الأحد، 11 مارس 2012

موسوعة الفقه - باب الخلع : ما هو الخلع


ما هو الخلع

الحياة الزوجية لا تقوم إلا على السكن، والمودة، والرحمة، وحسن المعاشرة، وأداء كل من الزوجين ما عليه من حقوق.
وقد يحدث أن يكره الرجل زوجته، أو تكره هي زوجها.
والإسلام في هذه الحال يوصي بالصبر والاحتمال، وينصح بعلاج ما عسى أن يكون من أسباب الكراهية، قال الله تعالى: {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}.
وفي الحديث الصحيح: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر».
إلا أن البغض قد يتضاعف، ويشتد الشقاق، ويصعب العلاج، وينفد الصبر، ويذهب ما أسس عليه البيت من السكن والمودة، والرحمة، وأداء الحقوق.
وتصبح الحياة الزوجية غير قابلة للاصلاح، وحينئذ يرخص الإسلام بالعلاج الوحيد الذي لابد منه.
فإن كانت الكراهية من جهة الرجل، فبيده الطلاق، وهو حق من حقوقه، وله أن يستعمله في حدود ما شرع الله.
وان كانت الكراهية من جهة المرأة، فقد أباح لها الإسلام أن تتخلص من الزوجية بطريق الخلع، بأن تعطي الزوج ما كان أخذت منه باسم الزوجية لينهي علاقته بها.
وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: {ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به}.
وفي أخذ الزوج الفدية عدل وإنصاف، إذ أنه هو الذي أعطاها المهر وبذل تكاليف الزواج، والزفاف، وأنفق عليها، وهي التي قابلت هذا كله بالجحود، وطلبت الفراق، فكان من النصفة أن ترد عليه ما أخذت.
وإن كانت الكراهية منهما معا: فإن طلب الزوج التفريق فبيده الطلاق وعليه تبعاته، وإن طلبت الزوجة الفرقة، فبيدها الخلع وعليها تبعاته كذلك.
قيل إن الخلع وقع في الجاهلية.
ذلك أن عامر بن الظرب زوج ابنته ابن أخيه، عامر بن الحارث، فلما دخلت عليه، نفرت منه، فشكا إلى أبيها، فقال: لا أجمع عليك فراق أهلك ومالك وقد خلعتها منك بما أعطيتها.
تعريفه: والخلع الذي أباحه الإسلام مأخوذ من خلع الثوب إذا أزاله، لأن المرأة لباس الرجل، والرجل لباس لها.
قال الله تعالى: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}.
ويسمى الفداء، لأن المرأة تفتدي نفسها بما تبذله لزوجها.
وقد عرفه الفقهاء بأنه فراق الرجل زوجته يبدل يحصل له.
والأصل فيه ما رواه البخاري، والنسائي، عن ابن عباس.
قال: «جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله ما أعتب عليه في خلق ولادين ولكني أكره الكفر في الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم اقبل الحديقة وطلقها تطليقة».