الأربعاء، 14 مارس 2012

موسوعة الفقه - باب الجهاد : الهدنة


الهدنة

متى تجب الموادعة والهدنة:
عقد الهدنة والموادعة هو الانفاق على ترك القتال فترة من الفترات الزمنية قد تنتهي إلى صلح، وتجب في حالين:

.الحالة الأولى:إذا طلبها العدو:
فإنه يجاب إلى طلبه ولو كان العدو يريد الخديعة، مع وجوب الحذر والاستعداد.
يقول الله تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله إنه هو السميع العليم وإن يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله}.
وفي غزوة الحديبية هادن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركي مكة، ووادعهم مدة عشر سنين، وكان ذلك حقنا للدماء، ورغبة في السلم.
عن البراء رضي الله عنه قال: «لما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم عن البيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثا، ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح، السيف وجرابه، ولا يخرج بأحد معه من أهلها، ولا يمنع أحدا يمكث بها ممن كان معه قال لعلي أكتب الشرط بيننا: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقال له المشركون: لو نعلم أنك رسول الله تابعناك، ولكن أكتب: محمد بن عبد الله فأمر عليا أن يمحوها فقال: لا والله لاأمحوها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرني مكانها، فأراه مكانها فمحاها، وكتب ابن عبد الله فأقام بها ثلاثة أيام فلما كان اليوم الثالث، قالوا لعلي: هذا آخر يوم من شرط صاحبك، فمره فليخرج فأخبره بذلك، فقال: نعم، فخرج».
وعن المسور بن مخرمة رضي الله عنه، أنهم اصطلحوا على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيهن الناس، وعلى أن بيننا عيبة مكفوفة، وأنه لا إسلال ولا إغلال. رواه البخاري ومسلم وأبو داود.

.الحالة الثانية: التي تجب فيها المهادنة:
الاشهر الحرم، فإنه لا يحل فيها البدء بالقتال، وهي ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرم، ورجب.
إلا إذا بدأ فيها العدو بالقتال، فإنه يجب القتال حينئذ دفعا للاعتداء، وكذلك يباح فيها القتال إذا كانت الحرب قائمة ودخلت هذه الاشهر ولم يستجب العدو لقبول الموادعة فيها.
يقول الله تعالى: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم}.
وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع فقال: «أيها الناس: {إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله} وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر في كتاب الله، يوم خلق الله السموات والأرض، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات، وواحد فرد، ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب، فهو الذي بين جمادى وشعبان، ألا هل بلغت، اللهم اشهد».
وما ورد من أن ذلك منسوخ، فهو ضعيف، لأنه ليس فيه ما يدل على النسخ.