تناقض المدعى والشهود
التناقض قسمان:
1- تناقض الشهود.
2- تناقض المدعي.
.تناقض الشهود أو رجوعهم عن الشهادة:
إذا أدى الشهود الشهادة ثم رجعوا عنها في حضور القاضي قبل إصدار الحكم تكون شهادتهم كأن لم تكن ويعزرون.
وهذا رأي جمهور الفقهاء، أما إذا رجع الشهود عن الشهادة بعد الحكم في حضور القاضي فلا ينقض الحكم الذي حكم به ويضمن الشهود المحكوم به.
وقد روي أن رجلين شهدا عند الإمام علي - كرم الله وجهه - على آخر بالسرقة فقطع يده ثم عادا بعد ذلك برجل غيره قائلين: إنما السارق هذا.
فقال علي: لا أصدقكما على هذا الاخر وأضمنكما دية يد الأول ولو أني أعلمكما فعلتما ذلك عمدا قطعت أيديكما.
وعلل شهاب الدين القرافي رأي الجمهور هذا بقوله: إن الحكم ثبت بقول عدول وسبب شرعي ودعوى الشهود بعد ذلك الكذب اعتراف منهم أنهم فسقة، والفاسق لا ينقض الحكم بقوله فيبقى الحكم على ماكان عليه.
وذهب ابن المسيب والاوزاعي وأهل الظاهر إلى نقض الحكم عند الرجوع عن الشهادة في كل الاحوال لأن الحكم ثبت بالشهادة فإذا رجع الشهود زال ما يثبت به الحكم، وكذلك سائر الحدود والقصاص عند بعض الفقهاء لا ينفذ الحكم إذا رجع الشهود قبل التنفيذ لأن الحدود تدرأ بالشبهات.
.تناقض المدعي:
إذا سبق كلام من المدعي مناقض لدعواه بطلت الدعوى، فإذا أقر بمال لغيره ثم ادعى أنه له، فهذا الادعاء المناقض لاقراره مبطل لدعواه ومانع من قبولها.
وإذا أبرأ أحد آخر من جميع الدعاوى فلا يصح له أن يدعي عليه بعد ذلك مالا لنفسه.
.نقض بينة المدعي:
يجوز للمدعى عليه أن يقدم البينة التي يدفع بها دعوى المدعي ليثبت براءة ذمته إذا كانت لديه هذه البينة.
فإذا لم تكن له مثل هذه البينة جاز له أن يقدم بينة تشهد بالطعن في عدالة الشهود وتجريح بينة المدعي.
.تعارض البينتين:
وإذا تعارضت البينتان ولم يوجد ما يرجح إحداهما قسم المدعى بين المدعي والمدعى عليه: فعن أبي موسى أن رجلين ادعيا بعيرا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث كل واحد منهما بشاهدين فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين رواه أبو داود والحاكم والبيهقي.
وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي من حديث أبي موسى: «أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دابة ليس لواحد منهما بينة فجعلها بينهما نصفين».
وإلى هذا ذهب أبو حنيفة، فإن كان المدعى في يد أحدهما فعلى خصمه البينة، فإن لم يأت بها فالقول لصاحب اليد مع يمينه، وكذلك لو أقام كل واحد منهما البينة كانت اليد مرجحة للشهادة.
فعن جابر، أن رجلين اختصما في ناقة، فقال كل واحد منهما: نتجت عندي، وأقام بينة.
فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هي في يده.
أخرجه البيهقي ولم يضعف اسناده، وأخرج الشافعي نحوه.