الغصب
تعريفه:
جاء في القرآن الكريم: {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا}.
والغصب هو أخذ شخص حق غيره والاستيلاء عليه عدوانا وقهرا عنه.
.حكمه:
وهو حرام يأثم فاعله، يقول الله سبحانه: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}.
1- وفي خطبة الوداع التي رواها البخاري ومسلم قال الرسول صلى الله عليه وسلم: {إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا}.
2- وروى البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الشارب حين يشرب وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن».
3- وعن السائب بن يزيد عن أبيه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «لا يأخذن أحدكم متاع أخيه جادا ولالاعبا، وإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها عليه».
أخرجه أحمد وأبو داود، والترمذي وحسنه.
4- وعند الدارقطني من طريق أنس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه».
5- وفي الحديث: «من أخذ مال أخيه بيمينه أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة...فقال رجل: يا رسول الله وإن كان شيئا يسيرا؟ قال: وإن كان عودا من أراك».
6- وروى البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «من ظلم شبرا من الأرض طوقه الله من سبع أرضين».
.زرع الأرض أو غرسها أو البناء عليها غصبا:
ومن زرع في أرض مغصوبة فالزرع لصاحب الأرض وللغاصب النفقة، هذا إذا لم يكن الزرع قد حصد، فإذا كان قد حصد فليس لصاحب الأرض بعد الحصد إلا الاجرة.
أما إذا كان غرس فيها فإنه يجب قلع ما غرسه وكذلك إذا بنى عليها فإنه يجب هدم ما بناه.
ففي حديث رافع بن خديج، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شئ، وله نفقته» رواه أبو داود وابن ماجه، والترمذي وحسنه، وأحمد وقال: إنما أذهب إلى هذا الحكم استحسانا على خلاف القياس.
وأخرج أبو داود والدارقطني من حديث عروة بن الزبير أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «من أحيا أرضا فهي له وليس لعرق ظالم حق».
قال: ولقد أخبرني الذي حدثني هذا الحديث أن رجلين اختصما إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غرس أحدهما نخلا في أرض الآخر. فقضى لصاحب الأرض بأرضه.
وأمر صاحب النخل أن يخرج نخله منها، قال: فلقد رأيتها وإنها لتضرب أصولها بالفئوس وإنها لنخل عم.
.حرمة الإنتفاع بالمغصوب:
وما دام الغصب حراما فإنه لا يحل الانتفاع بالمغصوب بأي وجه من وجوه الانتفاع، ويجب رده إن كان قائما بنمائه سواء أكان متصلا أم منفصلا.
ففي حديث سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «على اليد ما أخذت حتى تؤديه».
أخرجه أحمد وأبو داود، والحاكم وصححه، وابن ماجه.
فإن هلك وجب على الغاصب رد مثله أو قيمته سواء أكان التلف بفعله أو بآفة سماوية.
وذهبت المالكية إلى أن العروض والحيوان وغيرها، مما لا يكال ولا يوزن، يضمن بقيمته إذا غصب وتلف.
وعند الأحناف والشافعية أن على من استهلكه أو أفسده ضمان المثل، ولا يعدل عنه إلا عند عدم المثل.
واتفقوا على أن المكيل والموزون إذا غصبا وحدث التلف ضمن مثله إذا وجد مثله، لقوله تعالى: {فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم}.
ومؤونة الرد وتكاليفه على الغاصب بالغة ما بلغت.
وإذانقص المغصوب وجب رد قيمة النقص، سواء أكان النقص في العين أو الصفة.
.الدفاع عن المال:
ويجب على الإنسان أن يدفع عن ماله متى أراد غيره أن ينتهبه، ويكون الدفع بالاخف، فإن لم ينفع الاخف دفع بالاشد، ولو أدى ذلك إلى المقاتلة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد» رواه البخاري ومسلم والترمذي.
من وجد ماله عند غيره فهو أحق به: ومتى وجد المغصوب منه ماله عند غيره كان أحق به ولو كان الغاصب باعه لهذا الغير، لأن الغاصب حين باعه لم يكن مالكا له، فعقد البيع لم يقع صحيحا.
وفي هذه الحال يرجع المشتري على الغاصب بالثمن الذي أخذه منه.
روى أبو داود والنسائي عن سمرة، رضيا لله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «من وجد عين ماله عند رجل فهو أحق به، ويتبع البيع من باعه» أي يرجع المشتري على البائع.
.فتح باب القفص:
من فتح باب قفص فيه طير ونفره ضمن. واختلفوا فيما إذا فتح القفص عن الطائر فطار، أو حل عقال البعير فشرد.
فقال أبو حنيفة: لا ضمان عليه على كل وجه.
وقال مالك وأحمد: عليه الضمان سواء خرج عقيبه أو متراخيا.
وعن الشافعي قولان: في القديم: لا ضمان عليه مطلقا.
وفي الجديد: إن طار عقيب الفتح وجب الضمان، وإن وقف ثم طار لم يضمن.