الأربعاء، 7 مارس 2012

موسوعة الفقه - باب الذكر : الصلاة والسلام على رسول الله


الصلاة والسلام على رسول الله
قال الله تعالى: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}.

.معنى الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قال البخاري: قال أبو العالية: صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء.
وقال أبو عيسى الترمذي، وروى عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا: صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار.
قال ابن كثير: والمقصود من هذه الآية، أن الله سبحانه وتعالى أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملا الاعلى، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وان الملائكة تصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين، العلوي والسفلي جميعا.
وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة، ونذكر بعضها فيما يلى.
1- روى مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا».
2- وروى الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة» قال الترمذي: حديث حسن أي أحقهم بشفاعته واقربهم مجلسا منه.
2- وروى أبو داود باسناد صحيح عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فان صلاتكم تبلغني حيث كنتم».
4- وروى أبو داود والنسائي عن أوس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فان صلاتكم معروضة علي فقالوا يارسول الله وكيف تعرض صلاتنا عليك، وقد أرمت: أي: بليت؟ قال: إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الانبياء».
5- وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه باسناد صحيح: - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مامن أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام».
6- روى الإمام أحمد عن أبي طلحة الانصاري قال: «أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس يرى في وجهه البشر قالوا: يا رسول الله أصبحت اليوم طيب النفس يرى في وجهك البشر قال: أجل: أتاني آت من ربي عز وجل فقال: من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، ورد عليه مثلها» قال ابن كثير: وهذا إسناد جيد.
7- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سره أن يكال له بالمكيال الاوفى - إذا صلى علينا أهل البيت - فليقل: اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» رواه أبو داود والنسائي.
8- عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال: «يا ايها الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه قلت: يارسول الله إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت قلت: الربع؟ قال: ما شئت، فان زدت فهو خير لك قلت: النصف؟ قال: ما شئت، فان زدت فهو خير لك قلت: فالثلثين؟ قال: ما شئت، فان زدت فهو خير لك قلت: أجعل لك صلاتي كلها قال: إذن تكفي همك ويغفر لك ذنبك» رواه الترمذي.

.هل تجب الصلاة والسلام عليه كلما ذكر اسمه:
ذهب إلى وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر طائفة من العلماء، منهم الطحاوي والحليمي واستدلوا على ذلك بما رواه الترمذي وحسنه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي، ورغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل ادرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة».
ولحديث أبي ذر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصل علي».
وذهب آخرون إلى وجوب الصلاة عليه في المجلس مرة واحدة، ثم لا تجب في بقية ذلك المجلس، بل تستحب.
لحديث أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة يوم القيامة، فان شاء عذبهم، وان شاء غفر لهم» رواه الترمذي وقال: حسن.
استحباب كتابة الصلاة والسلام عليه كلما ذكر اسمه استحب العلماء الصلاة والسلام عليه - صلوات الله وسلامه عليه - كلما كتب اسمه، إلا أنه لم يرد في ذلك حديث يصح الاحتجاج به.
وذكر الخطيب البغدادي قال: رأيت بخط الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله كثيرا ما يكتب اسم النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر الصلاة عليه كتابة.
قال: وبلغني أنه كان يصلي عليه لفظا.

.الجمع بين الصلاة والتسليم:
قال النووي: إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم فليجمع بين الصلاة والتسليم، ولا يقتصر على احدهما فلا يقل: صلى الله عليه فقط، ولا عليه السلام فقط.

.الصلاة على الانبياء:
تستحب الصلاة على الانبياء والملائكة استقلالا وأما غير الانبياء فانه يجوز الصلاة عليهم تبعا باتفاق العلماء وقد تقدم قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم صل على محمد النبي وازواجه أمهات المؤمنين إلخ».
وتكره الصلاة عليهم استقلالا، فلا يقال: عمر صلى عليه وسلم.

.صيغة الصلاة والسلام عليه:
وروى مسلم عن أبي مسعود الانصاري أن بشير بن سعد قال: أمرنا الله أن نصلي عليك يارسول الله.
كيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد والسلام كما قد علمتم».
وروى ابن ماجه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: إذا صليتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة فانكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه.
قالوا له فعلمنا قال: قولوا، اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين، وإمام المتقدمين، وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة اللهم ابعثه مقاما يغبطه به الأولون.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد.