من يملك حق الطلاق
الطلاق من حق الرجل وحده
جعل الإسلام الطلاق من حق الرجل وحده، لأنه أحرص على بقاء الزوجية التي أنفق في سبيلها من المال، ما يحتاج إلى انفاق مثله، أو أكثر منه، إذا طلق وأراد عقد زواج آخر.
وعليه أن يعطي المطلقة مؤخر المهر، ومتعة الطلاق، وأن ينفق عليها في مدة العدة.
ولأنه بذلك، وبمقتضى عقله ومزاجه يكون أصبر على ما يكره من المرأة، فلا يسارع إلى الطلاق لكل غضبة يغضبها، أو سيئة منها يشق عليه احتمالها، والمرأة أسرع منه غضبا، وأقل احتمالا، وليس عليها من تبعات الطلاق ونفقاته مثل ما عليه، فهي أجدر بالمبادرة إلى حل عقدة الزوجية، لادنى الاسباب، أو لما لا يعد سببا صحيحا إن أعطي لها هذا الحق.
والدليل على صحة هذا التعليل الاخير، أن الافرنج لما جعلوا طلب الطلاق حقا للرجال والنساء على السواء، كثر الطلاق عندهم، فصار أضعاف ما عند المسلمين.
.من يقع منه الطلاق:
اتفق العلماء على أن الزوج، العاقل، البالغ، المختار هو الذي يجوز له أن يطلق، وأن طلاقه يقع.
فإذا كان مجنونا، أو صبيا أو مكرها، فإن طلاقه يعتبر لغوا لو صدر منه، لأن الطلاق تصرف من التصرفات التي لها آثارها ونتائجها في حياة الزوجين، ولابد من أن يكون المطلق كامل الأهلية، حتى تصح تصرفاته.
وإنما تكمل الأهلية بالعقل والبلوغ، والاختيار، وفي هذا يروي أصحاب السنن، عن علي كرم الله وجهه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل».
وعن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «كل طلاق جائز، إلا طلاق المغلوب على عقله» رواه الترمذي والبخاري موقوفا.
وقال ابن عباس رضي الله عنه - فيمن يكرهه اللصوص فيطلق - فليس بشئ، رواه البخاري.
وللعلماء آراء مختلفة في المسائل الآتية نجملها فيما يلي:
1- طلاق المكره.
2- طلاق السكران.
3- طلاق الهازل.
4- طلاق الغضبان.
5- طلاق الغافل والساهي.
6- طلاق المدهوش.
.1- طلاق المكره:
المكره لا إرادة له ولا اختيار، والارادة والاختيار هي أساس التكليف، فإذا انتفيا، انتفى التكليف، واعتبر المكره غير مسؤول عن تصرفاته، لأنه مسلوب الارادة، وهوفي الواقع ينفذ إرادة المكره.
فمن أكره على النطق بكلمة الكفر، لا يكفر بذلك لقول الله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان}.
ومن أكره على الإسلام لا يصبح مسلما، ومن أكره على الطلاق لا يقع طلاقه.
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
أخرجه ابن ماجه، وابن حبان، والدارقطني، والطبراني، والحاكم، وحسنه النووي.
وإلى هذا ذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وداود من فقهاء الأمصار، وبه قال عمربن الخطاب، وابنه عبد الله، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: طلاق المكره واقع، ولا حجة لهم فيما ذهبوا إليه، فضلا عن مخالفتهم لجمهور الصحابة.
.2- طلاق السكران:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن طلاق السكران يقع، لأنه المتسبب بإدخال الفساد على عقله بإرادته.
وقال قوم: لا يقع وإنه لغو لا عبرة به، لأنه هو والمجنون سواء، إذ أن كلامنهما فاقد العقل الذي هو مناط التكليف، ولان الله سبحانه يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}.
فجعل سبحانه قول السكران غيرمعتدبه، لأنه لا يعلم ما يقول.
وثبت عن عثمان أنه كان لا يرى طلاق السكران.
وذهب بعض أهل العلم أنه لا يخالف عثمان في ذلك احد من الصحابة.
وهو مذهب يحيى بن سعيد الانصاري، وحميد بن عبد الرحمن وربيعة، والليث بن سعد، وعبد الله بن الحسين، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، والشافعي في أحد فوليه واختاره المزني من الشافعية وهو إحدى الروايات عن أحمد، وهي التي استقر عليها مذهبه، وهو مذهب أهل الظاهر كلهم، واختاره من الحنفية أبو جعفر الطحاوي وأبو الحسن الكرخي.
قال الشوكاني: إن السكران الذي لا يعقل لاحكم لطلاقه لعدم المناط الذي تدور عليه الاحكام، وقد عين الشارع عقوبته فليس لنا أن نجاوزها برأينا، ونقول يقع طلاقه عقوبة له، فيجمع له بين غرمين.
وقد جرى العمل أخيرا في المحاكم بهذا المذهب، فقد جاء في المرسوم بقانون برقم 25 / لسنة 1929 في المادة الأولى منه: «لا يقع طلاق السكران والمكره».
.3- طلاق الغضبان:
والغضبان الذي لا يتصور ما يقول، ولا يدري ما يصدر عنه، لا يقع طلاقه لأنه مسلوب الارادة.
روى أحمد وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم وصححه، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا طلاق ولا عتاق في إغلاق».
وفسر الاغلاق بالغضب، وفسر بالاكراه، وفسربالجنون.
وقال ابن تيمية كما في زاد المعاد: حقيقة الاغلاق أن يغلق على الرجل قلبه فلا يقصد الكلام أو لا يعلم به كأنه انغلق عليه قصده وإرادته.
قال: ويدخل في ذلك طلاق المكره، والمجنون، ومن زال عقله بسكر أو غضب، وكل ما لاقصد له، ولا معرفة له بما قال، والغضب على ثلاثة أقسام:
1- ما يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع.
2- ما يكون في مبادئه بحيث لايمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده، فهذا يقع طلاقه.
3- أن يستحكم ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية، ولكنه يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زاد، فهذا محل نظر.
وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه.
.4- طلاق الهازل والمخطئ:
يرى جمهور الفقهاء أن طلاق الهازل يقع، كما أن نكاحه يصح، لما رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة».
وهذا الحديث وإن كان في إسناده عبد الله بن حبيب، وهو مختلف فيه، فإنه قد تقوى بأحاديث أخرى.
وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وقوع طلاق الهازل.
منهم: الباقر، والصادق، والناصر.
وهو قول في مذهب أحمد ومالك، إذ أن هؤلاء يشترطون لوقوع الطلاق الرضا بالنطق اللساني، والعلم بمعناه، وإرادة مقتضاه، فإذا انتفت النية والقصد، اعتبر اليمين لغوا، لقول الله تعالى: «وإن عزموا الطلاق، فإن الله سميع عليم».
وإنما العزم ما عزم العازم على فعله، ويقتضي ذلك إرادة جازمة بفعل المعزوم عليه، أو تركه ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما الاعمال بالنيات».
والطلاق عمل مفتقر إلى النية، والهازل لا عزم له ولانية.
وروى البخاري عن ابن عباس: «إنما الطلاق عن وطر».
أما طلاق المخطئ، وهو من أراد التكلم بغير الطلاق فسبق لسانه إليه.
فقد رأى فقهاء الأحناف: أنه يعامل به قضاء، وأما ديانة فيما بينه وبين ربه فلا يقع عليه طلاقه وزوجته حلال له.
5- طلاق الغافل والساهي:
ومثل المخطئ، والهازل، الغافل، والساهي، والفرق بين المخطئ والهازل، أن طلاق الهازل يقع قضاء وديانة، عند من يرى ذلك، وطلاق المخطئ يقع قضاء فقط، وذلك أن الطلاق ليس محلا للهزل ولا للعب.
.6- طلاق المدهوش:
المدهوش الذي لا يدري ما يقول، بسبب صدمة أصابته فأذهبت عقله وأطاحت بنفكيره، لا يقع طلاقه، كما لا يقع طلاق المجنون، والمعتوه، والمغمى عليه، ومن اختل عقله لكبر أو مرض، أو مصيبة فاجأته.
من يقع عليها الطلاق لا يقع الطلاق على المرأة إلا إذا كان محلا له، وإنما تكون محلا له في الصور الآتية:
1- إذا كانت الزوجية قائمة بينها وبين زوجها حقيقة.
2- إذا كانت معتدة من طلاق رجعي، أو معتدة من طلاق بائن بينونة صغرى، لأن الزوجية فيها تين الحالتين تعتبر قائمة حكما حتى تنتهي العدة.
3- إذا كانت المرأة في العدة الحاصلة بالفرقة التي تعتبر طلاقا.
كأن تكون الفرقة بسبب إباء الزوج الإسلام إذا أسلمت زوجته. أو كانت بسبب الايلاء فإن الفرقة في هاتين الصورتين تعتبر طلاقا عند الأحناف.
4- إذا كانت المرأة معتدة من فرقة اعتبرت فسخا لم ينقض العقد من أساسه ولم يزل الحل. كالفرقة بردة الزوجة، لأن الفسخ في هذه الحالة إنما لطارئ طرأ يمنع بقاء العقد بعد أن وقع صحيحا.
الطلاق من حق الرجل وحده
جعل الإسلام الطلاق من حق الرجل وحده، لأنه أحرص على بقاء الزوجية التي أنفق في سبيلها من المال، ما يحتاج إلى انفاق مثله، أو أكثر منه، إذا طلق وأراد عقد زواج آخر.
وعليه أن يعطي المطلقة مؤخر المهر، ومتعة الطلاق، وأن ينفق عليها في مدة العدة.
ولأنه بذلك، وبمقتضى عقله ومزاجه يكون أصبر على ما يكره من المرأة، فلا يسارع إلى الطلاق لكل غضبة يغضبها، أو سيئة منها يشق عليه احتمالها، والمرأة أسرع منه غضبا، وأقل احتمالا، وليس عليها من تبعات الطلاق ونفقاته مثل ما عليه، فهي أجدر بالمبادرة إلى حل عقدة الزوجية، لادنى الاسباب، أو لما لا يعد سببا صحيحا إن أعطي لها هذا الحق.
والدليل على صحة هذا التعليل الاخير، أن الافرنج لما جعلوا طلب الطلاق حقا للرجال والنساء على السواء، كثر الطلاق عندهم، فصار أضعاف ما عند المسلمين.
.من يقع منه الطلاق:
اتفق العلماء على أن الزوج، العاقل، البالغ، المختار هو الذي يجوز له أن يطلق، وأن طلاقه يقع.
فإذا كان مجنونا، أو صبيا أو مكرها، فإن طلاقه يعتبر لغوا لو صدر منه، لأن الطلاق تصرف من التصرفات التي لها آثارها ونتائجها في حياة الزوجين، ولابد من أن يكون المطلق كامل الأهلية، حتى تصح تصرفاته.
وإنما تكمل الأهلية بالعقل والبلوغ، والاختيار، وفي هذا يروي أصحاب السنن، عن علي كرم الله وجهه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل».
وعن أبي هريرة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «كل طلاق جائز، إلا طلاق المغلوب على عقله» رواه الترمذي والبخاري موقوفا.
وقال ابن عباس رضي الله عنه - فيمن يكرهه اللصوص فيطلق - فليس بشئ، رواه البخاري.
وللعلماء آراء مختلفة في المسائل الآتية نجملها فيما يلي:
1- طلاق المكره.
2- طلاق السكران.
3- طلاق الهازل.
4- طلاق الغضبان.
5- طلاق الغافل والساهي.
6- طلاق المدهوش.
.1- طلاق المكره:
المكره لا إرادة له ولا اختيار، والارادة والاختيار هي أساس التكليف، فإذا انتفيا، انتفى التكليف، واعتبر المكره غير مسؤول عن تصرفاته، لأنه مسلوب الارادة، وهوفي الواقع ينفذ إرادة المكره.
فمن أكره على النطق بكلمة الكفر، لا يكفر بذلك لقول الله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان}.
ومن أكره على الإسلام لا يصبح مسلما، ومن أكره على الطلاق لا يقع طلاقه.
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه».
أخرجه ابن ماجه، وابن حبان، والدارقطني، والطبراني، والحاكم، وحسنه النووي.
وإلى هذا ذهب مالك، والشافعي، وأحمد، وداود من فقهاء الأمصار، وبه قال عمربن الخطاب، وابنه عبد الله، وعلي بن أبي طالب، وابن عباس.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: طلاق المكره واقع، ولا حجة لهم فيما ذهبوا إليه، فضلا عن مخالفتهم لجمهور الصحابة.
.2- طلاق السكران:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن طلاق السكران يقع، لأنه المتسبب بإدخال الفساد على عقله بإرادته.
وقال قوم: لا يقع وإنه لغو لا عبرة به، لأنه هو والمجنون سواء، إذ أن كلامنهما فاقد العقل الذي هو مناط التكليف، ولان الله سبحانه يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}.
فجعل سبحانه قول السكران غيرمعتدبه، لأنه لا يعلم ما يقول.
وثبت عن عثمان أنه كان لا يرى طلاق السكران.
وذهب بعض أهل العلم أنه لا يخالف عثمان في ذلك احد من الصحابة.
وهو مذهب يحيى بن سعيد الانصاري، وحميد بن عبد الرحمن وربيعة، والليث بن سعد، وعبد الله بن الحسين، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، والشافعي في أحد فوليه واختاره المزني من الشافعية وهو إحدى الروايات عن أحمد، وهي التي استقر عليها مذهبه، وهو مذهب أهل الظاهر كلهم، واختاره من الحنفية أبو جعفر الطحاوي وأبو الحسن الكرخي.
قال الشوكاني: إن السكران الذي لا يعقل لاحكم لطلاقه لعدم المناط الذي تدور عليه الاحكام، وقد عين الشارع عقوبته فليس لنا أن نجاوزها برأينا، ونقول يقع طلاقه عقوبة له، فيجمع له بين غرمين.
وقد جرى العمل أخيرا في المحاكم بهذا المذهب، فقد جاء في المرسوم بقانون برقم 25 / لسنة 1929 في المادة الأولى منه: «لا يقع طلاق السكران والمكره».
.3- طلاق الغضبان:
والغضبان الذي لا يتصور ما يقول، ولا يدري ما يصدر عنه، لا يقع طلاقه لأنه مسلوب الارادة.
روى أحمد وأبو داود، وابن ماجه، والحاكم وصححه، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا طلاق ولا عتاق في إغلاق».
وفسر الاغلاق بالغضب، وفسر بالاكراه، وفسربالجنون.
وقال ابن تيمية كما في زاد المعاد: حقيقة الاغلاق أن يغلق على الرجل قلبه فلا يقصد الكلام أو لا يعلم به كأنه انغلق عليه قصده وإرادته.
قال: ويدخل في ذلك طلاق المكره، والمجنون، ومن زال عقله بسكر أو غضب، وكل ما لاقصد له، ولا معرفة له بما قال، والغضب على ثلاثة أقسام:
1- ما يزيل العقل فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع.
2- ما يكون في مبادئه بحيث لايمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده، فهذا يقع طلاقه.
3- أن يستحكم ويشتد به فلا يزيل عقله بالكلية، ولكنه يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زاد، فهذا محل نظر.
وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه.
.4- طلاق الهازل والمخطئ:
يرى جمهور الفقهاء أن طلاق الهازل يقع، كما أن نكاحه يصح، لما رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، والترمذي وحسنه، والحاكم وصححه، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة».
وهذا الحديث وإن كان في إسناده عبد الله بن حبيب، وهو مختلف فيه، فإنه قد تقوى بأحاديث أخرى.
وذهب بعض أهل العلم إلى عدم وقوع طلاق الهازل.
منهم: الباقر، والصادق، والناصر.
وهو قول في مذهب أحمد ومالك، إذ أن هؤلاء يشترطون لوقوع الطلاق الرضا بالنطق اللساني، والعلم بمعناه، وإرادة مقتضاه، فإذا انتفت النية والقصد، اعتبر اليمين لغوا، لقول الله تعالى: «وإن عزموا الطلاق، فإن الله سميع عليم».
وإنما العزم ما عزم العازم على فعله، ويقتضي ذلك إرادة جازمة بفعل المعزوم عليه، أو تركه ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «إنما الاعمال بالنيات».
والطلاق عمل مفتقر إلى النية، والهازل لا عزم له ولانية.
وروى البخاري عن ابن عباس: «إنما الطلاق عن وطر».
أما طلاق المخطئ، وهو من أراد التكلم بغير الطلاق فسبق لسانه إليه.
فقد رأى فقهاء الأحناف: أنه يعامل به قضاء، وأما ديانة فيما بينه وبين ربه فلا يقع عليه طلاقه وزوجته حلال له.
5- طلاق الغافل والساهي:
ومثل المخطئ، والهازل، الغافل، والساهي، والفرق بين المخطئ والهازل، أن طلاق الهازل يقع قضاء وديانة، عند من يرى ذلك، وطلاق المخطئ يقع قضاء فقط، وذلك أن الطلاق ليس محلا للهزل ولا للعب.
.6- طلاق المدهوش:
المدهوش الذي لا يدري ما يقول، بسبب صدمة أصابته فأذهبت عقله وأطاحت بنفكيره، لا يقع طلاقه، كما لا يقع طلاق المجنون، والمعتوه، والمغمى عليه، ومن اختل عقله لكبر أو مرض، أو مصيبة فاجأته.
من يقع عليها الطلاق لا يقع الطلاق على المرأة إلا إذا كان محلا له، وإنما تكون محلا له في الصور الآتية:
1- إذا كانت الزوجية قائمة بينها وبين زوجها حقيقة.
2- إذا كانت معتدة من طلاق رجعي، أو معتدة من طلاق بائن بينونة صغرى، لأن الزوجية فيها تين الحالتين تعتبر قائمة حكما حتى تنتهي العدة.
3- إذا كانت المرأة في العدة الحاصلة بالفرقة التي تعتبر طلاقا.
كأن تكون الفرقة بسبب إباء الزوج الإسلام إذا أسلمت زوجته. أو كانت بسبب الايلاء فإن الفرقة في هاتين الصورتين تعتبر طلاقا عند الأحناف.
4- إذا كانت المرأة معتدة من فرقة اعتبرت فسخا لم ينقض العقد من أساسه ولم يزل الحل. كالفرقة بردة الزوجة، لأن الفسخ في هذه الحالة إنما لطارئ طرأ يمنع بقاء العقد بعد أن وقع صحيحا.