الأحد، 18 مارس 2012

شخصيات تاريخية : مكتشف البنسلين عالم الأحياء الإسكتلندى ألكسندر فيلمنج

مكتشف البنسلين عالم الأحياء الإسكتلندى ألكسندر فيلمنج
 
 

الكسندر فليمنغ (6 أغسطس 1881—11 مارس 1955) عالم أحياء وعقاقير اسكتلندي. نشر فليمينغ مقالات عديدة عن علم الجراثيم، علم المناعة، والعلاج الكيميائي. من أشهر إنجازاته اكتشافه لإنزيم الليسوزيم، في عام 1923، وكذلك المضاد الحيوي البنسلين المستخرج من الفطر بنسيليوم نوتاتوم، في عام 1928. وبذلك نال جائزة نوبل في الفسيولوجيا بالمشاركة مع كل من هووارد والتر فلورى وإرنست بوريس تشاين في عام 1945.
ولد فليمينغ في 6 أغسطس 1881 في لوكفيلد، وهى مزرعة بالقرب من دارفل، شرق اّيرشاير باسكتلندا. كان فليمينغ الابن الثالث ضمن أربعة أطفال لهيو فليمنغ (1816—1888) من زوجته الثانية غريس ستيرلنغ مورتون (1848—1928)، ابنة أحد المزارعين الجيران. وكان لهيو فليمينغ أربعة أطفال من زواجه الأول. وعند زواجه الثاني كان في التاسع والخمسين من عمره. وتوفي عندما كان عمر الكسندر (المعروف بأليك) سبعة أعوام.
ذهب فليمينغ لمدرسة لندن مور ومدرسة دارفل، ثم أكاديمية كيلمارنوك لمدة سنتين. وبعد عمله في أحد مكاتب الشحن لمدة أربع سنوات، ورث فليمينغ بعض المال من أحد أعمامه، جون فليمينغ. وحينها كان في العشرين من عمره. كان توم الشقيق الأكبر لألكسندر طبيبا، فاقترح عليه العمل بنفس المهنة. وفي عام 1901، بدأ الكسندر العمل في مستشفى سانت ماري، بادينجتون، لندن. في عام 1906، أصبح فليمنغ مؤهلا للالتحاق بالكلية بامتياز ولديه الخيار ليصبح جراحا.
وعلى الرغم من أنه كان عضوا في نادي البندقية إلا أنه كان عضوا نشطا في الجيش الإقليمى منذ عام 1900. فأراد رئيس النادى الإبقاء على فليمينغ في الفريق، فاقترح أن ينضم لقسم الأبحاث في سانت ماري، حيث أصبح عالم بكتيريا مساعدا للسير ألمروث رايت، وهو رائد في مجال العلاج باللقاحات، وعلم المناعة. في عام 1908، حصل على بكالوريوس الطب ثم الميدالية الذهبية في بكالوريوس العلوم، وأصبح محاضرا في سانت ماري حتى عام 1914. في 23 ديسمبر 1915، تزوج فليمينغ بممرضة مدربة، وهى سارة ماريون مسيلروي من كيلالا بايرلندا.
خدم فليمينغ طوال الحرب العالمية الأولى كنقيب في السلاح الطبى بالجيش وأشير إليه في البرقيات. عمل هو والعديد من زملائه في المستشفيات بساحة المعركة بالجبهة الغربية في فرنسا. في 1918، عاد للعمل بمستشفى سانت ماري، حيث كانت مستشفى تعليمي. ثم في عام 1928، انتخب كأستاذ علم الجراثيم.
المجهودات قبل البنسلين
بعد الحرب، سعى فليمينغ لاكتشاف مضاد للبكتيريا، بعد موت العديد من الجنود المصابين بتسمم الدم الناتج عن الجروح الملوثة. فللأسف المطهرات تقضى على المناعة بفعالية أكبر من قضائها على الجراثيم. أثناء الحرب العالمية الأولى، نشر فليمينغ مقال في المجلة الطبية 'لانسيت' وصف فيها تجربته المبتكرة التي تمكن من إجرائها بفضل ما لديه من مهارة نفخ الزجاج، ذكر فيها كيف أن استخدام المطهرات خلال الحرب العالمية الأولى تسبب في وفاة الكثير من الجنود أكثر من الوفيات التي سببتها الإصابات نفسها. فالمطهرات تعمل جيدا على السطح، ولكن الجروح العميقة تحمى البكتيريا اللاهوائية من المطهرات. وكذلك المطهرات تقضى على المواد المفيدة التي تحمى المريض بالفعل في مثل هذه لحالات كما تقضى على البكتيريا. ولكنها لا تؤثر في البكتيريا التي لم تتمكن من الوصول إليها. أيد السير ألمروث رايت النتائج التي توصل لها فليمينغ بشدة. لكن على الرغم من هذا، استمر معظم الأطباء في الجيش خلال الحرب العالمية الأولى في استخدام المطهرات، حتى في الحالات التي يؤدى استخدامها إلى ازدياد حالة المريض سوءا.
اكتشاف البنسيلين
قال فليمنغ "عندما استيقظت بعد الفجر يوم 28 سبتمبر 1928، بالتأكيد لم أكن قد خططت لإحداث ثورة في الطب باكتشاف أول مضاد حيوي أو قاتل للبكتيريا في العالم. ثم قال: "لكن هذا بالضبط ما فعلت ". 3.
في عام 1928، بدأ فليمينغ البحث في خصائص العنقوديات. اشتهر فليمينغ بسبب إنجازاته السابقة كما أصبح يعرف بالباحث المتميز، ولكن غالبا ما يكون معمله غير مرتب. يوم 3 سبتمبر 1928، عاد فليمينغ إلى معمله بعد أن أمضى شهر آب / اغسطس في إجازة مع عائلته. قبل أن يغادر جمع كل ما لديه من مزارع للعنقوديات على مكتب في زاوية المعمل. عند عودته، لاحظ أن إحدى المزارع كانت ملوثة بالفطر، ومستعمرات العنقوديات التي أحاطت بها كانت قد دمرت، في حين أن المستعمرات الأخرى البعيدة عنها لم تتأثر. عرض فليمينغ المستعمرة الملوثة على مساعدته السابقة ميرلين بريس والتي قالت له: "هذه نفس الطريقة التي اكتشفت بهاالليسوزيم "   عرف فليمينغ أن العفن الذي لوث المزرعة هو من فطر البنسيليوم. بعد أشهر من تسميته عصير العفن أطلق عليه البنسيلين، وذلك كان يوم 7 مارس 1929.
وقد بحث مدى تأثيره الإيجابي كمضاد للبكتيريا على كثير من الكائنات الحية. فلاحظ أنه أثّر على أنواع من البكتيريا مثل: المكورات العنقودية، والكثير من البكتيريا موجبة الجرام المسببة للأمراض التي تسبب الحمى القرمزية، والالتهاب الرئوي، والتهاب السحايا، والخناق، ولكن ليس حمى التيفويد أو الحمى الشبيهة بحمى التيفويد والتي تنتج عن البكتيريا سالبة الجرام والتي كان يبحث لها عن علاج في ذلك الوقت. كما تؤثر في بكتيريا النيسيريا غورونيا المسببة للسيلان، على الرغم من أن هذه البكتيريا سالبة الجرام.
نشر فليمينغ هذا الاكتشاف في الدورية البريطانية لعلم الأمراض التجريبية، عام في 1929. ولكن لم تنل مقالته الكثير من الانتباه.تابع فليمينغ أبحاثه، ولكنه وجد أن زراعة البنسيليوم كانت صعبة جدا. وكذلك بعد نمو الفطر يصبح عزل المضاد الحيوى أكثر صعوبة. كان لدى فليمينغ انطباع بأن البنسيلين لن يصبح له أهمية في منع العدوى بسبب مشكلة إنتاج كميات منه، وكذلك لأنه يبدو أن مفعوله بطئ. كما أصبح على قناعة بأن البنسلين لن يبقى في جسم الإنسان لوقت كاف للقضاء على البكتيريا بفاعلية. العديد من التجارب التي تم إجرائها بشأنه لم تكن حاسمة، وربما لأنه كان يستخدم كمطهر سطحى. في 1930، كانت تجارب فليمينغ تبدو مبشرة أحيانا،  واستمر حتى عام 1940، في محاولة للوصول لمادة كيميائية تجعل البنسيلين صالح للاستعمال.
سرعان ما ترك فليمينغ البنسلين، ثم قام كل من فلورى وتشاين بإجراء الأبحاث، وتكثيف الإنتاج منه بتمويل من الحكومتين البريطانية والأمريكية. ثم بدؤوا إنتاج كميات كبيرة منه بعد تفجير بيرل هاربور. عندما بدأت الحرب، كانوا قد أنتجوا كميات كبيرة من البنسلين كافية لمعالجة جميع جرحى قوات التحالف.

التنقية والاستقرار
نموذج ثلاثى الأبعاد لبنزيل البنسيلين.


توصل إرنست تشين لكيفية عزل وتركيز البنسلين. كما وضع نظريات عن شكل البنسيلين. في عام 1940، بدأ الفربق نشر أولى النتائج. بعدها بوقت قصير اتصل فليمينغ هاتفيا برئيس القسم الذي يعمل به كل من فلورى وتشاين وأخبره أنه سيزوره في غضون أيام. عندما سمع تشاين ذلك تعجب وقال: "اعتقدت أنه قد مات ".
اقترح نورمان هيتلي نقل العنصر النشط من البنسلين إلى المياه عن طريق تغيير الحموضة. وبذلك أنتج ما يكفي من العقاقير لبدء التجارب على الحيوانات. شارك في إنتاجه الكثير من فريق أوكسفورد، وكذلك كلية دان بأكملها.
في عام 1940، طور الفريق وسيلة لتنقية البنسلين للوصول لشكل مستقر وفعال له. حينها تم إجراء العديد من التجارب عليه، جاءت هذه التجارب بنتائج مذهلة دفعت الفريق لتطوير أساليب للإنتاج والتوزيع على نطاق واسع، وكان ذلك في عام 1945.
تواضع فليمينغ عن دوره في تطوير البنسلين، واصفا شهرته بأنها "أسطورة فليمينغ" وأشاد بدور كل من فلورى وتشاين في تحويل التجارب المعملية إلى دواء فعلىّ. إن اعتبار فليمنغ هو أول من اكتشف خصائص المادة الفعالة، منحه صلاحية إطلاق اسم البنسلين عليه. كما حرص على إنماء ونشر الفطر الأصلي لمدة اثني عشر عاما. واستمرت حتى عام 1940 في محاولة للحصول على مادة كيميائية قادرة على تكوين البنسلين. في عام 1998، قال السير هنري هاريس : "من دون فليمينغ، ما كان تشاين؛ ومن دون تشاين، ما كان فلورى؛ ومن دون فلورى، ما كان هتلى؛ ومن دون هيتلى، ما كان البنسلين".

المضادات الحيوية
اختبار المضادات الحيوية الحديثة باستخدام طريقة مشابهة لاكتشاف فليمينغ


إن اكتشاف فليمينغ العارض للبنسلين وتمكنه من عزله، في سبتمبر 1928 يمثل بداية عصر جديد للمضادات الحيوية. كما اكتشف فليمينغ في وقت مبكر جدا أن البكتيريا يصبح لديها مقاومة للمضادات الحيوية عند استخدم كم قليل جدا من البنسلين أو عندما يستخدم لفترة قصيرة جدا. كما تنبأ ألمروث رايت بمقاومة المضادات الحيوية حتى قبل ملاحظة ذلك أثناء التجارب. حذر فليمينغ من استخدام البنسلين في كثير من أحاديثه في جميع أنحاء العالم. ونبه إلى عدم استخدام البنسلين ما لم يكن هناك تشخيص يدعو لاستخدامه، أما في حالة استخدامه، فلابد ألا يستخدام بقدر قليل جدا، أو لفترة قصيرة جدا، لأن هذه هي الظروف التي تجعل البكتيريا تكون مقاومة للمضادات الحيوية.
حياته الشخصية
إن القصة الشائعة بأن  والد ونستون تشرشل هو الذي أنفق على تعليم فليمينغ بعد أن أنقذ والد فليمينغ حياة ونستون الصغير من الموت، قصة مزيفة. وذلك وفقا للسيرة الذاتية، "رجل البنسلين : الكسندر فليمنغ وثورة المضادات الحيوية" ' والتي كتبها كيفين براون والكسندر فليمينغ، في شكل رسالة  لصديقه وزميله اندريه جراتيا،  ووصف هذا بأنه "أسطورة رائعة". كما أنه لم ينقذ ونستون تشرشل نفسه خلال الحرب العالمية الثانية. بل كان اللورد موران هو الذي أنقذ تشرشل باستخدام مادة السلفانوميد، حيث أنه ليس لديه خبرة البنسلين، وذلك عندما سقط تشرشل مريضا في قرطاج بتونس عام 1943. ولكن كل من صحيفة ديلي تلغراف ومورنينج بوست يوم 21 ديسمبر 1943، ذكرت أنه أنقذ بالبنسلين. في حين أن الذي أنقذه العقار الجديد السلفانوميد. كان يعرف في ذلك الوقت بكود البحث (إم & بى 693)، وكانت شركة ماي & بيكر ليمتد بداجنهام، إسيكس هي التي اكتشفته وصنعته وهى إحدى فروع المجموعة الفرنسية رون بول. وفي وقت لاحق أشار تشرشل من خلال حديث له في الإذاعة إلى الدواء الجديد ب "إم & بى الرائع" 
في عام 1949، توفيت سارة الزوجة الأولى لفليمينغ.وأصبح ابنهما الوحيد، روبرت فليمينغ، طبيبا عاما. وبعد وفاة سارة تزوج فليمنج من الطبيبة أماليا كوتسورى فوريكاس اليونانية، وكانت زميلته في مستشفى سانت ماري. كان ذلك في 9 أبريل 1953، ثم توفيت في عام 1986.
.
الألقاب والجوائز والانجازات
إن اكتشاف البنسلين قد غير الطب الحديث في العالم، وبدأ عصر جديد من المضادات الحيوية المفيدة. أنقذ البنسلين، ولا يزال ينقذ الملايين من الناس حول العالم. تم تحويل المختبر في مستشفى سانت ماري بلندن حيث اكتشف فليمينغ البنسلين إلى متحف فليمينغ. وهناك أيضا مدرسة في لوميتامنطقة لوميتا أطلق عليها مدرسة الكسندر فليمنغ للمرحلة المتوسطة. وكذلك كلية امبريال بها مبنى يحمل اسمه، مبنى السير الكسندر فليمنغ. وتقع هذه الكلية داخل الحرم الجامعي جنوب كنسينغتون في لندن، وهى مكان لتعليم الكثير من طلبة الطب.
  • تقاسم كل من فليمينغ، وفلورى، وتشاين جائزة نوبل في الطب عام 1945. حيث أنه وفقا لقواعد لجنة جائزة نوبل أن أقصى عدد للتشارك في جائزة هو ثلاثة أشخاص. حفظت ميدالية فليمينغ عن جائزة نوبل في المتحف الوطني في اسكتلندا، في عام 1989، وسيتم عرضها في المتحف الملكي عند إعادة افتتاحه في عام 2011.
  • كما حصل فليمينغ على درجة الأستاذية في البحث من الكلية الملكية للجراحين في إنجلترا.
  • حصل كل من فليمينغ وفلورى على وسام فارس في عام 1944.
  • انتخب فلورى كرئيس للجمعية الملكية في عام 1960. وحصل على شرف نبيل في عام 1965، نظرا لمجهوده الهائل في صنع البنسلين وإتاحته للجمهور وإنقاذ حياة الملايين في الحرب العالمية الثانية، وأصبح بارون أى نبيل.
  • يأتى اكتشاف البنسلين على رأس اكتشافات الألفية وفقا لما ذكرته ما لا يقل عن 3 من المجلات السويدية الكبرى. ومن المستحيل أن نعرف عدد الأشخاص الذين أنقذ البنسيلين حياتهم. ولكن ذكرت بعض المجلات أن العدد يقترب من 200 مليون شخص.
  • ومن المقرر في عام 2009، أن تصدر أوراق نقدية تذكارية عن بنك كليديسدال تحمل صورة فليمينغ على العملة الورقية فئة 5 يورو
  • وفاته
    في عام 1955، توفي فليمينغ في منزله في لندن على إثر أزمة قلبية. وبعد أسبوع أحرقت جثته ودفن الرماد في كاتدرائية سانت بول