السبت، 10 مارس 2012

موسوعة الفقه - باب الزواج أو النكاح : زواج الصابئة


زواج الصابئة


الصابئون هم قوم بين المجوس، واليهود، والنصارى. وليس لهم دين.
قال مجاهد: وقيل هم فرقة من أهل الكتاب يقرأون الزبور.
وعن الحسن أنهم قوم يعبدون الملائكة.
وقال عبد الرحمن بن زيد: هم أهل دين من الاديان، كانوا بجزيرة الموصل يقولون لا إله إلا الله، وليس لهم عمل، ولا كتاب، ولا نبي، إلا قول لا إلا إلا الله. قال: ولم يؤمنوا برسول.
فمن أجل ذلك كان المشركون يقولون لاصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: «هؤلاء الصابئون»، يشبهونهم بهم في قول لا إله إلا الله.
قال القرطبي: والذي تحصل من مذهبهم فيما ذكره بعض العلماء أنهم موحدون، ويعتقدون تأثير النجوم وأنها فاعلة.
واختار الرازي: أنهم قوم يعبدون الكواكب، بمعنى أن الله جعلها قبلة للعبادة والدعاء، أو بمعنى أن الله فوض تدبير أمر هذا العالم إليها.
وبناء على هذا اختلفت أنظار الفقهاء في حكم التزوج منهم.
فمنهم من رأى أنهم أصحاب كتاب دخله التحريف والتبديل، فسوى بينهم وبين اليهود والنصارى، وأنهم بمقتضى هذا يصح الزواج منهم لقول الله عزوجل: {اليوم أجل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} الآية.
وهذا مذهب أبي حنيفة وصاحبيه.
ومنهم من تردد، لعدم معرفة حقيقة أمرهم فقالوا: إن وافقوا اليهود والنصارى في أصول الدين - من تصديق الرسل والايمان بالكتب - كانوا منهم.
وإن خالفوهم في أصول الدين لم يكونوا منهم، وكان حكمهم حكم عباد الاوثان.
وهذا هو المروي عن الشافعية والحنابلة.
زواج المجوسية:
قال ابن المنذر: ليس تحريم نكاح المجوس وأكل ذبائحهم متفقا عليه.
ولكن أكثر أهل العلم عليه، لأنه ليس لهم كتاب، ولا يؤمنون بنبوة، ويعبدون النار.
وروى الشافعي أن عمر ذكر المجوس فقال: ما أدري كيف أصنع في أمرهم؟ فقال له عبد الرحمن بن عوف: لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «سنوا بهم سنة أهل الكتاب».
فهذا دليل على أنهم ليسوا من أهل الكتاب.
وسئل الإمام أحمد: أيصح على أن للمجوس كتابا؟ فقال: هذا باطل، وأستعظمه جدا.
وذهب أبو ثور الى حل التزوج بالمجوسية، لأنهم يقرون على دينهم بالجزية كاليهود والنصارى.
الزواج ممن لهم كتاب غير اليهود والنصارى: ذهبت الأحناف الى أن كل من يعتقد دينا سماويا، وله كتاب منزل، كصحف ابراهيم، وشيت، وزبور داود، عليهم السلام، يصح الزواج منهم وأكل ذبائحهم ما لم يشركوا.
وهو وجه في مذهب الحنابلة، لأنهم ممسكوا بكتاب من كتب الله فأشبهوا اليهود أو النصارى.
ومذهب الشافعية، ووجه عند الحنابلة: أنه لا تحل مناكحتهم، ولا تؤكل ذبائحهم لقول الله تعالى: {أن تقولوا انما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا} الآية.
ولان تلك الكتب كانت مواعظ وأمثالا لا أحكام فيها، فلم يثبت لها حكم الكتب المشتملة على الاحكام.