سنن الصلاة
للصلاة سنن، يستحب للمصلي أن يحافظ عليها لينال ثوابها.
نذكرها فيما يلي:
.1- رفع اليدين:
يستحب أن يرفع يديه في أربع حالات: الأولى، عند تكبيرة الاحرام.
قال ابن المنذر: لم يختلف أهل العلم في أنه صلى الله عليه وسلم، كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة.
وقال الحافظ ابن حجر: إنه روى رفع اليدين في أول الصلاة خمسون صحابيا، منهم العشرة المشهود لهم بالجنة.
وروى البيهقي عن الحاكم قال: لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلفاء الأربعة، ثم العشرة المشهود لهم بالجنة فمن بعدهم من أصحابه، مع تفرقهم في البلاد التاسعة، غير هذه السنة.
قال البيهقي: هو كما قال أستاذنا أبو عبد الله.
صفة الرفع: ورد في صفة رفع اليدين روايات متعددة.
والمختار الذي عليه الجماهير، أنه يرفع يديه حذو منكبيه، بحيث تحاذي أطراف أصابعه أعلى أذنيه، وإبهاماه شحمتي أذكيه، وراحتاه منكبيه.
قال النووي: وبهذا جمع الشافعي بين روايات الأحاديث فاستحسن الناس ذلك منه.
ويستحب أن يمد أصابعه وقت الرفع.
فعن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه مدا رواه الخمسة إلا ابن ماجه.
وقت الرفع: ينبغي أن يكون رفع اليدين مقارنا لتكبيرة الاحرام أو متقدما عليها.
فعن نافع: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا دخل في الصلاة كبر ورفع يديه، ورفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه البخاري والنسائي وأبو داود.
وعنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه حين يكبر حتى يكونا حذو منكبيه أو قريبا من ذلك.
الحديث رواه أحمد وغيره.
وأما تقدم رفع اليدين على كبيرة الاحرام فقد جاء عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا بحذو منكبيه ثم يكبر، رواه البخاري ومسلم.
وقد جاء في حديث مالك بن الحويرث بلفظ: «كبر ثم رفع يديه» رواه مسلم.
وهذا يقيه تقدم التكبيرة على رفع اليدين، ولكن الحافظ قال: لم أر من قال بتقديم التكبيرة على الرفع.
الثانية والثالثة: ويستحب رفع اليدين عند الركوع والرفع منه.
وقد روى اثنان وعشرون صحابيا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه ثم يكبر، فإذا أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك، وقال: سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد» رواه البخاري ومسلم والبيهقي.
وللبخاري: ولا يفعل ذلك حين يسجد ولا حين يرفع رأسه من السجود.
ولمسلم: ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود، وله أيضا: ولاى رفعهما بين السجدتين: وزاد البيهقي: فما زالت تلك صلاته حتى لقي الله تعالى.
قال ابن المدايني: هذا الحديث عندي حجة على الخلق.
كل من سمعه فعليه أن يعمل به، لأنه ليس في إسناده شئ، وقد صنف البخاري في هذه المسألة جزءا مفردا، وحكى فيه عن الحسن وحميد بن هلال: أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك، يعني الرفع في الثلاثة المواطن، ولم يستثن الحسن أحدا.
وأما ما ذهب إليه الحنفية، من أن الرفع لا يشرع إلا عند تكبيرة الاحرام استدلالا بحديث ابن مسعود أنه قال: لاصلين لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة واحدة، فهو مذهب غير قوي، لأن هذا قد طعن فيه كثير من أئمة الحديث.
قال ابن حبان هذا أحسن خبر.
روى أهل الكوفة في نفي رفع اليدين في الصلاة عند الركوع وعند الرفع منه، وهو في الحقيقة أضعف شيء يعول عليه، لأن له عللا تبطله، وعلى فرض التسليم بصحته، كما صرح بذلك الترمذي، فلا يعارض الأحاديث الصحيحة التي بلغت حد الشهرة.
وجوز صاحب التنقيح أن يكون ابن مسعود نسي الرفع كما نسي غيره.
قال الزيلعي في نصب الراية -نقلا عن صاحب التنقيح-: ليس في نسيان ابن مسعود لذلك ما يستغرب: فقد نسي ابن مسعود من القرآن ما لم يختلف فيه المسلمون بعد، وهما المعوذتان، ونسي ما اتفق العلماء على نسخه، كالتطبيق، ونسي كيف قيام الاثنين خلف الإمام، ونسي ما لا يختلف العلماء فيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم النحر في وقتها ونسي كيفية جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة، ونسي ما لم يختلف العلماء فيه من وضع المرفق والساعد على الأرض في السجود، ونسي كيف يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم {وما خلق الذكر والأنثى} وإذا جاز على ابن مسعود أن ينسى مثل هذا في الصلاة، كيف لا يجوز أن ينسى مثله في رفع اليدين؟ الرابعة عند القيام إلى الركعة الثالثة: فعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا قام من الركعتين رفع يديه ورفع ذلك ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم رواه البخاري وأبو داود والنسائي.
وعن علي في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا قام من السجدتين رفع يديه حذو منكبيه وكبر رواه أبو داود وأحمد والترمذي وصححه: والمراد بالسجدتين الركعتان.
مساواة المرأة بالرجل في هذه السنة: قال الشوكاني: واعلم أن هذه السنة يشترك فيها الرجال والنساء، ولم يرد ما يدل على الفرق بينهما فيها، وكذا لم يرد ما يدل على الفرق بين الرجل والمرأة في مقدار الرفع.
.2- وضع اليمين على الشمال:
يندب وضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة.
وقد ورد في ذلك عشرون حديثا، عن ثمانية عشر صحابيا وتابعين عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن سهل ابن سعد قال: كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة، قال أبو حازم: لا أعلم أنه ينمى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه البخاري وأحمد ومالك في الموطأ.
قال الحافظ: وهذا حكمه الرفع، لأنه محمول على أن الأمر لهم بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم.
وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنا معشر الانبياء أمرنا بتعجيل فطرنا وتأخير سحورنا، ووضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة».
وعن جابر قال: «مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يصلي، وقد وضع يده اليسرى على اليمنى فانتزعها، ووضع اليمنى على اليسرى» رواه أحمد وغيره، قاله النووي: إسناده صحيح.
وقال ابن عبد البر: لم يأت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف، وهو قول جمهور الصحابة والتابعين وذكره مالك في الموطأ وقال: لم يزل مالك يقبض حتى لقي الله عزوجل.
موضع وضع اليدين: قال الكمال بن الهمام.
ولم يثبت حديث صحيح يوجب العمل في كون الوضع تحت الصدر، وفي كونه تحت السرة، والمعهود عند الحنفية هو كونه تحت السرة وعند الشافعية تحت الصدر.
وعن أحمد قولان كالمذهبين، والتحقيق المساواة بينهما.
وقال الترمذي: أن أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة، ورأى بعضهم فوق السرة، ورأى بعضهم أن يضعها تحت السرة، وكل ذلك واقع عندهم. انتهى.
ولكن قد جاءت روايات تفيد أنه صلى الله عليه وسلم، كان يضع يديه على صدره، فعن هلب الطائي قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يضع اليمنى على اليسرى على صدره فوق المفصل، رواه أحمد، وحسنه الترمذي.
وعن وائل بن حجر قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره» رواه ابن خزيمة وصححه ورواه أبو داود والنسائي بلفظ: ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد.
أي أنه وضع يده اليمنى على ظهر اليسرى ورصغها وساعدها.
.3- التوجه أو دعاء الاستفتاح:
يندب للمصلي أن يأتي بأي دعاء من الادعية التي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم ويستفتح بها الصلاة، بعد تكبيرة الاحرام وقبل القراءة.
ونحن نذكر بعضها فيما يلي:
1- عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنيهة قبل القراءة فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: أقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الابيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد» رواه البخاري ومسلم وأصحاب السنن. إلا الترمذي.
2- وعن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثم قال: «وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين: اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك، ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لاحسن الاخلاق، لا يهدي لاحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، وأنا بك وإليك تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك» رواه أحمد ومسلم والترمذي وأبو داود وغيرهم.
3- وعن عمر: أنه كان يقول بعد تكبيرة الاحرام: «سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك، ولا إله غيرك» رواه مسلم بسند منقطع. والدارقطني موصولا وموقوفا على عمر.
قال ابن القيم: صح عن عمر أنه كان يستفتح به في مقام النبي صلى الله عليه وسلم، ويجهر به ويعلمه الناس، وهو بهذا الوجه في حكم المرفوع، ولذا قال الإمام أحمد: أما أنا فأذهب إلى ما روي عن عمر، ولو أن رجلا استفتح ببعض ما روي كان حسنا.
4- وعن عاصم بن حميد قال: سألت عائشة بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟ فقالت لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، كان إذا قام كبر عشرا وحمد الله عشرا، وسبح الله عشرا، وهلل عشرا، واستغفر عشرا وقال: «اللهم اغفر لي واهدني وارزقني وعافني ويتعوذ من ضيق المقام يوم القيامة» رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه.
5- وعن عبد الرحمن بن عوف قال: سألت عائشة، بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت: كان إذا قام من الليل يفتتح صلاته: «اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك: إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم» رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
6- وعن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في التطوع: «الله أكبر كبيرا، ثلاث مرات، والحمد لله كثيرا، ثلاث مرات، وسبحان الله بكرة وأصيلا، ثلاث مرات. اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفثه ونفخه قلت: يا رسول الله ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال: أما همزة فالموتة التي تأخذ بني آدم، أما نفخه: الكثير، ونفثه: الشعر» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان مختصرا.
7- وعن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجد قال: «اللهم لك الحمد أنت قيم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت مالك السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد، أنت الحق ووعدك الحق، ولقاؤك حق، وقولك حق، والجنة حق، والنار حق، والنبيون حق ومحمد حق، والساعة حق اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، ولا إله غيرك، ولا حول ولا قوة إلا بالله» رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه ومالك.
وفي أبي داود عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان في التهجد يقوله بعدما يقول الله أكبر.
8- الاستعاذة: يندب للمصلي بعد دعاء الاستفتاح وقبل القراءة، أن يأتي بالاستعاذة، لقول الله تعالى: {فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم}.
وفي حديث نافع بن جبير المتقدم، أنه صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم» إلخ.
وقال ابن المنذر: جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «كان يقول قبل القراءة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم».
.4- الإسرار بها:
ويسن الاتيان بها سرا.
قال في المغني: ويسر الاستعاذة ولا يجهر بها، لا أعلم فيه خلافا.
انتهى: لكن الشافعي يرى التخيير بين الجهر بها والاسرار في الصلاة الجهرية، وروي عن أبي هريرة الجهر بها عن طريق ضعيف.
مشروعيتها في الركعة الأولى دون سائر الركعات:
ولا تشرع الاستعاذة إلا في الركعة الأولى.
فعن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض في الركعة الثانية، افتتح القراءة بالحمد لله رب العالمين، ولم يسكت رواه مسلم.
قال ابن القيم: اختلف الفقهاء، هل هذا موضع استعاذة أو لا؟ بعد اتفاقهم على أنه ليش موضع استفتاح، وفي ذلك قولان، هما رواية عن أحمد، وقد بناهما بعض أصحابه على أن قراءة الصلاة هل هي قراءة واحدة، فيكفي فيها استعاذة واحدة، أو قراءة كل ركعة مستقلة برأسها؟ ولا نزاع بينهما في أن الاستفتاح لمجموع الصلاة.
والاكتفاء باستعاذة واحدة أظهر للحديث الصحيح، وذكر حديث أبي هريرة ثم قال: وإنما يكفي استفتاح واحد، لأنه لم يتخلل القراءتين سكوت بل تخللهما ذكر، فهي كالقراءة الواحدة إذا تخللها حمد الله، أو تسبيح أو تهليل، أو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك.
وقال الشوكاني: الاحوط الاقتصار على ما وردت به السنة وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط.
.5- التأمين:
يسن لكل مصل، إماما أو مأموما أو منفردا، أن يقول آمين، بعد قراءة الفاتحة، يجهر بها في الصلاة الجهرية، ويسر بها في السرية.
فعن نعيم المجمر قال: صليت وراء أبي هريرة فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قرأ بأم القرآن، حتى إذا بلغ {ولا الضالين} فقال آمين، وقال الناس: آمين.
ثم يقول أبو هريرة بعد السلام: والذي نفسي بيده إني لاشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكره البخاري تعليقا ورواه النسائي وابن خزيمة وابن حبان وابن السراج.
وفي البخاري قال ابن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: آمين.
وقال عطاء، آمين دعاء، أمن ابن الزبير ومن وراء حتى إن للمسجد للجة وقال نافع.
كان ابن عمر لا يدعه ويحضهم، وسمعت منه في ذلك خبرا.
وعن أبي هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا: {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: آمين، حتى يسمع من يليه من الصف الأول، رواه أبو داود وابن ماجه وقال: حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد.
ورواه أيضا الحاكم وقال: صحيح على شرطهما، والبيهقي وقال حسن صحيح.
والدارقطني وقال: إسناده حسن.
وعن وائل بن حجر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقال: آمين، يمد بها صوته رواه أحمد وأبو داود، ولفظه، رفع بها صوته.
وحسنه الترمذي وقال: وبه يقول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم، يرون أن يرفع الرجل صوته بالتأمين ولا يخفيها.
وقال الحافظ: سند هذا الحديث صحيح.
وقال عطاء: أدركت مائتين من الصحابة في هذا المسجد، إذا قال الإمام: ولا الضالين، سمعت لهم رجة آمين.
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما حسدتكم اليهود على شئ، ما حسدتكم على السلام والتأمين خلف الإمام» رواه أحمد وابن ماجه.
استحباب موافقة الإمام فيه:
ويستحب للمأموم أن يوافق الإمام، فلا يسبقه في التأمين ولا يتأخر عنه فعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فقولوا: آمين، فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه البخاري.
وعنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الإمام {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} فقولوا آمين فإن الملائكة يقولون: آمين وإن الإمام يقول: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أمن الإمام فأمنوا فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» رواه الجماعة.
وبيان هذا في الحديث الاخر «أن الإمام يقول آمين» إلى آخر الحديث.
.معنى آمين:
ولفط «آمين» يقصر ألفه ويمد مع تخفيف الميم، وليس من الفاتحة، وإنما دعاه معناه: اللهم استجب.
.6- القراءة بعد الفاتحة:
يسن للمصلي أن يقرا سورة أو شيئا من القرآن بعد قراءة الفاتحة في ركعتي الصبح والجمعة، والأوليين من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وجميع ركعات النفل.
فعن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر، في الأوليين، بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الاخريين، بأم الكتاب، ويسمعنا الآية أحيانا، ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الثانية. وهكذا في العصر، وهكذا في الصبح. رواه البخاري ومسلم وأبو داود، وزاد: قال: فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى.
وقال جابر بن سمرة: شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر فعزله، واستعمل عليهم عمارا فشكوا حتى ذكروا أنه لا يحسن يصلي، فأرسل إليه فقال: يا أبا إسحق إن هؤلاء يزعمون أنك تصلي، قال أبو إسحاق: أما أنا والله فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أخرم عنها: أصلي صلاة العشاء فأركد في الأوليين وأخف في الاخريين قال: ذاك الظن بك يا أبا إسحق، فأرسل معه رجلا أو رجالا إلى الكوفة، فسأل عنه أهل الكوفة، ولم يدع مسجدا إلا سأل عنه، ويثنون معروفا، حتى دخل مسجدا لبني عبس، فقام رجل منهم يقال له أسامة بن قتادة، يكنى أبا سعدة فقال: أما إذا ناشدتنا الله، فإن سعدا كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لادعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا قام رياء وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه للفتن، وكان بعد يقول: شيخ مفتون أصابتني دعوة سعد.
قال عبد الملك: فإنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطريق يغمزهن رواه البخاري وقال أبو هريرة: في كل صلاة يقرأ، فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفي عنا أخفينا عنكم، وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت، وإن زدت فهو خير، رواه البخاري
كيفية القراءة بعد الفاتحة:
والقراءة بعد الفاتحة تجوز على أي نحو من الانحاء.
قال الحسين: «غزونا خراسان ومعنا ثلثمائة من الصحابة فكان الرجل منهم يصلي بنا فيقرأ الايات من السورة ثم يركع».
وعن ابن عباس: أنه قرأ الفاتحة وآية من البقرة في كل ركعة. رواه الدار قطني بإسناد قوي.
وقال البخاري: «باب الجمع بين السورتين في الركعة والقراءة بالخواتيم وبسورة قبل سورة وبأول سورة».
ويذكر عن عبد الله بن السائب: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنون في الصبح حتى إذا ذكر موسى وهارون، أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع.
وقرأ عمر في الركعة الأولى بمائة وعشرين آية من البقرة، وفي الثانية بسورة من المثاني.
وقرأ الاحنف بالكهف في الأولى، وفي الثانية بيونس أو يوسف، وذكر: أنه صلى مع عمر الصبح بهما، وقرأ ابن مسعود بأربعين آية من الانفال وفي الثانية بسورة من المفصل.
وقال قتادة فيمن قرأ سورة واحدة في ركعتين، أو يردد سورة في ركعتين -: كل كتاب الله.
وقال عبد الله بن ثابت عن أنس: كان رجل من الانصار يؤمهم في مسجد قباء.
وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به، افتتح ب {قل هو الله أحد} حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة.
فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما أن تقرأ بها وإما أن تدعها وتقرأ بأخرى.
فقال: ما أنا بتاركها. إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت وإن كرهتم تركتكم. وكانوا يرون أنه من أفضلهم وكرهوا أن يؤمهم غيره.
فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم، أخبروه الخبر فقال: «يا فلان ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك، وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة؟ فقال: إني أحبها. فقال: حبك إياها أدخلك الجنة».
وعن رجل من جهينة: أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح: {إذا زلزلت الأرض} في الركعتين كلتيهما قال: فلا أدري أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمدا؟ رواه أبو داود، وليس في إسناده مطعن.
.هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة بعد الفاتحة:
نذكر هنا ما لخصه ابن القيم من قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفاتحة قال: فإذا فرغ من الفاتحة أخذ في سورة غيرها وكان يطيلها تارة، ويخففها لعارض من سفر أو غيره، ويتوسط فيها غالبا.
.قراءة الفجر:
وكان يقرأ في الفجر بنحو ستين آية إلى مائة آية.
وصلاها بسورة ق، وصلاها بالروم وصلاها ب {إذا الشمس كورت} وصلاها ب {إذا زلزلت} في الركعتين كلتيهما، وصلاها بالمعوذتين وكان في السفر، وصلاها فافتتح بسورة المؤمنون حتى بلغ ذكر موسى وهارون في الركعة الأولى فأخذته سعلة فركع، وكان يصليها يوم الجمعة بألم تنزيل السجدة وسورة {هل أتى على الإنسان} كاملتين، ولم يفعل ما يفعله كثير من الناس اليوم من قراءة بعض هذه وبعض هذه.
وأما ما يظنه كثير من الجهال أن صبح يوم الجمعة فضلت بسجدة، فجهل عظيم، ولهذا كره بعض الائمة قراءة سورة السجدة لأجل هذا الظن.
وإنما كان صلى الله عليه وسلم يقرأ هاتين السورتين، لما اشتملتا عليه من ذكر المبدأ والمعاد، وخلق آدم ودخول الجنة والنار، وغير ذلك، مما كان ويكون في يوم الجمعة.
فكان يقرأ في فجرها، ما كان ويكون في ذلك اليوم، تذكيرا للامة بحوادث هذا اليوم، كما كان يقرأ في المجامع العظام، كالاعياد والجمعة، بسورة {ق} و{اقتربت} و{يسبح} و{الغاشية}.
.القراءة في الظهر:
فكان يطيل قراءتها أحيانا، حتى قال أبو سعيد: كانت صلاة الظهر تقام فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله فيتوضأ ويدرك النبي صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى، مما يطيلها، رواه مسلم، وكان يقرأ فيها تارة بقدر الم تنزيل وتارة {سبح اسم ربك الاعلى} {والليل إذا يغشى} وتارة ب {والسماء ذات البروح}، {والسماء والطارق}.
.القراءة في العصر:
وأما العصر فعلى النصف من قراءة صلاة الظهر إذا طالت. وبقدرها إذا قصرت.
.القراءة في المغرب:
وأما المغرب فكان هديه فيها خلاف عمل اليوم، فإنه صلاها مرة بالاعراف في الركعتين ومرة بالطور ومرة بالمرسلات قال أبو عمر ابن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في المغرب ب {المص} الاعراف وأنه قرأ فيها بالصافات وأنه قرأ فيها بحم الدخان، وأنه قرأ فيها ب {سبح اسم ربك الاعلى} وأنه قرأ فيها ب {والتين والزيتون}، وأنه قرأ فيها بالمعوذتين وأنه قرأ فيها بالمرسلات، وأنه كان يقرأ فيها بقصار المفصل.
وقال: وهي كلها آثار صحاح مشهورة، انتهى كلام ابن عبد البر.
وأما المداومة فيها على قصار المفصل دائما، فهو فعل مروان بن الحكم، ولهذا أنكر عليه زيد بن ثابت وقال مالك تقرا في المغرب بقصار المفصل وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بطولى الطوليين؟ قال قلت: وما طولى الطوليين؟ قال: الاعراف.
وهذا حديث صحيح، رواه أهل السنن.
وذكر النسائي عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بسورة الأعراف فرقها في الركعتين.
فالمحافظة فيها على الآية والسورة من قصار المفصل خلاف السنة، وهو فعل مروان بن الحكم.
.القراءة في العشاء:
وأما العشاء الاخرة: فقرأ فيها صلى الله عليه وسلم ب {والتين والزيتون} ووقت لمعاذ فيها ب {والشمس وضحاها} {وسبح اسم ربك الاعلى} {والليل إذا يغشى} ونحوها.
وأنكر عليه قراءته فيها البقرة بعد ما صلى معه، ثم ذهب إلى بني عمرو ابن عوف فأعادها لهم بعد ما مضى من الليل ما شاء الله، وقرأ البقرة ولهذا قال له: «أفتان أنت يا معاذ؟» فتعلق النقادون بهذه الكلمة، ولميلتفتوا إلى ما قبلها ولا إلى ما بعدها.
.القراءة في الجمعة:
وأما الجمعة فكان يقرا فيها بسورة الجمعة والمنافقين أو الغاشية كاملتين وسورة سبح والغاشية.
وأما الاقتصار على قراءة أواخر السورتين من {يأيها الذين آمنوا} إلى آخرها، فلم يفعله قط.
وهو مخالف لهديه الذي كان يحافظ عليه.
.القراءة في العيدين:
وأما القراءة في الاعياد فتارة يقرأ سورة {ق} و{اقتربت} كاملتين وتارة سورة سبح والغاشية وهذا هو الهدي الذي استمر عليه إن أن لقي الله عزوجل، لم ينسخه شئ، ولهذا أخذ به خلفاؤه الراشدون من بعده.
فقرأ أبو بكر رضي الله عنه في الفجر سورة البقرة حتى سلم منها قريبا من طلوع الشمس فقالوا: يا خليفة رسول الله، كادت الشمس تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين.
وكان عمر رضي الله عنه يقرأ فيها بيوسف والنحل وهود وبني إسرائيل، ونحوها من السور.
ولو كان تطويله صلى الله عليه وسلم منسوخا لم يخف على خلفائه الراشدين ويطلع عليه النقادون.
وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن سمرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر {ق والقرآن المجيد} وكانت صلاته بعد تخفيفا فالمراد بقوله بعد: أي بعد الفجر، أي أنه كان يطيل قراءة الفجر أكثر من غيرها وصلاته بعدها تخفيفا.
ويدل على ذلك قول أم الفضل وقد سمعت ابن عباس يقرأ {والمرسلات عرفا} فقالت: يا بني لقد ذكرتني بقراءة هذه السورة، إنها لاخر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقرأ بها في المغرب، فهذا في آخر الأمر إلى أن قال: وأما قوله صلى الله عليه وسلم، يقرأ بها في المغرب، فهذا في آخر الأمر إلى أن قال: وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «أيكم أم بالناس فليخفف» وقول أنس: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة في تمام» فالتخفيف أمر نسي، يرجع إلى ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه، لا إلى شهوة المأمومين، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يأمرهم بأمر ثم يخالفه وقد علم أن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة.
فالذي فعله هو التخفيف الذي أمر به، فأنه كان يمكن أن تكون صلاته أطول من ذلك بأضعاف مضاعفة فهي خفيفة بالنسبة إلى أطول منها.
وهديه الذي واظب عليه، هو الحاكم على كل ما تنازع عليه المتنازعون.
ويدل ما رواه النسائي وغيره عن ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات، فالقراءة بالصافات من التخفيف الذي كان يأمر به.
.قراءة سورة بعينها:
وكان صلى الله عليه وسلم لا يعين سورة في الصلاة بعينها، لا يقرأ إلا بها، إلا في الجمعة والعيدين، وأما في سائر الصلوات فقد ذكر أبو داود، في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه قال: ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم الناس بها في الصلاة المكتوبة.
وكان من هديه قراءة السور الكاملة، وربما قرأها في الركعتين وربما في أول السورة.
وأما قراءة أواخر السور وأوساطها فلم يحفظ عنه.
وأما قراءة السورتين في الركعة فكان يفعله في النافلة، وأما في الفرض فلم يحفظ عنه، وأما حديث ابن مسعود: إني لاعرف النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن السورتين في الركعة.
الرحمن والنجم في ركعة. واقتربت والحاقة في ركعة، ووالطور والذاريات في ركعة، إذا وقعت ونون في ركعة الحديث.
فهذا حكاية فعل لم يعين محله.
هل كان في الفرض أو في النفل؟ وهو محتمل.
وأما قراءة سورة واحدة في ركعتين معا فقلما كان يفعله.
وقد ذكر أبو داود عن رجل من جهينة: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح {إذا زلزلت} في الركعتين كلتيهما قال: فلا أدري. أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمدا.
.إطالة الركعة الأولى في الصبح:
وكان صلى الله عليه وسلم يطيل الركعة الأولى على الثانية من صلاة الصبح، ومن كل صلاة وربما كان يطيلها حتى لا يسمع وقع قدم، وكان يطيل صلاة الصبح أكثر من سائر الصلوات.
وهذا، لأن قرآن الفجر مشهود، يشهده الله تعالى وملائكته.
وقيل: يشهده ملائكة الليل والنهار.
والقولان مبنيان على أن النزول الالهي، هل يدوم إلى انقضاء صلاة الصبح أو إلى طلوع الفجر؟ وقد ورد فيه هذا وهذا.
وأيضا، فإنها لما نقص عدد ركعاتها جعل تطويلها عوضا عما نقصته من العدد، وأيضا فإنها تكون عقيب النوم والناس مستريحون، وأيضا فإنهم لم يأخذوا بعد في استقبال المعاش وأسباب الدنيا، وأيضا فإنها تكون في وقت تواطأ السمع واللسان والقلب، لفراغه وعدم تمكنه من الاشتغال فيه فيفهم القرآن ويتدبره، وأيضا فإنها أساس العمل وأوله، فأعطيت فضلا من الاهتمام بها وتطويلها، وهذه أسرار إنما يعرفها من له التفات إلى أسرار الشريعة ومقاصدها وحكمها.
صفة قراءته صلى الله عليه وسلم:
وكانت قراءته مدا، يقف عند كل آية، ويمد بها صوته.
انتهى كلام ابن القيم.
.ما يستحب أثناء القراءة:
يسن أثناء القراءة، تحسين الصوت وتزيينه: ففي الحديث.
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «زينوا أصواتكم بالقرآن» وقال: «ليس منا من لم يتغن بالقرآن»
وقال: «إن أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعتموه وحسبتموه يخشى الله» وقال: «وما أذن الله شيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن».
قال النووي: يسن لكل من قرأ في الصلاة أو غيرها إذا مر بآية رحمة أن يسأل الله تعالى من فضله، وإذا مر بآية عذاب أن يستعيذ به من النار، أو من العذاب، أو من الشر، أو من المكروه، أو يقول: اللهم إني أسألك العافية، أو نحو ذلك، وإذا مر بآية تنزيه لله سبحانه وتعالى نزه الله فقال: سبحانه وتعالى، أو تبارك الله رب العالمين؟ أو جلت عظمة ربنا، أو نحو ذلك.
وروينا عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة» فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى فقلت يركع بها، ثم افتتح آل عمران فقرأها ثم افتتح النساء فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، رواه مسلم.
قال أصحابنا: يستحب هذا، والتسبيح السؤال والاستعاذة للقارئ في الصلاة وغيرها، وللامام والمأموم والمنفرد، لأنه دعاء، فاستووا فيه، كالتأمين، ويستحب لكل من قرأ {أليس الله بأحكم الحاكمين} أن يقول: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، وإذا قرأ {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} قال: بلى أشهد، وإذا قرأ {فبأي حديث بعده يؤمنون} قال آمنت بالله.
وإذا قال {سبح اسم ربك الاعلى} قال: سبحان ربي الاعلى، ويقول هذا في الصلاة وغيرها.
.مواضع الجهر والإسرار بالقراءة:
والسنة أن يجهر المصلي في ركعتي الصبح والجمعة، والأوليين من المغرب والعشاء، والعيدين والكسوف والاستسقاء، ويسر في الظهر والعصر، وثالثة المغرب والاخريين من العشاء.
وأما بقية النوافل، فالنهارية لا جهر فيها، والليلية يخير فيها بين الجهر والاسرار. والافضل التوسط.
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بأبي بكر وهو يصلي، يخفض صوته، ومر بعمر وهو يصلي رافعا صوته، فلما اجتمعا عنده قال: «يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي تخفض صوتك؟» فقال: يا رسول الله قد أسمعت من ناجيت، وقال لعمر: «مررت بك وأنت تصلي رافعا صوتك» فقال: يا رسول الله، أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان.
فقال صلى الله عليه وسلم: «يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئا» وقال لعمر: «اخفض من صوتك شيئا» رواه أحمد وأبو داود.
وإن نسي فأسر في موضع الجهر، أو جهر في موضع الاسرار فلاشئ عليه، وإن تذكر أثناء قراءته بنى عليها.
.القراءة خلف الإمام:
الاصل أن الصلاة لا تصح إلا بقراءة سورة الفاتحة، في كل ركعة من ركعات الفرض والنفل كما تقدم في فرائض الصلاة إلا أن المأموم تسقط عنه القراءة ويجب عليه الاستماع والانصات في الصلاة الجهرية، لقول الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون}.
ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كبر الإمام فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا» صححه مسلم وعلى هذا يحمل حديث «من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة»: أي إن قراءة الإمام له قراءة في الصلاة الجهرية، وأما الصلاة السرية فالقراءة فيها على المأموم وكذا تجب عليه القراءة في الصلاة الجهرية، إذا كان بحيث لا يتمكن من الاستماع للامام.
قال أبو بكر بن العربي: والذي نرجحه وجوب القراءة في الاسرار. لعموم الاخبار، أما الجهر فلا سبيل إلى القراءة فيه لثلاثة أوجه: أحدها: أنه عمل أهل المدينة، الثاني أنه حكم القرآن قال الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} وقد عضدته السنة بحديثين.
أحدهما حديث عمران بن حصين «قد علمت أن بعضكم خالجنيها».
الثاني: قوله: «وإذا قرأ فأنصتوا».
الثالث: الترجيح، إن القراءة مع الإمام لا سبيل إليها، فمتى يقرأ؟ فإن قيل يقرأ في سكتة الإمام قلنا.
السكوت لا يلزم الإمام، فكيف يركب فرض على ما ليس بفرض؟ لا سيما وقد وجدنا وجها للقراءة مع الجهر، وهي قراءة القلب بالتدبر والتفكر، وهذا نظام القرآن والحديث وحفظ العبادة. ومراعاة السنة، وعمل بالترجيح انتهى.
وهذا اختيار الزهري وابن المبارك، وقول لمالك وأحمد وإسحاق، ونصره ورجحه ابن تيمية.
.7- تكبيرات الانتقال:
يكبر في كل رفع وخفض وقيام وقعود، إلا في الرفع من الركوع فإنه يقول: سمع الله لمن حمده، فعن ابن مسعود قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه.
ثم قال والعمل عليه عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين، وعليه عامة الفقهاء والعلماء، انتهى، فعن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث أنه سمع أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم.
ثم يكبر حين يركع ثم يقول: سمع الله لمن حمده، حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا لك الحمد، قبل أن يسجد، ثم يقول: الله أكبر حين يهوي ساجدا، ثم يكبر حين يرفع رأسه، ثم يكبر حين يقوم من الجلوس في اثنتين، ثم يفعل ذلك في كل ركعة حتى يفرغ من الصلاة، قال أبو هريرة: كانت هذه صلاته حتى فارق الدنيا رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود.
وعن عكرمة قال قلت لابن عباس: صليت الظهر بالبطحاء خلف شيخ أحمق، فكبر اثنتين وعشرين تكبيرة، يكبر إذا سجد، وإذا رفع رأسه.
فقال ابن عباس: تلك صلاة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم رواه أحمد والبخاري.
ويستحب أن يكون ابتداء التكبير حين يشرع في الانتقال.
.8- هيئات الركوع:
الواجب في الركوع مجرد الانحناء، بحيث تصل اليدان إلى الركبتين، ولكن السنة فيه تسوية الرأس بالعجز، والاعتماد باليدين على الركبتين مع مجافاتهما على الجنبين، وتفريج الاصابع على الركبة والساق، وبسط الظهر.
فعن عقبة بن عامر «إنه ركع فجافى يديه، ووضع يديه على ركبتيه، وفرج بين أصابعه من وراء ركبتيه وقال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي» رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
وعن أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع اعتدل، ولم يصوب رأسه ولم يقنعه، ووضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، رواه النسائي.
وعند مسلم عن عائشة رضي الله عنها: كان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه. ولكن بين ذلك.
وعن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع، لو وضع قدح من ماء على ظهره لم يهرق رواه أحمد وأبو داود في مراسيله وعن مصعب بن سعد قال: صليت إلى جانب أبي، فطبقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي.
فنهاني عن ذلك وقال: كنا نفعل هذا، فأمرنا أن نضع أيدينا على الركب. رواه الجماعة.
.9- الذكر فيه:
يستحب الذكر في الركوع بلفظ «سبحان ربي العظيم».
فعن عقبة بن عامر قال: لما نزلت {فسبح باسم ربك العظيم} قال لنا النبي صلى الله عليه وسلم «اجعلوها في ركوعكم» رواه أحمد وأبو داود وغيرهما بإسناد جيد.
وعن حذيفة قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول في ركوعه: «سبحان ربي العظيم» رواه مسلم وأصحاب السنن.
وأما لفظ «سبحان ربي العظيم وبحمده» فقد جاء من عدة طرق كلها ضعيفة.
قال الشوكاني: ولكن هذه الطرق تتعاضد، ويصح أن يقتصر المصلي على التسبيح، أو يضيف إليه أحد الاذكار الاتية:
1- عن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال: «اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وأنت ربي خشع سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي وما استقلت به قدمي لله رب العالمين» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وغيرهم.
2- عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: «سبوح قدوس رب الملائكة والروح».
3- وعن عوف بن مالك الاشجعي قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة إلى أن قال فكان يقول في ركوعه: «وسبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة» رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
وعن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي» يتأول القرآن رواه أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم.
.10- أذكار الرفع من الركوع والاعتدال:
يستحب للمصلي - إماما أو مأموما أو منفردا - أن يقول عند الرفع من الركوع: سمع الله لمن حمده، فإذا استوى قائما فليقل: ربنا ولك الحمد، أو: اللهم ربنا ولك الحمد، فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: سمع الله لمن حمده، حين يرفع صلبه من الركعة، ثم يقول وهو قائم: ربنا ولك الحمد، رواه أحمد والشيخان.
وفي البخاري من حديث أنس: وإذا قال: سمع الله لمن حمده. فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد.
يرى بعض العلماء أن المأموم لا يقول «سمع الله لمن حمده» بل إذا سمعها من الإمام يقول: اللهم ربنا ولك الحمد. لهذا الحديث.
ولحديث أبي هريرة عند أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا ولك الحمد، فإن من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» ولكن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» يقتضي أن يجمع كل مصل بين التسبيح والتحميد، وإن كان مأموما ويجاب عما استدل به القائلون «بأن المأموم لا يجمع بينهما» بل يأتي بالتحميد فقط، بما ذكره النووي قال: قال أصحابنا، فمعناه قولوا: «ربنا لك الحمد» مع ما قد علمتموه من قول سمع الله لمن حمده، وإنما خص هذا بالذكر، لأنهم كانوا يسمعون جهر النبي صلى الله عليه وسلم «سمع الله لمن حمده» فإن السنة فيه الجهر ولا يسمعون قوله: ربنا لك الحمد، لأنه يأتي به سرا.
وكانوا يعلمون قوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» مع قاعدة التأسي به صلى الله عليه وسلم مطلقا، وكانوا يوافقون في «سمع الله لمن حمده» فلم يحتج إلى الأمر به، ولا يعرفون «ربنا لك الحمد» فأمروا به.
هذا أقل ما يقتصر عليه في التحميد حين الاعتدال ويستحب الزيادة على ذلك بما جاء في الأحاديث الاتية:
1- عن رفاعة بن رافع قال: كنا نصلي يوما وراء النبي صلى الله عليه وسلم، فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة وقال: سمع الله لمن حمده، قال رجل وراءه: «ربنا لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه» فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من المتكلم آنفا»؟ قال الرجل: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد رأيت بضعة وثلاثين ملكا يبتدرونها، أيهم يكتبها أولا» رواه أحمد والبخاري ومالك وأبو داود.
2- وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع من الركعة قال: «سمع الله لمن حمده وربنا ولك الحمد ملء السموات والأرض وما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد» رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي.
3- وعن عبد الله بن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: وفي لفظ: يدعو، إذا رفع رأسه من الركوع: «اللهم لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد: اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب ونقني منها كما ينقى الثوب الابيض من الوسخ» رواه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه.
ومعنى الدعاء: طلب الطهارة الكاملة.
4- وعن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: «سمع الله لمن حمده» قال: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد: لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد» رواه مسلم وأحمد وأبو داود.
5- وصح عنه صلى الله عليه وسلم: أنه كان يقول بعد «سمع الله لمن حمده» «لربى الحمد، لربي الحمد» حتى يكون اعتداله قدر ركوعه.
.11- كيفية الهوي إلى السجود والرفع منه:
ذهب الجمهور إلى استحباب وضع الركبتين قبل اليدين، حكاه ابن المنذر عن عمر النخعي ومسلم بن يسار وسفيان الثوري وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي قال: وبه أقول، انتهى.
وحكاه أبو الطيب عن عامة الفقهاء.
وقال ابن القيم: وكان صلى الله عليه وسلم يضع ركبتيه قبل يديه ثم يديه بعدهما ثم جبهته وأنفه هذا هو الصحيح الذي رواه شريك عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ولم يرو في فعله ما يخالف ذلك، انتهى.
وذهب مالك والاوزاعي وابن حزم إلى استحباب وضع اليدين قبل الركبتين، وهو رواية عن أحمد.
قال الاوزاعي: أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم.
وقال ابن أبي داود: وهو قول أصحاب الحديث.
وأما كيفية الرفع من السجود حين القيام إلى الركعة الثانية، فهو على الخلاف أيضا، فالمستحب عند الجمهور أن يرفع يديه ثم ركبتيه، وعند غيرهم يبدأ برفع ركبتيه قبل يديه.
.12- هيئة السجود:
يستحب للساجد أن يراعي في سجوده ما يأتي:
1- تمكين أنفه وجبهته ويديه على الأرض، مع مجافاتهما عن جنبيه، فعن وائل بن حجر: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سجد وضع جبهته بين كفيه وجافى عن إبطيه. رواه أبو داود.
وعن أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد أمكن أنفه وجبهته من الأرض، ونحى يديه عن جنبيه، ووضع كفيهحذو منكبيه، رواه ابن خزيمة والترمذي وقال: حسن صحيح.
2- وضع الكفين حذو الاذنين أو حذو المنكبين، وقد ورد هذا وذاك، وجمع بعض العلماء بين الروايتين، بأن يجعل طرفي الابهامين حذو الاذنين، وراحتيه حذو منكبيه.
3- أن يبسط أصابعه مضمومة، فعند الحاكم وابن حبان: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع فرج بين أصابعه.
وإذا سجد ضم أصابعه.
4- أن يستقبل بأطراف أصابعه القبلة فعند البخاري من حديث أبي حميد: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد وضع يديه غير مفترشهما ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة.
.13- مقدار السجود وأذكاره:
يستحب أن يقول الساجد حين سجوده: «سبحان ربي الاعلى».
فعن عقبة بن عامر قال: لما نزلت {سبح اسم ربك الاعلى} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اجعلوها في سجودكم» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم، وسنده جيد.
وعن حذيفة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: «سبحان ربي الاعلى» رواه أحمد ومسلم وأصحاب السنن.
وقال الترمذي: حسن صحيح.
وينبغي أن لا ينقص التسبيح في الركوع والسجود عن ثلاث تسبيحات.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم، يستحبون أن لا ينقص الرجل في الركوع والسجود عن ثلاث تسبيحات، انتهى.
وأما أدنى ما يجزئ فالجمهور على أن أقل ما يجزئ في الركوع والسجود قدر تسبيحة واحدة.
وقد تقدم أن الطمأنينة هي الفرض وهي مقدرة بمقدار تسبيحة.
وأما كمال التسبيح فقدره بعض العلماء بعشر تسبيحات لحديث سعيد بن جبير عن أنس قال: «ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الغلام، يعني عمر بن عبد العزيز فحزرنا في الركوع عشر تسبيحات وفي السجود عشر تسبيحات» رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد جيد.
قال الشوكاني: قيل: فيه حجة لمن قال: إن كمال التسبيح عشر تسبيحات. والاصح أن المفرد يزيد في التسبيح ما أراد وكلما زاد كان أولى.
والأحاديث الصحيحة في تطويله صلى الله عليه وسلم ناطقة بهذا. وكذا الإمام إذا كان المؤتمون لا يتأذون بالتطويل. انتهى.
وقال ابن عبد البر: ينبغي لكل إمام أن يخفف، لامره صلى الله عليه وسلم، وإن علم قوة من خلفه، فإنه لا يدري ما يحدث لهم من حادث، وشغل عارض وحاجة وحدث وغير ذلك.
وقال ابن المبارك: استحب للامام أن يسبح خمس تسبيحات، لكي يدرك من خلفه ثلاث تسبيحات.
والمستحب ألا يقتصر المصلي على التسبيح، بل يزيد عليه ما شاء من الدعاء.
ففي الحديث الصحيح: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقرب ما يكون أحدكم من ربه وهو ساجد، فأكثروا فيه من الدعاء»، وقال: «ألا إني نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم» رواه أحمد ومسلم.
وقد جاءت أحاديث كثيرة في ذلك نذكرها فيما يلي:
1- عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يقول: «اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه فصوره فأحسن صوره، فشق سمعه وبصره: فتبارك الله أحسن الخالقين» رواه أحمد ومسلم.
2- وعن ابن عباس رضي الله عنهما يصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التهجد قال: ثم خرج إلى الصلاة فصلى وجعل يقول في صلاته أو في سجوده: «اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، وعن يميني نورا، وعن يساري نورا، وأمامي نورا، وخلفي نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، واجعلني نورا، قال شعبة: أو قال: اجعل لي نورا» رواه مسلم وأحمد وغيرهما، وقال النووي: قال العلماء:
سأل النور في جميع أعضائه وجهاته، والمراد بيان الحق والهداية إليه. فسأل النور في جميع أعضائه وجسمه، وتصرفاته وتقلباته وحالته وجملته، في جهاته الست. حتى لا يزيغ شيء منها عنه.
3- وعن عائشة: أنها فقدت النبي صلى الله عليه وسلم من مضجعه فلمسته بيدها، فوقعت عليه وهو ساجد، وهو يقول: «رب أعط نفسي تقواها، وزكها، أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها» رواه أحمد.
4- وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله وأوله وآخره، وعلانيته وسره» رواه مسلم وأبو داود والحاكم.
5- وعن عائشة قالت: فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فلمسته في المسجد، فإذا هو ساجد وقدماه منصوبتان، وهو يقول: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» رواه مسلم وأصحاب السنن.
6- وعنها أنها فقدته صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فظنت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسسته فإذا هو راكع أو ساجد يقول: «سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت» فقالت: «بأبي أنت وأمي، إني لفي شأن وإنك لفي شأن آخر» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
7- وكان صلى الله عليه وسلم يقول وهو ساجد: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني. اللهم اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي، وعمدي، وكل ذلك عندي. اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت. أنت إلهي لا إله إلا أنت».
.14- صفة الجلوس بين السجدتين:
السنة في الجلوس بين السجدتين، أن يجلس مفترشا. وهو أن يثني رجله اليسرى فيبسطها ويجلس عليها، وينصب رجله اليمنى، جاعلا أطراف أصابعها إلى القبلة.
فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرش رجله اليسرى وينصب اليمنى رواه البخاري ومسلم.
وعن ابن عمر: من سنة الصلاة أن ينصب القدم اليمنى واستقباله بأصابعها القبلة، والجلوس على اليسرى، رواه النسائي.
وقال نافع: كان ابن عمر إذا صلى استقبل القبلة بكل شيء حتى بنعليه، رواه الاثرم.
وفي حديث أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثم ثنى رجله اليسرى وقعد علهيا، ثم اعتدل حتى رجع كل عظم موضعه، ثم هوى ساجدا. رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه.
وقد ورد أيضا استحباب الافعاء، وهو أن يفرش قدميه ويجلس على عقبيه.
قال أبو عبيدة: هذا قول أهل الحديث.
فعن أبي الزبير أنه سمع طاووسا يقول: قلنا لابن عباس في الاقعاء على القدمين.
فقال: هي السنة، قال: فقلنا: إنا لنراه جفاء بالرجل.
فقال: هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى يقعد على أطراف أصابعه، ويقول: إنه من السنة.
وعن طاووس قال: رأيت العبادلة يعني عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير يقعون رواهما البيهقي: قال الحافظ: صحيحة الاسناد وأما الاقعاء - بمعنى وضع الاليتين على الأرض ونصب الفخذين - فهذا مكروه، باتفاق العلماء.
فعن أبي هريرة قال: «نهاني النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة: عن نقرة كنقرة الديك، وإقعاء كاقعاء الكلب، والتفات كالتفات الثعلب»، رواه أحمد والبيهقي والطبراني وأبو يعلى. وسنده حسن، ويستحب للجالس بين السجدتين أن يضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى، بحيث تكون الاصابع مبسوطة موجهة جهة القبلة، مفرجة قليلا، منتهية إلى الركبتين.
.الدعاء بين السجدتين:
يستحب الدعاء في السجدتين بأحد الدعاءين الاتيين ويكرر إذا شاء.
روى النسائي وابن ماجه عن حذيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: «رب اغفر لي» وروى أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين «اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني».
.15- جلسة الاستراحة:
هي جلسة خفيفة يجلسها المصلي بعد الفراغ من السجدة الثانية من الركعة الأولى، قبل النهوض إلى الركعة الثانية، وبعد الفراغ من السجدة الثانية، من الركعة الثالثة، قبل النهوض إلى الركعة الرابعة.
وقد اختلف العلماء في ذلك حكمها، تبعا لاختلاف الأحاديث.
ونحن نورد ما لخصه ابن القيم في ذلك قال: واختلف الفقهاء فيها، هل هي من سنن الصلاة، فيستحب لكل أحد أن يفعلها، أو ليست من السنن، وإنما يفعلها من احتاج إليها؟ على قولين، هما روايتان عن أحمد رحمه الله قال الخلال: رجع أحمد إلى حديث مالك ابن الحويرث في جلسة الاستراحة وقال: أخبرني يوسف بن موسى: أن أبا أمامة سئل عن النهوض فقال: على صدور القدمين، على حديث رفاعة.
وفي حديث ابن عجلان ما يدل على أنه كان ينهض على صدور قدميه، وقد روى عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وسائر من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم، لم يذكر هذه الجلسة وإنما ذكرت في حديث أبي حميد ومالك بن الحويرث.
ولو كان هديه صلى الله عليه وسلم فعلها دائما، لذكرها كل واصف لصلاته صلى الله عليه وسلم، ومجرد فعله دائما، لذكرها كل واصف لصلاته صلى الله عليه وسلم، ومجرد فعله صلى الله عليه وسلم لها لا يدل على أنها من سنن الصلاة، إلا إذا علم أنه فعلها سنة فيقتدى به فيها وأما إذا قدر أنه فعلها للحاجة: لم يدل على كونها سنة من سنن الصلاة.
.16- صفة الجلوس للتشهد:
ينبغي في الجلوس للتشهد مراعاة السنن الاتية:
أ-: أن يضع يدبه على الصفة المبينة في الأحاديث الاتية:
1- عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد للتشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، واليمنى على اليمنى وعقد ثلاثا وخمسين وأشار بأصبعه السبابة.
وفي رواية: وقبض أصابعه كلها.وأشار بالتي تلي الابهام رواه مسلم.
2- وعن وائل بن حجر: أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع كفه اليسى على فخذه، وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الايمن على فخذه الايمن، ثم قبض بين أصابعه فحلق حلقة.
وفي رواية: حلق بالوسطى والابهام وأشار بالسبابة، ثم رفع أصبعه فرأيته يحركها يدعو بها، رواه أحمد، قال البيهقي: يحتمل أن يكون المراد بالتحريك الاشارة بها. لا تكرير تحريكها، ليكون موافقا لرواية ابن الزبير: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بإصبعه إذا دعا لا يحركها رواه أبو داود بإسناد صحيح. ذكره النووي.
3- وعن الزبير رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في التشهد، وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بالسبابة، ولم يجاوز بصره إشارته» رواه أحمد ومسلم والنسائي.
ففي هذا الحديث الاكتفاء بوضع اليمنى على الفخذ بدون قبض.
والاشارة بسبابة اليد اليمنى، وفيه: أنه من السنة أن لا يجاوز بصر المصلي إشارته.
فهذه كيفيات ثلاث صحيحة، والعمل بأي كيفية جائز.
ب-: أن يشير بسبابته اليمنى مع انحنائها قليلا حتى يسلم.
فعن نمير الخزاعي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد في الصلاة قد وضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى، رافعا إصبعه السبابة، وقد حناها شيئا وهو يدعو رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة بإسناد جيد: وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسعد وهو يدعو بأصبعين فقال: «أحد يا سعد» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم.
وقد سئل ابن عباس عن الرجل يدعو يشير بإصبعه؟ فقال: هو الاخلاص.
وقال أنس بن مالك: ذلك التضرع، وقال مجاهد: مقمعة للشيطان.
ورأى الشافعية أن يشير بالاصبع مرة واحدة عند قوله «إلا الله» من الشهادة، وعند الحنفية يرفع سبابته عند النفي.
ويضعها عند الاثبات، وعند المالكية، يحركها يمينا وشمالا إلى أن يفرغ من الصلاة، ومذهب الحنابلة يشير بإصبعه كلما ذكر اسم الجلالة، إشارة إلى التوحيد، لا يحركها.
ج- أن يفترش في التشهد الأول ويتورك في التشهد الاخير.
ففي حديث أبي حميد في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الاخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الاخرى وقعد على مقعدته» رواه البخاري.
والتورك أن ينصب رجله اليمنى مواجها أصبعه الى القبلة، ويثني رجله اليسرى تحتها ويجلس بمقعدته على الأرض «فإذا جلس في الركعتين»: أي للتشهد الأول.
.17- التشهد الأول:
يرى جمهور العلماء، أن التشهد الأول سنة، لحديث عبد الله ابن بحينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في صلاة الظهر وعليه جلوس، فلما أتم صلاته سجد سجدتين، يكبر في كل سجدة وهو جالس، قبل أن يسلم، وسجدهما الناس معه، فكان ما نسي من الجلوس، رواه الجماعة.
وفي سبل السلام الحديث دليل على أن ترك التشهد الأول سهوا يجبره سجود السهو.
وقوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي» يدل على وجوب التشهد الأول، وجبرانه عند تركه، دل على أنه وإن كان واجبا فإنه يجبره سجود السهو، والاستدلال على عدم وجوبه بذلك لا يتم حتى يقوم الدليل على أن كل واجب لا يجزئ عنه سجود السهو إن ترك سهوا.
وقال الحافظ في الفتح: قال ابن بطال: والدليل على أن سجود السهو لا ينوب عن الواجب، إنه لو نسي تكبيرة الاحرام لم تجبر، فكذلك التشهد، ولأنه ذكر لا يجهر فيه بحال فلم يجب، كدعاء الاستفتاح، واحتج غيره بتقريره صلى الله عليه وسلم الناس على متابعته، بعد أن علم أنهم تعمدوا تركه، وفيه نظر.
وممن قال بوجوبه، الليث بن سعد، وإسحاق وأحمد في المشهور، وهو قول الشافعي، وفي رواية عند الحنفية.
واحتج الطبراني لوجوبه، بأن الصلاة فرضت أولا ركعتين، وكان التشهد فيها واجبا، فلما زيدت لم تكن الزيادة مزيلة لذلك الوجوب.
استحباب التخفيف فيه: ويستحب الخفيف فيه.
فعن ابن مسعود قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف رواه أحمد وأصحاب السنن: وقال الترمذي: حسن إلا أن عبيدة لم يسمع من أبيه.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم يختارون أن لا يطيل الرجل في القعود في الركعتين، لا يزيد على التشهد شيئا.
وقال ابن القيم: لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه وعلى آله في التشهد الأول، ولا كان يستعيذ فيه من عذاب القبر وعذاب النار وفتنة المحيا وفتنة الممات وفتنة المسيح الدجال، ومن استحب ذلك فإنما فهمه من عمومات وإطلاقات، قد صح تبيين موضعها وتقييدها بالتشهد الاخير.
جمع رضفة: وهي الحجارة المحماة، وهو كناية عن تخفيف الجلوس.
.18- الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:
يستحب للمصلي أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الاخير، بإحدي الصيغ التالية:
1- عن أبي مسعود البدري قال: قال بشير بن سعد: يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فسكت ثم قال: «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم. وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما علمتم» رواه مسلم وأحمد.
2- وعن كعب بن عجزة قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: «فقولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد: اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» رواه الجماعة.
وإنما كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مندوبة وليست بواجبة، لما رواه الترمذي وصححه، وأحمد وأبو داود عن فضالة بن عبيد قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته، فلم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم «وعجل هذا»، ثم دعاه فقال له أو لغيره: «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بما شاء الله» قال صاحب المنتقى: وفيه حجة لمن لا يرى الصلاة عليه فرضا، حيث لم يأمر تاركها بالاعادة ويعضده قوله في خبر ابن مسعود بعد ذكر التشهد: «ثم يتخير من المسألة ما شاء» وقال الشوكاني: لم يثبت عندي ما يدل للقائلين بالوجوب.
.19- الدعاء بعد التشهد الأخير وقبل السلام:
يستحب الدعاء بعد التشهد وقبل السلام بما شاء من خيري الدنيا والاخرة.
فعن عبد الله بن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم، علمهم التشهد ثم قال في آخره: «ثم لتختر من المسألة ما تشاء» رواه مسلم.
والدعاء مستحب مطلقا، سواء كان مأثورا أو غير مأثور إلا أن الدعاء بالمأثور أفضل.
ونحن نورد بعض ما ورد في ذلك.
1- عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال» رواه مسلم.
2- وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات: اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم» متفق عليه.
3- وعن علي رضي الله عنه قال، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة، يكون آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر: لا إله إلا أنت» رواه مسلم.
4- وعن عبد الله بن عمرو: «أن أبا بكر قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي؟ قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم» متفق عليه.
5- وعن حنظلة بن علي: أن محجن بن الادرع حدثه قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا هو برجل قد قضى صلاته وهو يتشهد ويقول: اللهم إني أسألك يا الله الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «قد غفر» ثلاثا. رواه أحمد وأبو داود.
6- وعن شداد بن أوس قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في صلاته: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبا سليما. ولسانا صادقا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم» رواه النسائي.
7- وعن أبي مجلز قال: صلى بنا عمار بن ياسر رضي الله عنهما صلاة فأوجز فيها، فأنكروا ذلك فقال: «ألم أتم الركوع والسجود؟...قالوا: بلى. قال: أما إني دعوت فيها بدعاء كان رسول اله صلى الله عليه وسلم يدعو به: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي، أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وكلمة الحق في الغضب والرضا، والقصد في الفقر والغني، ولذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، وأعوذ بك من ضراء مضرة، ومن فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الايمان، واجعلنا هداة مهديين» رواه أحمد والنسائي بإسناد جيد.
8- وعن أبي صالح عن رجل من الصحابة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: «كيف تقول في الصلاة؟» قال: أتشهد، ثم أقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار، أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «حولها ندندن». رواه أحمد وأبو داود.
9- وعن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه أن يقول هذا الدعاء: «اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام ونجنا من الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها وقابليها وأتمها علينا» رواه أحمد وأبو داود.
10- وعن أنس قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل قائم يصلي، فلما ركع وتشهد قال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان، بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والاكرام يا حي يا قيوم إني أسألك.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه: «أتدرون بم دعا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: «والذي نفس محمد بيده لقد دعا الله باسمه العظيم، الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى». رواه النسائي.
11- عن عمير بن سعد قال: كان ابن مسعود يعلمنا التشهد في الصلاة ثم يقول: إذا فرغ أحدكم من التشهد فليقل اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك منه عبادك الصالحون، وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبادك الصالحون، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار.
قال: لم يدع نبي ولا صالح بشئ إلا دخل في هذا الدعاء. رواه ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور.
.20- الأذكار والأدعية بعد السلام:
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم جملة أذكار وأدعية بعد السلام، يسن للمصلي أن يأتي بها، ونحن نذكرها فيما يلي:
1- عن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثا وقال: «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام» رواه الجماعة إلا البخاري.
وزاد مسلم: قال الوليد: فقلت للاوزاعي: كيف الاستغفار؟ قال يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله.
2- وعن معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يوما ثم قال: «يا معاذ إني لأحبك» فقال له معاذ: «بأبي أنت وأمي يا رسول الله، وأنا أحبك» قال: «أوصيك يا معاذ، لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وقال صحيح على شرط الشيخين.
وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا: اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» رواه أحمد بسند جيد.
3- وعن عبد الله بن الزبير قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم في دبر الصلاة يقول: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا نعبد إلا إياه، أهل النعمة والفضل والثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون». رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.
4- وعن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر كل صلاة مكتوبة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير: اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد» رواه أحمد والبخاري ومسلم.
5- وعن عقبة بن عامر قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذتين دبر كل صلاة. ولفظ أحمد وأبي داود بالمعوذات رواه أحمد والبخاري ومسلم.
6- وعن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت» رواه النسائي والطبراني.
وعن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ آية الكرسي في دبر الصلاة المكتوبة كان في ذمة الله إلى الصلاة الاخرى». رواه الطبراني بإسناد حسن.
7- وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين تلك تسع وتسعون. ثم قال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، غفرت له خطاياه وإن كانت مثل زيد البحر» رواه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود.
8- وعن كعب بن عجرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «معقبات لا يخيب قائلهن أو فاعلهن دبر كل صلاة مكتوبة ثلاثا وثلاثين تسبيحة، وثلاثا وثلاثين تحميد وأربعا وثلاثين تكبيرة» رواه مسلم.
9- وعن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة: أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الثور بالدرجات العلا والنعيم المقيم قال: وما ذاك؟ قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم، إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: تسبحون الله وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة» فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: سمع اخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء» قال سمي: فحدثت بعض أهلي بهذا الحديث فقال: وهمت، إنما قال لك تسبح ثلاثا وثلاثين، وتحمد ثلاثا وثلاثين، وتكبر أربعا وثلاثين.
فرجعت إلى أبي صالح فقلت له ذلك، فأخذ بيدي فقال: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، «وسبحان الله، والحمد لله، حتى يبلغ من جميعهن ثلاثا وثلاثين» متفق عليه.
10- وصح أيضا، أن يسبح خمسا وعشرين ويحمد مثلها ويكبر مثلها، ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مثلها.
11- عن عبد الله بن عمرو قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «خصلتان من حافظ عليهما أدخلتاه الجنة وهما يسير ومن يعمل بهما قليل، قالوا: وما هما يا رسول الله؟ قال: أن تحمد الله، وتكبره وتسبحه في دبر كل صلاة مكتوبة عشرا عشرا وإذا أتيت إلى مضجعك، تسبح الله وتكبره وتحمده مائة. فتلك خمسون ومائتان باللسان، وألفان وخمسمائة في الميزان فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة قالوا: كيف من يعمل بها قليل؟ قال: يجئ أحدكم الشيطان في صلاته فيذكره حاجة كذا وكذا فلا يقولها، ويأتيه عند منامه فينومه فلا يقولها» قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن بيده رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
12- وعن علي - وقد جاء هو وفاطمة - رضي الله عنهما يطلبان خادما يخفف عنهما بعض العمل، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم عليهما، ثم قال لهما: «ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قالا: بلى. فقال: كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام: تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا، وتكبران عشرا، وإذا أويتما إلى فراشكما، فسبحا ثلاثين وثلاثين: وأحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبر أربعا وثلاثين» وقال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
13- وعن عبد الرحمن بن غنم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من قال قبل أن ينصرف ويثني رجله من صلاة المغرب والصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. عشر مرات كتب له بكل واحدة عشر حسنات ومحيت عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكانت حرزا من كل مكروه، وحرزا من الشيطان الرجيم، ولم يحل لذنب يدركه إلا الشرك فكان من أفضل الناس عملا إلا رجلا يفضله. يقول أفضل مما قال» رواه أحمد وروى الترمذي نحوه بدون ذكر «بيده الخير».
14- وعن مسلم بن الحارث عن أبيه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا صليت الصبح فقل قبل أن تكلم أحدا من الناس: اللهم أجرني من النار، سبع مرات، فإنك إن مت من يومك كتب الله عز وجل لك جورا من النار، وإذا صليت المغرب فقل قبل أن تكلم أحدا من الناس: اللهم إني أسألك الجنة: اللهم أجرني من النار، سبع مرات، فإنك إن مت من ليلتك كتب الله عز وجل لك جوارا من النار»، رواه أحمد وأبو داود.
15- وروى أبو حاتم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند انصرافه من صلاته: «اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح دنياي التي جعلت فيها معاشي: اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من نقمتك. وأعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد، منك الجد».
16- وروى البخاري والترمذي: أن سعد بن أبي وقاص كان يعلم بنيه هؤلاء الكلمات، كما يعلم المعلم الغلمان الكتابة.
ويقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بهن دبر الصلاة: «اللهم إني أعوذ بك من البخل وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد الى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر».
17- وروى أبو داود والحاكم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر كل صلاة: «اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري. اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، لا إله إلا أنت».
18- وروى الإمام أحمد وأبو داود والنسائي، بسند فيه داوند الطفاوي، وهو ضعيف، عن زيد بن أرقم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول دبر صلاته: «اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أنك الرب وحدك لا شريك لك، اللهم ربنا ورب كل شئ، أنا شهيد أن محمدا عبدك رسولك: اللهم ربنا ورب كل شئ، أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة: اللهم ربنا ورب كل شئ، اجعلني مخلصا لك وأهلي في كل ساعة من الدنيا والاخرة، يا ذا الجلال والاكرام، اسمع واستجب، الله الاكبر الاكبر، نور السموات والأرض، الله الاكبر الاكبر، حسبي الله ونعم الوكيل الله الاكبر الاكبر».
19- وروى أحمد وابن شيبة وابن ماجه، بسند فيه مجهول، عن أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: «اللهم إني أسألك علما نافعا، ورزقا واسعا، وعملا متقبلا».