الجمعة، 23 مارس 2012

موسوعة العقيدة - السمعيات : الميزان و صحائف الأعمال

الميزان وصحائف الأعمال


الميزان

        بعد أن يطلع كل إنسان على صحائف أعماله بما فيها من حسنات وسيئات ، يبدأ وزن الأعمال ، ليعرف العبد مصيره ، فالحساب لتقرير الأعمال ، والوزن لإظهار مقاديرها ؛ ليكون الجزاء بحسبها .

        وقد ورد وزن الأعمال في الكتاب والسنة ، وأجمعت عليه الأمة . فوجب الإيمان به . قال تعالى :

        • { ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين (47)} [ الأنبياء].

        • { فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون (102) ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون(103) } [المؤمنون].

        • { فأما من ثقلت موازينه (6) فهو في عيشة راضية (7) وأما من خفت موازينه (8) فأمه هاوية (9) وما أدراك ما هية (10) نار حامية (11)} [القارعة].

        والمراد بالموازين : الموزونات ، فجمع باعتبار تنوع الأعمال الموزونة ويمكن أن تكون هناك موازين متعددة بحسب نوع الأعمال ، والميزان له كفتان مشاهدتان . ولكن ماالذي يوضع في الميزان ؟

        المتتبع للأحاديث النبوية يجد أن الذي يوزن هو الأعمال ، والعامل نفسه ، وصحائف الأعمال ، وإليك الأدلة :

        (1) فمما يدل على أن الأعمال توزن ، وإن كانت أعراضا إلا أن الله يظهرها في صورة قابلة للوزن . فهو على كل شئ قدير :

        ( أ ) عن أبي مالك الأشجعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان " (1).

        ( ب ) قوله صلى الله عليه وسلم : " كلمتان خفيفتان على اللسان ، حبيبتان إلى الرحمن ، ثقيلتان في الميزان : سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم"(2)

        (2) ومما يدل على أن العامل نفسه يوزن : ـ

        ( أ ) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة ، لا يزن عند الله جناح بعوضة ، وقال : اقرءوا إن شئتم : { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا } (3).

        ( ب ) وعن ابن مسعود أنه كان يجني سواكا من الآراك ، وكان دقيق الساقين ، فجعلت الريح تكفؤه ، فضحك القوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مم تضحكون ؟ قالوا : يا نبي الله من دقة ساقيه . فقال : والذي نفسي بيده ، لهما أثقل في الميزان من أحد " رواه أحمد .

        (3) ومما يدل على أن صحائف الأعمال توزن حديث البطاقة : وهو ما رواه عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلا ، كل سجل مد البصر ، ثم يقول له : أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمتك كتبتي الحافظون ؟ قال : لا يا رب . فيقول : ألك عذر ، أو حسنة ؟ فيبهت الرجل . فيقول : لا يا رب . فيقول : بلى . إن لك عندنا حسنة واحدة ، لا ظلم اليوم عليك . فتخرج له بطاقة فيها : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله . فيقول : أحضروه . فيقول : يا رب . ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فيقال : إنك لا تظلم . قال : فتوضع السجلات في كفة ، والبطاقة في كفة ، قال : فطاشت السجلات ، وثقلت البطاقة ، ولا يثقل مع اسم الله شئ " رواه الترمذي.

================

        المراجع والهوامش :

1ـ رواه مسلم في الطهارة 1/203 والطهور بضم الطاء : الفعل الذي هو المصدر ، وبفتح الطاء : الماء الذي يتطهر به ، وكذا الوضوء والوضوء.
2ـ رواه مسلم في الذكر والدعاء 4/2072 .
3ـ رواه مسلم في صفة القيامة 4/2147 .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صحف الأعمال

        بعدما يقبل الله شفاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم ليبدا الفصل بين العباد : توزع صحائف الأعمال على الخلق . يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من مؤمن إلا وله كل يوم صحيفة ، فإذا طويت وليس فيها استغفار ، طويت وهي سوداء مظلمة ، وإذا طويت وفيها استغفار ، طويت ولها نور يتلألأ " .

        هذه الصحف اليومية يوصل بعضها ببعض يوم القيامة . فتصير كتابا ، يضم كل صغيرة وكبيرة ، مما عمل المرء . يقول تعالى : { ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يا ويلتنا ما ل هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا(49) } [الكهف].

        وورد أن ريحا تطير هذه الكتب من خزانة تحت العرش ، وتسلمها الملائكة لأصحابها . يقول تعالى : { وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا (13) اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا (14)} [الإسراء]

        وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات : فأما عرضتان ، فجدال ومعاذير، وأما العرضة الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي ، فآخذ بيمينه ، وآخذ بشماله" رواه الترمذي.

        أما المؤمن فيأخذ كتابه بيمينه،يقول تعالى:{فأما من أوتى كتابه بيمينه، (7) فسوف يحاسب حسابا يسيرا(8) وينقلب إلى أهل مسرورا (9) } [الإنشقاق].

        ويقول : { فأما من أوتى كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه (19) إني ظننت أني ملاق حسابيه(20) فهو في عيشة راضية (21) في جنة عالية (22) قطوفها دانية(23) كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية(24)}[الحاقة]

        وأما الكافر ، فيأخذ كتابه بشماله من وراء ظهره . يقول تعالى : {وأما من أوتى كتابه بشماله فيقول يا ليتني لم أوت كتابيه(25)ولم أدر ما حسابيه(26) يا ليتها كانت القاضية(27)ما أغنى عني مالية(28)هلك عني سلطانيه(29)خذوه فغلوه (30) ثم الجحيم صلوه(31)في في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه(32) إنه كان لا يؤمن بالله العظيم (33) ولا يحض على طعام المسكين (34) فليس له اليوم هاهنا حميم (35) ولا طعام إلا من غسلين (36) لا يأكله إلا الخاطئون (37) } [الحاقة].

        ويقول سبحانه : { أما من أوتى كتابه وراء ظهره (10) فسوف يدعوا ثبورا (11) ويصلى سعيرا(12) إنه كان في أهله مسرورا (13) إنه ظن أن لن يحور(14) بلى إن ربه كان به بصيرا(15) } [الإنشقاق].