علم العروض : بحر الرمل
ومفتاحه هو: رمل الأبحر يرويه الثقات... فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
وتقوم أبيات هذا البحر على سببين خفيفين, بينهما وتد مجموع (/5//5/5) ويوزن (فاعلاتن), وقد يكرر ست مرات فيكون تاما أو أربع مرات فيكون مجزوءا.
أولا: (تام الرمل)
(1) قال عمر بن أبي ربيعة:
ليت هنداً أنجزنا ما تعد وشفت أنفسنا مما نـجد
واستبدت مرة واحدة إنما العاجز من لا يستبد
ليت هندا ً [ فاعلاتن] انجزتنا [فاعلاتن] ما تعد [فاعلا] وهي العروض حذف منها [تن] وهو السبب الخفيف, وحذفه يسمى حذفا فالعروض محذوفة.
وشفت أن [فعلاتن] فسنامم [فعلاتن] ما نجد [فاعلا] وهى الضرب محذوف أيضا وعلى هذا الوزن جاء قول شوقي يتغزل:
ردت الروح على المضني معك أحسن الأيام يوم أرجعك
مـــر من بعدك ما روعني أترى يا حلو بعدى روعك
كم شكوت البـين بالليل إلى مطلع الفجرعسىأن يطلعك
وبعـثت في ريـح الصــبا فشكا الحرقة مما استودعك
يا نعيمي وعذابي في الـهوى بعذولي في الهوى ما جمعك
أنت روحي ظلم الواشي الذي زعم القلب سلا أو ضيعك
موقــعي عندك لا أعلمـه آه لو تعلم عنـدي موقعك
(2) قال مهيار الديلمي:
يا لــواة الدين عن ميسرة والبخيلات وماكـن لئاما
حملـتوا ريح الصبا نشركم قبل أن تحمل شيحاً وثماما
وابعثوا لي في الكرى طيفكم إن أذنتم لجفـوني أن تناما
يا لواة الد[فاعلاتن]دين عن مي[فاعلاتن]سرة (فعلا) وهي العروض, حذف منها الثاني الساكن,ويسمى خبنا. إلا أنه لا يلزم ولذا لا تسمى مخبونة, وحذف منها كذلك السبب الخفيف,وهى المسمى حذفاً فهي محذوفة.
والبخيلا(فاعلاتن)ت وما كن(فعلاتن)ن لئاما (فعلاتن)وهو الضرب صحيح, على الرغم مما لحقه من الخبن. أي حذف الثاني الساكن فهو غير لازم.
وعلى هذا الوزن جاء قول شوقي يصف طيران الطائرة:
ذهبت تسمو فكانت أعقـبا فنسورا,فصـقورا, فحماما
تنبري في زورق الأفق كما سبح الحوت بدا ماء وعاما
بعضها في طلب البعض كما طارد النسر على الجو القطاما
رب إن كانت لـخير جعلت فاجعل الخير بناديها لـزاما
وإن اعتز بـها الشر غـداً فتعالت تمطر الموت الـزؤاما
فاملأ الجو عليها رجـــما رحمة منك وعدلاوانــتقاما
(ج) وقال ابن حمديس:
كل حسن كامل في خلـقها ليتـها تنجو من العين بعـاب
فالقوام الغصن,والردف النقا والأقاحي الثغر,والطل الرضاب
كل حسن (فاعلاتن) كامل في (فاعلاتن) خلقها (فاعلا) وهي العروض محذوفة,كما هو بين.
ليتها تن(فاعلاتن)جو من العي(فاعلاتن)ن بعاب (فعلات) وهو الضرب, أصله (فاعلاتن) حذف ساكن السبب الأخير, وسكن ما قبله, وهذا يسمى عندهم قصراً, فالضرب إذن- مقصور, ولا تعبأ بحذف الثاني الساكن المسمى خبناً, فإنه غير لازم.
وعلى هذا الوزن, قول شوقي في أم المحسنين:
اخلعـي الألقاب إل ا لقـبا عبقريـا,هو أم الـمحسنين
ودعي المـال يسـر سنته يمض عن قوم لأيدي آخرين
واقذفي بالهم في وجه الثـرى واطرحي من حالق عبء السنين
واسخري من شانئ أو شامت ليـس بالمبطئ يوم الشامـتين
وتعزى عن عوادي دولــة لـم تدم في ولد أو في قـرين
وازهدي في موكب لو شـئته لتغطى وجهــها بالـدارعين
رب محمول على المدفــع ما منع الحوض ولا حاط العـرين
باطـل من أمـم مـخدوعة يتحـدون به الـحق المبـين
والنتيجة:
إن عروض الرمل التام, محذوفة دائما.وإن الضرب معها,محذوف,أو صحيح,أو مقصور.
ثانيا مجزوء الرمل
(1) قال شوقي على لسان أنشو, في مجلس أنس:
تلك والله قضـــية أصبح الراعي رعية
حكم الحب على فيـ ـصر والحب بلية
صار كالشعب وساوى هـمج الإسكندرية
تلك والله (فاعلاتن) قضية (فاعلاتن) وهي العروض الصحيحة,برغم الخبن, أصبح الرا(فاعلاتن) عي رعية (فاعلاتن) وهو الضرب الصحيح كما ترى.
وعلى هذا الوزن,جاءقول شوقي أيضاً:
منك يا هاجر دائـي وبكفــيك دوائـي
يا منى روحي ودنياي وســــؤلي ورجائي
أنت إن شئت نعيمي وإذا شئـت شقـائي
ليس من عمري يوم لا ترى فيه لــقائي
وحياتي في التـداني ومماتـي في التـنائي
نم على نسيان سهدي فيك واضحك من بكائي
(2) وقال الزهاوي:
لا تخافي لا تراعي يا فتاة العرب
أنا أفديك بنفسي وبأمي وأبي
لا تخافي (فاعلاتن) لا تراعي (فاعلاتن) وهي العروض صحيحة.
يا فتاة ال(فاعلاتن)عرب (فعلا) وهو البضرب. فيه خبن بحذف الثاني الساكن, وهو غير لازم, وفيه حذف السبب الخفيف الثاني, وقد عرفت أنه يسمى حذفا,فالضرب محذوف.
ومثل هذا الوزن نادر جداً, وقد ذكره العروضيون ولكن شواهده لم تسعفهم وأشيع منه ما عروضه محذوفة كضربه.
وقد جاء عليه قول السلكة أم السليك:
طاف يبغي نجوة من هــلاك فهلك
ليت شعري ضلة أي شـئ قتـلك
أمريض لم تعــد أم عـــدو ختلك
أم تولى بك مــا غال في الليل السلك
إن أمرا فادحــا عن جواب شغلك
ليت قلـبي ساعة صبره عنك مـلك
ليت نفسي قدمت للــمنايا بدلك
(ج) وقال أبو نواس:
غرد الديك الصدوح فاسقني طاب الصبوح
واسقني حتى تراني جسدا ما فيه روح
غرد الدي(فاعلاتن)ك الصدوح(فاعلات) وهي العروض صحيحة, رغم ما فيها من القصر. وهو حذف ساكن السبب وتسكين ما قبله, فإنما ذلك مما قضى به التصريح فهو غير لازم.
فاسقني طا(فاعلاتن)ب الصبوح (فاعلات) وهو الضرب, حذف ساكن سببه الخفيف وسكن ما قبله, وهذا هو القصر المعروف فالضرب مقصور.
وعليه قول شوقي:
طرت من واد لواد وعمرت الفلوات
إيه يا شاعر نجد ونجى الظـبيات
أضمر الحب وأبد لأعف الفتـيات
والنتيجة:
إن مجزوء الرمل, عروضه صحيحة.وضربه, تتعاوره الصحة, والحذف والقصر