المبيت بالمزدلفة والوقوف بها
في حديث جابر رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم لما أتى المزدلفة، صلى المغرب والعشاء، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى الفجر، ثم ركب القصواء، حتى أتى المشعر الحرام، ولم يزل واقفا، حتى أسفر جدا، ثم دفع قبل طلوع الشمس.
ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أحيا هذه الليلة.
وهذه هي السنة الثابتة في المبيت بالمزدلفة، والوقوف بها.
وقد أوجب أحمد المبيت بالمزدلفة على غير الرعاة والسقاة.
أما هم فلا يجب عليهم المبيت بها.
أما سائر أئمة المذاهب، فقد أوجبوا الوقوف بها دون البيات.
والمقصود بالوقوف الوجود على أية صورة.
سواء أكان واقفا أم قاعدا، أم سائرا أم نائما.
وقالت الأحناف: الواجب هو الحضور المزدلفة قبل فجر يوم النحر.
فلو ترك الحضور لزمه دم.
إلا إذا كان له عذر، فإن لا يجب عليه الحضور ولا شيء عليه حينئذ.
وقالت المالكية: الواجب هو النزول بالمزدلفة ليلا، قبل الفجر، بمقدار ما يحط رحله وهو سائر من عرفة إلى منى، ما لم يكن له عذر.
فإن كان له عذر، فلا يجب عليه النزول.
وقالت الشافعية: الواجب هو الوجود بالمزدلفة، في النصف الثاني من ليلة يوم النحر، بعد الوقوف بعرفة.
ولا يشترط المكث بها، ولا العلم بأنها المزدلفة، بل يكفي المرور بها.
سواء أعلم أن هذا المكان هو المزدلفة، أم لم يعلم.
والسنة أن يصلي الفجر في أول الوقت ثم يقف بالمشعر الحرام إلى أن يطلع الفجر، ويسفر جدا قبل طلوع الشمس.
ويكثر من الذكر والدعاء.
قال تعالى: {فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم}.
فإذا كان قبل طلوع الشمس أفاض من مزدلفة إلى منى فإذا أتى محسرا أسرع قدر رمية بحجر.
مكان الوقوف: المزدلفة كلها مكان للوقوف إلا وادي محسر.
فعن جبير بن مطعم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كل مزدلفة موقف، وارفعوا عن محسر» رواه أحمد، ورجاله موثقون.
والوقوف عند قزح أفضل.
ففي حديث علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أصبح بجمع أتى قزح فوقف عليه، وقال: «هذا قزح وهو الموقف، وجمع كلها موقف» رواه أبو داود، والترمذي وقال: حسن صحيح.