صيغ الطلاق
التنجيز والتعليق صيغة الطلاق:
إما أن تكون منجزة، وإما أن تكون معلقة، وإما أن تكون مضافة إلى مستقبل.
فالمنجزة: هي الصيغة التي ليست معلقة على شرط، ولا مضافة إلى زمن مستقبل، بل قصد بها من أصدرها وقوع الطلاق في الحال، كأن يقول الزوج لزوجته: أنت طالق.
وحكم هذا الطلاق، أنه يقع في الحال متى صدر من أهله، وصادف محلا له.
وأما المعلق: وهو ما جعل الزوج فيه حصول الطلاق معلقا على شرط، مثل أن يقول الزوج لزوجته: إن ذهبت إلى مكان كذا، فأنت طالق.
ويشترط في صحة التعليق، ووقوع الطالق به ثلاثة شروط: الأول أن يكون على أمر معدوم، ويمكن أن يوجد بعد، فإن كان على أمر موجود فعلا، حين صدور الصيغة مثل أن يقول: إن طلع النهار فأنت طالق، والواقع أن النهار قد طلع فعلا - كان ذلك تنجيزا وإن جاء في صورة التعليق.
فإن كان تعليقا على أمر مستحيل كان لغوا، مثل إن دخل الجمل في سم الخياط فأنت طالق.
الثاني أن تكون المرأة حين صدور العقد محلا للطلاق بأن تكون في عصمته.
الثالث أن تكون كذلك حين حصول المعلق عليه.
والتعليق قسمان:
القسم الأول يقصد به ما يقصد من القسم للحمل على الفعل أو الترك أو تأكيد الخبر، ويسمى التعليق القسمي، مثل أن يقول لزوجته: إن خرجت فأنت طالق، مريدا بذلك منعها من الخروج إذا خرجت، لا إيقاع الطلاق.
القسم الثاني ويكون القصد منه إيقاع الطلاق عند حصول الشرط.
ويسمى التعليق الشرطي، مثل أن يقول لزوجته: إن أبرأتني من مؤخر صداقك فأنت طالق.
وهذا التعليق بنوعيه واقع عند جمهور العلماء.
ويرى ابن حزم أنه غير واقع.
وفصل ابن تيمية وابن القيم، فقالا: إن الطلاق المعلق الذي فيه معنى اليمين غير واقع.
وتجب فيه كفارة اليمين إذا حصل المحلوف عليه.
وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
وقالا في الطلاق الشرطي: إنه واقع عند حصول المعلق عليه.
قال ابن تيمية: والالفاظ التي يتكلم بها الناس في الطلاق ثلاثة أنواع:
الأول صيغة التنجيز والارسال، كقوله: أنت طالق فهذا يقع به الطلاق، وليس بحلف، ولا كفارة فيه اتفاقا.
الثاني صيغة تعليق، كقوله: الطلاق يلزمني لافعلن هذا، فهذا يمين باتفاق أهل اللغة، واتفاق طوائف العلماء، واتفاق العامة.
الثالث صيغة تعليق كقوله: إن فعلت كذا فامرأتي طالق، فهذا إن قصد به اليمين، وهو يكره وقوع الطلاق كما يكره الانتقال عن دينه فهو يمين، حكمه حكم الأول، الذي هو صيغة القسم باتفاق الفقهاء.
وإن كان يريد وقوع الجزاء عند الشرط لم يكن حالفا، كقوله: إن أعطيتني ألفا فأنت طالق، وإذا زنيت فأنت طالق، وقصد إيقاع الطلاق عند وقوع الفاحشة، لا مجرد الحلف عليها، فهذا ليس بيمين، ولا كفارة في هذا عند أحد من الفقهاء فيما علمناه، بل يقع به الطلاق.
إذا وجد الشرط.
وأما ما يقصد به الحض، أو المنع، أو التصديق، أو التكذيب، بالتزامه عند المخالفة ما يكره وقوعه، سواء كان بصيغة القسم، أو الجزاء، فهو يمين عند جميع الخق من العرب وغيرهم.
وإن كان يمينا فليس لليمين إلا حكمان: إما أن تكون منعقدة فتكفر، وإما أن لا تكون منعقدة، كالحلف بالمخلوقات فلا تكفر، وأما أن تكون يمينا منعقدة محترمة غير مكفرة، فهذا حكم ليس في كتاب الله، ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا يقوم عليه دليل.
ما عليه العمل الان: وما جرى عليه العمل الان في الطلاق المعلق هو ما تضمنته المادة الثانية من القانون رقم 25 لسنة 1929 ونصها: لا يقع الطلاق غير المنجز إذا قصد به الحمل على فعل شيء أو تركه لا غير.
وجاء في المذكرة الايضاحية لهذا المادة: إن المشرع أخذ في إلغاء اليمين بالطلاق برأي بعض علماء الحنفية والمالكية والشافعية، وإنه أخذ في إلغاء المعلق الذي في معنى اليمين برأي علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، وشريح القاضي، وداود الظاهري وأصحابه.
وأما الصيغة المضافة إلى مستقبل: فهي ما اقترنت بزمن، بقصد وقوع الطلاق فيه، متى جاء، مثل أن يقول الزوج لزوجته: أنت طالق غدا، أو إلى رأس السنة، فإن الطلاق يقع في الغد أو عند رأس السنة إذا كانت المرأة في مكله عند حلول الوقت الذي أضاف الطلاق إليه.
وإذا قال لزوجته: أنت طالق إلى سنة قال أبو حنيفة ومالك: تطلق في الحال.
وقال الشافعي، وأحمد: لا يقع الطلاق حتى تنسلخ السنة.
وقال ابن حزم: من قال: إذا جاء رأس الشهر فأنت طالق.
أو ذكر وقتا فلا تكون طالقا بذلك. لا الان.
ولا إذا جاء رأس الشهر.
برهان ذلك: أنه لم يأت قرآن ولا سنة بوقوع الطارى بذلك، وقد علمنا الله الطلاق على المدخول بها، وفي غير المدخول بها، وليس هذا فيما علمنا.
{ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه}.
وأيضا، فإن كان كل طلاق لا يقع حين إيقاعه، فمن المحال أن يقع بعد ذلك في حين لم يوقعه فيه.