْنِياء الذين يُنْفِقون أمْوالَهم على المعاصي والآثام والعُلُوِّ في الأرض والمُتْرَفون في آياتٍ ثمانِيَة اِقْتَرنوا بِالكفار وكفروا مثلهم وأتْرَفْناهم في الحياة الدنيا والمُتْرَف هو إنسان يعيش للدنيا فقط وهؤلاء المُتْرفون معْقَل أنظار الناس والناس تَبَعٌ للأقوِياء والأغنياء
﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾
 وهو المعنى الثاني فإذا أرَدْنا أن نُهْلِك قرْيَةً لا نُهْلِكها ابْتِداءً إنما نُنْذِرها قبل أن نُهْلِكها والإنذار أمرْناهم أن يسْتقيموا من خلال كِتابِهِ وسُنَّةِ نبيِّه ونصيحة الناصِحين ودَعْوة الداعين وخُطَب الخُطباء وكُتُب المؤلِّفين أمرنا مُتْرَفيها ففَسقوا فيها أمرْناهم بالطاعة ففَسَقوا فيها فحقَّ عليها القَوْل فَدَمَّرْناها تدْميراً.
 أيها الإخوة الشيء الذي يُمْكِن أن نسْتَفيد منه كثيراً في هذا الدرس أنْ تُنَزِّهَ الله عما لا يليقُ به بِمعنى: إذا خطر بِبالِك معنىً أنّ الله أراد الضلال للناس قال تعالى:
﴿ إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً ﴾
 هذه الآية تحْتاج إلى شرْحٍ ؛ أراد الهلاك أو أراد الضلال يجب أنْ تعْلَم أنَّ الإرادةَ إذا كانت مُنْصَرِفَةً إلى الإنسان فهي إرادة سماح أو تأديب أما إذا عُزِيَ الإضْلال إلى الله عز وجل فهو الإضْلال الجزائي المبْني على ضلالٍ اخْتِياري.
 شيءٌ آخر في هذا الموضوع وهو أنّ الله تعالى كلُّ شيءٍ أرادَهُ وقَع وهو الفَعَّالُ لِما يريد أما نحن نتمنى ونريد ولا يُحَقَّقُ مما نريد إلا اليسير لأننا ضُعفاء و محْدودون وكلُّ إنْسانٍ له قُدرةٌ مَحْدودَة أما ربنا عز وجل فعاَّلٌ لِما يريد والمعنى الثاني أنّ كلَّ شيءٍ أرادَهُ الله وقَع وأنَّ كلَّ شيءٍ وقع أرادَهُ الله فالأول واضِح قولُه تعالى:
﴿ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ﴾
 أما الثاني أيُّ شيءٍ وقَع أرادهُ الله فالعِبارة هذه تُعْكَس أراد ووقع، ووقع وأراد فإن أراد وقع وإنْ وقع الشيء أرادهُ الله فَهَذه الفِكْرة على أَنَّها موجَزَة تَمْلأ قَلْبَكَ رِضىً، إنسان ارْتكب حماقة كبيرة وسافر بِوَقتٍ مُعَيَّن فأصيب بِمُشْكِلة لا نقول لو لم يُسافِر لم يُصَب إنما نقول: ما دام هذا الشيء وقع في مُلْك الله إذاً أرادَهُ فإذا كان مع الجماد أرادهُ فِعْلاً ومَع المُخَيَّر أرادَهُ سماحاً.
 لذلك قالوا: لِكُلِّ واقِعٍ حِكمة وقد يكون الإنسان غيرُ حكيم لكن ربنا عز وجل لِحِكْمَةٍ بالِغة يُوَظِّفُ شر الناس إلى حِكَمٍ فالشر لا وُجود له إلا في النفوس أما في العالم المادي فالشر هو مُداواة والشِّرير يريد أن يفْعَلَ شيئاً مُزْعِجاً ويريد أنْ يُؤذي لكنه لا يُؤْدي إلا من يسْتَحِقّ الأذى أو لا يؤذي إلا من يسْتَحَقّ التأديب أو لا يؤْذي إلا من يكون إيذاؤُهُ حِكْمَةً بالِغةً ففي الواقِع المادي لا يوجد شرّ والشرّ المطلق غير موجود والشرّ من مخلوق مُخَّير مقطوع عن الله بِالنفوس أما الأفْعال فهي أفْعال الله عز وجل وكُلُّها تُوَظِّف الشر إلى الخير المطلق فالأفْعال توظيفُ الشرّ للخير المطلق.
 لذلك: كلُّ شيءٍ وقع أراده الله وهذه المَقولَة تُلْغي كلمة لَوْ ولِكلِّ شيءٍ حقيقة وما بلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعْلم أَنَّ ما أصابَهُ لم يكُن لِيُخْطِئهُ وما أخْطَأَهُ لم يكن لِيُصيبَهُ وكلّ شيءٍ وقع أرادَهُ الله وكلّ شيءٍ أرادهُ الله وقع وإرادة الله مُتَعَلِّقَةٌ بِالحِكمة المطلقة والإنسان أحْياناً يريد شيئاً غير صحيح والسبب إما أنَّه وقع تحت إغْراءٍ شديد فَطاشَ صوابُهُ أو تحت ضَغْطٍ شديد اِخْتَلَّت رؤْيَتُهُ أو لأنَّهُ يجْهل والجهل والإغراء والضغط يُشَوِّشان حِكمة الإنسان لكن هذه المعاني التي تقع من الإنسان لا تليق بالله عز وجل لذلك يجب أن نقول إرادة الله مُتَعَلِّقةٌ بالحكمة المطلقة وحِكمتُهُ المطلقة مُتَعَلِّقةٌ بالخير المطلق وإذا عقَلْتَ هذه فالمقولة في آخر الدرس فإذا نظرت إلى كلِّ ما يجْري في العالم بادئ ذي بدء تشْعُر بِراحَةٍ كبيرة والسبب أنَّ كلَّ شيءٍ وقع أراده الله ومعنى أنّ الله أرادهُ أنَّهُ لو لم يقع على نحو ما وقع لكان الله تعالى ملوماً في ذلك ولَكان الذي وقع على نَحْوٍ آخر نقْصاً في حِكْمَة الله عز وجل فالذي وقع أراده الله والذي أرادَهُ الله وقع والإرادة الإلهية مُتَعَلِّقَةٌ بالخير المطلق والحِكمة المطلقة والحكمة المطلقة مُتعلِّقةٌ بالخير المطلق.
 وآخر شيءٍ أنَّ لِكل واقِعٍ حِكمةً قد تُكْشَف بعد حين، قد تنشأ مشكلة من سببٍ بسيط والإنسان لِضَعْفِ إيمانِهِ لَيْتَهُ بقِيَ ساكِتاً ؛ فالله عز وجل أراد شيئاً كثيراً مثلاً السيِّدة عائشة رضي الله عنها كانت في إحدى الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فهِيَ كما يرْوي كُتابُ السيرة كانت خفيفة الوزْن فلما قادوا جمَلَها ظنوها في الهَوْدَج وساروا وقد خلفوها وراءهم فلما فاتَها الجيش الْتَفَت أحد الصحابة المُتَأخرين فرآها فَعامَلَها كأُمِّهِ وغضَّ بصره عنها وسار بها حتى أدرك الجيش، فأراد المنافقون أن يُثيروا فِتْنَة وحديث الإفك معْروفٌ عِندكم، قد يقول أحدكم لو أنّ الذي قاد الجمل تَفَقَّدَها ولو أنَّها اسْتَيْقَظت ولو لم تغْفُ لما كان هناك حديث إفْك ؛ مشْكِلةٌ طويلة عريضة بَقِيَت أربعين يوماً وأهْل المدينة يُرْجِفون في المدينة والمنافقون وجدوا مادة دسِمَة جداً وتكلَّموا وأخذوا حُرِّيَتَهُم والمؤمنون سكتوا وتألَّموا ووقَعَت مشْكِلة وفِتْنَة، هذا الحديث وهذه القضِيَة الكبيرة سبَبُها غفْلَةٌ من السيِّدة عائشة رضي الله عنها والذي قاد الجمل لَيْتَهُ تفقَّدها ولما اسْتَيْقَظت وجدتْ نفْسَها بعيدةٌ عن الجيش وأحدُ الصحابة في أعلى درجات الأدب والحياء أخذها إلى ما ينْبَغي أن يكون فصارتْ هناك مُشْكِلة ماذا قال الله عز وجل ؟:

﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)﴾
(سورة النور)
 فالله تعالى اِمْتَحن الناس وكانت عَمَلِيَة فرْز و هذا هو الأمر الأول فالمؤمن ظنَّ بِنَفْسِهِ خيراً والمنافق عبَّر عن حِقْدِهِ وضغينَتِهِ وفَرَحِهِ والمؤمن سكت والكافر تكلَّم والأمر الثاني: لِئلاَّ نتَوَهَّم أنّ الوحي قضِيَة مُتَعَلِّقةٌ بالنبي وأنه أمْرٌ سهْل فَلَوْ أنًّ النبي صلى الله عليه وسلّم يمْلِك أمر الوحي لَحَلَّ المسْألة بِدقيقة واحدة وبِآية واحدة فالوَحْيُ تأخَّر أرْبعين يوْماً وليس مع النبي أدِلّة إثبات وليس معه أدِلَّة نفْي والمنافقون يَمْرحون ويتكلَّمون ما يشاءون والنبي عليه الصلاة والسلام يتألَّم أشَدّ الألَم والسيِّدة عائِشَة أصابَها مرضٌ شديد وأُمُّها مرْتَبِكة وأبوها وكذلك، رسول الله ! أَيُعْقَلُ أنْ تفْعل زوْجَتُهُ ما يقولون ؟ وما شُعور الزوج إنْ تحدَّث الناس عن زوْجَتِهِ أنَّها زانِيَة ؟ وما شُعور والِدة الفتاة ووالِدُها ؟ وما شُعور المؤمنين ؟ تقول: يا رب لو أنَّها ما غَفِلَت لما وقع حديث الإفكِ كلِّهِ؛ فمادام الشيء وقع نقول: قد أرادَهُ الله وقد يبْدو لك أنَّ شيئاً كبيراً وقع لِسَبَبٍ يسير وهذا السبب الصغير مُقَدَّر من الله عز وجل اِمْتَحن المؤمنين وفرزَهُم وارْتَقى بعضهم وسقط بعْضُهُم وظهرت نُبُوَّة النبي عليه الصلاة والسلام وظهر أنَّ الوحيَ شيء مُسْتَقِلٌّ عن إرادة النبي ولا يمْلِك له جلْباً ولا دفْعاً وتأخُّر الوحيِ أربعين ليلةً فيه حِكْمَةٌ بالِغة وقِسْ على هذا كلَّ شيءٍ.
 وفي صُلْحِ الحُدَيْبِيَة أمليت على النبي شروط غير معْقولَة وافق عليها النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصحابة ما ارتاحوا لِهذه الشروط، سيِّدنا عمر قال: أو َلَسْنا مؤمنين ؟ قال النبي: بلى أو َلْيْسوا مُشْركين ؟ قال النبي: بلى ؛ قال عمر: فَعَلام نُعْطي الدَّنِيَة في ديننا ثم ظهر فيما بعد أنَّ وثيقة صُلْح الحديبِيَة كانت فيها حِكمة ما بعدها حِكْمَة وكان فيها سِياسة ما بعْدها سِياسة وانْعَكَس الأمر على كُفار قُريْش.
 أردت من هذا كلِّه أنَّ الشيء إذا لم يُعْجِبُك فاِنتظر ولا تتعجل في إبداء رأيك وما دام أنَّه وقع فقد أرادهُ الله وقُلْ هذه المقولة: لكل واقِعٍ حِكمة وقد يكون الذي أوْقع هذا الأمر من الناس ليس حكيماً وقد يكون أحْمَق ومُنْحَرِفاً فَلِأنه وقع أراده الله أما عظمة الله عز وجل تتبَدى في أنه يُوظِّف الأشياء غير الحكيمة في حِكمةٍ لا تعْلَمُها أنت ولِحِكْمَةٍ مطلقة فإنسان يفْحص صدر فتاة تطلب التوظيف ويُعْطي نتيجة خاطِئة يلْتَبِس عليه الاسم فَيُعْطي نتيجة المُصابة بِمرضٍ عُضال للفتاة الصحيحة فهذه الفتاة حينما تعلم أنَّها مُصابةٌ بِهذا المرض وقد ابْتَعَد عنها أهْلُها لذلك وعزلوها عنهم واسْوَدَّت الدنيا في وجْهِها فهذا الذي أعطى النتيجة مُتَسَرِّعاً ألم يقع في خطأ كبير؟ فهذه الفتاة حينما علِمت بِهذه النتيجة انْهارت ثم أرادت أن تتوب إلى الله عز وجل فَتابَتْ وصلَّت وتحَجَّبَتْ ثم علِمت بعد حين أنها صحيحة وليست مريضة فربنا وظَّفَ خطأَ هذا المُوظَّف في الخير المطلق فهذه نقطة دقيقة جداً لكل واقِعٍ حكمة وما دام أنَّهُ وقع فاطْمَئِن والله عز وجل لا يريد إلا الخير أما الشرٌ المطلقٌ في الكون غير موجود ولا يُمْكِن أن يكون مع الله شرٌ مطلق أما أن يكون شرٌ نِسْبي مُوَظَّفٌ للخير المطلق فهذا موجود.
 ابن آدم اُطْلُبني تجِدْني فإذا وجدْتني وجدتَ كلَّ شيء وفي بعض الآثار القُدْسِيَة:" أنت تريد وأنا أريد فإذا سَلَّمْت لي فيما أريد كَفَيْتُك ما تريد وإنْ لم تُسَلِّم لي فيما أريد أتْعَبْتُك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد