السبت، 10 مارس 2012

موسوعة الفقه - باب الزواج أو النكاح : حكم الزواج


حكم الزواج

للزواج الشرعى عدة أحكام فقد يكون واجبا أو مستحبا أو مكروها أو مباحا

الزواج الواجب:
يجب الزواج على من قدر عليه وتاقت نفسه إليه وخشي العنت.
لان صيانة النفس وإعفافها عن الحرام واجب، ولا يتم ذلك إلا بالزواج.
قال القرطبي: المستطيع الذي يخاف الضرر على نفسه ودينه من العزوبة لا يرتفع عن ذلك إلا بالتزوج، لا يختلف في وجوب التزويج عليه.
فإن قلت نفسه إليه وعجز عن الانفاق على الزوجة فانه يسعه قول الله تعالى: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله}.
وليكثر من الصيام، لما رواه الجماعة عن ابن مسعود رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر. وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء».
من استطاع منكم الجماع لقدرته على مؤنه. فليتزوج.ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مؤنه فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطعه الوجاء.

.الزواج المستحب:
أما من كان تائقا له وقادرا عليه ولكنه يأمن على نفسه من اقتراف ما حرم الله عليه الزواج يستحب له، ويكون أولى من التخلي للعبادة، فإن الرهبانية ليست من الإسلام في شئ.
روى الطبراني عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة».
وروى البيهقي من حديث أبي أمامة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ولا تكونوا كرهبانية النصارى».
وقال عمر لابي الزوائد: إنما يمنعك من التزوج عجز أو فجور.
وقال ابن عباس: لا يتم نسك الناسك حتى يتزوج.
الزواج الحرام: ويحرم في حق من يخل بالزوجة في الوطء والانفاق، مع عدم قدرته عليه وتوقانه إليه.
قال الطبري: فمتى علم الزواج أنه يعجز عن نفقة زوجته، أو صداقها أو شيء من حقوقها الواجبة عليه، فلا يحل له أن يتزوجها حتى يبين لها، أو يعلم من نفسه القدرة على أداء حقوقها.
وكذلك لو كانت به علة تمنعه من الاستمتاع، كان عليه أن يبين كيلا يغر المرأة من نفسه.
وكذلك لا يجوز أن يغرها بنسب يدعيه ولا مال ولا صناعة يذكرها وهو كاذب فيها.
وكذلك يجب على المرأة إذا علمت من نفسها العجز عن قيامها بحقوق الزوج، أو كان بها علة تمنع الاستمتاع، من جنون، أو جذام، أو برص، أو داء في الفرج، لم يجز لها أن تغره، وعليها أن تبين له ما بها في ذلك.
كما يجب على بائع السلعة أن يبين ما بسلعته من العيوب.
ومتى وجد أحد الزوجين بصاحبه عيبا فله الرد.
فإن كان العيب بالمرأة ردها الزوج وأخذ ما كان أعطاها من الصداق.
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من بني بياضة فوجد بكشحها برصا فردها وقال: «دلستم علي».
واختلف الرواية عن مالك في امرأة العنين إذا أسلمت نفسها ثم فرق بينهما بالعنة فقال مرة: لها جميع الصداق.
وقال مرة: لها نصف الصداق.
وهذا ينبني على اختلاف قوله.
بم تستحق الصداق؟ بالتسليم أو بالدخول؟ قولان.

.الزواج المكروه:
ويكره في حق من يخل بالزوجة في الوطء والانفاق، حيث لا يقع ضرر بالمرأة، بأن كانت غنية وليس لها رغبة قوية في الوطء.
فان انقطع بذلك عن شيء من الطاعات أو الاشتغال بالعلم اشتدت الكراهة.

.الزواج المباح:
ويباح فيما إذا انتفت الدواعي والموانع.
النهي عن التبتل للقادر على الزواج:
1- عن ابن عباس: أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العزوبة فقال: ألا أختصي؟ فقال: «ليس لنا من خصى أو اختصى». رواه الطبراني.
2- وقال سعد بن أبي وقاص: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا رواه البخاري.
أي لو أذن له بالتبتل لبالغنا في التبتل حتى يفضي بنا الأمر إلى الاختصاء.
قال الطبري: التبتل الذي أراده عثمان بن مظعون تحريم النساء والطيب وكل ما يتلذذ به فلهذا أنزل في حقه: {يأيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}.

.تقديم الزواج على الحج:
وان احتاج الإنسان إلى الزواج وخشي العنت بتركه، قدمه على الحج الواجب، وإن لم يخف قدم الحج عليه.
وكذلك فروض الكفاية - كالعلم والجهاد - تقدم على الزواج إن لم يخش العنت.

.الاعراض عن الزوجة وسببه:
تبين مما تقدم أن الزواج ضرورة لا غنى عنها، وأنه لا يمنع منه إلا العجز أو الفجور كما قال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، وأن الرهبانية ليست من الإسلام في شئ، وأن الاعراص عن الزواج يفوت على الإنسان كثيرا من المنافع والمزايا.
وكان هذا كافيا في دفع الجماعة المسلمة إلى العمل على تهيئة أسباب وتيسير وسائله حتى ينعم به الرجال والنساء على السواء.
ولكن على العكس من ذلك.
خرج كثير من الاسر عن سماحة الإسلام وسمو تعاليمه، فعقدوا الزواج ووضعوا العقبات في طريقه، وخلقوا بذلك التعقيد أزمة تعرض بسببها الرجال والنساء لآلام العزوبة وتباريحها، والاستجابة إلى العلاقات الطائشة والصلات الخليعة.
وظاهرة أزمة الزواج لا تبدو في مجتمع القرية كما تبدو في مجتمع المدينة.
إذ أن القرية لا تزال الحياة فيها بعيدة عن الاسراف وأسباب التعقيد، - إذا استثنينا بعض الاسر الغنية - بينما تبدو الحياة في المدينة معقدة كل التعقيد.
ومعظم أسباب هذه الازمة ترجع إلى التغالي في المهور وكثرة النفقات التي ترهق الزوج ويعيابها هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فان تبذل المرأة وخروجها بهذه الصورة المثيرة، ألقى الريبة والشك في مسلكها، وجعل الرجل حذرا في اختيار شريكة حياته.
بل أن بعض الناس أضرب عن الزواج، إذ لم يجد المرأة التي تصلح - في نظره - للقيام بأعباء الحياة الزوجية.
ولابد من العودة إلى تعاليم الإسلام فيما يتصل بتربية المراة وتنشئتها على الفضيلة والعفاف والاحتشام وترك التغالي في المهر وتكاليف الزوج.