الأيام المنهي عن صيامها
جاءت الأحاديث مصرحة بالنهي عن صيام أيام نبينها فيما يلي:
.1- النهي عن صيام يومي العيدين:
أجمع العلماء على تحريم صوم يومي العيدين، سواء أكان الصوم فرضا، أم تطوعا.
لقول عمر رضي الله عنه: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين أما يوم الفطر، ففطركم من صومكم، وأما يوم الاضحى، فكلوا من نسككم» رواه أحمد، والأربعة.
.2- النهي عن صوم أيام التشريق:
لا يجوز صيام الايام الثلاثة، التي تلي عيد النحر.
لما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذاقة يطوف في منى: «أن لا تصوموا هذه الايام، فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله عزوجل». رواه أحمد بإسناد جيد.
وروى الطبراني في الاوسط، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل صائحا يصيح: «أن لا تصوموا هذه الايام فإنها أيام أكل، وشرب، وبعال» وأجاز أصحاب الشافعي، صيام أيام التشريق، فيما له سبب، من نذر، أو كفارة، أو قضاء. أم امالا سبب له، فلا يجوز فيها بلا خلاف.
وجعلوا هذا نظير الصلاة التي لها سبب في الاوقات المنهي فيها عن الصلاة.
.3- النهي عن صوم يوم الجمعة منفردا:
يوم الجمعة عيد أسبوعي للمسلمين، ولذلك نهى الشارع عن صيامه.
وذهب الجمهور: إلى أن النهي للكراهة لا للتحريم إلا إذا صام يوما قبله، أو يوما بعده، أو وافق عادة له، أو كان يوم عرفة، أو عاشوراء فإنه حينئذ لا يكره صيامه.
فعن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على جويرية بنت الحارث وهي صائمة، في يوم جمعة فقال لها: «أصمت أمس؟ فقالت: لا، قال: أتريدين أن تصومي غدا؟ قالت: لا قال: فأفطري إذن» رواه أحمد، والنسائي، بسند جيد.
وعن عامر الاشعري قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن يوم الجمعة عيدكم فلا تصوموه إلا أن تصوموا قبله أو بعده» رواه البزار بسند حسن.
وقال علي رضي الله عنه: من كان منكم متطوعا، فليصم يوم الخميس، ولا يصم يوم الجمعة، فإنه يوم طعام، وشراب وذكر رواه ابن أبي شيبة بسند حسن.
وفي الصحيحين من حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاتصوموا يوم الجمعة، إلا وقبله يوم، أو بعده يوم».
وفي لفظ لمسلم: «ولاتخصوا ليلة الجمعة، بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة، بصيام من بين الايام، إلا أن يكون في صوم، يصومه أحدكم».
.4- النهي عن إفراد يوم السبت بصيام:
عن بسر السلمي، عن أخته الصماء: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم وإن لم يجد أحدكم إلا لحا عنب، أو عود شجرة فليمضغه» رواه أحمد، وأصحاب السنن، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم وحسنه الترمذي، وقال: ومعنى الكراهة في هذا، أن يختص الرجل يوم السبت بصيام، لأن اليهود يعظمون يوم السبت.
وقالت أم سلمة: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت، ويوم الاحد، أكثر مما يصوم من الايام، ويقول: إنهما عيد المشركين، فأنا أحب أن أخالفهم» رواه أحمد والبيهقي، والحاكم وابن خزيمة، وصححاه.
ومذهب الأحناف، والشافعية والحنابلة، كراهة الصوم يوم السبت، منفردا، لهذه الادلة.
وخالف في ذلك مالك، فجوز صيامه منفردا، بلا كراهة، والحديث حجة عليه.
.5- النهي عن صوم يوم الشك:
قال عمار بن ياسر رضي الله عنه: «من صام اليوم الذي شك فيه فقد عصى أبا القاسم» صلى الله عليه وسلم، رواه أصحاب السنن.
وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وعبد الله بن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، كرهوا أن يصوم الرجل اليوم الذي يشك فيه.
ورأى أكثر هم إن صامه وكان من شهر رمضان، أن يقضي يوما مكانه فإن صامه لموافقته عادة له جاز له الصيام حينئذ بدون كراهة.
فعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقدموا صوم رمضان، بيوم، ولا يومين، إلا أن يكون صوم يصومه رجل، فليصم ذلك اليوم» رواه الجماعة.
وقال الترمذي: حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يتعجل الرجل، بصيام قبل دخول رمضان لمعنى رمضان.
وإن كان رجل يصوم صوما، فوافق صيامه ذلك، فلا بأس به عندهم.
.6- النهي عن صوم الدهر:
يحرم صيام السنة كلها، بما فيها الايام التي نهى الشارع عن صيامها.
لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لاصام، من صام الأبد» رواه أحمد، والبخاري، ومسلم.
فأن أفطر يومي العيد، وأيام التشريق، وصام بقية الايام انتفت الكراهة، إذا كان ممن يقوى على صيامها.
قال الترمذي: وقدكره قوم من أهل العلم صيام الدهر.
إذا لم يفطر يوم الفطر، ويوم الاضحى، وأيام التشريق.
فمن أفطر في هذه الايام، فقد خرج من حد الكراهة، ولايكون قد صام الدهر كله.
هكذا روي عن مالك، والشافعي، وأحمد، وإسحق.
وقد أقر النبي صلى الله عليه وسلم حمزة الاسلمي على سرد الصيام، وقال له: «صم إن شئت وأفطر إن شئت» وقد تقدم.
والافضل أن يصوم يوما، ويفطر يوما، فإن ذلك أحب الصيام إلى الله، وسيأتي.
.7- النهي عن صيام المرأة وزوجها حاضر إلا بإذنه:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أن تصوم، وزوجها حاضر حتى تستأذنه.
فعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تصم المرأة يوما واحدا، وزوجها شاهد إلا بإذنه، إلا رمضان» رواه أحمد، والبخاري ومسلم.
وقد حمل العلماء هذا النهي على التحريم، وأجازوا للزوج أن يفسد صيام زوجته لو صامت، دون أن يأذن لها، لافتياتها على حقه، وهذا في غير رمضان كما جاء في الحديث، فإنه لا يحتاج إلى إذن من الزوج:
وكذلك لها أن تصوم من غير إذنه، إذا كان غائبا، فإذا قدم، له أن يفسد صيامها. وجعلوا مرض الزوج، وعجزه من مباشرتها، مثل غيبته عنها في جواز صومها، دون أن تستأذنه.
.النهي عن وصال الصوم:
1- عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والوصال» - قالها ثلاث مرات - قالوا: فإنك تواصل يا رسول الله؟ قال: «إنكم لستم في ذلك مثلي، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، فاكلفوا من الاعمال ما تطيقون» رواه البخاري ومسلم.
وقد حمل الفقهاء النهي على الكراهة.
وجوز أحمد، وإسحق وابن المنذر، الوصال إلى السحر، ما لم تكن مثقة على الصائم.
لما رواه البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تواصلوا، فأيكم أراد أن يواصل، فليواصل حتى السحر».