النفخ فى الصور
ذكر النفخ في الصور في عشر آيات قرآنية ، فوجب الإيمان بذلك.
والصور : قرن من نور كهيئة البوق ينفخ فيه فيه إسرافيل عليه السلام(1). ويظهر من النصوص أنهما نفختان :
النفخة الأولى : وتسمى نفخة الصعق ، أو الفزع ، ويشير إليها قوله تعالى : { ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله } [الزمر/68].
وقوله تعالى:{ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله وكل أتوه داخرين (87) } [ النمل] داخرين : صاغرين أذلاء.
وبهذه النفخة يموت كل من لم يذق الموت قبلها من الخلائق . أما من ذاق الموت ، أو لم يكتب عليه الموت ، فلا يموت موتة ثانية .
واختلف العلماء في المستثنى في قوله تعالى : { إلا من شاء الله } ففي حديث أبي هريرة أنهم الشهداء عند ربهم يرزقون ، إنما يصل الفزع إلى الأحياء ، وهو قول سعيد بن جبير .
وقال الحسن : استثنى طوائف من الملائكة يموتون بين النفختين .
وقال مقاتل : يعني جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت .
وقيل : الحور العين ، وقال الضحاك : رضوان ، والحور، ومالك ، والزبانية
النفخة الثانية : وتسمى نفخة البعث : أو النشر ، أو النشور ويشير إليها قوله تعالى :
• { ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون (68)} [ الزمر ].
• { ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون } (51) قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون(52)} [يس].
• { ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا (99)} [ الكهف].
• { يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا (18)} [ النبأ ].
وبين النفختين تمر مدة طويلة ، فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما بين النفختين أربعون " قالوا : يا أبا هريرة أربعون يوما ؟ قال : أبيت . قالوا أربعون شهرا ؟ قال أبيت : قالوا : أربعون سنة ؟ قال : أبيت .
" ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل " (2).
وقول أبي هريرة ( أبيت ) معناه : أبيت أن أجزم بأن المراد أربعون يوما أو سنة أو شهرا : بل الذي أجزم به أنها أربعون مجملة .
وقد جاءت مفسرة من رواية غيره من غير مسلم : أربعون سنة . وفي هذه المدة وبعد أن يطوى الله السموات بيمينه كطي السجل للكتب ، وبعد أن يطوي الأرض بشماله ويقول : أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ أنا الملك أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ يقول الحق { لمن الملك اليوم } ؟
قال محمد بن كعب : " قوله سبحانه : { لمن الملك اليوم } يكون بين النفختين حين فنى الخلائق ، وبقى الخالق ، فلا يرى غير نفسه مالكا ولا مملوكا ، فيقول : { لمن الملك اليوم} فلا يجيبه أحد ، لأن الخلق أموات فيجيب نفسه فيقول : {لله الواحد القهار } لأنه بقى وحده ، وقهر خلقه (3).
================
المراجع والهوامش :
1ـ عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ما الصور ؟ قال : قرن ينفخ فيه " رواه الترمذي وأبو داود ، وهو الناقور المذكور في قوله تعالى : { فإذا نقر في الناقور(8)}[المدثر] كما فسره ابن عباس ـ نقر : نفخ .
2ـ رواه مسلم في الفتن 4/2270 .
3ـ تفسير القرطبي 15/301 .