الأربعاء، 28 مارس 2012

موسوعة علوم الحديث : مقدمة عن تدوين الحديث


تدوين الحديث : مقدمة


موقف الإسلام من الكتابة
        منذ أن أهلت شمس الإسلام على العرب - الذين شغلتهم حروبهم , وغاراتهم وعدم حبهم لقيود الحضارة والمدنية , ونفورهم من أسباب الترف الذى يورث الخمول , ويطفئ جذوة الشجاعة فيهم , والتى أحالت هى وغيرها عن عموم الكتابة فيهم , بما يمنع عنهم صفة " الأمية " التى لصقت بهم خلال التاريخ - وهو يحاول جاهدا , وبسرعة إلى استئصال – صفة الأمية – هذه من قاموس صفاتهم 0

        حيث إنهم : قادمون على الجهاد الأكبر , الذى لا تسير هذه الصفة فى قافلته , ألاَ وهو الجهاد الفكرى فى سبيل نشر الدعوة الكبرى , التى غيرت – وسوف تغير – كل ملامح الجزيرة , ومنها هذه الصفة , التى تتنافى وعالمية الدعوة الاسلامية , إن هى ظلت بهم لاصقة 0

        ويتبين لنا حربه لهذه الأمية فيما يلى :-

موقف القرآن الكريم

        إن من أقدم المصادر العربية المدوَّنة عن تاريخ العرب - بعامة – وأصحها : القرآن الكريم (1) 0

        ولذلك يكون من ألزم الأحاديث وأصدقها : بيان موقف القرآن من الكتابة 0 خاصة : فى هذا العهد المتقدم 0

        وقد حارب القرآن – فيما حارب – أمية العرب , وعمل على محوها , وطفق يرفع من شأن الكتابة والقراءة , ويعلى من مقامها (2) ومن مقام من يجيدهما 0

        ولذا نجد فى آياته الكريمة : الكثير والكثير من ألفاظ القراءة , والكتابة 0

        بل ذكر أدوات الكتابة نفسها 0

        ومن ذلك :

        1- فى القراءة :

        أ – إقرأ : وهى أول لفظة نزلت – فى أول آية نزلت – فى القرآن الكريم 0
فى قوله تعالى ( إقرأ باسم ربك الذى خلق * خلق الإنسان من علق * إقرأ وربك الأكرم * الذى علم بالقلم * علم الإنسان * ما لم يعلم ) (3) 0

        وفى هذه الآيات : يشيد الحق تبارك وتعالى بالقلم , وهو من ادوات الكتابة 0

        وقد وردت لفظة " إقرأ " وما اشتق منها فى القرآن الكريم : سبع وثمانون مرة (4) 0

        ب‌- مادة التلاوة : وما اشتق منها , وردت فى القرآن الكريم :
ثنتان وستون مرة (5) 0

        2- فى الكتابة :

        وردت مادة الكتابة وما اشتق منها فى القرآن الكريم : ثلاثمائة وتسع عشرة مرة (6)0

        3- فى مواد الكتابة :

        أ – القلم : وقد نزلت سورة من القرآن , وسميت باسمه , ويقسم فيها سبحانه بالقلم ؛ فيقول تعالى ( ن والقلم وما يسطرون ) (7)0

        ب- المداد : ورد فى قوله تعالى (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى
لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا )(8)

        جـ- القرطاس : فى قوله تعالى (ولو نزلنا عليك كتابا فى قرطاس فلمسوه بأيديهم ) (9)

        د- الصحف : فى قوله تعالى (ان هذا لفى الصحف الأولى , صحف إبراهيم وموسى ) (10)

        وقد ذكرت هذه المادة فى القرآن الكريم مرات ثمان (11)0

        هـ- الرَّق : فى قوله تعالى ( وكتاب مسطور فى رق منشور) (12)

        و – السجل : فى قوله تعالى (يوم نطوى السماء كطى السجل للكتب ) (13) 0

        كل هذا وغيره 0

        فضلا عن : دعوة القرآن للعلم والمعرفة بعامة (قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟ ) (14)0


موقف الرسول صلى الله عليه وسلم

        ولقد اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم , بهذا الأمر البالغ الخطورة والجليل الشأن , فى نشر هذه الدعوة العالمية , التى يجب أن تتوافر لها كل وسائل التبليغ 0

        والقراءة والكتابة : من أقوى الوسائل لنقل الأفكار , والمعتقدات ، وتبليغها إلى من هم بعيدون عن منبعها زمانا ومكانا 0

        ولذلك ورد فى السنن : كثير من الأحاديث التى ، يحث فيها الرسول صلى الله عليه وسلم على تعلم الكتابة وتحسينها , كما وردت آثار : بمعرفته , صلى الله عليه وسلم , حروف الخط , وحسن تصويرها(15) 0

        فضلا عن أنه : صلى الله عليه وسلم , وضع اللبنات الأولى للتعليم الجماعى العام ، بعد غزوة بدر , كما سنرى 0

        ويتبين لنا موقفه عليه السلام : بهذه الثمرات اليانعة من الأحاديث، التى نقتطفها من حقل سنته الطاهرة 0
أولا : من السنة القولية 0

        (1) دعاؤه عليه الصلاة والسلام لمعاوية رضى الله عنه بقوله " اللهم علم معاوية الكتاب والحساب " (16)

        وهذا الدعاء : إعلاء منه عليه السلام لشأن الكتابة وتعلمها , ورفع لمنزلتها , وحث على الإقبال على تعلمها 0

        2) قوله عليه الصلاة والسلام لأصحابه " قيدوا العلم بالكتاب " (17) حتى يكون حافظا وسجلا لما يتلقونه من العلم 0

        وفى هذا : غاية الحث على تعلم الكتابة 0

        3) قوله عليه الصلاة والسلام لرجل شكا إليه سوء حفظه " استعن بيمينك وأوما بيده للخط " (18) 0

        وفى هذا – أيضا – دعوة منه عليه السلام , إلى كل من لم تسعفه ذاكرته فى اختزان ما يتلقاه : أن يتعلم الكتابة ؛ ليحفظ بها من العلم ما يريد0

        4) قوله للكتبة من أصحابه عليه السلام "من كتب بسم الله الرحمن الرحيم مجودة : غفر الله له " (19)0

        وهذا طلب منه عليه السلام : إجادة الكتابة , وتحسينها وتوضيحها ؛ لتؤدى الغرض منها , وتعين صاحبها على الإفادة 0

        5) قوله عليه الصلاة والسلام لأصحابه " قراءة الرجل فى غير المصحف ألف درجة , وقراءته فى المصحف تضاعف على ذلك بألفى درجةً (20)

        وذلك لن يكون : إلا بتعلم القراءة والكتابة , فهو حث على ذلك بطريق آكد , فيه تشويق للثواب 0

        6) أمره عليه الصلاة والسلام لأصحابه : أن يكتبوا لبعض الصحابة بعض مواعظه , كما فى حديث أبى شاه 0

        حيث إن النبى صلى الله عليه وسلم : خطب , فذكر قصة فى الحديث فقال أبو شاه : اكتبوا لى يا رسول الله , فقال عليه السلام "اكتبوا لابى شاه" (21) 0

        7) قوله لمعاذ بن جبل : حين بعثه الى اليمن : " لا تقضين ولا تفصلن إلا بما تعلم , وإن أشكل عليك أمر , فقف حتى تتبينه , أو تكتب إلى فيه " (22) 0

        وفى ذلك : حث لرسله (23)– الذين كان يرسلهم عليه السلام إلى الملوك , أو عامة الناس لدعوتهم للاسلام – على تعلم الكتابة , حتى يكتبوا إليه عليه السلام , ويراسلوه بأنبائهم , وما يعنُّ لهم من الأقضية 0

        8) قوله عليه الصلاة والسلام فى اول الامر لما كثر الكاتبون عنه وكثر ما يكتبونه , محاولين كتابة كل شئ يصدر منه عليه السلام ؛ فخاف صلى الله عليه وسلم أن يختلط عندهم القرآن بغيره : فقال " لا تكتبوا عنى شيئا سوى القرآن , فمن كتب عنى شيئا سوى القرآن فليمحه " (24) 0

        وفى هذا : توجيه منه عليه الصلاة والسلام لأصحابه , فيما يكتبون وما يدعون ، ودعوة منه : لكتابة القرآن ؛ حيث إن إفراده بالكتابة فى ذلك الوقت : فيها نوع اهتمام بذلك 0

        وهذا يستتبع بالتالى : الدعوة إلى تعلم الكتابة وتعليمها 0

        9) نهيه صلى الله عليه وسلم عن أخذ الأجرة على تعليم الكتابة0

        حيث قال لعبادة ابن الصامت حينما سأله على الهدية التى أخذها نظير تعليمه
بعض الناس - كما سبق – الكتابة " إن سرك ان تطوق بها طوقا من نار فاقبلها " (25) 0

        وفى ذلك ما فيه : من أسس لمجانية التعليم , وضعها محمد صلى الله عليه وسلم , منذ أربعة عشر قرنا 0

ثانيا : من السنة الفعلية0

        1) أرسل صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والرؤساء الكتب لدعوتهم
إلى الاسلام (26)0

        وفى ذلك : دعوة عملية إلى تعلم الكتابة والقراءة ؛ حيث لا يتسنى إرسال هذه الكتب وقراءة الردود عليها 00 إلا بتعلم ذلك 0

        2) أرسل صلى الله عليه وسلم إلى أهل الإسلام الكتب لتعليمهم أحكام الدين وشرائعه (14)0

        وفى هذا : حث عملى – أيضا – على تعلم الكتابة والقراءة 0

        3) ما رواه الرواة الأثبات مما يعتبر اللبنة الأولى للتعليم الجماعى ، حيث إن المسلمين لما أسروا فى غزوة بدر سبعين رجلا من المشركين , من قريش وغيرهم , وفيهم الكثير من الكتاب : قَبِل النبى صلى الله عليه وسلم من الأميين منهم الافتداء بالمال , وأما الذين يعرفون الكتابة فقد فرض على كل واحد منهم أن يعلم عشرة من صبيان المدينة الكتابة 0

        وقيل : إن هذا الفرض كان على من عجز عن الافتداء بالمال , كما فى بعض الروايات (27)0

        وهذا وإن كان إعلانا منه صلى الله عليه وسلم بان القراءة والكتابة عديلان للحرية , وهو منتهى ما تصل إليه الهمم فى تحرير أمة مـن رق الأمية (28) : فهو فى نفس الوقت يبين لنا قيمة القراءة والكتابة فى نظر الرسول عليه الصلاة والسلام 0

        وبخاصة :عندما نعرف القيمة المالية للفدية , والتى كانت تسقط بتعليم الأسير عشرة من صبيان المسلمين (29), فى وقت كان المسلمون فيه أحوج إلى درهم , لإزالة خصاصتهم , والتقوى على أعدائهم به 0

        ولكن ذا المواهب , صلى الله عليه وسلم , أدرك أن تعليم الأمة القراءة والكتابة : خير من المال , وأنها من عوامل تقدم الأمة ورقيها وبهذه السياسة الحكيمة 0

        كان النبى صلى الله عليه وسلم : أول من وضع اللبنة فى إزالة الأمية من الأمم والشعوب 0

        وأن الإسلام بهذا : سبق إلى محاربة الأمية والجهل , من قرابة أربعة عشر قرنا على ،حين كان غير المسلمين ممن بيدهم مقاليد الأمور ، يحرصون على أن تبقى شعوبهم منغمسة فى حمأة الجهل والخرافات 0

        ولقد كان لهذه السياسة الرشيدة : أثرها , فقد انتشرت الكتابة بين المسلمين , وانتشر العلم والمعرفة , وصارت تنتشر فى كل قطر فتحه المسلمون (30)0

        ومما نلاحظه على ما ترويه كتب السيرة , من الأسر والفداء فى غزوة بدر , مما يوضح لنا مقدار الكتابة وقتها :

        أ- أن الافتداء بهذا الشكل سواء كان لمن يعرف القراءة والكتابة أو لمن يعجز عن دفع المال – كما فى بعض الروايات - يدل دلالة واضحة على أنه كان فداء لعدد كثير , ممن يجيد القراءة والكتابة 0

        ب- أن القراءة والكتابة : كانت شائعة فى القوم المعاصرين لهذه الموقعة , إذ أن هؤلاء الأسرى ما هم إلا عينة ونماذج غير مختارة , تمثل جموع القوم آنذاك , والكثرة التى تجيد الكتابة بين هؤلاء تقابلها كثرة بين من حضر الموقعة ولم يقع فى الأمر أو ممن لم يحضر أصلا 0

        جـ- أنه كانت درايتهم للكتابة : تتخطى درجة المعرفة السطحية إلى درجة الإتقان والإجادة , التى يتسنى معها ممارسة تعليم عدة من الصبيان الذين اشترط تعليمهم بدل الفدية 0

        د- ان النبى صلى الله عليه وسلم : عمل بذلك على نشر تعلم الكتابة وتعليمها ، بطريقة عامة ورسمية: انتشر الخط بعدها بصورة عامة وجماعية وشاملة فى المدينة والأمصار التى دخلت تحت لواء الإسلام 0

        وهكذا ظهر لنا : موقف الاسلام جليا من الكتابة والقراءة , بما ينير لنا الطريق , من ناحية كتابة القرآن الكريم وتدوينه , على النحو الذى يلى قريبا 00
-------------------------
(1) العرب قبل الاسلام ص 17
(2) مناهل العرفان 1/356
(3) العلق الايات 1-5
(4) انظر : المعجم المفهرس – مادة قرأ – ص 539
(5) المعجم المفهرس ص 155
(6) المعجم المفهرس ص 591
(7) القلم : 1 , 2
(8) الكهف : 109
(9) الأنعام : 7
(10) الأعلى : 18 , 19
(11) المعجم المفهرس 0
(12) الطور : 2 , 3
(13) الأنبياء : 104
(14) الزمر : 9
(15) انظر : الشفاء 1/235
(16) رواه ابن حنبل فى مسنده من حديث العرباض بن سارية (4/127)
(17) رواه الدارمى فى روايتين : عن عمر بن الخطاب , وكذلك :
(18) عن عبد الله ابنه (1/105) رواه الترمذى عن ابى هريرة 4/145
(19) أخرجه أبو نعيم فى تاريخ اصبهان وابن اشتة فى المصاحف من طريق " ابان " عن "انس " مرفوعا , (انظر الاتقان ) 2/170
(20) قال الحافظ الهيثمى : رواه الطبرانى وفيه أبو سعيد بن عون , وثقة ابن معبد فى رواية , وضعفه فى أخرى وبقية رجاله ثقات (انظر : مجمع الزوائد ومنبع الفوائد 7/165)
(21) رواه الترمذى فى سننه , وقال حديث حسن صحيح 4/146
(22) رواه ابن ماجة فى سننه (1/21)
(23) انظر : جوامع السيرة ص 17-21
(24) رواه ابن حنبل فى مسنده عن ابى سعيد الخدرى (3/12, 39, 56)0
(25) رواه ابن حنبل فى مسنده 5/315 , ابن ماجة فى سننه 2/729 , 730 , وابو داود فى سننه 3/264 , 265وانظر : مبحث "شيوع الكتابة قبل الاسلام وابان ظهوره "المعلمين , من هذا التمهيد
(26) انظر : زاد المعاد1/30 سنن الترمذى 4/168 , جوامع السيرة ص29-31
(27) انظر : السيرة الحلبية 1/574 , فجر الاسلام ص 42 الاسلام وحضارة العرب ص 162
(28) فصل الخطاب ص 15
(29) كان مقدار الفدية عن الأسير الواحد : هى (4000 درهم ) أي يقابل كل طفل (400) درهم0
(30) المدخل ص 337
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت
مدى شيوع الكتابة العربية إبَّان ظهور الإسلام
        من الذائع , والمسلم به : أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من عمل على إذاعة ونشر الكتابة , وتعلمها وتعليمها ، بطريقة عامة ورسمية , كما سنبين ذلك 00 بإذن الله 0

        ولكن قبل تدوين القرآن الكريم , وأيام تدوينه : ماذا كان حال الكتابة ؟

        هذا ما سوف نتعرض له فى هذا التمهيد 00 بتوفيق الله تعالى 0

        ولذا , فالكلام هنا , كلام عن شئ محلى 0

        ويمكن أن توصف الجهود التى بذلت لتعميم الكتابة فى هذه الفترة : بأنها جهود فردية , وإن كان يطبعها أحيانا الطابع الجماعى , كما سنرى 0

        وهذه الفترة فى تاريخ الكتابة العربية : هى التى تناولها كثير من الباحثين (1) بالدراسة والنقد والتحليل 0

        وخرجوا من ذلك كله , بأنها : مع كثرة التناول هذه ما زالت غامضة (2) , وذلك راجع إلى أن تاريخ العرب فى جاهليتهم لم يقيد كتابة 0

        وكل ما سجل عن تاريخهم : إنما هو اقتباس من نتف يسيرة ترد فى أشعارهم أو تصديق لروايات , قد تكون محرفة ؛ لأنها لا تحمل أدلة جازمة نصدقها معها 0 (3)

        ولابد لنا : من التعرض لهذه الفترة , وإلقاء بعض الضوء عليها

        إذ أن فى معرفة تاريخ الكتابة فى هذه الفترة : معرفة لتاريخ الكلمات التى كتب بها القرآن الكريم 0

        وليس بغريب , ولا بكثير على القرآن الكريم : أن تدرس هذه الفترة من تاريخ الكتابة التى تمهد للقرب من ساحته الشريفه 0

        وفى هذا البحث : نقدم طرفا من تاريخ الكتابة والكتَّاب قبل الإسلام ؛ بما يوضح لنا درجة شيوع الكتابة قبل نزول القرآن , ودرجة إجادة هذا الفن , قبل أن نتكلم عن تدوين القرآن الكريم 0

        وفى التقديم لهذا المبحث : ما يوضح لنا تمكن الصحابة من فن الكتابة تمكنا يحميهم من الخطأ , وينفى عنهم الجهل بقواعد الكتابة (4)

        وبياننا لذلك على الوجه التالى : -

        الكتابات العامة :

        كان العرب يكتبون كثيرا فى شئون حياتهم , وألوانا متعددة من الموضوعات التى يفرضها عليهم نشاطهم : العملى , أو العلمى , أو الوجدانى 0

        و من ذلك :

        أ- المواثيق والعهود :

        وهى التى كانوا يرتبطون بها فيما بينهم , أفرادا وجماعات ؛ لكى تحميهم من الحروب التى كانت تنشأ غالبا بين هؤلاء القوم لأتفه الأسباب , فقد كانوا يدعون من يكتب لهم , ذكر الحلف والهدنة ؛ تعظيما للأمر , وتبعيدا فى النسيان 0 (5)

        ومن أشهر هذه العهود , والمواثيق : " صحيفة قريش " التى تعاقدوا فيها على بنى هاشم , وبنى المطلب , وكتبوا ذلك فى صحيفة , ثم تعاهدوا وتوافقوا على ذلك , ثم علقوا الصحيفة فى جوف الكعبة ؛ توكيدا على أنفسهم (6) 0

        ب - الصكوك :

        وهى : هذه الرقع التى كان عرب الجاهلية يكتبون فيها حساب تجارتهم , وحقوقهم لدى غيرهم 0

        ولأن كثيرا من القوم – آنذاك – كانوا تجارا : فقد كان طبيعيا أن يكثر عندهم هذا الضرب من الكتابة ؛ يحفظون به حقوقهم من أن تضيع 0

        جـ - مكاتبة الرقيق :

        ونظامها : أن يتفق العبد وسيده على مبلغ من المال , يقوم العبد بدفعه لسيده ؛ لكى يصبح حرا عتيقا 0

        وكان هذا النوع من المكاتبة , يتم تسجيله كتابة فى كثير من الاحوال 0

        ويكون بالنص الآتى : -
        " كاتب فلان مملوكه (مملوكته) الذى بيده وملكه , المقر له بالرق , والعبودية , المدعو فلانا , الفلانى الجنسية , المسلم ؛ لما علم فيه : من الخير , والديانة , والعفة , والامانة و لقوله تعالى ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) 0

        وذلك : على مال , جملته كذا وكذا , يدفعه منجما , فى سلخ كل شهر , كذا , وكذا , وأبرأه منه 00

        وقد أذن له سيده : فى التكسب , والبيع والشراء 0

        فمتى أوفى ذلك : كان حرا من أحرار المسلمين , له مالهم , وعليه ما عليهم , لا سبيل لأحد عليه , إلا سبيل الولاء الشرعى 0
        ومتى عجز ولو على الدرهم الفرد : كان باقيا على حكم العبودية (7)0

        فإن وفَّى العبد ( أو الجارية ) مال الكتابة 0 0

        كتب ما مثاله :
" أقر فلان بأنه : قبض , وتسلم من مملوكه فلان , المسمى باطنه , جميع المبلغ المعين 00 وهو كذا وكذا , على حكم التنجيم وصار ذلك بيده , وقبضته , وصورته 0

        فبحكم ذلك : صار فلان حرا من أحرار المسلمين , على ما تقدم ، ويؤرخ " (8) 0

        وقد روى :
أن أبا أيوب الأنصارى : ندم على مكاتبة مولاه " أفلح " فأرسل إليه , فقال : إنى أحب أن ترد إلى الكتاب , وأن ترجع كما كنت 0
فقال " لأفلح " ولده , وأهله : أترجع رقيقا , وقد أعتقك الله 00 ؟
فقال " أفلح " : والله لا يسألنى شيئا إلا أعطيته إياه 0 0!!
ثم جاء بمكاتبته : فكسرها (9)0

        د – النقش على الخواتم : (10)

        وكان هذا النوع منتشرا بينهم , يختمون به رسائلهم وكتبهم 0

        وهذا يستلزم أن يكون لذلك كتبة متخصصون , يجيدون النقش عليها 0


        هـ - المعلقات :

        وأمرها أشهر من أن يحتاج إلى بيان 0

        و – الرسائل :

        وهى هذه المكاتبات : التى كانوا يسجلون فيها أخبارهم ، ويحملونها عظيم أمورهم , ويضمنونها ما تتطلبه حوائجهم وشئون حياتهم 0

        ومن هذه الرسائل :

        1) ما بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الملوك والرؤساء (11) قبل الفتح , وبعد الحديبية 0

        وقد أسلم سائر الملوك الذين أرسل إليهم , وقومهم معهم - بسبب هذه الرسائل – عدا قيصر , والمقوقس , وهوذه , وكسرى , والحارث بن أبى شمر , والنجاشى " وهو غير الذى هاجر إليه أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم " 0

        ومما يروى : أن كسرى كان أقبح القوم ردا ؛ حيث مزَّق كتاب النبى صلى الله عليه وسلم , الذى أرسله إليه , فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمزق الله تعالى ملكه أولا , ثم ملك الفرس جملة (12) 0

        2) ما بعثه صلى الله عليه وسلم مع رسله الكثيرة , إلى قبائل العرب (13)0

        3) ويمكن أن نعد منها – تجاوزا – كتبه عليه الصلاة والسلام إلى أهل الإسلام فى الشرائع :

        فمن ذلك (14) :

        أ- كتابه في الصدقات الذى كان عند أبى بكر 0

        ب – كتابه إلى أهل اليمن , وهو كتاب عظيم , فيه أنواع كثيرة من الفقه فى الزكاة , والأحكام 00 إلخ 0

        جـ- وكتابه إلى بنى زهير 0

        د- وكتابه الذى كان عند عمر بن الخطاب فى نصب الزكاة 0

        وغيرها 0

        4) ومن هذه الرسائل :

        ما كان يكتبه النازحون المسافرون , إلى أهليهم , بما يعرض لهم من أمور 0

        فهذه أم سلمة – كما يذكر ابن سعد – أنها لما قدمت المدينة ، قبل زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم , أخبرتهم أنها بنت أبى أمية بن المغيرة , فكذبوها , وقالوا : ما أكذب الغرائب , حتى سافر ناس منهم للحج , فقالوا لها : أتكتبين إلى أهلك ؟ فكتبت معهم , فرجعوا إلى المدينة بعد ذلك وقد صدقوها (15) 0

        ومما يحلو ذكره هنا : أنهم كانوا يبدؤن كتبهم هذه بـ " باسمك اللهم " وكان النبى صلى الله عليه وسلم يكتب بها كذلك ، حتى نزلت سورة " هود " وفيها ( باسم الله مجراها ومرساها ) (16), أمر النبى , صلى الله عيه وسلم أن يكتب فى صدر كتبه " باسم الله " ، وظل الأمر كذلك حتى نزلت سورة " بنى اسرائيل " وفيها ( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) (17) : فأمر عليه السلام أن يكتب "باسم الله الرحمن "، وظل الأمر كذلك ، حتى نزلت سورة النمل وفيها ( إنه من سليمان وإنه باسم الله الرحمن الرحيم ) (18) : فأمر عليه السلام , أن يكتب " بسم الله الرحمن الرحيم "0

        وصارت سنة في صدر الكتب : إلى يومنا هذا (19)0

        المعلمون من العرب :

        كان يوجد فى الجاهلية , وإبَّان ظهور الإسلام , من تعلم الكتابة وحذقها , وأتقنها إتقانا جعله يصير به معلما لغيره 0

        ومن هؤلاء : -
1- عمرو بن زرارة 0
2- غيلان بن سلمة بن معتب , وهو جاهلى أسلم يوم الطائف .

        والطائف هى التى أخرجت هذين المعلمين :
3- يوسف بن الحكم الثقفى 0
4- الحجاج بن يوسف الثقفى 0

        وقد كانا معلمين ببلدهما الطائف 0

        وشهرة الطائف - وقبيلة ثقيف بها خاصة – بالكتابة وإتقانها , منذ الجاهلية : هى التى دعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه إلى أن يجعل كتبة المصحف خلال الجمع , من قريش وثقيف , ودعت عثمان رضى الله عنه , أيضا أن يقول خلال الجمع الأخير : اجعلوا المملى من هذيل والكاتب من ثقيف (20) 0

        5) عبادة بن الصامت 0

        روى القرطبى أنه قال : " علمت ناسا من أهل الصُّفَّة القرآن والكتابة , فأهدى إلىَّ رجل منهم قوسا , فقلت : ليس بمال و أرمى بها فى سبيل الله (21) , فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن سرك أن تُطَوَّق بها طوقا من نار فأقبلها " (22)0

        6) الشفاء بنت عبد الله العدوية 0

        وكانت فى رهط عمر بن الخطاب , وقد كانت كاتبة فى الجاهلية 0

        علَّمَت حفصة بنت عمر , زوج النبى صلى الله عليه وسلم , الكتابة بأمره عليه السلام , وقال لها – أيضا – كما ورد فى الإصابة والإستيعاب : " علمى حفصة : رقية النمل , كما علمتيها الكتابة (23) 0

        ولمعرفة حفصة للكتابة – الى جانب بنوتها لعمر , وزوجيتها للرسول صلى الله عليه وسلم – أُوْدِعَتْ عندها الصحف التى جمع فيها القرآن فى عهد أبى بكر , بعد وفاة الخليفة الثالث رضى الله عنه 0

        ولم تكن هى وحدها – بين زوجات النبى صلى الله عليه وسلم - التى تجيد القراءة والكتابة , بل كان هناك أيضا : أم سلمة رضى الله عنها (15)0

        7) أم الدرداء 0

        روى أنها كتبت على لوح عبارات فى الحكمة ؛ ليقلدها تلميذ كانت تعلمه الكتابة والقراءة (24) 0

        وهذه أمثلة – وليست حصرا – للمعلمين المنفردين 0

        وقد كان هناك للتعليم طريقة أكثر أثرا من ذلك فى نشر الكتابة والقراءة : وهى المدارس التى يعلمون ويتعلمون فيها جماعات 0

        من ذلك :

        ما رواه الطبرى من أن خالد بن الوليد , حين نزل الأنبار رآهم يكتبون العربية , ويتعلمونها (25) 0

        ويذكر البلاذرى – أيضا – نقلا عن الواقدى : أنه كان بعض اليهود قد علم كتاب العربية , وكان يعلم الصبيان بالمدينة فى الزمن الأول (26) 0
        ويذكر الدكتور أحمد شلبى – كذلك – أن أم سلمة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم أرسلت مرة إلى معلم كتاب , تطلب منه أن يرسل لها بعض تلاميذ كتابه , ليساعدوها فى نَدْف الصوف وغزله (24) 0

        معرفة بعض العرب للغات الأجنبية :

        وذلك أن بعضهم كان بجانب معرفته بالكتابة العربية , يجيد بعض اللغات الأخرى 0

        وأمثلة ذلك :

        1- عدى بن زيد العبادى 0

        تعلم فى الكتاب , الخط العربى ثم الخط الفارسى ؛ فصار أفصح الناس وأكتبهم بالعربية والفارسية (27) 0

        2- ورقة بن نوفل ، كان يكتب الكتاب العبرانى , فيكتب بالعبرانية فى الإنجيل ما شاء أن يكتب (28) 0

        وهذا يستلزم بالضرورة : إجادته للكتابة بالخط العربى 0

        3- زيد بن ثابت :

        قال – رضى الله عنه – " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحسن السريانية ؟ قلت لا , قال صلى الله عليه وسلم : فتعلمها قال – زيد – فتعلمتها فى تسعة عشر يوما "(29) 0

        وهكذا : كان يكتب له صلى الله عليه وسلم ويقرأ , ما يأتيه من رسائل بهذه اللغة الأجنبية 0

        كما كان يقوم بأعمال : الترجمة التحريرية والفورية , للنبى صلى الله عليه وسلم ، فى الفارسية , والرومية , و القبطية , والحبشية كذلك (30)

        وكانت هذه : مقدمات , تحتاجها عالمية الدعوة , بعد ذلك 0

        وقد رأينا – فيما بعد – أن الرسول صلى الله عليه وسلم , كانت له سكرتارية فيها ست لغات 0

        إذ كانوا يعرفون : العربية , والعبرية ، والرومية , و الفارسية , والقبطية , و الحبشية (31) 0

        ويقول الدكتور عبد العزيز كامل : وبالضرورة 00 كانت هذه السكرتارية تكتب وتقرأ بهذه اللغات ، بجانب كتابتها وقراءتها للعربية 0

        كتابه عليه الصلاة والسلام :


        كان للرسول صلى الله عليه وسلم كتبة متخصصون فى الكتابة له عليه السلام ، بل كان له كذلك منهم : متخصصون فى أنواع معينة من الكتابات ، كما سنرى على الوجه التالى :-

        أولا – كتّابه عليه الصلاة والسلام على وجه العموم :

        تذكر المراجع العلمية (32) أنه كان للرسول صلى الله عليه وسلم من الكتاب : -
1- أبو بكر رضى الله عنه 22- سعيد بن العاص
2- أبى بن كعب 23- سعيد بن سعيد بن العاص
3- أبو أيوب الأنصارى 24- السجل (33)
4- أبو سلمة المخزومى 25- سعد بن أبى وقاص
5- أبو سفيان بن حرب 26- شرحبيل بن حسنة
6- أبان بن أبى سفيان 27- طلحة بن عبيد الله
7- الأرقم بن أبى الأرقم 28- عمر بن الخطاب
8- أبو رافع القبطى 29- عثمان بن عفان
9- بريدة بن الحصيب 30- على بن أبى طالب
10- ثابت بن قيس 31- عبد الله بن رواحة
11- جهيم بن الصلت 32- عبد الله بن عبيد الله بن أبى بن سلول
12- حنظلة بن الربيع 33- عبد الله بن سعد بن أبى السرح 13- حويطب بن عبد العزى 34- عبد الله بن زيد
14- الحصين بن نمير النميرى 35- عبد الله بن عبد رب الأسد 15- حذيفة بن اليمان 36- عامر بن فهيرة
16- حاطب بن عمرو 37- عمرو بن العاص
17- خالد بن الوليد 38- العلاء بن الحضرمى
18- خالد بن سعيد بن العاص 39- العلاء بن عقبة
19- خالد بن زيد 40- عبد الله بن الأرقم
20- زيد بن ثابت 41- معاوية بن أبى سفيان
21- الزبير بن العوام 42- معيقيب بن أبى فاطمة
43- المغيرة بن شعبة 44- معاذ بن جبل
45- محمد بن مسلمة 46- يزيد بن أبى سفيان 0

        ثانيا - الكتَّاب المتخصصون :

        وقد حظى هذا البحث بأن عثر – بفضل الله تعالى - على ما يفيد : تقدم فن الكتابة فيما قبل الإسلام وإبَّان ظهوره ؛ إذ وصل الأمر ببعض الناس من الإجادة درجة أهلته للتخصص والاشتهار بنوع من أنواعها 0

        حيث نجد من كتاب رسول الله من تخصص منهم للكتابة بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم فيما يلى :-

        1- فى كتابة المعاملات والمدانيات وسائر العقود : -
أ- عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث الزهرى 0
ب- العلاء بن عقبة 0
        وكانا يكتبان كذلك : فى هذه الامور بين الناس (30)0

        2- كتابة مغانم رسول الله صلى الله عليه وسلم (30)
معيقيب بن أبى فاطمة الدوسى 0

        3- الكتابة فيما يعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم من حوائجه وأموره : (30)
أ‌- المغيرة بن شعبة 0
ب- الحصين بن نمير 0
جـ - سعيد بن العاص 0

        4- كتابة أموال الصدقات : (34)
أ- الزبير بن العوام 0
ب- جهيم بن الصلت 0

        5- الكتابة فى خَرْص النخل : (35)
حذيفة بن اليمان 0

        6- كتابة العهود والمصالحات (36)
على بن أبى طالب 0

        7- ومن كتاب الرسائل له عليه الصلاة والسلام (37)
أ – زيد بن ثابت 0
ب – عبد الله بن الأرقم الزهرى0
جـ - أبى بن كعب 0

        8- وممن كان يقوم بدلا عن كل واحد ممن هؤلاء :
حنظلة بن الربيع بن صيفى الأسيدى 0

        ومعنى ذلك : أنه كان إذا غاب أحد ممن تقدم ذكرهم من الكتاب ؛ قام حنظلة هذا بكتابة ما ينفرد به هذا الغائب 0
أى أنه كان يشغل ما يشبه وظيفة " نائب الكتاب " 0
ولذا كان يسمى : حنظلة الكاتب (30)

        9- وممن كان يكتب إلى الملوك والرؤساء الأجانب , باللغات الأجنبية ، بجانب قيامه باعمال الترجمة : التحريرية , والفورية له عليه الصلاة والسلام (30) - كما سبقت الاشارة إلى ذلك :
زيد بن ثابت 0

        10- وممن كان يكتب الوحى :

        لقد كتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم – وكانوا يحرصون على ذلك أشد الحرص – كل من تقدم ذكرهم ، وغير من تقدم0

        وتشير المراجع إلى أن :

        أول من كتب له عليه السلام فى ذلك بمكة من قريش (38) :
عبد الله بن سعد بن أبى سرح 0

       وأول من كتب له حين قدم المدينة :
زيد بن ثابت (38)
وأبى بن كعب (39)

        وألزمهم له فى هذا الشأن وأخصهم به : (14)
زيد بن ثابت
ومعاوية بن أبى سفيان

        وملاحظاتنا على هذا التعداد الذى تحاوله المراجع :

        1- انه ليس تعدادا على وجه الحصر والقطع بعدد معين , كما صرح بذلك بعض الباحثين (40) 0

        ذلك : أنه لم يقم على ما نعرف من وسائل الإحصاء وسبل الحصر العلمية , التى تكشفت عنها علوم هذا العصر 0

        وأيضا فإنه لم يذكر إلا من ثبت على كتابته , واتصلت أيامه فيها , وطالت مدته وصحت الرواية على ذلك من أمره , دون من كتب الكتاب والكتابين والثلاثة ؛ إذ كان يستحق بذلك أن يسمى كاتبا , ويصاف الى جملة كتابه " (30)

        ولذا فهناك غير هؤلاء كثيرون .

        2- أنه إذا كان هذا هو الحال فى المسلمين , وهم بالنسبة الى جميع العرب – وقتها – لا يمثلون الغالبية 00!!

        فما بالنا بأعداد الكتاب فى غير هؤلاء المسلمين 00 ؟ !!

        لابد وأنهم على هذا : كانوا أعدادا كثيرة , وكانوا كذلك مجيدين لأنواع الكتابات المختلفة 0

        مما يؤكد لنا : أن الذين كتبوا القرآن الكريم 00 لم يكن يعتور كتابتهم الخطأ , أو يشوب معرفتهم بها أى نقص , أو خلل , كما يدعى بعض الباحثين (4) 0
-------------------
(1) انظر : العرب قبل الإسلام ص 33
(2) وليس الخط العربى وحده , هو ما يحيطه الغموض فى نواحى: أصله , مصدره , كيفية نشوئه : انظر : تطور الكتابة العربية ص 14"
(3) انظر : العرب قبل الإسلام ص 16 , تاريخ القرآن د 0 عبد الصبور شاهين ص 61
(4) انظر: رسم المصحف بين المؤيدين والمعارضين ، للمؤلف ص 44 وما بعدها 0
(5) الحيوان للجاحظ1/69 ,نسيم الرياض شرح شفاء القاضى عياض 3/236
(6) سيرة ابن هشام 1/375
(7) نهاية الأرب 9/113
(8) انظر : المبسوط للسرخسى 5/108 -132
(9) الطبقات لابن سعد 5/62
(10) انظر : التنبيه والإشراف ص 293-294
(11) انظر ذلك بتوسع فى الرسائل النبوية للدكتور على يوسف السبكى "رسالة ماجستير " 0
(12) انظر : جوامع السيرة لابن حزم ص 29 -31 – زاد المعاد 1/30
(13) طبقات ابن سعد 1/15 , 2/38
(14) زاد المعاد فى هدى خير العباد 1/29 , 30
(15) الطبقات 8/65
(16) هود : 41
(17) الإسراء : 110
(18) النمل : 30
(19) أدب الكتاب ص31 ,الاقتضاب ص103 ,التنبيه والاشراف ص 259
(20) تاريخ القرآن للزنجانى ص 42
(21) تعليل لقبوله لها 0
(22) التذكار للقرطبى ص 105 , وانظر مسند ابن حنبل 5/315 -316
(23) انظر : مسند ابن حنبل 7/372 , تاريخ الخط العربى ص 60
(24) انظر : تاريخ التربية الاسلامية ص 49
(25) تاريخ الطبرى 4/20
(26) فتوح البلدان – مصر – ص 479
(27) الأغانى 2/101
(28) الأغانى 3/120
(29) مسند ابن حنبل 5/182 , المصاحف ص 3
(30) التنبيه والاشراف ص 283 وما بعدها
(31) الاهرام (عدد 31164 الصادر في 7/4/1972م)
(32) انظر : فتح البارى 9/18 , الاستيعاب ( بهامش الاصابة ) 1/50, عيون الاثر 2/315 – 316, زاد المعاد 1/29 , جوامع السيرة ص 26 , التنبيه والاشراف ص 282-284 , جمع القرآن ص 23, 24
(33) اسمه هكذا فقط فى عيون الأثر 2/316
(34) التنبيه والاشراف ص 282 , والكواكب الدرية ص 18
(35)التنبيه والإشراف ص 282 , والكواكب الدرية ص 18، سنن أبى داود 3/264
(36) الاستيعاب 1/51 , شرح الشفاء 3/236
(37) الاستيعاب 1/51 , التنبيه والإشراف ص 283
(38) الاستيعاب 1/51
(39) فتح البارى 9/18
(40) انظر : جمع القرآن ص 23

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قضية تدوين السنة
        إذا رأينا أن الحديث الشريف لم يدون تدوينا رسميًا في عهد الرسول صلى الله عله وسلم ، كما دون القرآن الكريم، فلا بد لنا من البحث عن السبب الذي أدي إلي عدم تدوينه في عصره صلى الله عليه وسلم.

        ولا يمكننا أن نستسلم لتلك الأسباب التقليدية التي أعتاد الكاتبون أن يعللوا بها عدم التدوين، ولا نستطيع أن نوافقهم علي ما قالوه من أن قلة التدوين في عهده صلي الله عليه وسلم ، تعود قبل كل شيء إلي ندرة وسائل الكتابة، وقلة الكتاب، وسوء كتابتهم .

        لا يمكننا أن نسلم بهذا بعد أن رأينا نيفا وثلاثين كاتبا يتولون كتابة الوحي للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وغيرهم يتولون أموره الكتابية الأخرى، ولا يمكننا أن نعتد بقلة الكتاب، وعدم إتقانهم لها، وفيهم المحسنون المتقنون أمثال زيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص.

        ولو قبلنا جدلا ما ادعوه من ندرة وسائل الكتابة وصعوبة تأمينها، لكفي في الرد عليهم أن المسلمين دونوا القرآن الكريم ولم يجدوا في ذلك صعوبة، فلو أرادوا أن يدونوا الحديث ما شَقَّ عليهم تحقيق تلك الوسائل، كما لم يشق هذا علي من كتب الحديث بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلابد من أسباب أخري.

        وإنا لنرى تلك الأسباب من خلال دراسة الآثار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين ، وسنرى أن تدوين الحديث مر بمراحل منتظمة حققت حفظه، وصانته من العبث، وقد تضامنت الذاكرة والأقلام وكانا جنبًا إلي جنب في خدمة الحديث الشريف

.................................................
المصدر
السنة قبل التدوين" للدكتور / محمد عجاج الخطيب
كتاب (تدوين القرآن)
الدكتور عبد الحى الفرماوى